رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل التاسع والثلاثون
سُبحان من جَعل تلك العيون جميلة، ليقع قلبي بهما و أصبح أنا في حُبهما ما بيدي حيلة.
_________________________
لقد مررت بالكثير و الكثير حتى اصبحت ما أنا عليه اليوم، لقد عانيت و بالقسوة مررت، حتى حياتي سئمت، و كأني مُذنبٌ أو مثل المحارب سُرق سيفي و في النهاية بمفردي بقيت، لا الفرار أنقذني و لا على البقاء استطعت، أنا من عاش كريمًا حتى الآخرين لا أؤذي حتى تفاجئت في نهاية المطاف أن من ذاق مني الأذىٰ كان نفسي.
_"مــيــمــي"
تفوهت بها كلًا من «خديجة» و «هدير» و من بعدها ركضا نحوها تحت نظرات التعجب من الأخرين، حتى ارتميا عليها و كلًا منهما تستقر أسفل ذراعها حتى انتبهت «خديجة» لوضع «هدير» المماثل لوضعها فابتسمت لها الأخرى و كأنها تقول لها سأخبرك، و في لمح البصر اجمتعت بقية الفتيات حولهن و أصوات فرحهم و حديثهم المرح برؤيتها تنطلق في المكان، و بقية العائلة تقف بملامح مستنكرة حتى تحدثت «ميمي» تقول بقلة حيلة:
"طب اقعد طيب علشان طلعت السلم و رجلي تعبتني، قعدوني يا عيال"
أخذتها «خديجة» و «هدير» أيضًا و أجلسوها على الأريكة وسط السيدات، فتحدث «ياسين» مُردفًا للجميع:
"دي ميمي يا جماعة، أمنا اللي ربتنا و كل حاجة لينا، انتو شوفتوها في فرحي، هي كانت موجودة"
اجتمعوا حولها يرحبون بها بحبورٍ و تحية وتقدير لوجودها بين الجميع، حتى أتت لها «هدى» بعدما اشار لها زوجها و معها «فارس» و هي تمد يدها لها و رافق فعلتها تلك قولها:
"اتفضلي شوفيه إسمه فارس"
حملته «ميمي» على يدها بمشاعر كثيرة و تأثر ظهر في عينيها و ملامحها و هي تجاهد بالثبات أمام الجميع و هي تطالع الصغير على يدها حتى تحدثت تقول بصوتٍ مختنق إثر فرحتها:
"بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم بارك، ربنا يجعله خير الذرية الصالحة، و تشوفيه أحسن واحد في الدنيا كلها"
اقتربت منها «هدى» بتأثرٍ و دون أن تعي لنفسها قبلت رأسها ثم قالت بنبرةٍ متأثرة:
"ربنا يبارك في وجودك و شكرًا لدعواتك الحلوة دي، ربنا يكرمنا و تستجاب"
طالعتها «ميمي» بعينيها الدامعتين ثم أخفضت رأسها تطالع ذلك الذي استكان على يدها و كأنه وجد ملاذًا أمنًا له، فابتسم «حسن» و هو يقول بمرحٍ ساخر:
"أنتِ عملالنا سحر يا ميمي ؟! الواد نام على إيدك !!، دا عيوطة زي ناس كدا بقى"
رمقته «هدير» بتوعدٍ في تلك اللحظة، بينما البقية ابتسموا على حديثه، فقالت هي مُفسرةً:
"أي طفل في الدنيا دي لما حد كبير بيمسكه لازم يهدى على دراعه، و دي حاجة معروفة، أو يمكن أنا اللي سري باتع بقى"
قالت جملتها الأخيرة بمرحٍ، فتحدث «وليد» بتأثرٍ:
"دي حقيقة، الحنية اللي عندك يا ميمي مش موجودة في الدنيا كلها، و يا بخت القلوب اللي حنيتك تداويها"
ابتسمت له هي بمعاتبةٍ اتضحت على معالم و جهها و نبرتها عند قولها:
"لسه فاكر !! نسيت ميمي يا أستاذ وليد ؟! أنا مش هتكلم قصادهم، ليك روقة"
اقترب منه هو ثم جلس مقابلًا لها على ركبتيه وهو يقول معتذرًا:
"أنتِ مينفعش تزعلي مني و لا ينفع إنك تقللي من مكانتك علشان أنتِ عارفة غلاوتك عندي، بس حقك عليا برضه"
رفعت كفها تمسح على رأسه و هي تقول بنبرةٍ هادئة:
"مش زعلانة منك، بس عاوزاك تفضل زي ما أنتَ جامد و سند للي حواليك كلهم، عاوزاك تفضل وليد الجدع، بلاش يا بني تخليها تسرق منك أيام عمرك و تتفاجأ بعدها إنه ضاع منك من غير ما تفرح فيه"
حرك رأسه موافقًا و هو يبتسم لها، فوجد «عبلة» تقترب منهما ثم جلست بجوراه، فوجدت «ميمي» تقول بنبرةٍ مرحة:
"عبلة صح ؟! حسيت بكدا من من ساعة ما شوفتك، عاوزة أقولك يا بختك بالواد دا، قلبه أبيض و حنين و يداري مهما يداري برضه حنيته باينة"
سألها هو بدهشةٍ مرحة:
"يداري مهما يداري !! هي قالتلك و لا إيه ؟!"
اخفضت «عبلة» رأسها بخجلٍ منه، بينما البقية تعجبوا منه فقال هو بنفس المرح:
"وصيها عليا علشان دي جاحدة و مطلعة عيني و عين الغلبان دا، فاكرة نفسها مرات عنترة ابن شداد"
ضحك الجميع عليه بينما هي وكزته في ذراعه بملامح وجه حانقةً عليه، فابتسم هو لها و فجأة صدح صوت «يونس» يركض نحوها بعدما دلف مع «خلود» و هو يقول بمرحٍ:
"تيتة !!"
ركض نحوها فوجدها تحمل الصغير على يدها، حينها اقترب منه و قبله مرةً أخرى على جبينه و بعدها غمغم بعدة كلمات غير مفهومة كعادته، فوجد «وليد» يحمله و هو يقول بمرحٍ:
"أنا لو افهمك هريحك يا ابن خالد، نفسي أفهم أنتَ عاوز إيه"
تدخل «عامر» يقول بسخريةٍ:
"على ما أظن بيرحب بميمي، بُص أخبطه و رجه كويس هيتعدل معاك"
ردت عليه «إيمان» بحنقٍ:
"نهارك مش فايت !! يرج مين يا عامر ؟! ابن اخويا أنا، و أنا اقول الواد طالع عنده خلل ليه؟"
ضحك الجميع عليها فأضافت هي تسأل أخيها:
"و أنتَ يا أستاذ خالد سايبه يرج ابنك عادي كدا؟!"
رد عليها هو بنبرةٍ ضاحكة:
"أنا نفسي رجيته مرتين قبل كدا"
شهق المعظم شهقة قوية مُستنكرين بها حديثه، فتحدث «ياسين» و هو يجاهد ضحكاته:
"أنتو فاكرينه بيتربى بالساهل كدا ؟! لازم يتهز و يترج علشان يتعدل"
تدخل «طارق» يقول بتعجبٍ:
"هو تلفزيون يا ياسين !! ما تنزله تردد جديد بالمرة ؟! أنا خوفت على الواد منكم يا عالم يا مجانين"
رد عليه «ياسر» مفسرًا بنبرةٍ ضاحكة:
"يا عم بنهزر، يونس مين دا اللي يترج ؟! الفكرة إنه عنده جمل مفيدة مش قادرين نتوصل ليها"
تحدثت تلك المرة «خلود» وهي تقول بفخرٍ في ذاتها:
"يبقى الحل إنكم تسيبوه ليا، هرجعه ليكم بيغني كمان، أنا حبيته أوي و الله"
طالعها «وليد» بفخرٍ و هو يقول:
"معاها حق، دي ممكن تنطق العفريت، دي هتنطق فارس خالص، يونس هتغلب فيه ؟!"
في تلك اللحظة دلف الرجال خلف بعضهم من الأسفل و اقتربوا يرحبون بـ «ميمي» و تواجدها في بيتهم، و في تلك اللحظة همس «عامر» في أذن «حسن» و هو يقول بسخريةٍ:
"أنا مستني اللحظة اللي بتبقى زي المسلسلات الهندي دي، و فيهم واحد يشبه على ميمي و تطلع حبيبة الحاج فايز القديمة، ياه على المتعة"
طالعه «حسن» بتعجبٍ و هو يحرك رأسه باستنكارٍ فوجده يضيف بنفس الهمس:
"و الله تبقى لحظة حلوة أوي و كلها حماس كدا، بس شكله خيالي الواسع"
تحدث «حسن» يقول هامسًا بسخريةٍ:
"المريض !! خيالك المريض يا أهطل، يلا يالا علشان نصلي الجُمعة"
أطاح برأسه له و هو يسخر بملامح وجهه منه، فتحدث «محمود» يقول أمرًا للجميع:
"يلا علشان نلحق الخُطبة في المسجد و علشان نرجع نشوف ورانا إيه، و الستات كلها تصلي محدش فيكم يأخر الصلاة، يلا يا رجالة"
رد عليه «وئام» بمرحٍ:
"كلنا جايين وراك يا عم محمود أهوه، بس معلش عندي سؤال مهم"
انتبه له الجميع فسأل هو بترددٍ:
"ينفع أخد فارس معايا الجامع ؟!"
