رواية جبران العشق الفصل الرابع والستون 64 بقلم دينا جمال


 رواية جبران العشق الفصل الرابع والستون 

نظر لها قلقا ليبسط راحته على جبينها يتحسس درجة حرارتها يتنهد بارتياح أخيرا انخفضت درجة حرارتها بعد معاناة ، تحرك من مكانه خرج من الغرفة ، مرت عدة دقائق قبل أن تستيقظ ، فتحت عينيها تشعر بأن جسدها بالكامل يؤلمها حلقها جاف ، الصداع يطرق رأسها بالكاد جلست ترتمي بظهرها إلى الوسائد
تبحث عنه لتراه يدخل من باب الغرفة ابتسم ما أن رآها مستيقظة اقترب يحمل صينية طعام وضعها جانبا ليدنو منها يغمغم :
- حمد لله على سلامتك ، وقعتي قلبي إمبارح
ماذا حدث بالأمس ولما هي لا تتذكر نظرت لها مستفهمة وكأنها تسأله عما حدث ليتنهد بعنف طوى ساقيه أمامه يغمغم :
- امبارح صحيت فجاءة على حركة غريبة لقيتك عمالة تترعشي وتخترفي ، حرارتك كانت في السما ، كنتي عمالة تفتحي عينيكِ وترجعي تتوهي تاني ، جبتلك دكتورة قالت إن عندك حمى شديدة واديتك علاج وركبتلك محلول لأنك كنتي غايبة عن الدنيا تماما ، الحمد لله إنك فوقتي ، حاسة بإيه
- جسمي بيوجعني وعندي صداع رهيب
همست بها متألمة ليمد يده يخللها في خصلات شعرها برفق يهمس له:
-معلش دا من أثر الحمى ، يلا لازم تاكلي عشان تاخدي العلاج
اومأت له بوهن شديد ليلف ذراعه حول ظهرها رفعها قليلا يسند ظهرها على صدره قرب صينية الطعام منه ملئ المعلقة بالحساء يقربها من شفتيها ، ابتلعت ما في المعلقة ، رفعت رأسها إليه حين سمعته يهمس :
-معلش الخوف بيعمل أكتر من كدة ، أنا مجرب وعارف ، اجمدي كدة عشان نروح سوا نقدم في الكلية ، التقدميات بدأت أهي
ابتسمت في وهن تومأ له لامست شفتيها طرف ذقته لتطبع قبلة ضعيفة هناك تهمس له متعبة :
-أنا بحبك أوي يا حسن ، شكرا لكل حاجة عملتها عشاني
قبل قمة رأسها يقرب المعلقة من فمها من جديد يردف:
- أنا لسه ما عملتش حاجة يا أمل ورحمة أمي لهوريه النجوم في عز الضهر
نظرت للساعة أمامها اقتربت من الثامنة ليلا ، ها هي منذ يومين في عالم آخر متعبة بسبب انتقام أعمى من شخص مريض لفتاة لم تؤذها قط ، كيف يحكم على المجني عليه بالإعدام دفنت وجهها في صدر حسن تتلمس منه الأمان ، وقعت عينيها على علامة حرق ظهرت على جلده العارى خاف زر قميصه المفتوح ، رفعت يدها تزيح القميص لتشعر بجسده يتجمد تحت كفها وهي تتلمس ذلك الحرق القديم الذى أبى أثره أن يرحل ليذكره بما عاناه في طفولته
___________
في منزل سفيان البعيد ، في غرفة النوم وتر مسطحة على الفراش الاصفاد تمنعها من أن تهرع لجبران الملقى أرضا فاقدا للوعي يديه وقدميه مقيدتان بالحبال وقطعة قماش تلتف حول ثغره تهمس باسمه بحذر مرة بعد أخرى إلى أن رأته يفتح عينيه ينظر حوله رآها ابتسمت عينيه ينظر لها قلقا تفحصها بعينيها يوجه نظراته إلى الشاش الذي يلف رأسها ويديها يهمهم بصوت عالي وكأنه يصرخ مفزوعا يسأل عن ما بها ، لتضع سبابته على شفتيها سريعا تهمس له حذرة:
- اهدا يا جبران عشان سفيان ما يسمعناش أنا كويسة ما تقلقش دا جرح بسيط ، جبران إحنا لازم نخرج من هنا ، سفيان اتجنن دا عايز يقتلني ويقدمني قربان للجن
توسعت عيني جبران في دهشة ، يومأ لها سريعا ، أين بيجاد الآن آخر ما يتذكره أنه كان يتصراع مع هؤلاء الرجال يبعدهم عنه حين صدمهم أحدهم بشئ ثقيل على رأسه ليفقد الوعي ، في تلك اللحظات لم يكن بيجاد جواره من الأساس ، سمع كلاهما صوت همهمة عالية تأتي من ناحية الخارج زحف جبران بجسده ينظر من خرم الباب الصغير لتتسع عينيه حين رأى بيجاد في حال لا يفرق عن حاله كثيرا مقيد واقفا على أحد عمدان المنزل قطعة قماش تكمم فمه هو الآخر ، تنهد يائسا عظيم يا صديقي كنت أبحث عنك لتنقذني وها أنت تحتاج لمن ينقذك مدت وتر يدها السليمة أسفل وسادتها تُخرج قطعة من الطبق الزجاجي المكسور خبئتها في حالة لم يأتِ أحد لإنقاذها نظرت حولها من جديد قبل أن تهمس له حذرة :
- أنا هرميهالك يارب ما تتكسرش بس
رمتها صوبه بحذر ليلتقطها يستند بجسده إلى الحائط من الجيد أن القطعة حادة ولكن الحبال متينة ، استمر بجز الحبال بعنف حتى تجرحت أصابعه ، وهي تنظر له بتلهف ومن ثم تعاود النظر حولها قلقة في خضم ما يحدث دفع سفيان باب الغرفة ليخفي جبران قطعة الزجاج داخل قبضته ، ضحك سفيان ساخرا ينظر لجبران متشفيا :
- اهلا اهلا بشجيع السيما ، بسببك حصل كل دا يعني لو كنت موت من الأول مش كنا خلصنا مش تعمل عملية وتغير وشك ومقضيها ماسكات وعاملي فيها شون آرشر وشوية جبران وشوية مراد ومراد عامل جبران وجبران لابس وش مراد ايه يا ابني شوفت وصلتنا لفين ، أهي وتر هتموت بسببك وأنت هتموت وراها وبعدكوا بيجاد ورسل وزياد هخلص على الكل وأرجع حاكم السوق السودا المايسترو اللي الكل بيعمله ألف حساب وحساب ، هروح أجهز مستلزمات حفلتنا وأرجعلكوا مش هتأخر

