رواية أخباءت حبه الفصل السابع والثلاثون
كانت رحاب في شغف كبير
لسماع حديث ساره
التى كانت تقف وملامحها
جامده صلبه وعيناها متسعه
كأنما تتذكر ذلك الماضى البعيد
رحاب تقاطع شرودها :
ساره ...
أكملى حديثك ...
من هو عبد الرحمن...
ساره بهدوء منذ سنوات
طويله ...
حينما كنت طفله صغيره..
أعود من المدرسه ...
وبدأت ساره تروى لها
ورحاب تستمع فى تركيز
شديد ...
وفضول لا حدود له...
******
فلاش باك ...
ساره فتاة صغيره..
ترتدى زى المدرسه ...
تحمل حقيبتها فوق كتفيها ..
تعود من طريق مختصر
للبيت ..
تعود وحدها ...
المدرسه ليست ببعيدة
عن بيتها ...
فجأة تشاهد معركه. ..
اربعه من الفتيه..
يضربون صبى صغير ..
بل يبرحوه ضربًا ..
لقد توقفت وأختبئت فى
خوف ...
ظلت تراقب فى صمت ...
لقد تجمدت فى مكانها ...
كانت حزينه من أجل
ذلك الصبى ..
الذى كانت دماؤه تسيل
من كل جسده ...
ضرباتهم تمنعه حتى أن
يستغيث...
يبدو بأنه فعل شىء كبير
ليضربوه بمثل هذا العنف ..
فى النهاية حملوه ...
ووضعوه داخل حجره
وأغلقوها بإحكام ...
وانصرفوا بعدها ...
لتعدو ساره تجرى فى هلع
وخوف ...
لا تنظر خلفها ...
حتى وصلت البيت ....
ظلت ملامحها جامده ...
ولم تخبر أحد..
كانت تتردد ولا تعمل
السبب ..
فقد كان من المنطقى أن
تروى لعائلتها
ما حدث ...
لكنها أحتفظت بالقصه ...
ربما الخوف هو من
جعلها لا تتحدث..
ظلت ليله كامله تعيد
الأحداث...
ظلت تشاهد صورة ذلك
الفتى وهو بلا حيله
بين أيديهم ...
ظلت تفكر ماذا تفعل ...!
حتى غلبها النعاس...
واستيقظت مع شروق
الشمس ...
لم تتردد ..
لقد انطلقت نحو ذلك
المخزن الذى وضعوا فيه
ذلك الصبى...
حاولت أن تنظر نحو الداخل...
كانت الرؤيه صعبه ..
تساءلت فى نفسها ...
هل ما يزال بالداخل ...
ربما أطلقوا صراحه ...
فجأة
يصدر هذا الصوت من الداخل
( من أنت..؟)
تتراجع ساره وقلبها يخفق..
تتردد فى الهروب...
لقد تأخرت عن موعد
المدرسه ...
الصوت يقترب مع أعين
تنظر من ثقوب الباب
الخشبى القديم ..
يعيد سؤاله :
من انت...؟
ساره بصوت خائف مرتبك
: أنا ساره ...
الصوت : لماذا أنت هنا ..؟
ساره بصوت خافت :
لماذا ضربوك بالأمس..؟
وحبسوك هنا ...؟
ماذا فعلت لهم ...!!
الصوت من خلف الباب :
إذن فقد رأيت ما حدث...
ساره بهدوء :
نعم ... رأيت...
الصوت : ولماذا عدت من
جديد إلى هنا ...!!
ساره : لا أعلم ..
كنت أود أن أخبر أبى بما
حدث...
ولكنى تردت...
ولا أعلم السبب..
الصوت : ولماذا جئت
الآن هنا...!!
ساره : لا أعلم...
ربما تحتاج مساعدتى..
الصوت : فتاة طيبه...
يسود صمت للحظات ..
ثم يعود الصوت :
ما اسمك ...؟
تجيب ساره بتردد :
س..ساره ..
الصوت : أنا عبد الرحمن...
هذا هو أسمى ..
ساره بنفس نبرة صوتها
الخافته : لكنك لم تخبرنى...
لماذا كانوا يضربوك ...؟
عبد الرحمن :
أنهم أبناء عمى..
وهم يضربونى دائمًا...
ساره : ولماذا لا تخبر أباك..؟
عبد الرحمن بصوت حزين
: لقد مات أبى منذ أكثر
من ثلاث سنوات ...
وتزوجت أمى بعدها
بعدة أشهر..
ولم أرآها سوى مرتين
طوال تلك السنوات ...
ساره فى شفقه :
لكن لماذا يضربوك بشده
يتنهد عبد الرحمن :
يتهمونى بالسرقه ...
ساره : كل هذا الضرب..!!
لقد ضربوك بشده ..!!
أنهم أبناء عمك ..!
كان ينبغى أن لا يفعلوا
ذلك ...
وأن لا يصدقوا أنك لم
تسرق ...
ألم تخبرهم ذلك ...
