رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل الثالث 3 بقلم دينا جمال


 رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل الثالث 

لو فاكر أنك فهمت اللعبة
تبقى اللعبة
لعبتك !
____________
الأمر لا يعجبه وجود دخيلة في البيت ، أمر لا يحبذه أبدا ، ولكن إن كانت ستؤنسها وتسد جزء من الفراغ الذي يتركها فيه اليوم بأكمله سيتحملها لأجلها ، تحركت عينيه مع حركتها وهي تسير مجاورة لتلك الفتاة المدعوة حورية ، تُعرفها على البيت ، إلى أن وصلت لغرفة جانبية فقالت وهي تبتسم :
- تقدري تعتبري الأوضة دي أوضتك نضيفة وهتعجبك أوي 
جعد جبينه متضايقا مما يحدث ، هل ستمكث الدخيلة معهم ؟! ، قام تحرك ناحية حياة ليسمعها تقول :
- أنا هسيبك ترتاحي وبكرة الصبح هعرفك على باقي البيت 
أزعجه الأمر بشدة ، أمسك بكف يدها يجذبها لتسير معه صعدا لأعلى إلى حيث غرفة نومهم ترك كفها ينظر لها محتدًا فسألته مستنكرة غضبه :
- مالك يا زياد متضايق ليه 
أقترب منها خطوتين عقد ذراعيه أمامه يتحدث حانقا :
- حياة هو كل من هب ودب هندخله بيتنا ، يعني واحدة هتساعدك في شغل البيت ، تبات عندنا ليه بقى ، هنتبناها 
ضحكت بخفة على ما قال تحرك رأسها للجانبين قبل أن توضح له الأمر :
- متعصب ليه كدة يا زياد دي بنت غلبانة ، وبعدين الست إخلاص قالتلي حكايتها كلها ، دي مقطوعة من شجرة يا زياد ما كنش ليها غير جوزها ومات من كام سنة ، أهلها جوزوها وهي لسه 16 سنة و......
قاطعها زياد يغمغم منفعلا :
- يا ستي أنا مالي ، أنا مش موافق أنها تبات في البيت يا حياة ، وبكرة الصبح تبلغيها بكدة ، تساعدك في شغل البيت وتمشي قبل ما أنا أرجع ، ودا آخر الكلام يا حياة 
جعدت جبينها متضايقة مما قال، لما لم يشفق على حال الفتاة كما فعلت هي، زفرت أنفاسها تومأ موافقة على مضض ، فتبدد عبوسه وارتسمت على شفتيه ابتسامة عابثة ، اقترب منها يقطع المسافة الفاصلة بينهما ، أمسك بذراعيها بخفة يدنو برأسه ابتسم فشعرت بحركة شفتيه وهو يبتسم على جيدها تلاها صوته يهمس لها :
- أنتِ وحشتيني أوي 
تجمدت بين يديه وهدر نابضها ذعرًا ، الأمر يزداد سوءً كانت تظن أنه مع مرور كل تلك السنوات ستتناسى وتتأقلم ولكن العكس هو ما يحدث ، كل مرة يقترب منها زياد يتجسد أمام عينيها ما فعله وليد بها ، وكأن ما حدث يأبى أن يفارق ذاكرتها ، دنى بجزعه يحملها برفق بين يديه أغمضت عينيها تحاول أن تُخرس تلك الأصوات المخيفة داخل رأسها كما تفعل دوما ، تردد داخلها مرارا وتكرارا أن من أمامها الآن هو زياد زوجها ، الرجل الذي تحب ، عقلها يستمتع للغاية وهو يبدل صورة زياد بصورة الوغد وليد ليبث فيها الرعب ، أجبرت نفسها على تقبل الأمر كما تفعل دومًا ، تردد مرارًا وتكرارًا أنه زياد ، فتحت عينيها تنظر لوجهه فشخصت حدقتيها ذعرا حين أبصرت وجه وليد أنطبع على وحه زياد ، فصرخت تدفعه بعيدًا عنها بعنف ، انتفضت تبتعد عنه تغطي وجهها بكفيها تصرخ مذعورة :