تحرك لخارج الغرفة يجذب الباب عليهم ليعاود جبران جز الحبل سريعا الوقت ليس في صالحهم إطلاقا انتهى وقد أغرقت يديه الدماء حرر ذراعيه ليفك الحبال من قدميه سريعا ينزع تلك الرابطة حول فمه يلف بها يده الجريحة هرع صوب وتر يحاول جذب أصفاد الحديد التي تقيدها إلى الفراش وهي تحاول جذب يدها بعنف تهمس له :
- ما تكسرها يا جبران زي ما بيحصل في الأفلام
مسح وجهه بكف يده يعض شفتيه مغتاظا مما تقول التفت إليها يهمس من بين أسنانه :
- فكريني لما نروح أحذف كل قنوات الهندي ، قال اكسرها يا جبران زي الأفلام
نظر للعارضة الخشبية أمامه يبحث عن نقطة ما سريعا ، مد يده بصعوبة يفك بعض البراغي بيده بصعوبة لتميل العارضة الخشبية بأكملها أرضا أمسك بها قبل أن تصدر صوتا عنيفا ، يخرج الاصفاد من بين ثناياها نظرت وتر للسلسلة الحديد في يدها تغمغم حانقة :
- وأنا همشي بالكلبشات دي كدة الناس تقول مقفوشة آداب
- مقفوشة !! دا أنا اللي اسمي معلم في حارة ما بقولهاش
همس بها مستنكرا ما تقول لتبتسم له سعيدة ارتمت بين أحضانه تلف ذراعيها حول عنقه :
- أنا بحبك أوي يا جبران ، كنت واثقة أنك هتلاقيني
ابعدها عنه ينظر قلقا للضمادة فوق رأسها ليردف سريعا :
- نخرج بس من بيت أبوكي المجنون دا ونحب بعض برة زي ما إحنا عاوزين

