رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل التاسع والاربعون 49 بقلم شمس بكري


 رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل التاسع والاربعون

كنت أنت الثبات وسط الهشاشة رقيقة أنت مثل الفراشة "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أخترت من خطئي طرقًا لا تشبهني، سرت بها و ظننتها من غبائي وطني، لا وجدت بها راحتي و لا استقرت بها شفني كنت مخطئا و أنا أبحث عن الثبات وسط الهشاشة، ظننت نفسي يوما خفيفًا أشبه الفراشة، و نسيت أن الفراشة تنجذب نحو اللهب وها أنا احترقت في اللهيب الذي جذبني.

صدح صوت جرس الباب فوقف «عامر» يقول بهدوء: " أنا هفتح الباب خليكم أنتم"

أقترب من الباب يفتحه فتفاجأ بـ فادي» يقف أمامه و هو يطالعه بجمود حينها حرك رأسه للخلف و هو يقول ساخرا موجها حديثه لـ «يونس»:

تعالی یا یونس يا حبيبي فيه خلقة محتجاك تتف عليها للصبح "

رفع «فادي» حاجبه له و في تلك اللحظة خرجت جيسي من المصعد، فتحدث «عامر» بسخرية يقول:

تعالی یا یونس دا أنت هتف لحد ما ريقك ينشف، أصل
الحبايب هنا"

أقترب منه «ياسر» و هو يحمل «يونس» على ذارعيه و حينما وقع بصره عليهما يقفا بجوار بعضهما، فتحدث بصوت حاد

"أنتم بتعملوا إيه هنا ؟! خير هو أنا مش مكتوبلي أخلص منكم ؟!"

زفر «فادي» بضيق منه، فتحدثت جيسي» تقول بتهذب و أدب:

"معلش يا أستاذ ياسر احنا عاوزين نتكلم مع حضرتك ضروري، لو هنسبب ليكم إزعاج ممكن نمشي عادي جدا"

زفر بقلة حيلة ثم أشار لهم برأسه حتى يتبعونه للداخل فافسح لهما «عامر» وهو يطالعهما بسخرية ارتسمت على قسمات وجهه، حتى دلفا سويا للداخل و الجميع يقفون في حيرة و خصيصًا الفتيات حينما وقع بصرهن على «جيسي» بخصلاتها البنية و لون بشرتها و هيئتها التي تدل على جنسيتها والتي لا تدل على المصرية و كذلك

أخيها الذي يشبهها إلى حد كبير وخصيصا في لون عينيها توترت هي من النظرات الموجهة لهما و خصيصا هي من قبل الفتيات، فتحدثت تقول بصوت مهتز

"إحنا متأسفين إننا جينا في وقت زي دا من غير ميعاد سابق، بس إحنا محتاجين نتكلم ضروري مع ياس... قصدي أستاذ ياسر"

سألتها «إيمان» بجمود و نبرة صوت قوية إلى حد ما دون أن تعي لذلك:

"معلش يعني بصفتك مين تتكلمي مع أستاذ ياسر ؟! مين أنتم ؟! أظن من حقي أعرف"

حرکت «جيسي عينيها على أوجه الجميع تطالع نظراتهم ثم وجهتها نحو «إيمان» و هي تقول بثبات واه:

" أنا جيسي .... جيسي اللي سمير اتجوز مامتها و رباها هي و أخوها"

نظر الفتيات لبعضهن، بينما «إيمان» ابتسمت بتهكم و هي تقول:

يا شيخة ؟! و جايين لحد هنا برجلكم ؟! بعد اللي البيه قالوا الصبح و ملقاش فايدة جاية أنت علشان تحاولي

تقنعينا ؟!"

أقترب «خالد» من شقيقته يمسكها من يدها و هو يقول هامشا بهدوء رغم ضجره من طريقتها

ادخلي جوة و خدي البنات معاكي و ياريت يا إيمان متتكلميش و أنا و جوزك واقفين، يلا"

حرکت رأسها نحو «خالد» فوجدته يرمقها بتهديد من عينيه و هو يحرك رأسه للداخل، فزفرت هي بقوة ثم أقتربت من «ياسر» تأخذ «يونس من على ذراعه فاوقفها «عامر» بقوله الخبيث الممتزج بالمرح

" لأ سيبي يونس، أصل أنا محتاجه في مهمة محدش غيره ينفع يعملها "

أبتسمت بانتصار ثم تحركت من امامهم و الفتيات تلحقها للداخل، فتحدث «خالد» بعد اختفاء أثرهن جميعًا يقول بهدوء

" اتفضلوا اقعدوا علشان نعرف نسمعكم و ياريت كلامكم يبقى معايا أنا علشان ياسر معندوش استعداد يتحمل أكثر من كدا"

جلسوا جميعًا بعدما حركا رأسهم بموافقة على حديث «خالد»، فكان الوضع كما الآتي خالد في المنتصف على الأريكة وعلى يساره «فادي» و على المقعد المجاور له جيسي» و على يمينه «ياسر» يحمل «يونس» على قدمه و «عامر» بجواره في حالة تأهب و كأنه يستعد للفتك بفريسته ثم وكز «يونس» في قدمه فنظر له الصغير و هو يضحك له، فأشار له بالبصق في جهتهما، فعل «يونس» ما طلبه منه «عامر» وهو يضحك بمرح حتى تحدث «خالد»

قائلا محاولاً تجاهل في فعله إبنه تحت نظرات «عامر» الضاحكة التي جاهد حتى يخفيها

"ها يا أستاذ فادي خير؟! ياترى إيه اللي خلى حضراتكم تيجوا لحد هنا بنفسكم ؟!"

رد عليه بهدوء يعتذر منه بقوله:

" أنا متأسف يا أستاذ طبعًا عن إننا جينا في وقت زي دا من غير ميعاد و بعتذر لحضراتكم عن المعاملة اللي سبقت مني بس كل دا أنا كنت معذور عليه، يعني الأمور اتلغبطت فجأة كدا، و أنا مكنتش أعرف، فأنا متأسف لحضراتكم و متأسف مرة تانية لياسر"

رمقه «یاسر» بجمود و لم يعقب، فتدخل «عامر» يقول ساخرا:

"الكلام دا لما تكون موقع علينا عصير و لا اتأخرت علينا في ميعاد شغل، إنما اللي أنت عملته دي قلة أصل، أنت رفعت سلاح في وش أخويا، يعني دي ملهاش أسف عندنا"

تدخل «خالد» يقول و هو يبتسم بثقة :

" أخويا قالك أهوه، سلاحك اللي اترفع في وش أخويا دي حقها كبير أوي و إحنا ولاد أصول يعني ممكن نقولك عاوزين حق أخونا، بس احنا مش هنعمل كدا، هنعتبرك غریب و مفيش عليك خرج و علشان أنت في بيتنا هنعذرك "

تدخلت «جيسي» تقول مسرعة:

"احنا مش جايين علشان كدا جايين عاوزين نتكلم مع الدكتور ياسر والدك دلوقتي محتاج يسافر يمكن و يلاقي الشفا برة ..."

قبل أن تكمل حديثها قاطعها هو بقوله:

"ربنا يتمم شفاه على خير، أنا معنديش حاجة ممكن أقدمها ليه، أنا يدوبك بحاول أسند نفسي بعد اللي حصل كفاية ظهوره قلبلي كل حاجة، أنا بقيت متدمر"

ردت عليه هي بنبرة شبه باكية:

" أنا عارفة إن محدش ممكن يقدملك أي حاجة في الوضع دا، و عارفة إن جرحك منه كان كبير أوي، بس وجودك ممكن يفرف نفسيًا معاه على الأقل كلمة منك ممكن تفرق كتير في نفسيته، أرجوك"

طالعها الثلاثة بدهشة من حديثها خاصة حينما تابعت

حديثها بقولها :

"إحنا محتاجينك بس تتكلم معاه قبل ما يسافر، أنا عارفة إنه مش من حقي حاجة زي دي، بس أنا و فادي ملناش غيره هو و ماما مكانش ليها غيره و وصيتنا عليه قبل ما

وضع «يونس» على الأريكة ثم وقف و هو يحاول جاهدًا التحكم في دموعه و هو يقول و أخويه ينظران له : " اللي أنت جاية تطلبي مني ألحقه و أقدم له مساعدة نفسية دا، هو نفسه اللي دمر نفسيتي و حياتي، هو نفسه اللي كنت كل يوم بنام معيط بسببه هو نفسه اللي سابني اتمرمط من غير ما يسأل فيا"

طالعه الجميع بشفقة عليه، فتابع هو بنفس الآلم: " اللي أنت بتقولي مليش غيره أنا و أمي و أخويا دا، أنا برضه مکانش ليا غيره، أنا و أمي و أخواتي البنات اللي أنت جاية علشانه دا هو نفسه اللي قالي إنه مش ملزم بينا بعد ما ضربني بالقلم جاي دلوقتي و عاوز يسمع كلامي ؟!"

