رواية جبران العشق الفصل السابع والثلاثون
الصباح الباكر ربما لا تزال السابعة مدت يدها تضعها علي الفراش جوارها لما المكان فارغ بارد فتحت عينيها سريعا تبحث عنه لا أثر له انتصفت تفرك عينيها ناعسة تلملم خصلات شعرها بيديها نفضت الغطاء عنها تردي خفها المنزلي توجهت إلي المرحاض تدق الباب :
- بيجاد ... بيجاد أنت جوا ؟
لا رد إضاءة المرحاض مغلقة يعني أنه ليس بالداخل ومع ذلك فتحت الباب فلم تجد أحد تحركت هنا وهناك بين أركان منزلهم الصغير في أسوان تنادي باسمه تبحث عنه كما لو تبحث عن طفل صغير لا أثر له في المكان بالكامل ... خرجت للحديقة الصغيرة خارج البيت تبحث عنه لا أحد لا أثر له السيارة تقف مكانها أين هو إذا شعرت بالخوف يتملك كيانها عادت للداخل تبحث عن هاتفها التقطت بايدي ترتجف اتصلت بهاتفه لتسمع صوت رنين الهاتف يأتي من الصالة توجهت إليها لتجد الهاتف يقبع جوار التلفاز توجهت إليه تمسكه بين يديها ارتجف جسدها ذعرا أدمعت عينيها بيجاد وكأنه اختفي هل انشقت الأرض وابتلعته هبطت الدموع من عينيها انهارا التفتت خلفها سريعا حين سمعت صوته وهو يصفر وصوت مفتاحه يدخل إلي قفل الباب ارتجف قلبها لتشق شفتيها ابتسامة واسعة حين رأته يدخل من باب المنزل هرولت إليه تكاد تركض ارتمت بين أحضانه تبكي بحرقة تتشبث بقميصه عقد بيجاد جبينه مندهشا من رد فعلها أغلق باب المنزل تحرك بها إلي الداخل قليلا يسألها قلقا :
- مالك يا رُسل بتعيطي كدة ليه ، حصل حاجة .. حد جه هنا
نفت برأسها تتمسك به قضت بضع دقائق تحاول أن تستجمع رابطة جأشها ابتعدت عنه تمسح دموعها بكفيها تسأله :
- أنت كنت فين يا بيجاد أنا اتخضيت لما صحيت ما لقتش ليك أثر افتكرت بعد الشر حصلك حاجة
ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتيه كم يعشق حين تخاف عليه وكأنه فقط طفل صغير ... يتوعد داخله لذلك الطبيب الأحمق الذس اعطاه المخدر فمفعوله انتهي قبل المدة المحددة بساعات من المفترض إلا تستيقظ الا بعد ثلاث ساعات من الآن اقترب منها خطوة واحدة يحتضن وجهها بين كفيه يحادثها مشاكسا :
- كنت باخد جولة حرة يا ماما رُسل ما تخافيش عليا أبدا
خرجت ضحكة خافتة من بين شفتيها كورت قبضتيها تصدم صدره بخفة ليتأوه يصطنع الألم وضع كفه علي قلبه يصيح بأداء درامي مبالغ فيه :
- آه يا قلبي ... قلبي اتخبط ... قلبي اتسرق
ضحكت علي ما يفعل لينظر لها يبتسم ، لم يكن يظن يوما أنه سيعشق ابنه قاتل أبيه لتلك الدرجة عمه الحبيب قاتل والده كم يرغب في نهش قلبه حيا علي ما فعله ولكن رُسل لا ذنب لها ... لن يجعلها تدفع ثمن جرائم والدها المقززة ... الحياة بينهما أكثر من رائعة لا ينقصها سوي أن رُسل ترفض لسبب غير مفهوم اقترابه منها جميع محاولاته للتقرب منها بائت بالفشل ... لم يكن الوقت المناسب ليفعل ما يفعل ولكن الفضول يقتله رفع يده يبسطها علي وجنتها بخفة ابتسم يسألها دون مقدمات :
