رواية حان الوصال الفصل الثاني والاربعون بقلم امل نصر
ليت تحقيق الاماني كان في الإمكان دائما ما كنا
تعبنا ولا ارهقنا شوق الليالي في الانتظار، كنا اكتفينا بالحلم وفقط، مادمنا نملك الأمل في تحقيقه.
ياليت
رباب جهزتي الولد ولا لسه ؟
هتف بالسؤال كارم فور خروجه من غرفة مكتبه صباحًا، وقبل الذهاب إلى مقر عمله، ليأتيه الرد من زوجته وهي تهبط الدرج ممسكة بيد صغيرها :
أهو يا كارم، حبيب ماما جهز وجاي لك زي الفل.
ألقى الأخير بنظرة رضا نحو صغيره، ينتظره حتى نزل إليه، ليقبل أعلى رأسه قائلا بتفاخر:
وهيجنن البنات بوسامته ورزانته كمان هو ده ابني.
عقبت ببعض الغيرة متكتفة الذراعين
طبعا ابنك حبيبك، يعني تبوسه ويعجبك لأنه شبهك.
رمقها بمكر يردد بكلمات ذات مغزى
ولو مش شبهي كفاية إنه حتة منك، ولا تحبي أثبت لك أنا معجب بيك قد إيه دلوقتي؟
ختم بغمزة وقحة أعلمتها بقصده، فلاح الخجل على ملامحها، لتحاول تنبيهه بعينيها حتى لا يتمادى أمام الولد:
لا حبيبي، متشكرين قوي مش محتاجة إثبات. المهم تاخد عموري توديه المدرسة دلوقتي، وافتكر إن انت اللي أصريت توصله النهارده ها، افتكر.
تبسم بثقة بعدما رأى بأم عينيه تأثير تلميحه البسيط عليها، ليتجاوز بصعوبة حتى لا ينفذ ما خطر بباله، وعيناه تتفحص معالمها من أعلى المنامة الحريرية الملتصقة بجسدها الغض بافتنان لا يتوقف. رغم عشقه لصنف النساء، إلا أنه لا ينكر سطوتها عليه، أن تجعله يكتفي بها. هذا شيء لم يكن يتوقع أن يحدث يوما ما.
الجميلة، ليعطي اهتمامه للصغير الذي مل من انتظاره
بابي لو مش فاضي، أخلي السواق يوصلني زي كل يوم.
تحمحم مستعيدًا جديته في شرح ما يبتغيه والتعليمات:
يا بني ما قولت لك إني مفضي نفسي مخصوص النهارده علشان أوصلك، وعشان أعرفك بآدم اللي هيبقى صاحبك الجديد. واخد بالك من كلامي؟ آدم اللي وريتك صورته إمبارح على التليفون عايزك تعرفه على باقي أصحابك كمان. هو أجنبي، آه، بس بيعرف عربي أكثر مني ومنك.
رد صغيره بتذمر
فاهمك يا بابي بس هو كبير عليا وانت قولت لي ما أصاحبش اللي أكبر مني.
هذه المرة تدخلت والدته بمرح أمام اندهاش أبيه:
لا وانت بتسمع الكلام قوي ! إحنا بنقول لك كده على الأولاد الغريبة يا قلبي. أما آدم، فده هتصاحبه علشان ياخد ع الجو الجديد للمدرسة ويندمج. عمو رياض هو اللي موصي وطالب مننا كده عشان عارف عموري حبيب بابي ومامي راجل وقد المسؤولية.
تبسم صغيرها باعتزاز وقد أعجبه الإطراء:
ماشي يا بابي، أنا ها صاحبه وأعرفه على كل أصحابي.
أنا قولت من الأول إنك ابني.
قالها كارم بتهليل، ليسحبه بعد ذلك من يده كي يذهب به ملقيًا بآخر تعليماته نحو زوجته
ما تنسيش تجهزي قبل ثمانية النهارده عشان حفل الجمعية. مش عايزين تأخير يا رباب
وكانت إجابتها بطاعة كالعاده
حاضر يا قلبي قبل الميعاد هتلاقيني جاهزة كمان.
توقف بسيارته أمام مقر الجمعية الموقرة داخل قصر عائلة والدته، بعدما اطمأن على شقيقه داخل المدرسة الجديدة التي تم نقله إليها، بعد إجراءات معقدة قام بها في نقل الوصاية إليه استغرقت أيامًا، في ترتيب إقامته معه هنا داخل الوطن.
وجاء الآن وقت ممارسة هوايته اليومية في
مراقبتها عدة أيام مرت منذ رفضها له. لم يضغط أو يلح أو حتى يحاول معها مرة أخرى. فقد تعمد تركها حتى تهدأ ويجد الوقت هو الآخر للتفرغ لها. وقد ) شغله أيضًا نقل آدم وتهيئة الأجواء لاستقراره هنا.