أخفضت رأسها بألم فتحدث «فادى» مسرعًا بعدما وقف مقابلا له :

"إحنا مش جايين علشان نحنن قلبك عليه، إحنا معاه و هو معانا و إحنا ممكن نعوضه عن كل حاجة، بس الدكتور قال إن كلامك في حالته هو اللي هيفرق، غير كدا أنا بعرض عليك الشغل معايا و تهتم بنصيبه في كل حاجة هو يملكها دا حقه و أنا مبجيش على حق حد"

ابتسم له «ياسر» بتهكم و هو يقول ملقيًا بكل ما يعتل به صدره أمامهم جميعًا:

"طب عندك خبر بقى يا أستاذ فادي إن الأستاذ سمير كان هنا الصبح و عاوزني أتجوز أختك ؟! معرفتش إنه كان هنا بيعرض عليا أكرر الزمن اللي فات علشان فاكرني نسخة "!منه ؟

نظر لأخته وكأنه يتطلب منه تكذيبه فأخفضت رأسها مرة أخرى، فتحدث «ياسر» بسخرية:

" شوفت إنه خطى كل حدوده معايا و مفيش حاجة هقدر أشفعله بيها عندي ؟! خلاص عدى كل الحدود معايا و اللي فاضل مني هو إحترام مرضه و سنه"

أغلق «فادي» جفنيه ثم فتحهما بترو و هو يقول:

" أنا مكنتش أعرف إن دا حصل، بس أنا أضمنلك برقبتي إن دا ميحصلش و إن محدش يقدر يجي جنبك بس هقولك حاجة اعتبره مريض محتاج منك شفقة، بلاش أقولك أب محتاج ابنه سمير سابلنا عمره و ضيع حياته علينا علشان أمي ماتت و إحنا صغيرين و كان مجبر يكمل معانا، و مقصرش في حقنا خالص، أنا متأكد إنك شهم و هتحسبها صح، تعالى حتى و كأنك بتزور مريض من اللي بتكشف عليهم "

كل ذلك كانت تتابعه «إيمان» من خلف الستار الموضوعة على باب الرواق بعدما غلبها فضولها، فوجدت «جيسي»  تقف بجانب أخيها و هي تقول بصوت مختنق "بالنسبة لموضوع جوازنا أنا مكانش عندي أي فكرة عنه و الله، والدك فكر كدا على أساس يعوضك و يأمن مستقبلك و مستقبلنا إحنا كمان علشان عارف إننا محتاجين حد معانا لو هو حصله حاجة "

لمحت «إيمان» الخبث في حديثها و الذي غفل عنه الجميع، فتابعت جيسي» الحديث بدموع و للأسف كان صادقًا خرج من قلبها و هي تقول:

بابا سمير عاوز قبل ما يمشي يصلح كل حاجة و يقربنا من بعض زي ما كان بيحلم طول عمره، كان نفسه يشوفنا مع ولاده بس الوقت كان متأخر، وبعرضه عليك افتكر إنه كدا بيعوضك و بيحمينا "

اندفعت «إيمان» نحوهم و هي تقول بنبرة جامدة بعدما فقدت ثباتها و صمتها و هي تقول:

"لا يا حبيبتي دا في أحلامك، مفيش حد هيقرب من جوزي لأننا ناس شرقية و دمنا خر، بصفتك مين تتكلمي مع جوزي و لا حتى يعتبرك أخته ؟! أنت غريبة عنه زيك زي أي واحدة، اللي يحق له بس يتعامل معاهم هما أمه و أخواته البنات و أمي، غير كدا يبقى لعب في عداد الخطر"

رمقتها «جيسي» بتعجب من طريقتها وحديثها فتحدث «ياسر» موجها حديثه لزوجته

ادخلي جوة و خدي يونس معاكي، أنا عارف إنك طالعة علشان تاخديه يلا

زفرت هي بقوة في وجهه ثم مالت على الأريكة تأخذ الصغير، فتحدث «عامر» منهيا الحديث و هو يقول بعدما دلفت «إيمان» للداخل

"بصوا يا جماعة علشان الحوار خد أكبر من وقته و حجمه في حياتنا، ياسر مش هيقدر يسامح و لا هيقدر يجي على نفسه، وبالنسبة لموضوع الشغل فاخويا دكتور قد الدنيا مش محتاج شغلكم و بالنسبة لموضوع الجواز فهو ملوش لازمة علشان أخويا متجوز و فاتح البيت اللي إحنا فيه دا، يعني عروضكم دي لا مؤاخذة ملهاش لازمة عندنا، و لا محتاجينها، عارفين الطريق و لا أجي أوصلكم أنا؟!"

نظرا لبعضهما ثم حركا رأسيهما بموافقة، فقالت «جيسي» قبل ان ترحل و هي تلعب على أخر وتر لديها في التأثير عليه

"أنا متأكدة إن شهامتك هتغلبك وطيبة قلبك هتحركك في الآخر، مستحيل الدكتور ياسر يفضل كدا و يسيب حد محتاجه حتى لو الحد دا ظلمه، إحنا خلاص بنجهز نفسنا و أقرب ميعاد هنسافر فيه، أتمنى تحسبها صح "

التفتت لأخيها و هي تقول:

يلا يا فادي ، أكيد الدكتور هيحسبها صح و يعرف هو هيعمل إيه"

رحلت من أمامهم وخلفها أخيها، فارتمی «یاسر» على الأريكة و هو يزفر بقوة، فخرجت الفتيات بعدما استمعن الإغلاق باب الشقة، ثم جلست كلا منهن بجانب زوجها

حتى ربتت «إيمان» على يد «ياسر» و هي تقول بهدوء " مالك يا ياسر ؟! هما كل ما حد فيهم هييجي هنا هيخليك

تشيل الهم كدا؟ سيبك منهم كلهم"

تنهد هو بقلة حيلة ثم قال بصوت مختنق

" أنا تعبت و جيبت أخري يا إيمان خلاص كل حاجة جت عليا بزيادة أوي، و هو عمل كل حاجة ممكن توجعني في يوم و خلاص مفاضلش غير أني أطلع انا اللي وحش كمان و دلوقتي دماغي بتصارعني علشان ألحقه، و بقيت مقسوم نصين نص عاوز ينتقم لنفسه و هو صغير و نص تاني عاوز حتة الرحمة اللي جواه تحركوا"

مسدت على يده بيدها ثم قالت بهدوء

" اللي يريحك في الاتنين أعمله، اللي تحس إنه الأحسن و هيخليك ترتاح أمشي وراه، شوف الحاجة اللي تخليك تعرف تنام و أنت مرتاح و أعملها"

ابتسم لها بسخرية و هو يقول:

" و هي سهلة كدا زي ما أنت فاكرة ؟! مفيش حاجة هتريحني غير لما أموت، ساحتها أنا هرتاح بجد، علشان اللي زيي وجعه مرتبط بيه طول العمر"

نزلت دموعها رغما عنها فتدخل «عامر» يسأله بضجر ليه يعني ؟! علشان إيه و مين يا ياسر ؟! دول بشر يعني ميتزعلش عليهم و لا منهم"

رد عليه بوجع ظهر في نبرته و هو يقول:

"علشان دا أبويا يا عامر !!! مش واحد غريب أنا هكبر مخي و هعتبره مجاش في حياتي، أنا اللي وجعني إنه أبويا، و اللي أتوجع من أهله مبيخفش، المجروح من اللي منه جرحه مبیلمش یا عامر

اقترب منه «خالد» يجلس على ركبتيه أمامه و هو يقول بتأثر بعدما رفع كفه يحرك رأس «ياسر» حتى يواجهه بنظراته

" هو مش أبوك، لو جينا للحق أنا اللي أبوك و أنا اللي يحق ليك تزعل منه و يحق ليك تتعب منه هو مين ؟! شالك قد إيه ؟! كان معاك فين ؟! كل دا أنت كنت فيه لوحدك و أنا كنت شاهد عليه، لو زعلان أوي كدا، فريح نفسك علشان أنا اللي أبوك و أنا اللي أختارتك ابن ليا، و أنا اللي أقدر افرم أي حد يزعلك و لا خلاص ظهوره هيلخيك تنساني وتنسى أننا ملناش غير بعض ؟!"

طالعهما الجالسون بتأثر و زاد ذلك التأثر حينما ارتمى «یاسر » على خالد يحتضنه وهو يقول بصوت مختنق "مفيش حد ممكن يجي ياخد مكانكم عندي، حتى لو هو نفسه مفيش حد شالني و لا استحمل الجري ورايا زيك و محدش ضحى بكل حاجة عنده زيك، محدش كان في ضهري طول حياتي زيك، لو جينا للحق بقى متقارنش نفسك بيه يا خالد علشان أنتَ عندي أكبر منه بكتير و مقامك أعز كمان"

ربت «خالد» على ظهره و هو يبكي بتأثر فاقترب منهما «یونس» و هو يتحدث بمرح وكالعادة لم يفهم أيا منهم حديثه عدا والدته التي قالت بنبرة ضاحكة

" بيقولكم بابا حضن يا ياسر علشان بيعيط مش ياسر بيعيط ؟!"

سألها «خالد» بسخرية:

" و الجملة الأخيرة دي معلومة منك و لا استفسار منه ؟!"

ردت عليه بنبرة ضاحكة :

" و الله ابنك اللي بيستفسر أنا مالي صح يا يونس ؟!"

حرك رأسه موافقًا بقوة ثم ركض نحو «ياسر» يحاول احتضانه، فابتعد عنه «خالد» و هو يضحك عليها، فوجد «یونس» يربت على ظهر «ياسر » مثلما فعل «خالد» وهو يغمغم بعدة كلمات غير مفهومة و «ياسر» ينظر له حتى ابتسم رغما عنه و هو يقول:

عارف یا یونس ؟! أنا نفسي و الله أطرد عمتك من هنا و أجيبك أنت مكانها تعيش معايا"

ضحك الجالسون عليه فرفعت حاجبها له و هي تقول بخبث
تجيب يونس برضه و لا تجيب الشقرا اللي كانت هنا من شوية ؟! رد يا ياسوري ؟!"

اتسعتا حدقتيه بقوة بعد حديثها، فتدخل «عامر» يقول بنبرة ضاحكة :

"حقك !! بصراحة يعني أصل العرض مغري و أي حد هيفكر فيه، عروسة حلوة معاها جنسية تانية بفلوسها بشركتها، بتهيألي يا ياسر هو مزعلكش أوي يعني"

نظروا له بغیر تصدیق و خاصةً «خالد» الذي قال بحنق:

" و حياة أمك يا ابن سيدة !!"

