رواية جبران العشق الفصل الخامس والستون 65 بقلم دينا جمال


 رواية جبران العشق الفصل الخامس والستون 

الثامنة صباحا أصوات الباعة الجائلين عادت من جديد أصوات اشتاقت إليها لم تعرف أنها تحبها لتلك الدرجة إلا حين حُرمت منها مجبرة فتحت عينيها قليلا تنظر له وهو ينام في سكينة جوارها رأسها على ذراعه يده الآخرى تحاوط خصرها تنهدت تبتسم رفعت يدها تتلمس شعيرات ذقنه النامية طبعت قبلة صغيرة على طرف ذقنه تهمس :
- أنا بحبك يا جبران ،  حقيقي أنا ما عرفتش أنا بحبك قد إيه غير لما بعدني عنك كنت واثقة أنك هتلاقيني يا معلم جبران يا سواح
ابتسم ثغره يفتح عينيه نظر لوجهها يهيم عشقا بلمعة عينيها التي كادت تنير مقلتيها دنى برأسه يلثم جبينها بقبلة عميقه يغمغم بصوت أجش :
-وأنا بعشقك يا وتر قلب السواح 
انتصفت تفرك عينيها نزلت من الفراش تتجه صوب المرحاض تتذكر أنها تركت حقيبة إسعافات صغيرة هنا ، ابتسمت حين رأتها حملتها تعود إليه لتراه يستند إلى عارضة الفراش يدس سيجارة بين شفتيه زمت شفتيها تقترب منه نزعت السيجارة من ثغره تلقيها أرضا تدهسها بخفها المنزلي بغيظ ليضحك بخفة على ما تفعل ، تحركت يديها إلى قميصه تفتح ازراره ليرفع حاجبه الأيسر يغمغم مبتسما:
-على الصبح كدة بس اشطة 
قلبت عينيها ساخرة تزيح قميص اقتربت تنزع الشاش عن جروح كتفه وذراعه وكف يده ، تُمسك بقطعة قطن مبللة بالمعقم تنظف جراحه من جديد ليبتسم هو يزيح خصلة قصيرة خلف أذنها يعبث في خصلات شعرها بخفة بينما هي تركز انتباهها إلى ما تفعل سمعت صوته الدافئ يهمس لها:
-أنا عارف أنتِ بتعملي ايه ، وتر أنا حافظك أكتر من نفسك ، على فكرة دكتور الإسعاف لسه مغير على الجرح من قريب ، عيطي يا وتر أنا عارف إن اللي شوفتيه مش شوية ، ما تداريش وجعك عني أبدا 

ارتعش كف يدها الممسك بالرباط لتحرك رأسها بالنفي بعنف لن تبكي ؛ لن تبكي على حياتها التي قضتها وهي بين أحضان شيطان ،لن تبكي على صورها والدها التي طالما احتفظت بها في أعلى مكان في قلبها وهشمها هو بيده ، لن تبكي حين تتذكر أن والدها هو من أراد أن يكسر شوكتها وأرسل ذلك المختل ليغتصبها ، لن تبكي حين يمر أمام عينيها ما رأته في بيته حتى ترن في أذنيها كلماته السامة وهو يخبرها أنه يود التضحية بها لأجل مريض لعين في عقله ، لن تبكي أبدا 
تساقطت دموعها رغما عنها أحمر وجهها لتشهق عاليا تصرخ بلا صوت تبتعد عن الفراش تهرع إلى المرحاض لينتفض جبران من مكانه يركض خلفها جذبها إليه قبل أن تدخل يبسط كفيه على ظهرها شهقت بعنف تصرخ بحرقة مرة بعد أخرى تحاول أن تُخفي صوتها بين أحضانه علا صوت بكائها ينتفض جسدها وكأنه يُصعق تحركت أحدى يديه يمسح على شعرها يربت على ظهرها يهمس لها بالكثير يحاول تهدئتها إلى أن خف بكائها قليلا فقط ليطبع قبلة طويلة أعلى حين بدأت تتحدث من بين شهقاتها المتتالية :
-أنا مش مصدقة ، مش مصدقة أنه بالشر والارف دا كله ، كان كل حاجة في حياتي ، طلع هو اللي دمر حياتي ، شوفته بعيني وهو بيعمل حاجات وحشة أوي ، كان عايز يدبحني عشان يرضي جنونه أنا بكرهه ، بكرهه أوي ، أنا مش قادرة اصدق أن دا بابا ، دا أكيد واحد تاني ، أكيد واحد تاني ، دا مسك دماغي وفضل يخبط فيها ، بابا اللي كان بيجري عليا مرعوب لو بس انعورت ، أنا حاسة أن أنا في كابوس يا جبران 