يختلق الحجج كي يأتي للقاء والدته ورؤيتها. حتى وهو يلمس منها الجفاء لا يتوقف اليوم فقط لن يدخل القصر، وما حاجته؟ وقد انتبه عليها بشرفة إحدى الغرف المطلة على الخارج. تراه ويراها، يدور حديث بالعيون بصمت أبلغ من أي حديث. يعلم أنها تريده، ولكن رأسها اليابس يصر على إغلاق الأبواب أمامه. أضاع الكثير من الفرص حينما كانت فاتحة ذراعيها تتقبل الفتات من المشاعر بصبر ورضا.
وحين جاء وقت الشرح منه، وجدها صامة أذنيها، وقد فاض الإناء وامتلأ بأخطائه.
ولكن لا بأس، فليتريث قليلا حتى يفرغ لها تماما.
وفي الأعلى، كانت هي لا تقل عنه توقا وشوقا ولكن نفسها العزيزة تأبى الرضوخ، تأبى التنازل بعد أن اتخذت قرارها. حتى وقلبها يئن وجعًا، ولكنها وضعت السلطة لكبريائها الآن.
خلاص، مشي يا بهجة.
صدر التعقيب من نجوان، والتي كانت خلفها منتبهة لكل ما يحدث لتردف بمزيد من الأسى قبل أن تعود أدراجها داخل الغرفة التي تجمعها بها في عملهما:
مش فاهمة أنا والله تنشيف الدماغ ده آخره إيه بس؟ حقيقي، ربنا يهديكي.
تبعتها بهجة تبرر مدافعة
أنا برضو اللي ربنا يهديني ؟! طب قولي الكلام ده للباشا ابنك اللي كبر من كله.
طالعتها نجوان بأعين كاشفة حتى جلست على الكرسي المقابل لمكتبها لتواجهها :
طب بذمتك، إنتِ مصدقة كلامك ده؟ حتى بعد ما شرحت لك وقلت لك بنفسي عن السبب الأساسي اللي خلاه ينشغل عنك
موت ناريمان وتولي رياض مسؤولية طفل صغير يجيبه من بلده اللي اتولد ونشأ فيها، ويدمجه
في مجتمع غريب عنه، وملوش أي حد في الدنيا غيره دي غير البلاوي التانية اللي فوق دماغه.
قالت بشيء من الإشفاق تخلل نبرتها، لكن يغلبه العند:
والله أنا مقدرة وبقول ربنا يعينه بس كمان میرضكيش اتنازل عن كرامتي أكثر من كده معاه هو اللي عايز البعد ومصر يخليني على الهامش في حياته. لو بيحبني هيشركني لو بيحبني هيعلن عن علاقته بيا قدام الدنيا كلها، لكن بقى دا يحصل إزاي ؟ والباشا شايفني مش قد المقام.
يووووه يا بهجة ... تمتمت بها نجوان بسأم لتواصل بتوجيه الأمر لها؛
انتي يا بنت انتي ما اسمعكيش تقولي الكلام ده تاني، وإلا والله يا بهجة هزعل منك...
سارعت بهجة لترضيتها:
خلاص يا ستي من غير حلفان مش هكررها، هو أنا أقدر على زعلك أصلاً؟ دا يارب أموت ولا يحصل.
هذه المرة ضايقتها بالفعل لتهدر بها تنهاها
ما أزعل أنا ولا اتفلق حتى انتي تدعي على نفسك ليه ؟ ولا انتي جاية تعصبيني النهاردة وخلاص ؟
حاولت بهجة كتم ضحكتها حتى لا تضاعف من غضبها، تشرع أن تراضيها ولكن الأخرى لم تسمح بمقاطعتها :
أغلق ثقبك في النقي واسمعني وفهم؟
فاهمة .
قولت إيه أنا؟
إلي هنا ولم تقوى على الصمود، لتوميء برأسها لها
وفمها المغلق لا يتوقف عن الضحك.
زاد غیظ نجوان منها، ولكن لم تملك إلا أن تتجاوز حتى تصل لغايتها في الحديث معها:
النهاردة الحفلة زي ما اتفقنا هتخرجي بدري معايا عشان نجهز مع بعض قبل ما نروح الحفلة، بس أنا هسبقك طبعا بعد كده، فاهماني؟
توقفت بهجة عن الضحك عند ذكر ذلك الأمر، لتتخلى عن صمتها فتجادل
انتي لسه برضو مصممة على الموضوع ده؟ ما تخليها مرة تانية، أنا حاسة نفسي مش جاهزة وعايزة وقت...
وقت تاني يا بهجة ؟
رددت بها نجوان بنفاذ صبر، لتتابع بحسم حتى تنهي معها :
عشان أقفل عليكي من أولها، مهما حاولتي معايا أنا مش هتنازل وعشان تبقي مرتاحة أكثر، دا ملهوش علاقة بجوزك المحترم ابني، هو ضيف عادي زي باقي الضيوف من رجال الأعمال المعزومين، أما بقى لو عاملة حساب الرفقة، فصاحبتك يا ستي معزومة عندك حجة تانية بقى ؟
داخل مقر عملهما بالمصنع، وبعد الانتهاء من مناقشة الملفات الهامة، كان الحديث العادي الآن بينهما :
شكل مصطفى ابن خالتك عامل حفلة كبيرة، أنا عرفت كذا واحد من رجال الأعمال اللي عازمهم غريبة اهتمامه الزايد يعني بحاجة زي دي.