- لا ابعد عني ، ابعد عني 
أقترب زياد منها سريعا يُمسك كفيها يحاول إبعداهما عن وجهها يتمتم قلقا :
- حياة اهدي مالك يا حبيبتي ، في إيه حصل إيه 
صوت زياد ، رفعت وجهها سريعا تنظر إليه فرأته ينظر لها قلقا ، مسحت وجهها بكف يدها تود قول الكثير ولا طاقة لها لتنطق حرفًا ، تشتت نظراتها ابتلعت غصتها تهمس له بصوت خفيض مختنق :
- ممكن تجبلي ماية اومأ سريعا ، يلتقط ثيابه يرتديها على عجل ، تحرك ينزل لأسفل يشعر بالضيق مما حدث ، حياة دومًا ما تشعره أنه معتدي دنيء يسعى لتحطيمها ، زفر أنفاسه بعنف يفتح المبرد أخرج زجاجة مياه وقبل أن يلتفت سمع صوت إمرأة يأتي من خلفه :
- تؤمر بحاجة يا زياد بيه 
زفر من جديد ، ذلك ما كان ينقصه حقًا ، لف رأسه لها فتجمدت مقلتيه لعدة لحظات قبل أن يشيح بوجهه بعيدا ، يبتلع لعابه يسبها بصوت خفيض قبل أن يصيح فيها محتدًا :
- لاء مش عايز منك حاجة ، أنتِ إزاي أصلا تخرجي بالمنظر دا مش في زفت راجل في البيت ، واعملي حسابك دي آخر ليلة هتباتيها هنا ، أنا من حقي أخد راحتي في بيتي 
سمع منها نبرة كسيرة حزينة وهي تهمس تقول :
- حاضر يا بيه اللي تؤمر بيه ، أنا ما كنش قصدي أخرج كدة أنا بس اتخضيت لما سمعت صوت جاي من برة فخرجت أشوف في أيه ، عن إذنك يا بيه 
شعر بالندك لعدة لحظات ولكن ذلك هو الخيار الأفضل ، هو يعاني في الأساس بعلاقته بحياة لن يحضر قبس من النيران ويضعه بالقرب منه ويقنع نفسه أنه لن يشتعل فيها ، أخذ زجاجة المياه وصعد لأعلى سريعًا ، حين دخل للغرفة رأى حياة تغط فى النوم ،تنهد أقترب منها بخفة جلس خلفها على الفراش مد يده يزيح خصلات شعرها عن وجهها ، تنهد يهمس مستاءً :
- كنت عارف أنك عاوزة تبعديني عشان تنامي ، أو تمثلي أنك نايمة يا حياة ،  تصبحي على خير يا حبيبتي 
شدت على جفنيها المغلقين تنساب قطرات الدموع من عينيها ، التفتت تنظر إليه تملأ الدموع عينيها خرجت شهقة خاقتة من بين شفتيها تهمس بحرقة :
- غصب عني يا زياد ، أنا آسفة 
جذبها بخفة إلى ذراعيه يعانقها يمسح على خصلات شعرها بخفة يهمس يهدئها :
- لما نرجع القاهرة هنروح لدكتور نفسي ، أنا تجاهلت حالتك كتير ، بس الوضع بيسوء يا حياة ، وأنا مش هينفع اشوفك بتعاني أكتر من كدة
___________
في غرفة نومهم جلست وتر على سطح الفراش وجهها شاحب أصفر اللون تنفسها سريع مضطرب ، شفتيها ترتجف وعينيها شاخصة ، ما قالت ابنتها لا يفارق عقلها أبدا ، هل يُعقل أن ابنتها ترى شبح أبيها الميت ، أم أن أبيها لم يمت من الأساس ولكن كيف رأته يحترق داخل السيارة ، نظرت صوب الباب حين فُتح وظهر جبران أقترب منها يُمسك كوب عصير أعطاه لها يمسح على ذراعها بخفة يقول يهدئها :