تحرك إلى الشرفة سريعا مد يده يفتح الزجاج فقط جزء صغير تحسبا ، لتتسع عينيه في دهشة حين رأى رجال البلدة يلتفون حول منزل سفيان وكأنهم يحرسونه ، لا يصدق حتى أن ذلك يحدث فعلا ،أغلق زجاج النافذة بحذر اقترب يهمس لها:
- رجالة البلد كلهم واقفين برة بيحرسوا البيت ، الناس دي مجانين ولا إيه

اومأت وتر له سريعا ما رأت في الايام السابقة كان أعجب من أن تصدق أنه حقا يحدث لولا أنها رأته :
- الناس هنا معتبرينه شيخ ودكتور وقاضي كل حاجة الموضوع مقرف ، لأن سفيان بيستغلهم لأعراض مقززة ، أنا مش مصدقة أن دا بابا اللي عيشت معاه عمري كله
مد يده يجذبها لأحضانها يربت على رأسها حين شعر بها تكاد تبكي ليهمس لها مترفقا :
- وتر أنا عارف وحاسس بيكِ ، بس لازم نخرج من هنا
وافقته لتخرج من بين ذراعيه تنفض خصلات شعرها القصيرة انحنت تلتقط قطعة الزجاج الصغيرة من على الأرض ليخرج هو ماديته من جيب سرواله من الجيد أنهم لم يأخذوها ، تحركت خلفه للخارج ، لينظر بيجاد لهم سريعا تسلل جبران إليه يمزق الحبال عنه يهمس له ساخرا :
- جبتك يا عبد المعين تعين ، بقى دا بيجاد القناص
قلب بيجاد عينيه ساخرا ينزع القماش من فوق فمه يهمس له محتدا :
- اتنيل أنا جريت أشوفك لقيت حد خبطني بحاجة على دماغي ما حستش بنفسي ، يلا نخرج من هنا بسرعة