ظهر الاستنكار على وجوههم جميعًا فقال هو مُفسرًا بلهفةٍ:
"قصدي يعني علشان يتعود يجي معايا، يوه محدش يبصلي كدا، أنا فرحان بيه يا جماعة"
رد عليه «مرتضى» بسخريةٍ:
"يا قلب أبوك !! يلا يالا بطل هبل، لما يشد حيله شوية، دا لسه عنده أيام، إيه الهبل دا"
تدخل «محمد» يقول بمرحٍ:
"يلا يا عم منك ليه، أنا عاوز أشوف ياسين و هو بيدبح، خلصونا هنتأخر على الصلاة"
طالع «ياسين» زوجته بخبثٍ فوجدها ترمقه بغيظٍ مما سيقوم بفعله، و بعدها نزل الشباب يتركون البيت خلف بعضهم و معهم «يونس» الذي أمسك يد «عامر»، بينما النساء مع بعضهن يتجهزن للصلاة، حتى اقتربت «مشيرة» تجلس بجانب «ميمي» التي كانت تطيل النظر لها و كأنها تحاول سبر أغوارها، و مع اختفاء النساء خلف بعضهن، حدثتها بخفوتٍ و هي تقول:
"نورتي البيت، البركة هلت علينا بوجودك فيه و الله"
ربتت «ميمي» على يدها و هي تقول:
"البيت منور بناسه يا مُشيرة، مش أنتِ مشيرة برضه ؟!"
حركت رأسها لها بتيهٍ و تشوشٍ فوجدتها تبتسم لها و كأنها تبثها الطمأنينة و لكن الأخرى تعمقت بفكرها في كيفية تعرفها على هويتها من بين الجميع.
_________________________
في الأسفل و بعد نهاية الصلاة وقف الرجال مع بعضهم يمازحون بعضهم و يسخرون على البعض حتى «وليد» الذي كان يركض مع «يونس» و خلفهما «عمار» و «حسن» و كأن اليوم يشبه صباح العيد ببهجته و مرحه، حتى توقفت سيارة أجرة أمام البيت و نزل منها «رياض» و زوجته، فعلت أصوات الرجال ترحيبًا بهما حتى صعدت زوجته إلى النساء في الأعلى، فتحدث «رياض» يقول بسخريةٍ مرحة:
"ها العيال دي تعباكم في حاجة ؟؟ أنا عارف إن محدش يتحملهم و خصوصًا عامر"
رد عليه «طه» نافيًا حديثه:
"لأ متقولش كدا يا أستاذ رياض، ربنا يعلم معزتهم عندنا و وجودهم فخر و شرف لينا، و خصوصًا عامر"
رد عليه «عامر» بمرحٍ:
"حبيبي يا عم طه، خلاص هأكلك معايا من صينية الفتة بتاعتي"
ارتسم اليأس على وجوههم منه، فتحدث «وئام» يقول بحنقٍ زائف:
"ما تخلص يا عم ياسين و ادبح بقى، الناس هتاكل إمتى و هنوزع إمتى ؟! ياض أخلص بقى"
رد عليه هو بنبرةٍ ضاحكة:
"يا عم عيوني ليكم دلوقتي أهوه، اجهزوا و أنا هطلع أغير هدومي دي، جهزوا الأضحية"
تدخل «أحمد» يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"معلش البنات هتنزل الشارع تتفرج هما قالولي استأذن منكم علشان السلم مش هيكفي"
رد عليه «محمد» بضجرٍ:
"إزاي دا !! هيقفوا في الشارع وسط الناس و الزحمة و كله واقف عاوز يتفرج ؟!"
تدخل «محمود» يقول ناهيًا للموضوع:
"عادي يا محمد خليهم يفرحوا، ابقوا افتحوا البوابات خلي الناس تتفرج و خلاص"
تدخل «ياسين» يقول مسرعًا:
"طب أنا هطلع أغير هدومي و أنزل تكونوا جهزتوا كل حاجة و هقول للبنات تنزل كمان"
أومأوا له بموافقةٍ فصعد هو للأعلى و قبل دخوله المكان حمحم بقوةٍ حتى أذنت له «مشيرة» بعدما سمعت صوته فتحدثت هي تقول:
"بيصلوا يا ياسين، تعالى يا حبيبي، عاوز حاجة طيب؟"
رد عليها هو مُردفًا:
"أنا هطلع أغير و خليهم ينزلوا علشان يتفرجوا، عم محمود قالي انزلهم"
ردت عليه هي بفرحة:
"حاضر يا حبيبي، ربنا يفرح قلوبكم يا رب كمان و كمان"
رحل هو من المكان بينما هي جلست بجانب «ميمي» مرةً أخرى، و هي تنظر لـ «فارس» الذي استكان على ذراعي «ميمي» و والدته تحضر له الطعام، و بقية الفتيات يقومون بتأدية الصلاة أما «ميمي» فقامت بتأدية الفرض موضع جلوسها، و «مشيرة» أيضًا، حتى ظهرت أول الفتيات و هي «جميلة» فقالت لها والدتها:
"جميلة قولي للبنات ينزلوا يتفجروا على الدبيحة، ياسين طلع يغير و خالك محمود وافق و قال ينزلوا"
صفقت بكفيها معًا و هي تقول بحماسٍ شديد:
"بجد !! طب أنا هقول لعبلة و سلمى و الباقي، تعالى اتفرجي معانا يا ماما"
ردت عليها «مشيرة» بتقززٍ:
"لأ يا حبيبة أمك، أنا بقرف أوي، اتفرجوا انتم و افرحوا مع بعض"
تركتها و ركضت من أمامها، بينما «ميمي» قالت لها بنبرةٍ مقررة:
"كويس إنها بقت كويسة معاكي، ياريتك يا مشيرة تقدري النعمة اللي عندك و رحمة ربنا عليكي، و إنه رغم كل حاجة برضه كرمك"
طالعتها «مشيرة» بريبةٍ و خوف فوجدتها تتابع بنفس الاصرار:
"أنا عارفة كل حاجة، و كان نفسي أشوفك من بدري، قوليلي يا مشيرة، عرفتي حكمة ربنا من اللي حصلك ولا لسه؟!"
تنفست «مشيرة» بعمقٍ تحاول التحكم في دموعها و ثباتها فوجدتها تتابع حديثها:
"اللي بيحصل كله إنها نفوس بشرية يا مُشيرة، و إن الإنسان مهما استقوى و افترى هيجي عليه يوم و يحس بضعفه قدام رحمة ربنا عليه، الحكمة من كل دا إن الوقت مهما فات على الإنسان و هو عايش جامد هيجي يوم غصب عنه و يضعف، قوليلي يا مشيرة دلوقتي أنتِ عاوزة إيه ؟!"
تنفست الصعداء ثم حاولت تنظيم نفسها و التحلي بالثبات و هي تقول بصوتٍ متهدج:
"عاوزة الزمن يرجع بيا علشان افوق عن كل حاجة غلط عملتها، عاوزاه يرجع بيا علشان أحافظ على النعم اللي كانت عندي و ضاعت مني بسبب قلة عقلي، لو كنت أعرف أني هظلم ناس كدا كنت هربت و سيبتهم في حالهم"
ردت عليها «ميمي» بنبرةٍ هادئة لكنها تحمل الاصرار في ثناياها:
"عرفتي يا مشيرة إن كلمة ياريت عمرها ما هتفيد بحاجة !! عرفتي إن لولا الشكر و الرضا باللي عندنا كان زماننا دلوقتي في حال غير الحال ؟! الحقي عوضيهم يا مشيرة و الحقي رجعي اللي فاتهم بسببك"
سألتها هي بتشتتٍ و تيهٍ:
"تفتكري هينفع !!"
ردت عليها هي بنبرةٍ مقررة:
"مفيش حد بيحاول و ربنا بيخذله، كل اللي حاولوا على الأقل حسوا بالرضا عن نفسهم، أظن إنك محتاجة ترضي عن نفسك يا مُشيرة"
حركت رأسها موافقةً فوجدتها تربت على كتفها حتى أجهشت الأخرى في البكاء و حينها احتضنتها «ميمي» أسفل ذراعها و «فارس» على فخذيها و هي تربت عليه باليد الحرة، حتى دلفت «هدير» المكان لكنها تعجبت عند رؤيتها لذلك المنظر، فرمشت بأهدابها عدة مرات، و حينما شعرت بها «مشيرة» فابتعد عن «ميمي» و هي تمسح دموعها، فتحدثت «هدير» بخجلٍ من تواجدها هنا:
"أنا....أنا آسفة بس جيت أخذ فارس علشان هدى ترضعه و هرجعه تاني ليكم، عن إذنكم"
أومأت لها كلتاهما فحملته هي على يدها بعدما اقتربت منهما، ثم رحلت من المكان، فربتت «ميمي» على يدها و هي تقول:
"انزلي اقفي معاهم تحت و افرحي و فرحي بنتك يا مشيرة، بلاش تقعدي هنا"
سألتها هي بصوتٍ مختنق نتيجة عبراتها:
"طب و أنتِ هتقعدي هنا لوحدك؟ خليني قاعدة معاكي، أنا مرتاحة و أنا جنبك هنا"
ابتسمت لها و هي تقول بنبرةٍ مرحة:
"عيالي مش هيسبوني لوحدي، هتشوفي دلوقتي بنفسك، عمري ما فضلت لوحدي"
قطبت «مشيرة» جبينها بتعجبٍ و الأخرى تطالعها بثقةٍ حتى دلف «حسن» و «خالد» في تلك اللحظة فتحدث «خالد» يقول بمرحٍ:
"يلا يا ميمي، حطينالك الكرسي في موقع استراتيجي تحت علشان تعرفي تتفرجي، حاجة كدا مزاج"
اتسعت بسمتها أكثر من ذي قبل فأضاف «حسن» بفخرٍ بها:
"يلا علشان البركة تحل بوجودك و دعوتين حلوين منك كدا يهدوا الجاموسة بدل ما تاخد ياسين في وشها"
ضحك عليه الموجودين فاقتربا منها كليهما يساندونها في حتى تنزل للأسفل و تشارك الجميع في تلك الأجواء المُفرحة، بينما في الأسفل وقف «عامر» أمامها و هو يقول بتأثرٍ:
"صعبانة عليا والله، عشرة الكام ساعة اللي ما بيننا كانت حلوة و اتعلمت منك حاجات كتير أهمهم الصبر، و الله فراقك صعب أوي"
في تلك اللحظة وجد صفعة قوية تنزل على رقبته من الخلف، فالتفت هو ينظر خلفه و رافق التفاتته تلك تأوهه، حتى وجد «وليد» يقول بضجرٍ:
"صعبانة عليك !! خلاص مفيش فتة و هكلم مشيرة اقولها تكنسل طاجن الكوارع اللي قولتها تعمله"
رد عليه هو بلهفةٍ:
"لأ مع السلامة يا عم، دا أنا بحب جو العقيقة أوي، المهم خليها تدخل الطواجن في الفرن"
_"هي مين دي؟"
قالها «وليد» بتعجبٍ فرد عليه «عامر» مفسرًا ببلاهةٍ:
"عمتو مشيرة !! مش قولت هتعمل طواجن ؟!"