ولا غريبة ولا حاجة ؟ تفوه بها رياض يترك الملف المتبقي من يده،
ليعطي اهتمامه بالكامل مردفا:
مصطفى مش بس زكي وبيحب دايما يلمع صورته لا هو كمان ليه في الخير من غير حب المظاهر زي ما بيعمل بعض الناس، ولا حتى ليه في الرياء بالإضافة إنه السنادي كمان عاملها بحب عشان ماما.
والدتك، هو لدرجة دي بيحب والدتك ؟ تسائل بها كارم بدهشة تضاعفت برد الآخر، وقد تجلت به الغيرة بصورة واضحة
ولو قولتلك إنه بيحبها أكثر من والدته كمان متستغربش، أصل دماغه قريبة أوي من دماغها، الرومانسية المفرطة والحنية بشكل أوفر، مصطفى اللي بتشوفوه مع رجال الأعمال، وحش الاقتصاد، مع والدتي ومراته حاجة تانية، هتقولي إزاي ؟ هقولك معرفش.
داخل السيارة التي كانت تقلها معه الآن، خطوبة
مؤقتة هذا هو المسمى الذي فرضته لعلاقتها به بعد أن ضاقت ذرعا من فرض حصاره عليها وعلى مشاعرها المربكة من الأساس، لتهتدي في الآخير لعقد هذا الاتفاق معه، حتى تأخذ وقتها في التفكير بروية بعيدًا عن ضغط والديها، المصرين باستماتة على زواجها به، وكي تختبر أيضًا تلك العاطفة التي تنبت داخلها، فتعلم باختلاطها به إن كان عشق حقيقي أم هو وهم إعجاب محض وسيزول مع الوقت.
أما هو ورغم فرضها الشروط الغريبة وافق، بل وأصبح يتعامل معها بسهولة بعض الشيء وتفهم، لكنه أيضًا لا يكف عن مشاكستها، كما يحدث الآن وقد كان يقود السيارة بها في الذهاب إلى الحفل المدعوين إليه يتبادل معها الكلام القليل، وعيناه لا تفارقها، تتنقل ما بين مراقبة الطريق الذي يقود فيه السيارة وبينها، حتى فاض بها
ممكن تخلي بالك من الطريق بدل ما نعمل حادثة ؟
هتفت بها بعصبية قابلها هو بهدوئه المعتاد
مش عارف أنا والله مدايقك في إيه يا آنسة يا أستاذة صفية ؟ شوفتيني دخلت في شجرة مثلا ولا دوست حد؟ ولا هي النظرة نفسها ناحيتك حرام عليا؟...... أظن يعني إن دا من حقي، ولا عشان أنا غلبان يعني ومش بطالب بباقي حقوقي زي كل الخطاب؟ تحبي أذكر لك بيعملوا إيه يا أستاذة يا آنسة صفية ؟
قصد بالأخيرة حتى يربكها بالخجل، ليصدر رفضها على الفور:
وأنا مالي باللي بيعملوه، أنا مسمحش أصلاً بأي تجاوز وبأي صورة.
رد بدرما يتصنعها جيدًا
وأنا يعني شوفتيني طلبت ولا حتى قادر بالتلميحات؟ آخري نظرة وحتى دي مستكتراها عليا الله يسامحك.
أشاحت بوجهها إلى خارج النافذة حتى لا يرى ابتسامتها، لكنه أبى إلا أن يستغل الفرصة
كمان الابتسامة مستكتراها عليا، يا ما أنت غلبان يا هشام ومش لاقي اللي يحس بيك، دعيتيلي ولا داعية عليا يا أما بس ؟ على صوته بالأخيرة ليجعل ابتسامتها تتحول للضحك المكتوم، قبل أن يجفلها توقف السيارة بعنف اهتز له جسدها بالأكمل، فتهدر هاتفه به
إنت عملت فينا حادثة بجد؟
تمتم يجيبها وعيناه في الخارج
لا والله ما حادثة، أنا بس اتخضيت ومن غير ما أقصد دوست فرامل ووقفت، مش دي صاحبتك برضو ؟ ولا أنا عيني دغششت.
دغششت؟ رددت بالكلمة من خلفه باستنكار لتتوجه بأبصارها نحو الجهة التي ينظر بها، وصديقتها القادمة نحوهما ، بطلة مبهرة سلبت اهتمام جميع المارة والأشخاص من حولها، حتى هذا الجالس ) بجوارها عقب بذهوله:
يا وعدي عليك يا ابن حكيم مش بعيد قلبك يقف بعد ما تشوفها الليلة دي.
