رواية شط بحر الهوى الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم سوما العربى

 


 رواية شط بحر الهوى الفصل التاسع والثلاثون بقلم سوما العربى

التاسعه والثلاثون 

هرولت كل منهما للخارج نحو الخارج ، صوت الصراخ و العويل كان يهز كل أرجاء الحى و أخرج الكل من بيته كعادة أولاد البلد الأصليين ليروا ماذا هناك ربما كان هنالك من يحتاج المساعدة و البعض خرج أرضاءً لفضوله ليس إلاّ.

وقفت كل من أشجان و غنوة أمام مصدر النحيب و العويل مصدومين فلم تكن سوى أم حسن قد وقفت فى متصف الحاره تصرخ و تعدد .

أشجان : خير بس فى إيه كفى الله الشر.

نظرت أم حسن بغل ناحية غنوة و قالت : خير ! و هييجى منين الخير و خلفة الأفاعي عايشه وسطنا .

نظر الكل ناحية غنوة التى تقف فى المنتصف و لا تفهم مقصد حديثها و لكن أم حسن بدت كمن يرغب فى نهش لحم أحدهم حياً عله يرتاح .

كانت تشير بيديها و أظافرها بغل و شراسه ناحية غنوة گ إيحاء واضح برغبتها فى قضم كبدها بين نواجزها .

هتفت بها أشجان بحده : جرى ايه يا أم حسن ... تقصدى مين بكلامك الماسخ ده ، عيب كده.

بدأت أم حسن وصلة بكائها من جديد و قالو بقلب مكلوم: أبنى .. حسن ، الحيله ، باع محله و عربيته .. باع الى وراه و إلى قدامه و هج ، سافر ورا المزغوده أخت المحروسه بنت ڤيولا .

شهقت غنوة بفزع متفاجئة ، لم تكن تتوقع ابدا او حتى يخطر على بالها أن حسن الشخصية النمطيه الذي يميل دائما إلى السير وفقا للأصول و المعتاد قد يتمرد فجأة هكذا و يقدم على خطوة جنونيه متهوره كهذه ، غير معقول أو متوقع .

أقتربت بدوها من أم حسن تسأل بصدمه : أنتى متأكدة يا خالتى ؟ حسن ؟! معقول يعمل حاجه زى كده و فجأه .. ده مايعرفش حاجه هناك و لا يعرف حد .

شهقت أم حسن و بدأت وصلت بكائها من جديد و قد خرت على قدميها بعدما فقدتا القدره على حملها ، سقطت على عقبيها على الأرض تبكى بحرقه : أعمل إيه يا ولاد و لا أروح فين ؟ أبنى الى طلعت بيه من الدنيا رمى نفسه في وش الريح ، اااااه يا ضنايا ، يا مين يطمنى عليك يا حسن.

تقدمت غنوة أكثر و اتكأت برقبتيها على الأرض هى الاخرى بجوارها و بدأت تربط على كتفيها مردداه : ما تخافيش يا خالتى انا هكلم ناس معارفى و أكيد هلاقى لهم معارف فى ألمانيا و كمان هكلم نغم هى عفريته و هتعرف توصله ، و بعدين يعنى ما تخافيش على حسن ، حسن راجل و يعتمد عليه مش عيل ، يعنى لو اترمى وسط النار هيتصرف .

نظرت لها أم حسن و قالت بعتاب و حزن : مش لو كنتى أتجوزتيه كان زمانه دلوقتي هادى و مستقر و فى حضنى و مش لوحده كمان.. كان زمان معايا عياله ، لكن أقول إيه ، طول عمرك شارده و بالك مش معاكى و مش حاطه هنا خالص .. منك لله أنتى كمان ، أنتى مسؤله عن الى حصل لابنى.

أنسحبت الدماء من وجه غنوة و وقفت عن الأرض بيطئ ، لقد فاجئتها أم حسن بسهام كلماتها .

