رواية جبران العشق الفصل الستون 60 بقلم دينا جمال


 رواية جبران العشق الفصل الستون 

سمح له الطبيب بالخروج ساعده حسن ليجلس علي المقعد جواره في حين جلست وتر جوار أمل على الأريكة تحركت بهم السيارة بهدوء ، يختلس جبران النظر لتلك الجالسة هناك تنظر من النافذة لا تريد رؤيته يتمنى أن يكن ما حدث دافعا لتبقى جواره لفترة قصيرة علي أقل تقدير سُتشبع قلبه ويزيد وصلت السيارة إلي منتصف الحي نزل حسن يساعد جبران علي الخروج من السيارة يُسنده لمنزله التف حوله أهل الاهل كل منهم يسأل قلقا عما به يطمأنون علي حاله ، في حين رفعت هي عينيها تنظر لشرفة منزلهم لترى حياة تقف هناك هي ووالدتها تنظران صوب جبران حياة تبدو مرتعبة لذلك تركت الجمع الملتف حوله وتوجهت صوب منزل والدتها

أما هو فلم يعرف عدد الذين تطوعن لإسناده ليدخل لمنزله إلى فراشه يسطح جسده ينظر للجمع الغفير حوله يبحث عنها بينهم بالطبع هي هنا ستظهر بعد أن يرحل الجمع بدأ الرجال في الانسحاب واحدا تلو الآخر داعين له بالشفاء وهو يبحث عنها ينتظر ظهورها رحل الجميع لم يبقى سوى حسن وزوجته وهي لم تظهر ، تهدلت قسمات وجهه حزنا ألتلك الدرجة باتت تكرهه ولكن ما حدث في المستشفى يقل العكس تماما ، اقترب حسن منه جلس جواره علي الفراش يربت علي كتفه السليم تنهد يغمغم :
- جبران أنت عارف اللي حصل مش سهل تنساه ببساطة كدة ، دي لسه كارثة لما تعرف أن أبوها انتحر ، أصبر وما تيأسش

ابتسم ساخرا يحرك رأسه بالإيجاب ، في اللحظة التالية توسعت ابتسامته ينظر لباب المنزل حيث تقف هناك بصحبة حياة تحمل حقيبة صغيرة بالطبع ذهبت لتحضر حياة كيف نسي ذلك ، هرعت حياة ناحيته تبكي كطفلة صغيرة اقتربت منه تبكي بحرقة :
- أنا آسفة أنا السبب ، زياد عمل كدة بسببي أنا بفرق ما بينكوا ، كان هيقتلك بسببي ، أرجوك يا مراد سيبني أمشي

قطب جبران ما بين حاجبيه محتدا ليعتدل جالسا يردف محتدا :
- تمشي تروحي فين بالظبط ، مش كل حاجة بسببك الموضوع مالوش علاقة بيكِ اصلا دي كانت خناقة بيني وبين زياد واديني قدامك أهو عايش ما موتش

دخلت وتر إلى الغرفة تنظر له حانقة الأحمق بكلماته الغبية ماذا يفعل توجهت صوب حياة مباشرة تُمسك بيدها تجذبها معها بخفة :
- تعالي معايا يا حياة هوريكِ أوضتك

خرجت معها لتغيب ما يزيد عن ربع ساعة استأذن حسن وغادر في تلك الفترة متوجها إلى منزل والدة أمل حيث تنتظره زوجته هناك ، بعد أن رحل حسن بدقائق رآها تدخل إلى الغرفة خلعت فستان أمل تضعه علي المقعد جانبا توجهت تجلس جواره علي الفراش تعدل الوسادات تحت رأسه تهمس له حانقة :
- حياة بتعاني من مرض نفسي ، عندها دايما شعور بالذنب وأنها السبب في كل حاجة وحشة بتحصل وكفاية الخناقة اللي حصلت قدامها ما ينفعش تعاملها كدة ، هي محتاجة معاملة خاصة لحد ما تتجاوز الفترة دي ، وخصوصا أنها عايزة تمشي قالتلي انها عايزة ترجع تعيش عند اللوا اللي كانت عنده
همهم يفهم ما يقول كان رده حادا عنيفا تنهد بعمق يومأ برأسه يوافق ما تقول تحركت لتغادر الفراش ليمسك بيدها التفتت له لتراه يبتسم يهمس ممتنا :
- شكرا أنك جنبي وجنبها يا وتر

