رواية آصرة العزايزة الفصل الثلاثون 30 بقلم نهال مصطفي


 رواية آصرة العزايزة الفصل الثلاثون بقلم نهال مصطفى


أحيا على أملٍ أن يأتي الغد الذي ستكبر فيه زهرة عبّاد الشّمس ‏وتدير رأسها الأصفر الصغير في كلِّ الاتجاهات ‏ذاهلة باحثة عن مصدرٍ ما يمدها بالحياة ، خائفة ، مُشتتة 

فثَمّة وجه أكثر من الشمس !!

‏وعندما لا تجد خيارًا أو ملاذًا ‏ستلقي بنفسها تحت ظلال شمسك ، والأحرى بين يديك ‏لتهدأ ، تأمن ، تغفو  ، مثل ما فعلها قلبي معكَ تمامًا  ..


*عنوان الفصل : 

(شمس الحُب لا تنطفئ أبدًا) 🌻

••••••••••••


" قبـل سـاعـة ممـا حدث "


وصل كلٌ من هاشم ونغم لإحدى محلات الصاغـة بمركـز "قنـا" خلال مسافة من الصمت مقدرة بمقدار الطريق .. صف سيارته وبدون التطلع إليها بل كانت عينيه وفكره مُشتتان حول مكالمته الجافة مع رغد التي صفعته بقـلم الرفض ، بعد ما مرت الليالي الخالية منها وأحس بقدرها بقلبـه وتأنيب ضميـره ولكن كيف غروره يسمح لها أن ترفضه ، ألم تكن تنتظره كعادتها ، ألم تكن دومًا ذراعيها مفتوحين لاستقباله !! بل على الأحرى كيف لشخص مثله تربى على أخذ كُل شيء بهـواه يُرفض مثلما رفضته  ، تمـرد ، عاند ، دعس قلبه بكعب حذائه وأكمل في طريق عِناده الذي لا رجعه منه بدلًا من علاج الأمر .. زفـر و قال :


-انزلي هاتي الشبـكة اللي تعچبك خلينا نخلصـوا  . 


اندهشت من طلبـه وأسلوبه ، فجادلته:

-نخلصوا !! ما نفضوها سيرة من أصلوا ؟! بصراحة ربنا مش فاهماك ولا فاهمة راسك فيها أيه !! أنتَ حد چابرك عليّ .. 


سند كفـه على مقود السيارة وهو يتطلع الطريق أمامه :

-هاشم العزايزي محدش يِقدر يچبره على حاجة ..


-أومال أيه !! أصلو بطريقتك دي أنا اللي مش هكمل في الچوازة يا وِلد خالتي !! 


أخرج زفير حُرقته :

-انزلي اختاري شبكتـك يا نغم ..


تأرجحت عينيها باستغراب حول أمره :

-وأنت مش هتنزل !! هروح اشترى دبلة كيف لروحي ؟! هي دي الأصول ؟ 


زفر بامتعاض راسمًا على وجهه معالم الرضا متأهبًا للنزول معها :

-معاكي حـق يا ستي .


شد مفتاح سيارته وهبط منها وسبق خُطاها بخطوتين ، دخل محل الصاغة وجلس على المقعد الجلدي تاركًا أغراضه جنًبا وقال للصائغ  :


-عاوزين أحلى شبكة عِندك للعروسة .


طالعته :

-مش للدرچة دي ، هي دبلة وخلاص .


انغمست نغـم في اختيار دبلتـها بملل لمجرد شيء لامع يكسر شحـوب كفها الباهت وحياتها وانغمس هاشم في تفاصيـل شراء شبكته من قبـل مع رغد التي لم يفارق خُطاها خطوة .. مداعباته المستمرة في اختيار شبكتـها .. تذكر تفاصيـل يومهم عندما شد خاتمًا مميزًا وقدمه لها :


-ده هيبقى تحفة في يـدك .


رغد بخجل :

-هاشم كده كتير بجد كفايه .. هتدفع كتير وأنا مش عايزة أغرمك . 


-يا ستي غرميني وأغرمي في حُبي .. وأنا هتچوز كُل يـوم !! 

ثم وشوش لهـا بمداعبته الاعتيادية : 

-أنتِ هتبقي مراة هاشم العزايـزي ، يعني وجهتي برة وجوة ،الخاتم ده يلمعك بره ، وجوة بقا سبيه عليا .


فاق من شروده على صوت نغم التي اختارت أصغر دبلة بالمحـل بحجم أصبعها ثم نادت عليه باستسلام :


-أنا خلصت ؛ چبت دي !!


نظر في كفها فوجد حجم الدبلة بوزن خفيف للغايـة ، انعقد حاجبـه :

-دي بس !! 


-اه ، أهي تأدي الغرض وخلاص ، مبحبش ألبس دهب ..  