- ممكن تهدي ، ما فيش حاجة من اللي بتقوليها دي حصلت خالص ، أنا سألت كايلا وقالتلي مين جدو سفيان دا يا بابا ، قولتلها يا حبيبتي أنتي قولتي لماما أنك كنتي بتكلمي جدو سفيان ، قالتي لا يا بابا أنا كنت بلعب بالعرايس ، وقولت لماما أنا بكلم العروسة صوفي ، كايلا كانت أول مرة تسمع الاسم يا وتر ، وتر بنسبة 100 في المية أنتي كان بيتهيئلك عشان كنا بنتكلم عن الراجل الدكتور الغريب دا 
تنهدت تحاول أن تقنع نفسها أن ما يقوله صحيحا وأن عقلها فقط كان يلاعبها ، حركت رأسها توافق ما يقول ، شربت كوب العصير حين وصل لهاتفها رسالة بالموعد الخاص بالمقابلة ، رفعت الهاتف في وجه جبران فابتسم لها رغم رفضه للأمر ولكنه لم يرد أن تقلق أكثر ، حرك رأسه يقول باسما :
- هاجي معاكِ عشان تبقي عارفة ، أحسن يطلع الراجل دا عينه زايغة ولا حاجة ، هخزقله عينيه 
ضحكت بخفة تومأ موافقة تعطيه كوب العصير الفارغ فابتسم يشاكسها :
- ايوة بقى يا بنت الذوات ، وحشني ضحكتك يا كاظم أنت بتضحك يا ضنايا ، اضحك يا إبني
انفجرت في الضحك أثر ما قال ، فتحرك هو يقترب منها يمد يده إلى زر الإضاءة يتمتم عابثا :
- ألا صحيح الأرنب أخباره إيه ؟
أما بالقرب في الغرفة المجاورة ، كانت الصغيرة تغط في النوم حين سمعت صوت يهمس باسمها بخفة فتحت عينيها وابتسمت صعيدة قبل أن تقفز فوق سطح فراشها تعانق الراجل الواقف أمامها تتمتم سعيدة :
- جدوو
ابتسم يحرك يده على شعرها يهمس يشجعها :
- شطورة يا كوكي أنك ما قولتيش حاجة ، عشان نعملها مفاجأة لبابا وماما !!
___________
الحادية عشر ليلا حين خرج من المستشفى متعبا منهكًا ، خرج للشارع فرآها تقف جانبا تبدو كفرخ صغير خائف أقترب منها يسألها قلقا :
- أنتِ هنا لحد دلوقتي ليه يا صبا ، وبعدين هتروحي إزاي، أنتِ ساكنة فين تعالي أوصلك 
حركت رأسها للجانبين ترفض عرضه تركته وتحركت بخطى سريعة تبعد عن المستشفى ، تختفي من أمام عينيه شيئا فشيء ، تدخل من زقاق لآخر ، ترتجف خوفا تنظر حولها ترتعش تحاول أن تُسرع خطاها قدر الإمكان ، ربما كان عليها أن توافق على عرض طه ، ربما ما كان عليها الانتظار لتلك الساعة المتأخرة ، انتفضت مذعورة تعود خطاها للخلف حين حدث ما يمكن لأي شخص أن يتوقعه ، ظهر أمامها رجل يترنح في خطاه ، عينيه حمراء من أثر المخدر الذي يعثو في جسده فسادًا ، ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه ما أن رآها لعق شفتيه يتمتم بنبرة خبيثة :
- حتة امريكاني فاخر من الآخر ، مش الولية اللي متلقحة في البيت ، أكلك منين يا بطة 
توسعت حدقتيها ذعرًا تعود بخطاها للخلف تكاد تبكي ، أقترب الرجل منها وهي تحاول الفرار وقبل أن يمد يده ناحيتها ، ظهر طه أمامها أمسك بذراع الرجل يلويه خلف ظهره دفع وجهه للحائط يتوعده :
