رواية شط بحر الهوى الفصل السابع والأربعون بقلم سوما العربى
تقدم بخطى ثابته مختال بنفسه كثيراً يلتوى شدقه بإبتسامة ساخره
حتى أقترب من ماجد الذى جلس بثبات هو الآخر بل و يضع قدم فوق الأخرى .
رفع فلاديمير إحدى حاجبيه بإعجاب ثم ردد و هو يجلس بأريحيه : عجبانى ثقتك دى يا ماجد ، بس خلى بالك.. اوقات الثقه الزياده بتقتل صاحبها .
و كعادة ماجد ، يخترق صلب المواضيع ، لا يحبذ ابداً اللف أو الدوران ، يقبلها فقط من حبيثه اللئيمة ذات القلب الأسود التى وقع بعشقها ، لكن عداها هى لا يتقبل أو يسمح .
لذا و على الفور اعتدل فى جلسته و ازاح قدمه عن الأخرى و جلس بعدما تقدم برأسه قليلا للأمام دليل على المواجهة و الحسم تحت أعين فلاديمير الذى يراقب كل حركات جسده و يفسرها .
تحدث ماجد بقوة : أنا جاى لك و عايز نتفق ، قولى عاوز توصل لأيه و إلى عايزه مدته أد ايه و تخلص.
أبتسم فلاديمير إبتسامة متهكمه و علق ساخراً : مش بقولك عاجبنى ثقتك فى نفسك ، بس يا عزيزي ما تتكلمش بثقه فى حاجه تفوق قدرتك و تتعدى حدود نفوذك و إلا هتبان أهبل زى ما بتقولوا.
وقف عن كرسيه و ذهب لبار صغير يفتح زجاجة من الخمر و يصب له كأس بينما يكمل : أنت دخلت فى لعبة إسمها لعبة الموت .
وضع كم قطعه من السلم فى كأسه و ظل يقلبها بأصبعه ثم وضعه فى فمه يلعقه و ردد بعدها : و الإسم ده مش جاى من فراغ ، مش هفسر لك كتير عشان فى ناس كده لما بتعرف بتتعب ، و لكن.... يكفى أنى أقولك إنها اتسمت كده لأن إلى بيدخلها مش بيقدر يخرج منها غير بموته ، الموت بس هو الى ممكن يخلصك يا ماجد .
حاول الظهور بمظهر الثابت و سأل : أنا ما دخلتش حاجة ، كل الى كنت عايزه هو شحنة كبيره لدهب و ألماظات ، كنت عايز أهادى بيها أختى .. فيروز .
زم فلاديمير شفتيه و قال : و ما سألتش كل ده هيحصل إزاى ؟
مدد قديمه على الأريكة و قال : أنت طلبت من مختار يعديها لك ، و مختار عمل كده بس إلى ما تعرفوش إن مختار كان راجلنا هنا فى مصر ، ماسك مصر و ليبيا و فى الفترة الأخيرة لعب بديله معانا فى كام صفقة و أخرهم بتاعتك .
أحستى القليل من كأسه ثم قال و هو يشير باصبع السبابة : كل الكلام و التفاصيل دى مش من المفروض خالص أنك تعرفها ... بس انا ليا مزاج اقولها لك ، عارف ليه ؟
ماجد : ليه ؟
وقف فلاديمير و التف حول كرسى ماجد حتى وقف خلفه و وضع يده على كتفه مردداً : لأنى أصطفيتك ، إختارتك من ضمن سبعه و ستين شخص كانوا مرشحين مكانك و كمان مضمونين عنك لأنهم رجالتنا من زمان و أنت لا مننا و لا مضمون و مع ذلك أنا مصمم عليك .
أتسعت أعين ماجد ، الأمور تخرج بعيداً عن حدود سيطرته ، لقد قدم لهنا يريد تسوية الأمور و قد لجاء للتفاوض مدام خصمه عنيد هكذا لكن لم يحسب لقرارات فلاديمير أى حساب.