ضحك «وليد» بيأسٍ منه فوجده يحتضنه ثم قال بهدوء:
"تعرف إنك كنت واحشني أوي ؟! كنت عاوز أجيلك علشان متفضلش زعلان لوحدك، أنا مبحبش حد يزعل و يكون لوحده خالص، علشان في زعلي بلاقيهم معايا"
ابتعد عنه «وليد» يطالعه بتعجبٍ ممتزجًا بالدهشة فوجده يتابع:
"لما ياسين قالي إنه عارف مكانك أنا كنت فرحان و كنت هقوله و نجيلك كلنا، بس هو قال إنه سايبك بمزاجه"
ربت «وليد» على كتفه وهو يقول بتأثرٍ:
"أنتَ فيك حنية و جدعنة مش موجودة في بلد كاملة، أنا ليه مخدتكش معايا إسكندرية ؟!"
رد عليه الأخر بضجرٍ زائف:
"علشان ندل، لو كنت كلمتني كنت جيت معاك و كلنا سمك سوا على البحر، بس نقول إيه عيل كئيب، حد يروح اسكندريه يكتئب فيها !! دي علاج الروح"
أتى «ياسر» و «وئام» من خلفهما فتحدث الأول يقول متعجلًا لهما:
"خلص يا سيدي منك ليه، البنات نازلين و ياسين كمان، يلا يا وليد خرجها"
أومأ له موافقًا ثم قام بحل عقدتها من الحائط ثم دلف بها ردهة البيت، حتى وجد الفتيات تنزل من على درجات السلم فابتعد هو يفسح لهن المجال و حينما أوشكت «عبلة» على النزول صدح صوته يقول بخبثٍ:
"الحقي يا عبلة الجاموسة فكت و نازلة السلم"
شهقت هي بقوةٍ و خوف و هي تعود للخلف و الجميع حولهما يضحكون بقوةٍ فقال هو بنبرةٍ ضاحكة:
"انزلي يا هبلة انزلي، ما هي في إيدي و أنا رابطها أهوه، ربنا يتوب عليكي من الهيافة"
اقتربت منه هي تقول هامسةً بحنقٍ:
"و الله ما فيه حد هايف غيرك أنتَ، صبرك عليا هوريك"
غمز لها و هو يدندن بخبثٍ:
"طب ليه بيداري كدا و أنا أداري كدا و لا داري كدا....الله"
حدجته بنظرةٍ حانقة ثم ابتعدت عنه تقف بجوار الفتيات حتى نزلت «خديجة» هي الأخرى و خلفها «خلود» و «سلمى»، وقفن بجوار «ميمي» التي جلست على المقعد على مقربةً من التجمع، فاكتملت العائلة بأكملها أمام بوابة البيت و في الخلف الجيران و أطفال الشارع حتى نزل «ياسين» أخيرًا، فهلل الشباب بفرحةٍ بوصوله للأسفل، فمالت والدته على اذن «خديجة» تقول بضجرٍ:
"من ساعة ما بقى بيعرف يدبح و بقى بيحس بإحساس غريب اليوم دا، عيل مقرف و الله، بيفرح إزاي بالمنظر دا"
ردت عليها «خديجة» بنبرةٍ حانقة:
"بس علشان أنا على أخري منه و الله، مش متخيلة إنه يدبح و يقطع و يبقى فرحان كدا"
طالعهما هو بعينيه و فجأة تحدث يقول بنبرةٍ عالية:
"وحدوا الله في قلبكم و صلوا على النبي كدا علشان ربنا يبارك، بلاش لاوية البوز علشان بتعقرب الدنيا"
رمقته «خديجة» بحنقٍ فوجدته يغمز لها و هو يحاول التحكم في ملامح وجهه، حتى تحدث «حسن» يقول بمرحٍ:
"يلا يا عمنا هنوقعها و نخلص !! و لا هنبحلق كتير ؟!"
في تلك اللحظة أعطاه «خالد» السكين الكبير من الخلف حتى لا تراها الاضحية و من بعدها اجتمع الشباب فوقها حتى يستطيعون إلقائها أرضًا، و حينما حدث ذلك حينها أخفض «ياسين» جسده نحوها وهو يقول بنبرةٍ خافتة:
"بسم الله....الله أكبر....أشهد أن لا إله إلا الله.....و أشهد أن سيدنا محمد رسول الله.... اللهم إن هذه العقيقة عن فارس ابن وئام مرتضى.....حـــلال الــلــهُ أكـــبــر"
قال جملته الأخيرة بنبرةٍ عالية في حالة حماس من الجميع، و بعدها مُباشرةً قام بذبح الأُضحية حتى ظهرت الدماء من عنقها بعدما قام هو بذبحها على الضوابط الشرعية التي حددها الإسلام، و فور ظهور الدماء على ثيابه و ذراعه ابتعد فورًا حتى تخرج الروح منها نهائيًا، و كذلك الشباب أيضًا فحركت الأضحية حينئذٍ جسدها على الأرض بقوة، و الأطفال يهللون بفرحٍ في الشارع و كذلك الجيران و الجميع، بينما «خديجة» رغمًا عنها ابتسمت و هي تراه يقوم بالذبح و ظهر ذلك على مُحياها بفرحةٍ كُبرى زادت أكثر حينما طالعها هو و ألتقت عينيهما سويًا فابتسم هو رغمًا عنه عليها حينما اشاحت ببصرها للجهةِ الأخرى تحاول اخفاء بسمتها، حتى تحدث «طه» يقول بنبرةٍ عالية موجهًا حديثه للجميع:
"يلا البنات تطلع فوق تجهز الدنيا فوق علشان لما نطلع الحاجة، يلا يا بنات"
أومأت له الفتيات بموافقةٍ ثم رحلن تباعًا خلف بعضهن إلى الأعلى، و خلفهن بقية النساء و «ميمي»، بينما الشباب بدأوا في قطع الأضحية، فتحدث «خالد» يقول مقررًا:
"أطلع غير يا ياسين و انضف كدا و جهز الشوربة و أنا و ياسر هنقطع و نبعتلك على فوق و خد معاك حسن و عامر"
أومأ له موافقًا ثم ركض من أمامه، فبدأ «خالد» في فصل الجلد عن الجسد من الأضحية بمساعدة «طارق» و «ياسر» معه، بينما «وليد» و «عمار» قاما سويًا بتنظيف الدماء من ردهة البيت، حيث كان يلقي «وليد» المياه و «عمار» يقوم بمسحها حتى صدح صوت هاتف «عمار» برقم صديقه «عبد الرحمن»، حينها أخرج الهاتف من جيب بنطاله، ثم ضغط على زر الإيجاب و هو يقول:
"إيه يا عبد الرحمن ؟! عامل إيه"
_"كويس الحمد لله، بقولك هتقابلني تاخد مني الملازم و لا استنى بكرة ؟! بس علشان تلحق تذاكرها الليلة دي، الامتحان يوم الحد"
رد عليه هو بإحراجٍ:
"مش عارف يا عبد الرحمن، بس أنا في العقيقة دلوقتي و مش هعرف اقابلك، و لسه قدامنا وقت كتير، دا يدوبك الضهر لسه مأذن، خليها بكرة و هذاكرها لما أرجع و خلاص"
تحدث «عبد الرحمن» يقول بتمني و هيامٍ:
"يا بختك يا سيدي، لأ لو كدا متجيش خلاص، فيه حد يسيب الجو العائلي دا و يجي ياخد ملزمة !! دا كدا يبقى فقري"
رد عليه «عمار» بتعجبٍ:
"فيها إيه يعني !! عادي يا عبد الرحمن دي عقيقة، تعالى شوفني بعمل إيه ؟! دا أنا بمسح دم، اتنيل على عينك"
كان «وليد» يتابع المكالمة بتمعن و اهتمام يحاول التحكم في فضوله لكنه لم يستطع ذلك حتى توقف أمامه يسأله بجمودٍ:
"هو أنتَ بتكلم مين يا عمار ؟!"