- رُسل ممكن ما تتهربيش من سؤالي المرة دي بجد أنتي ليه رافضة إني أقرب منك ليه حاسس أن في حاجز بينا مع أنك عارفة إني بحبك وأنا واثق أنك بتحبيني يبقي ليه يا رسل
اضطربت حدقتيها بعنف ليضئ أمام عينيها مشهد قديم لطفلة صغيرة لم تكمل العاشرة ويد آثمة تقطف بتلات جسدها تعثو في روحها قبل جسدها فسادا ... وابتسامته المخيفة التي كانت دوما ترتسم علي ثغره ما أن يراها سفيان صديق والدها الذي كان يتحرش بها وهي طفلة ووالدها أبدا لم يصدقها وربما كان يصدقها ولكنه لم يهتم أن صديقه كان يفعل ذلك بابنته ... لم تكن تعرف أن دموعها تمردت تغطي وجنتيها الا حين شعرت بيده تمسح دموعها بخفة تحركت مقلتيها له لتري نظراته الحزينة القلقة :
- أنا واثق أنك مخبية عليا حاجة يا رسل في اي يا حبيبتي دا أنا جوزك لو ما قولتليش أنا هتقولي لمين أنا وانتي مالناش غير بعض دلوقتي
خافت أن تخبره فيذهب إلي سفيان ، وسفيان هذا أبعد ما يكون عن البشر شيطان متنكر حركت رأسها بعنف ترفع كتفيها تمسح دموعها بعنف ابتسمت تتمتم مرتبكة :
- أنا بس كان نفسي أعمل فرح وألبس فستان أبيض ...وليد وحشني أوي قلبي بيوجعني لما بفتكر أن أخويا اتقتل غدر بعد ما قرر يتوب ويبعد عن قرفهم
لم يقتنع تمام الاقتناع بما تقول لكنه ابتسم يومأ له سيعرف عاجلا أم آجلا ما بها فقط ينتهوا من دائرة الشر تلك مد ذراعيه يضمها لأحضانه يمسح علي رأسها برفق يغمغم مترفقا :
- ولو إني مش مصدقك بس ماشي ... قريب هعملك أكبر فرح في البلد واحلي فستان تختاريه تمام كدة
اومأت له تزدرد لعابها مرتبكة ابعدها عن أحضانه يغمغم مبتسما :
- تعالي يلا نخرج نفطر ونقضي باقي اليوم برة
ابتسمت تحرك رأسها بالإيجاب سريعا تركته ودخلت إلي غرفتهم تبدل ثيابها لتختفي ابتسامة بيجاد دس يديه في جيبي سرواله ينظر في أثرها يفكر ... يتذكر أنه يملك ذلك المصل الغريب الذي يجبر من أمامه علي قول الحقيقة عقله يلح وقلبه يرفض تنهد حائرا حانقا يتمني أن يكن انقذها من مستنقع الشر قبل أن يطالها !!
_______________
في منزله القديم الصغير الذي كان يسكنه قبل الزواج يقف في شرفته الصغيرة التبغ لا يفارق شفتيه عينيه لم تذق النوم مقلتيه حمراء كالدماء يديه ترتجف بين حين وآخر سنوات قضاها يستعيد نفسه يبني ما هدمه أبيه ، ليعاود هدم كل ما بناه شعوره بالعجز والضعف أمام جبروت أبيه ... توسله له ليرحم زوجته من براثن رجاله هدم روحه الثائرة هو لم يخضع يوما لجبروت أبيه وكانت القشة التي قطمت ظهر البعير حين انتحرت والدته امام عينيه ترك كل شئ وهرب كسر كل القيود سينتقم يقسم أنه سيفعل كور قبضته يضرب بها سور الشرفة بعنف سيأخذ بثأره وثأر والدته وثأر زوجته .. اجفل علي صوت رنين هاتفه برقم جبران قطب جبينه جبران لا يستقيظ باكرا لما يطلبه الآن بالطبع كارثة فتح الخط وقبل أن ينطق بحرف سمع صوت جبران يحادثه متوترا :
- حسن ، تعلالي بسرعة أنا في كارثة بسرعة يا حسن
أغلق الخط ليتحرك حسن سريعا لخارج منزله يفكر قلقا تري ما الكارثة التي حلت يا جبران ؟!