كادت أن تتداعى وتسقط أرضا ليطوقها بذراعيه يتحرك بها إلى الفراش جلسا هناك وهي لا تزال بين ذراعيه تبكي ليتجمد فجاءة حين سمعها تهمس بحرقة:
-ما تتخلاش عني أبدا يا جبران ، أوعي تجرحني أنا ما بقاش ليا غيرك أنت وماما في الدنيا 
هنا أبعدها عن أحضانه يتحرك إبهاميه على صفحة وجهها يزيل دموعها رفع ذقنها قليلا ينظر لمقلتيها لتلتحم بعينيه يهمس أمامهم :
- أنا عندي أتخلى عن روحي ولا اتخلى عنك يا وتر قلب السواح ، أنا دايما هنا في ضهرك هتلاقي أيدي تتسندي عليها عشان توصلي وتنجحي ، هتلاقي حضني ترتمي فيه كل لحظة أنا ملكك يا بنت الذوات ، يا أحلى بنت ذوات شافتها عينيا 

تبسم ثغرها تومأ له يدق قلبها فرحا اعتدل جالسا طوى ساقيه أمامه ليردف :
- نيجي بقى للمستقبل مش هنقعد نعيط كتير ، أنا ما ببكيش علي اللبن المسكوب عشان اصلا ما بحبش اللبن ، المهم أنا قررت أشترى محل وافتحه محل موبليا والورشة دي ازود العمال فيها لحد ما ربنا يكرم واجيب ورشة تانية ، وأنتِ لازم ترجعي كليتك بقى وتعملي ماجستير ودكتوراة عيزاك تبقي أعظم دكتورة نفسية في مصر 
_________________
نظر حوله يدير حدقتيه في أرجاء تلك الغرفة الفارغة لا شئ فيها سوى طاولة فارغة ومقعدين يجلس هو على أحدهم منذ الأمس وهو هنا ولم يدخل إليه أحد ، ابتسم ساخرا يطرق بأصابعه على سطح الطاولة الجميع خانه ابنته العزيزة لم تضحِ بحياتها لأجل والدها؟! ، عشيرته المساعدة لم يعودوا يستمعوا إليه نبذوه نهائيا والآن ها هو هنا بين قبضة الشرطة ، فُتح الباب ليدخل زياد إليه دفع الباب يغلقه ليتقدم صوبه جلس على المقعد أمامه يغمغم ساخرا :
- منورنا والله يا سفيان باشا ، ايه يا راجل دوختنا وراك مش ممكن إبليس بذات نفسه إيه الدماغ القذرة دي 
ومن جديد ابتسم سفيان يحرك شفتيه يسبه بصوت خفيض لتتعالى ضحكات زياد يتهكم منه :
-ايه بتحضر عفاريتك ، ما تحاولش العفاريت ما بتدخلش الداخلية ، بس تعرف يا سيفو أنك أنت اللي هتلف حبل المشنقة حولين رقبتك ، يعني أخوك التؤام أعترف على كل جرايمك بالأدلة ، لما كنت فاكر أنك هتلبسه هو وتهرب أنت ، وأديك في الآخر أنت اللي وقعت يا سيفو ، استنى تعالا نقرا جزء بسيط من جرايمك اللي أخوك سلمهالنا 