رد عليه «عمار» ببساطةٍ:
"بكلم عبد الرحمن صاحبي في الجامعة، خير يا وليد؟!"
رد عليه «وليد» مقررًا:
"طب خليه يجي يحضر العقيقة معانا، و يتعرف علينا هنا"
حرك رأسه له باستنكارٍ واضح فوجده يحرك رأسه مؤكدًا و في لمح البصر خطف الهاتف من يده و هو يحدث الأخر قائلًا بمرحٍ:
"إزيك يا عبد الرحمن، معاك وليد عم الجثة الجديدة، تعالى اقعد معانا و شوف العقيقة بنفسك"
رد عليه «عبد الرحمن» بإحراجٍ:
"أنا متأسف ليك، بس أنا كنت هقابل عمار أسلمه الملازم، مرة تانية إن شاء الله"
تحدث «وليد» مُقررًا بنبرةٍ حاول صبغها بالمرح:
"يا عم متكسفنيش بقى، تعالى قضي اليوم معانا و إلحق دوق الفتة معانا، دي عقيقة فارس الرشيد، هخلي عمار يبعتلك اللوكيشن"
وافق الأخير بقلة حيلة أخيرًا على طلب قدومه إلى البيت ثم أغلق الهاتف معه بعدما أملاه العنوان، بينما «وليد» ابتسم لـ «عمار» و هو يعطيه الهاتف، فسأله هو بتعجبٍ:
"أنتَ عزمت عبد الرحمن ليه ؟! على فكرة هو هيتكسف لما يجي هنا، ثم إنه هيجي بصفته إيه؟"
رد عليه هو بلامبالاةٍ:
"هيجي بصفته صاحبك، و أنتَ مش غريب، أنتَ أخونا هنا يا عمار، المهم عبد الرحمن دا تعرفه من إمتى ؟!"
رد عليه هو بنبرةٍ عادية يشوبها حيرةٍ طفيفة:
"من أول أسبوع في الدراسة ممكن من بعد مُشكلتي بتاعة زيكا كدا، ليه يعني يا وليد؟"
ربت على كتفه و هو يقول بلامبالاةٍ واهية على عكس ما يدور بخلده:
"لأ متشغلش بالك أنتَ، كنت بتطمن بس، كمل بس مسح الميغة دي قبل ما صاحبك يجي، خلص يلا علشان نشوف ورانا إيه"
رحل من أمامه بعد حديثه بينما الأخر حرك رأسه بتعجبٍ في عِدة جهات بيأسٍ منه و من طريقته.
_________________________
في الأعلى قام «ياسين» بالاستحمام و تبديل ثيابه بأخرى مريحة مثل التي كان يرتديها، حتى دلفت «خديجة» الغرفة الخاصة بها و هي تقول بضجرٍ:
"اسمع يا أستاذ أنتَ، هدومك دي تترمي لأ هولع فيها، مشوفش التيشيرت و البنطلون دول في حتة تاني، بص هفرمك لو شوفتهم"
ابتسم هو على طريقتها فاقترب، لكنها كانت الأسرع حينما عادت للخلف و هي تقول بخوفٍ:
"ابعد !! معاك سنة ضوئية أو سنتين لحد ما أنسى المنظر دا"
رد عليها هو بحنقٍ:
" نعم يا ختي !! سنة سنتين !! ليه إن شاء الله ؟! بت اتمسي"
حدجته هي بشررٍ ثم قامت بتقليد طريقته و هي تقول بسخريةٍ:
"حلال الله أكبر ....و فرحان أوي بنفسك ؟! ليه أنا أشوف المنظر دا و يخوفني، الله يسامحك"
حاول كتم ضحكته و هو يقول مُفسرًا بضيقٍ:
"مش بدبح على السُنة !! عاوزاني أدبح من غير ما أسمي و اكبر كمان ؟! ليه بدبح لهنود؟"
حركت رأسها بإشمئزاز فوجدته يقول بسخريةٍ:
"و بعدين مالك مكبرة الموضوع ليه ؟! دي الجاموسة كانت فرحانة و أنا بدبحها، طب انكري كدا إن شكلي كان حلو ؟!"
ابتسمت رغمًا عنها من طريقته فوجدته يغمز لها و هو يقول بمرحٍ:
"أهو ضحكتك أي خدمة، فُكي يا نكدية بقى، خلينا ناكل الفتة بنفس مفتوحة، دا أنتِ هتدوقي شوية شوربة، حاجة عظمة"
ضحكت هي عليه و على حديثه فوجدته يقترب منها و علامات الخبث ترتسم على وجهه، رمقته هي بشررٍ و هي تقول:
"انزل يا بتاع الجاموسة شوف أنتَ رايح فين، لو قربت مني هصوت و الله"
رد عليها هو ببراءةٍ زائفة:
"أنا كنت بس هسألك عاملة إيه ؟! وحشتيني و الله"
تحدثت هي بضجرٍ:
"يا سلام !! ولا ؟! ابعد عني أحسنلك، هطلع جناني عليك و الله"
اقترب هو أكثر و هو يقول بنبرةٍ هامسة:
"طب ما طلعيه هو أنا أكره يعني ؟! ورينا جنانك يا ست الكل"
رفرفت بأهدابها فوجدته يقترب منها أكثر حتى ثبتت هي عينيها عليه فوجدته يقول بنفس الهمس:
"سبحان الله خلق العيون دي جميلة و أنا وقعت فيهم و ما باليد حيلة"
ابتسمت رغمًا عنها فوجدته يقول بمرحٍ كعادته:
"خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ"
تحولت بسمتها إلى ضحكةٍ طفيفة فوجدته يقول بنفس المرح:
"و الله الواحد بقاله كتير مقالهاش و حاسس إنه مفتقدها، ما تيجي كدا أقعد أطربك بشوية غزل فصحى حلوين"
ردت عليه بسخريةٍ:
"انزل يا حبيبي الناس مستنياك تحت، ربنا يهديك يا رب"
رفع رأسه بشموخٍ وهو يقول بتعالٍ:
"أنا أصلًا مش عاوز افضل معاكي، دا أنتِ بت رخمة يا ستار يا رب منك، مش وش نعمة و الله"
حركت رأسها موافقةً ثم أضافت مؤكدة:
"معلش بقى تقول إيه ؟! وش فقر ربنا يبعده عنك يا سيدي"
رد عليها هو بتهكمٍ:
"ليه يا ختي ما أنا اتجوزت الفقر شخصيًا، روحي نامي و لا روحي اقعدي في حتة على جنب"
رمقته هي بغيظٍ و هي تقلد طريقته فوجدته يمسكها من أذنها و هو يقول بنبرةٍ جامدة:
"أنتِ بتعملي إيه يا بت أنتِ ؟! بتتريقي عليا يا خديجة ؟! طب عندًا فيكي أنا هشتغل مع عم سيد و تيتو جزار بعد الضهر، هو عرض عليا و أنا كنت رافض، و علشان غلاوتك عندي بقى هشتغل معاه يا خديجة"
شهقت بقوةٍ و هي تبعد رأسها عنه، فوجدته يبتسم لها باستفزازٍ وهو يقول بنبرةٍ مؤكدة:
"و الطقم اللي مزعلك اللي أنتِ هترميه دا بقى، هخليكي متغسليش غيره طول عمرك بعد كدا، عرض مُغري يا كتكوتة"
تنفست هي بعمقٍ ثم قالت بهدوء حاولت الاتصاف به:
"انزل يا ياسين ربنا بهديك إن شاء الله و تبطل هبل علشان إحنا مش ناقصين، يلا خلينا نشوف ورانا إيه العصر هيأذن"
حرك رأسه موافقًا بطاعةٍ أثارت ريبتها و حينما اقترب من الباب و مر بجوارها مال على حين غرة ثم قبل وجنتها معاندًا لها، و قبل أن تعارضه هي وجدته يفتح الباب ثم خرج من الغُرفة، بينما هي ضحكت بيأسٍ و كأنها تقول لا فائدة، و بعدها خرجت من الغرف بل من الشقة بأكملها حتى تتوجه للأسفل و تساعد البقية.
نزل «ياسين» الطابق الأول الخاص بالمناسبات فوجد «حسن» و «عامر» و معهما «مُشيرة» و «زينب» و «سهير»، دلف هو بمرحٍ فوجد «حسن» يقول بضجرٍ:
"يلا يا عم ياسين بقى، جهزت الشوربة أهوه أحط إيه تاني ؟!"
