رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل التاسع والستون 69 بقلم شمس بكري


 رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل التاسع والستون

ها قد عودت لك من جديد؛ فاحتويني بين عناق بين ذراعيك و لا تتركيني وحيد

في حدود ذراعيك وجدت مدائن طمأنينة قلبي، عثرت عليك في الظلام فكنت النور لي و أنرت عتمة دربي، أتيت جابرا لي و كأنك الانتصار الأعظم في حربي، الأمان وجدته فقط في كنفك و كنت خير السكن لقلبي فيك وجدت النجاة و الراحة من تعبي"

لم يكن مجرد التقاء بعد الفراق، كان عناقًا بمثابة عودة الروح من جديد للأجساد، عناق يشبه عودة الأسير المحرر لوطنه، أو عودة الطفل الضائع لأمه، و كأنما فرحة تشبه فرحة التائه بعلمه هوية الطريق، أو كمثل نزول المطر على زهور يافعة فعانق عبيرها رحيق الزهور، أو مثل المنتصر في حرب و حصل على كل سباياها، كان العناق مثل عناق الخائف حينما وجد ملجأه الوحيد، فاندس بین جدرانه و هنا الجدران كانت ذراعي الأخر.
وقفوا جميعًا يطالعون ذلك المشهد الذي تجسد أمامهما و أشبه بفيلما في السينما، بينما هما ظلا كما هما و هي فقط تشهق بقوة من كثرة البكاء، حتى انزلها هو و لازالت عينيها كما هي تطالع قسمات وجهه بشوق فاض من مقلتيها له، بينما هو رفع كفه يمسح دموعها وهو يسألها بصوته الرحيم

" بتعيطي ليه ؟؟ كل دا و مش مصدقة أني جيت؟! أعمل إيه تاني طيب ؟!"

ردت عليه هي بصوت باك:

" احلف إنك موجود و إن دا مش من خيالي أنا"

ابتسم هو بيأس لكنه قرر مجاراتها و قال بهدوء: " و الله العظيم و رب الكعبة أنا هنا بجد، و حضن المطارات دا كان حقيقي، أنا أهو موجود معاكي يا

خديجة "

احتضنته هي تلك المرة و هي تضحك بملء شدقيها و كأنها تجبر نفسها على تصديق رؤيته، فيما حرك هو عيناه يعتذر من الواقفين بنظراته، ثم حرك ذراعيه يضمها إليه و فمه تحرك نحو مقدمة رأسها يقبله، ثم مال على أذنها و هو يقول بنبرة هامسة :

" الحمد لله أني شوفتهم كلهم قبلك علشان كنت متأكد إنك هتعملي كدا"

رفعت رأسها و هي تقول باصرار اختلط بالبكاء:

"مش مشكلة بس أنت وحشتني و هما كلهم عارفين كدا متمشيش بقى لو سمحت "

ابتسم لها بقلة حيلة و هو يقول:

حاضر مش حمشي والله"

ابتسمت هي بسعادة بالغة مقررة التماس الصدق في حديثه، بينما هو غمز لـ «وليد» الذي اقترب منه يقول بمرح

" أبو نسب الغالي، و عم عيالي"

ابتعد عنها «ياسين» ثم احتضنه و هو يقول ممتنا

" شكرا علشان كل حاجة، من أول سفري لحد دلوقتي

شكرًا إنك مخيبتش ظني و كنت قد الأمانة " 

ربت «وليد» على ظهره و هو يقول ببساطة و راحة دي بنتي و حتة مني عاوزني أهمل اللي مني ؟!"

ابتعد عنه نسبيا يطالع وجهه و هو يقول بنبرة هادئة " قد القول و أكتر كمان، ربنا يخليك لينا احنا الاتنين"

تحرك بعدها نحو أخوته وهو يحتضن كلا منهم على حدة على الرغم من أنهم هم الذين استقبلوه عند عودته لكنه يحتاج لعناق كلا منهم، وحينما اقترب من «عامر» شدد عناقه عليه و هو يقول ممازحًا له :

""عسل لجيل يكتب في غيابه، في مختبر والده""

التفت بعد جملته تلك و هو يقول لأبيه الذي رفع له أحد حاجبيه

"لا مؤاخذة يا حج"

رد عليه «رياض» ببساطة :

عادي يا حبيب أبوك، لما ابهدلك في محاكم الأسرة متبقاش تزعل أنا أساسًا شايفها كتير عليك"

التفت «ياسين» إلى «عامر» وهو يسأله بقلة حيلة عاجبك كدا !!! خليته يشمت فيا ؟! منك لله "

احتضنه «عامر» و هو يقول بصوت مختنق نتيجة فرحته " سيبك منه، حقك عليا أنا يا حبيب أخوك"

ربت على ظهره ثم تنفس بعمق و هو يقول بنبرة هادئة :

" أنت اللي حبيبي و أخويا، و ابني كمان و الله يعلم ربنا أنا كنت خايف عليك ازاي"

ابتسم له «عامر» فغمز هو له ثم تحرك نحو ذلك الطالبين ابتسم لهما و هو يقول:

" لا بجد بقى انتوا وحشتوني اوي اوي عاملين إيه يا طالب منك ليه "

اقتربا منه كليهما يحتضنه على حدة لكن عناق «عمار» كان الأطول و هو يقول:

"وحشتني أوي و كنت محتاجك الفترة اللي فاتت بس الحمد لله إنك رجعت و طمنتنا

ابتسم له ثم قبل رأسه و ابتعد عنه و هو يقول بنبرة هادئة :

و أنا اهو جيتلك ومعاك شوف أنت عاوز إيه و أنا

عيوني ليك"

ابتسم له «عمار» ثم حرك رأسه لليسار قليلا حتى وقع بصره عليها تقف بجوار «خديجة » و ذارعيها متشبثين

بها، تابع «ياسين» موضع بصره فغمز له و هو يقول بنبرة هادئة :

"شد حيلك أنت بس و وعد مني اعملك اللي أنت عاوزه و نفسك فيه "

حرك عينيه له يسأله بيأس " تفتكر ؟! تفتكر هوصل للي عاوزه ؟!"

أشار نحو موضع قلب «عمار» بسببابته و هو يقول:

صدق دا و ثق في ربك، ربنا مش هيزرع في قلبك حب حاجة من غير الإرادة اللي تخليك توصلها، و بعدين هو أنت بتعمل حاجة وحشة يا عمار تخليك متاخدش اللي بتتمناه ؟!"

حرك رأسه نفيا و هو يبتسم له، بينما «ياسين» التفت إلى عبدالرحمن» و هو يقول ممازحًا لهما :

" و أنت يا أستاذ عبد الرحمن ؟! اخبارك إيه ؟! أوعوا تكونوا لسه بتمتحنوا !!"

أمسك «عبد الرحمن» يشبكهما في وضع التحية و هو يقول بضجر

يمين بالله يا ياسين، إحنا جايين النهاردة و عندنا بعد بكرة امتحان شفوي في السيكشن و النهاردة كان امتحان عملي"

تدخل «عمار» يقول بقلة حيلة :

" أنا حياتي كلها امتحانات و إهانات، يا رب أخرج منها بعالج مش بتعالج ياسين لو تعرف دكتور نفسي شاطر دلني عليه "

ابتسم له بسخرية و هو يقول:

كنت روحتله بعد هندسة و اللي عملته فيا يا غالي"

تحرك هو من أمامهما ثم توجه نحو حبيبته الأولى يجلس أمامها على ركبتيه ثم قام بطبع قلبة هادئة عليه، حينها ابتسمت هي له ثم قالت بصوت اقرب للبكاء

"وحشتني يا حبيب قلبي الحمد لله انك ريحت قلبي بشوفتك "

رفع رأسه لها و هو يقول ممازحًا لها بصوته الرخيم "علشان تعرفي إنك حبي الأول، جيت شوفتك قبل ما أشوف خديجة و زهرة "

ردت عليه هي بثقة :

"طبعا، مهما حبيت هفضل أنا برضه اللي في القلب يا أستاذ ياسين"

ابتسم لها و قبل أن يرد عليها وجد صوته يذكر اسمه بصوت بـ لهفة ثم ترك كف والدته و ركض نحوه حينها خطفه «ياسين» بين ذراعيه و هو يقول بلوعة الاشتياق "حبيب قلب ياسين، وحشتني أوي، عامل إيه يا يونس ؟!"

حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم بسعادة ثم احتضنه يربت عليه بذراعيه و رأسه كعادتها دوما تلقى على كتفه، حينها اقترب «وليد» من «خديجة » و هو يرى السعادة بادية
على وجهها فقال بهدوء

" مبسوطة ؟!"

حرکت بصرها نحوه و هي تقول بصوت مختنق من شدة فرحتها

" أوي يا وليد حاسة أني بحلم، أول مرة أجرب احساس الفرحة من النوع دا، أنت كنت عارف صح ؟!"

حرك رأسه موافقًا لها و هو يقول بثبات و كفيه وضعهما بجيبي بنطاله

"آه عارف من الصبح، قررت تكون دي هي مفاجأة الليلة الحمد لله أني عرفت افرحك"

احضنته و هي تقول بسعادة بالغة و صوت البهجة تملئه

" الحمد لله إنك أخويا و معايا، الحمد لله على نعمة أخ زيك "

ابتسم لها هو بهدوء فغمز لها و هو يقول بعبث قابلىى الى جاى بقى عشان دة بتاعى انا وياسين 

حرکت رأسها تود منه التفسير أكثر، و كسا الاستنكار ملامحها و غلف نظراتها، فأطلق هو صغيرًا عاليا لـ «عامر» الذي اشار له ثم بدأ في مفاجأة الليلة، حينها اقترب منها «یاسین» و «یونس» على ذراعه ثم رفع ذراعه الأخر يقربها منه، لتكتمل هيئتهما كما لو أنهم أسرة مكتملة، لكن «يونس» هنا هو الضلع المختلف ابتسمت له و هي تطالعه بشغف من سهام عينيها كما لو أنها تتأكد من تواجده أمامها حقًا، حينها قلت شدة الإضاءة و خفتت بدرجة ملحوظة و فجأة ظهر على الشاشة صورة لطفلة صغيرة في أيام عمرها الأولى وفوقها عبارة التهنئة بعيد الميلاد باللغة الإنجليزية، ومعها أغنية هادئة تتابع مع صورها التي بدأت منذ أول أيامها مرورًا بجميع مراحلها العمرية و هي:

" سنة حلوة يا جميل .... سنة حلوة يا جميل ... سنة حلوة يا جميل ... شوفت وردة أحلى وردة فتحت قبل الميعاد.... قالتلي مبسوطة النهاردة في عيد ميلادي الفرح زاد.... شوفت وردة أحلى وردة فتحت قبل الميعاد.... قالتلي مبسوطة النهاردة في عيد ميلادي الفرح زاد........ يا جمالك يا طعامتك عمري يطول بابتسامتك .... على الشفايف كله شايف العسل زود حلاوتك ..... يا أحلى وردة يا بنتي... و الجميل شوفته السنة دي..... عيشت أنا في حضنك طفولتي و عيد ميلادك عيد ميلادي.... يا جمالك يا طعامتك.... عمري يطول بابتسامتك .... على الشفايف كله شايف العسل زود حلاوتك .... يا أحلى وردة يا بنتي..... و الجميل شوفته السنة دي.... عيشت أنا في حضنك طفولتي و عيد ميلادك عيد ميلادي......