إنت بتعاكس صاحبتي ؟
نعم ! التف إليها بعدم تركيز ليفاجأ بها رافعة حاجبها بشر مرددة
بسألك يا دكتور، لا تكون بتعاكس صاحبتي؟ أصابه شيء من الاضطراب اللذيذ شيء يقارب الاستمتاع بهيئتها الخطرة تلك، لمجرد نظرة منه نحو صديقتها اللعنة أتكون قد أصابتها غيرة
مبترودش ليه ؟ أنا بكلمك على فكرة. ضحك بمكر يجيبها
ما أنا خايف أصارحك باللي واصلني من فعلك دلوقتي تحرجي وتولي وشك مني بعد ما تاخدك الجلالة كالعادة، وأنا مكدبش عليكي عاجبني أوي شكلك كده.
همت تثور به منكرة ما فطنت إليه من تلميحه، ولكن منعها وصول بهجة لتنضم معهما داخل السيارة
والتي رددت فور دخولها حينما لامست بحاستها نوعا من التوتر بينهما
با ساتر على وقفة الشارع وقرفها، الحمد لله إنكم وصلتم أخيرًا، إنتو مبلمين كده ليه؟ لتكونوا متخانقين؟
صدر السؤال بتوجس جعل صفية تسارع بالنفي:
لا يا قلبي مش متخانقين ولا حاجة، دا العادي بتاعنا أصلاً.
أيوة العادي بتاعنا أصلاً. ردد بالكلمات من خلفها ليضيف عليهم بخبثه
بس إنتي إيه الحلاوة دي يا بهجة، أقسم بالله ما عرفتك في البداية، إنتي كده عديتي الكل، وربنا اللي يشوفك يقول بنت زوات بحق.
تبسمت لغزله ولكنها أيضًا لم تغفل صديقتها في الثناء عليها والإطراء
يا سيدي متشكرين على ذوقك بس إنت معاك القمر يا دكتور ملكة جمال وعلى طبيعتها مش زينا إحنا يا غلابة، دي كلها لمسات نجوان، أفهم إيه أنا في ذوق الهوانم ؟ أهي ليلة تعدي وخلاص.
لا إنتي هانم وست الهوانم يا بهجة متستهونيش بنفسك. قالتها صفية في رد لها، ليأتي الرد من الآخر:
وإنتي كمان ملكة جمال على طبيعتك، هي مكدبتش على فكرة. أجفلها بجديته لتغزو السخونة وجنتيها بخجل، ويصيبها اضطراب مباشر في البحث عن رد مناسب أو الصمت غير قادرة على مواجهة جرأة عيناه القادرة على اكتشاف سبر أغوارها، لتنقل نظرها نحو صديقتها وكأنها تبتغي العون، لتشفق بهجة، وتتوجه نحو هذا الماكر بما يشبه الأمر:
أنا كده هتأخر على الحفلة يا دكتور هشام، ناوي توصلنا ولا ننزل ناخد لنا تاكسي؟ أصل أنا مش همشي من غيرها عشان تبقى عارف.
سمع منها ليعود على الفور لعبثه:
لا طبعًا إزاي؟ دا أنا أخدكم معايا كعابي ولا أسيبكم
تروحوا من غيري، واحدة هانم والتانية ملكة جمال أسيبكم بقى لوحوش المدينة، دا كلام برضو دا كلام.
توقفت بسيارتها أسفل العقار الذي دخلته قبل سابق وها قد أتتها الفرصة لتحضر الاحتفال بعقد قرآن شعبي، بدعوة من أحد أفراده المقربين لها، حتى الآن لا تجد وصفًا لهذه العلاقة التي تجمعها به، لكن جل ما يميزها هو الارتياح، الارتياح في الحديث معه دون حسابات أو عقد، تبوح بكل ما يعتمل بقلبها معه، دون تفكير أو تدبير.
وجدته في مدخل العقار وكأنه كان ينتظرها،
ليستقبلها بكلماته
افتكرتك بتهزري والله ومش هتيجي.
تبسمت تقترب منه، وتعطيه العلبة المغلفة ليحملها عنها مرددة
وأنا بعد ما وعدتك يا عم سامر، تفتكر إن هخلف بوعدي مثلا؟ دا أنا أصلاً جاية وكلي حماس أشوف الفرح الشعبي.
صدحت ضحكته وهو يصعد معها الدرج الأسمنتي في طريقهما نحو المنزل مرددًا:
والله إنتي طيبة، بقى كتب كتاب عملتيه فرح شعبي مصيبة لتكوني حاطة في دماغك كمان رقاصة وأغاني مهرجانات لكزته بقبضتها بخفة على ذراعه معارضة استخفافه
بطل بقى أنا مش هبلة لدرجة دي يعني، فرح ع الضيق يعني بنات بيرقصوا داخل البيت بينهم وبين بعض مش كده برضو
زام بفمه بتفكير متعمق، ثم صارحها بقوله
اممم حتى دي مضمنهاش، أصل البت أختي دي عقلها طاقق، ولحد دلوقتي عمالة تعترض على ) خطيبها، لولا بس قارصين عليها عشان الواد راجل وقد كلمته مكنتش كملت الخطوبة أصلاً.