- هتخرجوا وتسيبوا عمو سفيان لوحده
غمغم بها سفيان ساخرا ليلتفت ثلاثتهم إليه ليروه يقف أمامهم في خيلاء يبتسم ساخرا يحمل في يده سكين كبيرة ، حرك جبران عظام رقبته للجانبين قبل أن يغمغم ساخرا :
- المشكلة انه راجل كبير وعامل فيها إبراهيم الأبيض
حرك جبران ماديته في يده يقترب منه سريعا ليرفع سفيان السكين في يده يحاول طعنه بها وفي الناحية الأخرى تحرك بيجاد في الاتجاه الآخر ليشتتوا حركته فما كان من سفيان إلا أن علا بصوته يصرخ :
- يا أهل البلد الشيطانين حرروا الملاعين ، أعوان إبليس عايزين يقتلوا الشيخ
اندفع جبران نحوهه يحاول إمساكه قبل أن يدخل هؤلاء المجانين ليباغته سفيان يطعنه في ذراعه ، اندفع بيجاد نحوه من الخلف يقبض على ذراعه الممسكة بالسكين يحاول إقتلاعه منه ، في لحظة اقتلاع اهل البلد لباب المنزل وهجموا كالطوفان أمكسوا بيجاد وتكالبوا على جبران والمدهش في الأمر دخول عدد لا بأس به من السيدات اللاتي أمسكن بوتر والجميع يصرخ فيهم أنهم شياطين أعوان إبليس أعداء الله ، دمهم حلال لأنهم حاولوا إيذاء شيخهم المزعوم !! تداخلت الأصوات حولها وهي تنظر هنا وهناك تتذكر ذلك الموقف البعيد حين صفعت جبران أمام أهل الحي وكأنها ارتكبت جريمة كانوا على وشك وؤدها بسبب ما فعلت ، لتكتشف أن الجميع يبحث عن ذلك القائد الذي يتخذ القرارات بدلا عنهم وربما يحميهم أو يخدعهم ويقول إنه المعالج الذي يُشفي الجميع من بين كل تلك الصرخات خرجت صرخاتها العالية تصيح فيهم جميعا :
- بس بس بسسس افهمواااا بقى الشيطان الوحيد اللي هنا اللي أنتوا واقفين قدامه ومستعدين تحموه حتى بحياتكوا
خرست الألسنة ينظر الجميع لها مستنكرا غاضبا لتبتسم ساخرة تغمغم مذهولة :
- انتوا فاهمين أنتوا بتعملوا ايه ، انتوا فاكرينه بجد بيعالجكوا
نظرت لأحد الرجال تردف مستنكرة :
-يعني الراجل دا يقدر يخلي مراتك تخلف ولد مش بنت
تحركت برأسها تنظر لغيره تصيح فيه :
- الراجل دا يقدر يشفي أبنك ويخليه يمشي
ولغيره أكملت تصرخ فيه تحاول صفعهم بالحقيقة علهم يستقيظون :
- الراجل دا يقدر يخلى زرع أرضك يطلع قبل أوانه
- يقدر يخليك أغنى من أخوك
-يقدر يخلي ضرتك أرض بور زي ما بتقولي ما تحملش تاني
-يقدر يأذي بنت أختك ويمنع عنها العرسان
- يقدر يخلي جوز اختك يطلقها ويتجوزك ، انتوا بتعملوا إيه بالظبط جايين لميين عشان يشفيكوا ويحققلكوا أحلامكوا
توقفت عما تقول تلهث بعنف تنظر لوجوه الناس حولها قبل أن تردف من جديد تطرق الحديد وهو ساخن :
- أنا بنت الشيخ بتاعكوا ، من وأنا صغيرة منع حتى القرآن يشتغل في بيتنا ، ما اتعلمتش الصلاة غير من الدادة بتاعتي ، أنا ما أعرفش زيكوا بس اللي أعرفه كويس أوي أن ربنا بس هو اللي بينفع ، هو اللي في أيده الأمر ، إنما الشيخ سفيان بيأذي بيضر ، الشيخ سفيان بتاعكوا بيخدر الستات اللي بتجيله ويعتدي عليهم وهما مغيبين يعني لو مراتك حامل بعد ما راحت للشيخ اللي بيعالجكوا وأنتوا بتدافعوا عنه بحياتكوا دا مش أبنك ، دا أخويا !!
هنا ثارت ثورة الرجال من حولها تعالت صيحات الغضب قبل أن يقدم اي منهم على فعل أي شئ اندفع سفيان يسقطهم أرضا جذب وتر يلف ذراعه حول رقبتها يوجه السكين لعنقها يصرخ فيها :
- اخرسي ، صحتيهم خلاص ، بقى كدة يا وتر يا حبيبة بابا تعملي فيا كدة ، معلش إنت كدة كدة خلاص دورك خلاص سلام يا حبيبة بابا
قبل أن يحرك يده بالسكين علي عنقها غرزت قطعة الزجاج التي في يدها في كف يده تتمتم محتدة :
- مش أنا اللي دمي هيسيل يا بابا
صرخ متألما يدفعها بعيدا عنه ليندفع الرجال صوبه فلم تعد تسمع سوي صوت سفيان وهو يصرخ من الألم تحت أيديهم هرولت وتر صوب جبران تمزق قطعة قماش ملقاة جوارها تلفها حول يده الجريحة ليلق ذراعه حولها يخفي رأسها في صدره تمسكت بأحضانه تبكي ، هنا أخيرا صدح صوت صافرة سيارات الشرطة وتعالت طلقات الرصاص والأقدام تتدافع إلى داخل المنزل ، ليقوم العساكر سريعا بإبعاد الناس عن سفيان الذي لحسن حظهم لم يمت بعد وقف زياد أمامه يغمغم ساخرا :