عيد ميلاد سعيد.. عيد ميلاد سعيد لك..... عيد ميلاد سعيد..

عيد ميلاد سعيد لك.. سعيد.. عيد ميلاد سعيد لك.

سنة حلوة يا جميل ... سنة حلوة يا جميل .... سنة حلوة يا جميل ... سنة حلوة يا جميل"

كانت الأغنية تتابع مع صورها في جميع مراحل عمرها، و الدموع تجري على وجنتيها، فمال هو على أذنها و هو يقول بنبرة هامسة :

"كل سنة و أنا و أنت سوا..... كل سنة و أنت وجودك مهم زي المياه و زي الهوا

رفعت رأسها له فابتسم هو لها ثم قربها منه يقبل رأسها حتى وضعت هي رأسها على صدره تتنفس بعمق، بينما
عامر» حينها رفع هو صوته و هو يقول بمرح

جرى إيه يا جماعة ؟! فين التورتة ؟! أنا لسه خارج من دور اكتئاب"

رد عليه «خالد» بسخرية:

" على يدي و الله"

رمقه «عامر» بغيظ فتحدث «وليد بنبرة ضاحكة : " التورتاية على وصول بس دي ليها طقوس خاصة "

سألت هي ببلاهة :

"إيه دا هو انتم جايبين تورتاية علشاني ؟!"

ضحك الجميع عليها، فرد عليها «ياسين» بسخرية " لأ هنعمله بقرص قرنبيط ، أكيد جايبين تورتاية يا ست الكل"

ابتسمت هي له فاقترب العاملين بالمكان يحملا قالب الكعك كبير الحجم يضعونه على الطاولة التي تتوسط المكان.

اشتعلت الألعاب النارية بالمكان و اقتربوا جميعًا يقفون حولها، و هي في المنتصف بجواره حتى قال هو بنبرة هادئة :

"كل سنة وأنت طيبة، والحقيقة إن مفيش أطيب من كدا، ربنا يفرحلي قلبك دايما"

ابتسمت له هي مثل الطفلة الصغيرة التي تقف وسط حشد لا تعرفهم و من بين الجميع فقط هو من تعلمه جيدًا و تراه سكنا لها و ملجاً خوفها، ومن بين تشتت و تپه العالم كانت خطاه هي بداية دربها.

انطفأت الشموع حينما زفرت هي بهم تطفيء نيرانها حينها صفق لها الجميع، بينما هي لفت نظرها قالب الكعك حينما وجدته المفضل لديها، ينقسم إلى نصفين على شكل قلب كبير الحجم، نصفه بنكهة الشيكولاتة و يعلوها البسكويت المفضل لديها " اوريو" و النصف الآخر بنكهة الفواكه، رفعت رأسها لهم و بعدها اقتربت منها الفتيات كلا منهن تهنئها و تقدم ليها هديتها، و هي وسطهم مثل الفراشة ترفرف بجناحيها و طفقت تنتقل بين الأغصان فرحة بعدما جذبها اللهب.
وقف «ياسين» وسط الشباب و «يونس» لا يفارقه، ثم اقترب من وئام» يأخذ «فارس» يحمله هو الآخر بعدما قبله و ابتسم له، وفجأة رفع أحد حاجبيه و هو يقول بتعجب

الواد دا شبه وليد كدا ليه يا وئام ؟؟ خلاص الأخوة مقطعة بعضها بينكم ؟!"

ضحكوا عليه جميعًا، فتحدث وئام» بقلة حيلة :

" فيه صورة عندنا لوليد و هو صغير كربون فارس و الله العظيم نسخة منه "

تدخل «طارق» يقول بسخرية :

" يا خوفي لا ياخد أدبه و أخلاقه"

أجاب وليد بلا مبالاة:

" أنا هسكتلك علشان أخلاقي متسمحليش أني أقل أدبي على خال عيالي"

تحدث «حسن» تلك المرة بسخرية :

" يا واد !! قشعرت من أخلاقك، لا بجد أخلاقك دي أحرجت اللي خلفوني كلهم"

حرك رأسه نفيا ثم قال:

"خليكم شاهدين اهو أنا متربي و ساكت، ثانية كمان و هقل أدبي بجد، و مش عاوز دكر منكم يزعل "

فكرة "ياسر" بخولة الضحاك

جدع ياض، اللي يجي جنبك دشمله، أخواتك في ضهرك"

رفع «طارق» حاجبه له، فقال «عامر» بخوف زائف "مش أوي إخواتك بس مش اوي، طارق !! متبصليش كدا، اقسم بالله أخلي خالد يبصلك هو كمان، دا إيه دا يا "!!

ضحكوا جميعًا عليه، وعلى الجهة الأخرى اقتربت مشيرة » من «خديجة » تقدم لها هديتها و هي تبتسم لها، اخذتها منها «خديجة » و هي تقول بنبرة هادئة :

" شكرا يا عمتو تعبتي نفسك ليه ؟!"

ردت عليها بصوت متألم

" مفيش تعب و لا حاجة يا خديجة، و بعدين دي أبسط
حاجة ليكي عندي، عقبال ما أجيبلك يوم ولادتك يا رب"

احتضنتها «خديجة » و هي تبتسم بسعادة بالغة و الأخرى تعانقها بقوة و هي تبكي تستشعر طيبة الأخرى و حنانها عليها.

وقفت «هدير» على بعد تتابعه بعينيها و هي تتذكر شوقها له خاصةً أنها تركته منذ 3 أيام حتى تجلس مع فتيات العائلة في بيت الشباب، وعلى الرغم من رفضه لكنه لم يرد أحزانها خاصةً أنها اصبحت تشرد كثيرًا و بين الفنية و الأخرى تتذكر ما حدث ولت الجميع ظهرها و هي تتابع المياه المحاوطة للمكان وتتنفس بعمق، تشعر بالتخبط و الحيرة لكنها تحارب فقط لأجله هو، تركت ألمها النفسي لأجله فقط، على الرغم من أن تلك الذكرى السيئة لا تترك

عقلها وذلك الحديث الجارح يتردد على مسامعها فينصب بوجعه مثل السكين يمزق خلجات روحها.

شعرت هي بصوت انفاسه خلفها فابتسمت بسعادة بعدما ظنت أنه لم يرد محادثتها، بينما هو حمحم بخشونة ثم قال:

"بس بس .... ممكن نتعرف ؟!"

التفتت له و هي تحاول جاهدةً كتم بسمتها، فرفع هو حاجبيه ينتظر منها ردا فوجدها تقول بثبات

" لأ مينفعش و ابعد بقى علشان جوزي مجنون لو سمحت

حرك كتفيه ببساطة و هو يقول:

على نفسه، نعمله إيه يعني ؟!"

ابتسمت له رغمًا عنها، فمد يده لها يفرد كفه و هو يقول:

أبدأ أنا يا ستي محسوبك حسن المهدي ٣٠ سنة أرمل للتعارف الجاد"

شهقت هي بقوة و سرعان ما تذكرت لقاءهما الأول، فهدأت قليلا حينما وجدت العبث على وجهه ثم تبعه بغمزة حتى اقتربت منه و هي تقول بنبرة هادئة :

" وحشتني على فكرة "

حرك رأسه تزامنا مع قوله مستنكرًا:

" يا شيخة !! دا بجد يا هدير ؟!"
ردت عليه هي بصدق

" و الله بجد مش بهزر، وحشتني أوي يا حسن، و بقالك يومين مكلمتنيش فيهم، ليه ؟!"

تنفس هو بعمق ثم قال:

"علشان ترتاحي مني و من البيت يا هدير، لو بايدي أنا ميهونش عليا أشوفك زعلانة كدا، و يعز عليا أني أحس بتعبك، قولتلك نبيع الشقة رفضتي، طب أعمل إيه ؟!"

اقتربت منه تضع رأسها على صدره و هي تقول بنبرة خافتة :

" احضني يا حسن متسبنيش لنفسي علشان خاطري، أنا بقيت بخاف مني متزهقش و تسيبني"

رفع ذراعيه يحتضنها و هو يتنفس بعمق ثم قال مطمئنا لها :

" اسيبك إزاي بس ؟!"

ابتسمت هي براحة فمال على أذنها و هو يقول بنبرة هامسة :

"هتروحي معايا يا هدير ؟! و لا هتروحي عند البنات تانى
رفعت رأسها تطالعه و هي تقول بتأكيد:

"لأ هاجي معاك متخافش أنا كنت معاهم بس علشان عيد ميلاد خديجة و خلاص هنروح بيتي"

حرك رأسه موافقا و هو يبتسم لها فرفعت رأسها تقبله على وجنته ثم قالت:

"حقك عليا يا حسن، متزعلش مني بس أنا متلخبطة أوي و حاسة إني خايفة، وخايفة تسيبني الفكرة مش عاوزة تروح من بالي و الله"

حرك رأسه موافقا ثم قال بهدوء:

"لما نروح بيتنا يبقى نتكلم يا هدير المهم دلوقتي إنك معايا"

وقف «أحمد» بجوار «خلود» و «سلمى» أيضًا د، بعدما قدم هديته لأخته وعانقها، فتفاجأ بـ «خلود» تسأله بلهفة :

" أحمد !! هتعملي عيد ميلاد كدا و لا لأ ؟!"