خرج زياد لبضع دقائق عاد يمسك في يده ملف أسود عاد لمقعده يوجه انظاره للملف يغمغم :
- واحد تجارة المواد المخدرة في مصر و12 دولة عربي ، اتنين تجارة أعضاء بتتم في المستشفى الدولي بتاعتك وقبضنا على فريق المستشفى كله ، تلاتة من أكبر موردي البنات لبيوت الدعارة والكبريهات ، دا أنت طلعت قرني بقى ، أربعة تهريب آثار وتجارة سلاح 
وبدأ يحصي الكثير من الجرائم المخيفة رفع زياد وجهه عن الملف ينظر لسفيان الذي يبتسم مغترا بما اقترفته يداه ليردف زياد:
- وأخيرا ممارسة أعمال النصب والدجل كوليشكن قضايا يتحكم عليك بيه بالإعدام تسع مرات أصل شيطان زيك مش هيموت من مرة واحدة 
قام زياد من مكانه ليجذب سفيان يوقفه أمامه ينظر له يردف ساخرا:
-عندك أي حاجة تدافع بيها عن نفسك أو تبدي ندمك العظيم

توسعت ابتسامة سفيان يحرك رأسه للجانبين تنهد يهمس ممتعضا :
-ندمي الوحيد إني ما لحقتش أعمل أكتر من كدة ، كان لسه عندي خطط كتير ، بس اللعبة خلصت بدري أوي أنا مش ندمان على ولا جريمة عملتها ، أنا عملت أكتر من الي مكتوب قدامك بكتير ، أقرب حاجة حياة بنت خالتك

احتدت حدقتي زياد غضبا ليقبض على تلابيب ثياب سفيان يقربه منه يصرخ فيه :
-عملت ايه لحياة انطق 
ضحك سفيان عاليا يحرك رأسه موافقا اقترب من أذن زياد يهسهس كالأفعي جوار أذنه :
-قول ما عملتش ايه ، لما شوفتها أول مرة في النايت بتاع عمها اشترتها منه بمبلغ خرافي ،حاولت ألمسها ويبقى ليها الشرف بس هي ضربتني بالسكينة وهربت ، حلفت إني هدفعها التمن تاني ، وحركت العروسة روزا خليت واحد يضرب من رجالتي يضرب ابن واحد من الحرس وليد كان بيدربه كان عايز الطفل الصغير يبقى مكانه لما يكبر عشان وليد ما بيخلفش وفي عتمة الليل اتقابل وليد مع حياة ودخلت روزا تبث سمها أنها عايزة تنتقم منها وحياة عجبت وليد فقرر ينفذ لروزا اللي هي عايزاه وابقى بكدة حققت انتقامي وأنا بعيد عن الصورة

هاجت أنفاس زياد صرخ غاضبا كور يده يلكم سفيان بعنف والأخير يضحك وكأنه فقد يدغدغه ، اندفع أحد الضباط من الخارج يمسك بزياد يبعده عن سفيان ليصرخ زياد بعلو صوته :
 - هقتلك وربي لهدفعك التمن يا كلب 
_________________
استيقظت فلم تجد جوارها ، ربما ذهب لعمله ولكن ما تلك الضحكات التي تأتي من الغرفة الخارجية قامت من فراشها جسدها لا يزال يؤلمها من أثر الحمى ولكنه الفضول تحركت للخارج لتجد حسن يجلس جوار فتاة لا تعرفها تتعالا ضحكاتهم وهما ينظران معا لشئ ما على هاتفها ، من تلك الجميلة الملتصقة بزوجها وماذا تفعل هنا حمحمت بحدة ليرفع حسن وجهه إليها يرى وجهها العابس ابتسم قبل أن يأتي بحرف رآها تشير للجالسة جواره تغمغم بحدة :
-مين دي يا حسن وازاي قاعدة لازقة فيك كدة 

