رواية جبران العشق الفصل الثاني والستون 62 بقلم دينا جمال


 رواية جبران العشق الفصل الثاني والستون 

وقف في مكتب شقيقه ينظر لرجل المعمل الذي يضع خصلات شعر زوجته بحرص داخل كيس صغير شفاف اقترب زياد منه يخبره أنهم بحاجة إلى النتيجة بأسرع وقت ممكن ، فأخبره رجل المعلم مومأ بالإيجاب أنه سيفعل كل ما في وسعه رحل الرجل ليتهاوى زياد على المقعد أمام أخيه يلتقط أنفاسه يتمتم متعبا :
- الواحد مش عارف القضية دي هتتفل امتى الموضوع طول أوي ، عرفت اللي حصل صحيح

قطب جبران جبينه مستنكرا يحرك رأسه بالنفي ليردف زياد مكملا :
- الواد عمر كان رايح في زيارة لعمه شاف روزا ولا كارمن دي هناك
انتفض جبران يعتدل في جلسته يردف محتدا :
- وقبض عليها طبعا
نفى زياد برأسه اقترب بجذعه يستند بمرفقيه على فخذيه يتمتم ببساطة :
- روزا ولا كارمن جوا قصة مراد وبيجاد يعني لو قبضنا عليها من المنظور دا يبقى هتيجي رجليكوا أنتوا ، دا غير أن اسمها مش موجود في أي ورق ، هي بالنسبة لنا عاهرة مش اكتر والعاهرة لازم تتمسك في وضع مخل ، كمان عمر سمع روزا وهي بتصرخ في بيجاد وتقوله أن سفيان عايش 

إذا لذلك السبب اتصل بيجاد به يسأله أن كان سفيان ، سفيان الخبيث لازال حيا ، تجاذب هو وأخيه أطراف الحديث يفكران في القادم لبضع دقائق قبل أن يقف جبران يغمغم :
- أنا هقوم أروح لوتر عشان سايبها لوحدها، حياة حبت الست فتحية أوي خدتها ليها قبل ما أجيلك
ابتسم زياد تظهر صورة حياة أمامه كم يتمني فقط أن تسامحه ، أن تثق فيه من جديد ، يعرف أن كرهه لها تضاعف بعد أن رأته يضرب جبران بالرصاص في لحظة طيش كاد أن يقتل أخيه الوحيد التفت جبران ليغادر حين سارع زياد يقول :
- علي فكرة أبوك الله يرحمه كان سايبلنا مبلغ محترم أنا قسمته بيني وبينك خدت نصيبي وحطيت نصيبك في البنك لو حابب تروح تسحبه وتبدأ بيه مشروع 

ابتسم دون أن يلتفت ، يتعجب كان يفكر في نفس الشئ ولكنه بحاجة إلى المال وها هو المال قد أتى دون سابق إنذار اومأ لزياد ليكمل طريقه للخارج ليسمع زياد يهمس حزينا :
- خلي بالك من حياة يا جبران 

أكمل طريقه دون أن يلتفت ، أوقف سيارة أجرة جلس على المقعد جوار السائق يتنهد قلقا بين حين وآخر يشعر بوخز سئ يضرب قلبه لا يعرف له سببا !
_______________
رائحة عطر قوية تعرفها ذلك العطر المميز قريب من أنفها تشعر به يخترق ثنايا عقلها يُجبرها على الاستيقاظ ، جاهدت لتفتح فيروز عينيها لتراه قريبا منها وتشعر بمذاق المياة البارد قريب من شفتيها ، حسن يرفع جسدها قليلا عن الفراش يقرب كوب ماء بارد من شفتيها ارتشفت القليل فقط ليُبعد الكوب يسألها قلقا :
- أمل أنتِ كويسة يا حبيبتي 

تحركت بعينيها إليه ليرى الكثير من الدموع تغزو مقلتيها ، ارتمت بين ذراعيه تبكي تتمسك بقميصه تختبئ بين ذراعيه لف ذراعيه حول يطبع ينثر قبلاته أعلى رأسها يهمس لها :
- ليه يا ما قولتليش يا أمل ، كان هيبقى كويس لو عملك حاجة ، لو ما كنتش خرجت بالصدفة النهاردة بدري ، عاجبك اللي حصل دا