أطاح لها برأسه و هو يقول:

" روحي ذاكري يا بت"

ضحكت «سلمى» عليهما بينما «خلود» سألته بنبرة جامدة

بت !!! ولا !؟! هتعملي عيد ميلاد ولا لأ ؟!"

اخفض نفسه يمسك وجهها وهو يقول بنبرة هادئة : "عيني يا خلود وعد مني هعملك عيد ميلاد زي دا حاضر

قبل وجنتها بعد جملته فاحتضنته هي بقوة و هي تضحك بملء شدقيها بطفولتها التي لم تتركها على الرغم من نضج و كبر عقلها ابتسمت لهما «سلمى» و هي تقول بنبرة هادئة :

" أنا بحب علاقتكم أوي ببعض، أو بمعنى أصح بحب انكم صحاب و صحابي أنا كمان، ربنا يخليكم لبعض"

ردت عليها «خلود» بحب:

" و يخليكي ليا أنا من يوم ما اتولدت و أنا مش بسيبك أصلا، أنت أول صاحبة ليا في الدنيا و هنفضل صحاب لأخر العمر كله "

ابتسمت لها «سلمى» بتأثر بينما «أحمد» وزع نظراته
ابتسمت لها «سلمى» بتأثر بينما «أحمد» وزع نظراته بينهما و داخله يرقص فرحًا بعلاقتهما سويًا لطالما كانتا الأقرب لبعضهما، و لم تترك أيا منهما الأخرى، ابتسم هو دون أن يعي لذلك حينما وجد أخته تتركه ثم اقتربت من «سلمى» تحتضنها.

وقف «عمار» على بعد و بجواره «عبدالرحمن» الذي سأله بخبث

" عينك لفت المكان كله إلا هناك خايف من أحمد و لا "!إيه ؟

رد عليه بقلة حيلة :

"لأ مش كدا، بس لما ببص بضعف يا عبدالرحمن عيوني بتتعلق علطول و بعدين بطل تركز معايا كدا بقى"

حرك رأسه نفيا وهو يقول:

" هو مش أنت فرقت بيني و بين مريم ؟! هفضل واقفلك

زي اللقمة في الزور، لحد ما اخطبها"

رد عليه «عامر» بثبات معقبًا على حديثه

" لأ !! لحد ما تكتب كتابك و تلم نفسك بالحلال الخطوبة دي تبلها و تبلع دبلتها "

رمقه «عبد الرحمن» بغيظ و هو يقول بضجر منه خلاص ابقى تعالى اكتبلي أنت الكتاب يا شيخ عمار"

وقفت «زهرة» بجوار «خديجة » تحتضنها و هي تقول بنبرة هادئة :

"وحشتيني اوي اوي طمنيني عليكي كويسة ؟!"

حرکت رأسها موافقة لها و هي تقول:

"أوي، فرحانة أوي علشان كلكم معايا، اليوم حلو أوي بوجودكم"

غمزت لها «زهرة» و هي تقول:

"ماشي همشيها بوجودنا احنا يا خديجة حاضر

ابتسمت لها بخجل، فاقترب منهما «رياض» يقول ممازحًا لهما :

حبايب قلبي واقفين سوا !!! كنت ناوي اخدكم و نسافر يومين إسكندرية، بس أبو طويلة جه و ضيع عليا الرحلة و بوظ الخطة "
تحدثت «زهرة» بسخرية :

"صباح الفل !! أحنا في دراسة يا رياض"

رد عليها هو بنفس التهكم

"كنا هنروح الفجر ونرجع يوم السبت بليل ناسية إن بكرة الجمعة ؟! بس خلاص علشان اللي جاي من السفر دا ياخد راحته، مع إن أنا واثق إن خديجة موافقة تيجي معايا صح ؟! نسیبه هنا و نروح

ظهر التوتر على وجهها و لم تجد حديثًا ترد به على طلبه فتحدث هو بنبرة ضاحكة

خلاص بهزر معاكي، خليكي معاه و أمري لله، أهو ابني برضه"

ابتسمت له فورًا فقال هو بغموض قاصدًا إثارة شكوكها : "عاوز أقولك إني شاكك فيه الواد دا شكله متجوز عليكي "

اتسعتا حدقتيها بقوة فتحدثت «زهرة» بضجر و هي تقول :

بس يا رياض !! أنت بتقول إيه ؟!"

حرك كتفيه ببساطة و هو يقول:

" دا اللي أنا حاسس بيه شكله مش مطمني، بصي يا خديجة صحيح أنا بتاع شئون ادارية وقانونية بس عندي محامي أسرة من أول جلسة يضمنلك الطلاق"

ردت عليه هي بلهفة :

"إيه اللي حضرتك بتقوله دا يا عمو !! مستحيل"

تحدث هو بقلة حيلة :

"خلاص يا ستي، خليها من تاني جلسة "

في تلك اللحظة اقترب هو منهم و هو يقول بتهكم

" و ليه طلاق بياخد وقت خش على الخلع علطول يا حج"

رد عليه والده بسخرية :

"آه يا سوسة !! عاوزه خلع علشان تاخد كل حاجة منها "

ضرب «ياسين» كفيه ببعضهما ثم قال موجها حديثه

لوالدته:

"أبوس راسك الحقي ابنك"
فتحت ذراعيها له و هي تبتسم، فاقترب منها هو يحتضنها و هي تحتضنه ثم ربتت على ظهره و هي تقول بنبرة

هادئة :

" ألف حمدا لله على سلامتك، الحمد لله أني اطمنت عليك و قلبي و عيني ارتاحوا بشوفتك "

قبل هو رأسها ثم قال:

" الحمد لله أني رجعت تاني لحضنك، ربنا يخليكي ليا و تفضلي معايا طول العمر"

ابتسمت له فسحبت هي «خديجة » تقربها منه و هي تقول بنبرة هادئة :

"خلي بالك منها علشان هي أحق كلنا شوفناك و حضناك بس هي لسه مشبعتش من وجودك"

ابتسم لوالدته بامتنان ثم وضع ذراعه على خصرها يقربها منه و عينيه تتابع قسمات وجهها بشغف و هو يقول هامشا

"خليكي جنبي كدا و الزقي فيا، وحشتيني يا ست"

ابتسمت له و هي تقول بخجل و صوت مهتز من تواجد الناس حولهم:

" و أنت كمان وحشتني بس ابعد شوية علشان كلهم بيبصوا"

رد عليها هو بثبات

"يبصوا !! هو أنا بعمل حاجة غلط ؟! واحد و حبيبته مع بعض، دا أنا كدا محترم نفسي و محترم وجودهم كمان"

انفلتت ضحكة خافتة من بين شفتيها، فسألها هو بنبرة

هادئة :

"فرحانة ؟!"

حرکت رأسها موافقةً و عينيه تتعلق بخاصتيه و قالت هامسة :

" أكثر يوم بكرهه في حياتي بقى أجمل يوم و السبب بعد فضل ربنا هو وجودك أنت"

جلست الفتيات على الطاولة وسط سيدات العائلة

فتحدثت «زينب» تسأل موجهةً حديثها لـ «سارة »:

" بقيتي في الشهر الكام يا سارة دلوقتي ؟!"
ردت عليها بوجه مبتسم

...

قربت اخلص الشهر التاني و داخلة في التالت اهوه

يصلي"

ردت عليها بحب

" بدعيلك يا حبيبتي ربنا يكرمك ويقومك بالسلامة يا رب"

تحدثت «ريهام» بنبرة ضاحكة

داخلة على شهور التعب يعني الله يعينك يا بنتي"

ردت عليها «سارة» بقلق:

"متخوفنيش بقى أنا حاسة أني بدأت اتعب أصلا و مش برضى أقول لعامر"

ردت عليها «ایمان» بضجر

" أهو دا الهبل بجد !! يا بنتي لما تتعبي عرفيه، كدا غلط"

ردت عليها بقلة حيلة

"عامر بيخاف أوي يا إيمان لو قولتله بتعب دماغه هتتعبه و مش هيفهم أنه مجرد دور طبيعي في أول الحمل"

تدخلت «مشيرة» تقول مسرعة:

" أهم حاجة إنك تكوني متابعة مع دكتورة، و هي تقولك على كل حاجة"

حرکت رأسها موافقةً و هي تبتسم لهن، حينها وقع نظر «عبلة » على «وليد» يتحدث في هاتفه، فتحركت بخفة من وسط الجموع تقترب منه حتى وقفت خلفه مباشرة فسمعته يتحدث مع أحد العملاء و هو يقول بنبرة هادئة : تمام يا فندم بكرة إن شاء الله كل التصاميم هتكون مع حضرتك و تختار بينهم و أنا هظبطهم بنفسي، متقلقش "

وصله الحديث من الطرف الآخر فرد عليه هو بلباقة : " يا فندم دا شرف كبير ليا متشكر لحضرتك جدا و شكرا على كلام حضرتك في حقنا، اتمنى نكون عند حسن ظنك"

اغلق الهاتف مع الرجل ثم وضعه في جيب سترته السوداء و ما لبث يلتفت حتى وجدها أمامه وهي تبتسم له بهدوء، سألها هو بتعجب:

" مالك بتضحكي كدا ليه ؟!"

