رواية جبران العشق الفصل الواحد والستون
يجلس علي أحد درجات السلم المؤدي إلى السطح قبل الفجر بساعة تقريبا سيجارته بين شفتيه يفكر في تلك الفتاة وما الذي تفعله وهل هي ضحية كما صرخت ، هل حقا تعرضت لكل ذلك العذاب الذي قالت عنه أم أنها فقط حية خبيثة تبث سمها لتخدع الجميع ، تنهد بعمق يزفر أنفاسه يخفي وجهه بين كفيه ، سمع صوتا يقترب من مكانه فما كان منه إلا أنه اختبئ سريعا خلف الباب ليراها تقترب من السلم تمشي على أطراف أصابعها ، إذا كان محقا كانت تخدعهم وها هي ستهرب وقف يراقبها خلسة دون أن تراه ليراها تتحرك بهدوء تام إلي السطح تحمل بين يديها شئ لم يتبين ماهيته راقبها عن كثب وهي تصعد لأعلى تنظر حولها حذرة إلى أن سمع صوت باب السطح يُفتح ، خلع حذائه يتحرك علي أطراف أصابعها ينظر حوله بحذر إلى أن وصل باب السطح هو الآخر من الشق الكبير الموجود في الباب الكبير استطاع رؤيتها تجلس أرضا على بساط للصلاة علي ضوء كشاف صغير وضعته جوارها استطاع أن يتبين ما يحدث بالداخل ، تجلس أرضا ترفع كفيها الدموع تغرق وجهها وصوت يخرج هامسة ، نبرتها تتمزق حزنا وندما :
- يارب ، يارب أنا عملت حاجات غلطت كتير أوي ، بس أنا ما كنتش أعرف غير الغلط دا ، ماما فاطمة قالتلي أن أنا لو دعيت هتغفرلي ذنوبي ، أنا كنت وحشة أوي بس يارب هو اللي خلاني كدة ، أنت عارف يارب هو عمل فيا ايه ، عذبني قد ايه ، سامحني يارب ، حتى لو اتعدمت أنا مش خايفة من إني أموت ، أنا خايفة بس إني ادخل النار ، يارب سامحني يارب
لم يشعر سوى والدموع تهبط من مقلتيه ، يشعر بالشفقة والألم وهو يسمع ما تقول ألتك الدرجة عانت ، نزل بخفة دون أن تراه ليتوجه إلى غرفة عمه دق بابها مرة واثنتين إلى أن فتح طاهر الباب يسأله قلقا :
- في اي يا عمر يا إبني حاجة حصلت
نفي برأسه يعتذر لعمه عن الإزعاج قبل أن يحمحم يردف :
- أنا عايز اتكلم مع مرات عمي كلمتين معلش
قطب طاهر جبينه متعجبا اومأ برأسه التفت ليرى زوجته تقف خلفه تغمغم :
- أنا صاحية يا حج طاهر وكنت لسه هصحيك عشان الفجر ،جاية يا عمر يا إبني
تحركت للخارج عمر يتبعها إلى الغرفة الخارجية التي رأى فيها روزا هنا أول مرة جلست فاطمة ليجلس أمامها يغمغم سريعا :
- ممكن تحكيلي إزاي البنت دي جاتلكوا أو عرفتوها إزاي
تنهدت فاطمة بحسرة حين تذكرت ما حدث قبل عدة أسابيع لتردف بأسى :
- من كام أسبوع يا إبني عمك طاهر راح يصلي الفجر في الجامع زي عادته لما رجع كان راجع علي عربية كارو والبنت دي مغمي عليها ومحطوط عليها جلبية واحد من الرجالة هدومها كانت لامؤخذة عريانة أوي ، الحج طاهر قالي أنها جت تجري ناحيتهم وكانت بتصرخ وتعيط وتقول إن الشيطان بيجري وراها ووقعت مغمي عليها
الشيطان؟! قطب عمر جبينه مستنكرا ما تقول زوجة عمه ولكن اومأ يحثها أن تكمل ما تقول لتردف مكملة :
- سندتها ودخلتها ، البت يا حبة عيني كانت بتصرخ وتعيط وهي نايمة وشوية تقول شيطان وشوية تقول ما تضربينش وشوية تقول يا بابا ، لما فاقت كانت مرعوبة ، فأنا بقولها وحدي الله يا بنتي قالتلي يعني ايه ، أنت متخيل
نفى برأسه واتسعت حدقتيه مندهشا لتتنهد فاطمة بحرقة تردف :