- سفيان باشا الدالي والله التقينا يا باشا
بصق سفيان الدماء من فمه وجهه لا تظهر له ملامح الدماء تنزف من كل شبر فيه قبض زياد علي جلبابه رفعه عن الأرض يدفعه صوب العساكر بعد أن قيد يده بالأصفاد ، حمل العساكر جسد سفيان الشبه مدمر يلقونه داخل السيارة هرع زياد صوب جبران ليصفعه جبران بيده السليمة يصرخ فيه :
- ما لسه بدري دا لولا وتر كان زمنا اتدبحنا
زفر زياد حانقا يضع يده مكان صفعة أخيه يغمغم محتدا :
- فرق السما والأرض بين عربية بيجاد الفراري اللي جاية من برة والعربيات اللي عندنا أنا من امبارح بلف بالقوة اللي معايا بالاشارة وراك ، يلا معايا الإسعاف برة
تحرك بيجاد يسند جبران نظر صوب وتر يغمغم مدهوشا :
- أنتِ مبهرة بجد ، حقيقي مراد محظوظ بيكِ
لم تكن لديها طاقة لتبتسم حتى تحركت ثلاثتهم لسيارة الإسعاف بالخارج جلس جبران علي ذلك الفراش في سيارة الإسعاف خلع قميصه الشبه ممزق لتمسك وتر قطعة من القطن تغمسها في المعقم تمسح الدماء عن كف يده في حين يضمد المسعف ذراعه تنظر لكم الجروح لديه تنساب دموعها في صمت ، جرح الطلقة في كتفه الأيسر جرح سكين ذراع في يمناه جرح كف يده الأيمن بسبب قطعة الزجاج أما هو فمد يده الاخرى يتحسس عنقها يتأكد من أنها لم تُجرح اقتربت تجلس جواره تضع رأسها على صدره:
- أنا كويسة
- أنتِ مدهشة ، خليهم يغيرولك على جرح راسك وايدك عشان نرجع
اومأت لهم تبتسم متعبة بدل المسعف لها الضمادات لتلف ذراعه حول كتفيها تُصر على إسناده بصحبة بيجاد متوجهين إلى سيارته التي تقف بعيدا ارتمى جبران على الأريكة الخلفية يجذبها لأحضانه يهمس ملتاعا :
- كنت هموت من الخوف عليك ، الحمد لله إنك بخير
تعلقت بأحضانه تنساب دموعها يمر أمام عينيها كل ما حدث لتزداد به تشبثا تغمض عينيها تحاول النوم
كم مر من الوقت لا تعلم سوى أنها استيقظت فجاءة مذعورة على حركة خفيفة على خدها انتفضت خائفة لتجد جبران أمامها يهمس سريعا مترفقا :
- وتر اهدي يا حبيبتي دا أنا ، إحنا وصلنا
نظرت للمكان حولها وصلت للحي لم تكن تظن أنها ستشاق للحي لتلك الدرجة أمام منزل والدتها وقفت السيارة أسرع بيجاد ينزل منها يساعد جبران ما أن نزلت وتر حتى سمعت صوت زغرودة عالية اتت من شرفة منزلهم لتجد والدتها بصحبتها سيدة ابتسمت لهن في وهن ، تحركت أمامهم لأعلى لتهرول سيدة تفتح الباب تجذبها لأحضانها تقبل وجهها ورأسها تغمغم بحرقة :
- حمد لله على سلامتك يا بنتي ، حمد لله على سلامتك الحمد لله يارب ، الحمد
جذبتها تُجلسها على الأريكة لتهرول حياة صوبها تعانقها هي الأخرى تبكي تغمغم تعتذر منها بلا توقف :
- أنا آسفة اللي حصل دا بسببي أنا آسفة ، يا ريتني كنت فضلت معاكِ كان خدني أنا وبعد شره عنك
عانقت حياة تهدئها هنا تحرك بيجاد يبحث هنا وهناك قلقا وقف يسألهم :
- هي رُسل فين
وحل الصمت نظرت فتحية لسيدة مرتبكة لتنفجر حياة في البكاء من جديد تردف بحرقة :
- أنا السبب ، أنا قولتلها على اللي عمله وليد بس والله من غير قصد وفجاءة اختفت ما اعرفش هي راحت فين درونا عليها في الحتة كلها مش موجودة
نظر بيجاد لحياة محتدا تلك الفتاة لو تصاب بالخرس سيكون أفضل للجميع فتح هاتفه
يتعقب إشارة الجهاز المتصل بقلادة رسل ، ليتحرك يركض للخارج يغمغم محتدا :
- اقول ايه بس
نظر جبران صوب حياة التي تبكي يرتجف جسدها بين أحضان وتر ، حياة حالتها تسوء ولا يعرف ما العمل ، وجودها في المستشفى لم يفيد ، وجودها معهم زاد حالتها سوءً ، أين يجب أن تكون ، أجفل على صوت رخيم يأتي من ناحية الباب يوجه حديثه لحياة :
- تعالي يا حياة
انتفضت حياة من بين أحضان وتر تومأ برأسها سريعا ، أسرعت صوبه تخفي رأسها بين أحضانه ، نظر جبران مستنكرا للواقف عند الباب ليسأله :
- أنت بتعمل إيه هنا يا باشا
ابتسم الداخل توا يربت على كتفه يردف :
- أنت ناسي أن أنا ضمن المسؤولين عن القضية دي ، لتاني مرة بشكرك على مساعدتنا ،واسمحلي أخد حياة معايا أنت شايف حالتها تقريبا بتسوء ما بتتحسنش ،