ردت عليه هي بنبرة هادئة :

"علشان فرحانة أوي بيك و حاسة إني فخورة كمان شكله عجبه شغلك، دا اللي أنا سمعته "

حرك رأسه موافقًا ثم قال مفسرا:

"دي حقيقة، عملتله تصاميم جديدة أنا و حسن و عجبته أوي ناقص بس ابعتهم ليه و يختار بينهم هو شاف بس جزء بسيط منهم و البداية مفرحاه

اقتربت منه تتمسك بذراعه و هي تقول بفخر

" أنا فخورة بيك أوي بجد، أنت تستاهل جوايز كتير و كل جائزة فيهم مينفعش حد غيرك ياخدها في العالم دا"

ابتسم هو بعذوبة فتنهدت هي بعمق ثم قالت بهدوء: " الفترة اللي فاتت شوفتك بتحارب زي الأب علشان خديجة و علشاني لحد ما بقيت كويسة، أنا متأكدة أني طول ما أنا معاك هفضل أشوف فيك حاجات تانية تبهرني بقيت بفكر ساعات أني مستاهلش وجودك"

اقترب منها يحرك رأسه نفيًا ثم قال بنبرة هادئة و كفه يرفع وجهها نحوه 

"لو أنا في يوم هخليكي تفكري كدا يبقى أنا فعلا مستاهلش وجودك يا عبلة، يعلم ربنا إن قلبي كان أعمى عن الحب وفتح على ايديكي و كنت بريء عن طريق الهوى، و أنت الفتنة الوحيدة اللي ودتني الطريق دا و روحته من غير رجعة منه "

ارتفعت ضربات قلبها بعد حديثه ذاك فمال عليها يقبل وجنتها ثم رفع كفه يقربها منه و هو يقول بنبرة هامسة : "بحبك"

في تلك اللحظة اقترب منهما «محمد» و هو يقول بضجر "مش قادر أقولك ابعد عنها خلاص بقت مراتك و في بيتك "

ابتسمت هي لوالدها بينما «وليد» غمز له و هو يقول بوقاحة :

" و بتنام في حضني كل يوم نسيتها دي"

رمقه «محمد» بغيظ و هو يقول:

خلاص حطيت صوابعي العشرة في الشق منك مفيش فايدة فيك"
رد عليه هو ببراءة :

"فايدة إيه بس ؟! دا أنتَ المفروض تقدرني، متنساش أني هخليك جد إن شاء الله"

حاولت جاهدة كتم ضحكتها و اخفاء حمرة وجهها التي کست على صفو تلك الملامح، فمال عليها يقبل وجنتها الأخرى ثم قال بعبث:

" بحبك يا سوبيا"

تدخل والدها يقول بسخرية طب و أنا ؟! مش بتحبني ؟!"

غمز له بثبات و هو يقول: " لا مبحبش العرق سوس"

تحرك من أمامهما، بينما عمه رفع صوته و هو يقول:

يلا يا عديم الرباية منه لله أبوك"

اقترب منه «مرتضى» و هو يقول بتهكم

"عاوز إيه يالا ؟! متقرفناش شوفلك حتة اقعد فيها 

رد عليه هو بسخرية :

" ما هو أنت لو كنت ربيت مكانش زماني واقفلك هنا، بس اقول إيه تربية ناقصة "

ضحك «مرتضى» و هو يقول بسخرية

قصدك على وليد ؟؟ دا حبيب أبوه، و بعدين جرى إيه ما احنا دافنينه سوا نسيت قلة أدبك و أنت خاطب !! هتصيع على أخوك ؟!"

شهقت «عبلة » و هي تنظر لأبيها، الذي احتقن وجهه فتحدث «مرتضى» بنبرة ضاحكة :

روحي يا عبلة يا حبيبتي اقفي مع جوزك علشان هقول لبابا كلام عيب روحي يا حبيبتي"

اقترب منهم «وليد» في تلك اللحظة يمسك يدها و هو يقول بنبرة ضاحكة

تعالي يا حبيبتي علشان ميخدشوش حياؤك"

تحرك بها من أمامهما و والده أيضًا متشفيًا بأخيه، بينما «محمد» قال بقلة حيلة :

" منك لله أنت و ابنك السافل بس هقول إيه يعني هو جايبه من برة ؟!"

...

حرك «مرتضى» رأسه نفيا ثم أضاف مؤكدًا:

"لا، جايبه من عند أبوه"

انتهى الاحتفال بعد الرقص والغناء و المرح و التقاط الصور للجميع وتقديم الهدايا ثم توجه بعدها كلا منهم إلى وجهته المحددة، قبل أن يدلف «عامر» المصعد و في يده زوجته أوقفته هي تقول بخجل إلى حد ما بسبب ذلك الطلب في ذلك الوقت

"عامر !! استنى، أنا عاوزة أقولك حاجة ضروري"

التفت لها و هو يقول بتعجب

"حاجة متستناش لما نطلع !!! نطلع الشقة و قولي كل اللي نفسك فيه مش ههرب منك"

حرکت رأسها نفيا ثم قالت:

" لأ مش هينفع !! أنا أصلا مستغربة بس بجد مش قادرة 

تنفس هو بقلة حيلة ثم قال:

قولي يا سارة عاوزة إيه ؟! فيه حاجة ناقصة فوق ؟!"

ردت عليه هي بلهفة :

"عامر أنا عاوزة أكل كشري دلوقتي حالا"

ارجع رأسه للخلف و هو يقول مستنكرًا طلبها :

" نعم ياختي !! عاوزة تاكلي إيه ؟!"

ردت عليه هي بحيرة من أمرها و غلب لا تعلم ماهيته بجد والله مش بهزر معاك، أنا عاوزة أكل كشري دلوقتي مش عارفة ازاي و ليه !!"

ابتسم هو بيأس ثم أمسك يدها و هو يقول بنبرة هادئة : "أنا عارف ليه، أكيد السافل عديم الرباية اللي في بطنك طالع لأبوه"

خرج بها من البناية فسألته هي بتعجب من حديثه: "إيه دا هي طنط طلبت كشري و هي حامل برضه !!"

التفت لها و هو يقول بنبرة ضاحكة إلى حد ما :
لأ ياريت دا أمره سهل طنط طلبت فطير بلدي و مش"

ضحكت هي عليه فسألها هو باهتمام بالغ :

" تحبي نروح مشي و لا أوقف تاكسي ؟! المحل مش بعيد عن هنا"

لفت ذراعيها حول ذراعه وهي تقول بفرحة كبرى "لأ بما إنك فكيت و بقيت كويس كدا يبقى نروح مشي و لو تعبت ممکن نركب و احنا راجعين إيه رأيك ؟!"

حرك رأسه موافقا ثم أضاف:

" اللي تعوزيه أنا عيني ليكي بيه يلا علشان المفضوح اللي في بطنك دا"

تحركا سويا نحو المحل و هي تبتسم باتساع خاصة بعدما زال عبوس وجهه و تأكدت حقًا أن «عامر» نقطة ضعفه الوحيدة تكمن في وجود أحبته و قربهم منه.

صعد «ياسين» مع زوجته في المصعد وقبل أن يدلفا الشقة سويا اوقفها يدخل حقائب الهدايا ثم عاد لها و وضع كفه على عيناها وهو يقول بنبرة ثابتة :

"غمضي عيونك يا كتكوتة، متبوظيش اللحظة "

سألته هي بحماس:

" هو لسه فيه مفاجأت تانية غير وجودك ؟! كدا هاخد على الدلع دا"

وضع المفتاح في المجرى الخاصة بفتحه ثم فتح الشقة و هو يقول بنبرة مرحة :

" برجلك اليمين يا عروسة !!"

ضحكت هي بصوت عال ثم دلفت الشقة أولا و هو خلفها بعدما أغلق الباب و بكفه الآخر يغطي عيناها، حتى سألته هي بنفس الحماس واللهفة :

"!ها !! افتح ؟"

ازال کفه و هو يقول ببسمة م

هادئة :

"فتحي يا خديجة "

فكت حصار جفنيها من فوق مقلتيها حتى تبصر المفاجأة
فكت حصار جفنيها من فوق مقلتيها حتى تبصر المفاجأة فشهقت بقوة حينما وجدت طاولة الشفرة يتوسطها قالب كعك متوسط الحجم و بجواره صندوق باللون الأحمر مخصص للقطط وفوقه علبة صغيرة الحجم، ركضت مسرعة نحو الطاولة تفتح صندق القطة بحماس، فتفاجأت بقطة متوسطة الحجم باللون الأبيض وعينيها زرقاء بشدة و في رقبتها سلسلة باللون الأحمر يتدلى منها قطة صغيرة احتضنتها «خديجة » بقوة و هي تقول بفرحة تشبه فرحة طفلة صغيرة بالعثور على دميتها المفضلة :

" الله !! دي حلوة أوي و رقيقة و شكلها طيبة بتاعة مين دي يا ياسين ؟!"

اقترب منها من الخلف يحاوط خصرها بكلا ذراعيها و هو يقول بنبرة هادئة :

"دي بتاعتك أنت يا خديجة"

التفتت له برأسه و هي تقول بحماس و غیر تصديق معا: " بجد !! بتاعتي أنا ؟!"

حرك رأسه موافقا وهو يبتسم لها فسألته هي بقلق من اجابته
و مش همشيها تاني !!! علشان لو اتعلقت بيها و أنت مشيتها أنا هزعل "

حرك رأسه نفيا وهو يقول:

" لأ مش هتمشي و أنا متأكد إنها معاكي هنا هتفرح و مش هتقدر تمشي، أنا حاططها في أطيب و أحن مكان في الدنيا دي"

ابتسمت له بسمتها المشرقة فاقترب هو من العلبة الصغيرة يفتحها ثم قال بنبرة هادئة :

اخلعي طرحتك يا خديجة "

حرکت رأسها نفيا و هي تقول:

" لأ مش هسيب القطة، فكه أنت بقى الله يعينك"

ابتسم لها ثم اقترب منها يخلع حجاب رأسها ثم قام بفك خصلاتها و بعدها وقف مقابلا لها يعدل وضع غرتها فوق جبينها فقالت هي مسرعة :

"حلوة القصة !! هدير عملتهالي علشان يكون تغيير شكلي حلو ؟"
حرك رأسه موافقا وهو يقول:

" و أحلى من الحلو نفسه يا خديجة "

ابتسمت بسعادة بالغة حينما تأكدت أن ذلك التغيير البسيط أعجبه، أما هو فاقترب منها يضع قيراط ذهبي في أذنها كلا منهما على حدة ثم غمز لها و هو يقول:

" فراشة لابسة فراشة بجد، روحي خدي بصة كدا"

تحركت من أمامه نحو المرآة وسرعان ما شهقت بقوة حينما وجدت قيراطا ذهبي في أذنيها على هيئة فراشة رقيقة تفرد جناحيها على شحمة أذنها، اغرورقت عينيها بالدموع فاقترب هو منها يقف خلفها و هو يقول بنبرة هادئة :

كدا أنا وفيت بوعدي و جيت، ريحيني و قوليلي إنك فرحتي بجد و إن اليوم دا حتى قدر يفرحك بجد"

التفتت له حتى تواجهه بنظراتها و هي تقول بنبرة هادئة و جسده يحاصر جسدها من الحركة

" هتصدقني لو قولتلك أني نسيت يعني إيه زعل !! أول ما صوتك لمس ودني و شوفتك نازل و بتقرب مني أنا محسيتش بحاجة غير أني فرحانة بجد، لما حضنتك و طلعت موجود فعلا مش مجرد خيال مني، أنا فرحت بجد غيابك كان هيبقى بكل الزعل اللي فات، بس من حظي إن قلبك حنين و أحن مني على قلبي"

ابتسم هو لها ثم قال:

ريحتيني الله يريح قلبك طب و بالنسبة للهدية ؟!