نفت برأسها بين أحضانه بعنف تتشبث به تقطع صوتها يصاحبه شهقات حارة متتابعة :
- أنا ما كنش قصدي يا حسن ، أنا افتكرته متضايق عشان اللي حصل وقولت أكيد مش هيعمل حاجة ، ما كنتش أعرف أصلا أنه خطبني عشان ينتقم ليمنى مني 

غاضب ويريد صفع رأسها في الحائط لأنها تتصرف دون أن تخبره ، تصرفات بلهاء كادت تقضي عليها ، ولا يملك سوى أن يحتضنها يحاول جاهدا أن يهدئ من روعها ولو قليلا ، أبعدها عن أحضانه بعد قليل يكوب وجهها بين كفيه يردف يطمأنها :
- ما تقلقيش ما عملكيش حاجة ، دا أنا مثلت بيه لو لمسك الكلب مرمي في الحجز ورحمة أمي لهوريه اللي عمره ما شافه ، اهدي وبطلي تترعشي خلاص 

مسح بيده علي رأسها يربت علي كتفيها أعطاها الكوب من جديد ارتشفت منه القليل إلى أن بدأت تهدئ تدريجيا ابتعد عنها يردف :
- هجبلك حاجة تاكليها 

تحرك إلى الخارج لتنزل قدميها من على الفراش نظرت حولها لتجد بقعة دماء كبيرة على طرف مفرش الفراش توسعت عينيها ذعرا تُمسك بها جذبت المفرش بعنف تحركت للخارج تبحث عنه لتجده يفتح المبرد يخرج بعض الطعام وقف ينظر لها مستنكرا ما تفعل ليراها تتقرب منه تريه بقعة الدماء تسأله مذعورة :
- دم مين دا يا حسن ، هو عمل فيا ايييه ، اغتصبني مش كدة 
أغلق باب المبرد سريعا اقترب منها يأخذ المفرش من بين يديها يلقيه في المغسلة عاد إليها يمسك ذراعيها بين كفيه يغمغم منفعلا :
- يغتصب مين دا أنا كنت قطعت رقبته ، دا مش دمك دا دمه هو أنا ضربته بالرصاص في أيده لما شوفته بيحاول يقطع هدومك ، الدم غرق الدنيا مش المفرش بس ، بس أنا نضفته وبما أنك كنت نايمة ما عرفتش أشيله ، صدقيني يا أمل ، ما حدش يقدر يلمس منك شعرة طول ما أنا على وش الدنيا 

جذبها برفق يقبل جبينها أمسك يدها لتجلس على مقعد الطاولة يضع أمامها بعض الطعام نظرت لهم دون شهية عقلها لا يزال يعيد ما حدث مرارا وتكرارا ليتنهد  بعمق اقترب منها يجلس علي المقعد المجاور يغمس الخبز في طبق الجبن أمامه يقرب اللقمة من فمها لترتسم ابتسامة شاحبة علي ثغره تحرك رأسها للجانبين تهمس بخواء :
- ماليش نفس يا حسن 
وضع ما في يده لحظات من الصمت بينهما قبل أن يراها تركض من مكانها تهرع إلى غرفتها من جديد ، زفر أنفاسه يمسح وجهه بكفه عنف بتسأل لما فعل ذلك ، تحرك إليها ليراها نائمة علي الفراش تحتضن ساقيها بين ذراعيها تبكي بحرقة جلس خلفها يحرك يديه على خصلات شعرها يهمس لها مرتابا :
- مالك يا أمل قولتلك والله العظيم ما لمسك ، اهدي مش كدة يا حبيبتي