علي صعيد قريب في الطابق الثاني قبل نصف ساعة من الآن قطب جبينه منزعجا صوت أنين يصاحبه بكاء يأتي بالقرب منه صوت لا يتوقف يتكرر بشكل مزعج حاول فتح عينيه مرة بعد مرة الصداع ينهش عقله ليته لم يجرب ذلك السم الذي يبيعه لا ينكر أنه قضي ساعات أسعد من الخيال يحلق وقدميه ثابتة علي الأرض يصرخ يضحك يراقص نسيم الهواء يداعب قطرات المطر يعيش الوهم يضحك مع الخيال ، ولكن الاستيقاظ بعد انتهاء مفعول ذلك السم هو العذاب بعينه فتح عينيه بصعوبة يمسد جبينه بكف يده لما ذلك الألم البشع بدأت الرؤية تتضح أمامه شيئا فشئ ليقطب جبينه متعجبا متألما أين هو بيت من هذا بسط كفيه يستند ليشعر ببرودة الأرض تحت كفيه ما الذي يحدث رفع جسده بصعوبة عن الأرض لتتسع عينيه ذهولا حين رأي صدره العاري نظر جواره ليري آثار دماء بحث برأسه حوله ليجد تلك الفتاة صفا تجلس هناك تلتصق بالحائط تضع يدها علي فمها تبكي تغطي جسدها بأحد مفارش الطاولة البيضاء الذي تلطخ بالدماء توسعت عينيها فزعا حين رأته يستيقظ ليبدأ جسدها بالارتجاف بعنف لتصرخ فيه بحرقة :
- حرام عليك حسبي الله ونعم الوكيل فيك أنا عملتلك ايه عشان تضيع مستقبلي وحياتي خدت مني شرفي غصب عنك منك لله ربنا ينتقم منك
وانخرطت تبكي وتلطم وجنتيها بعنف تصرخ مقهورة وهو يقف كالصنم لا يصدق في أبعد كوابيسه أنه قد يفعل ذلك أبدا ... مد يده إلي خصلات شعره يشد عليها بعنف يحاول أن يفكر في حل ما ... مد يده سريعا يبحث عن هاتفه إلي أن وجده يطلب رقم حسن يطلب منه المجئ سريعا ...أغلق الخط ينظر لها مشفقا حزينا حاولت التحدث :
- صفا أنا...
قاطعته تصرخ بحرقة :
- اخرس مش عايزة اسمع صوتك منك لله ضيعتني وضيعت حياتي
لحظات وسمع جبران صوت أقدام حسن تصعد فتح الباب سريعا قبل أن يكمل طريقه لأعلي وقف حسن مكانه ينظر لجبران مدهوشا :
- جبران !! أنت بتعمل ايه هنا
جذبه من يده سريعا يدخله للمنزل لتشخص عينيه فزعا حين أبصر صفا علي حالتها تلك ليعاود النظر لجبران يهمس لها مصعوقا :
- أنت عملت ايه الله يخربيتك
جذب جبران يد حسن يقف به بعيدا وقف أمام يشعر بالعجز لأول مرة في حياته تلعثم يردف متوترا :
- ما اعرفش مش فاكر كانت أول مرة اجرب الزفت اللي أنا بيبعه دا وما درتش بنفسي غير دلوقتي وهي عمالة تصوت وتلطم أعمل ايه ... أنا ما كنتش واعي لأي حاجة خالص والله يا حسن
تنهد حسن يزفر أنفاسه حانقا التف برأسه ينظر للفتاة مشفقا علي حالها ليعاود النظر لجبران يهمس له محتدا:
- مش هينفع نسيبها كدة لازم نتصرف دي ممكن تموت نفسها بعد القرف اللي أنت هببته
- والعمل !
وأردف بها جبران متوترا يشعر وكأنه القي بنفسه في النار دون أن يشعر ليشد حسن علي كفه يفكر يحاول إيجاد حل جبران أن تزوج منها ستنتهي علاقته بوتر نهائيا الحل هنا بيده هو !! رفع رأسه لجبران يغمغم حائرا :
- مش عارف بس مش هينفع تتساب كدة أنت علاقتك بوتر اصلا علي شعرة لو عرفت اللي حصل تبقي علاقتكوا انتهت وبردوا البنت دي مالهاش ذنب ... ومش هقدر اقولك اتجوزها في السر لأنها مصيرها هتتعرف وهتبقي سؤوت سمعتها بردوا
رائع حسن صديقه الذي احضره ليجد له حل لتلك الكارثة يغلق جميع الحلول الممكنة أمام وجهه زفر بعنف يغمغم محتدا:
- أنت بتقفلها في وشي اعمل أنا دلوقتي أروح أرمي نفسي في النيل
حرك حسن رأسه بالنفي تنهد بعمق ربت علي كتف صديقه يغمغم:
- أنت صاحبي يا جبران وكفاية أنك انقذتني من بيت كمال وبعدين أنا خلاص طلقت أمل
فهم جبران إلي ما يرمي حسن ليحرك رأسه نفيا بعنف يردف متجهما :
- لا يا حسن إنت مش هتشيل شيلتي أنا اللي غلطت وأنا اللي ادفع تمن غلطتي
هنا صرخت صفا أو روزا بحرقة اجادت اصطناعها :
- انتوا بتحدفوني لبعض بتجاملوا بعض علي حسابي ... أنا لا هتجوزك ولا هتجوزه أنا هبلغ عنه واوديه في ستين داهية
تحرك حسن يلتقط قميص جبران من علي الأرض يدفعه إليه يدفع جبران نفسه إلي باب الشقة يصيح فيه محتدا :
- اطلع شقتك وأنا هتصرف يلا
تفاجئ جبران من رد فعل حسن كاد أن يرفض لكن حسن دفعه بعنف غريب لخارج المنزل يغلق الباب في وجهه !!