عجبتك ؟!"

حرکت رأسها موافقةً و هي تقول بتأكيد على سؤاله:

" طبعًا الاتنين احلى من بعض الحلق والقطة كنت هموت

عليهم، بس الاحلى من كل دا هو إنك جيت ليا"

حرك رأسه نحو القطة و هو يقول بنبرة هادئة :

"هتسميها إيه !! هي ملهاش اسم و قولت تسميها أنت"

حركت كتفيها بحيرة ففكر هو قليلا و هي أيضًا حتى تحدثا سويا في آن واحد

"!! خدوش"

شهقت هي بقوة و هو أيضًا بعدها ضحكا سويا بنبرة عالية،
فسألته هي بنبرة ضاحكة.

"طب أنا و كانت صاحبتي الوحيدة قطة اسمها خدوش أنت عرفت منين ؟!"

رد عليها هو بنبرة هادئة :

" سألت عن نوع قططك المفضل و عرفت من وليد إنك بتحبي النوع دا و اللي عيونهم بتكون رزقا و قالي انك كنتي بتقولي ليها يا خدوش"

حركت رأسها موافقةً ثم وقفت على أطراف قدميها بعدما خلعت حذائها حتى تستطع للوصول له :

"أنا بحبك أوي، و من بختي و بخت قلبي إنك أحلى نصيب لينا "

حرك رأسه لها فوجدها تقبل وجنته قبلة مطولة ثم قالت بهدوء

" أنت وحشتني أوي"

سألها هو بسخرية :

" هي أخلاقك باظت في غيابي و لا إيه ؟! الكلام دا بيتقالي أنا من غير حاجة و لا من غير كسوف !!"

ردت عليه هي بنبرة ضاحكة:

" يعني هو أنا هتكسف من حبيبي و جوزي برضه !!! عيب عليك "

رمش ببلاهة و هو يقول:

"خديجة !!! هما عملوا فيكي إيه في غيابي ؟!"

حرکت کتفیها و هي تقول ببراءة :

"محدش عملي حاجة والله بس بجد أنت وحشتني أوي و أخر حاجة كنت اتوقعها إنك تيجي و خصوصا إنك مكلمني من هناك جيت ازاي يا ياسين ؟!"

سحبها نحو الأريكة ومعها القطة التي استقرت بين ذراعيها ثم جلس و هي بين ذراعيه حتى وضعت رأسها على صدره، فقال هو بنبرة هادئة :

" اسمعي يا ستي جيت ازاي علشان تعرفي إن ربنا سبحانه وتعالى رحيم و استجاب ليا"

في شمال سيناء قبل العودة

أغلق الهاتف ثم مد يده لـ «يوسف» به بعدما استشف
الحزن في صوتها، ثم جلس على الصخرة ينظر للسماء و كأنه يأخذ راحته من ذلك المنظر، عاد «يوسف» له من جديد و هو يقول:

تمام اديتله التليفون و بيقولك يتربى في عزك "

ابتسم بيأس و هو يقول:

" أنت دماغك دي مفيش منها اتنين، بس شكرًا إنك ساعدتني حتى أني اسمع صوتها"

رد عليه «يوسف» بتلقائية :

"متقولش كدا يا عم، المهم أنا عاوز أقولك إن شغلي هنا خلص و هنروح كلنا بعد يومين"

سأله «ياسين» بتعجب:

" هتمشي !! مش قولتلي إنك بقالك هنا سنتين ؟؟"

رد عليه بقلة حيلة :

"خلاص فترتنا خلصت هنا هنريح ١٠ أيام كدا و نروح بريمة تانية تبع الشركة برضه، أنا قولت أعرفك علشان كدا هتكون هنا لوحدك 

حرك رأسه موافقًا على مضض و هو يقول بحزن ظهر في صوته

" أدي السبب اللي كان مصبرني على غربتي هيمشي هو كمان كانت ناقصة هي"

ربت على كتفه و هو يقول:

" أنا ماكنتش عاوز أقولك بس للأسف خلاص العمال نازلين بكرة وأنا بعدهم لو عليا هفضل هنا معاك"

تنفس «ياسين» بعمق ثم نظر أمامه و قد تمكن الحزن منه، و أثناء جلوسهما سويًا اقتربت منهما حافلة كبيرة الحجم خاصة بشركة الفاروق، نظر كليهما لبعضهما البعض ثم تحركا سويا نحو الحافلة التي فتحت للتو ليظهر منها «رأفت» نظر له «ياسين» بدهشة و «يوسف» أيضًا، فتحدث هو ببرود كعادته

"مساء الخير يا بشمهندس ياسين، أنا أهو جيت علشان

استلم الشغل مع حضرتك "

رد عليه «يوسف» بضجر

" بعد إيه !!! بعد ما ياسين خلص خلاص و فاضل شوية هبل 
تجاهل هو حديث «يوسف» ثم قال بنبرة هادئة : " و أهو جيت اتمنى بس ميكونش فيه مشاكل تاني"

رد عليه «ياسين» بثبات

" المشاكل اللي هربت منها صح ؟! و كنت عارف أني هاجي مكانك و الوضع هنا بايظ، و مع ذلك برضه محاولتش تحذرني"

رد عليه بقلة حيلة :

"مكانش ينفع اتكلم يا ياسين، أنت عارف لو اتكلمت في حاجة زي دي هيحصل فيا إيه، و أنا مش عاوز مشاكل"

زفر «ياسين» بضجر بينما «يوسف» قال مسرعًا :

فكك من الكلام دا ياسين خلص كل حاجة و أنا هفهمك الدنيا، يلا يا ياسين علشان تروح

التفت له «ياسين» يسأله بنبرة جامدة

اروح فين ؟! همشي واسيب و الدنيا مبهدلة كدا ؟!"

رد عليه بثبات

"غيرك سابها مهدودة على راس الكل و مشي روح لم حاجتك يلا و امشي"

في تلك اللحظة قام السائق بتشغيل المحرك فركض له «يوسف» يفتح الباب الخاص به و هو يقول: " استنى يا ريس وقف رايح فين ؟!"

رد عليه مفسرا

راجع مطرح ما جيت مش البشمهندس وصل خلاص ؟!"

رد عليه «يوسف» بنبرة جامدة

"ماهو أنت وصلت واحد و هتاخد في طريقك التاني"

رد عليه الرجل بنفس البرود الذي تحدث به الأخر:

"معنديش أوامر أني هرجع بحد، أنا جاي أوصل البشمهندس و خلاص"

في تلك اللحظة اقترب «ياسين» منهما لـ يسمع «يوسف»

يقول بضجر

" الله !! دي الشركة دي مصنع تلاجات و لا إيه ؟! الصنف بتاعها كله بارد كدا ؟!"

تدخل «ياسين» يقول منهيا ذلك الحوار و النقاش المحتد 

  "خلاص يا يوسف سيبه يروح لحال سبيله، اتكل على الله يا ريس"

قبل أن يغلق السائق الباب أوقفه «يوسف» حينما أمسك يده و هو يقول:

"أنا مبطلبش منك حسنة و لا شفقة !!! دا شغلك يا أستاذ أنت مش جاي على الأرض و هتروح طاير، نفس الطريق هو هو، يبقى تسمع الكلام بدل ما اسمعهولك أنا و الحمد لله إنك من سني، يعني ليا مطلق الحرية "

سأله الرجل بصوت منفعل: "هتعمل إيه يا عم !! أنت هتتهددنا ؟!"

حرك رأسه و هو يقول:

ابن الراوي مبيهددش بيعمل بس"

انهى حديثه ثم أخرج سلاحه وفتحه على الفور و هو يقول بلهجة حادة بعدما اقترب من الرجل

"شوف بقى علشان أنا على أخري خلاص، تسمع الكلام بدل ما اسمعك أنا اللي مسمعتهوش قبل كدا، تقف و تهدا
تستنى البشمهندس ياسين لحد ما يجهز نفسه و تقعد تطفح الشاي احنا مش بتشتغل عند أهلك"

اقترب «ياسين» يحاول ابعاده عن الرجل حتى نجح في ذلك حينها أغلق «يوسف» السكين ثم قال مهددًا له بنبرة جامدة :

"لو اتحركت خطوة بس من غيره أنا هخلي الرجالة تكمل عشاها بيك"

نزل السائق من الحافلة و أغلق بابها بقوة، بينما «يوسف» راقبه بنظرة ثاقبة حتى وجده يجلس بوضع القرفصاء حينها أمسك هو ذراع «ياسين» نحو الغرفة و هو يقول بنبرة جامدة

"يلا أنت لسه هتنحلي !!"