رد عليه هو ببساطةٍ:
"الحاجات اللي كنت مجهزها امبارح في الكيس هي دي بس، المهم اقفل عليها كويس علشان البخار"
تحدث «عامر» يقول بنبرةٍ عادية:
"ياسر تحت بيقطع علطول و وليد هيطلع الحاجة على هنا علطول، المهم الرز و الحاجة جهزت؟"
تدخلت «مشيرة» تقول مفسرةً:
"آه جهزتهم، الرز على النار جوة و العيش أحمد جابه من الفورنة، و سهير أهيه بتجهز حاجة الصلصة"
تدخل «حسن» يقول مُستحسنًا:
"طب كدا حلو أوي، ناقص باين السلطة و دي حد يضحي و يعملها"
ردت عليه «سهير» بمرحٍ:
"الاربعة الحلوين الكبار، هدير و جميلة و خديجة و عبلة، بدل الرغي يقطعوا حاجة السلطة، سيبوهم، أنا مستحلفة ليهم"
رد عليها «ياسين» مؤيدًا بقوله:
"يا زين ما هتعملي و الله، لو فيه بصل بقى خلي خديجة تقطعه هي، أصلها بتحب الدموع أوي"
تدخلت «زينب» تقول بحنقٍ طفيف:
"إيه يا ياسين ؟! مالك و مال خديجة خير يا حبيبي إن شاء الله"
رد عليها هو بمرحٍ و بنبرةٍ ضاحكة:
"و الله بهزر، أنا اقدر أزعلها برضه ؟! دي جوة العين و الله"
تدخل «عامر» يقول بسخريةٍ:
"عالم تخاف متختشيش و الله، روح يا بني ربنا يهديك، تاعب بنت الناس معاك و مبهدلها، و الله لو من العيلة المحترمة دي ياخدوها منك و تفضل هنا معززة مكرمة"
رد عليه هو بخبثٍ:
"سبحان الله نفس اللي هيحصل لما الحجة أم سارة تعرف برضه إنها جوزت بنتها لمختل عقليًا"
قبل أن يرد عليه «عامر» تدخل «حسن» يقول بسخريةٍ:
"أنا شايف إنكم ارتاحتوا لينا أوي، بجد و الله مشوفتش فضايح كدا في حياتي"
لوح له «عامر» بذراعه وهو يقول بلامبالاةٍ:
"هو أنتم غُرب يعني يا حسن ؟! دا إحنا أهل، وعد مني لما نكون فاضيين هقولك على كل البلاوي، من أول المدرسة لحد ما جينا هنا"
سأله هو بتعجبٍ:
"هو فيه غير علبة الكشري و حوار امتحان عمار ؟!"
رد عليه «عامر» بفخرٍ:
"يوه مشوفتش بقى حوار علبة المحشي اللي المدير أكل منها و طلع عنده حساسية من الشطة"
ضحكت النساء عليه، بينما «ياسين» تحدث يقول بخجلٍ:
"قدر و لطف يا عامر، إحنا كدا ارتحنا ليهم بجد، خلاص فضايح بقى، حماتي قاعدة"
ردت عليه «زينب» بنبرةٍ ضاحكة:
"دا أنا ستر و غطا عليك يا حبيبي، احكيلي بس مصايبكم واحدة واحدة"
تدخلت «سهير» تقول بلهفة:
"آه يا عامر احكي لحد ما يطلعوا باللحمة، أدينا بنتسلى، بس استنى اقطع العيش و احكيلي و أنا بقطع"
ابتسم هو باتساعٍ و هو يقول:
"أنا حبيتكم أوي و الله، تحبوا نرجع من أول ما اطردت من البلد؟"
ضربت «ياسين» وجهه بكفيه معًا فوجده يقول بمرحٍ:
"بسم الله الرحمن الرحيم نبدأ من أول ما طردوني"
_________________________
في الجزء الأخر في الجزء المعتاد لجلوس النساء، كانت الفتيات تتحدث بحماسٍ و مرحٍ و هن يتعارفن على بعضهن، نزلت لهن «خديجة» و معها العصائر حتى ترحب بهن، ثم جلست بجوار «إيمان» التي سألتها بنبرةٍ هادئة:
"إيه يا ستي فينك ؟! مش شايفاكي من بدري، خليكي قاعدة معانا أحسنلك"
ابتسمت لها و هي تقول بنبرةٍ مرحة لكنها هادئة كعادتها:
"ياسين كان بيغير و كنت بديله الهدوم و قولت أجيب العصير و أجي ليكم أهوه، طالما مش محتاجين مني حاجة"
سألتها «هدير» بتعجبٍ:
"محدش فيهم عاوزنا هناك ؟! حاسة إنهم هيفاجئونا بطلب يقطم ضهرنا كلنا"
ردت عليها «إيمان» بمرحٍ:
"هاخدك و نخلع من هنا، شكلك كدا فرهودة مش بتاعة شغل يا هدير، و كدا هحبك أكتر و الله"
تدخلت «عبلة» تقول بنبرةٍ ضاحكة:
"طول عمرها بتكره شغل البيت بس الشهادة لله، هي شاطرة أوي فيه، يعني لو اتحطط في موقف فيه شغل و مسئولية ساعتها بتسد بجد"
تدخلت «ريهام» تقول هي الأخرى:
"زي سارة و إيمان يعني، الاتنين بيكرهوا شغل البيت بس شاطرين فيه أوي و خصوصًا سارة"
ابتسموا جميعًا فتحدثت «جميلة» تسأل «سارة» بخجلٍ:
"هو أنتِ سارة اللي عملتي فستان فرح خديجة ؟! صح"
ردت عليها هي بوجهٍ مبتسم:
"آه أنا، اشمعنا يعني؟!"
ردت عليها مفسرةً حديثها:
"أصله كان حلو أوي و فيه تفاصيل كتير هادية و رقيقة، كان شبه خديجة كدا، بجد تسلم إيدك"
تدخلت «خديجة» تقول بهدوء:
"و هي اللي هتعمل فستانك و فستان عبلة كمان، جهزوا الفساتين اللي عاوزينها"
تحدثت «عبلة» تقول بلهفةٍ:
"بجد !! يعني ابعتلك الفستان و هتعمليه ليا زي ما أنا عاوزة ؟! اقصد يعني على مزاجي"
ردت عليها هي بتأكيد:
"طبعًا و بالتفاصيل اللي تطلبيها كمان، زي فستان خديجة كدا تفاصيله كلها كان ياسين مختارها و هي معاه، اختاري كدا و شوفي و أنا تحت أمركم"
تدخلت «جميلة» تسألها بخجلٍ:
"طب أنا هكون بالخمار في فرحي برضه، هتعمليلي الفستان بالخمار عادي ؟! يعني يكون زي الفستان؟"
حركت رأسها موافقةً ثم أضافت بودٍ:
"عيوني ليكي، عملت فساتين كتيرة بالخمار لعرايس حلوين زيك كدا و شكلهم كان حلو أوي"
تدخلت «زهرة» تقول بفخرٍ:
"سارة مُصممة شاطرة جدًا، موهوبة ما شاء الله، و خليت صحباتي كتير عملوا فساتين عندها، بجد تستاهل و الله علشان شغلها بكل حب"
تحدثت «ريهام» تقول بمرحٍ:
"معاكي حق و الله يا طنط، زي خديجة بالظبط عملت طارة حلوة أوي عليها إسم فارس و مامته و باباه و طلعت تحفة، كانت مخبية علينا"
طالعتها «زهرة» بذهولٍ و هي تقول:
" بجد يا خديجة !! بتعرفي تعملي طارارت ؟! من غير ما تعرفيني ؟! إخس هي دي الصحوبية اللي ما بيننا"
ردت عليها هي بخجلٍ:
"و الله يا ماما مكنتش بقول علشان بتكسف أعملهم، بس هعملك واحدة بإسمك و كمان إسم عمو معاكي"
ابتسمت لها هي فتحدثت «هدير» تقول بفخرٍ:
"عملتلي واحدة في عيد ميلادي قبل كدا و لسه معايا لحد دلوقتي في الدولاب بتاعي"
حركت «خديجة» رأسها نحوها بتعجبٍ ممتزج بالدهشة فوجدتها تقول بنبرةٍ مؤكدة:
"و الله لسه معايا لحد دلوقتي، و لما روحت بيتي خدتها معايا مع حاجتي اللي كانت هنا، الطارة دي مميزة أوي علشان كانت من أول الحاجات اللي خديجة عملتها ليا"
ظهر الاستنكار على ملامح «خديجة» ظنًا منها أنها لم تُعجب بها حينذاك، لكنها تفاجأت بحديثها الآن، حتى تحدثت «هدير» تقول بمرحٍ:
"ساعتها أنا مكنتش أعرف دي اسمها إيه و لا معناها إيه بس هي عجبتني اوي و أنا علشان كنت رخمة أوي مقولتش ليها، بس شيلتها في حاجاتي المفضلة"
ابتسمت لها «خديجة» بقوةٍ فوجدتها تغمز لها بمشاكسةٍ، حتى تدخلت «إيمان» تقول بتعجبٍ:
"جماعة أنا قربت أمِل !! مفيش أي أنشطة ممكن نعملها هنا ؟!"
