رواية شط بحر الهوى الفصل الثامن والأربعون 48 بقلم سوما العربى

رواية شط بحر الهوى الفصل الثامن والأربعون بقلم سوما العربى

 

وقفت فى وسط الجمع المحتشد تقسم ألا تمرر ما يحدث .

أما ذلك العجوز ذو الأقدام الذائبة فتقسم إن تسحق عظامه هذا على فرض أنه مازال يمتلك عظام من الأساس.

فهل قدم إليها كى يضعها امام الأمر الواقع يعتقد أنه يستطيع ذلك .

لا و الله فهو لم يعرفها بعد ، ليتحمل إذاً ، هو من جنى على حاله .

تقدمت منه تردد : بقا أنت مفكر نفسك ممكن تعرف تدبسنى ؟! تدبس مين يا روح الروح ، ده أشجان ، مش كنت تسأل عنى قبلا .

غمز له بعينه يردد عابثاً : و النبى إنتى إلى روح الروح يا حتة بوغاشة ، و أنا قتيل الليلة دى هتجوزك يعنى هتجوزك ، من الآخر كده أنا يا قاتل يا مقتول .

شمرت عن ساعديها و هى ترفعهم عالياً : تبقى مقتول ، طلبتها و نولتها ، تعالى لى بقا .

أتسعت عيناه برعب و هو يراها تهم لكى تنقض عليه حرفياً تنوى ضرب جبة رأسه بجبتها ، فتراجع خطوتان و هو مزهول يردد بصراخ : جرى إيه يا رجاله ، هضرب و أنا فى منطقتكم و لا ايه.

فهتف المعلم زناتى بغضب : جرى إيه يا ست أشجان مايصحش كده الراجل فى منطقتنا و عيب يحصل فيه كده .

أشجان: هو مش كان عامل فيها أماثل من شويه؟!  خاف و كش ليه دلوقتي ؟

أشهر كاظم أصبعه فى وجهها و هو يردد : خلى بالك أنا ممكن أسوي الهوايل بس انا إلى إبن بلد و أفهم فى الأصول و عارف إنه مايصحش أمد أيدى على واحده ست و خصوصاً يعنى لو كانت الست بتاعتى .

اهتزت شفتيها من شدة الغيظ و الغضب  سيدة من ؟ هل يرغب في فوران دمها أم إصابتها بشلل رباعى ؟

فتقدمت منه و هى تقول: ست بتاعت مين يا راجل يا ربع كم يا بواقى التصدير يا فرز تالت أنت ، ده أنت و إيمانات المسلمين لو شوفتك ماشى على الحيط بردو مش هوافق عليك.

مسح كاظم على صدره بحيث أصبحت تلك هى حركته المعتادة كلما رأها و قال : طب ليه بس كده ، و النبى شاري .

إلتف ينظر للمعلم زناتى ثم قال له : ما تحضرنا يا معلم ، أنت سكت ليه ، قولها أنى إلى شاري ما نبعهوش و كسف الطبيعة وحش .

تنهد زناتى و هو يهز رأسه ثم ردد: لا حول و لا قوة إلا بالله ، أنا كان بودى أوفق راسين فى الحلال بس زى ما انت عارف كل شيء بالخناق إلا الجواز يالإتفاق و هى لازم و لا بد تكون موافقه.

إلتف إلى أشجان سألها : و أنتى موافقه يا ست أشجان ؟

ردت عليه سريعاً دون الحاجة للتفكير و قالت : لأ، و يالا .. قوله يزوق عجله من هنا مش عايزين قلبت دماغ كل ساعه و التانيه .

إلتف زناتى إلى كاظم الذى تحولت معالم وجهه للحزن الشديد و قال له بأسف : ما علش بقا ، كل شيء قسمه ونصيب.

هز كاظم رأسه و هم ليتحرك قبلما تصدح صوت ضحكه رقيعه قادمة من وسط المتجمهرين.

أغضمت أشجان عيناها بغضب خصوصاً و هى تتوقع هوية صاحبة الصوت التى أقتربت تقول : معلوم هيكون لأ ، أنفد بجلدك يا أخويا ، خد ديلك فى سنانك و قول يا فكيك ،هى دى ليها فى الجواز ، دى مابيعيشلهاش رجالة ، كل ما تحط عينها على راجل تجيب أجله .