اخذه نحو الغرفة و هو يقول أمرًا له بثبات:

"تلم حاجتك و تمشي من هنا اللي عليك عملته و زيادة و العمال و خلاص نازلين إجازة آخر الأسبوع، و رأفت جه خلاص روح شوف حياتك اللي أنت سايبها و شوف مراتك اللي أنت واعدها دي لو زي ما بتقول كدا إنها هتكون تايهة وسطهم

وقف «ياسين» متخبطا أمامه و جسده متيبسا كما لو أنه التصق بالأرض، فتحرك «يوسف» يفتح خزانته و هو يقول:

" انجز !! أنا رفعت المطوة في وش الراجل يلا يا ياسين"

تحرك «ياسين» يجمع حاجته من الغرفة يضعها بفوضى في حقيبته، وقبل أن يخرج «يوسف» حتى يجلب له المصحف من غرفته أوقفه «ياسين» و هو يقول بنبرة هادئة بعدما أخبره

خده يا يوسف خليه معاك بدل ما تقرأ من التليفون لمسة المصحف في إيدك حاجة تانية و احساس تاني"

حرك رأسه موافقًا ثم أكملا سويًا حزم الحقائب، و بعد مرور تقريبا نصف ساعة خرجا سويًا من الغرفة، وكان «رأفت» يقف في الخارج، حينها اقترب منه «ياسين»

يعطيه المفتاح الخاص بالغرفة و هو يقول بنبرة هادئة : " اتفضل يا بشمهندس رأفت الأوضة فضيت أهيه، عن اذنك "

حرك رأسه موافقًا ثم قال:
متزعلش يا ياسين من اللي حصل لو سمحت أنا نبهوا عليا متكلمش و لو كنت أعرف إن أنت اللي هتيجي مكاني أكيد ماكنتش هعمل حاجة تضرك أنت عشرة عمر برضه"

حرك رأسه موافقا بتفهم ثم وضع الحقائب في مؤخرة الحافلة، و بعدها التفت لـ «يوسف» الذي وقف يطالعه بحزن لم يعترف به لطالما كان جامد المشاعر، اقترب منه «ياسين» يقول بصوت مختنق

" هتوحشني يا يوسف خلي بالك من نفسك و بلاش تهور أبوس راسك"

رد عليه الأخر بثبات يتنافى مع نظرته الحزينة

"دي طبيعة هندسة،  المهم تشيل حتة من التوترية لحد ما اجي كلها يومين واجيلك

احتضنه «ياسين» بقوة و الأخر على الرغم من تيبس جسده لكنه رفع ذراعيه يحتضنه هو الأخر و هو يشعر بشعور غريب عليه لكنه شعور جميل، و خاصة حينما وجد ذلك العناق دافئا اطمئن هو به.

بعد مرور دقائق تحركت الحافلة بعدما ركبها «ياسين» و الأخر ينظر في اثره براحة كبرى حينما التمس الراحة في عينيه هو الأخر.

ركب الحافلة و هو يبتسم بفرحة كبرى بعدما من الله عليه بتلك الفرصة الذهبية و بعد مرور بعض الوقت من تحرك الحافلة وسط الظلام اوقفها السائق في و هو يقول بنبرة هادئة :

" فيه استراحة هنا يا أستاذ عن اذنك هدخل تحب "!تيجي ؟

حرك رأسه نفيا، فنزل السائق وبعد مرور دقائق عاد من جدید و استأنف قيادته، حتى بدأت خيوط الشمس تظهر باشراقها لتزيل عتمة ليل من درب معتم حينها اوقف السائق الحافلة للمرة الثانية و تلك المرة نزل «ياسين» حتى يقوم بتصوير الفيديو و إرساله إلى «وليد» و بعدها قام بمها تفته يقص له الحكاية بإيجاز و أنه سيحضر تلك المناسبة، وقبل أن يفهم الآخر ما يحدث قام هو بعمل مهاتفة جامعية و هو يقول بنبرة ضاحكة
" يا صايع أنت و هو قبل صلاة العصر تكونوا في الموقف، لو اتأخرتوا هولع فيكم

انتشرت أصوات بهجتهم وتهليلهم في الهاتف و كلا منهم غير مصدقًا لحديثه حينها أخبرهم بإيجاز ثم اغلق الهاتف معهم و عينيه تتابع جنبات الطريق بشغف و هو يرى محافظة أقل ما يقال عنها انها حقا ساحرة.

وصلت الحافلة إلى الموقف ونزل هو منها ليجد «عامر» يركض نحوه مسرعًا بلهفة و شوق و هو يقول بصوت مختنق حينما التقيا سويا في ذلك العناق " وحشتني أوي أوي أنا تعبت من غيرك يا ياسين"

اعتصره «ياسين» بين ذراعيه و هو يقول بنبرة هادئة : " أنت اللي وحشتني أوي يا عامر، وحشتني الأيام من غيركم صعبة أوي"

ابتعد عنه «عامر» فاقترب «ياسر » هو الأخر يحتضنه و هو يقول:

نورت الدنيا كلها برجوعك ربنا ما يفرق بيننا يا رب"

قبل «ياسين» رأسه ثم قال بهدوء:

" يا رب يا ياسر ربنا ما يحكم علينا بالغياب و لا فراق

ابتعد عنه فوجد «خالد» يقترب منه وعلى العكس احتواه «خالد» بين ذراعيه و هو يربت عليه كما لو أنه صغيره و قال بصوت متأثر:

"حمدا لله على سلامتك يا حبيبي الدنيا نورت بيك"

رد عليه بهدوء

" الدنيا منورة بيكم يا خالد وجودكم هو الحلو بعينه "

أتى صوته من الخلف و هو يقول:

"حلو الجملة دي أوي، أنا بقول اسمعها لخديجة و هي تحكم"

التفت على الفور يحتضنه وهو يقول بنبرة ضاحكة:

"لو سترت عليا هيجرالك حاجة ؟! متبقاش زي رياض كدا بقى"

رد عليه «ولید بنبرة ضاحكة

رياض دا حبيبي عاوزني مكونش زيه إزاي ؟!"
ابتعد عنه يسأله بنبرة هادئة :

طمني هي عاملة إيه ؟!"

رد عليه بقلة حيلة :

هي زعلانة و قالبة وشها بس البنات معاها بيحاولوا المهم يلا علشان أروح الكافيه اظبط فيه كل حاجة "

بعدها بدأوا يتوزعون على السيارات و أول وجهة توجهوا إليها كان ملجأ الأمان لهم و هو منزل «ميمي»، دلف هو أولا فوجدها تمسك المصحف كعادتها، اقترب منها يقبل قمة رأسها ثم نظر لها و هو يقول بنبرة هادئة :

"وحشتيني، ابنك تعب أوي من غيرك و مكانش مطمنه غير صوت قلبك و هو بيدعيله"

رفعت رأسها تنظر له فوجدته يطالعها بشوق، خطفته بين ذراعيه وهي تقول بصوت باك

" يا حبيبي يا قلب أمك وحشتني ، وحشتني أوي و تعبت قلبي في غيابك عليك، الحمد لله يا رب، الحمد لله"

اقترب منهما «عامر» و هو يقول بنبرة مرحة

" رجعلك حبيبك خلاص ؟! اقسم بالله لو قلبتيها نكد تاني يا ميمي، لأكون جايب مرات لطفي تزاحمك في الشقة دي و أنت عارفة هي هتموت و تاخد مكانك"

ضحكوا عليه جميعًا فوقف «ياسين» و هو يقول بنبرة هادئة :

"أنا كدا اطمنت عليكي وطمنتك، أروح بقى اطمن زهرة و رياض، أما الكتكوتة دي ليها استقبال خاص"

أومأ له الجميع بموافقة، فتحركوا بعدها يتجهون نحو وجهتهم الثانية، وقفوا أمام بيت والدي «ياسين» فصعد هو أولا ثم طرق باب الشقة فوصله صوت والدته من الداخل و هي تقول بضجر

يوه يا رياض !!! قولتلك افتح بالمفتاح و بطل كسل بقى "......أنا تعب

فتحت الباب و هي تتحدث لتقف في مكانها متسمرة برؤيته المفاجأة لها بينما هو رفع أحد حاجبيه و هو يقول بنبرة جامدة " أنت ازاي تفتحي الباب من غير ما تعرفي مين بيخبط !!

افرضي حد خطفك و أنت حلوة كدا"

اقتربت منه هي تحتضنه و هي تحدثه بصوت باك و تقبل يده و كل إنش بوجهه حتى هو نزلت دموعه مثل الطفل الصغير و هو يحتضنها، وفي تلك اللحظة وصل «رياض» و راهما سويًا فاقترب منهما يأخذه بين ذراعيه وهو يقول بصوت متهدج

"ياه..... حمدا لله على سلامتك، جيت في وقتك المظبوط، كدا اليوم بقى حلو رسمي"

ابتعد عنه و هو يقول ممازحًا له :

"عاوزني افوت يوم زي دا علشان تستغل اللي حصل و تطلع بيها على محكمة الأسرة ؟! الحمد لله ربنا مأرادش اتكسف قصادك"

اقتربت منه والدته و هي تقول:

"طب يلا علشان نروح العيد ميلاد، الوقت قرب و أنت البس يلا و شوف هتظبط نفسك ازاي"

رد عليها «ياسين» مسرعًا:

لا أنا لسه هجيب الهدية واظبط الدنيا، وهلبس في شقتي، أنا جيت بس اطمنكم علشان اللي جاي كله مش هعرف اسيبها فيه"

ابتسم له كليهما فسلم عليهما من جديد بوداع مؤقتًا ثم نزل لأخوته حتى يرى ما يجب عليه فعله لاسعادها بحق في هذا اليوم و أهم ما يوجد لديه هو فقط الوفاء بعهده.

عودة إلى الوقت الحالي

كانت هي بين ذراعيه و هو يقص عليها تفاصيل عودته الشيقة التي مثلت لها مغامرة شيقة، فسألته هي بلهفة : " يعني كل دا أنت عملته علشاني ؟! جيت و مريحتش خالص و لحد دلوقتي صاحي علشاني و علشان

تفرحني ؟!"

حرك رأسه موافقا و هو يبتسم لها فسألته هي بصوت باك من شدة تأثره:

"ليه !! ليه تتحمل كل دا ؟!"