استدرات تولى الجمع المتجمهر حول أم حسن ظهرها و أتجهت نحو بيتها بخطى ثابتة و لكن شارده.

دلفت أشجان خلفها مباشرة و وقفت لجوارها تراها تتجه نحو خزينة ملابسها تبحث فيها بأعين مظلمة من الشرود .

أشجان: جرى إيه أنتى هتاخدى على كلام الوليه دى و لا إيه ، دى بتهلفط بكلمتين من حرقتها على ضناها يعنى ما يتاخدش على كلامها .

مدت غنوة يدها تنتزع طقم منسق راقى من ملابسها ثم نظرت بأعين أشجان مباشرة و قالت : ماحدش معانا يا أشجان عشان نكدب و نلف و ندور ، كل إلى قالته أم حسن صح و أنا إلى أختارت من البداية .

ألتفت تولى اشجان ظهرها تبحث عن حجاب مناسب بملابسها الراقيه ، صدحت عنها تنهيده حاره قالت بعدها : و مش ندمانه و لا بلوم نفسى ، أنا اختارت مصيرى بأيدى .

رفعت ذقنها تنظر إلى الفراغ بشرود و أردفت : يا قاتل يا مقتول .

أقتربت منها أشجان تقول : لأ لأ... الحكاية كده بتوسع مننا يا غنوة ، أنا لا عايزاكى قاتل و لا عايزاكى مقتول ، عايزاكى تعيشى و تتهنى .

نفضت غنوة يدها عن أشجان ثم التفت تواجهها قائلة : و طار أبويا.. عم صالح ، نستيه ؟ نسيتى كلامك ليا كل السنين دى كلها ؟ ده انا كبرت عليه و هو كل يوم بيرن فى ودنى .

أبتعدت عنها أشجان خطوة للخلف كأنها بذلك تعلن تراجعها عن كل مبادئها التى ربت غنوة عليها و قالت : بس لا أنا و لا أنتى فكرنا فى يوم إيه هيريح أبوكى فى نومته أكتر ، إنها تبقى قاتله و تجيب قلبه يرقد جنبه ؟ و لا تتجوز جدع طيب و إبن حلال زى حسن و يبقى ليها أسرة صغيرة و بيت دافى ، اقسم لك بالله لو بأيد أبوكى يطلع من التربه كان طلع لطشنى أنا و أنتى قلمين فوقونا و قالك مش عايز لا طار و لا قلوب أنا عايز أتطمن عليكى .

أحتدت أعين غنوة و زجرتها بعنف مردده : إيه فى إيه! إيه إلى غير كلامك و تفكيرك كده و لا خوفتى من إبن الصواف .

ردت عليها أشجان بعنف و غيظ : ما تجبليش سيرة ابن الكلاب ده ، ايه الى دخله فى كلامنا دلوقتي .

زفرت بتعب ثم قالت : كل الموضوع أن كلام أم حسن فوقنى ، و حرقتها على ضناها خلتنى أشوف أبوكى مكانها و هو نفسه طول عمره يفرح بيكى و يطمن عليكى.

إلتفت غنوة تعيد تنسيق ملابسها من جديد إستعداداً لكى ترتديها ثم قالت : مش وقته الكلام ده ، أنا عندى مشوار مهم .

أشجان : أنتى رايحه فين كده صحيح و عماله ترتبتى أوى فى نفسك .

نظرت لها غنوة و قالت : مش بقولك إبتدى شغل القذاره ، لمى بعتالى إنذار أنى متغيبه عن العمل و بتهدد بالشرط الجزائى ، انا بقا هروح ارميهم لها فى وشها و جايه ، لا عاش و لا كان إلى يذلنى .

أقتربت أشجان تربط على كتفها ببعض الحدة مردده : و ماله ، خلصى حكايتك معاها و أرجعيلى عشان أنا خلاص حطيت الموضوع فى دماغى و مش بعيد على أخر الأسبوع اكون مجوزاكى ، ما أنتى عارفه خطابك كتير .