حمحم حسن مجرحا من هجومها ، وقف توجه إليها يطوق كتفيها بذراعه يتمتم مبتسما :
- حبيبتي دي ميرا ، أنا مش قولتلك إني ورثت كل أملاك كمال ، ميرا تبقى بنت أخت جميلة والدتي مرات كمال ، أنا وهي كنا أصحاب زمان هي تعتبر مديرة مكتب كمال وتعرف كل حاجة عن الشغل 
نظرت أمل لتلك الواقفة أمامها من أعلى لأسفل الفتاة مثالية بشكل يثير حفظيتها ، ابتعدت عن حسن تنظر له حانقة تغمغم محتدة :
- والشغل دا كله ضحك ، أنا صحيت من النوم على صوت ضحكوا ، لما جيت هنا لقيتها لازقة فيك وباصين لشاشة الموبايل اللي في ايدها
وتحركت تنزع الهاتف من يد ميرا نظرت لسطح الشاشة لتتسع حدقتيها تضع يدها الأخرى على فمها تنظر لصورة حسن وهو يحتضنها والاخيرة تقبل خده ، ألقت أرضا عليها تنساب دموعها بحرقة لتركض للداخل توصد باب الغرفة عليها ، ليزفر حسن حانقا يمرر يده في خصلات شعره لتقترب ميرا منه وضعت يدها على كتفه تهمس له مغتاظة :
- أنت شخص مستفز ، ما قولتلهاش ليه أننا أخوات في الرضاعة 

التف يكتف ذراعيه أمام صدره يغمغم حانقا :
- هي ما ادتنيش فرصة أكمل وبعدين هي ما بتثقش فيا خليها تشرب بقى 

هنا صاحت ميرا غاضبة تصدمه على صدره بغيظ :
- أنت بني آدم رخم ، الله يكون في عونها أنها مستحملاك اصلا ، أنا هدخل أقولها الحقيقة وأننا أخوات في الرضاعة
سمع كلاهما صوت شهقة من عند الممر من الداخل لم تعرف كيف لم تلاحظ ميرا وجود أمل ربما لانها كانت تستمع اليهم عند الباب من الداخل أما حسن فالتفت لها ابتسم ساخرا حين رآها تحمل حقيبة ملابسها بعد أن بدلت ثيابها ، كادت أن تعود ادارجها للداخل حين هتف حسن بحدة:
- استني يا أمل ، لتاني مرة تحكمي وتقرري من غير حتى ما تفكري تسأليني ، اسبقيني بشنطة هدومك في العربية عشان هوصلك عند والدتك 

أرادت أن تعتذر منه ولكنها خافت أن يُحرجها أمام شقيقته فأومئت بالصمت وتحركت ، فتحت باب المنزل لتتلاقى عينيها بعينيه فما كان منه إلا أنه نظر بعيدا ، لتهبط لأسفل تمسح دموعها الخائنة سريعا 

أما عنده هو ، وقفت ميرا أمامه تعقد ذراعيها أمامها تضيق عينيها تنظر له تحاول أن تثبر أغوار عقله الصلب لتردف محتدة :
- اقسملك أن إنت اللي عامل الفيلم دا ، اتصلت بيا اجي واتعمدت تضحك بصوت عالي وتقف عند الصورة دي تحديدا وتكبرها عشان أمل تيجي وتشوف وتتلكك أنت وتوديها عند مامتها ، عيب دا أنت أخويا وحفظاك صم ، عملت كدة ليه بقى 

زفر حسن أنفاسه يمسح وجهه بكف يده يغمغم :
-أنا عندي مأمورية صعبة جدا هتبدأ النهاردة بليل أنا ممكن ما ارجعش منها حي ، عشان كدة كنت عاوز ابعدها وهي زعلانة مني بأي شكل ، بس وصيتي ليكِ يا ميرا لو جرالي حاجة خلي بالك منها ! أنا قسمت أملاك كمال بينك وبينها في وصية عشان ما يحصلش أي مشكلة في الفلوس بعد موتي ، أوعي تنسي يا ميرا خلي بالك ، أنا بحبها أوي !
______________
في الريف تحديدا في منزل السيد طاهر جلست روزا أمام فاطمة تطعمها بيدها تغمغم :
- كلي يا ماما عشان تاخدي الدوا بدل ما اقول للحج طاهر ويزعل منك
ضحكت فاطمة ضحكة صغيرة واهنة تربت على يد روزا بحنو تهمس لها :
- ربنا يسعدك يا بنتي ويفرح قلبك