توقف كاظم مستغرب لما يقال و من هذه السيده بينما تقدمت أشجان متهورة تردد بصياح : لمى لسانك يا أم حسن ، أنتى يا اختى حاطه نقرك من نقرى ليه ، أنا لو منك أروح أشوف أبنى الحيله إلى طفشته من جنبى بسبب عمايلى السوده.

نظرت لها أم حسن بغل ، أشجان ضغطت على جرحها الغائر دون رحمه لذا ستضغط هى أيضاً على جرح عمرها و بدأت تدور حول الجمع المتجمهر فى حلقه و هى تصفق بيديها مردده : هييجى ، مسيرة يرجع لحضن أمه ، مش هسيب بنت ڤيولا تخطفه ، أهو حتى عشان ما تبقاش بنت ڤيولا علمت عليا زى ما أمها علمت عليكى زمان ، فاكره و لا تحبي أفكرك ، و لا تكونيش فاكره أنى مش فاهمه سبب لزقتك لغنوة و لا رفضك للعرسان .

أصفر وجه اشجان و بهت ، أم حسن لا تلعب بنزاهة مطلقاً ، لما تفتش فى جروح الماضى .

بينما أم حسن لم تكتفى بل نظرت إلى كاظم و قالت : روح شوف حالك يا استاذ ، دى زى ما تكون اتعقدت من الجواز و لا عمرها هتفكر في رجاله تانى ، مش ناقص لها غير عمليه و تقلب دكر.

خيم الصمت على الجميع و الكل مبهوت من تمادى أم حسن فى حديثها مع أشجان لطالما كانا فى نقار متواصل لكن لم يصلا يوماً لهنا .

الكل عينه على أشجان ما بين الشماتة و التعاطف .

ليصدح صوتها عالياً و هى تقول : العملية دى تعمليها انتى يا أم حسن و ساعتها تعالى هخليكى تشهدى على عقد الجواز .

أتسعت أعين ام حسن من الصدمه و الغضب و كذلك كاظم و لكن من الفرحة و هو يسأل : عقد جواز مين ؟

تقدمت منه تشبك ذراعها فى زراعة مردده : عليك يا سيد الناس .

أتسعت عيناه و ظل متخشب الجسد رغم أنها تشبكت به ك العرسان و قالت للمعلم زنانى : أبعت هات المأذون يا معلم .

تحركت و هى تجبر كاظم على السير معها و هى مازالت شابكة ذراعها بذراعه تردد : عقبال عندكوا جميعا ، تعالو اتفضوا فوق .

اخذت تسير للداخل و هى تطلق الزغاريد لنفسها فى الهواء و كاظم حقا مصدوم .

____________________

دقات عالية على الباب أيقظتها مفزوعة من نومها العميق تنظر حولها يمينا و يساراً تبحث حتى عن صديقتها نادين لكن لم تجدها.

و الدق على الباب مازال متواصل بل قد زاد حدة و عنف.

اعتدلت من على الفراش و وقفت كذلك و من شدة الدق المتواصل لم يتثنى لها حتى ارتداء خف قدميها.

ذهبت باتجاه الباب و هى تسأل : مين ؟

ليجاوبها ضياء بصوت واضح عليه الغضب المكبوت : أنا ضياء ، افتحى حالاً.

أتسعت عيناها و بالفعل فتحت الباب سريعاً لتراه أمامها و قد أحمر وجهه من الغضب.

و تقدم يقبض على ذراعها بكفه يسحق عظامها و هو يهزها بين يديه الغليظه مرددا: مش بتردى عليا ليه من ساعة ما كنا مع بعض، فضلت اتصل بيكى مش بتردى و بعدها اتقفل خالص .

هيئته بالفعل مخيفه بخرت أى ذرة شجاعة داخلها و ردت كاذبة : الفون فصل و الله.

لكن على ما يبدو أن تلك الإجابة لم ترضيه و بدأ يردد : لأ ما فصلش ، ده مقفول ، و بعدين أنا امبارح ما سمعتش رد منك على كلامى.