حرك رأسه موافقا وهو يقول ببساطة :

"آه، هو يعني مضربوش بالنار، إحنا ممكن نعتبره كان بيأمن مستقبله و رجع، كإنه في إعارة يعني"

أقتربت منه «سارة» تمسك قميصه و هي تقول بضجر " بتقول إيه ؟! سمعني كدا كلامك اللي هيخليك توحشنا كلنا دا ؟! سمعني ؟!"

رد عليها بخوف زائف و هو يقول:

" بقول يعني.... إنه يستاهل الضرب في ميدان عام و بعدين و لا ألف عروسة أجنبية تعوض صفر من ستاتنا الأصيلة اللي مفيش منهم اثنين في الدنيا"

تركته زوجته على مضض و هي ترمقه بغيظ، فأضاف هو مفسرا بعد نظرتهم له :

" يا جدعان أنا بهزر بلاش نظرات الاستحقار دي، ياسر عمره ما هيعمل حاجة زي دي"

الرفض ضد "ياسر" بشكل سلبي

" أعمل إيه !! أنت مجنون ؟! أنا عمري ما أفكر حتى في حاجة زي دي مجرد التفكير عيشت عمري كله بربي نفسي علشان مبقاش زيه، وأخرتها أفكر في حاجة زي دي ؟!"

ردت عليه زوجته بتعجب ممتزج بالضيق من حديثه "بس !!! هو دا السبب اللي هيخليك متفكرش في كلامهم و هو إنك متبقاش زيه ؟!"

حرك رأسه ينظر لها وهو يقول رافضا بنبرة قاطعة :

" لأ طبعا، فيه حاجة تانية و هي أني عمري ما هقدر أعوضك بأي حد في الدنيا دي مفيش واحدة مهما كان هي مين تقدر تتساوى بيكي عندي، أنت لو الدنيا كلها اتحطط معاكي في كفة، كفتك هتطب وتكسب، ريحي نفسك و بلاش تخلي دماغك تلعب بيكي"

ابتسمت له بفرحة مثل البلهاء فأضاف هو لهم جميعًا: " هما غالبا بيستعطفوني بس أنا مش غبي و في نفس الوقت مش جاحد، و فيه حاجة لازم أعملها علشان أرتاح و أريح كل اللي حواليا، ومن غير حتى ما حياتي تتأثر، أنا هعتبر دا اختبار ليا من ربنا"

زفر هو بقلة حيلة ثم قال بهدوء

" هبقى أقولكم على كل حاجة قبل ما اتحرك، متخافوش مش هتصرف من غيركم"

على كورنيش النيل جلست «خديجة » تستمع لأحاديثه في صغره و هي تشعر بسعادة لأجله خصيصًا و هو يقص عليها طفولته مع أخوته حتى شبابهم سويا، و في نهاية حديثه بعدما توقف عن الضحكات تحدث يقول بهدوء "شكرًا على إنك ضحكتي على الهطل دا يا خديجة، أنا تعب اليومين اللي فاتوا دول نسيتهم، حاسس أني رجعت تاني زي ما كنت" 

أبتسمت له و هي تقول بمعاتبة :

" أنت بتقول إيه بس ؟! ما طول عمرك من ساعة و القدر جمعنا بيك و أنت عمال تسمعني تسمع هبلي و مشاكلي و عياطي و حزني، أنا على ما اظن جبتلك اكتئاب يا بني و الله "

ضحك عليها و هو يقول بقلة حيلة :

هعمل إيه طيب ؟! كنت عاوزك تبلي ريقي بكلمة حلوة منك، بس أنا كان عندي إصرار، فضلت وراكي لحد ما نطقتك، صحيح بقيت مهلبية بس أنا راضي"

ردت عليه هي بنبرة ضاحكة

" اللي جات في بالي و الله استنى أشوفلك حاجة حلوة زيك كدا بس والله مهلبية أحلى"

حرك رأسه بيأس منها وهو يضحك عليها فتنفست هي بعمق ثم قالت بهدوء

"كل حاجة بدأت صح من ظهورك، علاجي و حياتي اللي اتغيرت بابا اللي كنت يبعد عنه و بعمل بينا مسافات

أخواتي و بنات العيلة اللي بعدت عنهم، وليد و حياته اللي بدأت تبقى طبيعية، حاجات كتير اتصلحت في وجودك الفضل فيها بعد ربنا يرجع ليك، ساعات الناس بتكون ارزاق لبعض، و أنت رزق ليا و لأي حد تدخل حياته يا ياسين"

رفع رأسه يطالعها بدهشة فوجدها تقول بهدوء من جديد " بقيت غريبة أوي من ساعة ظهورك في حياتي، بقيت

واحدة تانية، واحدة بتفرح أكثر ما بتزعل، أنا مش عاوزاك تيجي في يوم وتتغير عليا زي ما طول عمري بشوف عاوزاك تفضل كدا بحنيتك عليا و طيبة قلبك عاوزاك تفضل ياسين اللي أنا أمنت ليه من الدنيا كلها "

ابتسم لها وهو يقول بهدوء وعد مني أفضل مطمنك زي ما أنا و وعد مني أني هحاول بكل طاقتي علشانك و علشان يفضل بيتي هو الأمان ليكي متخافيش أنا أضعف من أني أغضب ربنا فيكي"

حرکت رأسها موافقة على حديثه و هي تبتسم له ثم قالت بصوت خافت

" و أنا متأكدة من دا تربيتك و أخلاقك تخليك تعمل كدا و أكثر كمان ربنا يكرمه اللي كان السبب في تربيتك"

رد عليها هو بسخرية :

قصدك رياض !!! ربنا يكرمه فعلا مش فاضحني أهو بس روحي روحي روحي من جوة كدا

ضحكت على طريقته فوجدته يقول بقلة حيلة :

" أنا فاكر مرة زمان قالي يا واد يا ياسين أنت سندي في الدنيا بعد ربنا سبحانه وتعالى السؤال هنا بقى فيه سند بيفضح سند كدا؟! دا عم فهمي عرف إنك قبولي الوحيد"

قال جملته الأخيرة بيأس فقالت هي بنبرة ضاحكة تسخر منه

" ما هو أنت اللي غريب برضه يا ياسين، فيه حد يسجل خطيبته كدا و يسيب التليفون قدام باباه؟

رد عليها مسرعًا :

" أولا كنتي مراتي مش خطيبتي، ثانيا بقى أومال اسميكي إيه؟! و بعدين هو أنت كنتي مسمياني إيه في الخطوبة ؟!"

ردت على حديثه بلامبالاة :

"هسميك إيه يعني ؟! كنت مسمياك ياسين رياض الشيخ"

شهق بقوة ثم قال معقبًا

" يا نهارك مش فايت ؟! ياسين رياض الشيخ ؟! ما كنتي سجلتيني ياسين خطوبة و لا ياسين تبع طنط وفاء"

ردت عليه هي بنبرة ضاحكة

" و الله كنت هسميك كدا فعلا، بس قولت لأ كدا قلة زوق خليها باسمه الثلاثي و خلاص"

تحدث هو بضجر منها :

" هي بطاقة يا خديجة ؟! ما تاخدي عنوان بيتنا و رقمي القومي بالمرة، إيه الجحود دا ؟! يا رب أعمل فيها إيه؟! أخلي النص اليمين يصحل أخوه؟!"

قال حديثه بعدما رفع ذراعيه السماء و هي بجواره تضحك عليه حتى رمقها هو بغيظ ثم انزل ذراعيه، فوجدها تقول بضجر

"خلاص یا هندسة متكبرش الموضوع، ما أنا غيرته بعد الجواز و خليته إسم حلو زيك، لو زعلان كدا هخليه مهلبية المهم إنك متضايقش "

ضرب وجهه بكفيه معًا و هي بجواره تحاول كتم ضحكتها عليه، حتى وجدته يقول:

" تعرفي إنك ست مفترية و بوظتي الجو اللي كنت محضره ليكي ؟! أنا كنت ناوي أخليكي تعيطي من الفرحة، شكلك هتعيطي من الحزن"

عادت للخلف و هي تطالعه بغير تصديق و هو ينظر لها بوجه ممتعض، فسألته بحماس:

"خلاص خلاص...... قولي بقى كنت هتعمل إيه؟! بسرعة علشان خاطري و لو كدا لما نروح هبوسك و الله"

رد عليها هو مسرعًا بوقاحة :

" إيه الإنجاز في إنك تبوسيني ؟! أنا مش فاهم؟! دي حاجة المفروض إنها تحمسني يعني يا خديجة ؟!"

 ردت عليه هي بوقاحة لم يعدها منها من قبل:

"أومال في وضعي دا عاوزني أعملك إيه؟! ارقصلك يا ياسين؟! دا أنا بقيت مرمة محتاجة طالعة واحدة "

ردد خلفها بدهشة:

"مرمة !! هو انت جيبتي الكلمة دي منين ؟! دا أنا مهندس و اشتغلت مع عمال و عمري ما قولت الكلمة دي ؟! إيه مرمة دي"

ردت عليه مفسرة ببساطة :

"مرمة، يعني شروة واحدة كدا زي الشقة اللي محتاجة توضيب من أول وجديد على المحارة يعني"

أشهر سبابته أمام وجهها و هو يقول بتوعد لها :

" أسمعي يا كتكوتة !!! علشان متجيش تزعلي بعد ما تقومي بالسلامة، التريقة دي أخرتها هتبقى وحشة على دماغك مش هتعرفي تتخطيها، أنا اتجبست قبل كدا و الهزار دا كله قعد ليا

ردت عليه و هي تحاول كتم ضحكتها

"يا سيدي سيبني أهزر مش أحسن ما اقلبها نكد و عياط فك كدا و فرفش وقولي إيه الجو الحلو اللي كنت عامله ليا قبل ما اتحول من شوية"

ارتسم اليأس على ملامحه و هو يقول:

" لأ كدا كتير عليا و على طاقتي، المهم يا ستي أنا عرفت إن فيه انشودة كدا أو أغنية أنتِ بتحبيها، و لاحظت إنك بتسمعيها كتير من غير موسيقى ، صح ؟!"