لن يستطيع الغرز بقدميه أكثر فى ذلك الوحل ، فهو يريد الخلاص بأسرع وقت و أقل الخسائر الممكنة ليأتى هذا و بكل بساطة يخبره أنه أصطفاه .
إلتف له و قال بإندفاع : بس انا مش موافق.
أبتسم فلاديمير و قال ببرود مستفز : مين قالك إنك مُخير .. حبيبى أنت تنفذ و بس و مش مسموح بأى خطأ كمان.
بهت وجه ماجد و سأل بتيه : و ليه أنا ، زى ما قولت أنا مش منكم و لا عندى الخبره و لا العلاقات بتاعتكم برجالتكم لأن أساساً ده مش كارى ، دى كانت صفقة و عدت .
فلاديمير : ازاى بس ، ده صميم شغلك ، أنت بتشتغل فى ايه ، مش فى الاستيراد والتصدير يبقى صميم شغلك و لا لأ.
صرخ فيه ماجد : ليه أنا ؟!
أبتسم فلاديمير و قال ببرود : ذكائك يا ماجد ، ذكائك ، الشخص إلى يفضل 33 سنه قادر يخدع أسره كامله إنه أبنهم و شويه بشوية يبقى ماسك كل فلوسهم و شغلهم يبقى مش شخص عادى.
أتسعت أعين ماجد من الصدمة و بقى بمكانه متخشب ، لا يقوى على إبداء أى رد فعل هو فقط سأل بحلق جاف : أنت عرفت منين .
ضخك فلاديمير دون صوت والتف يجلس على كرسيه مرددا : بقولك شغلنا مش سهل و مش أى حد يدخل فيه و إصطفيتك يبقى أكيد جبت كل المعلومات عنك ، و عرفت مين أهلك و مين أخوك .
دق قلب ماجد برعونة و سأل بلهفه : مين ؟
زم فلاديمير شفتيه للأمام و هو ينقر بأصبعه على أنفه كأنه يفكر مستلذ بعذاب الماثل أمامه يردد بصفاقه : همممم ، أقوله و لا لأ ، أقوله و لا لأ.
أشار له و قال كأنه يضحى : هقولك .
وقف عن مقعده يردد : مش عندكم هنا بتقولوا قدم السبت عشان تلاقى الحد ، و أنا هعمل كده.
كان يتحدث ببرود شديد منتشى بالعذاب الذى يراه فى أعين نظيره ثم قال : بس بشرط.
ماجد بلهفه : إيه هو ؟
أبتعد فلاديمير عنه و قال : فيروز ، شرطى فيروز .
إحتدت عينا ماجد و قال : طلع فيروز من اتفاقنا .
هز فلاديمير رأسه رافضاً و قال : مش هينفع ، عجبانى و عايز اخدها ، أبعد عنها يا ماجد ، أنا عينى عليكوا فى كل مكان ، أبعد أحسن ما أكرهها فيك .
اهتز فك ماجد من الغيظ و حاول إخفاء غضبه و غيرته ثم سأل : مين أهلى .
فلاديمير : أخوك شخص مشهور أوى .. أكيد تعرفه، مغنى و ممثل عالمى ، أمريكي .
صرخ فيه ماجد: مين قولى .
تحدث فلاديمير ببرود : چوزيڤ ... چوزيڤ دينيرو ( بطل رواية الملكة)
أتسعت عينا ماجد لحد الحجوظ لا يصدق ما تسمعه أذناه تقريباً تعطل عقله عن العمل نسبياً و فلاديمير ينظر له بإبتسامة ساخره شامتة .
_________________________
خرجت من غرفتها فى الصباح تتلفت حولها كمن فعل فعلة منكرة .
منذ ليلة أمس و هى لم تستطع النوم ، موقف لا تتمناه لألد أعدائها .
تسأل ما هو الشيء الذي قد يفعله شخص كى يجعل شخص آخر يصاب بالزهايمر.