تحرك حسن عائدا إلي مكان مكوث صفا احضر مقعد يجلس بالقرب منها لتصرخ فيه :
- أنت كدة بتحميه صح ، انتوا ازاي حيوانات كدة لا عندكوا قلب ولا ضمير
رفع حسن كفيه يحاول تهدئتها يغمغم سريعا بترفق قليلا:
- اهدي بس وهنتفاهم وهتتحل ... دلوقتي مش هتستفيدي اي حاجة لما تبلغي عن جبران غير الفضيحة لأن معلش يعني في ألف طريقة وطريقة نطلعه بيها من القضية دي
شخصت عينيها ذعرا لتسكب الدموع بغزارة تصرخ بحرقة :
-حسبي الله ونعم الوكيل فيكوا لو أنا أختك ترضي يحصلي كدة كنت بردوا هتقول كدة ربنا يدوقكوا من نفس العذاب أنا هفضحه هقول للناس كلها علي اللي هو عمله فيا
تنهد بعمق مسكينة تلك الفتاة يشفق عليها حقا ولكن جبران صديقه أولا وآخرا عليه أن يتصرف وينهي تلك الكارثة قاطعها احتدت نبرته يحادثها :
- ممكن تهدي ما أنا ممكن اقولك أنا لا عندي أم ولا أخت واسيبك تخبطي دماغك في الحيطة وشوفي مين هيصدقك لو قولت أن جبران كان بايت عندي ... أنا عايز أساعدك أن كان علي اللي حصل أنا هتجوزك وهعملك فرح هيبقي زيك زي أي عروسة في الحارة هنا ما حدش هيعرف حاجة هنتجوز فترة اللي انتي عايزاها وبعدين هطلقك وهطلع نفسي أنا اللي غلطان الظالم اللي مبهدلك ها قولتي ايه ... صدقيني دا أسلم حل عشان تكملي حياتك اللي جاية قولتي ايه
اضطربت حدقتيها بعنف تكور قبضتها بغل تشد عليها خطتها كلها ذهبت هباءا منثورا جبران الاحمق سقط نائما دون أن يمسها حتي منذ ساعات وهي تجهز لمشهدها كفتاة ضعيفة تم اغتصابها حتي يتزوج بها كما توقعت ليأتي ذلك الحسن يدمر خطتها في لحظات عليها أن تخبر المايسترو أن الخطة حدث بها تغير كبير اصطنعت القلق ببراعة تغمغم بحرقة :
- مش عارفة مش عارفة
وضعت يديها علي وجهها تبكي بحرقة ليتحرك حسن من مكانه يغمغم بهدوء :
- أنا هسيبك تفكري والأفضل تختاري الحل اللي في مصلحتك عن إذنك
تحرك للخارج فتح الباب لتشخص عينيه حين رأي وتر تصعد السلم هي الاخري نظرت له مدهوشة قطبت جبينها تغمغم مستنكرة :
- حسن !! أنت بتعمل ايه هنا
وقف للحظات يحاول أن يبحث عن مبرر ما ليقوله فلم يجد شيئا عقله مرهق للغاية فجذب الباب اغلقه بعنف تجاوز وتر وكأنها غير موجودة يسرع للأسفل لتنظر الأخيرة في أثره تقطب جبينه قلقة نظرت إلي باب شقة صفا المغلقة تتسأل تري ماذا كان يفعل حسن هنا صباحا عند تلك الفتاة في شقتها !!!!