حركت رأسها له بتشكك وكأنها تستفر منه بذلك فوجدته يبدأ الغناء بصوته العذب بهدوء بعدما ابتسم لها : 

فديتك روحي يا روح الفؤاد.... هواك ملاك برغم البعاد... فأنت يا شطري .... بكل المداد.... شريكة عمري في أسري و قهري... في خطوي و صبري في درب الجهاد........ يا بسمة روحي في وجه الصحون...... يا نسمة ليلي طويل السكون ..... يا رسمة نور كبدر تكون.... يا خير العطايا في وجه الرزايا...... خطاك خطايا.... يا زوجي المصون..... أيا وجه صبح يبث الهيام..... و خيرًا يهل كسطر الغمام..... و حبا يزيح هموم الظلام.. بقلب صبور.... و روح تفور.... بنثر الظهور و فيض السلام.... تمر السنين وراء السنين... و صبرك يبعث فيا اليقين.... يهدهد روحي.... بذاك الحنين..... بقيد سيكسر .... و جيش سيقهر .... و بيت سيعمر .... بشمل متين".

أنهى غنائه بصوته و هو ينظر لها يطالعها ببسمة هادئة و هي أمامه كما المعتاد تبكي أمامه تأثرًا بإحساسه الذي وصلها عبر تلك الكلمات التي ألقاها على مسامعها و كأنها تسمعها لأول مرة بالحياة، بينما هو تنفس بعمق ثم سألها بهدوء

" إيه رأيك ؟! أنفع ؟!"

حرکت رأسها موافقةً عدة مرات تزامنا مع كفها الحر الذي رفعته حتى تقوم بسمح دموعها، فوجدته يخرج من سترته مناديلا ورقية و هو يبتسم لها، أخذتها ثم مسحت وجهها، فتحدث هو بنبرة ضاحكة يتذكر أول مقابلة لهما سويًا : "فكرتيني بأول مرة أديكي فيها مناديل، مكنتيش عاوزة تاخديها مني و فضلت مادد إيدي ليكي كتير، لحد ما قولتلك أنا مش شحات وخدتيهم مني، دلوقتي إيه خطفتيهم خطف كدا"

ابتسمت رغما عنها على حديثه فتحدثت بضجر منه " لو سمحت لما أكون بعيط متضحكنيش خليني متأثرة زي ما أنا كفاية أنك السبب الله مخليني أعيط " 

أشار على نفسه و هو يقول بغير تصديق

" أنا !! أنا معملتش حاجة تخليكي تعيطي، بطلوا افترا على الغلابة بقى"

ردت عليه مؤكدة :

"آه السبب، مخرجني و مقعدني على النيل و بنشرب عصير قصب باللبن، وبتغنيلي أغنيتي المفضلة، و مش عاوزني أعيط ؟! إيه الجحود دا ؟!"

رد عليها بسخرية

" تصدقي صح ؟! أنا عيل مترباش و مشوفتش ريحة الأدب، حلك أني أصبح عليكي بعلقة محترمة و تنامي بأختها، و يا سلام بقى لو أجيبك من شعرك، تبقى كملت"

ضحكت على حديثه حتى تحدثت تقول بتعجب و هو يرمقها بضجر

"ماهو مفيش حد متربي كدا ، أكيد فيه مشكلة أنا لسه مكتشفتهاش في بتلكك علشان أطلع فيك عيوب و مش لاقية و دي الكارثة "

رد عليها مفسرا

" بصي أنا هفهمك حاجة، الأصل في البشر إن فطرتهم سليمة، يعني خالية من أي شوائب، زي ما سيدنا "آدم" كان في الجنة و معاه "حواء"، بس لما الشيطان زين ليهم الشجرة وكلوا منها رغم إن ربنا سبحانه و تعالى أمرهم بدا إنهم مياكلوش منها، بس هي النفس البشرية كدا سبحان الله و ساعتها خرجوا من الجنة و نزلنا الأرض و من ساعتها والنفوس البشرية بيحركها الفتن، قابيل قتل هابيل علشان غار، يعني فتنة، دورك كبشر بقى تحافظ على قلبك من الفتن بأنواعها، يعني تشوف دايما إيه اللي يحافظ على قلبك من الأمراض والامراض هنا مش يعني التعب، أمراض القلب معناها كل ما هو سيء تجاه الآخرين يعني عصبية و حقد و غيرة و خبث و لؤم، كل دي أمراض في القلب لو منهم مرض صاب قلبك، يبقى ربنا يعينك على عيشتك بقى "

حرکت رأسها موافقة و هي تبتسم له فوجدته يمد يده لها و هو يقول بجدية زائدة عن الحد "يلا يا خديجة خلينا نروح الدنيا بدأت تبرد و أنا مش هقلع الجاكيت و أديهولك"

ضحكت عليه فوجدته يضحك هو الآخر ثم اقترب منها يقف مجاورًا لها، فوقفت ثم قالت له بهدوء "ممكن أطلب طلب صغير وبالله عليك مترفضش يا ياسين اعتبره خدمة منك ليا

حرك رأسه لها باستفسار فأضافت هي بتردد: "بص أنا زهقت من القعدة .. و .. عاوزة اتمشى معاك، مش عاوزة أروح دلوقتي و بلاش نلف بالعربية "

حرك رأسه يتفحصها من رأسها حتى أخمص قدميها و كأنه يشير لها على وضعها، فأضافت هي بحنق: " أنت معايا أهو عارفة إن وضعي ميسمحش بس بجد عاوزة اتمشى مش عاوزة أروح، الأوضة دي بتفكرني بأيام اكتئابي، يلا بقى علشان خاطري متزعلنيش"

تنفس بعمق ثم قال بقلة حيلة :

" أنا هوافق بشرط علشان أنت حلفتيني بالله، بس لما أقول يلا يبقى يلا، مفهوم ؟!"

حرکت رأسها موافقةً بحماس فأشار برأسه نحو أحد الشوارع الجانبية و هو يقول:

" فيه شارع هنا حلو فيه زرع و شجر تعالي نمشي فيه علشان مش هتعرفي تعدي الطريق"

حركت رأسها بحماس و هي تبتسم ثم أمسكت العصا في یدها و هو بجاورها يسير معها و هو يساندها بيأس منها سرعان ما تلاشى بعد رؤيته لبسمتها على وجهها و نظرة عينيها التي تبدلت في غضون ثوان.

أوقف «وليد» سيارته أسفل البيت و «عبلة» بجواره فتنهد هو بعمق ثم قال بنبرة هادئة :

" عبلة !! هو أنت هتفضلي كدا كل مرة تيجي تستنيني؟! أنا كدا بحس أني بتقل عليكي"

حركت رأسها موافقة ثم أضافت بتأكيد

"آه هفضل كل مرة كدا، شوف نفسك بتبقى خارج عامل إزاي من هناك لولا أني بفضل أضحكك و أرخم عليك، أنا خلاص قررت و أنت عارفني عنادية، يعني كلامك ملوش لازمة عندي"

رفع لها حاجبه فوجدها تقول بهدوء بعدما استغفرت في سرها

بص يا ابن الحلال علشان منتعبش بعض القفة أم ودنين بیشیولها اتنين و أنت قفتك تقيلة عليك لوحدك، سيبني اشيلها معاك علشان محسش بالذنب هتخسر إيه يعني ؟!"

حرك رأسه مستسلما لها و هو يقول بهدوء:

"معاكي حق قفتي تقيلة، بس خلاص هانت هناء قالتلي إنها خلاص قربت تخلص معايا يعني على ميعاد فرحنا كدا"

ابتسمت له ثم قالت:

طب يلا ننزل هما كلهم عند عمتو مشيرة بيشوفوا الحاجات اللي هما جابوها للفرح"

نزل من السيارة و هي تتبعه حتى دلفا للبيت سويا ثم دلفا معا شقة عمته و التي جلست بها جميع العائلة يشاهدون الأشياء الخاصة بجهاز كلا من «عبلة » و «جميلة » و بعد جلوسهما سويًا، تحدث «طارق» ساخرًا و هو يقول:

" لأ بس ما شاء الله جايبين حاجات مفيش بيت يقدر يستغنى عنها، مش عارف من غيرهم كنا هنعيش إزاي ؟!"

سألته والدته «سهير» بضجر "عاوز إيه يالا ؟! أنت مالك بتدخل ليه ؟!"

حرك كتفيه ببساطة وهو يقول:

"لأ خالص مش عاوز حاجة، يدوبك أنا العريس اللي جايبينله الحاجات دي، يدوبك كمالة عدد"

مال «وليد» بجزعه يمسك أحد الأشياء الموضوعة أمامه و هو يقول بثبات

" هي إيه دي يا جميلة !! معلش يعني بس شكلها ملفت بصراحة "

ردت عليه هي بفرحة :

"دي كتكوت يا وليد جايباه علشان أحط فيه البيض لما اقشره"

ضحك «طارق» فوضع كفه على فمه و هو يحاول كتم ضحكته، فرمقته هي بغيظ، فتحدث «وليد» يقول بسخرية :

"شوف إزاي ؟! قال يعني لو البيض متحطش عليها بعد ما نقشره مشاعر هتتجرح

 ردت عليه «جميلة» تعانده

"آه، على فكرة بقى هي مهمة و أنا جايبة منها اتنين"

تدخلت عبلة » تقول بحنق: " أنت بتستعبطي يا جميلة ؟!"