ترى هل إذا ضربته بأى معدن قوى على رأسه قد تفلح فى إصابته بفقدان الذاكرة أو حتى فقدان أخر كم يوم بها و ستكن راضيه مرضيه حيال ذلك.
قد تفعل أى شىء لتتمكن من جعله ينسى تلك الهيئه التى رأها عليها.
ظلت تتلفت حولها ، تتمنى عدم لقياه ، لقد أستيقظت مبكره قبل ميعاد إستيقاظ الجميع كى تتناول أى شىء فى المطبخ و تخرج بعدها للجامعه فلا ترى أحد و لا أحد يراها .
هبطت الدرج بهدوء ، حتى وصلت إلى بدايه المبطخ
وقفت تقبل يدها ظهر و بطن لقد فلتت منهم جميعا.
تشعر أنها قد أتت شيئاً إثما .
تنفست بهدوء فهى تشعر و كأن جميع من بالبيت يعرف بما حدث و ليس يوسف فقط ، لذا تمنت ألا تقابل اى شخص بهذا البيت على الأقل اليوم ربما نسى هو .
اخذت نفس مرتاح و ضغطت على زر الكهرباء و هى تردد : بسم الله الرحمن الرحيم
لتشهق متفاجئة و هى ترى يوسف بشحمه و لحمه يجلس على أحد كراسي المطبخ عارى الصدر تماما.
فسارعت بإغلاق الضوء مردده : صدق الله العظيم.
همت كى تفر سريعاً لكن لزمت يدها بيد غليظه شديدة ، تمكنت من قوتها أن تجذبها للداخل بحيث أصبح ظهرها ملامس لباب الثلاجه و هو يقف مقابلها هى يحسرها بينه و بين الثلاجه.
و على ضوى خافت قادم من الرواق الذى يسبق المطبخ تمكن من التأمل فى ملامحها بهذا القرب المريب .
يحرك عيناه على جمالها الرقيق الساحر بداية من شفتيها الصغيره المنتفخة ذات اللون التوتى ثم وجنتيها المستديرة الممتلئة و التى تلمع گ الأطفال صعوداً إلى عيناها الجميلة و من ثم يهبط مره أخرى بعيناه لشفتيها التى تتحدى من يماثلها تحدى سافر أنه لن يستطيع مقاومتها .
ثم حاول التحدث بنفس متهدج ممزوج بكل ما يشعر به الأن : إيه شوفتي عفريت .
لم تستطع الجواب و لا الرد كل الردود تبخرت و كذلك الحديث ، مظهرها الذى رأه عليها البارحة لا يفارق مخيلتها تتمنى لو كان قد نساه فهى تشعر بالخجل الشديد.
لكن للأسف هو لم ينسى ، لم و لن ينسى ، فهى تتمنى لو نسى بينما هو لم ينام ليلته بسبب ذلك المظهر و بقى ساهراً يفكر بها و يتخيلها.
و أخر محاولاته كانت الماء المثلج .. نعم ، الماء المثلج الخارج لتوه من المبرد .
فجلب وعاء كبير و جلس يشرب منه تاره و تاره أخرى يرش على صدره ربما هدأ و غفى الساعات المتبيقه على الصباح .
و حينما لم يتلقى منها رد سأل : ما تردى عليا ، مش بكلمك ؟
حاولت إخراج صوتها و سألت : هو... أحمم ، هو أنت فاكر حاجه من أمبارح .
سؤال غبى ، فهل يا ترى هى غبيه لهذا الحد أم أنها ساذجة
عض على شفته السفلى و سأل : حاجة إيه بالظبط إلى عايزانى أفتركها ، أمرى أمر .
زاد تخبط قدميها و قالت بخوف شديد: ألامر لله ، بس لو تسيبنى أعدى يبقى كتر خيرك.
أبتسم بجانب فمه و قال : و هو أنا ماسكك .