- عارف لولا أن أنا مش عايز أدخلها في أي حوارات أنا كنت فرجت عليك الشارع كله ، غور كتك القرف
ودفعه بساقه بعيدا بعنف ، سقط الرجل على وجهه أرضا قبل أن يقف يهرول بعيدا مترنحا ، ألتفت طه إلى صبا التي تقف ترتعش مكانها يحادثها منفعلا :
- ما كنش هيحصل أي حاجة لو وصلتلك ، دا الحمد لله أن أنا مشيت وراكِ ، أنا دكتور محترم يا آنسة صبا ، وشايفك بنت صغيرة في الشارع كل اللي أنا عاوزه أن أنا أساعدك وياريت ما تقعديش في المستشفى لحد الوقت دا تاني ، اتفضلي معايا 
تحركت تجاوره تخفض رأسها أرضا تمنع نفسها من البكاء وهو يسير خلفها بخطوة تقريبا تنهد قبل أن يهمس يعتذر منها :
- أنا آسف إني اتعصبت عليكِ ، بس صدقيني دا من خوفي عليكِ ، إنتِ بريئة أوي يا صبا على اللي بيحصل في الدنيا دي ، حقك عليا أنا آسف مرة تانية 
رفعت وجهها إليه تعطيه إبتسامة شاحبة تومأ برأسها ، بعد عدة دقائق وقفت أمام عمارة سكنية تشير إليها قبل أن تهمس تشكره :
- أنا ساكنة هنا ، شكرا ليك
توسعت حدقتيه ذهولا أثر ما سمع ، تتحدث !! كان يظنها بكماء لا تفعل ، رمش بعينيه عدة مرات قبل أن يصيح مذهولا :
- أنتِ بتتكلمي أنا افتكرتك أنا آسف يعني في اللفظ خرسة
ابتسمت خجلة ولم ترد عليها وإنما تحركت تدخل إلى العمارة أمامه ، أما فهو فارتسمت ابتسامة بلهاء على شفتيه رفع يده يضعها على رقبته ابتسم يحادث نفسه :
- دي بتتكلم !! ، دي صوتها حلو أوي !
_________ 
في عتمة الليل تحت أجنحة ظلامه الداكن ، وقفت سيارة سوداء على جانب طريق صحراوي لا أحد يمر هنا ، لا أحد إطلاقا بداخلها رجل ملثم يدق على المقود بخفة إلى أن رأى ضوء سيارة يقترب منه ، من الإتجاه المعاكس ابتسم ينظر للحقيبة المجاورة له ، مد يده يأخذها ، نزل من السيارة ينتظر وقوف السيارة الأخرى ، وقفت على بعد عدة خطوات منه كان بها رجلين ومعهم غايته ، نزل أحد الرجال من السيارة يوجه إليه ابتسامة كبيرة :
- الأمانة معانا
توسعت ابتسامته حتى ظهرت على عينيه يمد يده له بحقيبة النقود فتحها الرجل نظر للمبلغ الضخم الذي سيضمن له معيشة أكثر من رائعة لسنوات وسنوات ، تحرك إلى السيارة فتح الباب الخلفي يخرج منها رجل معصوب العينين
دفعه ناحية الملثم بخفة ، أمسك الملثم بيده يجذبه معه إلى السيارة فتح الباب المجاور للسائق يدفعه بخفة ليجلس هناك ، ومن ثم هو التفت هو وعاد يجلس في مقعده ، يتحرك بالسيارة للخلف قبل أن يأخذ الطريق الرئيسي وينطلق ، مد يده ينزع الرباط عن عيني الجالس جواره ضحك ما أن رآه يتمتم سعيدًا :
- أهلا بعودة صاحب الظل ، الملعب هيرجع يشتعل من جديد ، ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي وليد ولم يرد بشيء ، هو كان على أتم ثقة أن اللعبة لن تنتهي بتلك البساطة أبدا ، هم من كانوا أغبياء وظنوا أنهم حاربوا الشر وقضوا عليه ، الشر لا ينتهي سوى في نهايات الأفلام فقط ، تحركت عينيه إلى الرجل الجالس جواره رآه يضغط على زر ما في جهاز تحكم صغير لف رأسه إليه يتحدث ضاحكا :