يجيب عبد الرحمن بسرعه
: بلى لقد أقسمت لهم بأنى
لم أسرق...
ساره : السرقه من فعل
اللصوص..والأشرار...
عبد الرحمن بهدوء :
نعم ..
السرقه من فعل الأشرار ...
ولكن ليس جميع من يسرق
لص...
ساره في تعجب : كيف..!!
عبد الرحمن :
بمعنى أنتى قد سرقتهم
بالفعل ...
تتراجع ساره في دهشه
: ماذا ..!
سرقتهم ...!!
أنت لص... إذن...
ينفى عبد الرحمن :
بل هم اللصوص ...
لقد استضعفونى...
سرقوا كل ما تركه أبى
لى ..
وقد حاولت إستراد بعض
حقى...
ساره : وهل تسرق مثلهم ..
هم لصوص ..
اتكون لص كما يفعلوا ..!!
عبد الرحمن فى سخط
: لقد مللت من الحديث معك ...
عليك الرحيل من هنا ...
إبتعدى...
ساره : هل تناولت شىء
منذ أن وضعوك هنا. .
ينفى عبد الرحمن :
لا...
لم أاكل أى شيء...
فجأة
ينزلق من أسفل الباب
الخشبى من ناحيته كيس
بلاستيكى أبيض شفاف
وساره تهمس : حسنًا ...
يمكنك الآن أن تأكل...
يلتقط عبد الرحمن الكيس
قائلاً فى تعجب :
من أين جئت بهذا الطعام ..!
ساره : إنها سندوتشات
المدرسه التى صنعتها لى
أمى..
يبدأ عبد فى تناولها في نهم
شديد ...
لقد كان بالفعل جائع إلى
أقصى حد ...
وهو يقول : هيا ارحلى
من هنا...
حتى لا يراك أحد...
إذهبى إلى مدرستك ...
ساره : لقد تأخرت..
ربما أغلقوا بابها..
هل تريد ماء...
معى زجاجه صغيره ..
لكن لا يمكن لها أن تعبر من
أسفل الباب كما فعلت مع
الطعام ...
بالتأكيد أنت لم تشرب منذ
صباح الأمس...
عبد الرحمن : اشكرك..
أنت فتاة طيبه بالفعل ...
يكفى هذا الطعام الذى
أخذته منك ..
ساره : لا ..
يجب أن تشرب حتى لا
تموت ..
اسمع ..
لدى عبوة بها عصير ..
وفيها عصا صغيره ..
سأدفعها من هذا الثقب ..
وعليك أن تضعها فى فمك ..
وتشرب ..
يبتسم عبد الرحمن :
أنت فتاة ذكيه ...
وتبدأ ساره في تنفيذ
فكرتها...
وتسقى عبد الرحمن الذى
قال فى تعجب : لماذا تفعلين
هذا معى ...!!
لماذا تساعدينى ..!!
ألست خائفه...!!
ساره بهدوء : نعم خائفه...
ولكن كلما تذكرت ضربهم
لك ...
وجلوسك هنا بلا طعام ..
أشعر بأنك تحتاج إلى
مساعده ...
أننى أفعل الخير...
فعل الخير يدخل الجنه ..
عبد الرحمن :
ستكون فتاه صالحه...
ساره : هل ستظل هنا
هكذا حبيس ..؟
ألن يطلقوا سراحك ..
ينفى عبد الرحمن :
أشعر بأن نيتهم هذه المره
هى قتلى...
تتراجع ساره في صدمه
قويه ..
صدمه جعلتها لا تستطيع
أن تنبس بطرف كلمه ...
حتى قطع خوفها صوت
عبد الرحمن : ساره
أننى أرى ملامحك من هنا
أنت فتاة طيبه وجميله ...
عليك الرحيل ..
يكفى ما صنعتيه من
أجلى ..
ساره : أننى عاجزة عن
رؤيتك من تلك الثقوب ...
المكان مظلم ...
عبد الرحمن بصوت قوى
: ارحلى من هنا ...
هيا ...
تبتعد ساره فى خوف ...
وتغادر ..
ويعود هو يستند بظهره
على الحائط ..
ويتأوه فى ألم ...
ويأخذ نفسًا عميقًا..
فجأة ...
تندفع عصا حديديه من أسفل
الباب ...
وصوت ساره بهمس من
جديد : هل يمكن أن تساعدك
تلك العصا على الخروج
لقد حصلت عليه من جانب
الحائط ..
يبتسم عبد الرحمن
: أنت فتاة مجنونه ...
هيا ارحلى ..
وجودك هنا ليس جيدًا ..
أنا...
فجأة تسمع ساره
صوت وقع أقدام ...
لقد كان ابناء عم عبد الرحمن
قادمون ...
فى فزع تفر ساره
وتختبىء...
لتشاهد ما يحدث ...
وما رأته بعد ذلك كان
صادمًا...
فما حدث مخيف ...
وأصابها بالذهول ..
الذهول الشديد ...