دلفت «خلود» في تلك اللحظة و على ذراعها «يونس» و هي تقول بمرحٍ:
"ممكن نلعب و نغني و نرقص كمان، اللي انتو عاوزينه كله معاكم فيه"
ردت عليها «سارة» بنبرةٍ ضاحكة:
"أهلًا يا خلود انضمي لإيمان بسرعة، حساكي كدا نفس الميول و الله، كدا معانا هدير و خلود و إيمان، ها مين زيهم بسرعة"
تدخلت «سلمى» تقول بتشتتٍ:
"بصي أنا مُذبذبة في النص كدا يعني مليش ميول مُحددة، اعتبريني شوية شبه خلود، و شوية مليش شخصية، يعني لو تعرفي مكان أجيب منه شخصية أكون متشكرة لافضالك و الله"
ردت عليها «ريهام» بسخريةٍ:
"تعالي جنب أختك يا حبيبتي، و وشوفيلنا شخصية إحنا الاتنين"
_________________________
في الأسفل عند الرجال انتهوا من تقطيع جزءًا كبيرًا من الأضحية ثم أخذه «عمار» و «وليد» إلى الأعلى حتى تتم تسويته، و بعدها نزلا سويًا حتى هاتفه «عبد الرحمن» يتأكد من البيت قبل وصوله، و بعد الوصف و الشرح اقترب هو من البيت حينما لمح الرجال يجلسون أمامه، خرج له «وليد» و «عمار» خلفه، أمعن «وليد» النظر له فوجده شابًا من نفس عمر «عمار» يبدو عليه علامات الرقي و التهذيب فحتى هيئتهه تذكره بنفس هيئة «عمار» حتى ملابسه المنمقة و تلك الحقيبة التي يحملها بيده يبدو أنها هدية للمولود، اقترب منه «عمار» بعدما تخطى «وليد» ثم رحب به و حينها اقترب منهما «وليد» يرحب به هو الأخر بقوله:
"نورت بيت الرشيد يا عبد الرحمن، شرف لينا هنا وجودك"
طالع «عمار» أولًا ثم طالعه و هو يقول بخجلٍ:
"الشرف ليا أنا، متشكر لحضرتك جدًا، و متأسف أني جيت كدا ، أكيد دي مناسبة عائلية"
رد عليه هو يرفع الحرج عنه:
"متقولش كدا يا عبد الرحمن، معاك وليد الرشيد، اخو وئام، و عم الجثة الجديدة زي ما قولتلك، نورتنا"
مد يده له وهو يقول:
"اتشرفت بمعرفتك يا أستاذ وليد، أنا عبد الرحمن عز الألفي، زميل عمار في الجامعة"
مد يده له و هو يقول بمرحٍ:
"بلاش أستاذ بقى دي، أنا مش واقفلك هنا بعصاية يا عبد الرحمن، خليها وليد بس، و تعالى أعرفك على الرجالة بتاعة العيلة"
أومأ له موافقًا وهو يبتسم له، ثم سار معه قرب رجال العائلة يرحب بهم و يعرفهم بنفسه، تفاجأ هو حينما وجدهم يرحبون به بشدة و هو من ظن أن معاملتهم له ستكون جافةً، و بعد ذلك دلف للشباب في الداخل و تعارف عليهم، و حينما تعرف على «وئام» قدم له الحقيبة و هو يقول بخجلٍ:
"أنا متأسف دي حاجة بسيطة مش قد المقام، لو كنت أعرف من بدري كنت جبت حاجة تليق بيكم، ياريت تقبلها مني"
ابتسم له «وئام» وهو يقول بتعجبٍ ممتزج بالحيرة من موقفه:
"مكانش ليه لازمة تتعب نفسك كدا، و بعدين دا بيتك برضه، أنا مش فاهم ليه تكلف نفسك كدا"
رد عليه هو بنبرةٍ مرحة:
"لا تكلفة ولا حاجة، دي حاجة بسيطة جدًا، ربنا يباركلك فيه و تشوفه راجل ملو هدومه تفتخر بيه"
رد عليه هو بتأثرٍ:
"أنا هبقى طماع و اتمنى أشوفه زيك و زي عمار، كدا أنا هبقى مبسوط أوي يا عبد الرحمن"
أبتسم له و هو يقول:
"و أحسن كمان مننا، ربنا يجبر بخاطرك فيه"
لم يستطع «وليد» إنكار إعجابه بموقفه و طريقته المهذبة و لباقة حديثه، حتى أن دواخله كانت تنذره بشهامته و شيءٍ ما بداخله حدثه بالطمأنينة له، و قبل أن يغوص في التفكير وصله صوته وهو يسأل:
"أومال فين عامر و ياسين ؟! أنا كدا و فيه حسن كمان على ما أظن؟"
رد عليه «أحمد» بنبرةٍ ضاحكة
"الحبايب هنا كتير أوي يا عبده يا أخويا، فوق هتلاقيهم بيجهزوا الحاجة و إحنا هنا بنقطع و نطلع ليهم"
أبتسم له هو فوجد «وليد» يقول بهدوء:
"تعالى أعرفك عليهم يا عبد الرحمن، هما فوق و هيفرحوا لما يشوفوك"
قال جملته ثم سبقهما للأعلى و هما خلفه حتى وصل إلى الشقة التي يجلس بها «ياسين»، دلف «وليد» أولًا و هو يقدمه لهم، فرحب به الجميع و خصوصًا «عامر» الذي مازحه بمرحٍ جعل الأخر يتعجب من كونه أخًا لـ «عمار»، و بعد مرور دقائق جلس هو بجانب الشباب و هم يقومون بالتجهيز للطعام.
_________________________
بعد مرور عدة ساعات و فوق سطح البيت كانت «هدير» تحاول سحب المقاعد التي قامت بوضعها فوق السطح، لكنها لم تستطع بسبب كثرة عددهم الذي أصبح مضاعفًا، نفخت هي وجنتيها بضيقٍ ثم ضمت ذراعيها أمام صدرها حتى وجدته يخرج من المصعد و هو يبحث عنها، فنادته هي بملء صوتها حتى وصل لها و هو يقول متعجلًا:
"يلا يا ستي عاوزين الكراسي علشان الرجالة تتغدى قبل ما نوزع الأكل، إيه اللي أخرك كدا؟"
ردت عليه هي بضجرٍ:
"مش عارفة أحرك الزفت من مكانهم، الصبح كانوا زي الفل، حصل إيه النهاردة يعني ؟!"
تشدق هو بسخريةٍ:
"يمكن يكون علشان العدد بقى الضعف و زاد، هاتي ياما الله يرضى عليكي"
ازاحها هو من أمامه حتى يأخذ المقاعد فوجدها تضع يدها على كتفه و هي تسأله بترددٍ:
"حسن !! هو أنتَ ليه روحت جبت ميمي ؟!"
حرك رأسه يطالعها بتعجبٍ من سؤالها، فالتقتط هي نظرته لذلك فسرت سؤالها بقولها:
"مش قصدي حاجة، أنا بس مستغربة إنك روحت جبتها، مفهمتش ليه عملت كدا، لو مش عاوز تقولي عادي"
تنهد هو بقلة حيلة ثم حرك رأسه نحوها من جديد و هو يقول بنبرةٍ يحاول صبغها بالثبات حتى لا يتضح تأثره:
"روحت جبتها علشان أنا أكتر واحد بحس بيها يا هدير، ميمي عيالها سايبينها و مش سألين فيها، و أنا كنت متساب برضه، لما قالوا على عقيقة يونس و إنها كانت فرحانة، عرفت إنها زيي ما بتصدق فرصة تيجي ليها علشان تحس بإحساس هي غصب عنها عارفة إن الدنيا مش هتدوقه ليها كتير، علشان كدا روحت جبتها تفرح وسطنا و تحس إنها جدة فارس"
أبتسمت هي له و هي تقول بنبرةٍ مختنقة إثر كتمها لدموعها:
"أنا بتعلم منك حاجات كتير أوي يا حسن، أهمهم هو إحساسك باللي حواليك، أنتَ طيب أوي و تستاهل إنك تفرح من قلبك، زي ما أنتَ بتفرح الناس"
رد عليها هو بوجهٍ مبتسم:
"و أنا معاكم هنا فرحان، من زمان مفرحتش كدا و أنا حاسس أني ليا عيلة و ضهر"
ردت عليه هي تسأله ببراءةٍ زائفة:
"عيلة و ضهر بس !! يعني مفيش حاجة تانية؟!"
تحدث هو مستفسرًا بحيرةٍ:
"أيوا، المفروض يكون فيه إيه يعني ؟! هنا أهلي و اصحابي و أخواتي كمان، هو فيه حد تاني؟"
رمقته بغيظٍ و هي تقول بحنقٍ:
"لأ مفيش !! و واضح كدا إنه هيبقى مفيش بجد يا حسن، حاسس بكل الناس إلا أنا"
قبل أن تتركه و تنزل للأسفل وجدته يمسك يدها ثم قربها فوجدها تطالعه بحزنٍ من حديثه، فقال هو مُردفًا بنبرةٍ هادئة:
"أنا كنت بهزر و أنتِ عارفة أني غاوي هزار كتير، أنا قولتلك هما هنا أهلي و أخواتي و أصحابي، بس أنتِ قصادهم كلهم يا هدير"
رفعت عينيها تطالعه بأعين دامعة فقال هو مُردفًا بهمسٍ:
"كل حاجة هنا بقت حلوة علشان بقيت معاكي، و فكرة وجودي هنا بقيت بحبها علشان مبقتش غريب عنهم برضه بسبب وجودك، حاجات كتير اتصلحت في حياتي يا هدير لما اسمك بقى على اسمي"
ابتسمت له هي و فجأة احتضنته و هي تتنفس بعمقٍ فوجدته يقول بسخريةٍ تزامنًا مع رفعه ذراعيه يحتضنها هو الأخر:
"الله يرحم أيام الخطط و الشحاتة، فاكرة كنت بشحته منك إزاي الحضن دا ؟!"
ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة:
"الله يسامحه اللي كان السبب، مش أنتَ اللي كنت ساكت يا حسن ؟! هو بإيدي يعني"
ربت على ظهرها و قبل أن يتحدث هو استمع لصوتٍ يأتي من خلفه وهو يقول بضجرٍ:
"حلاوتك يا حلوين أنتم الاتنين !! هربانين منهم هنا"
ابتعد عنه وهو يدفعها نحو المقاعد بقوةٍ فوجده يقول بمرحٍ:
"خلاص ياض يا حسن أنا عمك مرتضى مش محمد، أمان يعني"
رد عليه هو ببلاهةٍ:
"يعني احضنها تاني ؟!"