[٢٢/١٢, ١٢:٥٠ ص] سمسم: كان قد وصلا إلى مدخل المنزل المفتوح على آخره
في استقبال المهنئين وقعت عينيها على العروس التي تحتل مقعدها في الواجهة، فظهرت أمامها بالكامل، بالزينة الصارخة والفستان الحريري الملتصق بجسدها بصورة فجة، فعقبت لورا بفراسة ساخرة
واضح أوي إنها مغصوبة بدليل إنها فرحانة بإمكانياتها.
تمتمت الأخيرة بصوت خفيض، لتدلف إليها وتحضر الحفل الجديد عليها.
داخل الحفل الضخم الذي تم إقامته بمقر الجمعية لیزیده عراقة وهيبة، وبترتيب عالي الجودة من مصطفى عزام، الذي أعطاه كامل اهتمامه خلافًا عن كل المرات السابقة وكأنها سنة مميزة بالنسبة له، بمقصد غير معلن ولكن فهمت عليه والدته، بعدما رأت بأم عينيها ما جعلها تزداد حقدًا وغيرة، لتعبر عما يعتريها من غضب مكتوم أمام مساعدتها:
شايفة يا إيفون الكبير العاقل لافف إيد نجوان على دراعه وبيلف بيها يقدمها للجميع وكأنها عروسته مش خالته حتى مراته الغبية ماشية معاهم ومبسوطة باللي بيعمله.
تطلعت إيفون نحو الجهة التي تقصدها بهيرة لتعقب بذكائها المهني البحت وماله يا بهيرة هانم، الظهور المميز لنجوان بعد الغيبة سنين طويلة، وحضور نور بصفتها نجمة كبيرة، بالإضافة طبعًا للدور الكبير اللي قايم بيه مصطفى والحفل الضخم برموز البلد المهمين اللي عازمهم، دا كله يصب في زيادة شهرة الجمعية وعلو سعرها وزيادة نشاطها أكثر وأكثر.
زيادة نشاطها أكثر وأكثر. تمتمت بها بهيرة تلوي بغيظ شديد شفتيها التي ترسم بها الابتسامات في مجاملات مع الجميع دون ود حقيقي، لترفع رأسها فجأة بقدوم الأشخاص المفضلين إليها، كارم وزوجته، وابن شقيقتها رياض، والذي قادته أقدامه إليها بعد الترحاب ومصافحة بعض الأشخاص الذين يعرفهم من أعضاء الحفل.
رياض حبيبي. رددت بها بحنين تفتح ذراعيها إليه،
وكأنها تجد به المأوى أو ربما البديل، لتجبره على مبادلتها العناق لكن بحرص
أهلا يا خالتو، عاملة إيه؟
ردت بود مبالغ فيه
أنا كويسة أوي يا حبيبي لما شوفتك، ياريتك معايا كل يوم، أنت بتوحشني أوي يا بني اضطر في الأخيرة أن يدعي التصديق، رغم تعجبه الشديد من طريقتها، ليوميء برأسه في استجابة لحديثها والرد بمجاملة، قبل أن تنقل أبصارها نحو المرافقين له:
وأنت يا كارم ومراتك القمر دي، كل مرة كده تزيدي حلاوة عن المرة اللي قبلها يا رباب.
مفيش حلاوة من بعدك يا هانم.
علقت بها رباب لتأخذ دورها في مجاراة المرأة العجوز مع زوجها، في حديث متبادل، لا يخلو من التملق والمجاملات الزائفة في تلك اللقاءات، أما رياض، والذي احتفظ بطبيعته الجليدية فقد اندمج هو الآخر في الترحيب بعدد من الأشخاص الذين يعرفهم، وشعور بالضيق يجثم على أنفاسه، وهو يتابع هذا المدعي في الاستحواذ على والدته، وعدم تركها حتى تتنبه إليه ولحضوره، يتساءل عن غياب بهجة، لقد كان يتوقع حضورها اليوم كما سمع من والدته، لو يعلم من البداية عن غيابها، ما كان حضر من الأساس.
هذا ما خطر بعقله قبل أن يجفله وعلى حين غرة ظهورها أمامه بطلة ملائكية جعلت الرؤوس تلتف ناحيتها، ليس لتفوقها في أناقة الرداء الذي ترتديه وفقط، ولا بزينة الوجه التي جعلته فتنة وقبلة للنظر بها هالة تخطف الأبصار نحوها، عروس من الأساطير، أو أميرة أتت من عالم الخيال.
يا نهار أبيض معقول دي بهجة؟ كان هذا تعليق كارم الذي غمره الذهول هو الآخر، حتى صدر منه الاستفسار، لتعلق زوجته هي الأخرى:
مين بهجة دي؟ بنت حد نعرفه ؟
جاء الرد من بهيرة التي امتقعت ملامحها بمقت شدید
لا يا روحي عمرك ما هتعرفيها، عشان دي مجرد مساعدة لنجوان في الجمعية، عاملاها لعبتها وكل ) يوم بتفرضها على الوسط بعد ما كانت جليسة عندها، أكيد اللي معاها دا يبقى خطيبها.