طالعتها بتعجب فتدخل «وليد» يقول بفخر " اسمعي بقى العاقلة دي دي ست بيت شاطرة، اتعلمي منها "

تحدثت «عبلة» تقول بضجر

يعني إيه اتنين ؟! و مجبتليش معاكي منها ؟!"

حرك «وليد» رأسه نحوها و الجميع يضحكون عليها و هو يقول بضيق ممتزج بالدشهة :

" و حياة أمك !! عاوزة منها !!"

حركت رأسها موافقة ثم قالت:

"آه و الله عاوزة منها، أومال هحط البيض فين لما أقشره ؟!"

رد عليها هو مسرعًا :

"حطيه في طبق عادي، مش لازم كتكوت

حرکت رأسها نفيا و هي تقول:

" لأ مش هحطه في طبق عادي، هحطه في الكتكوت علشان السفرة يكون شكلها حلو و لو جميلة مجابتش ليا هخليك أنت تجيبلي"

تدخلت «مروة» تقول بنبرة ضاحكة :

"كل حاجة جت لجميلة جت ليكي أنت كمان زيها، جبنالك كتاكيت يا هبلة "

صفقت بكفيها معًا فمالت «خلود» على اذن «وليد» تهمس له بهدوء

" لو عاوز تخلع منها عرفني دي هبلة و شكلك اتدبست فيها، اسمع مني اللي زي دي قالوا فيها أمثال ياما، اشهرهم متخافش من الهبلة خاف من خلفتها، و أنت شايف السلالة خربانة مش ناقصها ولاد الهبلة دي"

حاول جاهدًا كتم ضحكته، فتدخلت عبلة » تقول بضجر و هي تضرب بكفيها معًا:

" لو الناس السوسة تتلم !!! إحنا هنرتاح بس نقول إيه ؟! لازم ينخربوا كدا"

أخرجت لها خلود» لسانها تعاندها فوجدت «ولید» يحتضنها و هو يقول بنبرة ضاحكة " لو سمحتي يا عبلة، ملكيش دعوة بالخوخة بتاعتي خلود دي في حمايتي لحد ما أكبر و أخرف"

احتضنته «خلود و هي تراقص لها حاجبيها، فدفعته عبلة » من جوارها و هي تقول بحنق:

"غوروا انتوا الاتنين اشبعوا ببعض بقى"

أشار لها «طارق» و هو يقول:

تعالي يا عبلة يا حبيبتي أقعدي جنب أخوكي، تعالي"

ركضت نحو أخيها تجلس بجواره فرفع «طارق» ذراعيه يضعهما على «جميلة » و «عبلة » و هو يقول معاندا له : " خلي الخوخة بتاعتك تنفعك أنا حاضن اتنين، خليك كدا"

رد عليه «ولید بخبث

"بلاش !!! بلاش أنا علشان غيرتك وحشة و أنا ممكن أقوم أحضن الثلاثة دلوقتي خلود أختي و جميلة أختي و عبلة مراتي هتزعل"

ضحك عليه الجميع فتحدث «طارق» بحنق يسأل زوجة عمه :

" يا ستي رضعتيه ليه ؟! علشان يحرق دمي أنا؟!"

ردت عليه «زينب» بنبرة ضاحكة

" و الله يا بني كنا ساعات بننسى مين فينا المفروض ترضع مین ساعات كنت برضعه هو المرتين على أساس إنه خديجة، ومروة كانت ساعات تنسى دا أحنا كنا ساعات بنبدلهم و هما صغيرين و كل واحد فيهم ينام عند التاني"

حرك رأسه هو يبحث عنها ثم قال باستفسار:

طب هي فين طيب ؟! وحشتني "

ردت عليه مروة» تجاوبه راحت للدكتور مع ياسين"

تأهب جسده في جلسته و هو يقول بخوف: "ليه !!! مالها ؟! مش هي كويسة ؟!"

حرك الجميع رأسهم بموافقة فأضافت «زينب» تفسر له: " يا حبيبي إهدا متخافش كدا هي راحت عند الدكتورة اللي أنت حاجز عندها علشان تطمن عليها، شوية و هتلاقيها راجعة "

تنفس هو بعمق ثم قال بعدما تذكر لتوه

"آه صح !! طب كانت استنتني أو كلمتني و روحتلها هناك و ياسين مقاليش ليه ؟!"

ردت عليه خلود» بمشاكسة:

" يا عم بقى سيبهم في حالهم، واحد و مراته خارجين مع

بعض الله يسهلهم، بطل رخامة "

رد عليها هو بسخرية :

"ماهو علشان وضعها ياختي دي محتاجة مساعدين زي العربية ماشي يا كتكوتة لما تيجي"

في أحد الشوارع الجانبية كانت «خديجة» تسير بجواره و هي تبتسم بفرحة و هما يتحدثان سويًا حتى توقفت في منتصف الشارع حينما شعرت بالألم يشتد عليها، فسألها هو بقلق :

" مالك !! تعبتي و لا إيه ؟!"

حرکت رأسها نفيا ثم قالت بهدوء و هي تجبر شفتيها على الابتسام

"لأ و الله متخافش، لما أعيط منك هنا أعرف أني تعبت متخافش معاك رجالة يا مهلبية "

قالت حديثها بمرح طفيف جعله يبتسم رغما عنه و هي تنظر له بثقة وسرعان ما تلاشت تلك البسمة و هي تصرخ بألم، بعدما قذفت كرة قدم نحو رأسها من جهة بعض الأولاد الذين يقومون بلعب كرة القدم في الشوارع فالتفت «ياسين» ينظر للخلف فوجد مجموعة أولاد يقفون بجانب بعضهم بخوف و الكرة تستقر أسفل قدمه، حينها أخفض جسده يحملها، ثم اعتدل ينظر لهم نظرة بثت الرعب بداخلهم و وضع أحد قدميه فوق الكرة حتى اقترب منهما أحدهم غالبا في عمر العاشرة و هو يقول معتذرا له بندم

"معلش يا عمو إحنا أسفين و الله مكانش قصدنا لو سمحت متقطعش الكورة "

تفوه الولد بها بخوف فاقترب منه الآخر و هو يقول:

هو زياد الى رجله طارشةومعلش  احنا اسفين  بس الكورة دى لو اتقطعت بابا حيزعقلنا عشلن الاسبوع الى فات واحد قطعلنا الكورة

قال جملته ثم اقترب منهما و هو يقول معتذرا لها :

"حقك علينا يا آنسة و الله لو زعلانة إحنا ممكن نمشي من الشارع دا، بس بلاش تخليه يضرب حد و لا يقطع الكورة "

رد عليه «ياسين» بحنق:

"آنسة !! هو أنا شوال بطاطا واقف مش مالي عينك يا نجم ؟! دي مراتي"

رد عليه أحدهم بخبث:

"ما كلهم بيقولوا كدا، هي أول مرة نلعب هنا ؟!"

حاولت «خديجة » كتم ضحكتها فحرك «ياسين» رأسه ينظر لها بغير تصديق، فتحدث الفتى الأول يقول بأدب: "معلش يا عمو متزعلش منه، ربنا يخليكم لبعض، بس هات الكورة معلش قوليله ميقطعهاش و لا يضربنا، شكلك

طيبة أوي و الله"

ردت عليه هي بلهفة :

"متخافش والله لا هيضربك و لا هيقطع الكورة، لو أنا طيبة هو كمان طيب زيي و أكثر كمان صح يا ياسين ؟!"

حرك رأسه موافقًا ثم رفع حاجبه وهو يقول أمرًا لهم:

"هتاخدوا الكورة مني بس بشرط ..... واحد فيكم يروح يجيبلي كرسي "

طالعوه بدهشة و هي معهم أيضًا فأضاف هو بثقة : يا كدا يا مفيش كورة، ها إيه رأيكم ؟!"

ركضا اثنين معًا بسرعة يجلبا له ما أراد، فأشارت هي له حتى يميل لها امتثل هو لمطلبها فوجدها تقول بنبرة هامسة :

" أنت عاوز كرسي ليه؟! هتعمل فيهم إيه يا ياسين ؟!"

أشار لها بيده حتى تنتظر، فاقترب منه أحد الصبية و هو يمد يده بالمقعد البلاستيكي و هو يقول: "جيبته من المحل عند بابا هات الكورة بقى"

أمسك يدها و هو يقول بهدوء " اقعدي على الكرسي يا خديجة بسرعة يلا قبل ما ارجع في كلامي و اقطع الكورة "

طالعته بتعجب فوجدته يقرب المقعد منها ثم اجلسها عليه و هي ترمش ببلاهة له، فاعتدل هو بعدما غمز لها بعينه اليسرى، ثم حرك الكورة في يده و هو يقول بمرح: "يلا نلعب و أنا معاكم هاه يا كدا يا أخد الكورة و مراتي و أمشي و أنا حبايبي كتير هنلعب بيها مع بعض"

صرخ الأولاد بفرحة و هم يقذفون من فوق الارض، فضحك «ياسين» ثم أطاح لهم الكورة برأسه، فضحكت «خديجة» رغمًا حتى وجدته يلتفت لها ثم ابتسم باتساع حينما وجدها تبتسم له هي الأخرى.