زفرت غنوة و هى مشغوله تحضر لمعركتها مع لمى و قالت بسأم : أخرجى أنتى دلوقتي يا أشجان أنا مش فايقه لك ورايا مشوار مهم.

لكن أشجان كانت مصممه و قالت بإصرار : و الجواز ؟

هزت غنوة رأسها و قالت سريعاً كى تتخلص من إلحاحها : ماشى حاضر .. بصى أنتى تخرجى دلوقتي تقعدى مع نفسك و تعملى ليسته حلوه كده عشان نختار منهم .

التمعت عينا أشجان و قالت: و ربنا فكره ، سلام أنا دلوقتي.

خرجت تهرول فى رحلة البحث و التنقيب عن افضل الأختيارات ليكن عريس غنوة زينة فتيات الغوريه .

فيما التفت غنوة تغلق الباب ثم تبدأ فى تجهيز نفسها 

___________________

بينما فى مكتب لمى .

جلست بغضب مكظوم تحاول أن تبدو ثابته مسيطره تنظر على ذلك العقد بتروى و تمهل .

تشنج فكها و هى ترى كمية الشروط المدونه فى العقد تحت بند "شرط جزائي"

شروط كثيره تعجيزيه و قد وافقت عليها ، ضحكت بسخرية شديده ف على ما يبدو ان تلك الغنوة الحقيره كان لديها هدف و خطه و كانت على أتم استعداد لأن تفعل أى شىء فقط لتصل له و إلا ما كانت لتوقع على عقد بهكذا شروط تعجيزية تعسفيه .

اطبقت جفناها بغضب شديد ، فغضبها ليس من هارون او عليه ، لم تكن لتهتم كثيرا لو فعلها مع شخص آخر غير تلك الفتاه.

فقد عاملتها جيداً و قربتها منها بل كادت أن تعتبرها گ شقيقتها بسبب لسانها المعسول و روحها التى أجادت التمثيل بأنها عفويه جميله و طيبه أيضاً.

نظرت ل"منير" مدير الHR و قالت : ممكن نعمل إيه؟
زم منير شفتيه و قال: حاجات كتير يا فندم منها إننا نطلع بيان برفد غنوة صالح و ننصح بعدم التعامل معها ، و كمان ممكن ننزل صور البيدج بتاعتها و شغلها فى كل صفحات البلاك ليست على فيسبوك و ممكن نزود الشرط الجزائي من ١٠٠ ألف لمليون.

فكرت قليلا ثم قالت: لأ سهل أوى ، هارون الصواف هيدفعه لها .

أتسعت أعين كل منهما و هما يجدان باب المكتب يفتح و يدلف هارون للداخل بخطى ثابتة واثقه يردد: حتى مليون جنيه هى ممكن تجمعه عادى .

كانت لمى تنظر له بصدمه و غضب و ذهول ، كذلك منير ، كل منهما أعتقد أنه أول من سيجابههم و كانت المفاجأة انه يؤازرهم.

استمرت لمى فى النظر له لكن تحولت ملامحها المصدومه إلى أخرى ساخره بحزن و ألم تردد: و من الحب ما قتل ، إنتقام الأحبة وحش اوي.

اخذ نفس عميق يتنهد و هو يتحاشى النظر لها يوجه عيناه إلى العقد مرددا: لو ضيفنا كلمة دولار كده تبقى القاضيه.

أتسعت أعين كل من لمى و كذلك منير الذى قال: بس ده كتير بطريقة أوڤر و كمان مكشوفه أوى ، ما فيش حد بيحط شرط جزائي زى ده ! ده عقد لموظفه فى العلاقات العامة مش شرط جزائي فى صفقة إستيراد أو تصدير .

جلس هارون و وضع قدم فوق الأخرى ثم قال بغرور : طب و ماله ، مين هيراجع ورانا يعنى.

وقفت لمى عن مقعدها بحده تنظر له بغضب ساحق.