تحدث عمها يقول بضجرٍ:
"لأ يا أخويا لم نفسك، انزلي يا هدير يلا عند الستات"
حركت رأسها موافقةً ثم غمزت له و هي تمر بجانبه فطالعها هو بدهشةٍ من فعلتها تلك، فوجد «مرتضى» يضحك بقوةٍ وهو يقول:
"تربية مشيرة برضه يا حسن، معلش بقى حقك علينا لبست فيها، لو عاوز تخلص نفسك قولي ، أنا المسئول عنك"
رد عليه هو بلهفةٍ:
"لأ لأ....أنا فرحان أصلًا إنها بقت معايا، دي أحلى لبسة لبستها في حياتي كلها يا عم مرتضى"
ابتسم له وهو يقول مقررًا بهدوء:
"عارف و متأكد من حاجة زي دي يا حسن، أنتَ فاكرني مش واخد بالي منك و مطنشك !! أنتَ زيك زي وئام و وليد عندي"
رفع «حسن» رأسه بتعجبٍ و هو ينظر له بدهشةٍ من حديثه، فتابع هو من جديد:
"أنتَ فاكرني مش عارف كل حاجة عنك يا حسن ؟! أنا عيشت عمري كله و الله يا بني بحاول أحسسك إنك مننا هنا و في نفس الوقت مبالغش علشان متحسش بحاجة من ناحيتي، طمني عليك يا حسن"
تنفس بعمقٍ ثم اقترب منه و هو يقول بنبرةٍ متأثرة:
"أنا كويس يا عم مرتضى الحمد لله، اتطمن عليا و ريح قلبك"
وضع يده على كتفه وهو يقول بتأثرٍ هو الأخر:
"ياريتك أنتَ و وليد تريحوا قلبي يا حسن، نفسي اشوفكم فرحانين و نفسي احس أني مش مقصر في حقكم"
رد عليه هو مقررًا بقوله:
"مش مقصر يا عم مرتضى، طول عمرك مش مقصر، جريك ورايا في المحاكم و وقوفك في ضهري أيام مشكلتي مع حماتي بعد موت ريم، و لما كل أول يوم رمضان تجبني اقضي اليوم معاكم علشان مكونش لوحدي و كمان لما العيد بيجي و أنتَ بتصمم أكون معاكم، عمرك ما قصرت علشان بسببك أنا عرفت يعني إيه الواحد يكون عنده ضهر بيحميه و أنتَ طول عمرك بتحميني"
لمعت العبرات في عين «مرتضى» تأثرًا بحديثه فوجده يقول بنبرةٍ باكية:
"تعرف إن لولا وجودكم في حياتي كان زماني اتجننت ؟! الوحدة مرعبة أوي و صعبة على الإنسان إنه يحس بيها، بس بحركة وليد لما جوزني هدير أنا رجعت حي تاني و الروح ضربت في جسمي، حبيتها غصب عني و بقت هي كل حاجة ليا، ربنا يباركلي في وجودك"
فتح «مرتضى» ذراعيه له وهو يقول بتأثرٍ:
"تعالى في حضن أبوك ياض، وحشتني يا حسن"
اقترب منه يحتضنه بقوةٍ فوجده يربت على ظهره بمشاعر أبوية يُكنها له، بينما الأخر أخذ نفسًا عميقًا و هو يشعر بحضن الأب لأول مرةً منذ عدة سنوات بعد وفاة والده و تولي «مرتضى» حمايته و الدفاع عنه مثل أبنائه.
_________________________
في الأسفل قامت العائلة بتجهيز الطعام لهم أولًا حتى يستطيعون توزيع الطعام الذي جُهز بكمياتٍ كبيرة، و بعد مرور دقائق اجتمعت النساء في جزء و الرجال في الجزء الأخر يتناولون الطعام، و بعد الإنتهاء من الطعام اجتمع الشباب مع الرجال يقومون بتغليف الطعام و تجهيزه للتوزيع بعدما قامت الفتيات بعمل "السلطة" و قامت «مشيرة» بإخراج الحلويات التي قامت بصنعها، جلس الشباب مع بعضهم بمرحٍ يغلفون الطعام و معهم «يونس» الذي كان يأخذ العلبة الفارغة من «عامر» ثم يعطيها لـ «ياسين» و كان يضحك بقوةٍ وهو يعاونهم حتى حمله «عبد الرحمن» على يده وهو يقول ممازحًا له:
"لو يسيبوك تيجي تقعد معايا يا يونس أنا هفرح أوي و الله، نفسي حد يملى عليا حياتي زيك كدا"
سأله «وليد» بتعجبٍ:
"هو أنتَ معندكش أخوات !!"
حرك رأسه نفيًا وهو يقول:
"عندي واحدة أكبر مني في أكاديمية الطيران، و بشوفها صدفة، و أبويا عقيد شرطة و ملوش مواعيد و أنا و ماما مع بعض علطول، بيتنا شبه القبر"
ضحكوا جميعًا على كلمته الأخيرة فقال هو من جديد:
"مش بهزر و الله، بس البيت فاضي أوي عندنا و ساكت كدا"
رد عليه «خالد» بمرحٍ:
"عيني ليك يا عبده يونس ميغلاش عليك، بس لو جدع استحمل كف واحد منه"
قطب جبينه وهو يقول:
"يعني إيه !!"
فور انتهاء جملته ضربه «يونس» على وجهه بكفه الصغير الذي يملك تأثيرًا واضحًا، فتأوه
«عبد الرحمن» و البقية يضحكون عليه حتى تحدث «عامر» يقول بمرحٍ ساخر:
"يعني كدا يا بودي، معلش اصل يونس دَقيق جدًا و يحب يشرح عملي، دي تربيته بقى"
ضحك الجميع مرةً أخرى بينما «يونس» انسحب من على ذراعه حينما لمح نظرة «خالد» له ثم أمسك زجاجة العصير الموضوعة على الأرض يقدمها له، فتحدث «طارق» يقول بتعجبٍ:
"طب و دا إيه إن شاء الله ؟!"
رد عليه «ياسر» مفسرًا:
"هو كدا بيصالحه علشان هو عرف إن القلم كدا غلط لما خالد برقله، بيصلح غلطته يعني"
حمله «عبد الرحمن» على يده وهو يقول بمرحٍ:
"غلطة مين بس !! دا لو أطول اشيله في عيني مش هبخل عليه بكدا، براحتك يا يونس"
دلف «رياض» و «طه» في تلك اللحظة فتحدث الأول يقول بحنقٍ زائف:
"خلص يا بني منك له الأكل كدا هيتأخر لحد ما يروح للناس، و لا علشان انتم كلتوا يعني؟"
رد عليه «عامر» معاندًا له:
"آه علشان احنا كلنا مش هنأكل حد، على أساس إننا كلنا لوحدنا"
حدجه «رياض» بتوعدٍ ثم قال موجهًا حديثه لابنه:
"خلص يا ياسين و اللي عبتوه وزعوه علشان متتأخروش أكتر من كدا"
تحدث «طه» مفسرًا:
"أحمد وزع على الشارع هنا و على الجيران كلهم، شوفوا هتودوا فين تاني ؟!"
تدخل «ياسين» يقول بحيرةٍ:
"هنروح عند الشارع اللي ورا بيت ميمي و عامر، دا فيه عمال كتير بيباتوا في المصانع و فيه مخزنين هناك، و فيه الجامع الكبير"
رد عليه «خالد» مقترحًا:
"خلاص خد اللي جهزناه دا و روح بيه، و إحنا هنا هنكمل و الشباب كتير ما شاء الله، الحق بس و شوف هتاخد مين معاك"
أوما له موافقًا ثم قال:
"اجهز يا وليد و تعالى معايا أنتَ، ولا وراك حاجة هنا !!"
رد عليه هو بسخريةٍ:
"يعني ورايا الوزارة أنتَ كمان !! ما إحنا كلنا هنا معكوكين مع بعض"
أومأ له موافقًا ثم أشار إلى «عمار» وهو يقول:
"تعالى يا عمار نزل معايا الشنط و بالراحة علشان مفيش حاجة تتبهدل فيها، حطهم في شنطة عربيتي"
أومأ له موافقًا ثم أخذ منه مفاتيح السيارة فوقف
«عبد الرحمن» وهو يقول:
"هات أنا كمان هنزل معاه، أنا معملتش حاجة من الصبح"
ابتسم له «ياسين» وهو يقول:
"طبعًا اتفضل، أنتَ منورنا و الله"
ابتسم له بحبٍ ثم حمل الحقائب مع صديقه حتى يضعها في السيارة بالأسفل.