نهض جبران عن مقعده اقترب من حياة يربت على رأسها يهمس لها:
- عايزة تروحي معاه؟
اومأت حياة سريعا رفعت رأسها تنظر إليه تنساب دموعها تهمس خائفة :
- ايوة ، أرجوك يا مراد ما ترفضش

ابتسم يوما موافقا مال يقبل جبينها بحنو يهمس لها مترفقا :
-خلي بالك من نفسك
رفع رأسه ينظر للواقف أمامهم حمحم يتمتم محرجا :
- والله يا باشا ما عارف أقولك إيه

ابتسم من جديد يربت على كتفه السليم يردف ببساطة :
- ما تقولش حاجة حياة زي بنتي ، شد حيلك عشان يومين وهيجيلكوا استدعا ، عشان تقولوا اللي حصل أنت والمدام ، يلا يا حياة ، لسه هدومك في أوضتك

رحلة حياة ربما رحيلها بعيدا عن كل ما يحدث أفضل لها تنهد متعبا حائرا حين اقتربت وتر مته فابتسم يلف ذراعه حول كتفيها يقبل جبينها ليسمعهم تهمس متعبة :
- تعالا ننام أنت تعبان وأنا كمان
تحرك معها إلى غرفة نومها في منزل فتحية ليرتمي بجسده إلى الفراش تسطحت جواره تنام جوار صدره تتشبث بقميصه تهمس خائفة :
- كان عاوز يموتني يا جبران ، بس أنا كنت واثقة أنك هتيجي
ربت على رأسها بخفة يحاول أن يهدئها يهمس لها :
- أنتِ أقوى منه ألف مرة يا وتر ، هو ما يقدرش يأذيكِ ، العبرة باللي فاز في الآخر يا بنت الذوات
ابتسمت مرهقة تغمض عينيها متعبة قبل أن يسحبها النوم في لحظات ظل ينظر لها لعدة ثوانٍ ولم يشعر سوى وهو يغط في النوم بعدها مباشرة
______________
من هنا لهناك يركض الإشارة تصل إليه من داخل المقابر الخاصة بعائلتهم ماذا تفعل رُسل داخل المقابر الآن ركض صوب الداخل في عتمة الليل يصيح باسمها يحاول أن يعثر على الإشارة إلى أن وجدها لم يجد رُسل بل وجد القلادة ملقاة أمام قبر والدتها التقط القلادة ليقع الكشاف علي بضع جمل مكتوبة بحجر جير أبيض ( أنا افتكرت كل حاجة يا بيجاد ، السلسلة اللي في أيدك دي آخر ما بينا ، ما تحاولش تدور عليا )
حرك رأسه بالنفي بعنف لا هي لن تفعل ذلك لن تتركه وتهرب اندفع يركض هنا وهناك بين طرقات المقابر لا أثر لها في اي مكان ارتمى أرضا يبكي بحرقة يصيح باسمها
_________
اقترب الفجر ، قامت من فراشها كما اعتادت قبل الصلاة تلك المرة جمعت عدة قطع من الثياب داخل حقيبة صغيرة ، مقررة الرحيل لم يعد لها مكان هنا ، خرجت تتسلل حين سمعت صوت فاطمة تتألم القت الحقيبة من يدها تهرع إليها لتجدها ملقاة أرضا تضع يدها على صدرها تحاول جاهدة التقاط أنفاسها صرخت باسمها مذعورة تهرع إليها تصرخ :
- ماما فاطمة ، ماما فاطمة ردي عليا ، يا عم طاهر يا عمررر الحقوني ماما فاطمة