اضطربت مقلتيها تبتلع لعابها مرتبكة مرات قليلة التي سمعت منه اسمها نبرة صوته الرخيمة تضرب شيئا ما داخلها اومأت سريعا تتحرك من الفراش ، الباب يدق منذ دقائق خرجت تفتح لوالدتها لترى الأخيرة تحمل صينية طعام ناولتها لابنتها تغمغم مبتسمة :
- خليه يتغذى كويس ما يعوضش دمه اللي اتهدر دا الا الغذا ، ربنا يهدي سركوا يا بنتي ويصلح حالكوا يارب ، سلمي لي علي المعلم وأنا هجيلكوا بكرة يلا تصبحوا علي خير

ورحلت والدتها تُذكرها بمسلسلات الدراما القديمة دوما ما كانت تقول والدة أحد الأبطال تلك الكلمات ابتسمت تُغلق الباب وضعت الصينية جانبا توجهت لغرفة حياة لتدعوها لتناول العشاء فرأت الأخيرة تغط في النوم اقتربت منه تمسح علي شعرها برفق تنظر لها مشفقة كانت تظن أنها رأت الأسوء ولكن ها هو الأسوء أمام عينيها يتجسد في تلك المسكينة حياة !تركت إضاءة الغرفة تحسبا فأشباح الخوف لا تأتِ سوي في الظلام خرجت من الغرفة تجذب الباب بخفة حتى لا يزعجها حملت صينية الطعام تضعها أمام جبران علي الفراش توجهت صوب دولاب ثيابها تخرج ملابس نظيفة التفتت لتراه ينظر إليها يراقب كل حركة تفعل تنهدت تردف بنزق :
- ما بتاكلش ليه
- اكليني ، أنا مريض ومش قادر آكل لوحدي

رفعت حاجبيها مستهجنة ما يقول الرصاصة في كتفه الأيسر وهو ليس بأعسر هو فقط يتدلل كطفل مصاب بالزكام كتفت ذراعيها أمام صدرها تغمغم ساخرة :
- كل بنفسك دراعك اليمين سليم بطل شغل الأفلام دا بقى
وتركته وغادرت توجهت إلى المرحاض اغتسلت وبدلت ثيابها عادت لغرفتهم لترى الطعام كما هو زمت شفتيها تنظر له حانقة زفرت بعنف لتتحرك صوب الفراش جلست هناك تضع الصينية علي قدمها وضعت المعلقة في طبق الأرز تمدها صوبه ليبتسم عابثا يأكل ما فيها مد يده يُمسك بالمعلقة الأخرى يملئها بالأرز يقربها من فمها لترفع حاجبيها تردف مستنكرة :
- طب ما أنت قادر ترفع ايدك أهو ، ايه شغل العيال دا بقى
وهي تتحدث وضع المعلقة في فمه لتنظر له في غيظ ، رمت المعلقة من يدها ليمسك الصينية بيده السليمة ينزلها أرضا بسط كفه علي سطح الفراش ليعتدل جالسا يقترب بجسده منها بسط يده علي وجنتها ينظر لعينيها يهمس لها :
- وبعدين يا وتر مش كفاية بقى ما وحشتكيش طيب مر أكتر من اسبوعين واحنا علي الحال دا من ساعة الحفلة ، وتر أنا بس عايزك تسامحيني نرجع زي ما كنا أنا مستعد أعمل اي حاجة عشان تسامحيني بس كفاية بُعد بقى