من الصعب على شخص ذو كبرياء و عزة النفس و شخصية قويه أن يسمح لأحدهم بأن يحوله إلى عسكرى فى رقعة شطرنج ، يحركه يميناً و يساراً وفق ما يتناسب و يخدم خطته فى الفوز بلعبته .

هتفت عاليا بحده و قالت : إسمع يا أبن الصواف مش أنا أبدا الى هسمح لك إنك تيجى تستخدمنى كده عينى عينك عشان تأدب حبيبة القلب ، الى بينى و بينها حرب و حرب طويله و كبيره و الشاطر فيها إلى نفسه اطول و فلوسه أكتر ، أظن بكده النهايه واضحه و محسومه هتبقى لصالح مين.

ضحك هارون و هو يهز رأسه ساخراً ثم قال : نسيتى أهم حاجة يا لمى .

نظرت له بحيره و ارتباك فقال و هو يشير بإحدى أصابعه على رأسه مردداً : الذكاء يا لمى ، الذكاء و غنوة مخها ذرى ، ده غير أنها قويه جدا ، غنوة خصم مش سهل أوى كده.

زاد غيظها من حديثه و قالت بغضب : و أنت شايفنى غبيه يعنى و لا ايه ؟

زم شفتيه بيأس و قال : لو كنتى بالذكاء الكافى كنتى عملتى مية الف حساب ليها ،غنوة خصم صعب ، و أظن أنك محتاجه قوه تتحالفى معاها و بلاش الغيره تخليكى ترفضى .

نظرت له بازدراء ثم ضحكت ساخره و قالت : غيره ! على مين ؟! عليك مثلاً ؟!

وقف معتدلاً ينفخ صدره و يضع يداه فى جيوب بنطاله ثم قال : لأ.. أنا عارف إن مش فارق معاكى غير نفسك ، و إنك غيرانه عليها .. على ذاتك و أل أنا إلى عندك ، مش سهل ابدا انك تعدى إلى حصل معاكى ، إن فى واحده أستغفلتك و خطيبك فضل حد عليكى ، مش عشانى ، إنتى عمرك ما حبتينى و أنا عارف ، ده عشانك أنتى .

نظرت له عين بعين ، إعتراف ضمنى بصحة ما يقوله ، لن تنكر .

إبتسم يهز رأسه مردداً : من أحسن صفاتك يا لمى هى الشفافية و الوضوح ، كنت هستغربك أوى لو أنكرتى .

جاوبته و هى ترفع أنفها بشموخ : لأ مش هنكر ، كل كلمه قلتها صح ، أنا عمرى ما حبيتك يا هارون و كمان... 

قاطع أسترسال حديثها يكمل هو عوضاً عنها : ما كنتيش ناوية تتممى جوازك منى .

قالت بثبات : صح.

إلتف هارون يجلس على كرسيه مره اخرى مرددا : نبقى متفقين.

عادت هى الأخرى تلتف حول مكتبها ثم جلست عليه و قالت: بشكل مبدئي مش أكتر .

أبتسم بثقه و قال : و ده كافى أوى فى الوضع الحالى .

لم يكد كل منهما ينهى حديثه حتى صدح صوت سكرتيرة مكتب لمى تردد : أنسة غنوة صالح منتظرة عندى يا فندم.

نظرت لمى على هارون الذى يبدو و كأنه ينتظر بشوق ثم قالت : ها تحب تمشى من أى باب جانبى و لا أدخلها و تشوفك .

أبتلع رمقه و قد تلعثم قليلا ، و إبتمست لمى ترمقه بسخريه فمن يراه منذ قليل و هو يقف متحدياً لها يناطحها بكلماته و يجمع عتاد حربه ضد غنوة لا يراه الآن و قد ارتبك و ظهر الإشتياق بوضوح فى لمعة عيناه .

حاول سريعاً التماسك و ردد بقوه: و أنا ههرب و لا ايه ، دخليها .

زمت شفتيها من ثقته بنفسه تهز رأسها موافقة ثم سمحت لها بالدخول .