رمشت بعينها تسأل: كلام إيه ؟

زاد غضبه ، فهل نست أيضاً ؟

هتف بحده: كمان نسيتي ، نسيتى اعترافي ليكى و أنى بحبك ، أنا ضياء شداد إلي عمره ما اتعلق بحد و لا قال الكلمة دى لحد يوم ما أقولها ليكي تسبينى و تمشى و تيجى تنامى ، المفروض يكون عندك رد على الي قولته .

كان يهزها يميناً و يساراً بعنف و قد انغرست اصابعه فى لحم ذراعها يسحق عظامه من شدة غيظه فرددت بصوت متألم: أااه ، دراعى يا ضياء ، أنت بتوجعنى .

أنتبه على ما يفعله بها و نظر لذراعها المكشوف و قد بدأ يستحيل مكان قبضته للون القرمزى الذى سيتحول فيما بعد للأزرق .

فمد يده برفق يدلكه لها معتذراً

و الآن فقط حانت منه نظرة عليها و على ثوبها الرمادى قصير الطول مجسم للجسد يحتضن تفاصيلها المثيرة جعلت الدماء تغلى فى رأسه و قد سال لعابه عليها .

فبدأ يتقدم بخطوات بطيئة حتى وقف خلفها يحتضنها من ظهرها الذى أصبح مقابل صدره و بدأ يدلك بكفه على ذراعها المكدوم و يحتضنها بالذراع الآخر مردداً بينما يقبل رأسها و هو مغمض لعيناه : حقك عليا ، أنا بس أتجننت لما اختفتيى كده ، أنتى جننتيتى من ساعة ما شوفتك ، فى حاجه مش طبيعيه بتحصل.

أغمضت عيناها مبتسمه ليس استمتاعاً بل هى شامتة .

فى العادى لا تسير الأمور هكذا ، و لسرعة تعلقة بها تدخل ربانى 

ف بالطبيعى لا يقع رجل لامرأه خلال أيام و يصبح لها كل هذا التأثير عليه خصوصاً لو كان رجلاً مثل ضياء ذو التاريخ المسائى الحافل و المشرف.

كل ما يحدث و على ما يبدو انه ما هو إلا تخليص ذنوب ، لا تشعر حياله بأي شفقه أو حتى تردد ، هو يستحق ما يحدث أو سيحدث.

لكن مع ازدياد وتيرة أنفاسه الساخنه و شعورها للتو فقط بانخفاض كفيه من على ذراعها و بدأ يتحسس معدتها بدأت تنسى نوعاً ما و لانت بين يديه متذكرة أنه زوجها حتى لو لم يكن يعلم أنها هى تقى ذاتها.

شهقت بخجل و هى تشعر بشفتيه تهبط على وجنتها ثم ينتقل للثانيه كأنه يوزع قبلاته على كلا الوجنتين بالعدل و التساوى و يديه تزيد من ضمها له.

فذابت گقطعة القشدة حينما تتلامس مع جسد ساخن .

شعور سمحت لنفسها بأن تجربه خصوصاً و هو زوجها و نصف مصر تعلم أنها متزوجة من أبن خالها .

و سمعت صوته المختلط بأنفاسه المتهدجه يردد نن بين قبلاته : أنتى حلوه اوي يا چيچي لما بشوفك ببقى مش مسيطر على نفسى .

كلمة واحدة كانت كفيلة لأن تهوى من فوق تلك القمة الوردية التى صعدتها معه منذ لحظات ، هي بالنسبة له چيچى التى يعشقها على زوجته .

و ليست تقى التى لطالما تنمر عليها و أُرغم على الزواج بها .

تزامن مع دخول نادين من الباب الذي لم يحسن غلقة من شدة إنشغاله بها.

شهقت عليا بخجل و هى تراهما بهذا الوضع.

فانتبه كل من ضياء و تقى بينما نادين بدأت تردد : أنا أسفه كان المفروض أخبط .. بس الباب كان مفتوح.

خرجت سريعاً و أغلقت الباب خلفها و تقى تضع كفيها على وجهها تخفيه بهما ، سحب ضياء نفس عالى يحاول تخطى الموقف .