أدمعت عينيها تنظر أرضا تصارع شعورين رغبة في العودة من البدأ من جديد بين أحضانه ورغبة أخرى في الهروب بعيدا الفرار من كل شئ حتى هو رفعت عينيها إليه ليري دموعها الحبيسة بإباء همست تسأله :
- حبيتني أنا أكتر ولا هي يا جبران كارمن ولا روزا

ما إن نطقت باسمها حرك رأسه بالنفي سريعا شد جسده نحوها حتي بات لا يفصلهم سوي انشا واحد يردف سريعا :
- صدقيني يا وتر أنا يوم ما حبيتها ، حبيت الشخصية اللي كنت فاكرها بريئة وسط القرف اللي كنت فيه ، إنما أنتِ عشقت كل تفاصيلك مش بس حبيتها عجرفتك ضحكتك حتي طريقتك شعرك اللي كل شوية يقع علي وشك وترجعيه حتى لمعة عينيكِ ، صدقيني أنا ما اذتكيش أنا اذيت نفسي ، أنا رميت بايدي العشق الوحيد اللي عرفه قلبي جوا النار وما فيش في ايدي دلوقتي غير إني اقول آسف ، سامحيني
ارتعش كفي يدها وقلبها ينتفض غاضبا ثائرا حاولت ردعه ولكنه لم يبالِ ، لم يستمع إليها كم تود أن تحتضنه تخبره أنها ليست بخير ليطمئنها لم تبادر ففعل هو ولم تقاوم حين جذبها ذراعه ليحط رأسها على صدره تمسكت بملابسه انسابت دموعها تخفي رأسها داخل صدره تغمغم متلعثمة بحرقة :
- أنا خايفة يا جبران خايفة أوي أنا فجاءة دنيتي اتهدت ، بابا كان أكتر شخص بحبه في الدنيا دي اكتشفت أني بالنسبة ليه كنت كارت يستخدمه وقت ما يحب ، أنا بحاول اني كويسة بس أنا مش كدة أنا بنهار زي كل حاجة كانت حلوة في حياتي ، ما تمشيش زيهم حتي لو ما سمحتكش أفضل جنبي مش عايزة احس إني خايفة تاني أرجوك

- أنا جنبك صدقيني لو اتهدت الدنيا كلها أنا عمري ما هسيبك يا بنت الذوات
تلك المرة نطقها هو ، وهو يشدد علي عناقها يمسح علي خصلات شعرها بخفة لتومأ برأسها تضحك رغم ما يحدث كانت محقة ابتعدت عنه قليلا ليمد يده يسمح دموعها المتساقطة في حين اردفت هي :
- أنت تعرف أن أنا قولتلك نفس الكلام دا وأنت في المستشفى ورديت علي نفسي بنفس الكلام اللي أنت قولته بردوا ، أنت ازاي قادر تزلزل ثباتي بالشكل دا يا جبران ، إزاي بقيت حاسة بيك كأنك جوا كياني

أشرق الأمل في مقلتيه ليمسك كفها يردف سريعا متلهفا :
- عشان أنتِ جوا مني جوا قلبي من غير حواجز ولا قيود أنتِ مسمحاني مش كدة

وانتظر وطال صمتها تنظر له ولجرح الرصاصة وليده التي تعانق يدها لتتنهد بعمق تهمس مبتسمة :
- اديني وقت افكر !
كان يظن أنها ستوافق دون تردد ولكن لا بأس اقتربت الخطى كثيرا اومأ لها سريعا يلف ذراعه حول ظهرها يجذبها لصدره يعود لجسده للخلف نائما ورأسها علي صدره تنهد بعمق يهمس ناعسا :
- تعرفي أن أنا كل ليلة بقوم من النوم وبتمني أشوفك جنبي وحشتي حضني أوي يا بنت الذوات
_________________
علي جانب قريب منهم في سيدة والدة أمل في غرفة ابنتها جلست أمل علي فراشها أمام والدتها تقص عليها كل ما حدث ما أن انهت حديثها شهقت سيدة تضرب بكفها علي صدره تغمغم ممتعضة :
- خيبة عليكِ يا بنت سيدة لسه لحد دلوقتي ما ادتيش الراجل حقه الشرعي عايزاه يتجوز عليكِ يا منيلة