بعد مرور بعض الوقت و بعد التوزيع على المصانع و المخازن أوقف «ياسين» السيارة أمام المسجد الكبير، طالعه «وليد» بتعجبٍ فوجده يقول مُفسرًا:
"جايبك هنا علشان ترتاح شوية، هنا كل التايهين لقوا طريقهم يا وليد، جايبك هنا مخصوص علشان ترتاح شوية بعد الفترة اللي فاتت عليك دي"
اكتست الحيرة ملامح وجهه فوجده ينزل من السيارةِ، فتبعه هو بقلة حيلة و بتعجبٍ من تواجدهما هنا تحديدًا، حتى دلف «ياسين» أولًا و حينما وجد مبتغاه ابتسم باتساعٍ ثم حرك رأسه له يحثه على الاقتراب، فدخل «وليد» خلفه حتى وجده يجلس بقرب شاب يقربه في العمر، ملامحه هادئة و مريحة للعين، شرد في ملامحه حتى استمع لـ «ياسين» وهو يقول:
"السلام عليكم يا شيخ أيوب، عامل إيه ؟! وحشتني"
رد عليه الأخر مرحبًا به:
"و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا ياسين، خلاص نسيت أيوب !! هي دي العِشرة اللي بيننا"
رد عليه هو بخجلٍ:
"حقك عليا أنا عارف أني مقصر معاك، كلنا بصراحة، بس أهو جيتلك هنا"
ربت على كتفه وهو يقول:
"و يا ترى بقى جيت محتار و تايه و لا لقيت طريق؟"
حرك رأسه نحو «وليد» وهو يقول بنبرةٍ خافتة:
"هو اللي تايه مش أنا، محتاجك ترجعه للطريق زي ما طول عمرك ترجعنا تاني من التوهة"
حرك رأسه موافقًا ثم اقترب من «وليد» وهو يمد يده له و رافق حركته تلك قوله الهادئ:
"السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، معاك أيوب عبد القادر العطار"
مد له يده وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
"و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أنا وليد، وليد الرشيد أخو مرات ياسين"
رحب به بهدوء ثم جلس معه في منتصف المسجد فبادر هو بسؤاله:
"ها يا وليد !! مالك بقى يا سيدي"
نظر هو أولًا لـ «ياسين» ثم نظر له مرةً أخرى و حينما وجد نظرات الأخر مُشجعةً له، حينها تحدث يقول بنبرةٍ تائهة:
"الحقيقة أني تعبت....أو بمعني أصح جبت أخري من الدنيا، بتيجي عليا لحظات بحس إن حتى النفس مش قادر عليه، مش عارف أثق في نفسي و أصدقها و بالتالي مش قادر أثق في اللي حواليا، حياتي مش قادر أصلحها"
ابتسم له وهو يقول:
"دا أنتَ جاي فاقد الروح خالص يا أستاذ وليد !! طب و فين ثقتك في ربك ؟! فين رضاك بحكمته ؟!"
رد عليه هو مسرعًا:
"راضي والله العظيم من كل قلبي راضي بحكمته و كرمه، بس غصب عني أنا إنسان و إرادتي ضعيفة، غصب عني بحس أني ضعيف و غريب عن نفسي و أنا مش قادر اساعدها"
تحدث هو يقول بحكمةٍ:
"دا غلط يا وليد، لما تسيب الماضي و لا أي حاجة مهما كانت خطورتها تتحكم في حياتك يبقى كدا أنتَ بتغلط في حق نفسك، ربنا سبحانه و تعالى خلقنا بشر بنشعر و نحس و ميزنا عن سائر المخلوقات بالعقل علشان نفكر و نحسبها صح، يبقى ليه أنتَ بقى تسيب حاجة فاتت تتحكم في حياتك"
أجابه هو بتشوشٍ:
"يمكن علشان هو مبني عليه حاجات كتير !! و لا يمكن علشان هو كان أساس اللي هيجي بعده ؟!"
رد عليه هو نافيًا حديثه:
"اللي فات بيد ربنا سبحانه وتعالى و اللي أنتَ فيه بيد ربنا سبحانه وتعالى، و اللي جاي برضه بيد ربنا سبحانه وتعالى، يبقى تخاف من إيه ؟! أنتَ معاك الضامن الوحيد و هو ربنا عز و جل، ربنا يملك أهم صفتين و هما الضمان و الثقة، يبقى ليه أخاف من اللي جاي و أنا واثق إنه بيد ربنا سبحانه وتعالى ؟!"
طالعه بدهشةٍ فوجده يسأله:
"قولي يا وليد !! هو أنتَ لو في الطيارة و راكبها في الهوا، أنتَ هتحس بإيه ؟! رغم إن الكابتن بتاعها شاطر أوي، بس أنتَ متعرفوش"
حرك كتفيه ببساطة وهو يقول:
"عادي هطمن طالما الكابتن شاطر و أكيد هيقدر يتصرف صح"
اعتلى الاستحسان ملامح وجهه لذلك كرر سؤاله وهو يقول:
"طب و لو عربية في الهوا كدا حتة حديدة بكام كاوتش قولي هتحس بإيه ؟! رغم إن السواق برضه شاطر ؟!"
رد عليه بنفس الإجابة قائلًا:
"أكيد برضه هطمن، مش هيفرق معايا أصلًا، بس ليه يعني؟"
أبتسم له وهو يقول مفسرًا:
"لله سبحانه وتعالى المثل الأعلى طبعًا بس هي دي حياتك يا وليد، ربنا كرمك بيها و بيقودها ليك، تفتكر ربنا هيبخل عليك بحاجة ؟! تفتكر رحمته التي وسعت كل شيء مش هتطولك و أنتَ إنسان من خلقه ؟! حياتك زي الطيارة و زي العربية اللي أنتَ كنت واثق في السواقين بتوعها و أنتَ متعرفهمش، بس الفرق إن حياتك بيد عظمة ربنا، تخيل ربنا سبحانه و تعالى هو اللي بيدبر حياتك و بيكرمك و يرزقك و تعصيه و يكرمك بالتوبة، فتعصيه مرة تانية فيلهمك الإستغفار و تتوب، ربنا سبحانه و تعالى قادر على كل شيء و أياته و معجزاته خير الدليل على دا"
تنهد «وليد» بعمقٍ بعدما أغمض عينيه فوجده يقول من جديد:
"هقولك جملة تريحك و تحل مشكلتك،
أي حاجة لو جاتلك فهي خير ليك، لو مجاتش و ظنيت إنك اتحرمت منها يبقى احمد ربنا علشان في الحقيقة إن ربنا رحمك و ريحك منها، ربنا أكرم منك على نفسك، لإنك بطبعك بتمشي ورا هواك، و هواك هيأذيك، لكن رحمة ربنا بعباده لما بتدخل في شيء بتريح القلب و العقل معاها، تذكر يا وليد قوله تعالى:
﴿إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾
_"صدق الله العظيم"
افتكر دايمًا إن حياتك ماشية بكرم ربنا و لطفه بعباده، إحنا في حياتنا مسئولين عن السعي و بناخد أجرنا على السعي، يبقى خلي سعيك في طريق ربنا سبحانه و تعالى علشان ترتاح في حياتك، و افتكر دايمًا إذا رضيت بما كُتب لكَ أرحت قلبك و بدنكَ، ربنا جميل أوي يا وليد، كرمنا و أعطانا و رزقنا و فرحنا، لكننا نفوس بشرية، تميل نحو الهوى، خالف هواك و ثق في كرم ربنا و تأكد إنه الضامن الوحيد اللي تقدر تعتمد عليه في حياتك"
_________________________
في بيت آلـ «الرشيد» كانت «خديجة» جالسة مع الفتيات فنظرت حولها تبحث عن شقيقتها حتى تحدثت مستفسرةً:
"هي خلود راحت فين !! قولتلها تطلع تجبلي الشاحن من فوق"
ردت عليها «جميلة» مفسرةً:
"خلود فوق السطح لسه منزلتش، كلميها كدا"
وقفت «خديجة» و هي تقول مقررةً:
"لأ أنا هطلع ليها أحسن، لا تكون نامت فوق زي ما بتعمل"
ضحكت عليها الفتيات فرحلت هي من أمامهن حتى تصل لشقيقتها بالأعلى، و صعدت هي فوجدت شقيقتها تقف على مقربة من الدرجات و أمامها «منة» و قبل أن تقترب منهما وصلها صوت شقيقتها وهي تقول بصراخ في وجه تلك التي تقف أمامها:
"أنا ساكتة عليكي يا منة علشان العِشرة و الجيرة، لكن و الله أنا ممكن أجيبك من شعرك، ابعدي عن أخويا و سلمى أحسنلك"
ردت عليها هي باستفزازٍ اثار حنقها:
"مش بمزاجك، و بعدين أنتِ بتدخلي ليه أصلًا ؟! مبقاش غير العيال كمان هي اللي تدخل ؟!"
ردت عليها «خلود» بوقاحةٍ:
"عيال بس متربية يا منة، الدور و الباقي على اللي خرباها، لحد ما هتخرب فوق دماغها إن شاء الله"
اقتربت منهما «خديجة» وهي تقول بنبرةٍ منفعلة:
" بــس !! فيه إيه يا خلود ؟! مالها منة و مالك؟"
ردت عليها الأخرى بضجرٍ:
"أنتِ مالك يا خديجة !! بتحشري نفسك ليه في اللي ملكيش فيه"
طالعتها «خديجة» بدهشةٍ بينما «خلود» وكزتها في كتفها و هي تقول بحنقٍ:
"لمي نفسك و كلمي أختي عدل بدل ما أجيبك من شعرك"
شهقت «منة» بقوة حينما وكزتها «خلود» و قبل أن تمد يدها حتى تضربها حينها قامت «خلود» بلف ذراعها للخلف ثم أمسكت فروة رأسها و هي تصر على أسنانها، بينما «خديجة» اقتربت منهما تحاول ابعادهما عن بعضهما، لكن «خلود» صرخت في وجهها وهي تقول:
"ابعدي يا خديجة، و رب الكعبة هربيها بنت وفاء علشان شكلها متربتش، أنا هعرفها إزاي تقل أدبها عليكي"
اقتربت منها «خديجة» مرةٍ أخرى و هي تصرخ بإسمها تحاول ابعادها عن الفتاة، لكن ما حدث صدمهما حينما رفعت «منة» قدمها و ذراعها الحر ثم دفعت «خديجة» من على درجات السلم و نظرًا لقوة الدفعة الغير متوقعة نزلت «خديجة» الدرجات على ظهرها حتى منتصفها بعدما اصطدم جبينها بطرف درجات السلم و جسدها من جهة الشمال الذي تحمل ثقل باقي الجسد، بعدما صرخت شقيقتها بإسمها عدة مرات، و الأخرى بين تقف مذعوة في تلك المصيبة التي تسببت بها.