رواية أخباءت حبه الفصل الواحد والاربعون
لحظات من الصمت سادت
بين محمود وساره التى
أخذت تحاول إستيعاب
الصدمه ..
وتصديق ما سمعته من
زوجها محمود الذى قال
بهدوء : ربما يكون الأمر
صعبه على مسامعك ..
والفكره فى حد ذاتها
غير متوقعه ...
وغريبه ...
لكن فكرى معى فى الأمر..
ربما ا..
تقاطعه ساره : أنت تمزح ..؟
أليس كذلك...؟
ينفى محمود برأسه :
بالطبع لا..
ساره فى تعجب :
أنت تقول صفقه ..
وما اسمعه منك ليس
له شأن بأى صفقه...!
أنت تطلب منى التنازل
عن عين واحده منى ..
أليس صحيح ما سمعته ..؟
يجيب محمود بسرعه :
بلى...
لكن قبل التسرع فى النطق.
عليكى التمهل ..
والتريث قبل إتخاذ القرار..
ودعينا نتكلم بصراحه
أكثر..
وبمنطقيه..
أنا أعمى ..
وأنت حامل في توأم...
هم أولادنا ...
وأنت مريضه..
والوضع خطر ..
لو أكملت الحمل على خير
وهذا ما أتمناه ..
ربما لن تتمكنى من العيش
أكثر من ذلك ..
سينتهى العام الذى حدده
الأطباء لك ...
تغلق ساره عينيها وتشعر
بقلبها يخفق وهى تستمع
فى تركيز تام لحديثه
وهو يقول : تلك العين
الواحده التى ستتبرعى
بها من أجلى ستكون طوق
النجاة لأولادنا..
عقدت ساره حاجبيها فى
تعجب تسأله فى دهشه :
كيف ..؟
كيف تكون تلك العين التى
ستأخذها منى هى طوق
النجاة لأولادنا...
محمود بصوت قوى :
من سيرعاهم من بعدك
غير ابوهم ..
أنهم فى أمس الحاجة لى...
كيف سأكون فى خدمتهم
ورعايتهم وأنا أعمى
هكذا ...!
تلك العين ستعطينى القدره
على إنقاذ أولادنا ...
فكرى..
فكرى فيما قلته ..
ستجد فى النهاية أننى
على صواب ...
لا أحتاج للرد منك الآن.
فكرى ..
ولكن ليس كثيرًا ..
فيجب بسرعه الإنتهاء من
تلك العمليه..
فكلما تأخرنا ذاد الخطر
عليك...
تأخذ ساره نفسًا عميقًا
وهى تعيد ترتيب أوراقها...
وتعيد سماع حديث محمود
من جديد فى عقلها ....
ولكنها ظلت لا تستطيع
الإقتناع به ..
*****
(لا..يكفى عند هذا الحد)
نطقت رحاب جملتها وهى
تجلس فوق مقعد داخل
المستشفى التى تعمل بها..
وبجانبها ساره التى أكتست
ملامحها بالسكون ورحاب
تكمل حديثها :
أننى لم ارى في حياتى
بجاحه أكثر من ذلك...
رجل لا يحبك ...
وعشق وتزوج غيرك ..
وهى (منى)
يعاملك منذ زواجك بمنتهى
القسوة والإهانة ..
أعترف لك أكثر من مرة
بأنه غير راغب فى وجودك
جانبه ..
ولا يحبك...
وزواجك منه كان رغمًا عنه ..
وفى النهاية يطلب منك
إعطاءه واحده من عيناكى.
بحجة حبك له ...
ورعاية أولاده ..
وبأنك مريضه وعلى حافة
الموت ..
أى بالمعنى الذى لا أحب
أن أقوله ولكن مضطره له ..
أنك ميته ..لا محال ..
فلا مانع من إعطائك عين ..
من عينك قبل موتك ...
هذا هو المعنى الواضح ...
تتنهد ساره وهى تقول بصوت
حزين وبكلمات ثقيله :
نعم...
أعلم أنه يقصد ذلك ..