ضحكت أمل بخفة تعقد خصلات شعرها للخلف تغمغم ساخرة :
- غريب أمرك يا ماما مش دا حسن اللي ما كنتيش طيقاه دلوقتي عيزاني اديله حقه

ابتسمت والدة أمل ترد علي ابنتها بالاسم تردف ضاحكة :
- ما تنسيش بردوا أنك ما كنتيش بتطيقي خيال حسن ودلوقتي بقيتي بتدوبي في دباديبه

حركت أمل رأسها بالنفي وقفت من مكانها متوجهه صوب المرآة ترتدي حجابها تغمغم :
- لا يا ماما في فرق كبير ، أنا حبيت حسن قبل حتي لما يرجع للشرطة ، إنما أنتِ ما بدأتيش تتقبيله الا بعد ما لبس البدلة الميري ، عشان بقى ظابط وغني ما أنا قولتلك ورث أبوه اللي كان من أكبر رجال الأعمال في البلد

ابتسمت سيدة في سخرية تحرك رأسها يأسة قامت من مكانها صوب ابنتها وضعت يدها علي كتفها من الخلف نظرت أمل لوجه والدتها المنعكس في المرآة لترى عينيها الشاردة الحزينة تنهدت سيدة بحرقة قبل أن تردف :
- أنا كل اعتراضي علي حسن أنه كان بلطجي وخوفت يبهدلك معاه ، لو كان بيشتغل اي شغلانة شريفة عمري ما كنت رفضته ، رجال الأعمال والناس الأغنيا دي بمليون وش بينهشوا لحم الضعيف من غير لا رحمة ولا شفقة وبعدين يترموا في الزبالة ولا كأنهم بني آدمين
تفرست أمل النظر لوجه والدتها واستشفت أنها تتحدث عن والدها التفتت لوالدتها تهمس تسألها مترددة :
- أبويا كان منهم
ارتسمت ابتسامة ألم مريرة علي شفتي سيدة تومأ برأسها بالإيجاب تجمعت الدموع في مقلتيها تهمس بحرقة :
- قالي أنه بيحبني وأنه ما بيحبش مراته مع أنه كان متجوز اتنين ، مراته أم عياله كاميليا هانم ، وشيرين هانم حبيبة أخوه اتجوزها غصب عنها وعنه عشان يقهر أخوه بس ، تخيلي قالي أنه ما بيحبش ولا واحدة فيهم وأنه بيحبني أنا ، كنت عيلة صغيرة عندها 18 سنة وعشان يثبتلي هو قد ايه بيحبني اتجوزني رسمي علي ايد مأذون وبعد ما زهق طلقني ورماني في فيلا صاحبه اخدم فيها لما عرف إني حامل جه وهددني أنه لو في يوم شاف اللي في بطني هيقتله خوفت عليكِ وخوفت اعرفك مين هو ، علي العموم ما عدش في رجا لأنه مات خلاص الله يجحمه مطرح ما راح

انهمرت دموع أمل تعانق والدتها بقوة تشعر بقلبها يشتعل حقدا علي ذلك المدعو أبيها رغبة ملحة في الإنتقام منه ولكنه الآن ميت ! لا تملك شيئا لتفعله ، بعد مدة بسيطة وصل إليهم صوت حسن وهو يتحدث مع صابر حول مبارة كرة القدم بالأمس فابتسمت أمل ما أن سمعت صوته تُكمل ارتداء حجابها تمسح دموعها لتتحرك سيدة تسبقها إلي المطبخ ، خرجت أمل من غرفتها لترى حسن يجلس علي الاريكة أمام والدها يتحدثان ، اقتربت تقبل رأس ابيها ويده تجلس جوار حسن الذي التفت يهمس لها :
- وحشتيني الشوية دول