في المزرعة الخاصة بـ "شرف" كان «حسن» يسير وسط المزرعة بالحصان و «هدير» أمامه تبتسم بفرحة حتى قال هو بصوت ظهر به التعب

خلاص بقى يا هدير أنا تعبت هو أبو بلاش كتر منه ؟! الليل دخل و الناس قربت تنام و الحصان تعب"

حركت رأسها للخلف و هي تقول بخبث:

لأ دا فارس أصيل زيك يا أبو علي مبيتعبش بيفضل يحارب زيك كدا و مبيتعبش و مبیخسرش، شكلك أنت اللي مش خیال بقى"

حرك رأسه يهمس في أذنها بقوله:

"بلاش تتحديني و أنت عارفة أني خيال و خيال جامد كمان السكة دي مش حلوة معايا يا قطة "

حركت كتفيها و هي تقول بنفس الطريقة :

"أنا مش بتحداك، أنا بقولك الحقيقة إن الحصان دا أصيل زيك و اللي أعرفه عن اللي زيكم مبيتعبش و كل ما يتعب يكمل من تاني شكلك تعبت يا حسن

رفع رأسه بشموخ وهو يقول:

على البركة يا هدير خليكي فاكرة إن أنت اللي طلبتي"

ابتسمت بنصر و سرعان ما اتسعتا حدقتيها بقوة حينما تحرك الخيل بسرعة و كأنه ينافس الزمن، و «حسن» خلفها يضحك باتساع على هيئتها الخائفة حتى صرخت هي بقوة و ما أثار دهشته هو امتزاج صرخاتها بضحكاتها و كأنها شخصين كلا منهما يحمل شعورًا غير الآخر، فضحك هو الآخر ثم تحرك بالخيل مسافة أطول و أكبر من السابق، قطعها في وقتا قياسيًا ثم عاد مرة أخرى للمزرعة بنفس السرعة و هو يقول بعد توقفه

"ها !!! تحبي نرجع تاني ؟! بس بنفس الطريقة، علشان تصدقي أني خيال يا قطة "

حركت رأسها نفيا بسرعة و هي تقول:

" لأ !! بلاش خلاص تعبت والله حاسة إن عضمي انفصل عن بعضه، ربنا يكرم و ميحصلش طلاق بس... آااه"

نزل هو أولا و هو يضحك عليها بيأس ثم مد يده لها حتى تتمسك به فوجدها تقول بحنق:

"لا، خلي عندك نظر و نزلني أنت زي ما رفعتني، مش هقدر أنط "

ابتسم لها ثم رفع يديه معًا يمسكها ثم أبعدها عن الحصان فوجدها تقول مسرعة :

" فيه كنبة حلوة هناك أهيه، روح خطني عليها و الله مش هقدر أمشي، يلا يا حسن ربنا يكرمك "

أنزلها و هو يقول بهدوء:

" اقفي علشان عاوز أتكلم معاكي، عاوزك تركزي كدا و تفوقيلي"

حرکت رأسها موافقةً على مضض بعدما أوقفها أمامه فتنفس هو بعمق ثم قال:

"أنا كان المفروض استنى على موضوع جوازنا شوية بس غصب عني مقدرتش و غصب عني برضه أنا كنت محتاجك معايا ومكنتش هقدر أخليكي ترجعي بيتك تاني كل حاجة معاكي بتمشي عكس ما أنا عاوز و عكس ما أنا فكرت عمري ما كنت اتخيل إن حياتي تتصلح معاكي و كان نفسي بجد من كل قلبي أعملك فرح و أشوفك بالفستان الأبيض دا محصلش و مش مشكلة، بس أنا نفسي أعوضك عن كل حاجة، حتى من قبل ما أكون معاكي، فرحان بيكي و أنت بتحاولي و أنت بتعملي كل حاجة علشان تثبتي إنك بقيتي هدير ثانية دلوقتي بس أقدر أقولك أني نجحت في اللي كنت عاوزه، و أنت نجحتي كهدير و اثبتي إنك بقيتي واحدة تانية "

حركت رأسها له باستفسار فوجدته يبتسم لها ثم أشار لها بالهدوء ثم أطلق صفيرًا عاليا بفمه، فقطبت جبينها بتعجب حتى ارتفعت الألعاب النارية من حولهما و ظهرت بعض الفتيات يضعن عليها لباسا أشبه بملابس الفتيات البدويات و هن يضحكن عليها ثم قام «شرف» بتشغيل أغنية لهما و هو يشير للفتيات حتى يبتعدن عنهما، فمد «حسن» يده لها ثم قال بهدوء من وجهه المبتسم

" أسمحيلي بقى نرقص سوا و أنت شكلك حلو كدا، و اعتبريها رقصة فرحنا اللي إحنا معملنا هوش دا"

حركت رأسها عدة مرات وهي تبتسم له و الفتيات حولها يصفقن لهما وهن يرتدين تلك الملابس التي تشبه ملابس البدو بعينيهن المتكحلة، فضمت كفه بكفها كعادتهما و هما يرقصا سويًا على الكلمات الآتية :

" نخبي ليه في أسرارنا ؟!.... و أنا و أنت مفيش غيرنا ..... و لو ننسى مشاعرنا .... نكلم مين يفكرنا ؟!.... يا روح الروح بتنساني .... و أنا فاكر و مش نساي..... تغيب عن عيني من تاني... و من غير حب أعيش إزاي ؟!.....

و مهما تغيب بعيش وياك .... و أشوفك وردة في الشباك ..... و دمعة حب في عنيا بتستناك يا أحلى "...لاك

لفها بيده و هو يبتسم لها حتى واجهته من جديد فأكمل هو رقصه معها عند التكملة :

"قالولي الحب ليه علامات .... في نبض القلب و الهمسات ..... و روح بتروح تنادي عليك ..... و رعشة إيد في السلامات"

أحضتنه و هي تضحك بفرحة و الفتيات حولها يصفقن بقوة مع إطلاق الزغاريد، فهمس لها بهدوء

"فرح عالرايق أهوه، شوفتي المثل اللي بيقولك اتقل تاخد حاجة نضيفة ؟! اديكي خدتي حاجة حلوة أهوه"

ردت عليه هي بفرحة بعدما رفعت رأسها له:

" و الله ما فيه حاجة حلو غيرك أنت، لا بجد يعني أنت اللي زيك محتاج ركعتين شكر لله و الله "

احتضنها و هو يضحك بقوة ثم أشار بابهامه لـ «شرف» و كأنه يقول له كل شيء على ما يرام، فابتسم له ثم أشار له بيده هو الآخر، وبعدها أشار للفتيات حتى تتحرك من أمامهما، فقبل هو رأسها ثم قال بهدوء:

" تعالي بقى نقعد علشان عمو شرف میزعلش ممكن تهب منه و يطردنا دلوقتي"

ابتعدت عنه تسأله بتعجب:

" هو إحنا مش هنمشي النهارة ؟!"

حرك رأسه نفيا ثم قال بهدوء:

"بكرة الصبح إن شاء الله مش هعرف أخرج بيكي من المزرعة في الضلمة دي الطريق مش أمان و إحنا في حتة مرمية "

حركت رأسها موافقةً بحماس، فسألها بصوته الرخيم

" مبسوطة يا هدير ؟!"

رفعت رأسها تنظر له بتأثر، فسألها هو بتشكك بعد نظرتها تلك:

" مالك ؟؟ مش مبسوطة ؟!"

حركت رأسها نفيًا ثم رفعت كفها تزيل دموعها و هي تقول بصوت مختنق

"لا... مبسوطة و أوي كمان بس استغربت السؤال محدش عمره سألني حاجة زي دي، حسيتها غريبة عليا أوي، بس هو سؤال حلو فيه حنية كدا"

ابتسم لها و هو يقول بثقة :

لأ و محسوبك أبو علي كله حنية، حتى اسألي برة "

حرکت رأسها موافقة و هي تقول:

" مش محتاجة أسأل يا حسن الجواب باين من عنوانه و أنت عنوانك كله أمان سكة مش محتاج تسأل عليها، تدخلها و أنت متطمن إنك مش هتتوه فيها"

اتسعت بسمته حتى اقترب منهما «شرف» و هو يقول

بسخرية :

خلاص يا عريس، إيه هنقضي الليلة كلها تحبوا في بعض ؟! راعوا مشاعري "

التفت ينظر له بحنق و هو يقول:

" يا سلام عليك و على وقتك الغلط !! فين مراتك ؟!

سايباك ليه ؟!"

رد عليه بنبرة ضاحكة

"جاية بكرة يا حبيبي هي عند أختها و جاية بكرة و وصتني متمشوش غير لما تشوفكم"

حرك رأسه موافقًا ثم أضاف مؤكدًا بمشاكسة :

كدا كدا مش هتحرك غير لما أشوفها، احنا بنيجي علشان نشوف القمر برضه مش علشانك

توعد له باشارته و هو يقول:

"ماشي !! أنا هسكت علشان المزة جنبك و هجيلك تاني اربيك "

تحرك من أمامهما فحركت «هدير» تسأل «حسن» ببلاهة : "مزة !!! هو عمو شرف دا مخرجش من هنا من إمتى ؟!"

رد عليها بسخرية :

" أتوقع من التسعينات كدا"

ضحكت عليه فاشار على الأريكة و هو يقول بهدوء

" تعالي نقعد شوية نرتاح قبل ما يجي ينادينا علشان نتعشا "

حرکت رأسها موافقةً ثم تحركت خلفه حتى جلس هو أولا ثم مددت هي جسدها على الأريكة ثم وضعت رأسها على قدمه و هي تبتسم براحة تخللت قسمات وجهها، فحرك كفه يمسد على رأسها بهدوء و هو يقول:

"إيه رأيك في المفاجأة !؟! عجبتك و لا تحبي نغيرها بحاجة تانية ؟!"