جاوبته بتهكم مخفى : لأ هو بس صدرك العريض سد فتحة الباب فلو تكرمت يعنى أعدى .
و أخيراً نظر على جسده و جسدها ليرى فارق الجحم المضحك فهو بالفعل عريض الجسد جدا و هى لجواره بجحم اليمامه البيضاء.
حك جانب أنفه و هو يضحك قائلا : أنتى إلى صغيره أوى.
لترد بلهفه: أوى و الله و مش أدك .
رفع إحدى حاجبيه ، ماذا تقصد بحديثها هذا ، و كأنه قرأت ما بدأ يجول فى صدره ناحيتها .
عاود النظر لجسدها الصغير مقارنة به ثم سأل : أنتى عندك كام سنه ؟
فجاوبت على سؤاله بسؤال من شدة خوفها و طريقة إحتجازه لها الآن : ليه ؟
قرب وجهه من وجهها ليتنعدم المسافات و سأل مره اخرى بإصرار: عندك كام سنه يا زينب؟
تلعثمت فى الرد و خرج جوابها بصعوبه : عشرين.
نظر لها نظره شموليه ثم تنهد تنهيده حاره و قال : فعلاً صغيرة .
إبتعد عنها كى يفسح لها الطريق و قال بإذعان : شوفى كنتى رايحة ف....
لم تنتظر ليكمل جملته و إنما فرت هاربة كأنها تهرب من الجحيم ، تتسابق مع الريح ليوقفها صوته و هو يناديها: زينب.
وقفت بمكانها و بدأت تلتف له رويداً رويداً بخوف و قلقل تسأل دون كلام كأنها تسأل ماذا هناك .
فقال هو بحده : أنتى رايحة فين بدرى كده ؟
جاوبته و هى ترتجف : متفقه مع صحاب ليا نذاكر قبل المحاضره .
زم شفتيه بعدم رضا و سأل : هممم صحابك ، و هتروحى أزاى بدرى كده لا معاكى عربيه و لا فى تاكسيات شغاله دلوقتي... أقفى مكانك ما تتحركيش هلبس و أجى أوصلك .
لتتحدث بسرعه و خوف ظاهر فى نبرة صوتها : لا لا .. لأ ، مافيش داعى تتعب نفسك .
رفع إحدى حاجبيه و قال بتحد : لا مافيش تعب أنا بحب أسوق بدرى و الشوراع فاضيه .
فقالت: ما هو .. لسه هتلبس و تأخرنى
يوسف: إلى قولته تنفذيه بالحرف أنا مش بستأذنك أو باخد رأيك فاهمه ، تقفى هنا لحد ما أجيلك .
تحرك سريعاً و هى تقف خلفه و قد تحول الخزف و الخجل إلى غضب شديد تردد : إيييه هو ده ، هو عمال يؤمر و يتأمر كده ليه ؟
تنهدت بتعب فهى و بعد ما حدث بالأمس تريد الا تتواجه مع أو تراه و يراها لذا كانت تتهرب منه لكنه على ما يبدو مصمم .
لكنها لن تنصاع و لتتجنبه عله ينسى لذا فرت سريعاً تستقل السياره التى أتفق والدها مع صاحبها لأن يقلها يومياً براتب شهري وقتما تريد و قد خابرته منذ نصف ساعه و كان يقف منتظرها و ما أن خرجت حتى تحرك بها سريعاً.
ليخرج يوسف من شرفته و هو يرتدى إحدى أكمام تيشرته على إستعجال بعدما أستمع لبوق السيارة ، فضرب حافة الشرفه بغضب حينما تأكد أنها قد تمكنت من الفرار من بين يديه ، بالتأكيد تفعل شيئ خاطئ و لا ترغب لأى شخص بأن يكتشفه .
هذا ما هداه إليه تفكيره الناضج الحكيم حيال ما فعلت زينب .
و جلس ينتظرها حتى تعود ، لقد كبر الموضوع فى رأسه حتى أستفحل و أقسم على عدم تمريره.