ابتسمت خجلة لتعلو شفتي صابر ابتسامة كبيرة يدعو في نفسه أن تدوم تلك السعادة التي يراها أمامه ، اقتربت سيدة منهم تضع أمامهم صينية صغيرة عليها أكواب العصير توجه حديثها لحسن مبتسمة :
- منورنا والله يا جوز بنتي

ابتسم حسن في سخرية يرفع حاجبيه مستهجنا ما تقول التقط أحد الأكواب يعطيه لأمل يغمغم ساخرا :
- من امتى الحنية دي يا حماتي دا أنتِ ما بتطقنيش أنتِ نسيتي أنك قولتي عليا عيل لمؤخذة ولا ايه

حمحمت سيدة محرجة لتلكز أمل حسن في ذراعه بمرفقها تهمس له :
- خلاص بقى ما يبقاش قلبك أسود عفا الله عما سلف

اومأ برأسه مرغما يوجه ابتسامة صفراء ساخرة إلي سيدة ، استمرت زيارتهم ساعة واحدة قبل أن يستأذن حسن للمغادرة ، جذبت سيدة أمل قبل أن تخرج من منزلهم تهمس لها سريعا :
- ما تنسيش اللي قولتلك عليه ، دا جوزك بدل ما واحدة كدة ولا كدة تلف عليه

تنهدت أمل يأسة تجاري والدتها لينتهي ذلك الحوار ، فتح حسن لها باب السيارة التف ليجلس جوارها في تلك اللحظات رأت إيهاب يقف خارج الصيدلية ينظر لها متوعدا عينيه خبيثة يوجه لها ابتسامة مخيفة لم تعجبها ترى بماذا يفكر ومن تلك الفتاة التي يريد أن يأخذ بثأرها لم تتشاكل يوما من أحد عدا فتاة واحدة ( يمنى ) تلك الفتاة السامة التي كانت ترغب في اذيتها لأنها فقط تغار منها أيعقل أنه يثأر لها هي حتى لا تعرف ما حل بها ولكنها لم ترها من جديد !! اجفلت علي يد توضع علي كتفها وصوته يسألها :
- ايه سرحانة في اي يا بنتي ، الست والدتك كانت عاوزة منك إيه
التفتت إليه تبتسم في براءة ترفرف برموشها تغمغم ساخرة :
- كلام ستات عيب تعرفه
ضحك عاليا يدير محرك السيارة ينطلق بها يغازلها طوال الطريق توقف أمام مطعم للمأكاولات السريعة اشترى طعام العشاء قبل أن يعودا للمنزل أخذت أمل حقائب الطعام من حسن تغمغم مبتسمة :
- ادخل غير هدومك وأنا هحط الأكل
ابتسم يومأ لها اختطف قبلة صغيرة من وجنتها قبل ان يغادر في حين تخلصت هي من حجابها تتوجه صوب المطبخ عقلها يدور في فلك تلك الكلمات التي قالها لها إيهاب اليوم في المستشفى تتنهد قلقة بين حين وآخر ، خرج حسن من غرفتهم يتوجه صوب المطبخ يتحرك بخفة رآها تقف عند الطاولة توليه ظهرها تُفرغ ما في الحقائب فابتسم عابثا اقترب منها يطوق خصرها بذراعيه كما يحدث في الأفلام لتتلوى بين يديه زمت شفتيها تغمغم متضايقة :
- حسن اوعى يا حسن
مد يده يزيح خصلات شعرها لخلف أذنيها يهمس جوار أذنها :
- كدة يا أمل بتقولي لجوزك حبيبك أبو عيالك أبعد
ارتبكت من همسه وحركاته الجريئة ابتلعت لعابها ورعشة خفيفة تسري بجسدها حاولت أن تتملص من بين يديه تتمتم متعلثمة :
- سيبني يا حسن عايزة احط الأكل
ابتسم في مكر يحرك حاجبيه عابثا يهمس لها مازحا :
- أكل ايه دلوقتي ، بصي بصراحة أنا لما شوفت أمك افتكرت اللي قالته عني وأنا عايز أحسن صورتي أمام المجتمع والناس