حرکت رأسها نفيا ثم قالت:

"حلوة حلاوة تجزع النفس مفاجأة حلوة شبهك كدا، بس قولي مين عمو شرف دا؟!"

تنفس بعمق ثم قال:

عمو شرف دا يا ستي يبقى... هقولك من الأول، طارق و وئام لما خلصوا جامعة و جه وقت الشغل، معرفوش يشتاغلوا مع رجالة العيلة، حسوا إن الشغل مش على مزاجهم و طارق طلب شغلانة تكون على مزاجه خصوصا إن محدش من عيلة الرشيد جبرهم على حاجة، كنت ساعتها أنا بشتغل في التصوير تبع الدعاية و الشركات المهم عمو مرتضى كان عنده صحاب من أيام الجيش و هما عمو شرف و واحد تاني إسمه عباس و الاتنين كانوا شركا مع بعض في شركة الدعاية، عمو شرف مبيخلفش و عمو عباس عنده ولدين و بنت طارق و وئام اشتغلوا معاهم في الشركة لحد ما شربوا الشغلانة كلها، عمو شرف كان بيعتبرهم ولاده و لما اتعرف عليا حبني زيهم، لحد ما فضوا الشراكة و عباس دا سافر هو عيلته برة مصر و عمو شرف رجع للمزرعة بتاعته هنا و معاه مراته بس كان طلب مننا مننساهوش و نفضل نسأل عنه علشان هو ملوش حد غير مراته و أخوه مات و عياله ميعرفش عنهم حاجة، المهم بقينا كل فترة نيجي نفصل من تعب الدنيا برة عندهم هنا هو و طنط ثريا مراته بس بلاش تقوليلها طنط بتعصبها قوليلها ثريا علشان هي بتحب إسمها "

حرکت رأسها موافقة و هي تضحك بخفوت عليه ثم قالت بين اليقظة و النوم

" أنت طيب أوي علشان بتفرح كل الناس و أنت بيكون نفسك تفرح زيهم علشان كدا ربنا هيفرحك "

ربت على رأسها و هو يقول:

"فرحني.... ربنا فرحني بيكي يا هدير يوم ما بقيتي مراتي و لسه الفرح هيزيد معاكي طول ما أنت معايا"

تثائبت هي بشدة ثم أغلقت عينيها، فسحب هو شالا من جواره و وضعه عليها ثم ربت على كتفها و هو يبتسم حتى اقترب منه شرف» يجلس على الأريكة المجاورة له و هو يقول:

" إيه ياض يا حسن ؟! أنت غرقت فيها ولا إيه؟! شكلك حبيتها بجد، أنا قولت أنت بتشتغلني لما كلمتني تحكيلي"

ابتسم له بسخرية و هو يقول:

" اشتغلك !! لا اتطمن يا سيدي حبيتها بجد و بقيت مرتاح معاها، مش عارف ليه هي و مش عارف ليه برتاح معاها و مش عارف ليه بحس أني مليش غيرها، حاجات غريبة عليا أنا و قلبي بس مفرحانا"

ابتسم له و هو يقول:

" قولتلك إن جوازك الأولاني دا ممكن يكون اختبار ليك و ممكن يكون علشان تتعلم منه ازاي تحافظ على النعمة أنت مكنتش حاببها و هي مكانتش شبهك و حملت منك أنت مكنتش فرحان و خايف و هي حطيتك قدام الأمر الواقع، كل دا يا حسن، كان صعب يخلي علاقة زي دي تكمل، كانت علاقة متعبة ومخلياك تبذل فيها أكثر من الطبيعي، فضلت قافل على نفسك و على قلبك و اتحبست و اكتئبت و تعبت نفسيا، كل دا حسيت بيه علشان لما ربنا يرزقك بيها تقدر قيمتها حافظ بقى على الهدية "

ابتسم له ثم حرك رأسه ينظر لها و هي غافية على قدمه ثم سحب نفسًا عميقًا و هو يقول تزامنًا مع كفه الذي تحرك يمسد على رأسها :

" هي أكثر من كدا بكتير، بنت كبيرة و تحسها شخصيتها قوية، في نفس الوقت جواها عيلة صغيرة نفسها تلاقي فرصة علشان تخرج، أنا كنت ليها فرصة و هي عرفت تمسك فيها صح، أنا من البداية حاجة قالتلي إنها محتاجة بوصلة تصلح ليها الطريق، مش محتاجة عصاية علشان تضرب و تتحرك، أنا معرفش ازاي بقيت كدا معاها و معرفش حسن اللي بقى بيجيب هدايا و يرقص و يخرج و يفسح دا جه منين؟! بس تقريبا هي سرها باتع علشان كدا أنا لقيت نفسي بفرح معاها، سبحان الله ربنا بيحيي قلوب بقلوب تانية قلوب كانت ماتت خلاص بس بيجي قلب تاني يخليه يدق و الحياة تلمسه، و أنا الميت اللي عرف الحياة بيها هي"

ربت على كتفه و هو يقول بتأثر:

" أنا فرحان ليك أوي يا واد يا حسن، أنت طيب و تستاهل كل خير و تستاهل إنك تفرح بجد، لو هي فرحتك في الدنيا يبقى ربنا يكرمكم سوا و تكونوا مع بعض في الجنة "

ابتسم له «حسن » و هو يقول بتمني و تأثر: " يا رب .... يا رب زي ما جمعتني بيها في أرضك و دنيتك تخليها معايا في جنتك"

في بيت آلـ «الرشيد» حاول «وليد» التوصل لهما و لكن هواتفهما كانت مغلقة، فزفر بقوة حتى سألته «هدى» بضجر

"ما" خلاص بقى وترتنا، هتيجي متقلقش "

رد عليها هو بقلق:

" الدكتورة قالتلي مشيوا من بدري و أنا قلقان أوي، خايف تكون تعبت منه و هو مش عاوز يقولنا طب مبيردوش "!ليه ؟

تدخل «طه» يقول بهدوء محاولا اقناع نفسه بذلك

الحديث:

متخافش یا وليد هييجوا مش هيتأخروا، مالك موترنا و موتر نفسك ليه مش ناقصة هي"

زفر «وليد» بقلة حيلة و فجأة طرق الباب بواسطتهما، فركض هو يفتح البابة بمجرد وقوع بصره عليها سألها بقلق و نبرة منفعلة :

" أنت فين كل دا ؟! و مش بتردي عليا ليه ؟! طب مش فارق معاكي أنا؟!"

طالعته هي بدهشة فتدخل «ياسين» يقول مهدنا له : " براحة مالك بس فيه إيه دخلها خليها تقعد مالك ؟!"

زفر بقوة ثم أمسك يدها و هو يستغفر في سره حتى أجلسها على أقرب مقعد قابله و هي تطالعه بتعجب، حتى جتى على ركبتيه أمامها و هو يقول بهدوء معتذرا لها : "حقك عليا علشان اتعصبت عليكي، بس أنا دماغي في الشوية دول تعبتني أوي، كنت خايف تكوني تعبتي و أنا مش معاكي اتأخرتي ليه يا خديجة ؟!"

ردت عليه هي بهدوء يشوبه ندم:

 "بص علشان مبقاش كدابة أنا اتخنقت من قعدة البيت بصراحة قولت طالما أنا مع ياسين نقعد شوية برة، بس مكنتش عاوزة أقلق حد عليا"

اقترب منها يقبل جبهتها ثم طالعها و هو يقول بوجع " أنا بخاف عليكي حتى و أنت قصادي يا خديجة، مش عاوزاني أخاف و أنت بعيد عني و كمان تعبانة ؟! طمنيني عليكي "

حرکت رأسها موافقة بتأثر و هي تقول بنبرة باكية: "أنا كويسة الحمد لله، الدكتورة طمنتني و قالتلي كلها أيام و أفك السلك اللي في راسي و أفك دراعي، متقلقش عليا و الله "

جلس على يد المقعد ثم احتضنها و هو يتنهد بعمق، فسأله «ياسين» بتعجب من حالته

"مالك يا وليد ؟! ما هي كويسة أهيه و الحمد لله اتحسنت كتير"

تنفس بعمق ثم قال:

"فاكر الولد اللي شوفناه في المشرحة ؟! أنا سيبتكم و رجعت تاني علشان أعرف دول أهله و لا لأ، و يارتني ما عملت كدا صريخهم وعياطهم لسه في ودني بقيت خايف على اللي بحبهم، و دماغي ألفت ألف حوار و زادت لما ا تأخرتوا"

رفعت رأسها تطالعه وهي تبتسم له فأخفض نفسه يقبل رأسها مرة أخرى و هو يقول:

"لما تيجي تخرجي من هنا تاني عرفيني، بلاش تقلقيني علشان دماغي بتتعبني و أنا مش ناقص"

حرکت رأسها موافقةً، فاقترب منها وئام» و على ذراعه «فارس» و هو يقول بهدوء

طمنيني عليكي يا حبيبتي يا رب تكوني كويسة، خدي بوسي فارس أنا عارف إنك بتحبيه"

حرکت رأسها موافقةً ثم قبلت الصغير على يده و بعدها رفعت رأسها و هي تقول بنبرة هادئة :

" أنا بحب فارس و بابا فارس و مامة فارس و عم فارس"

اقترب منها «وئام» يقبل رأسها ثم قال بتأثر: " أنا اللي بحبك أوي يا خديجة، بحب طيبتك و بحب كل حاجة فيكي و كل حاجة بتعمليها، يا بخت فارس عنده عمة حلوة زيك كدا

ابتسمت له بخجل، فتحدث «وليد» بتهكم يسخر منه " على رأي المثل:

علمناهم السكة ركنونا على الدكة"

ضحك الجميع عليه فتدخل «أحمد» يقول بحنق: " أنا طول عمري ما سمعتش المثل دا، جيبته منين ؟!"