بعد دقائق طويلة من البكاء سمعت صوتها المتحشرج تهمس بحرقة :
- أنا كنت عوزاه يوم مميز ليا وليك ، كنت عاوزة اعملك مفاجأة بس بس 
وأجهشت في البكاء ، تسطح بجسده خلفها حاوطها بذراعيه يضمها لأحضانه يهمس لها مترفقا :
- وجودك في حياتي هي أكبر مفاجأة في عمري صدقيني يا أمل ، صحيح أنا نفسي اخبط راسك الناشفة دي في الحيطة عشان ما قولتليش ، بس خلاص الموضوع خلص ومش هنتكلم فيه تاني ممكن ، واهي فرصة نقفل أوضتك وتيجي تنامي في أوضتي 
____________
وصل إلى الحي مر ببيت فتحية أراد أن يأخذ حياة ولكنه وجدها نائمة لذلك تركها وتوجه إلى منزله دق الباب لا اجابة أيعقل أنها نامت ، دس مفتاحه في الباب دخل ينادي :
- وتر معقولة نمتي ، البت حياة نامت عند الست فتحية ، وبقينا لوحدينا يا بنت الذوات بس والله ما فيا حيل أنا واقف بالعافية ، بت يا وتر 

بحث هنا وهناك لا أثر لها خرج إلى الشرفة ظن أنها هناك لا أحد ، المكان فارغ تماما وتر ليست هنا ، تحرك إلى أسفل وقف في منتصف الشارع ينظر حوله هنا وهناك يحاول الإتصال بهاتفها مغلق بلا رد، طلب رقم.زياد ما أن أجاب صرخ جبران فيه :
- وتر اختفت يا زياد ، بقولك اختفت مش لاقياها وموبايلها مقفول ، هتروح فين يعني بعد نص الليل 

- معلم جبران ، يا معلم جبران
نظر صوب من يصيح باسمه ليجد مصطفى عامل القهوة المقابلة لمنزله يأتي صوبه راكضا وقف يلتقط أنفاسه للحظات قبل أن يردف :
 - أنا شوفت المدام بتاعت حضرتك ، نزلت مع الراجل اللي جالكم كذا مرة وكان لابس بدل فخمة كدة ، بس كان شكلها غريب آه والله ، كانت عينيها واسعة وماشية وكأنها متخدرة دي حتى أنا استغربت من المنظر مشيت وراهم لقيتهم بيركبوا تاكسي احتياطي صورت رقمه اهو يا معلم 
_____________
شعرت وكأنها كانت نائمة على متن مركب يترنح بها بين الأمواج جسدها يؤلمها وكأنه كان يرتطم في كل شيء فتحت عينيها أخيرا تتأوه متألمة رفعت يدها تمسد جبينها تنظر حولها متعجبة أين هي لما هي في غرفة صغيرة فوق فراش له عمدان طويلة تشعر بألم بشع في قدمها ازاحت عنها الغطاء لتجد طوق من الحديد يقبض علي قدمها بقفل ، له سلسلة قصيرة نوعا ما تسمح لها بالتحرك حول الفراش لعدة خطوات فقط نزلت من الفراش تتحرك بصعوبة صوب باب الغرفة ما أن لامست المقبض بأطراف أصابعها فُتح الباب من الخارج وظهر والدها نظرت له كارهة ليبتسم يغمغم ساخرا:
- أنتِ صحيتي يا قلب بابي نوم الهنا يا حبيبتي معلش على الطريقة اللي جبتك بيها بس أنتِ عنيدة زي أبوكِ بالظبط 

نظر لأسفل ليراها تحاول جذب قدمها من طوق السلسىلة بعنف ليضحك عاليا يغمغم ببساطة:
- ماتحاوليش مش هتعرفي تفكيه دا مرصود 