و هارون عيناه على الباب ينتظرها حتى فتح الباب و دلفت هى و أحتدت عيناه على فوراً.

و لم يستطع تمالك أعصابه و نسى كل خطته مع أهدافه و ما ظل يلقنه للمى كل ذلك الوقت ، كل ما يشعر به الأن هو نااااار ، نيران و اشتعلت فى صدره و أحجبت الرؤيه عن عيناه و فصلت عقله عن العمل بعدما رأها بذلك الفستان الكريمى المتلصق بمنحنياتها بطريقه مستفزه يظهر و يبرز جمال قوامها الشرقى ، كانت جميلة لدرجه مستفزه و مثيره أيضاً.

ضحكت داخليا و هى ظاهريا تبدو ثابته ثبوت الرواسى ، على ما يبدو أن ما فكرت فيه كان صحيحاً ، توقعت تحالفهما عليها كما توقعت وجوده ، و ارتدت هذا الفستان خصيصا له ، كى تحرق أعصابه بل و تتلفها و من ثم توقف عقله و لو مؤقتاً عن العمل ضدها فى الوقت الراهن.

كان صادق القول حين قال أنها ليست خصماً سهلا.

هتف فيها بغضب : أنتى ايه الى عملاه فى نفسك ده يا هانم .

ضيقت عيناها كأنها تنظر له بعدم فهم و قالت : سورى ؟!

أحتد صوته أكثر و هو يراها تتعامل ببرود و تتصنع عدم فهمها ما يفعل أو يقصد و صرخ عالياً : أنتى هتعملى لى فيها عبيطه ، إيه الهباب إلى أنتى لابساه ده ، جسمك كله مفصل يا هانم يا محترمه ، و إيه ده إيه ده ، استنينى هنا كده .

ضيق عيناه و سأل : أنتى جيتى طول الطريق من الغوريه لهنا بجسمك المتفصل ده و ركبتى بقا تاكسى و لا أوبر ؟

قلبت عيناها بملل ثم نظرت ناحية لمى و قالت : أظن أن أنا جاية هنا عشان شغل المفروض ؟! جالى ميل رسمى بكده .
ألتفت تزم شفتيها و هى تنظر للمى مردده : مش عارفه بصراحه خطيب سيادتك سايبك أنتى بالجونله القصيره دى و مركز معايا أنا ليه ، حاسه إن الأدوار متبدله سيكا .

اطبقت لمى جفناها و بداخلها تصرخ بغضب : أه يا كياااااااده .

ضغطتت على أسنانها بغضب ثم قالت: عندها حق بصراحه يا حبيبي ، ممكن تهدى و تقعد .

أخذ هارون بعض من أنفاسه و إلتف كى يجلس محاولا الهدوء لكن ما أن أبصر منير مازال يجلس معهم و أمسك به متلبس و هو يأكل غنوة بعيناه حتى هجم عليه بغوغائية و قال : بتبحلق فى إيه ، بتبحلق فى إيه ، قوم من هنا .

كتمت غنوة ضحكتها الشامته و رفعت رأسها بشموخ تقسم بأن تحرق أعصابه هو وتلك التي تحالف معها .

بينما منير يلملم معطف بذلته بعد هجوم هارون عليه و قال : قوم من هنا ايه يا باشا هو ديسك فى كلاس و أنا قعدت مكانك ، أنا مدير الاتش آر .

صرخ فيه هارون بحده : مدير على نفسك ، برا بقولك .

هتفت لمى بحده: إحنا مش بنلعب هنا يا هارون ده ...

هتف مقاطعاً : قولت يطلع برا لو عايزه تكملى كلام .

كل ذلك و غنوة تقف متسليه بكل ما يجرى ، و بالفعل لم تمر دقيقه إلا و قد غادر منير و جلس هارون أخيرا ، ما كان ليسمح ابدا بتواجد رجل آخر غيره و يراها هكذا .