و أبعد كفيها عن وجهها يردد : ما تخبيش وشك عني.

هزت رأسها تقول: مكسوفة أوي منها و منك و من نفسى .

زاد من ضمها له و قال : أنا هشيل عنك كل الحرج .

نظرت له مستفهمة تسأل: ازاى.

قرص وجنتها ثم قال : بالليل هتعرفي ، بس دلوقتي تغيرى و تعالي عشان ناكل مع بعض ، ما أنا ما أكلتش عشان مستني الهانم بتاعتى ، عشر دقايق و تكوني قدامى ، اوكى؟
هزت رأسها موافقه و هى تبتسم : أوكى ، هغير بس و اجيلك

تقدم ناحية الباب بصعوبة ثم إلتف لها مردداً : طب ما أستنى يمكن تحتاجى مساعده .

أتسعت عيناها و صرخت فيه : امشي يا ضياء.

غمز لها بعيناه عابثاً ثم قال : أنا أقصد عشان لو إحتاجتي تشدى سوسته و لا تقفلي زرار و انتى لوحدك ف أنا فى الخدمة يعنى .

لكنها هتفت بحده : ضياااااء .

أبتسم لها مردداً: خلاص خلاص ، بس ما تتأخريش عشان كل ما بتتأخري بتلكك و أجيلك هنا و انتي حره بقا .

خرج من عندها و أغلق الباب لتتلاشى نهائياً إبتسامتها المزيفة و حل محلها المقت الشديد.

و بعد خروجه بثواني دلفت نادين تردد : مشي خلاص .

بقت تقى تنظر لها بصمت بينما نادين تقدمت مردده : بس إيه ده إيه ده ؟! إيه إلى أنا شوفته ده ؟ قال و تقولى لى مش طيقاه و سبب عقد حياتى ، ده انتى كنتي دايبة فى حضنه زى الشوكلاته السايحه .

بقيت صامته تماما، لن يفيد البوح و لن يتمكن منه من إعتاد الكتمان .

خصوصاً و الأمر مقعد المشاعر و التفاصيل .

فهى ربما لن يتثنى لها معايشة ذلك الشعور فى المستقبل ، تعلم جدها جيدا و تعلم ردات فعله لو طلبت الطلاق كما سبق وفعلت فرفض أيضاً.

كانت تعلم أنه من المتوقع أن مصيرها سيصبح مثل قطعة الأرض البور أو (البيت الوقف) فلن يعطوها حريتها من إبنهم و لن يتقبلها ضياء كزوجة خصوصاً فور علمه أنها تقى و ليست جيجى .

و الاكيد انها كذلك لن تتقبله كزوج فهو يومياً  يخونها ، و المؤلم أنه يخونها معها ، لم ترى فى عيناه و لو لدقيقة واحده أى لحظة ندم أو تراجع و لا حتى تفكير فى تلك البقرة التى عقد قرانه عليها و تجلس فى بيت العائلة بالقاهرة .

الكثير و الكثير من المشاعر المتناقضة التى لم يفهما أحد بالتأكيد ، هى وحدها من تفهم .

لذا التزمت الصمت و بقت تستمع لها بصمت تام و ما أن اقتربت منها حتى قبضت على ذراعها بغيظ تردد : انتي غبية و لا راضعة إيه و انتي صغيره.

نادين: من لبن امي و الله ده انا حتى فضلت أرضع سنتين .

زادت تقى من قبضتها على ذراع نادين و قالت: يبقى هو ده الي تخن مخك.

نادين: في ايه بس ، انتي صاحية من النوم تقولى يا شر إشطر ، أنا عملت ايه ؟

بدأت تقى من شدة غيظها تهز نادين يميناً و يساراً بغل و هى تردد : هو ايه اللي أنا أسفه كان المفروض أخبط ؟ إنتى دخلتى على واحد و مراتة اوضة نومهم ، هتكشفينا بغبائك الله يخربيتك.

صرخت فيها نادين: ما أنتو متجوزين فعلاً ، و إلى عملته كان بديهي لأنى عارفه أنكم متجوزين .