بدون جدال أخرج بطاقته البنكية وأعطاها للصائغ ليأخذ حسابه ثم لملم أشيائه وهو يسألها باحترام وتقديـر لهدوئها وقناعتها :


-متأكدة مش عاوزة حاچة تاني؟! 


هزت رأسها بالنـفي وسبقت خُطاه للسيـارة كي ينهي الحسابات مع الصائغ .. بعد القليل من الدقائق عاد هاشم حاملًا بيده دبلتـها بعلبة صغيـرة ، ففتح باب السيارة طالبًا يدها .. مدت له يمينها ليُلبسها الدبلة بنفسـه ثم قال قبل أن يطالعها:


-كتب كتابنا الجمعة الچاية عشان اجازتي مش طويلة .. اتفقت مع خالي وعمامك على كِده .


طالعتـه بحيرة حول أمره :

-عارفة ، قالولي .. 


ثم قفل باب السيارة وهو يُطعن بخنجر حبـه لرغد الذي بتر شرايين قلبـه التي كانت تمده بالحيـاة وعاد لمقعده ، فسألته :


-هقعد في البيت ولا هرچع معاك ؟! 


رد على سؤالها بجفاء :

-اظبط أموري وبعدين هاخدك ، آكيد مش متچوزك عشان اسيبك أنتِ في بلد وأنا في بلد . 


كاد أن يعيد قيادة سيارته فأوقفه سؤالها :

-أنتَ ليه غيرت رأيك ورچعت تُطلبني تاني !! في حاچة مش مريحاني عاوزة أفهمها !!


رد باختصار :

-وأنتِ لو مش مرتاحة وافقتي ليه !! 


انفجرت بوجهه تشكو همها الذي فاض مكياله من صدرها  :

-وافقت عشان زهقت من زينة وبيت خالي وحياتي الكئيبة يا هاشم ..  وافقت عشان تعبت من الوحدة ومن حيطان أوضتي اللي شققت من كُتر الدموع ، وافقت عشان عاوزة اسيب العزايزة وأمشي ومحدش يعرفلي طريق .. وافقت عشان مش قِدامي غيرك يخلصني من السجن اللي عايشة فيه !! 


سحب منديلًا وقدمه لها وهو يزفر بكلل ، بات حِمله حملين !! أيحزن على رغد التي أراد استبدالها بغيرها كي ينساها ويُرضي كبريائه !! أم نغم التي تبدو أمامه كمبني منهار يلزم ترميمه !! نغم التي تعامله كأنه طوق النجاة الآخيـر لحياتها البائسة !! أم يغتال عقله وقلبه اللذان خضعا تحت أهداب إمراة كان سيحارب الجميع لأجلها !! إمراة قُربها لا يحمل إلا الخسائر !! طرد كل أفكاره المشتتة بنفسٍ طويـل وأتبع مسار عقله الذي قاده لأعتاب ابنة خالـته " نغم " كي يبدأ معها حياة جديدة ، تاركًا رغـد على ذمته التي لم يهن عليه إطلاق سراحها من آسره .. أشعل سيجارة أخرى ، متكلمًا بالصعيدي :


-طب أنتِ أيه عيبكيكِ دِلوق !  


رمقته بعينيـها الحائرة وهي تُجففهما:

-خايفة !! جوازة أيه دي اللي بعد أيام وأنا وأنت منعرفوش بعض غير بالشكل ؟! حتى متربناش مع بعض زي ما زينة اتربت وسطيكم  عشان أعرف طباعـك !! حياتي كُلها كانت في الكُتب والمذاكرة وحياتك كلها كانت في الحربية ، كُنت اسمع عنك سمع !! 


ثم نظرت الجِهة الآخرى وأتبعت :

-كله عيقول هاشم واعر ، وعصبي مخوفيني منك ..وأنا  خايفـة كلها أيام ويتقفل علينا باب واحد مع راجل كل كلامي عنـه سمع ! 


ما نفع النورِ في أعيُن أظلَمت؟ مال ثغرة جهة اليمين بضحكة ساخرة :

-عمري ما كُنت اتخيـل ان هاشم العزايزي يتچوز واحدة عشان يكون لها طوق نچاة وبس .. 


عاندته مُحافظة على كبريائها :

-وأنا عمري ما اتخيلت إني اتچوزك أصلًا ، أنا لا عايزة چواز ولا نيـلة .. بس الظروف حكمت ..بس لو مش عاوز يبقى بلاها سيرة . 


دعست على غروره فأراد أن يثبت لها العكس ، هبط من سيارتـه بنيرانه التي باتت تحرقـه من كُل صوب وحدب وهو يفتح باب السيارة ويطلب منها بهدوء يخفي عواصفه أن تنزل  ،  دلفت باندهاش وهي تتبع خُطاه لمحل الصاغـة ململمًا شِتات نفسـه وقال للرجل :


-عاوز شبكة كاملـة للعروسة  .. 