ارتعشت ابتسامتها ارتجف كفها قليلا سعادة هل يمكن حقا أن تحصل على السعادة في يوم يكفيها ويزيد السعادة التي هي فيها الآن لا أحد سيتقبل بأن يتزوج من فتاة مثلها أبدا ، أجفلت من شرودها على صوت عمر يحمحم متضايقا :
- الدكتور اللزج اللي اسمه شهاب دا برة عايز يشوفك يا مرات عمي 
قامت روزا تزيح صينية الطعام تضعها جانبا لتومأ له بأن يدخله ليغلث عمر الباب في وجه شهاب الواقق خارجا تقدم صوبها يعض على شفتيه غاضبا أمسك حجاب رأسها الملقى على كتفيها يضعه على شعرها يغمغم محتدا :
- غطي شعرك 
حمحمت مرتبكة تعود خطوتين للخلف تومأ له دون أن تنظر لوجهه فتح عمر الباب ليدخل شهاب الذي علت شفتيه ابتسامة كبيرة ما أن وقعت عينيه على روزا اقترب منها يود مصافحتها يغمغم سعيدا :
- آنسة جميلة أزيك عاملة إيه
مدت يدها تود مصافحته ليجذبه عمر للخلف يقف فاصلا بينهما يصيح فيه محتدة :
-أنت جاي تكشف ولا جاي تلطف ، جميلة ما بتسلمش على حد ، ويلا اتفضل يا تشوف شغلك يا تمشي

حمحم شهاب مرتبكا يومأ برأسه توجه ناحية فاطمة يفحصها إلى أن أنتهى ليدخل طاهر في تلك اللحظة يسأل الطبيب قلقا :
- طمني على حالها يا دكتور
ابتسم شهاب يلملم أشيائه يغمغم يطمئنه:
-بقت زي الفل الحمد لله تكمل بس العلاج وكله هيبقى تمام ، حج طاهر أنا عايزك في موضوع برة إذا سمحت 
______________
وقفت سيارته في الحي أسفل منزل والدتها طوال الطريق وهو لم ينبس بحرف واحد حين حاولت الإعتذار منه صدها بطريقة مهينة يغمغم بجفاء :
- لا يا أمل ، خلصت معايا لحد كدة
فما إن وقفت السيارة جذبت حقيبتها من المقعد الخلفي تركض لأعلى حيث منزل والدتها 
تنهد حسن ينظر في أثرها متألما مسح وجهه بكف يده يحاول ألا يبكي نظر صوب ورشة جبران فلم يجده هناك ، توجه صوب منزله فلم يجده هناك أيضا ، فما كان ألا إن توجه صوب منزل فتحية دق الباب فتحت له فتحية ليسألها مرتبكا:
- أنا آسف على الازعاج يا ست فتحية بس بكلم جبران ما بيردش ومش موجود لا في بيت ولا في ورشة 

ابتسمت فتحية تفسح له الطريق تشير لباب الغرفة المقابل له :
- خش يا ابني هتلاقيه هنا خش ليه ما حدش معاه 
ابتسم حسن يشكرها يتوجه صوب الغرفة لتتوجه فتحية للمطبخ حيث تقف وتر لتبادر قائلة:
-دا حسن صاحب جبران قبل ما تسألي خديله كوباية شاي ولا عصير ووديلها 