- البت يا حبة عيني ما تعرفش أي حاجة ما كنتش تعرف هي مسلمة ولا لاء غير من اسم أبوها ، اللي عرفته أنها من وهي عيلة صغيرة كانت عايشة مع واحد مجنون كان بيضربها وبيعتدي عليها ما تعرفش حاجة في الدنيا غير اللي هو معلموهالها بس ، عشان كدة بقولك أنها ضحية ولو في أيدك تساعدها ما تتأخرش والله يا ابني من ساعة ما علمتها الصلاة وحفظتها الفاتحة وسورتين صغيرين عشان تصلي بيهم وهي بتجري كل ما تسمع الآذان ، تجبلي المصحف المصحف وتقولي حفظيني ، عاملة زي العيلة صغيرة يا عمر عيلة ما تعرفش حاجة عن الدنيا غير اللي هو عرفه ليها بس
أتدمع عينيه من جديد وشعوره بالشفقة والأسى نحوها يتضاخم اومأ برأسه يبتلع غصته أستاذن منها ليتوجه إلى خارج المنزل أغمض عينيها لتهبط دموعه من خلف جفنيه المغلقين ، فتح عينيه سريعا يمسح دموعه يمسك بالهاتف يطلب رقم بيجاد الذي حصل عليه من زياد مرة بعد أخرى إلي أن أجاب الأخير أخيرا ليبادر عمر قائلا :
- أستاذ بيجاد أنا عمر فاكرني ، ايوة بالظبط ممكن حضرتك تجيلي ضروري في العنوان دا (.........) مسألة حياة أو موت ، لاء ما فيش خطر ولا حاجة ما تقلقش تقدر تجيبها معاك ، تمام هستنى منك تليفون
وأغلق معه الخط يتمنى أن يكون ما يفعله هو الصواب
__________________
الصباح كم الساعة لا يعلم جل ما يعلمه أنه اكتفى من النوم ففتح عينيه مقررا الاستيقاظ فتح مقلتيه لتقع عليها وهي نائمة علي الوسادة جواره وجهها يقابله فابتسم تلقائيا ينظر لقسمات وجهها وهي تنام بعمق جواره ، اشتاق لذلك الشعور حقا لأنفاسها الدافئة وهي ترتطم في وجهه مشاكستها صباحا كل يوم ، توسعت ابتسامته حين تذكر ما حدث بالأمس اقترب كثيرا من نيل مسامحة وتره العنيدة مد يده يمسك خصلة من شعرها القصير يحركها علي أنفها ليبتسم ساخرا علي حاله ماذا يفعل الآن أيقلد حركات هؤلاء الشباب الذي يسخر منهم ، حرك خصلة شعرها على أنفها ليسمعها تغمغم ساخرة وهي تغمض عينيها :
- المعلم جبران بيقلد العيال التوتو ، دا أنت ناقص تكون سوما العاشق أكتر إنسان حساس في الكون ولا أنت كنت أصلا قبل كدة
الماكرة كانت مستيقظة رفع حاجبيه اندهاشا ليعض علي شفتيه مغتاظا منها ، استند علي يده السليمة ليجلس مد يده يمسك بتلابيب ثيابها يرفعها عن الوسادة فجاءة لتفتح عينيها تشهق مدهوشة مما فعل لتصرخ فيه حانقة :
- أنت اتجننت يا جبران ، أنت بتشيل لوح خشب في ورشتك
ضحك عاليا يحرك حاجبيه ليغيظها مد يده يزيح خصلان شعرها خلف أذنيها ابتسم يغمغم في سخرية :
- ما أنتِ اللي معجبكيش حركات العيال التوتو ، كنت عاوز ادلق عليكِ الشفشق بس قولت حرام أحسن يجيلها برد ولا حاجة
انتفضت ترمي الغطاء تتحرك للخارج تتمتم حانقة طوال طريقها تسمع ضحكاته تعلو خلفها ، خرجت من الغرفة لترى حياة تجلس في صالة المنزل بسكون مخيف تنظر إلى اللا شئ ، اقتربت وتر منها تطرقع بأصباعيها أمام وجهها لتجذب انتباهها ، نظرت حياة لها لتبتسم متكلفة تسأله قلقة :
- جبران كويس
اومأت لها وتر مبتسمة اقتربت منها جلست جوارها تضع يدها علي كتفها :
- ايوة يا حبيبتي الحمد لله ، أكيد ما فطرتيش ، هاخد دش واجي نحضر الفطار سوا