ولكن بعيد عن كل هذا
فكلامه إلى حدًا ما منطقى..
تتراجع رحاب وهى تستمع
لها وتشيح بيديها مستنكره :
لقد جن عقلك ..
أنت الأخرى...
تنفى ساره بيديها :
صدقينى ...
أنا فعلاً قاب قوسين أو أدنى
من الموت ...
الطب نفسه قال ذلك ...
فما المانع أن يكون هذا
هو آخر شىء جيد أختم
به حياتى ..
تشير لها رحاب بسبابتها
نحو وجهها فى غضب :
الأطباء قالو أنك بالفعل
قاب قوسين أو أدنى من
الموت ..
ولكن لا أحد يعلم الغيب..
ولا العمر ...
ولا يعلم مشيئة الله ..
ولا ما يخبئه القدر...
ليس من حقك التبرع بعينك ..
ربما كتبت لك النجاة..
ربما أطال الله عمرك..
ربما لم تموتى ..
تبتسم ساره ابتسامه غير
مقنعه : حينها سأكون جعلت
الرجل الوحيد الذي أحببته
يرى ...
يرى من جديد ..
حتى وإن كانت عين واحده ..
بلا شك ستتغير حياته ..
سيرى العالم من جديد...
سيرانى..
وعادت تتراقص الدموع فى
عيناها ...
ربما أحبنى برؤيته بعينى...
عينى التى تعشقه ..
للأسف رغم كل ما فعله ..
وما حدث ..
أحبه..
حبه يسكن قلبى..
بل كل جسدى ...
يجرى في دمى..
ربما يعلم وقتها حقيقة (منى)
ويفهم من معه ومن ضده ..
ربما ي..
تقاطعها رحاب :
أنت بالفعل مجنونه...
تحاولى إقناع نفسك بشىء
لا يمكن لإنسانه عاقله عمله..
أو قبوله ...
إنها عينك...
هل هناك ما هو أغلى من
عين الإنسان ..!
هزت ساره رأسها : نعم ..
زوجى ..
وحبيبي محمود ..
تتسع أعين رحاب وهى تستمع
لحديثها الذى تشعر بالذهول منه
وتقول : أنت إمرأة غريبه ..
تعود ساره إلى إبتسامتها
الباهته : لا تنسي أننى فعلتها
من قبل وتزوجت من رجل
مشوه ..
أعمى ..
لا يحبنى ..
وفضلته عن غيره
ما هو افضل منه ..
كل هذا من أجل قلبى..
الذى أسير خلفه ..
واسمع أوامره ..
وانفذها ..
رحاب فى سخط :
وسيؤدى هذا إلى الإسراع
فى هلاكك ...
وموتك ..
ونهايتك ..
أنت مريضه ..
وحامل فى الشهور الأولى..
وعمليه مثل ذلك
ربما تقتلك ...
وعمليه مثل ذل...
تقاطعها ساره : إن لم أقم بها
ستكون حماقه وغباء..
ولن أسامح نفسي...
سأعيش ما تبقى من عمرى
نادمه ...
ولن يغفر لى ضميرى..
رحاب فى تعجب :
واضح أنك بكل سذاجه
قد أتخذت القرار ...
هزت ساره رأسها : نعم ..
سأعطى ل محمود زوجى
واحده من عينى..
ولكن لدى طلب منك ربما
يكون الأخير ..
تشير رحاب إلى نفسها :
أنا...!!
ما هو ..؟
هل هى عين أخرى..؟
حتى يحصل هو على
الإثنين ...
تبتسم ساره من دعابتها
وهى تنفى بيديها : لا ..
بل وصيه ...
أمانه ستكون في رقبتك
بعد أن أموت...
وعادت ساره تخبرها
وصيتها الأخيرة...
وكانت صدمه لا تتخيلها
رحاب ..
فقد كانت ما تقوله ساره
أمر لا يمكن توقعه ...
ووصيه لا يمكن تخيلها ...
الفصل الثاني والاربعون من هنا