اومأت تفرغ كوب عصير توجهت للغرفة ما أن اقتربت من الغرفة سمعت كل ما قاله حسن عن المأمورية وإبعاده لأمل متعمدا لتفتح الباب فجاءة وجهت لحسن ابتسامة صفراء كبيرة تغمغم :
-أنا سمعت كل حاجة وطبعا هروح أقول لأمل ، عشان مش من حقك تقرر حاجة وتقول أنها لصحالكوا أنتوا الإتنين من غير ما تاخد رأيها ، اتفضل العصير 
وضعت كوب العصير أمامه لتخرج من الغرفة نظر حسن لجبران مدهوشا ليضحك الأخير ساخرا عليه يغمغم :
- تستاهل عشان تعمل فيها عم الغامض تاني 
____________
مرت عدة أيام في الريف خرجت رسل من منزل نجلاء تقف خارجا تنظر للحقل أمامها تتنفس بعمق تحاول أن تهدأ ، تمسد بيدها بخفة على بطنها علمت صباحا فقط أنها حامل !! مفاجأة لم تكن تحسب لها حساب خاصة في وضعها المزري هذه الأيام، اشتاقت لبيجاد في كل لحظة ابتعدت فيها عنه اشتاقت لكل شئ ابتسامته عناقه ضحكاته مزحاته السخيفة حتى غزله الجرئ اشتاقت له ، عاشت سنوات في الظلام حين خرجت منه للنور أدركت أن الظلام كان آمن بكثير من تلك المصابيح المخيفة التي تكشف حقائق تمنت الا تعرفها أبدا ، تنهدت بعمق تسمح دموعها حين شعرت بيد تربت على كتفها نظرت جوارها لتجد تلك الفتاة شقيقته لا تتذكر ما كان اسمها ولكنها تقف جوارها تبتسم تهمس تعاتبها :
- أنتِ سيبتي بيجاد وجيتي هنا ليه ، بيجاد بيحبك أوي 

ابتعدت رُسل خطوتين للخلف تنظر لها قلقة ابتلعت لعابها تحادثها بحدة :
-أنتِ مالك ومالي أنا وبيجاد خلاص اتطلقنا 

رفعت حاجبيها لا تصدق طبعا كذبتها الخرقاء لاحظت أنها تضع يدها على بطنها وكأنها تحميها منها لتبتسم تردف بمكر :
- وبيجاد بقى عارف أنك حامل ؟

شهقت رُسل تضع يدها على فمها تعود للخلف من جديد تاركة بينهما مسافة كبيرة لتصرخ فيها :
- وأنتِ مالك ابعدي عني أنتِ مالكيش دعوة بيا 
وتركتها تركض للداخل لتبتسم روزا يائسة ، رُسل الحساسة مرهفة المشاعر تعرفها منذ أن كانت تجمع معلومات عن الجميع بالطبع ستخبر شقيقها أنها هنا ، عادت للداخل لتجد طاهر ومعه شهاب وعمر يقف عند باب الغرفة يستند إلى إطاره يكاد يتميز غيظا ، ابتسم طاهر لها يدعوها إليه :
-تعالي يا جميلة ، دكتور عمر طالب أيدك قولتي ايه
هنا علق عمر ساخرا :
- أصله فاكر نفسه في مسلسل هندي وحبك من أول نظرة ولا من النظرة التانية 

في حين أصفر وجه روزا تحرك رأسها للجانبين مرة بعد أخرى تقرقت الدموع في مقلتيها تهمس بهلع :
- لاء مش هينفع أنا ما انفعش للجواز ، أنا لاء أنت تستحق أحسن ، أنا ما انفعش  

قطب شهاب جبينه متعجبا مما تقول أما عمر فنظر لها مشفقا حزينا تبا لعلقه الرافض السماح لها ، لن يقدر على إدخلها حياته ليحاول إذا إدخالها حياة آخر تنهد يوجه حديثه لعمر :
- جميلة للأسف ضحية جواز القاصرات أبوها رغم أنه كان رجل أعمال كبير إلا أنه جوزها في سن صغير بعقد عرفي لواحد صاحبه متجوز بينهم شغل ، مرات الراجل عرفت وخليته قطع العقد وطلقها وكدا ما فيش حتى إثبات أنها اتجوزت لأن العقد كان لسه ما اتوثقش فهمت 

همهم شهاب متفهما ينظر لها مشفقا أما هي فكانت تنظر لعمر مدهوشة مما قال ، اقترب شهاب منها وقف على بعد خطوة منها يغمغم مبتسما :
- دا كان في الماضي يا جميلة وبعدين أنتِ ضحية وأنا ما أقدرش الومك ولسه متمسك بيكِ وعايز اتجوزك قولتي إيه 