- ما أهو إحنا بردوا ما ينفعش نسيب دليل ورانا 
ما إن انتهى من جملته سمع صوت انفجار عالي لف رأسه فرأى السيارة التي كانت تتحرك خلفهم انفجرت حتى باتت فتاتا ، لم يبدو متأثرًا بالمشهد كثيرا ، وإنما عاد ينظر للطريق أمامه ، حين سمع صوت الرجل الجالس أمامه يقول :
- أنا عارف إن القعدة في السجن طفت روح المغامر اللي جواك ، بس أنا موجود هنا عشان أساعدك ترجعها تاني ، ويمكن لما حياة ترجع الروح ترجع 
لف رأسه سريعا صوب الرجل ما أن ذكر اسمها ، هنا عقد جبينه يسأله :
- أنت مين بالظبط؟!
ضحك الرجل بخفة قبل أن يتحدث مزهوًا بحاله :
- أنا الدراع الأيمن للملك الجديد ، للجوكر!
عقد وليد جبينه مستنكرًا ما يسمع قبل أن يعاود سؤاله :
- ومين الملك الجديد 
ضحك الرجل من جديد يحرك رأسه للجانبين يردف ضاحكا :
- ما تسبقش الأحداث يا صاحب الفخامة ، كل حاجة هتتعرف في وقتها ، خصوصا شخصية الملك ، دلوقتي لازم ترتاح ، عشان نبدأ شغل على نضيف ، بعد ما نصفي كل الخونة ونجبلك حياة عشان ما تزعلش !!
__________
قرابة الخامسة فجرًا كمين معد من الكثير من عناصر الشرطة على طريق سريع بالقرب من ميناء نقل البضائع المعلومات لديهم تفيد أن شحنة مخدر كبيرة ستمر من خلال الميناء ، الجميع على أهبة الاستعداد ، اقترب من الكمين مجموعة من سيارات النقل يسبقهم سيارة صغيرة سوداء ، توقفت السيارة أولا ونزل منها فتاة جميلة في مقتبل العمر شقراء الشعر ترتدي نظارة نظر مستديرة وفستان رقيق يغطي جسدها بالكامل ، اقتربت من الضابط  تمد يدها له ببطاقتها التعريفية تحادثه باسمة :
-خير يا حضرة الضابط في مشكلة ولا إيه ؟!
اومأ الضابط برأسه قبل أن ينظر للبطاقة ويعاود النظر إليها يقول :
- معلش يا آنسة مريم إحنا لازم نفتش كل العربيات دي 
اومأت برأسها توافق تقول سريعا :
- آه طبعا دا شغل حضرتك ، وحضرتك أدرى بيه 
وبدأ التفتيش ، انفتحت عربات النقل الضخمة لم تكن تحتوي على شيء سوى أدوات دراسية ، أقلام دفاتر وغيرها ، بعد بحث مكثف تجاوز الساعة ، أقترب الضابط يعطيها بطاقتها يردف :
- تمام تقدروا تتفضلوا 
ابتسمت تشكره تأخذ البطاقة منه ، تحركت إلى سيارتها ، أدارت محرك السيارة وانطلقت تبتعد بها عن الأنظار قبل أن تتبدل ابتسامتها بأخرى ساخرة ، ونظرات عينيها الناعسة بأخرى خبيثة عن ماذا كانوا يبحثون ، عن شحنة المواد المخدرة ولكنهم لم يجدوا شيئا ولن يفعلوا ، فليس من المعقول أن يعتقد أحد أنها داخل أكياس محكمة تملأ تجويف أقلام التلوين السميكة ذات الرائحة القوية النفاذة ، مخاطرة بالغة قررت لعبها ، وها هي الشحنة الأولى التي أمر الملك الجديد بدخولها مرت أمام أعين الجميع ولم يشك بها أحد !