خرج منير بالفعل و نظرت لمى تجاه هارون ثم رددت بحده : أظن نتكلم بقا .

تقدمت غنوة و جلست على المقعد تقول: سماعكى و لا أقول سمعاكم ، شكلهم متفقين.

شهقت و كأنها تذكرت شئ ثم قالت : أه صحيح مش هنفرح بيكم بقا ، بقالكوا كتير مخطوبين ، فى مشاكل بينكم و لا إيه ؟

صك أسنانه بغيظ ، حربها بارده تقودها ببراعه و قد نجحت فى تحطيم أعصابه.

كذلك لمى التى أمنت بكل كلمة قالها هارون بالفعل تلك التى تجلس أمامها الآن خصم غير هين .

لقد سرقت البجحه خطيبها بعدما أستغلتها و أستغفلتها ، و تزوجته أيضاً و كانت بالأمس فقط فى بيته كما علمت و وصلها ، و تأتى اليوم تجلس أمامها عيناً بعين تسأل بإستغراب عن سبب تأخرهم فى الزواج .

إبتمست غنوة و عقلها يعمل كجهاز آلى يردد ( تم حرق أعصابهم بنجاح)

اغتصبت لمى ابتسامة باهته على شفتيها ثم قالت : قريب جدا إن شاء الله و طبعا مش هلاقى غيرك ينظم الفرح .

ردت غنوة على الفور : دى تبقى بزعلى كبيرة لو جبتوا حد غيرى .

لمى : المهم ، أنتى متحوله للتحقيق .

غنوة : ليه ؟ اه عشان التغيب عن العمل و الحاجات إلى أتذكرت فى الميل دى ؟ طيب أنا ممكن اكون انشغلت لأنى الفتره إلى فاتت تعبت و دخلت المستشفى.

نظرت لها لمى و رددت بقسوه : جيت و شوفتك .

قالتها و هى تنظر لهما تتذكر و تذكرهم بالوضع الذى شاهدتهما عليه.

و رغما عن الإثنان سرت رجفه لذيذه بكل منهما فور تذكرهم كيف كانا بين أحضان بعضهما .

و نظر هارون لغنوة بإشتياق ، مشتاق ، يتمنى ... يتمنى أن يكن معها وحدهما الان ، أن تموت المسافات و العقبات ، يتمنى لو يملك حيله تأتيه بها أو تأخذه إليها .

صمت متنهداً لا يعلم هل كتب على قلبه الشقاء أم سيصل لحل قريب معها و يرتاح .

أخرج كل منهما من شروده صوت لمى و هى تجلى صوتها مردده : أحممم .. كل ده مش مبرر ، و لا حتى انك كنتى فى المستشفى.

بللت غنوة شفتيها تحاول الثبات و مدت يدها فى حقيبتها لتخرج منها كارت صغير ثم قالت : مش دى الفكره ، بس انا كنت هاجى أبلغك إستقالتى من فتره لأنى الحمدلله بفتح شغل خاص بيا ، اتفضلى البزنس كارت بتاعى عشان لو إحتاجتينى فى فرحك على الباشا .

لكن الباشا كان بعالم أخر تعصف به الأفكار و قد زاد غضبه ، ترسم و تخطط بل و تبدأ فى التنفيذ و كأنه ليس هنا ، كأنه ليس بزوجها .

هتف بحده: انتى عملتى كل ده إمتى أنا عايز أفهم ، و ازاى ما تقوليش حاجه زى كده.

زمت شفتيها تجعد ما بين حاجبيها ثم نظرت للمى مدعية الغباء ثم قالت : خطيبك تقريباً شكله بيكلمك .

أغمضت لمى عيناها بغضب و وقف هارون يتحدث بحده : لااااا ، ده انتى زودتيها أووى.

بينما ضربت لمى بكفها على سطح المكتب و قالت : طيب أسمعى بقا ، إستقالتك مرفوضه لأن فى شرط جزائي فى حالة إنك عايزه تسيبى الشغل .