_______________________
بزغ الفجر و بدأ الشروق و هو مرابط لها كأنه أقسم على ألا يفلتها من يده.
جلس معه على حافة السفينه يشاهدون ذلك المنظر الرائع الذي تمر من عليه.
جبال مزهرة بالخضار مع سحر البحر الأبيض المتوسط و رياح هادئة ناعمه تداعب خد حبيبته التى تجلس الآن فى أحضانه بين ذراعيه.
يتمنى لو يتوقف الزمن هنا عند هذه اللحظات ، تمنى لا انعزلا عن كل شيء و انفصلا وحدهما عن الجميع .
أغمض عيناه و بدأ يمرمغ أنفه على طول وجنتها الناعمة يردد: يا ريتنى كنت عرفتك من زمان و حبيتك.
تلاشت بسمتها الجميله و هوت من فوق قمة عالية بل شاهقة الارتفاع ، قمة صعدتها هى بنفسها ليلاً و قد سمحت لحالها بأن تحيا تلك اللحظات الجميله معه و تجربها ربما لن تحظى بها فيما بعد.
لكن بجملته تلك جعلها تستفيق و خرجت من حلمها الوردى قصير المدى ، لقد ذكرها ببساطة بما جاهدت كى تنساه و لم تقدر .
هى ذكريات أقوى من النسيان بل هى ضد النسيان ، فكيف تنسى الذكريات التى كانت العامل الأول و الأساسى فى تكوين شخصيتها التى هى عليها الآن.
التفت برقبتها فقط تنظر له بينما جسدها مازال مقيد بين أحضانه و سألت : ما يمكن ما كنتش أعجبك
سحب نفس عميق معبق برائحتها التى تثير جنونه و تريحها فى نفس الوقت و ردد بقين تام : أكيد لأ ، أنا متأكد أنك كنتى طفلة زى القمر.
زمت شفتيها بغل مخفى و قالت: لأ ، ده انا كنت تخينه أوى و عندى حبوب كتير فى وشى و شعرى مقصف و ......
لم يتركها تكمل حديثها و إنما وضع يده على شفتيها يقول : أكيد لأ طبعا.
حاولت التملص من بين يديه غير مهتمه بإنزعاجه و قالت : بس دى حقيقة كل بنت ، كلنا بنعدى بالفتره دى و خصوصاً أنا لأن ماما ماكنتش مهتمه بيا و مابقتش قادره أهتم بنفسى و أظهر جمالى و أعالج أى مشكلة عندى غير لما بدأت أكبر و أفهم يعني من بعد الثانوية كده.
ضمها له مجدداً كى تعود لأحضانه و قال :طيب ما تقولى كده و انتى قاعده فى حضنى لازم تقومى يعنى.
أحتضنها من جديد و قال : أحكى لى بقا ، مامتك ماكنتش مهتمه بيكى ليه؟
بالتأكيد لن تجيه فحاولت المراوغه و قالت: نتكلم فى الموضوع ده بعدين .. أنا دلوقتي جعانه أوى ، أنت مارضتش نروح نتعشى معاهم بالليل و أهو النهار طلع و أنا ما أكلتش .
قرص مقدمة أنفها و قال : حبيبى الجعان يا ناس ، نص ساعه و الفطار هيبدأ و كمان الباقيين هيصحوا ، تعالى فى حضنى الشويه دول قبل ما الكل يصحى و يتجمعوا حوالينا و يبقى أزعاج .
لم تعد تريد ، خرجت من البلووره الوردية التى سكنتها معه طوال الليل بمحض إرادتها و بعد حديثه هذا إستفاقت و خرجت منها .
أرادت إنهاء اللقاء و ليذهب و رغباته للجحيم ، من قال له أن كل ما يريده منها سيحظى عليه ، يجب أن يتعود على ذلك.
فوقفت بسرعه قبلما يحاصرها بين ذراعيه القويه مجدداً و قالت : أنا لازم الأول أخد دش و بعدين نفطر.