أما هناك فحيث يعثو سفيان فسادًا ، قرر الشيخ جابر أن يقوم بزيارة مفاجأة للراصد الذي يحرص المقبرة في منزل عم حربي ، ليس لسبب قوي ، هو فقط يشعر بالملل ليس إلا 
رفع يده ودق الباب وانتظر لحظات إلى أن فتح له حربي الباب ، اتسعت عيني الرجل ما أن رآه انتفض يتمتم متلهفا :
- اتفضل يا شيخ جابر اتفضل دي خطوة عزيزة ، مش قولت يا شيخ جابر أنك جاي بليل ، دا أنا موصي الولية تدبح وتعمل عشا 
ابتسم جابر في هدوء دلف للمنزل ينظر حوله هنا وهناك قبل أن يتمتم :
- ابقى ابعتهولي على البيت ، اللي أنا جايلك فيه أهم ، أنا جاي افاجئ الراصد وأعرف غيته
ايه عشان ننول المراد ، اجمعلي مراتك والعيال يا عم حربي 
دقائق وكان أمامه في البيت زوجة حربي وطفلان في العاشرة وفتاة جميلة في عمر السابعة عشر تقريبا ، ضحك سفيان داخله قبل أن يرسم على أرض المنزل بحجر جير أشكال غريبة لم يفهمها أحد جلست في المنتصف واغمض عينيه وبدأ يتحرك للأمام وللخلف يتمتم بعدة كلمات ، ومن بعدها فتح عينيه وارتسمت على شفتيه ابتسامة كبيرة يتحدث سعيدا :
- مش قولتلك أبشر يا عم حربي ، تعالا يا عم حربي أنا عايزك في كلمتين 
قام جابر من مكانه أقترب من حربي وأخذه وخرج وقف أمامه يخبره بما قال له الراصد ، انتفض الرجل وتوسعت عينيه ذعرًا يحرك رأسه للجانبين رافضا :
- أنت بتقول ايه يا شيخ جابر ، إنت عاوزني أضحي ببني أدبحها عشان الرصد والمقبرة ، لالا مش عاوز فلوس مش عاوز حاجة 
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي جابر يحرك رأسه للجانبين يسترسل :
- يا عم حربي أنت فهمت إيه ، مين قالك أن الراصد عايزها نموتها ، الراصد عايزها عروسة ، هنراضي بيها الراصد عشان يفتحلنا المقبرة ، وما تقلقش ، بنتك مش هيمسها أي أذى وهتفضل ورد ورود زي ما هي ، فكر يا عم حربي ، الكنوز اللي في المقبرة تتاقل بملايين ، وكل الحكاية ، بنتك هتبقى عروسة للراصد ، مش هي عذراء بردوا ؟
_____________
حاكم مملكة ، لا هو كبير بلده وحاكم مقاطعته ، لا تمر حركة دون أن يعلم بها ، رجل له من الهيبة والقوة ما يكفي لترتعد منه الرجال ، تراه يجلس على مقعد في منتصف دواره الواسع ، عينيه سابحة في الفراغ ، تقتم وتزداد سوادًا وشرًا ، لن يدع ما فعله ولده يمر مرور الكرام أبدا ، سيلقنه درسا لن ينساه أبدا ، انتبه على صوت رجل يصدح باسمها يصيح متلهفا :
- يا حج رزق ، يا حج رزق ، أنا عندي ليك خبر بعشر بهايم ، أنا شوفته ، شوفت جبران أبنك في معرض موبيلا وخدت عنوان المعرض اهو يا حج رزق ، فين حلاوتي بقى ، هو كان هيشوفني بس أنا اداريت منه عشان ما يلمحنيش ، فين حلاوتي بقى بردوا 
تعليقات



×