رد عليها هو بتلقائية :

رأرأت بعينيها تطلب منه المزيد فقال هو بنبرة هادئة تمتزج بمشاعره لها :

"

نزلت العبرات من عينيها و هي تسأله ببكاء:

"هو أنا المفروض أعمل إيه علشان افرحك زي ما أنت مفرحني ؟! أرد لو جزء بسيط من كل دا ازاي ؟! المفروض إن اللي زيي تعمل إيه لواحد زيك خد حنية الدنيا كلها لحسابه "

أخذ القطة من يدها و هي تطالعه بتعجب و قد عقدت ما بين حاجبيها، أما هو تحرك يضعها في القفص ثم عاد لها من جديد و هو يقول بصوت ظهر به أثر التعب

" الحل الوحيد علشان تفرحيني إنك تيجي تنامي في إنك تيجي تنامي في حضني علشان و الله العظيم أنا مش شايف قصادي من التعب "

حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم له ثم قالت: " ألف سلامة عليك من كل شر يا رب حقك عليا أنا علشان تعبك و مجهودك دا، أنا مكنتش اتمنى إنك تتعب كدا علشاني"

اخفض نفسه يحملها على ذراعيه و هو يقول بنبرة منهكة حينما اقترب من غرفة نومهما

" لا تعب ولا حاجة يا ست الكل لو تبوسيني و تحضنيني كدا نبقى خالصين"

أصر «حسن» على توصيل «ميمي» إلى بيتها و معه «هدير» و بعدها عاد إلى بيته و هي معه، و كالعادة كانت خطاها مترددة عند دخوله و كان هو على علم بما يدور في نفسها من صراعات نفسية حدثت لها بسبب أخته و خاصة و هي تجاهد نفسها حتى تتقبل البيت و الوضع حولها فقط لأجله هو دلفا سويًا فجلست هي على المقعد تخلع حذائها وبالها شاردا في اللاشيء أمامها، أما هو فاقترب منها يجلس على ركبتيه يرفع رأسها و هو يقول بنبرة هادئة :

"مالك !! فيه حاجة مزعلاكي ؟!"

وجهت بصرها نحوه و هي تحرك رأسها نفيا بحركة خافتة بالكاد ترى بالعين المجردة، أما هو فتنفس بعمق ثم أمسك يدها يسحبها حتى تقف مقابلة له فسألها هو بنبرة حزينة

"مالك يا هدير !! أنا مش قادر أشوفك كدا و أفضل بتفرج عليكي و أنا ساكت"

نزلت دموعها على الفور و هي تقول بصوت منكسر مش عارفة، و الله العظيم مش عارفة مالي، بس أنا مش مبسوطة و مش مرتاحة وحاسة إني بحارب في حرب خسرانة "
حاوط كفيها بكفيه و هو يقول:

" أنا معاكي أهو قوليلي مالك !! من ساعة ما رجعتي هنا و أنت تعبانة و زعلانة و باين عليكي، أنا واقف عاجز و أنا شايفك بتضيعي مني"

رفعت عينيها الباكيتين له فاقترب هو منها أكثر و هو

يقول:

قولي بس مالك !! احكيلي"

ردت عليه هي بصوت باك

"كل يوم بشوف نفس الكابوس أني بجري في الشارع و بعيط و فيه أصوات تخوف حواليا، بشوفها كل يوم في الكابوس كل كلامها أني خدتك منها و أنها مش مسامحاني، بحس انها بتخنقني كل يوم في نومي"

فهم هو ما ترمي إليه بحديثها و عن من تحديدًا، فتحرك نحو الداخل و هو يسحبها خلفه، حتى وقفا سويا أمام باب الغرفة التي كانت مخصصة لشقيقته في فترة جلوسها معهما، وقفت بجسد متصلب و سارت البرودة في كامل جسدها و كل ما في مخيلتها فقط هو وجود تلك المزعومة حنان» في تلك الغرفة، فوجدته يشدد على مسكة كفها كأنه يدعمها ثم ابتسم لها وهو يقول:

"وعد مني أني افرحك و أنك لما تدخلي هنا تنسي كل حاجة زعلتك في يوم من الأيام"

حرکت رأسها موافقةً بشجاعة واهية تتنافى مع خوفها من تلك الغرفة التي لم تدلفها ولا مرة حتى الآن حتى أمر تنضيفها تتركه لزوجة حارس العقار.

فتح هو الباب و قبل أن يمد كفه يفتح الضوء، التفت لها يقول بنبرة هادئة :

غمضي عينك يا هدير ممكن !!"

حرکت رأسها موافقةً ثم انصاعت لأوامره في الحال، و أحكمت اغلاق جفنيها، حينها ابتسم هو ثم سحبها حتى دلفت الغرفة تقف في منتصفها و هو خلفها أغلق الباب مرةً أخرى ثم فتح الضوء و هو يقول بنبرة مرحة :

"فتحي يا قطة "
فتحت عيناها بعدما فرقت ارتباط جفناها و سرعان ما شهقت بقوة و هي ترى شيئًا اقرب للخيال، بينما هو اقترب منها يقف خلفها يحيط خصرها بذراعيه و ذقنه تستند على كتفها و هو يقول مستفسرا

"إيه رأيك ؟! حولتلك اوضة الرعب لأوضة الأحلام، بقالي يومين مطبق عليها لحد ما خلصتها "

التفتت له تسأله بلهفة :

" أنت عملت كدا علشاني ؟! صح "

حرك رأسه نفيا ثم أضاف ساخرا: "لأ، علشان أمي الله يرحمها "

التفتت من جديد تحرك رأسها بالغرفة حتى تحركت من حصار ذراعيه لها تراقب الغرفة بحالة هيام و شجن حيث قام بعمل غرفة تشبه غرف الأفلام الكرتونية.

و قد قام بوضع ورقة حائط بحجم الحائط بأكمله و هي صورة أحد أفلامهما المفضلة و هو ربانزل) و كانت الصورة تجمع أبطال الفيلم ومعهما الحصان الأبيض الذي شارك في بطولة العمل وعلى الحائط الأخر قام بوضع قطعة قماش باللون البيج يغطي بها الحائط بأكمله و عليها لوائح حديد باللون الأزرق وعلى كلا منهم عبارة كرتونية مفضلة لديهما تنوعت بين

ودع الأحزان يا ذوق عوم و اتمختر عوم و اتمختر ابعد ايدك عن شعنونتي _ هكونا مطاطا حكمة نغمها لذيذ قطتي قطتك لازم تروح الجميلة حبت الوحش لو تتجوزيني نبقى خالصين شوف رزقك الدنيا واسعة _ متسمحش لحد يتحجج بأصلك و بفصلك أنت الكلام معاكي صعب كدا ليه ؟ بحب شكلك و أنت بتتكلمي عن حلمك حلمك جميل السمك صحاب مش طواجن

كانت عينيها تمشط العبرات الموضوعة على الحائط ثم نزلت ببصرها للأسفل فوجدت عبارة من أحد الأفلام الكرتونية

" أقولك على سر ؟! أنا اللي قتلت موفاسا"

أسفل تلك العبارة كانت صورة ذلك المشهد في نهاية الحائط التفتت بعينيها فوجدت شاشة كبيرة الحجم و الحائط خلفها عليه صورة أحد الأفلام الكرتونية و هي صورة فيلم الجميلة والوحش و سقف الغرفة يتدلى منه صور الافلام الكرتونية مختلفة الحجم و النوع بأشكال افلامها المحببة

و على أريكة الغرفة المواجهة للتلفاز الكبير وجدت ثيابًا موضوعة اقتربت من الأريكة فوجدت عليها ملابس شتوية سويت شيرت ازواجًا مع بعضهما جلست على ركبتيها فوجدت النموذج الأول باللون الاسود و على القطعة الخاصة بها صورة الأميرة ياسمين و على القطعة الخاصة به صورة علاء الدين و عند وضع القطعتين بجوار بعضهما يبديان و كأن كلا منهما ينظر للآخر

أمسكت النموذج الثاني فوجدته باللون البني الفاتح و على قطعتها صورة الأميرة و على قطعته صورة الوحش

امسكت النموذج الثالث فوجدته باللون الزيتي القاتم و عليه صورة مارد وشوشني و قطعتها عليها ( شعنونتي وأسفل صورته جملة :

" ابعد إيدك عن شعنونتي"

ابتلعت ريقها هي بتوتر و هي لا تصدق أن ما تراه حقيقةً أمام عينيها، أمسكت القطعة ما قبل الأخيرة فوجدت عليها صورة ربانزل) و قطعته صورة يوجين) ابتسمت هي بسعادة بالغة، ثم أمسكت القطعة الأخيرة لتجد عليها صورة شلبي سولفان و القطعة الخاصة بها عليها صورة )بو

كانت الصور الكرتونية توجد عند موضع القلب بحجم صغير لم يكن كبيرًا واسفله العبارة المقترنة به، نزلت العبرات من عينيها فورًا حتى شعرت به يجلس بجوارها و هو يقول بصوته الرخيم

" أنا عارف إن الأوضة دي تعبتك نفسيا و لاحظت إنك بقيتي تخافي تدخليها ، بس أنا بكره الخوف وبكره إنك تخافي، الخوف الوحيد اللي بحبه هو خوفي عليكي أنت كان لازم اعمل أي حاجة تخليكي تحبي الأوضة دي و تبطلي تخافي من المكان اللي أنا حبيته بسببك"
حرکت رأسها نحوه و هي تطالعه بعينيها الباكيتين فرفع كفه يمسح دموعها وهو يقول:

"متعيطيش علشان أنا كنت سبب برضه في كل حاجة حصلت كنت فاكر إن البذرة اللي مغروسة بقسوة هتطلعلي في يوم زرعة حنان لسه زعلانة ؟"

أبتسمت له و هي تقول بصوت مختنق متحشرج "خالص، أنا حاسة أني هيجرالي حاجة من الفرحة و الله حاسة إنه حلم جميل أوي مش عاوزة اصحى منه عرفت منين إن كان نفسي أعمل اوضة زي دي ؟!"

رد عليها هو بنبرة هادئة :

" و الله خمنت افتكرت لما قبل كدا قولتيلي إنك عاوزة تعملي عالم يكون كله افلام كرتون و تكون أوضة زي عالم ديزني ليكي، حاولت على قد ما أقدر و الله يا رب تكون عجبتك "

أقتربت منه تمسك يده و هي تقول بلهفة مؤكدة:

" عجبتني أوي يا حسن والسويت شيرتات كلهم أحلى من بعض، ينفع أجرب منهم دلوقتي ؟!"