ما معنى مرصود ؟ وكيف لم تلاحظ أن والدها يقف أمامها يرتدي جلباب أسود قاتم ومسحبة سوداء ذات حبات كبيرة تلتف حول عنقه قطبت جبينها تنظر لهيئته مستنكرة أما هو فابتسم يغمغم:
- عارف أنك مستغربة وأن عندك أسئلة كتير أوي بس خليني اقولك مجملا كدة
أنا دلوقتي يا ستي شغال دجال ، ساحر ومش من دلوقتي بس دي شغلانة أبويا من زمان وأنا ورثتها منه 
جحظت مقلتيها تنظر له مدهوشة بما يهذي والدها عن أي سحر يتحدث هل جُن أم ماذا تحرك والدها أمام ليأخذ مكانه على الفراش التي كانت تستلقى عليه قبل قليل جلس يربع ساقيه تنهد بعمق ابتسم يغمغم ببساطة :
- أنا هقولك كل حاجة باستنثناء بعض التفاصيل الخادشة للحياء ما ينفعش بنوتة تعرفها ، بصي يا ستي الموضوع بدأ من وأنا عيل صغير عنده 15 سنة 
وبدأ يقص لها ما قاله لروزا كاملا عن أبيه الساحر وما حدث قديما وأخيه المسكين الذي مات بدلا منه كان يتحدث بفخر وغرور مخيف وهي تنظر له مرتعبة والدها ما هو إلا شيطان يمشي على الأرض والدتها محقة وجبران وسيدة الجميع كان محقا حين قالوا أنه ليس سوى شيطان مخيف يعثو في الأرض فسادًا 
حاولت أن تبتعد صوب الباب ولكن السلسلة الضخمة التي تقيد قدمها منعتها سمعت ضحكة والدها الخبيثة رفعت وجهها إليه ليكمل متذمرا :
- بطلي شد في السلسلة عشان مش هتعرفيها تكسريها ، المهم يا ستي أنا وصلت لفين آه ، أنا غلطت وكسرت العهد وحرقت واحدة من العشيرة فكبير العشيرة حكم عليا إني أعيش محبوس جوا جسمي ، بس أنا اترجتهم أنهم يعفوا عني ، فكان شرطهم عشان يعفو عني إني أرجع تاني بيت أبويا وأكمل اللي كان بيعمله نفرق بين المرء وزوجه ونعثو في الأرض فسادا ، تفقد الحامل جنينها وتحمل العاقر من الزنا ويراق دم العذارى ، وإني فاضل خادم مطيع بعد ما هما كانوا خدمي لحد ما يرضوا عندي ، طبعا ما كنش ينفع أرفض المهم اني فضلت أدور وأدور لحد ما لقيت طريقة عشان يرضوا عني ويبقى ليا قوة وسلطان أقوى ، إني أقدم قربان من دمي وأنتِ عارفة يا حبيبة بابا أنتِ بنتي الوحيدة فعشان كدة لازم تضحي عشان خاطر بابا اللي عيشك سنين في عز 

نفت برأسها بعنف تنظر له مذعورة والدها يريد التضحية بها لأجل أن يرضي تلك الخيالات المريضة في رأسه حركت رأسها بالنفي مرة بعد أخرى لن يحدث أبدا ما يقول ليبتسم سفيان قام من مكانه اتجه صوبها وقف علي بُعد عدة خطوات منها كتف ذراعيه يردف ببساطة :
- مش بمزاجك ، هتفضلي هنا 3 أيام لحد ما القمر واخلص الطقوس وبعدها هتوحشيني أوي يا حبيبة بابا 
أشار إلي باب صغير في الغرفة يردف ساخرا :
- دا حمام صغير هيفي بالغرض 