نظر لها بتقييم خصوصاً فساتها الأبيض الذى يضيق على جسدها الممتلئ و رأى أن ما تقوله فكره جيده .
ضياء : كويس بردو عشان تغيرى الفستان و ما يتلبسش تانى .
رفعت إحدى حاجبيها من يظن نفسه ، تلاشت نبرة الهيام التى رافقت جيجى التى رغبت بأن تحظى بوقت رومانسى حتى و لو لم يكن صادق و يخصها ، من تقف الآن هى تقى ... تقى المجروحه منه دائما فمن يظن نفسه هذا كى يأتى الآن و يتحكم بملابسها.
لذا قالت بشئ من الحده : نعم ؟!
تحفز كلياً حين تحسس فى حديثها ببصيص من الإعتراض و الحدة و وقف من مكانه مردداً بقوه : إيه ما سمعتيش ، بقول الفستان ده و أى واحد نفس القصة ما يتلبسش تانى .
كتفت ذراعيها حول صدرها و قالت: ده ليه إن شاء الله.
لزم ذراعها بقوه و قال : يعني مش شايفه أنه مفصل جسمك كله ؟ ما ينفعش تلبسيه قدام حد .
تقى : ما أنا كنت لابساه قدامك دلوقتي.
اقترب منها و همس من بين أسنانه : و هو أنا أى حد؟ تلبسيه ليا أه ، قدام غيرى ممنوع ، فاهمه و لا أفهمك .
صمتت تنظر له و لا تعلم لما صمتت لكن الأكيد أنه لهدف غير برئ ، ربما أرادت زيادة جرعة السم المسدوسة فى العثل .
فأبتسمت له بخجل و قالت : حاضر.
ثم فرت مغادرة و هو يلاحقها بنظراته التى مرت على سائر جسدها من أسفل لأعلى يعض على شفتيه و يركل المنضدة المجاوره له بقدمه و هو يردد : أااه.. تتاكل أكل بنت اللذين .
وصلت غرفتها وهي تلهث ، أغلقت الباب بالمفتاح و هى تبتسم بشر ثم عمدت إلى هاتفها و أغلقته و بعدها تمددت على الفراش لتذهب فى نوم عميق مقرره عدم الذهاب له اليوم.
و لتجعله يتلظى بنيران الشوق و الإنتظار و هى هنا غارقه فى فراشها المريح .
أغمضت عيناها و نامت و هى قريرة العين كونها تراه يحترق أمامها يومياً نظير ما فعله معها قديما
_______________________
صار له أكثر من يومان و هو ملازم لباب بيتها يجلس ينتظرها ربما منت عليه بنظره .
لكنها لم تفعل و لا يعلم لما لم تخرج منذ دلفت للداخل ، على ما يبدو قد أضحى مجنون أشجان كما يلقبه صديقه العجوز.
ثوانى و تهلل وجهه و هو يراها أخيراً قد خرجت من البيت تهم لكى تتحرك ، لكن توقفت و هى تراه واقف لجوار أعمدة البيت فى الشارع.
فصرخت فيه : يخيبك ، أنت واقف عندك بتعمل إيه ياالى ينخفى إسمك .
كاظم : ما بلاش يخيبنى دى و أنا داخل على جواز كده .
ضحكت ضحكه رقيعة و قالت : خيبة عليك و عليها أم بخت منيل إلى هتلبس واحد زيك.
كاظم: ماتقوليش على نفسك كده عيب.
إحتدت عيناها و صرخت فيه : بقولك أيه يا جدع أنت خد بعضك و لم عضمتينك المفشفشين و إتكل على الله ، يالا زوق عجلك ألا وقفتك كده تجيب الفقر.
تنهد بتعب ثم قال : خلى بالك أنا كده عملت إلى عليا و كنت كويس للآخر و طالب الجواز بالزوق و الأدب أنتى بقا إلى عايزه تشوفى الوش التاني.