زمت غنوة شفتيها و قالت: انا معايا المبلغ ، كنت عامله حسابى و جبته معايا.

إبتمست لمى بسماجه و قالت : واو .. طب ازاى مش شايفه شنط كده و لا كده ، اصل مليون دولار مبلغ كبير أوى.

شحب وجه غنوة و رددت ببهوت : إيه ؟! مليون إيه و دولار مين ، هما مئة ألف جنيه بس.

ضحكت لمى بصمت فأتسعت عينا غنوة ثم قالت : أااه ، انتو لعبتوا فى العقود إلى أنا مضياها مش كده ، ده انا هوديكوا فى داهية.

إبتمست لمى و ردت بثقة : اتفضلى قدمى فينا ألف شكوى شوفى مين هيراجع ورانا ، من دلوقتي تكونى على مكتبك و ياريت تنفذى كل التاسكات المطلوبة منك بسرعه فى بكره حفله مهمه عشان عقود جديدة بنا بين الشركه الإماراتيه مش عايزه تأخير ، أتفضلى على شغلك .

وقفت و هى تشعر بإنهيار عالمها من حولها من أين لها بمليون دولار كى تدفعه لها. 

بينما وقف هارون معترضا و هو يراها تخرج من أمامه هكذا بهذا الفستان و ما أن ألتفت و رأى ظهر الفستان حتى صرخ بغضب : نهارك أسود و مهبب ، أستنى عندك .

لم يعطى للمى أى مجال و خرج سريعاً يغلق الباب بعد أن خرجت غنوة ، و بلا أى كلمه خلع عن جسده معطفه الطويل و وضعه عليها .

غنوة : إيه الى بتعمله ده يا أستاذ أنت.

تحدث من بين أسنانه : أنتى تخرصى خالص فاهمه . . قدامى على البيت .

لكنها نفضت ذراعه عنها و قالت: ما اقدرش ، لازم اكون على مكتبى دلوقتي و انفذ التعليمات و أنا حطه جزمه فى بوقى أصلى مش معايا مليون دولار ، مش ده كان اتفاقكوا ؟

لكنه لم يكن مهتم بأى مما تتفوه به و قال : قولت تخرصى و يالا على البيت و لا اخدك على بيتى أنا بالعافيه ، إخلصى .

تحركت معه على مضض و هو طوال الطريق يسبها و يلعنها هى و فستانها المستفز هذا .

وصلا إلى الحى أمام بيتها فقالت و هى تراه يترجل من سيارته و كأنه يستعد ليدخل معها بيتها : ايه ما خلاص و شكراً على التوصيله .

اشار لها بحده مغمغماً : ششش ... قدامى.

دلفت للداخل لتشتم رائحة طعام لذيذ قادم من المطبخ و صوت أشجان التى خرجت من المطبخ تقول : انتى جيتى يا بت يا غنوة ، أنا عملت لك صينية بطاطس بالفراخ الى بتحبيها ، و جمعت لك لستة العرسان بتوع الشهر ده ، و النبى كلهم شباب مجدع و زى الورد ، انا حالفه ما هيعدى الشهر ده إلا و إنتى فى بيت عدلك .

شعرت بشيء ساخن قادم من خلفها فقالت : هو إيه الصهد إلى هب فجأة ده.

إلتفت لترى هارون واقف خلفها عروقه نافره من الغضب و وجهه أحمر .

و تحدث بهدوء مرعب : بقا انتى بقا عايزه تجوزى مراتى.

اشجان : أنت إيه الى جابك هنا تانى يا خايب الرجا أنت.

هز رأسه يزم شفتيه مرددا : خايب الرجى ! تصدقى أنا كده فعلاً عشان سايبها لك أنسه لحد دلوقتي و عايزه تجوزيها كمان .

تقدم بصمت و جذب غنوة له ثم قال: انا بقول نتمم جوازنا هنا أهو حتى روح ابوكى تبقى بترفرف حوالينا.