زادت تقى غيظاً و قالت : بس هو مش عارف ، أنتى كده بتلفتي إنتباهه يا غبية 

حاولت نادين إفلات ذراعها من قبضة تقى تردد بتألم : أااه ، أوعي أيدى يا مفتريه .

تقى بغيظ : تستاهلى قطعها و الله.

صرخت نادين  : الله ، فى ايه ،إتكسفت ، أعمل ايه يعنى ، أنا بنت ناس بردو ، و بعدين أنا أصلا قلبى مش مرتاح من ناحيته ، لايكون افتكرك و عرف كل إلي بنعمله .

توقفت تقى عن غضبها و بدأت تفكر فيما قالته نادين مردده : أنا كل حاجه فيا أتغيرت و هو اساساً كان نادر لما يوشفني و أشوفه ، لأ .. لأ يا نادين أنا إحساسي عمره ما كدب عليا ، ضياء ماعرفنيش .

صمتت نادين و قالت : هو للدرجة دى أعمى القلب و النظر ؟

أغضمت تقى عيناها بألم فقالت نادين: لو كده بجد يبقى ما يستحقش أى رحمة و أنا معاكى فى أى حاجة أنتى ناوية عليها.

إحتضنتها تقى و قد أدمعت عيناها : و الله أنتى الحاجة الوحيدة إلى مصبرانى على كل القرف اللي فى حياتى يا نادين.. 

بدأت نادين تربط على كتفها تهدهدها مرددة : أنتى أختى يا بت ، ده انا أروح معاكى جهنم.

أبتعدت تقى تنظر لها بابتسامة ماكرة و قالت بنبرة صوت تخفي فى طياتها الكثير : لأ أنا مش هروح جهنم أنا هبعت لها ناس .

فصدحت ضحكة عالية عن نادين التى قالت : نقرأ له الفاتحة بقا مقدماً.

ضحكت تقى هى الأخرى و قالت : اقري له انتى مالوش عندى لا فاتحة و لا رحمة ، أنا رايحة أغير هدومى عشان مستني ، نتقابل على العشا.

______________________

وقفت لمى تنظر بغل لتلك التي تقف فى منتصف أملاكها تحتضن الرجل الذى أنتشلته منها إنتشالاً بل و استغفلتها و أستخدمتها متلونة كما الحرباء كي تصل له و الآن تقف بذلك الوضع الفاسق بمقر عملها هى و والدها.

الغريب أن هارون .. ملك العالم فى التبجح كان منحرج من ذلك الوضع أو هو منحرج لغنوة إن صح التعبير ، لم يشأ و أن ترى و هى معه بذلك الوضع وسط الموظفين العاملين معها .

فتح أزرار بذلته يحاول أن يخفيها داخلها لتباعته بحركة يدها و هى تتمسح بكفها على صدره غير مبالية لذلك الجمع و لا ترى إن هنالك أى ضرورة تجعلها تشعر بالعار 

بل نظرت ل لمى و قالت ببرود : مش تخبطوا قبل ما تدخلوا .

هز رأسه بمجون ، هو فقط يحاول الإستيعاب ، يسأل... أين كان مختفي ذلك الجانب العابث بشخصية غنوة و كيف إستطاعت إخفاءه .

بينما الموظفون أولا تغامزوا على ذلك الوضع الذى ضبطوهما به لكن الآن وقفوا مبهوتين مما يسمعونه .

و تحدثت لمى بغيظ : ده إيه البجاحه الخام إلى أنتى فيها دى ، ده بدل ما تتكسفى على نفسك و لا تتمنى الأرض تنشق و تبلعك تقومى تردى و تقولى كده ، إيه مابتتكسفيش .

ضحكت غنوة و قالت : أتكسف ليه ، واحده واقفه في حضن جوزها لا عيب و لا حرام.

لمى : هو بقى جوزك امتى و إحنا ما نعرفش 

ضحكت غنوة ضحكة سمجة و قالت : كتبنا الكتاب و مش فاضل غير الفرح بس أكيد أكيد أن هعزمك ، ماهو ماحدش هيشيل لى الشمع غيرك .

ضحك هارون ،  لم يستطع كبت ضحكته هو بالفعل مبهور من تصرفاتها الاخيره جدا.