ابتسمت حياة لها تومأ برأسها لتتحرك وتر صوب المرحاض ، مرت عدة دقائق قبل أن يدق جرس الباب ، ارتبكت حياة تنظر للباب خائفة ابتلعت لعابها ، من سيفتح الباب جبران متعب ووتر في المرحاض ... تحركت صوب الباب بخطى بطيئة مترددة وضعت يدها على المقبض تغمض عينيها فتحته سريعا دون أن تفكر ، فتحت عينيها لترى من الطارق لتبصر زياد يقف أمامها ، نظرت له محتدة كارهة في حين ارتبك هو من نظراتها حمحم يسألها :
- هو جبران صاحي أنا عارف اني جاي بدري
تنحت عن الباب تنظر بعيدا لا تود رؤيته ،تحرك للداخل إلى غرفة جبران دق الباب ليسمع صوت جبران يردف ضاحكا :
- أكيد حياة اللي بتخبط ، خشي يا حبيبتي
أدار المقبض ودخل ليقطب جبران جبينه مستنكرا من رؤيته في حين دخل هو سريعا يغلق الباب خلفه اقترب بخطى سريعة من فراش جبران جلس بالقرب منه يهمس سريعا :
- أنا عارف أنك مش طايق تشوفني بس في كارثة ، سفيان الدالي احتمال كبير ما يكونش مات وأن اللي مات دا واحد تاني ، إحنا عايزين عينة DNA من وتر ، خصلة شعر هتبقى كويسة جدا
توسعت عيني جبران في دهشة ، إذا كان حدسة محقا سفيان الدالي لا يملك شامة في رقبته اومأ لزياد يهمس حذرا :
- تمام النهاردة بليل هكلمك تيجي تاخدها ، إحنا بردوا مش عايزين وتر تعرف حاجة لحد ما تتأكد
وافق زياد علي ما قاله ينظر لجرح كتفه ابتلع لعابه يتمتم متلعثما :
- الجرح تاعبك ، يعني لو تعبك اطلبلك دكتور
ابتسم جبران يربت علي ذراع شقيقه الأحمق :
- لا يا زياد مش تاعبني روح يلا على شغلك وأنا هكلمك بليل
تنهد يبتسم متوترا قام من مكانه متوجها صوب الخارج القى نظرة أخيره علي جبران قبل أن يتحرك صوب الخارج حياة تتحاشى النظر إليه ولها كامل الحق في ذلك خرج من المنزل يجذب الباب خلفه ، خرجت وتر من المرحاض لم ترِ حياة في الصالة توجهت إلي غرفة جبران تجفف شعرها تسأله :
- مين كان هنا أنا سمعت صوت الباب
توجهت عيني جبران إلى خصلات شعر وتر القصيرة وهي تجففها بالمنشفة ليقول :
- دا زياد كان جاي يطمن عليا
ابتسمت في سخرية تقلب عينيها متهكمة أمسكت مشطها الصغير تُمشط خصلات شعرها وعيني جبران ترتكز مع المشط ينتظر أن يرى به خصلات شعر عالقة ولكن لا شئ لما شعرها لا يعلق بالمشط لا يفهم وربما لأنه قصير فيسهل تمشيطه دوما ، تابعها وهي تنظر لخصلات شعرها ليراها تُمسك بأحدى خصلات شعرها تتمتم مع نفسها ساخرة :
- أنتِ الطويلة اللي فيهم يعني طب أهو
أمسكت المقص الملحق بأغراضها لتقص ما طال من خصلات شعرها هنا اتسعت ابتسامة جبران رآها تمسك خصلة شعرها تود إلقائها في سلة المهملات جوارها ليصيح سريعا :
- استني ما ترميهاش
عقدت جبينها تنظر له تُمسك الخصلة بين يديها ليمد يده لها يغمغم :
- ما ينفعش ترمي شعرك في الزبالة هاتي أنا هرميه في النيل ما سمعتيش الحكاية القديمة
نفت برأسها ترفع كتفيها بلامبلاة وضعت خصلة شعرها في كفه ليلتقط منديل من جواره وضع الخصلة داخله يغلقه عليها ليضعها في جيب سرواله يحادثها مبتسما :
- النيل بيحب شعر البنات الحلوين عشان الماية بتاعته تفيض
خرافة لا أساس لها من الصحة ولكن لا يهم وضعت المشط من يدها تغمغم ساخرة :
- خرافات قديمة ، أنا هروح أحضر الفطار
خرجت من الغرفة ليتنفس الصعداء يتمنى حقا أن يكن سفيان قد مات !