نظرت له غنوة برعب تخشى من تنفيذ ما يقول 

_______________________

جلست فى سيارة صديقتها تنظر للطريق بشرود تتذكر الرفض المتواصل لطلبها الطلاق ، حتى أمها ترفض بشده.

كيف ترفض بعد تخطيط سنوات كى تزوجها وريث العائله متغافلة عن أى شىء.

تنهدت بضيق ثم نظرت لصديقتها قائله : ممكن اعرف بقا إحنا رايحين فين و إيه جابنا إسكندرية ؟ و مفاجأة ايه إلى جدو متفق معاكى عليها يا هانم و مش قايلين لى .

توقفت نادين بسيارتها على أحد ارصفة ميناء الإسكندرية و قالت : إنزلى معايا دلوقتي و أنتى تعرفى .

زفرت بضيق و ترجلت من السيارة برفقة صديقتها حتى توقفت معها أمام باخره عملاقه ، هى أشبه لمدينة عائمة على الماء ، كانت تحفه متنقله حقا 

خطفت أنفاس تقى على الفور و لم تستطع أن تحيد بعيناها عنها و قالت : إيه ده واااو .. تحفه أوى .

تقدمت نادين و احتضنتها قائله : دى بقا باخره فايڤ ستار فيها ألمع و أشهر نجوم الوطن العربي بيطلعوا رحله لمدن كتيره و يقفوا عند كل مدينه شويه ياخدوا طور ، ده غير الحفلات و الالعاب و السهر و الرقص.. و بيكون فيها ناس كتير من كل الدول حاجزين على نفس السفينه عشان يقضوا الرحله مع النجوم دى.

كانت تقى تستمع لها و عيناها تلمع ثم رددت : يا بختهم .

إلتفت نادين حتى وقفت أمامها و قالت : ما أنتى منهم يا حبى ، هى دى المفاجأة.

لم تصدق تقى ما سمعت الى أن صعدت فوق متن السفينة و تحركت أيضاً و هى لوقتها هذا لم تصدق.

تقى : نادين أنا مش مصدقه لسه بردو.

ضحكت نادين مردده : مش مصدقه ايه بس ده إحنا بقينا فى عرض البحر و الصبح هتصحى من النوم تلاقى نفسك فى إيطاليا ، جدك و خالك بيرتبوا لك فى الرحله دى من شهرين .

سعدت تقى كثيرا و ظلت طوال الليل ساهره على سطح السفينه تتعرف إلى أصدقاء نادين الجدد ثم أستأذنت منهم حين غلبها النعاس و ذهبت لغرفتها .

ظهر اليوم الثانى أسيقظت بكسل و خمول تنظر للساعه مستغربه ، يبدو أنها قد نامت كثيراً و على ما يبدو أيضا أن نادين قد استيقظت و خرجت .

وقفت كى تبدل ملابسها ثم ارتدت فستان أخضر قصير يضيق على الخصر و الصدر مبدرزاً لقوامها الممتلئ بصوره مثاليه خطيره .

مشطتت شعرها الطويل لينساب بنعزمه حتى أخر ظهرها ثم وقفت لتضع كحل عيناها القاتل و ما أن انتهت حتى صعدت لسطح السفينه حيث تتوقع تواجد نادين مع باقى أصدقائها .

إبتمست و هى ترى نادين تجلس مع اصدقائها تلوح لها بيدها بحماس ما أن ابصرتها تقف .

تقدمت أكثر فأكثر و هى تدرك وجود مجموعة جديدة قد انمضت لها .

وقفت متخشبه و هى ترى من بين الجلوس شخص تعرفه.. تعرفه جدا و عن ظهر قلب .

إنه ضياء.. ضياء عاصم شديد.. زوجها .

و على الفور صدحت صافرات الإعجاب من الشباب و هى عينها بعين ضياء الذى ينظر لها بإنبهار ثم سأل نادين: مش تعرفينا !

أتسعت عيناها بصدمه... زوجها لم يعرفها 

_____________

تعليقات



×