بينما لمى تأكل بواطن فمها من الغيظ ثم قالت : حتى لو ، جوزك ده فى البيت مش هنا ، فى شركتى .

غنوة : و هو انتي سايبه لنا فرصه نتلم على بعض ماجيتي ورايا البيت نطيتى لنا فيه ، و بعدين أية إلى كل شوية شركتي شركتي ، إنتى فكرانى مغفلة مثلاً ، إنتي ناسية إن جوزي شريك أبوكى فى كل حاجه يعني أكيد الشركة دى من ضمنها .

التمعت عينا هارون و هو يدرك ذلك ، إذاً يمكنه إزالة ذلك الشرط الجزائي العفن عنها .

صدح صوت لمى الغاضب ترد لها كيدها : أكيد و إلا ماكنش قدر بنفسه يضيف الشرط الجزائي عشان يذلك .

خاف هارون كثيراً من تكرار لمى لحديثها و هو بالأساس يدعو الله أن يمر الأمر على غنوة و لا تدق بالحديد فوقه و قد تتغير و تبتعد ثانيه بعدما ذاق حلاوة رضاها عنه فقال بسرعه : لمى لو سمحتى خلاص ، وكفاية أوى لحد كده ، الموظفين موجودين ، يا ريت ما تنسيش إن ده مكان شغل.

الآن فقط تذكرت لمى عملها ، هى ما أن ترى غنوة حتى تتوقف عن التفكير العملى ، الغل يصنع غشاوة على عقلها و يحجبه تماماً.

لذا تحدثت بصوت مهني بحت : أحمم .. صح .. ياريت لو الأنسة خلصت شغلها هنا تروح تشوف باقى الي وراها .

صك هارون على أسنانه بغيظ فهى للأن لم تعتقها بينما غنوة تحركت للإمام و تصمنعت التعثر فى أحد المقاعد فصرخت متألمة .

على الفور أقترب منها هارون : مالك يا حبيبتي فيكى إيه ؟

غنوة و هى تنظر ل لمى : رجلى يا هارون رجلي مش قادرة .

اقترب منها يتحسس قدمها ثم قال : طب تعالي.. تعالى أنا هشيلك .

و بحركة خاطفة حملها أمام الجمع الذى شهق مما يراه و تحرك بها للخارج بينما هى تخرج لسانها للمى لتشعل غيظها أكثر و أكثر.

_________________________

وقف على سطح السفينة يشاهد يغمض عينيه و هو يبتسم ، كأنه يتذكر تلك المرة التى شاهدها فيها و هى واقفه بنفس الوضعية تاركة الهواء يداعب خصلات شعرها الطويل.

سحب نفس عميق و أتسعت إبتسامته و هو يشتم رائحتها ملئت المكان من خلفه و على ما يبدو قد سبقتها .

إلتف لها و وقف مبهوت ، يسأل سؤال ملح ، لما عليها كل مره إيقاف نبضاته ، و لما هى بكل هذا الجمال الا محدود.

بعمره لم تحركه أنثى هكذا كما تفعل" جيجي " و لم يسبق و أن بادر بأعتراف لأى أنثى عن حبه ، بل لم يطلب من أى واحده أن تظل لجواره .

كان دائما ملك اللعبة و هو من يحرك الجميع لكن على ما يبدو أن الحجر الدائر لابد من ضربه .

و قد ضرب على يد تلك الفاتنة.

ظل ينظر بإنبهار لفستانها الأخضر و هو يحتضن جسدها بليونه مضيفاً عليه و هج خاص خصوصاً بعدما فردت شعرها على طول ظهرها.

مد يده لها فتقدمت تشبك يدها بيده لكنه اوقفها أمامه و احتضن ظهرها له من جديد.

ضحكت بخفوت و قالت : تيتانيك ده و لا أيه .

جاوبها بهدوء و هو يتكئ بذقنه على عظام كتفها : لو بتحبي تيتانك يبقى هو .

تقى : يعنى ممكن تضحي بنفسك عشاني زي بطل تيتانيك .

لم يستغرق وقت فى التفكير إنما جاوب : البطل مات غرقان عشان البطلة .