حركت رأسها بالنفي بعنف تتلوى بين يديه بحدة تحادثه حانقة :
- اوعى يا حسن ، قولتلك أنا مش عايزة هو بالعافية

قطب جبينه متعجبا من حالها ابتعد عنها خطوتين للخلف يسألها مستنكرا :
- في اي يا أمل ايه لزومها العصبية دي كلها ، أنا جوزك لو مش واخدة بالك

اشاحت بوجهها بعيدا مرتبكة ، متوترة لا تعرف ما تقول.. أما هو فاستقبل رفضها بالصمت ، تحرك خارج المطبخ إلى غرفة نومه لتتحرك خلفه سريعا وقفت بالقرب من الفراش تردف سريعا :
- أنت هتنام مش هتتعشى ، دا احنا ما كلناش حاجة من الصبح
ابتسم ساخرا يوليها ظهره ، لتتنهد حانقة حسن الطفل الغاضب اقتربت من الفراش جلست جواره مالت علي أذنه تهمس له بشئ ما ليفتح عينيه انتصف جالسا يمسك بكف يدها يغمغم مبتسما :
- مش تقولي كدة من الأول دا أنا واقع من الجوع يلا نتعشى زمان الكباب برد يا يسرية

ضحكت بخفة متوترة تهز رأسها يأسا تتحرك بصحبته إلي المطبخ
_______________
فتح العسكري باب الزنزانة الذي هو بها ليقترب منه أحد الضباط أمسكه تحرك معه دون مقاومة إلي زنزانة أخري ما أن دخلها توسعت عينيه اندهاشا ألم يقولوا أن والده قد مات ، ولكن ها هو وليد ووالده أمامه ثلاثتهم معا داخل زنزانة واحدة دفعه الضابط ناحيتهم يغلق باب الزنزانة عليها وقف طارق متجمدا مكانه إلي أن قاطعه صوت وليد يحادثه ساخرا :
- أنت هتفضل واقف متنح زي الاهبل كدة منور يا حبيبي الزنزانة اترمي هنا جنبي أنا وأبوك

تقدم طارق ناحيتهم عينيه لا تنزاح عن أبيه جلس أرضا جوارهم يغمغم مدهوشا :
- بابا إزاي هما مش قالوا أنك مت

ابتسم مجدي في سخرية مات يا ليته كان ولكنه أنقذوه للأسف واشاعوا خبر موته لا يتعرض لأي محاولات قتل حتي يتم محاكمته ويال السخرية من اطلق عليه الرصاص في الحرب الطاحنة كان سفيان صديقه لن ينسى أبدا النظرة الكارهة التي رآها في عيني سفيان قبل أن يطلق عليه نظر صوب طارق من جديد حين أردف الأخير مدهوشا :
- وقالوا بردوا أن سفيان الدالي انتحر بعد ما اعترف ، الكلام دا سمعته من العساكر

حركت مجدي رأسه بالنفي كور قبضته يضرب بها الحائط جواره يغمغم محتدا :
- سفيان الدالي ما يموتش بالبساطة دي ، سفيان دا اخبث من الشيطان نفسه ، سفيان كان ليه أخ تؤام شبهه بالظبط أنا إن قتل أخوه وأوهم الكل أنه مات ، الكلب أنا اللي رفعته وخليت ليه قيمة في الآخر هو اللي ضربني بالرصاص كان عايز يخلص مني بس