_____________
قرب العصر كان يشق الطريق بسيارته عبر الحقول رُسل جواره تتطلع إلى المكان حولها للمساحات الخضراء الواسعة تبتسم يضرب الهواء وجهها يتطاير خصلات شعرها ، أما بيجاد فشارد الذهن يديه تقبض علي المقود عقله لا يتوقف عن التفكير لما يريده عمر الآن وما الكارثة التي حلت ، الحياة بالكاد ابتسمت لهم وعلاقته برسل باتت أجمل مما كانت عليه ، يشعر بالقلق داخله يتفاقم تنهد بعمق يحاول أن يهدأ ينظر لرسل التي تبتسم تُمسك بهاتفها تصور الحقول حولها ... وصل عند مدخل القرية ليتصل بعمر يتحرك حسب تعليماته بعد ربع ساعة تقريبا وجد نفسه أمام أحد المنازل وعمر يقف أمامه ، نظر لرسل قبل أن ينزلان يحادثها :
- رسل ما تبعديش عني إلا لو أنا قولتلك تسمعي اللي هقوله على طول
اومأت له قلقة لتفتح باب السيارة نزلت بصحبته ليقترب من عمر صافحه الأيسر يغمغم :
- أنا عارف إني جبتك على ملا وشك زي ما بيقولوا بس في حاجة مهمة عايزك تعرفها ، روزا ولا صفا هنا
شخصت عيني بيجاد في حدة يقبض علي كفيه نفر عرق صدغه بعنف حاول الا يغضب فقط لوجود رسل جواره طحن أسنانه يهمس له حانقا :
- وأنا مالي جايبني ليه، أنا أصلا مش عايز أشوف خلقتها ، ما تسلمها للبوليس ولا مش أنت بوليس ولا ايه نظامك
اومأ عمر برأسه بالإيجاب يردف سريعا يحاول أن يهدئه :
- صدقني رد فعلي ما اختلفش عن رد فعلك كتير ، بس في حاجات كتير أنت ما تعرفهاش وهي طلبت تقابلك عشان كدة قبل ما تسلم نفسها ، ممكن تيجي معايا
تأفف يشعر بنيران تكوي صدره ليومأ برأسه علي مضض ، أمسك بيد رُسل يتحرك ثلاثتهم إلى الداخل حيث الغرفة الخارجية ، هناك كانت تجلس روزا علت شفتي بيجاد ابتسامة ساخرة حين رأي الحجاب الذي يغطي رأسها الشيطانية ترتدي الحجاب ؟! ، في حين ابتسمت هي كطفلة صغيرة ما أن رأته ، نظر بيجاد صوب رسل وعمر يردف بشق الأنفس :
- خلي بالك من رسل ، روحي معاه يا رسل
اومأت قلقة تنظر لتلك الفتاة لا تعرفها ولكنها تشعر بالشفقة عليها لسبب مجهول تحركت خلف عمر ليغلق بيجاد الباب عليه هو وروزا قامت روزا من مكانها اندفعت صوبه ارتمت بين أحضانه تبكي بعنف لمدة ثانية واحدة قبل أن يدفعها بيجاد بعيدا بعنف يهوي بكفه علي وجنتها سقطت أرضا تبكي تومأ له ، قامت وقفت أمامه لتحتد عينيه رؤيتها أمامه تذكره بكل ما فعلته به منذ أعوام فما كان منه ألا أنه صفعها من جديد هوى كفيه علي وجنتيها مرة تليها أخرى إلى أن نزفت الدماء من أنفها وشفتيها وضعت يديها علي وجهها تحميه من لطماته تصرخ بحرقة :