على صوتها و قد نجح فى إغضابها و بدأت تهلل : نعم نعم يا عين خالتك أنت كمان واقف بتهددنى ، حوش حوش و الله و أبو ركب بايشه طلع له حس ، بقا أنت هتعلى صوتك عليا و تقلب على الوش التاني ده انا أشجان و الأجر على الله ، طب مش كنت تسأل عنى الأول يا نضرى بدل ما تيجى تبيع ماية فى حارة السقايين .
حاول التحدث بصوت منخفض يحذرها : وطى صوتك يا شيجو خلينا نتفاهم .
ضربت على صدرها تردد : و كمان بتقولى يا شيجو ؟ طب يالاهووووواااااااااى .
فى ثوانى أجتمع عدد كبير حولهما و سأل صاحب محل النجاره و الاخشاب: خير يا ست أشجان فى ايه.. حد اتعرضلك و لا حاجة ؟
همت لكى تتحدث لكن سبقها كاظم الذى قال : كويس إنك جيت يا ريس و أحضرنا ، إسم الكريم إيه.
فجاوب الرجل : زناتى.
كاظم : أنعم وأكرم ، مت الآخر كده يا معلم زناتى أنا جاى أستنجد بيكم من الست.. أنا جيت و طلبت القرب على سنة الله ورسوله يبقى عيب ؟
رفع زناتى كفه شاهداً و ردد : لا عداك العيب ، بس الأصول و الشرع بيقولوا انها لازم توافق .
كاظم : ما وافقت.. سبق و وافقت و روحت دفعت دم قلبى أيشى شبكة و لبس ، قوم تيجى بعد ده كله و تقول لأ غيرت رأيى ده كلام ؟
كانت على شفا الجنون و هى تسمع كلماته الكاذبة و بدأت تصرخ فيه : شبكة إيه و لبس إيه يا جعان يا عريان أنت ده انا أكسيك و أكسى بلد من عينتك .
دارى ضحكته و قد أقسم إنه إما قاتل أو مقتول هذه الليلة فقال : أنا عارف أنك زعلانه و غيرانه عليا بس و الله أنا ما أعرف الست دى .
جحظت عيناها ، عن أى سيدة يتحدث هذا فقالت : ست مين يا جدع أنت يا أبو عين بجحه هو انا أعرفك أصلاً.
تجاهلها و نظر لزناتى يقول له : أنا عارف إن قلبها أبيض و ما تقصدش بس انا بقا بصراحة غلبت منها كل شويه تقلب عليا كده فأنا جيت هنا لأهل حارتها عشان أكتب عليها و ساعتها أعرف لها صرفه.
أتسعت عيناها خصوصاً و هى تسمع زناتى يعلق : و الله راجل محترم و شارى لآخر لحظه و بصراحة عداه العيب يا ست أشجان.
تهلل وجه كاظم و قال : أنا بقول نجيب المأذون بقا .
______________________
توقف بسيارته أمام مجمع الشركات التى أصبحت تابعه ل لمى .
العضب يفتك به ، لقد تمادت كثيرا و للحقيقة أنه يود ضرب نفسه مئة كف و كف لأنه هو من ساعدها بكل ما تفعله بغنوته الآن .
فمنذ غادرت معها و هى مسحوله فى العمل و لم يراها او يستطيع محادثاتها و أخبره العاملون داخل المكان ممن يميلون بإنتمائهم أليه أن لمى تصب عليها المهام كدلو الماء و لم تأخذ حتى قسط الراحة المكفول لكل الموظفين .
ترجل من سيارته و سار للداخل و بقبله خوف كبير من ردة فعلها بعدما فضحت لمى مخططه و أنه من ساعد و عمل على كسر أنفها .
ظل يبحث عنها بعيناه مادام هاتفها بعيد عنها و هى تعمل هنا و هنا بناء على أوامر السيدة لمى ، لكنه لم يجدها.