تقى : اها 

أتسعت عيناها و هى تشعر به يغرز أصابعه فى لحم خصرها و هو يفترسه ليزيد من ضمها له مكملاً بنبرة مخيفة : أنا لو هموت هاخدك معايا عشان ماسبكيش و ييجى اليوم إلى ممكن تحبي فيه حد غيري ، إنتي ليا لحد ما تموتي سواء كنت عايش أو لأ.

إلتفت تنظر له ، لم يكن يمزح بل عيناه بها تملك مخيف .

حمحمت تجلى صوتها و قالت : أحمم .. أنا جوعت يالا بينا عشان العشا.

نظر لها نظرة شمولية ثم قال : أوكي ، روحي غيرى و تعالى .

نظرت نقي لفستانها الرائع و قالت : ما أنا لابسه أهو.

قربها منه بحده طفيفة و قال : الفستان تلبسيهولى و إحنا لوحدنا مش تظهري بيه قدام الكل.

دبت الأرض بقدميها تقول: يا ضياء بقا .

لكنه قال بإصرار شديد : شكلك صغيرة لسه و هتتعبيني معاكى ، إلى قولته يتنفذ و إلا تفضلى قاعده معايا هنا و مافيش مرواح لأى مكان.

زفرت بغضب و قالت : خلاص هغير ، أوعى بقا من قدامى ، أوووف .

أبتعدت من أمامه بضيق و ضجر و هو يضحك عليها مرددا : أوزعة بس خاطفة قلبي .

____________________

خرج من المصعد و هو يساندها و ما أن أصبحا أمام سيارته حتى ابتعدت عنه تسير على قدميها كأنها لم تكن تؤلمها ، بل لقد ركضت لتفتح باب السيارة و تجلس يالداخل تحت أعين هارون الذى يناظرها بصدمه كبيرة.

صعد هو الآخر لسيارته يقول : أنتي رجلك مش وجعاكي .

نظرت له بغضب شديد و قالت: أنت هتاكلنى بكلمتين ، تعالى لي هنا ، أنا عايزة اعرف إيه الى أنت عملته ده .

ابتلع رمقه بخوف، كان متخوف من تلك اللحظه التي ستتحدث فيها عن مساعدته للمى و اتفاقهما عليها.

فحاول التبرير : غنوة أنا....

قاطعته بحده: بقولك ايه ، بلا غنوة بلا زفت ، أنا كام مره قولت ما تطلعش من البيت و انت فاتح زراير القميص كده ، ايه يا بيه ، فرحان لي بشعر صدرك مثلاً.

أتسعت عيناه و هو لا يصدق ما تسمعه أذنيه و سأل : وات ؟

جاوبت بحده أعلى و إصرار شديد: زى ما سمعت ، و القميص إلى انت لابسه ده اصلا أخره باب اوضة النوم غير كده نو ، خاف مني يا هارون أنا لما بقلب ببقا وحشه و غيرتي مجنونة.

جذبها ليضمها و هو يضحك بجنون : هههه .. مش مصدق بجد.

غنوة : يالا وصلنى لشغلى .

أبتعد عنها يقول: ايه ؟ شغل إيه ما انتي لسه مخلصه.

غنوة : هقول ايه ما الإهتمام ما بيطلبش .. أنا بقالى فترة بأسس شغل لنفسى يا باشا ، صح النوم .

هارون: شغل إيه ، طب و المأذون .

غنوة: هارون الله يخليك ، ده انا عملت الفيلم إلى فوق ده عشان أقدر ازوغ و أروح اباشره أنا حاطة كل ما أملك فى الشغل ده و بالليل نعدي على المأذون.

ظل ينظر لها بصمت غير راضي ابدا عن ما يحدث.
__________________

جلس بالحديقة و لم يذهب لأى مكان ، و الهانم للأن لم تعد الا يكفى هروبها منه و كذلك تتأخر لهذا الحد.

وقف عن كرسيه بلهفه و هو يرى سيارة أجرة تقف بجوار الحديقه و قد ترجلت منها زينب تسير بإرهاق شديد قاصدة الدلوف للداخل ، لكنه اوقفها بصوته العالى : زينب .. أستني عندك....


تعليقات



×