- كفاية بقي كفاااية اسمعني
قبض علي ذراعيها يهزها بعنف يصرخ فيها بحرقة :
- اسمعك دا أنا هقتلك أنا اذيتك في اييييييه أنا كنت بحاول اعوضك بكل طريقة عشان الطعنة تيجي منك أنتِ ، حتة بت **** زيك تضحك عليا وتوهمني أنها أختي
- أنا أختك والله العظيم أختك
صرخت بعلو صوتها عله يسمعها نزعت نفسها من بين يديه تبتعد عن مرمى يديه خوفا منه وقف بعيدا تبكي تجهش في البكاء تصرخ فيه :
- اسمعني ، هقولك كل حاجة الحكاية بدأت من سنين لما كنت عيلة عندها عشر سنين
وبدأت تقص عليه كل ما حدث لها بالتفصيل منذ الصغر وهو عينيه تزداد اتساعا مع كل كلمة تقولها اقترب صوبها يغمغم محتدا :
- أنتِ كدابة بابا ميت ، ومن سنين
- اللي كان في الأوضة ولابس وش سراج أبوك وأبويا يبقى سفيان الدالي ، سفيان ما ماتش
صرخت به لتشخص عينيه مدهوشا لتكمل هي بحرقة :
-سنين ورا سنين وأنا عايشة تحت رحمة سفيان الدالي بيمارس عليا كل أساليبه المريضة ، أنت فاكر كنت اقدر أرفض أمر واحد من أوامره ما تعرفش العذاب اللي كنت بشوفه
لا يصدق ما زال لا يصدق التقط هاتفه سريعا يطلب رقم جبران انتظر إلى أن اجاب صديقه ليصيح فيه :
- مراد هو سفيان الدالي لسه عايش
تعجب جبران من أن بيجاد يعلم هو الآخر ليغمغم متعجبا :
- أنت عرفت منين ، زياد كان عندي النهاردة وبيقولي أنهم شاكين أنه عايش ، لما كلمته في التليفون من شوية عشان افهم منه أكتر ، قالي أنهم سجلوا اعتراف لمجدي من غير ما يعرف فيه أن سفيان ليه أخ تؤام اسمه سعيد ومجدي بيقول أن اللي مات سعيد مش سفيان، عشان كدة زياد طلب خصلة من شعر وتر عشان يعملوا تحليل DNA
أغلق الخط دون أن يستمع إلى المزيد إذا هي لا تكذب شردت عينيه في الفراغ يفكر قلقا ، يشعر بأن ما يحدث بأكمله خدعة لم تعد له الثقة بتلك الواقفة هناك تنتحب باكية رأى منها وجه الملائكة تخفي خلفه شر الشياطين كيف له أن يصدقها ، نظر حوله ليجد سكين صغير للفاكهة موضوع فوق أحد أطباق البرتقال ، التقطه يقترب منها نزع حجابها يقبض علي أحدى خصلات شعرها يجزها بالسكين ، قبض علي عنقها بيده الأخرى ينظر لها مشمئزا يغمغم كارها :
- لو تعرفي أنا نفسي اقتلك قد ايه ، أنا مش مصدق ولا كلمة قولتيها ، أما نشوف هتطلعي أختي فعلا ولا بتلعبي تاني
تركها وغادر لتنهار أرضا تضم ركبتيها لصدرها تبكي بحرقة تتمنى فقط أن يسامحها !