أستشاط غيظه و بدأ يسرع فى خطواته ناحية مكتب لمى .
فى نفس اللحظه التى خرجت فيها غنوة من غرفة الاجتماعات التى تسبق اللمر المؤدى لمكتب المدير التنفيذي.
لتهتف بنبرة لعوب : المز ده تايه و لا أيه ، أموت فيك يا متأنتك .
أنتبه لها مشدوه بأفعالها الأخيرة و كأنه يتعرف عليها من جديد .
و كردة فعل هوجائية على أفعالها التى باتت تثير كل خلاياه دفعها للداخل و أغلق الباب يتقدم و هى تتراجع بإبتسامة متلاعبة مغويه تردد : تحرش كده فى عز الضهر أنا ممكن أصوت على فكره.
توقفت حينما اصطدم رأسها بالحائط و قد تم إحتجازها بنجاح بين جسده و الحائط فقالت: الله الله .. ده تحرش رسمى فهمى نظمى يعنى ، طل حيث كده بقا ما تجيب بوسة .
نظر لها و هو للأن فعلاً مستغرب و منتظر لرد فعلها على ما قالته لمى فسأل : غنوة ، هو أنتى مش زعلانة منى .
عضت على شفتها كأنها تحولت لشخص متحرش و قالت : بقا حد يزعل من جوزوا بردو ، أه صحيح .. فين المأذون يا ولا .
رمش بعيناه و سأل : يعني مش زعلانة من كلام لمى إلى قالته عشان الشرط الجزائي.
نظرت له بلامبالاه و قالت : دى بت بغل ، بتعمل كده عشان تفرق بينا بس إحنا ماحدش يفرق بينا أبدا.. يا عمرى .
ظل يرمش بعيناه ، هل هو يحلم أم أصبح مختل و يتهيأ له أشياء و أفعال ليست موجودة من الأساس ؟! أم أن تلك الواقفه أمامه ليست غنوة ، أو هى غنوة لكن بعدما ذهب عقلها فسأل : غنوة أنا بتكلم بجد ،و بعدين...
قاطعته هى و هى تقول: لأ لأ أنت مش عاجبنى خالص ، فيك إيه مالك مضيق كده ، فك يا شبح خلينا نتبسط ، مش لو كنت كملت أكل المكرونة بالبشاميل بتاعتى كان زمانها مروقه عليك دلوقتي و عادلة مزاجك ، لكن هنقول إيه منها لله إلى اللهى ربنا يقل راحتها و بختها ما سبتلكش فرصه تدوقها حتى .
أنهت حديثها بغمزة عابثه و قالت : بس ملحوقة و لا تشغل بالك، ما تجيب بوسة بقا .
نظر لها بجنون و قال: هو انتى غنوة إلى أنا أعرفها ؟
فقالت : لعلمك أنا جوايا جتة باد جيرل كده مدكناها للحبايب .
أبتسم على حديثها فقالت : و أنا ماليش حبايب غيرك يا بطتى.
داعب وجنتها و قال :و الله أنتى إلى روحى يا غنوة، خليكى دايما قريبه منى لأن أنا فرحان بيكى أوى ، أخيراً رضيتى عنا ، بكلمة منك بنسى تعبى كله ، بس شكلك أنتى إلى تعبانه.
عضت على شفتيها بغيظ تردد : بنت المجنونه مشغلانى و الطور إلى داير فى ساقيه ، كنت بحضر لإجتماع عندها دلوقتي... بس كويس إنك جيت أصلك كنت واحشنى ، ماتجيب حضن بقا ، و لا أقولك هات بوسة .
ضمها له سريعاً فهو فى حاجة أليها أكثر منها ثم رفع رأسها يقبلها لتشهق متفاجئة و هى ترى الباب قد فتح على مصرعيه و تدرك أنها آلان بهذا الوضع أمام معظم موظفى الشركه و مديرى الأقسام و على رأسهم لمى التى أخذت تردد بغيظ : الله الله .