تحرك للخارج يغلق الباب عليها لتسمع صوت المفتاح يتحرك في قفل الباب ، تهاوت أرضا تنظر أمامها مذهولة والدها يريد أن يضحي بها من جديد يضحي بها هي دون كبش الفداء الذي يقدمه لأجل صفقاته ولكن التضحية تلك المرة لا عودة بعدها ، قامت سريعا تحرك رأسها بالنفي بعنف لن تجلس تنوح تنتظر نهايتها ككبش حزين بائس ، ولكن السلسلة اللعينة تقيد حركتها لعدة خطوات محدودة ، تحركت صوب الشرفة المغلقة أمامها المسافة ليست كبيرة ربما تصل ، تحركت وعلي بعد خطوة واحدة وقفت السلسلة عائقا مدت جسدها تشب علي أطراف أصابعها تحاول أن تصل للشرفة بلا فائدة ، سمعت صوت طبول مخيف يأتي من خارج غرفتها ، تحركت قلقة صوب الصوت ارتمت جوار الباب تنظر من شق المفتاح الصغير لما يحدث بالخارج ، ذلك الشئ الذي تراه في الأفلام ماذا كان يسمى ربما الزار ولكن ما تراه حقا كان أعجب من العجب نفسه والدها ومعه مجموعة من السيدات يدورون حول شئ موضوع مغطي بمفرش أبيض ، أمام والدها مباشرة فتاة تترنح ووالدها يضع يديه علي خصرها حتى تتحرك تلك الحركات الغريبة ، ولكن ما لاحظته أن والدها كان يتحسس جسد تلك الفتاة بشكل سافر فج تقززت ملامحها مما ترى تشعر برغبة ملحة في التقئ ، قامت من مكانها لا ترغب في رؤية المزيد قامت تصرخ بعلو صوتها تدق على الباب بعنف تستنجد بالموجودين خارجا ، توقفت الأصوات وعلا صوت صراخها توترت قسمات وجه سفيان قبل أن يبتسم يغمغم سريعا :
- دي بنتي مسكينة ممسوسة وأنا بحاول أعالجها الجن اللي عليها مؤذي وخبيث أخر مرة خرجت من الأوضة كان هيموت ست رجالة 

شهقت هي بصوت عالي تصرخ بعلو صوتها تدق علي الباب بعنف :
- دا كداااااب ما حدش يصدقه خرجوني من هنا ، دا عايز يموتني ، حد يلحقننني

شتمها سفيان في نفسه يتوعدها على ما تفعل قبل أن يصيح بعلو صوته محتدا :
- اخرس يا ملعون يا كافر ، أنا مش هسيبك تأذي بنتي ولا أي حد أبدا ، يا هتخرج منها يا هحرقك ، احنا مش هنصدق الاعيبك ، صوت الزار هو اللي عمل فيك كدة مش كدة ، علو الصوت أكتر
وبدأت الدفوف تعلو والأصوات تتصارع وصوت صراخها يذوب بينهم صوت دقاتها على الباب لم يعد يسمعها أحد تعبت من الدق والصراخ لتتهاوى أرضا تنساب دموعها خوفا ، لا تصدق ما يحدث لها 
______________
تنهدت رُسل قلقة للمرة الألف تقريبا منذ خروجهم من ذلك البيت وهو صامت الكلمات لا تخرج من بين شفتيه توجه إلى غرفته ما أن وصلا وطلب منها أن تتركه بمفرده وعلى مضض وافقت حتي لا تضايقه ولكنها بحاجة للتحدث إليه بأن تطمئن على حاله ، توجهت صوب المطبخ تخرج بضع الطعام من المبرد وضعتهم علي صينية صغيرة صعدت إلى غرفته فتحت الباب بخفة تدلف للداخل لتراه يُمسك بندقية وخصلة شعر نظرته للبندقية اخافتها ارتعشت تشعر بصداع مفاجئ يداهمها سقطت الصينية من يدها لتضع يدها على رأسها تتأوه متألمة انتفض بيجاد يركض صوبها أمسك بها قبل أن تسقط يغمغم سريعا قلقا :
- مالك يا رُسل أنتِ كويسة يا حبيبتي ، أنتِ ما خدتيش علاجك صحيح إحنا طول النهار برة ، تعالي اقعدي