ابتسم له «وليد» بثقة و هو يقول: "لأ دي مقولة من أقوالي اخترعتها علشان الناس اللي مكانتش بتتكلم زي واحد صاحبنا إسمه وئام

رد عليه وئام» بضيق منه:

سيب وئام في حاله يا بارد روح يا شيخ ربنا يكرمك

بتوأم يضيعوا النوم من عينك"

ابتسم له بخبث و هو يقول:

" ما كفاية أمهم مضيعاه، هيبقى هما و أمهم يعني ؟! دا حرام و كتير عليا"

ضحك عليه الجالسون بأكملهم، بينما «عبلة» أخفضت رأسها بخجل منه و هي تحاول جاهدة كتم ضحكتها، و هو ينظر لها حتى شرد في خجلها و ضحكتها، فوكزته «خديجة » بخبث، حينها مال عليها و هو يقول هامشا لها بهدوء

"أنا عاوز أقولك أني بقيت بتطمن معاها و مش خايف منها بقيت بعد الوقت علشان تكون معايا، عبلة عملت المستحيل"

رفعت رأسها تستفسر منه بنظرتها فحرك رأسه موافقًا يؤكد صدق حديثه، فتنهدت هي بعمق ثم حركت رأسها تنظر لـ «ياسين» حتى اقترب منها هو ثم أمسك «وليد»

من ثيابه و هو يقول بتيه وهو ينظر لها :

غور يالا من هنا المكان دا يخصني"

تحرك «وليد» بدفعة و كاد أن يسقط لولا يد «أحمد» الذي امسکه و هو يحاول كتم ضحكته، فحمل «ياسين» الصغير على ذراعه ثم جلس على يد المقعد بجوارها و هو يبتسم

له ثم حرك رأسه ينظر لها و هو يقول بهدوء:

" بحسه شبهك و الله مش قصدي على الشكل، بس فارس دا أنا متأكد إنه هيبقى النسخة التانية منك، وئام هيخليه نسخة منك و من حنانك عليه"

رد عليه «طارق» مسرعًا يؤكد حديثه

دي حقيقة، وئام طول عمره يقول إنه هيخلي عياله زي خديجة و وليد علشان هو شالهم و هما صغيرين

ردت عليه «هدی» بقلق زائف

زي وليد !!! ليه كدا بس ؟؟ كفاية هو عليا، شاللني و

جالطني"

رد عليها هو بتبجح:

ماله وليد يا أم فارس !!! دلوقتي بقيت وحش؟! فين أيام شهامة وليد و جدعنة وليد و يا رب يبقى راجل زي وليد خلاص بقينا وحشين ؟! ناس قلابة "

شهقت هي بقوة ثم قالت:

" أنا قلابة ؟! يا ندل طب عمو محمد عمو مرتضى، أجلوا الفرح بقى مفيش فرح للأشكال دي"

ردت عليها «عبلة » مسرعة :

"بس أبوس رجلك !!! دول بيتلككوا، عاوزين ننجز فرحنا خلينا نتزف بقى"

أيدها «طارق» بقوله:

"معاها حق بصراحة، جرى إيه يا وئام ؟! شكلكم نسيتوا مين اللي كان السبب في جوازكم ما تقول حاجة يا وليد

ابتسم له «وليد» بثقة و هو يقول:

" لا أنا مش هقول حاجة، أنا هعمل اللي هدى متعرفوش إن مفتاح شقتها معايا و أنا اللي مسئول عن دهان الحيطة في بيت الشباب و هي تموت ولا إنها تشوف ألوان مش متناسقة، قسما بالله هخلي كل حيطة في الشقة بلون و هاجي عند باب الشقة و أجيبه كله ورد و ألوان حلوة هجلطها "

ضحك الجميع عليه، فتحدثت هي ببراءة زائفة : اخس عليك يا وليد ؟! دا أنا بهزر معاك يا رب وليد يبقى زيك يا رب، أقولك على حاجة ؟! كان نفسي أسميه وليد بس طلع فارس"

حرك رأسه لها باستفزاز و هو يبتسم لها و هي الأخرى بادلته النظرة بمثيلتها حتى ضحك عليهما الجالسون بأكملهم.

أسفل شقة «ياسر » نزل الشباب معا بزوجاتهم، و معهم «ياسر» أيضًا بدون زوجته، فسأله «عامر» بتعجب: " هو أنت نزلت معانا ليه ؟! إحنا بيوتنا أهيه، أطلع يلا"

رد عليه بهدوء

"هروح مشوار مهم يا عامر، اطلعوا أنتم و أنا مش هتأخر هروح لميمي و هرجع تاني

سأله «خالد» بتعجب:

"هتروح لميمي ليه ؟! هو فيه حاجة ؟! نيجي معاك "!طيب ؟

تنفس بعمق ثم حرك رأسه نفيا ثم قال بهدوء:

" أنا محتاج بس اتكلم معاها شوية، معلش خلوني أروح أشوفها و هبقى اطمنكم، متقلقوش عليا"

حركا رأسيهما بموافقة فتحرك هو من أمامهما، فتحدث «عامر» بقلة حيلة :

" الواد عمره زاد الضعف في كام يوم، أنا قلبي بقى بيوجعني عليه أوي يا خالد"

نظر له «خالد» و هو يقول بحزن لأجله:

" أنا قلبي بقى بيتقطع يا عامر، بس خليه يروح لميمي يمكن يلاقي عندها إجابات أسئلته"

حرك رأسه موافقًا على مضض ثم نظر لزوجته فوجدها تومأ له بأهدابها تحثه حتى يتركه على راحته.

بعد مرور بعض الوقت دلف «ياسر» شقة «ميمي» التي جلست في شرفتها تقرأ القرآن، جلس هو مقابلا لها و هو يبتسم بسمته الهادئة، فأغلقت هي المصحف الشريف ثم تنفست بعمق و هي تطالعه حتى فتحت له ذراعيها، فارتمى هو بينهم و هو يبكي، فمسدت هي بكفها المجعد على ظهره و هي تبكي معه هي الأخرى، حتى شهق هو بين ذراعيها فتحدث هي بصوت باك

"بس.... بس بقى يا واد.... بتعيط ليه كدا ؟! مش أنت كبرت و بقيت راجل ملو هدومك ؟! لسه هتعيط كأنه سايبك دلوقتي ؟!"

خرج من بين ذراعيها و هو يقول ببكاء:

تعبت منه و من اللي بيحصل فيا بسببه، طلع مريض

و مرضه كبير، و أنا قلبي أضعف من إنه يتجاحد عليه، و أصغر من إنه يستحمل كل الوجع دا منه، أنا تعبت يا ميمي"

ردت عليه هي باستفسار:

"مالك يا ياسر ؟؟ ما تكبر منه و يارب يمشي تاني مطرح ما جه"

تنفس بعمق ثم مسح وجهه بكفيه ثم قال:

"طب أنا عاوز أسألك سؤال و جاوبيني عليه ضروري، لو عيالك ظهروا ليكي هتعملي إيه ؟!"

طالعته بدهشة من سؤاله، فأضاف هو مفسرا:

" أنت أكثر واحدة في الدنيا دي شبهي، أنت زيي اتسابتي من غير سبب و اللي سابك هما اللي منك، لو رجعولك هتعملي إيه ؟!"

تنفست هي بعمق ثم قالت بصوت باك:

" هقطعهم بإيدي، هضرب فيهم لحد ما أطلع غليلي و غل السنين فيهم، بس بعدها هاخدهم في حضني، علشان

هما وحشوني غصب عني، أنا أمهم و غصب عني فطرتي بتتحرك ليهم، غصب عننا هتفضل جوانا حتة بتحن ليهم حتة بتتعاطف معاهم رغم إننا اتأذينا منهم، هو أبوك وأنت ابنه، غصب عنك قلبك بيحن، ربنا سحبانه و تعالى أمرك بطاعته وطاعة الوالدين حتى لو هيدبحوك و دا ظهر لما ربنا سبحانه أمر سيدنا ابراهيم يدبح سيدنا إسماعيل، سيدنا إسماعيل أطاعه و معارضش أمره دا"

حرك رأسه لها بغير تصديق فوجدها تقول بنبرة هادئة : فكر كدا يا ياسر، لو أنت مقسي قلبك عارف ترتاح ؟! رد عليا كدا"

أرجع رأسه للخلف ثم أعادها من جديد و هو يقول بحيرة : "مش عارف !! دا اللي وجعني أني مش عارف أقسي قلبي عليه اللي قاهرني إني لسه فيه حتة لسه عاوزة تطمن عليه، لسه فيه حتة جوايا بتقولي اعتبره غريب طالب رحمتك و حن عليه، لسه فيه حتة جوايا عاوزة مرضه يشفعله عندي"

ردت عليه هي بتأكيد:

"علشان أنت مش هو و علشان أنت مش زيه هو وحش و قاسي و ظالم و أنت حنين وطيب و قلبك كبير، هو أبوك لو عمل إيه و يمكن هو دا ذنبك في الحياة، إن سمير أبوك "

ابتسم هو بسخرية و هو يقول بوجع

" أنا كل ذنبي في الدنيا أني طلعت نتيجة أب و أم من البداية علاقتهم كانت غلط "

طالعته هي بحزن لأجله فأضاف هو :

" أنا ذنبي إن اتنين جوازهم غلط اجتمعوا مع بعض من الأول، طلعت شخص زيي مشوه من جوة، شخص حتى مش عارف ياخد قرار سليم يمشي بيه حياته، أنا مش عاوز أكون زيه، أنا عاوز أحافظ على قلبي من شر الدنيا و أذاها ........

تعليقات



×