مراتيييي. صدرت من رياض لينهض فجأة مؤكدًا على الكلمة:
بهجة تبقى مراتي يا بهيرة هانم، ياريت تخلي بالك من كلامك بعد كده عنها.
قالها وتحرك ذاهبًا، غير آبه بوقع الخبر على المرأة العجوز، والتي شخصت أبصارها، وانسحبت الدماء من بشرتها بهلع، لا تصدق ما وصل إلى أسماعها، صدمة حلت بها أفقدتها النطق والسؤال عن صحة
ما سمعته.
أما عن بهجة، والتي بالكاد استطاعت تخطي توترها، بدعم صديقتها التي لا تتركها، والطبيب هشام الذي ذهب ليأتي إليهما بكوبين من العصير، وقبل أن يصل إليهم، جاء هو ليخطفها من بينهما ويسحبها من يدها دون استئذان، حاولت صفية إيقافه لكن هشام منعها، أما بهجة فقد صارت تهمس مرددة له بحرج :
إيه ده في إيه ؟ ساحبني كده ورايح بيا فين يا رياض ؟ رياض منظرنا قدام الناس، رياااض. لم ينطق ببنت شفاه، بل واصل سحبها غير مكترث بنظرات البشر التي تستغرب فعله.
ليدلف بها داخل إحدى الشرف الواسعة للقصر والمطلة على الحديقة، ودفعها عنه، لتصبح مقابلة له فتواجهه بانفعالها
أفندم حضرتك، ساحبني زي البهيمة قدام الناس، ولا مراعي حتى منظري قدام أعضاء الجمعية اللي شغالة معاهم.
میهمنیش. قالها ببساطة ضاعفت من حنقها
بس أنا بقى يهمني، ولا يمكن أسمح لحضرتك بأنك تهز صورتي ولا تقلل من احترامي، وقبل ده كله، أنا لازم أحافظ على سمعتي.
ضاقت عينيه بشر، وانتفخت أوداجه بطاقة من الغضب قادرة على إحراق الأخضر واليابس، يطالع نظرة التحدي بعينيها، وذلك الاستخفاف المقصود منها، ليطبق على ذراعها بعنف مهددًا:
من غير حلفان يا بهجة لو ما لميتي نفسك ومشيتي دلوقتي حالا وسيبتي الحيوان اللي برا ده مع البت المسترجلة اللي معاه، لا أعملك فضيحة وأنت المسؤولة.
نزعت يداه عن ذراعها للتخصر أمامه وتدهشه بفعلها :
أولا هو مش حيوان، بل بالعكس، دا دكتور محترم ومحترم أوي كمان، وثانيا بقى، أنا مقبلش إنك
تتكلم كده عن صاحبتي، ولا عشان هي لسانها طويل وبتقف زي الشوكة في الحلق قدام الرجالة الظلمة.
بما يشبه الصدمة، أشار بسبابته نحو صدره
إنتي تقصديني أنا بالكلام ده؟ أنا في نظرك ظالم يا بهجة. ارتفع كتفيها وارتخيا بمراوغة تجيبه
والله أنا بتكلم عن الظلمة، لو أنت شايف نفسك كده
هعملك إيه ؟
لاحت بثغره ابتسامة ساخرة يعقب
:
واتعلمتي اللوع كمان يا بهجة، بعد ما كنتي قطة مغمضة.
) والمغمض مسيره يفتح. قالتها تقرب وجهها منه في مقارعة له، غافلة عن تأثيرها على قلبه المشتاق بلوعة، منذ أن رآها تلج إلى داخل الحفل بهيئتها الساحرة تلك، تخطف أبصار الجميع نحوها وهي تمر كالملكة برفقة هاذين الغبيين. كم ود لو يخطفها من بينهم أو يسحبها من يدها ويخرج بها، رغم وجود الحضور من أصدقائه ومعارفه، ولكنه أضحى لا يضمن رد فعلها، كما يحدث الآن وقد بعثر كيانه ونسي حتى غضبه، بعد أن كان على صفيح ساخن منذ دقائق، لمجرد نظرة واحدة منها، وهذا الدلال الذي صارت تتعمده في كل مرة تخالفه، وكأنها تستمتع باحتراقه.
بهجة يلا جاء الصوت من مدخل الردهة الصاخبة بأعداد الحضور، لينتشله من لحظته، ويعيده إلى
نقطة الصفر، ليلتف إلى صاحبها بأعين مشتعلة قابلها الآخر بابتسامة سمجة وكأن الأمر لا يعنيه تساعده تلك المتحذلقة
الدكتور هشام وراه العيادة مش عايزين نأخره بقى يا بهجة. في رد منها، تبسمت إليهما بملء شدقيها:
عيوني جاية أهو. قالتها وهمت تتحرك ذاهبة إليهما، ولكنه أوقفها يقبض على رسغها يتمتم كانا على أسنانه:
هقتلك الاتنين هقتلك الاتنين يا بهجة رفضت تنفض يده عن ذراعها بعنف
والله لما نبقى نكلمك ولا نمس طرفك حتى ابقى اعمل اللي أنت عايزه يا باشا، أما دلوقتي، أنت ملكش حاجة عندي خليك مع البشوات اللي من مستواك وسيبني أنا مع الناس اللي من طينتي، عن إذنك بقى.