نظر وليد صوب أبيه يُفكر مليا سفيان الدالي كان العقل المدبر لكل خططهم بعد أن قتل مراد أو ظن أنه فعل ، والده بعقل شخص بخبث سفيان لن ينتحر هكذا ببساطة ، في خضم أمواج افكاره لاحت أمام عينيه صورة حياة ليبتسم اشتاق لها !!!
في خارج الزنزانة في غرفة المكتب يجلسان هناك امامهم جهاز صغير متصل بجهاز التصنت الموجود في الزنزانة التي تضم ثلاثتهم ، نظر محمد للجالس جواره يضيق حدقتيه والشك يملئه :
- تفتكر فعلا اللي بيقولوه دا حقيقي
استقام واقفا يلتف حول نفسه قليلا قبل أن يقف فجاءة يوجه حديثه لمحمد يردف سريعا :
- حل اللغز عند بنت سفيان ، اتصلي بزياد وخليه يجيلي حالا !
_____________________
في تلك القرية النائية البعيدة في المنزل الصغير المتطرف عند المقابر الصغيرة تتصاعد أدخنة باخور كريه الرائحة من بين النوافذ المغلقة ، يجلس أرضا في منتصف الغرفة يتحرك للأمام وللخلف أمام نيران تتصاعد كلما القى فيها ذلك الباخور يجلس أمامه علي الجانب الآخر سيدة ومعها ابنتها ربتت السيدة علي كتف ابنتها توجه حديثها للجالس أمامه تغمغم متلهفة :
- انجدني يا سيدنا الشيخ بنتي ، بنتي عليها جن بتبقي طبيعية وكويسة وفجاءة تقع في الأرض وتترعش وكأن الكهربا مسكت فيها
ولفينا بها علي كل المشايخ وما لقيناش عند حد الشفا

نظر سفيان للفتاة الجالسة يتمتم ببضع كلمات زائفة يوهم والدتها أنه يُخرج ذلك الجن الذي يتلبسها ولكنه في الحقيقة يستفزها هي يلقي كلمة ساخرة عليها كل عدة دقائق لتتوتر الفتاة ويبدأ جسدها بالارتجاف شيئا فشئ زادت تشنجات جسدها لتهب والدتها تصرخ فزعة :
- شايف يا مولانا
صرخ سفيان فيها يطردها من المكان :
- اطلعي برة اللي عليها مارد وجودك جنبها هيخليه يروحلك أنتي

نظرت السيدة لابنتها مرتبكة خائفة قبل أن يصرخ فيها سفيان من جديد لتهرول خارجا تغلق الباب خلفها ابتسم سفيان ساخرا اقترب من الفتاة يدي قرص ما داخل فمها لتبتلعها رغما عنها فوقف يهمس لها متهكما :
- أمك الناصحة لو كانت راحت لدكتور واحد بدل ما هي عمالة تلف علي الدجالين كان قالها أن عندك صرع ودي تشنجان طبيعية ليها علاج ، بس احنا هنقول أنك ممسوسة وأنا بعالجك

زاغت عيني الفتاة تشعر بجسدها مخدر ثقيل ليضحك سفيان بخفة يمرر عينيه علي الضحية أمامه وجبة خفيفة بعد منتصف الليل تدعوه لتناولها ، اقترب من الفتاة بعد أن نامت مرغمة بفعل المخدر ليفعل بها ما أمره الشيطان أن يفعل ، انتهي سريعا ليرتدي ثيابه وقف يصرخ بعدة كلمات واهية ليوجه حديثه لوالدتها الواقفة خارجا :
- خشي يا ست أنتِ
دخلت السيدة سريعا لترى ابنتها نائمة قبل أن تنطق بادر سفيان قائلا :
- هي نايمة شوية وهتقوم مش هتفتكر حاجة من اللي حصل أنا خلاص حر.قت اللي كان عليها ، بس خدي بالك لو جرالها كدة تاني يبقى باقي عشيرته جايين ينتقموا ليه ، فتجيبهالي تانى فاهمة

اومأت السيدة سريعا تُسند جسد ابنتها المنتهك دون أن تعلم أي منهن ، ليتحرك سفيان في محيط منزله الصغير ينظر له متقززا يشتاق لحياة الرغد التي كان يعيش فيها ، فتح أحد كتب السحر القديمة يبحث بينها عن شئ ما ، كتب تلو الآخر إلى أن وجد ضالته يمكنه أن ينال عفوهم أن قدم تضحية من دمه أغلق الكتاب ينظر أمامه يبتسم في خبث رفع كتفيه لا مباليا وتر لما يعد لها أهمية علي كل حال !!
تعليقات



×