حرك رأسه موافقًا فسحبت هي قطعة على الفور ثم اعطته الأخرى و هي تقول بحماس يلا و أنت كمان تعالى و البس زيي"

حرك رأسه موافقا و هو يبتسم لها حينما رأی حماسها و بعد مرور دقائق كان هو في الغرفة يرتدي القطعة التي وجد عليها صورة الوحش و أتت هي له و هي ترتدي القطعة الخاصة بصورة الأميرة، ابتسم هو ثم مد يده لها حتى تعانق يده، امتثلت هي لما يريده، حينها أمسك ريموت الشاشة يقوم بتشغيل اغنية أحد تلك الأفلام و خاصة التي طبعت صورتها على ثيابهما:

" من عمر الأيام.... حدوتة في قلبي.... حتى مش أصحاب .... و لأهون أسباب تلقى دمعتي... فيه تغيير بسيط .... لو قاسي متلمحش الاتنين خايفين.... مش مصدقين جميلتنا و الوحش"

أدارها في يده كعادتهما حينما يرقصا سويا و هي تطالعه بسهام عينيها و هو الأخر يبتسم لها حتى بدأت الكلمات من جدید هي كدا يا بلاش.... قصة الاندهاش.... نفس حكاية الخوف والقلب الملهوف .... من الحلم ميصحاش..... من عمر الأيام..... لحن في قلب القلب .... القلب اللي مال للسحر الحلال.... من العيون يتصاب.... زي طلوع الشمس .... ازاي متطلعش حدوتة يا سلام من عمر الأيام عن جميلة و وحش.... حدوتة يا سلام من عمر الأيام عن جميلة و الوحش"

دارت هي حول نفسها حينما قام هو بذلك و هي تضحك بملء شدقيها بسعادة بالغة أثلجت نيران روحه التي احترقت منذ أيام خوفًا عليها كلما طال صمتها و ظهر خوفها وأتضح شرودها، توقفا عن الحركة حينما استقرت بين ذراعيه فسألها هو بنبرة هامسة :

"لسه خايفة !!"

حرکت رأسها نفيًا وعينيها متعلقة بخاصته، فقال هو بنفس الطريقة :

عرفت افرحك يا هدير ؟! عرفت أكسب المكسب الوحيد اللي في حياتي و لا سيبته يضيع مني ؟!"

ردت عليه هي بلهفة تنفي حديثه و تفكيره "لأ و الله عرفت و أكثر بكتير، أنت زي اللي دخل حرب و حارب فيها بأخر نفس فيه، رغم إنها كانت حرب صعبة و مكسبها مش بالساهل"

قربها منه أكثر و هو يقول بنبرة هامسة متأملا عمق عينيها الصافية :

" يمكن الحرب علشانك مكانتش بالساهل، بس أنت عيونك حلوة وتستاهل"

ابتسمت هي بسعادة بالغة ثم قالت بنبرة ضاحكة

طب احضني يا حسن

ضحك هو رغما عنه على جملتها المعتادة التي داومت هي عليها منذ أن تقربا من بعضهما و اصبحا عاشقان و فورا احتضنها يحتويها بين ذراعيه و هو يتمنى أن كليهما ينسى ألامه و ما عايشه و خاصةً هو بعدما مزقت أخته كل روابط الوصال بينهما فحولت الدم بينهما إلى ماء معكرة تخلو من صفوها.

جلست «إيمان» في غرفتها بتوتر و هي تفكر كيف تخبره بهذا الخبر ؟! كيف تخبره أنها تأكدت من أمر حملها، هذا الخبر الذي لم يعرفه غيرها، حتى وصلتها نتيجة التحاليل عبر تطبيق "الواتساب " منذ عدة ساعات و نظرا لانشغالها باحتفال العيد الميلاد لم تلاحظ الرسالة بهاتفها بعد، رفعت كفها تضعه على فمها ثم قامت بفتح الهاتف تطلب رقم زوجة أخيها حتى اجابتها بخوف و هي تقول:

استر يا رب خير على نص الليل هيبتي إيه يا إيمان"

ردت عليها بتوتر

"ريهام !! أنا حامل و مش عارفة اعمل إيه و لا أعرف مين الحقيني"

شهقت «ريهام» بقوة ثم قالت بفرحة كبرى "الله أكبر، أخواتي الاتنين مع بعض !! ما شاء الله، ألف مليون مبروك يا إيمان

 ردت عليها بصوت مختنق

" الله يبارك فيكي يا ريهام، بس أنا مش عارفة أعمل إيه، أنا كنت بتريق على سارة علشان كانت عاوزة تقول لعامر أنا مش عارفة أعمل إيه دلوقتي، أروح أقوله طيب ؟! و لا استنی ؟!"

ردت عليها «ريهام» بنبرة متسرعة

"لأ استني بكرة الجمعة و هما إجازة، احنا نخليها مفاجأة أحسن و منعرفش ياسر أو خالد و كمان ياسين رجع، يعني فرحتهم هتكون كملت خلي بالك بس من نفسك و ريحي نفسك بقى علشان مرات ابني اللي في بطنك إن شاء الله ناوية أخد من كل واحدة فيكم بنوتة، أنا و ابني طيبين مش بنزعل حد، أمرنا لله بقى"

ضحكت «إيمان» بسعادة بالغة و هي ترد عليها تمازحها بقولها :

" لو طلعوا شبه ياسر أنا هاخد المهر بالدولار إن شاء الله"

ردت عليها «ريهام» بنبرة ضاحكة

" أيوا كدا شغلي مخك الحال واقع على الكل، ربنا يكمل فرحتك على خير إن شاء الله و يسعدكم يا رب"

جلست عبلة على الأريكة بإحباط بعد رحيل «خديجة » حتى وجدته يجلس بجوارها بعدما تحمم و بدل ثيابه ثم سألها بتعجب من ضيق ملامحها :

مالك يا ست ؟! حد زعلك ؟! اليوم كان حلو و كلنا مبسوطين"

ردت عليه هي بحزن

"خديجة مشيت ليه يا وليد ؟! أنا كنت عاملة حسابي نيجي نكمل الاحتفال هنا، اتفاجأت إن ياسين جه و هي هتمشي
رد عليها هو بتهكم

"ماهو أنا لو غايب عن مراتي شهر و نص و لما أرجع اعملها كل دا و افرحها في الأخر تسيبني وتروح تبات عند اخوها دا أنا أرمي عليها يمين الطلاق "

ضحكت رغما عنها و هي تقول:

طب و الكيكة اللي أنا عملتها علشانها !! أنا فرحت أوي إنها طلعت مظبوطة و قولت نسهر سوا و معانا هدير

رد عليها هو بنبرة هادئة

" هدير راحت مع حسن علشان يحاول يلحقها قبل ما تتعب أكثر من كدا، هدير بدأت تكتئب وخصوصًا بعد أخته و

اللي عملته فيهم و خديجة كدا حياتها كلها رجعت ليها هنا رجوع ياسين يعني رجوع الروح لخديجة و بعدين مزعلة نفسك ليه ؟! اهتمي بجوزك وشوفيه زي ما كنتي هتهتمي بيهم كدا"

ردت عليه هي بنبرة ضاحكة

"طب عيوني ليك تعالى بقى معايا نحضر الحاجة و نسهر سوا بما إنك بكرة أجازة ؟! ها موافق "

قلب عينيه و كأنه يفكر في حديثها ثم وقف يمسك يدها و هو يقول بحماس

"يلا يا سوبيا"

وقفت معه تمسك بيده ثم دلفا سويًا للمطبخ، حيث تقوم هي بإخراج الكعك وتضعه بالأطباق و هو يقوم بعمل الشاي لهما سويًا ثم خرجا معًا مرةً أخرى يجلسان سويا أمام التلفاز فتحدث هو بنبرة هادئة :

"شوفي بقى عاوزة إيه تاني و أنا معاكي فيه، تتكلمي تتفرجي، تلعبي، تحضنيني تبوسيني و الله ما هزعلك"

ردت عليه هي بسخرية :

"كدا مش هتزعلني أنا !!! أنت كدا بتظبط نفسك يا ندل"

حرك كتفيه ببساطة و هو يقول:

"براحتك، خلاص أدخل أنام بقى، و بعدين البيت فضي علينا و أنا كنت محترم نفسي و خديجة هنا"

لوت فمها بتهكم يمنة ويسرى ثم قالت برضوخ ساخر:

"آه طبعًا على يدي، بإمارة إنها كل شوية تشوفنا مع بعض و أنت تقولها حجج هطلة زيك، مخلي شكلنا زفت"

رد عليها هو ببساطة :

"أنا ابن أصول بقدر الجمال، و أنت جمالك اللهم صل على النبي جايبني على جدور رقبتي"

اقتربت منه هي تلك المرة تنام بين ذراعيه فقام هو برفع

الغطاء عليها ثم قال بنبرة ضاحكة :

طب و الشاي ؟! و الكيكة ؟!"

ردت عليه هي بهدوء

دقيقة بس و هقوم حاضر و بعدين مش كنت عاوز تتحضن ؟! اتهد بقى شوية و شوف فيلم حلو زيك كدا

رد عليها هو بسخرية :

" ما شاء لقطتي من طول لساني بسرعة، ليهم حق يخافوا عليكي مني"

ردت عليه هي بثبات

" قصدك هما مطمنوش عليا غير معاك أنت الحكاية دي

من أولها مكانش ينفع يكون فيها حد غيرك و عبلة الرشيد
مالهاش غير وليد
أبتسم لها ثم لف ذراعيه عليها و هو يقول بسخرية :

" لأ دي بقت نسخة طبق الأصل كدا أنت و خلود، ربنا يزيد و يبارك إن شاء الله"

جلس «يوسف» على الصخرة بعدما امتع حقائبه و جهز نفسه للرحيل بعدما أرسلت الشركة لهم الحافلة الخاصة بنقلهم إلى القاهرة مرةً أخرى، جلس ينفث هواء السيجارة كعادته ثم أخرجه من رئتيه و بعد مرور دقائق اقترب منه أحد العمال و هو يقول:

" يلا يا بشمهندس يوسف خلصنا والاوتوبيس مستنيك علشان يتحرك "

حرك رأسه موافقًا ثم رمى السيجارة من يده و توجه نحو الحافلة يركب بجوار السائق ثم فتح شاشة هاتفه على صورة أحد الرجال و هو يقول محدثا نفسه:

" يا رب تبقى عایش و مبسوط یا هشام علشان أعرف أنكد عليك أنا بمزاج، هاخد منك حقي و حق ياسين، بس الصبر"

أغلق شاشة الهاتف و هو ينظر أمامه ممنيا نفسه بالحصول على تلك الفرصة في الانتقام من الشخص الذي تسبب في دمار مستقبله و ضياع حلمه بعدما كان على قمة الجبل حتى وجد نفسه ينزلق نحو منحدر البداية و كأنها إشارة للبدء من جديد أو السقوط في بئر الضياع و الفشل


تعليقات



×