لف ذراعه حول كتفيها يتحرك معها أجلسها علي طرف الفراش ليتحرك يجلب حقيبة الدواء الخاصة بها وكأس ماء أخذت منه الأقراص جلس علي ركبتيه أمامها ،ينظر لها قلقا لتبتسم له ، ابتسامة مرتعشة تشعر بشئ سئ يضرب أوتار قلبها ، شعور غريب يتملك منها وهي ترى تلك البندقية ولقطات مشوشة له وهو يمسك بها يطلق النار علي عدة رجال اذردت غصة مختنقة تعتصر قلبها ، حين مال يضع رأسه علي قدميها أمسك بكفها يضعه فوق رأسه ابتسمت لتحرك أصابعها في خصلات شعره ليخرج من بين شفتيه تنهيدة حارة متألمة ومن ثم سمعت صوته يتمتم بحرقة :
- أنا ما صدقت لقيتها ، كنت بدور عليها في كل حتة من بعد وصية بابا ، ما كنتش راضي عن علاقتها بمراد بس مارضتش ازعلها لما شوفتها سعيدة كنت مستعد أعمل أي حاجة عشان تكون سعيدة ، لما افتكرت أنها ماتت كنت بموت ، كنت هتجنن ، طعنتني في ضهري يا رُسل ، خانتني ،أنا عارف أنها أختي من أول ما قابلتها خدت خصلة من شعرها وعملت تحليل وطلعت أختي ، بس لما افتكرت أن أبويا عايش كنت هتجنن ، وطلعت صح أبويا ميت وهي أختي بس مش هسامحها حتى لو هي بتعيط وبتترجاني ، هي اذتني خانتني ، أنتي عارفة أن أنا حتى طلعت ليها شهادة ميلاد ما حبتش اسم كارمن فسمتها ملك سراج 
رفع وجهه ينظر لها لترى الدموع تنساب من مقلتيه بلا توقف حرك رأسه بالنفي ليردف مكملا بحرقة :
- بس أنا مش هسامحها ، مش هسامحها أبدا ، أنا بس عايز أروح اخدها في حضني واقولها ما تخافيش أنا جنبك أنا هنا ، بس لاء أنا مش هسامحها ، أنتِ عارفة لو الكلام اللي قالته دا صح معناه أنها فعلا اتعذبت أوووي ، بس أنا حتى مش قادر اسامحها 

دفن وجهه بين أحضانها يبكي لترفع يديها تحيطه بهما تربت علي ظهره وكأنه طفل صغير ، الوضع أعقد من أن تفهم ما الذي يحدث هنا 
______________
- بقوووولك سفيااااان خدها تقولي اهدا
تعالت صرخات جبران الغاضبة من داخل مكتب زياد ، اقترب زياد منه يصيح فيه هو الآخر :
- هتفضل تصرخ هترجع كدة يعني ، وصل لسواق التاكسي وبعت قوة تجيبه ، اهدا بقى عشان جرح كتفك ما يفتحش ومش هتعرف تعمل حاجة 

ارتمى بجسده مرغما على المقعد يحرك ساقيه يشد علي يديه ، يجذب خصلات شعره ، قلبه على وشك أن يتوقف من الخوف ، مرت نصف ساعة وهو يلتف حول نفسه إلى أن دخل مساعد زياد ومعه ذلك السائق ، شكره زياد ليخرج تاركا الرجل معهم ، نظر السائق للضابط الواقف أمامه مرتبكا قبل أن يغمغم متوترا :
- في اي يا بيه ، أنا عملت ايه ، أنا رخصي سليمة وكله تمام 

تأفف جبران انتهى صبره ليتحرك صوب الرجل أخرج محفظته يخرج منها صورة وتر يصيح فيه :
- البنت دي ركبت معاك ومعاها راجل من كذا ساعة وصلتهم فين 
دقق الرجل النظر في الصورة ليومأ برأسه سريعا يردف :
- ايوة ايوة ، دي كانت توصيلة سودا ، جتتي اتلبشت بسببها ، البنت دي كانت قاعدة مفتحة عينيها ومبرقة وما بتنطقش بحرف ، وصلتهم موقف العربيات اللي في رمسيس يا باشا 
تحرك جبران يركض الخارج ليلحق زياد به يصيح في مساعده أن يتحفظ بالرجل لحين عودته ، تحرك جبران صوب سيارة زياد ليقفز الأخير خلف المقود تتحرك السيارة مسرعة صوب موقف السيارات ، نزل جبران ومعه زياد تحرك إلي مكتب رئيس الموقف أراه بطاقة تعريفه يطلب منه استدعاء جميع السائقين المتواجدين في الموقف بعد عشر دقائق كان في الغرفة أكثر من عشر رجال ، أخرج بيجاد صورة لسفيان بجوار صورة وتر التي مع جبران يوجه حديثه للواقفين أمامه :
- الراجل دا جه معاه البنت دي الموقف من حوالي ساعتين مين فيكوا وصلهم أو شافهم حتى 
دقق الرجال النظر إلى الصور ليردف أحدهم :
- ايوة أنا شفت الراجل دا ركب عربية عم سعد ، بس عم سعد جراش الليلة رجع بيتهم في الصعيد 