_________________
اقترب الليل في منزل حسن انتهت أمل من صناع الغداء توجهت إلى المرحاض اغتسلت وتوضأت وخرجت تصلي ، بعد أن انتهت خرجت من غرفة نومهم تضع الطعام في أطباقه علي صينية وضعتها في غرفة نومهم ، بدلت ثيابها إلي فستان منزلي جديد لم ترتديه قبلا رشت من عطره في الجو ، عطره مميز رأت اسمه عدة مرات علي صفحات علي الإنترنت وعلمت كم هو باهظ الثمن ، وقفت تُمشط خصلات شعرها لتعقد علي شكل جديلة طويلة نثرت القليل من عطرها ، ابتسمت تلتف حول نفسها في المرآة ،سمعت صوت جرس الباب لتقطب جبينها من القادم الآن حسن يفتح الباب لا يدق الجراس ارتدت جلباب طويل فوق ثيابها تضع حجابها علي رأسها تحركت صوب الباب اقتربت منه تغمغم :
- مين ، مين برة
سمعت صوت صبي ذو نبرة رفيعة للغاية :
- المكوجي يا افندم حسن باشا كان باعت هدوم للمكوة
تمنت أن تنظر من تلك التي تسمى ( العين السحرية ) ولكن باب منزلهم لم يكن يحوي علي واحدة فتحت الباب جزء صغير لتأخذ الملابس من عامل التوصيل لتشهق بعنف حين دُفع الباب بعنف رأت إيهاب يقف أمامها يتنكر في ملابس عامل توصيل طعام !! ابتسامة خبيثة ارتسمت علي محياه ما أن رآها ليغمغم ساخرا يقلد صوت رفيع :
- كدة يا افندم تسيبي المكوة كل دا برة ، هتبرد
حاولت الا تبدو خائفة وقفت أمامه تحادثه محتدة :
- إيهاب اطلع برة بدل ما أصرخ وألم عليك الجيران
ضحك عاليا وكأن الأمر بأكمله مزحة لا تهمه حرك رأسه بالنفي يتأتأ ساخرا :
- تؤتؤتؤ أنا مش همشي من هنا قبل ما أخد حق يمنى اللي بسببك اترمت في الصعيد وجوزوها غصب عنها واتحرمت منها بسببك أنتي
نفت برأسها سريعا تعود بخطواتها للخلف تصيح فيه محتدة :
- يمنى ، أنا ما عملتلهاش حاجة ، هي اللي كانت عايزاه يغتصبني أنا ما اذيتهاش بالعكس هي اللي كانت عايزة تأذيني عشان بتغير مني
احتدت عيني إيهاب غضبا ما أن ذكرتها بالسوء ، يمنى حبيبته لا تُخطئ ، هي المخطئة ، هي السبب فيما حدث تقدم صوبها يصرخ فيها غاضبا :
- لاء أنتِ السبب ، يمني حبيبتي ما تغلطش بسببك اتحرمت منها ، بعدوها عني ، أنتِ السبب
ابتعدت عنه تهرب إلي الشرفة تصرخ ليلحق بها سريعا قبض علي خصلات شعرها يكمم فمها يهمس جوار أذنيها متوعدا :
- هششش مش عايزين يسمعنا مش عايزين حد يعرف احنا بنعمل ايه
أخرج منديل من جيبه يضعه علي انفها سريعا يكمم أنفاسها به وهي تقاوم تحاول أن تصارعه إلى أن خارت قواها لتسقط أرضا عينيها مفتوحة جسدها مرتخي ثقيل للغاية ، حملها بين يديه يتوجه به إلى اقرب غرفة قابلته ولم تكن سوى غرفة نومهم ، ابتسم ساخرا ينظر حوله :
- الله دا أنتِ كنتي عاملة جو رومانسي للباشا بقى
ألقاها علي الفراش عينيها مفتوحة جسدها مخدر حاولت أن تزحف بعيدا ولكن جسدها خانها لم تستطع ضحك إيهاب مستمتعا ينظر لها ساخرا :
- ما تحاوليش دا مخدر ممتاز ، هتبقي صاحية وواعية بس مش قادرة تقاومي ، هتكرهي نفسك ألف مرة من اللي هعمله فيكِ