وتركته وذهبت دون أن تلتف برأسها حتى إليه، إلى متى سيصبر على عنادها ؟ لولا الخوف من أن يمس اسمها بفضيحة، ما كان تركها من الأساس، لكن فليتحلى الآن بالتروي حتى يعيدها إليه، وإن لم يكن بخاطرها سوف يجبرها. وليحدث ما يحدث بعدها.
صدحت أصوات الزغاريد تسمع لآخر الحارة بعد انتهاء عقد القرآن الذي حضره عدد من الرجال من أقارب العروسين وعدد من النساء والجيران، ليغادر الآن معظمهم، ولا يتبقى إلا القليل.
خميس، الذي قضى الوقت في توتر دائم وقلق، دلف إلى ابنته بصحبة عريسها ووالده ليبارك لها على عجالة:
مبروك يا قلب أبوكي، مبروك. تقبلت سامية قبلاته على جانبي وجهها لاوية فمها، لتهديها ابتسامة صفراء:
الله يبارك فيك يا بابا.
صنع الابتسامة هو الآخر ليبارك لخطيبها الذي أصبح زوج ابنته الآن:
وانت يا جوز بنتي يا غالي، ربنا يتمملكم بخير. أسيبكم أنا بقى.
قال الأخيرة بقلق فور أن تقابلت عينيه بعيني زوجته الحادة بخطر لحق به سمير قبل أن يخرج من باب الشقة، ليوقفه قبل أن يخرج
استني شوية يا با طب حتى أقعد شوية مع عريس بنتك، ولا هي أمي هتاكلك يعني؟
سمع منه، لتلتف رأسه إلى الخلف نحوها، ليعود إليه مؤكدًا بهلع :
قادرة وتعملها يا بني سيبني يا حبيبي . العمر مش بعزقه، وأنا مش مضحي بعمري. سلام يا بني. تركه سمير يغادر ليعود إلى الجمع المتبقي من أفراد عائلة العريس وقد انسحب معظمهم أيضًا، ليتركهم هم أيضًا ويذهب إلى رعاية طفله داخل غرفته، وكانت زوجته منشغلة في هذا الوقت بإعداد الطعام داخل المطبخ.
أما طلال، الذي اتخذ مقعده بجوار عروسه فاردًا ذراعيه على الأريكة التي تمضها معه بأريحية غير عابئ بعبوسها، بل ظل تاركا لها المجال، تتحدث مع هذه، وترقص مع تلك، وهو يدخن سجائره مراقبا لها بصمت. حتى أتى دور لورا في توديعها بعدما أهدتها أسورة جميلة أبهرتها حتى صارت تتفاخر بها أمام الفتيات صديقاتها، والاتي انسحبن من الأخريات بحرج منها، لتصفو في الأخير الجلسة عليها وعليه، ويأتي دوره في الحديث:
شكلها عجبتك أوي الأسورة أكثر من شبكتك؟
صارت تلوح برسخها الملتف حوله الأسورة، ترفعها أمام عينيه بإعجاب واضح.
جميلة وحاجة روعة بهواتي كده مش زي الشغل البلدي.
ضحك بسخرية منتبها لتلميحها المقصود، وعلى حين غرة أمسك بيدها يطبق عليها داخل قبضته
بتهديد واضح
النهاردة كتب كتابنا يا عسل، يعني بلاها منها الحركات المكشوفة، ولا إنت عايزة نكد حتى في
ليلة حلوة زي دي؟
حاولت نزع يدها من قبضته الحديدية، تنهره بحنق:
بذمتك دي عمايل واحد مش عايز نكد؟ سيب إيدي یا طلال بدل ما أعلي صوتي وانده على حد من اللي
قاعدين في المطبخ بيجهزولك العشا.
أصدر صوت رفض من فمه قائلا:
مش قبل ما تصالحيني يا سامية، النهاردة أنا عريس، وإنت بقى نكدتي عليا، أنا برضو بقيت جوزك وميصحش تقللي مني.
والله، وأنت بقى عايزني أصالحك إزاي إن شاء الله؟ تمتمت بها تعوج شفتيها بإستهزاء، ليجفلها هو بإيقافهم عن الكلام من الأساس، حينما حط بخاصتيه عليهما، ليباغتها بهجوم كاسح وسريع زلزل كيانها، وأفقدها القدرة على التفكير، حتى لم تع لنفسها سوى بعد لحظات من الصدمة، لتضربه بقبضتيها على كتفيه، حتى إذا تركها أخيرًا رفعت كفها تبتغي تكرار فعلتها الأولى في لطمه، ولكنه لحق ليمسك على رسغها بعنف يردف بحزم
لا يا حلوة متنسيش نفسك بدل ما توحشك إنت دلوقتي بقيتي مرات وأنا وعدتك إني مش هلمسك غير في بيتي بس دي اعتبريها هدية كتب الكتاب أصل بصراحة بقى.......