تحركت لأعلي سريعا فتحت باب المنزل بالمفتاح لتسمع صوت المرش جبران في المرحاض إذا ...جلست علي أحد المقاعد تحاول تفسير ما حدث حين خرج جبران من المرحاض يجفف شعره بمنشفة صغيرة اقتربت منه تغمغم سريعا ما أن رأته :
- جبران أنا شوفت حسن صاحبك نازل من شقة البت اللي تحت دي ... تفتكر كان بيعمل ايه عندها
ابتلع لعابه مرتبكا لا يجد ما يقوله تجاوزها متجها إلي غرفة النوم يحاول أن يبدو هادئا :
- لما أنزل هبقي اسأله وبعدين حسن مالوش في الشمال ما تقلقيش علي صاحبتك
تحركت خلفه وقفت أمامه تبتسم برقة طوقت عنقه بذراعيها تردف :
- مش صاحبتي بردوا ولازم اقلق عليها .. المهم في حاجة مهمة عايزة اقولك عليها فاكر التحدي اللي كان بينا قبل ما نتجوز
قطب جبينه يحرك رأسه بالإيجاب لتتورد وجنتيها خجلا تلعثمت تردف علي استحياء :
- فاكر لما قولتلي لو أنت فوزت في التحدي وأنا حبيتك أنك هتبعد عن كل القرف دا ونبدأ صفحة جديدة أنا وأنت في مكان بعيد
حرك رأسه بالإيجاب من جديد لتقترب منه تنظر تبتسم تنظر لقسمات وجهه فتحت فمها لتخبره أنها حقا أحبته حين لمحت عينيها خدوش أظافر عند أسفل فكه ورقبته لم ترها من بعيد رفع عينيها إليه تسأله مستنكرة :
- ايه الخدوش اللي علي رقبتك دي يا جبران !!
توترت حدقتيه ارتسمت ابتسامة مرتبكة علي ثغره يغمغم ضاحكا :
- دي قطة واحد صاحبي بهدلتني امبارح .. المهم كملي بعد أنا وانتي في مكان بعيد
ضيقت حدقتيها تنظر له نظراتها تملئها الشك لتتنهد تنفض أي أفكار عن رأسها تردف :
- ماشي يا جبران هصدقك ، لو أنت فعلا كسبت التحدي دا هتنفذ اللي قولتلي عليه
حرك رأسه بالإيجاب في هدوء لترتسم ابتسامة جميلة علي ثغرها تغمغم برقة :
- أنا بحبك يا جبران !!
_______________
حل الصباح وهي لم تنم منذ الأمس ربما لأن جسدها استقبل كمية كبيرة من المخدر في يوم واحد ... شردت عينيها في الفراغ خائفة ذلك المجنون لا تفهم اي لعبة مريضة يمارسها الآن منذ الأمس لم تره فقط بعث لها مع أحد حراسه عربة كالتي تظهر في الأفلام يتراص عليها اشهي أنواع الطعام لم تجرؤ علي الاقتراب منه خوفا من أن يكن وضع به شيئا ليخدرها من جديد ... اغمضت عينيها لعدة دقائق لتستيقظ مفزوعة خوفا من أن يكن هنا حين يحاول جسدها أن ينام تذكره أنها هنا في وكر الشيطان فينتبه خوفا من أن يحدث له شيئا فذاكرة الجسد لا تنسي بسهولة
اجفلت مذعورة حين فُتح باب الغرفة وطل منه عادت للخلف تلقائيا تلتصق بالحائط خلفها تنظر له مذعورة أما هو فابتسم نظر لعربة الطعام ليعاود النظر إليها يردف معاتبا :
- معقولة يا حياة ما كلتيش حاجة خالص من إمبارح ينفع كدة يعني ولما تتبعي من قلة الأكل
مجنون يمارس أحدي ألعابه النفسية تثق في ذلك سيؤذيها سيفعل ...
تقدم خطوتين للأمام يردف مبتسما :
- علي فكرة كدة مراد هيزعل منك مش كنتي بتقوليله بردوا أبيه مراد وأنتي صغيرة كيوت أوي انتي يا حياة
شهقت بعنف تنظر له مذعورة كيف مراد مات أخبرها زياد أنه مات تلعثمت تردف مذعورة :
- مات ... مراد ميت ... زياد قالي
ضحك وليد عاليا ليقترب من جديد حتي صار علي بعد خطوتين منها حاولت الهرب ليمد ذراعيه يحتجزها بينهما هو والحائط خلفها ضحك يردف ساخرا :
- زياد دا ما يعرفش حاجة خالص ... دا كان هيموت ويقتل أخوه عشان ياخد ترقية أنتي متخيلة هو قد ايه مريض !!