اندفع جبران صوبه قبض علي مقدمة ثيابه يغمغم منفعلا :
- رقمه هات رقمه 
ابتلع الرجل لعابه مرتبكا يغمغم متلعثما :
- عم سعد ما بيعرفش في الموبايلات يا بيه دا راجل كبير ، المشكلة أن بيعدي في طريقه علي خمس ست بلاد وقرى فأنا ما اقدرش اقولك ممكن يكونوا فين ، بس أنا معايا عنوان عم سعد روحتله قبل كدة لما كان تعبان اطمن عليه

- أنا مش عايز اعرف قصة حياة عم سعد بتاعك أنا عايز العنوان 
صرخ بها جبران منفعلا ليحرك الرجل رأسه بالإيجاب يكتب له العنوان على سطح ورقة ، قبض جبران على الورقة تحرك يركض للخارج ليزفر زياد يأسا ركض خلفه ليجد جبران يتوقف فجاءة وضع يده علي جرحه ينتفض هرع إليه قلقا ليجد الدماء تملئ كف يده وقميصه ، أنهار علي ركبتيه يصرخ من الألم يشعر وكأن لحمه يتمزق ، نظر لشقيقه بالكاد خرج صوته :
- وتر 
تهاوى أرضا يتعلق بالورقة في يده وصوت زياد يصرخ حوله 
_____________
مضى الكثير من الوقت إلى أن بدأت تستيقظ فتحت عينيها لم يكن حلما ، لا تزال أسيرة هنا لدى والدها المريض ، رفعت جسدها عن الأرض ، تحركت صوب باب المرحاض فتحته لتنظر له متقززة كادت أن تتقئ من منظره المقزز صفعت الباب تتحرك بصعوبة صوب الشرفة ، تحاول باستماتة الوصول للمقبض بالكاد لامسته بأصابعه لتسمع صوته يغمغم من خلفها ساخرا :
- ما تحاوليش مش هيفتح ، ومش هتعرفي توصليله من الأساس ، عدت أول ليلة يا روحي فاضل ليلتين

ارتعد جسدها غضبا لتلتفت له رأته يقف أمامها يمسك في يده طبق به قطعة جبن ورغيف من الخبز وضعهم على الفراش لينظر لها مبتسما ، فابتسمت هي الأخرى تتحداه :
- أنا مش هموت يا سفيان يا دالي ، أنا الوحيدة اللي كنت عامية عن كونك شيطان ، دلوقتي لو روحي قصاد روحك فأنا هختار روحي وهضحي بيك

ابتسم سفيان في هدوء اقترب منها يحاول أن يحتضن وجهها بين يديه لتدفع يده متقززة فقرب رأسه منها يهمس لها ببساطة :
- مش هتلحقي يا حبيبة بابا عارفة ليه عشان بكرة بليل هيبقى الله يرحمك يا روحي ، كلي كويس مش هسيبك تموتي وأنتِ جعانة ، معلش بقى ، الأكل على القد شوية 
تركها وتحرك ليغادر لتطرق في رأسها فكرة قد تكلفها حياتها دفعته توجهت صوب الفراش تمسك بالطبق الزجاجي دفعته إلي أحد أعمدة السرير ليتهشم أمسكت قطعة من الزجاج تشق بها رسغ يدها ليصرخ سفيان مذعورا :
- أنتِ عملتي ايه يا مجنونة ، مش هسحملك تموتي دلوقتي انسي يا وتر 
اندفع صوبها ليتضربها علي وجهها بعنف حين حاولت مقاومته قبض علي رسغ يدها النازف يمزق قطعة من الفراش يربط بها جرح يدها بعنف وهي تدفعه لم يبتعد فغرزت قطعة الزجاج التي في يدها في صدره !!
تعليقات



×