توقف يتابع بنظرات تشملها بجرأة وقد ارتخت قبضته
بصراحة بقى مقدرتش أمسك نفسي، ما أنا برضو بشر وإنت بطل يا بت.
دفعته بكلتا يديها التي نزعتهم من قبضته على صدره بعنف وملامح شرسة جعلته يزداد إنبهارًا
مرددًا:
آه، معلش نفوتلك دي يا بطل، ما أنا برضو بموت في شراستك.
زفرت تشيح بوجهها عنه، تدعي الغضب، ولكن من داخلها جزء ما سعيد بإطراءه، وتلك الصفات التي تدلل أنوثتها، رغم كرهها له تكرهه بالفعل، ومع ذلك لم تبغض قبلته، أو حتى تصمم على قرارها برفض عقد زواجه بها.
وكأنه قرأ أفكارها، هتف ينادي والإبتسامة أترسمت على وجهه بوضوح وعيناه مرتكزة عليها
العشا يا حماتي، أصل أنا جوعت أوي، أووي.
وعودة إلى الحفل الآخر، وقد انضمت بهجة إلى الطاولة التي تجمع الصفوة من نساء المجتمع، تاركة الطبيب وصديقتها للانفراد بجلستهما معا بعد أن سحبتها نجوان لتجلسها على المقعد المجاور لها رغم رفضها في البداية، وكأنها تُصر على إظهارها للجميع وتمسك نفسها بصعوبة عن ذكر صفتها الأصلية، في تحد لشقيقتها الغاضبة وابنها الحانق من تجاهل الاثنتين له.
لا يرفع عيناه عنهما مهما تحدث مع أحدهم، أو انشغل بأمر ما، وكأنها الحرب الباردة بينهما، لا أحد يعلم بنهايتها.
حتى التقت عيناه بأخر إمرأة يتمنى لقاءها الآن:
نادین ردد بالاسم بعدم تصديق وعيناه منصبة نحوها، حتى انتبه شريكه إلى الجهة التي ينظر بها، وتلك المرأة التي تخطف الأبصار بهيئتها الملفتة بفستان أسود يضيق على معالمها، وينعكس على بياض بشرة سيقانها الظاهرة بسخاء من الفستان القصير، ليعقب بمرح
أوعي بقى إيه يا عمنا، هو إنت الليلادي موعود ولا إيه ؟ الأولى بهجة وجمالها الأسطوري، ودلوقتي نادين صاحبة الإمكانيات الجبارة، لا رورو أنا كده أحسدك.
زفر بضيق يشيح بوجهه للناحية الأخرى، حتى لا تنتبه إليه، يحذره كارًا على أسنانه:
لم نفسك يا كارم، أنا مش ناقصها دي كمان، دي ما هتصدق تلاقيها حجة لو شافتني، ولا أقولك أنا همشي أحسن.
للأسف اتأخرت. قالها كارم، والآخر ينهض من جواره ليهم بالذهاب، ليصعق بها أمامه مباشرة:
رياض باشا مش معقول أنا متوقعتش حضورك النهاردة. تبسم بضيق معقبًا:
معلش بقى، أصل أنا مليش أوي في أعمال الخير، أنا جيت مجاملة، وعلى العموم أنا كنت ماشي أصلاً.
شرع في التحرك ولكنها أوقفته بقولها:
ليه بس؟ ولا هي إذا حضرت الشياطين يعني؟ دا أنا حتى كنت عايزة أكلمك على آدم، أصل اتصل بيا النهاردة ومعجبنيش.
ماله آدم؟ سألها بقلق على شقيقه.
هقولك كل حاجة بس تسمحلي أقعد ؟ أومأ بموافقة:
اتفضلي حضرتك، أنا عايز أسمع منك، على العموم دا کارم شريكي في الشغل، يعني مش حد غريب.
تشرفنا با کارم باشا ألقت بالتحية نحو كارم وهي تسحب كرسي الطاولة لتجلس عليه، فتبسم الآخر يجيب تحيتها
الشرف لينا إحنا أكيد، أنا هقوم أشوف مراتي بقى أصل ده ميعادنا عشان نروح، عن إذنكم.
وتحرك مغادرا ، ليترك رياض وحده، يجلس مقابل هذه المرأة ليعرف غرضها، وفي الناحية الأخرى اشتعل زوج زمرديتين صافنتين بغضب توجه سؤالها نحو نجوان الصافنة هي أيضًا برؤية تلك المرأة ذات الهيئة الغير مريحة على الإطلاق:
ودي مين الحلوة دي ؟ وإيه علاقتها برياض ؟ تسائلت بها بهجة، ليأتيها الرد من نجوان
أكيد دلوقتي نعرف يا بهجة، مع إني حاسة زي ما يكون شوفتها قبل كده بس فين معرفش