نظرت إليه لتغرق الدموع وجهها بالكاد ارتعشت ابتسامة على ثغرها تهمس بصوت يرتجف :
- اديني وقت أفكر 
وتحركت تركض من الغرفة للداخل تحت نظرات عمر الحزينة !!
_____________
كيف مر الأسبوعين لا أحد يعلم الكثير تغير سنعلم ما حدث لاحقا أما الآن في قاعة المحكمة الكبيرة المكان مكتظ بالناس وتر تجلس جوار جبران تقبض على يده متوترة وهو يحاول تهدئتها ، بيجاد يجلس إلى جوارهم وجواره زياد الأصوات علت حين بدأ يدخل المتهمين إلى القفص رأت وتر والدها ينظر لها يبتسم ساخرا لتشيح بوجهها عنه تغمض عينيها تحاول أن تهدأ 
ما إن دلف سفيان إلى القفص فتح ذراعيه على اتساعهما يغمغم ضاحكا :
-أهلا بزمايل الشر وصحبة الاجرام وحشتوني والله ولاد الذين حطوني في زنزانة مصفحة عشان حاولت أهرب 3 مرات بس
تناقلت أنظار الجميع اليه ليهب مجدي من مكانه اقترب منه يقبض على عنقه يصرخ فيه :
- بقى أنت المايسترو اللي كنت بتلعب بالكل أنت يا كلب اللي كنت بتعمل كل دا ، بتحركنا كلنا عرايس في ايديك 
ابتسم سفيان باتساع يومأ برأسه بالإيجاب يغمغم ساخرا:
-ايه دا مين اللي قالك أكيد الظابط الفتان ، بس ايه رأيك دماغ عمرك ما تقدر توصل لربعها حتى 
تدخل أحد الحراس سريعا يبُعد مجدي عن سفيان ، في حين كان وليد ينظر لهم في سخرية عينيه تبحث في كل مكان عنها يحاول أن يجدها إلى أن رآها أخيرا تدخل من الباب تُمسك في يد رجل يقف جوارها التقت عينيها بعينيه ليراها تنظر له بكره ونفور وحقد ليبتسم ساخرا لم تعد تخافه يبدو أن الكثير تغير في غيابه ، رآها تترك يد الرجل اقتربت من المقاعد تتركها توجهت إليه وقفت أمامه هو بالداخل وهي بالخارج والفاصل بينهما حديد القفص ابتسمت في قوة وكل ذرة بها ترتعد خوفا تحاول ألا يظهر لتغمغم تحادثه بتشفٍ :
-مش قولتلك ، قولتلك أن الشياطين مكانهم النار ، أدي أخرتك في قفص مستني الحكم عليك بالإعدام ، أما أنا فبدأت حياة جديدة ، رجعت اعيش اسمي تاني بعد ما كنت موت كل حاجة فيا ، كنت فاكر ان أنا في يوم هحبك ، عشان بتجبلي هدايا وخلاص أنا نويت اعاملك كويس ، هنسى العذاب اللي شوفته على أيدك دا أنا أخلع قلبي وادوسه بجزمتي لو مال لواحد زيك ، مع السلامة يا وليد هنا النهاية ومستحيل هيبقى في بينا لقاء تاني

والتفتت تتنفس بعنف قلبها يقرع على وشك أن يقف من الخوف لا تصدق أنها قالت تلك الكلمات أمام وجهه توجهت إلى حيث يجلس جبران ومعه وتر لتجلس جوارهم ، توقفت الأصوات حين دخل القاضي ومعه المستشارين إلى القاعة ليصيح حاجب المحكمة عاليا :
- محكمة !!
وقف الحضور ليعاودا الجلوس من جديد من جديد في حين فتح القاضي الأوراق أمامه ي
حمحم يغمغم :
- بعد الإطلاع على الأدلة وشهادات الشهود والمستندات الموثقة حكمت المحكمة حضوريا على المتهم طارق مجدي التهامي بالسجن خمسة عشر عاما والحكم على وليد مجدي التهامي ب ......
تعليقات



×