جلس جوارها يخلع الحجاب عن رأسها أولا نزل إلي الجلباب الطويل ليمزقه من أعلى إلى أسفل ، أغمضت عينيها تبكي بحرقة تعافر بكل ما فيها لتبعده دون فائدة ، استمعت نفسه ثقيل وكأنه مُخدر ، ضحك ساخرا ما أن أبصر ملابسها تحت الجلباب ليردف متهكما :
- مش بقولك كنتِ عاملة ليلة رومانسية تعالي ناخد بقى صورة رومانسية وأنتِ في حضني
أبعد ملابسها الممزقة اقترب منها يخفي رأسها بين أحضانه حتى لا تظهر دموعها يلتقط لهما عدة صور معا ، قبل أن يلقي رأسها بعنف من جديد يغمغم متوعدا :
- لسه ، لسه الصور هتبقى أحلى أنا عارف الباشا لسه بدري علي ما يجي ، قدامنا الوقت كله نلعب سوا
مد يده يتحسس وجهها نزل إلي مقدمة فستانها ود أن يشقه ، ذراعه قريبا للغاية من فمها لم تملك سوي أن تقبض علي ذراعه بأسنانها بعنف ليصرخ متألما وهي تزيد من شراستها الواهية صرخ من جديد لينزع ذراعه من بين أسنانها بصعوبة صفعها بعنف مرة تلو الأخرى إلي بدأت تفقد الوعي فعلا آخر ما سمعت كان صوت طلقة نارية وصوت حسن وهو يصرخ بكلام لم تسمعه !!
______________
في منطقة مهجورة بالقرب من منزلها وقف هناك ليلا ينظر للشارع هناك ، أخبروه أن جبران سينزل بعد قليل فعليه أن يتحرك الآن خرج من تلك المنطقة المهجورة يرتدي حلة فاخرة يمشي بخيلاء ، تحرك يصعد السلم سريعا إلى أعلي يبتسم ساخرا يمر أمامه الكثير من الذكريات وقف أمام باب منزلها ليسمع صوتها تحادث أحدهم :
- شايفة اللي بيعمله جبران يا ماما أقوله إنت تعبان أرتاح ، يقولي أنا مش تعبان يا بنت الذوات ، أنا لازم انزل ضروري محسسني أن وراه اكتشاف نووي
دق الباب في هدوء ليسمعها تصيح من جديد :
- أهو جه أهو هتلاقيه تعب ورجع عشان يبقى يكابر تاني طب اقفلي يا ماما وخلي بالك من حياة
فتحت الباب تبتسم منتصرة لتتلاشى ابتسامتها تماما حين رأت والدها يقف أمامها شخصت عينيها تسأله مدهوشة :
- ازاي ، أنت إزاي
ابتسم لها في حنو ليقترب سريعا يضمها لأحضانه يغمغم ملتاعا :
- وحشتيني يا وتر وحشتيني يا حبيبتي كنت
هتجنن عشان أشوفك
ابتعدت عنه تنظر له كارهة ، اشتاق لها بعد كل ما فعله بها ، لم يكن يعتبرها ابنته من الأساس بل دمية يبيعها لمن يريد دمية مزقها حين فكرت أن تتمرد ابتعدت عنه تصرخ فيه :
- أنا مش بنتك ، ما تقوليش يا بنتي ، أنا بكرهك
امشي من هنا ، لو فاكر أنك هربت من السجن وأنا هحميك تبقى غلطان ، جبران لو شافك هيقتلك
ابتسم سفيان يكتف ذراعيه امام صدره يغمغم ببساطة :
- حبيبتى أنا ما دخلتش السجن اصلا ، مش سفيان الدالي اللي يتسجن أنا جايلك في حاجة أهم عشان أنتِ بنتي حبيبتى ، ما عرفتيش جبران نزل جري ليه رغم أنه تعبان أكيد في كارثة
لا لن تصدقه عليها ألا تصدقه أبدا نظرت له بحذر ليردف يأسا :
- مش هتصدقيني يعني طب أنتِ حرة ، أنتي طول عمرك ما ينفعش معاكِ الذوق
قطبت جبينها تنظر له غاضبة ليحرك هو شفتيه يتمتم ببعض كلمات لم تسمعها لم تشعر سوى برأسها يلتف بعنف وأنفاسها تختفي والظلام يقتحم حواسها تدريجيا !