رأت عمر ينزل راكضا من شقته في الطابق اعلاهم وطاهر يتخبط في خطاه إليهم لتقف من مكانها تركض لخارج المنزل في الطرقات عمر يركض خلفها يصرخ باسمها ، أما هي فقدماها لا تتوقف بين الطرقات تُسرع إلى منزل الطبيب ، ولكن ما أوقفها حقا ما يحدث هناك أليست هذه رسل زوجة أخيها بصحبة تلك السيدة جارة السيدة فاطمة ماذا كان اسمها نجلاء تقريبا ، حين توقفت لحق عمر بها يصرخ فيها:
- أنت ِ بتهربي ليه
لم تعره انتباهه أسرعت إلى بيت الطبيب تدق الباب بعنف تصرخ فيهم أن يفتحوا الباب ، فتح لها شاب في أواخر العشرينات تقريبا الباب يصيح فيها :
- في اي يا أستاذة انتي
تلعثمت تتمتم هلعة :
- دكتور ابراهيم فين أرجوك ماما تعبانة أوي
أشفق الشاب على حالتها ليردف سريعا :
- اهدي طيب ، دكتور ابراهيم في القاهرة ، بس أنا هاجي معاكِ أنا دكتور بردوا ما تقلقيش
ابتسمت تومأ له سريعا بتلهف ليتحرك للداخل يجلب حقيبته ، خرج لها مسرعا يغمغم مبتسما :
- محظوظة والدتك أن عندها بنت بتخاف عليها أوي كدة
- مش وقت نحنحة يا دكتور الست تعبانة
غمغم بها عمر محتدا ينظر للشاب الواقف أمامه ساخطا ليقبض على كف يده يجذبه خلفه سريعا إلى المنزل كان قد وضع زوجة عمه على فراشها قبل أن يهرع خلفها ليدلف الطبيب يسعفها وهي تقف بالخلف تراقب خائفة تدعو أن تكن بخير وعمر ينظر لها متعجبا ، رآه كيف تركض وكأنها تسابق العمر لتنقذ حياة زوجة عمه التي لا تقربها بصلة أساسا تنهد مشوشا حين أنهى الطبيب عمله نظر صوبها هي تحديدا يغمغم مبتسما :
- الحمد لله أزمة واتلحقت ، أنا هكتبلها شوية أدوية وأنا متأكد بعد اللي شوفته أنك هتاخدي بالك منها كويس ، وأنا بردوا هعدي بكرة اطمنكوا عليها

انهمرت دموعها تشكره اقتربت من فراش فاطمة تقبل جبينها ويديها تتساقط دموعها بحرقة :
- كدة يا ماما اوعي تعملي كدة تاني دا أنا ماليش في الدنيا غيرك
ربتت فاطمة على وجنة روزا برفق تهمس لها بوهن :
- لو بنتي ما كنتش هتعمل كل دا
وقف شهاب جوار عمر يراقب ما يحدث بابتسامة كبيرة تنهد يهمس بولة:
- جميلة أوي
قبص عمر على ملابس الطبيب يغمغم محتدا:
- هي مين دي اللي جميلة يا دكتور أنا جايبك تعاكس اهل بيتي

حمحم شهاب محرجا يعتذر منه يتحرك للخارج عينيه مثبتة عند روزا إلى أن اختفت من أمامه ليتنهد بعمق يحرك خصلات شعره يبتسم بلا سبب
____________
في صباح اليوم التالي كان الخبر الذي يتصدر جميع الصحف ( محاكمة القرن تضم كل رؤوس الفساد ، محاكمة أكبر تجار للمخدرات في البلد بعد أسبوعين من الآن )
تعليقات



×