ثم نظر إليها بدون أي تعابير واضحة :

-مراة هاشم العزايزي مش أقل من أي واحدة في العزايزة … متصغرنيش وتصغري روحك قِصاد حد … 


••••••••••••

~اسكندريـه ..


-أنتِ جرالك أيه ؟! ما كفاية يا ليـلة كل القسوة دي عشان بس اتجوزت !!


رمت ليلة هاتفها بالحقيبـة بملل وهي تتأفف :

-اتجوزتي في السر يا مامي .. 


ربطت "نادية " حزام روبها الشتوى حول خصرها:

-في الأول والاخر اتجوزت ابن عمي .. الدور عليكِ يلي ماشية مع واحد مش عارفين له أصل من فصل .. واحد بيستغلك .


-مامي لو سمحتي أنا مش ماشية مع حد ، وهارون شخص محترم وأنا وهو صُحاب وبس ..


وقفت نادية أمامها لتبُخ سمها:

-أنتِ فاكرة إنه ممكن يكسر أعرافهم عشانك!! الولد ده بيقرب منك عشان مصلحة هو بس اللي عارفها، ليلة أنا أمك وخايفة عليكي ابعدي عنه..


ثم صرخت عليها:

-أنتِ متعرفيش شريف بيقول عليه أيه!! ده بلطجي وبيتحامى بالقانون اللي دارسه .. 


وقفت مدافعة عنه ببسالة:

-أهو هارون ده برقبة ألف زي شريف، شريف اللي كل حياته بنات وعك حتى وهو خطيبي وكنت بعدي ومستحملة عشان حالتي الصحية  وبس …


ثم أخذت نفس :

-لكن هارون هو الوحيد اللي وقف جمبي واتقبلني زي ما أنا ، خلاني احب ليلة ، احب ليلة زي ما هي مش زي ما أنتوا بتكرهوني فيها طول الوقت .


سالت الدموع من عينيها وأكملت بحرقة :

-مش هكذب عليكِ يا مامي ، اه اتشديت له وبتمنى يكون نصيبي، بس الطريق بينا مستحيل ، طريق موت .. عشان كده عايزاكي تطمني ، أنا وهارون صُحاب وبس .. وأنا راضية المهم يكون في حياتي ..


ثم تناولت حقيبتها بنفور :

-عندي تصوير ، بعد اذنك …. ياريت تطلعيني من دماغك أنا عارفة بعمل ايه، انا مبقتش ليلة اللي مستنية حد يمشيها ويقولها روحي فين وتعالى.. 


زفرت " نادية " بكُره شديد ناحية هارون الذي خلق من قربه نِمرة صغيرة تهجم على كُل من يعيق خُطاها، صفعت " ليلة" الباب بقوة فـ لجأت نادية لرشدي لتستعين بهِ:


-ألحقني يا رشدي !! ليلة بقت واحدة تانيـة .. اللي اسمه هارون ده لعب في دماغها وقواها عليا .. 


وصل رشدي لمكتبـه الكبير بمجال المُحاماه وهو يجلس على مقعده الجلدي ليقول :

-لسـه مكلم الشناوي يوقف المهزلة دي وبرنامج ليلة .. رفض وقال لي ده شغل والبنت عاملة شغل جامد وو 


ثم أشعل سيجارة ورماها بفمـه :

-وخدي دي ، اللي اسمه هارون العزايزي هو اللي ممولها البرنامج العبيط بتاعها ومكلم حد تقيل فـ الإذاعة والتليفزيون مساندها  ، فاكر نفسه هيأكل عيش من وراها .. 


ثم نفث دخان سيجارته:

-هو اللي اسمه هارون ده عايز من واحدة هبلة زي ليلة ايه ؟!


رمت نفسها على المقعد :

-مش عارفة مش عارفة يا رشدي .. كُل حاجة اتقفلت في وشنا فجأة .. 


هز رأسه :

-متقفلتش ولا حاجة .. ابتديتي تديها الحبوب !! 


-مش بتاكل أي حاجة في البيت ، ولا بتقعد معايا على سفرة واحدة … وكُل أكلها من بره ، البنت اتغيرت خالص يا رشدي ..


-يبقى تتصرفي يا ناديـة !! زي ما أنا هتصرف وههدلها البرنامج بتاعها مع أول حلقة هوا ليها .. أنا مش هضيع نفسي عشان واحدة تافهه زي ليلة .. الناس عايزة تشتري الأرض دي النهاردة قبل بكرة …


••••••••••••

~العـزايـزة . 


"-علشانك يحصل يا ليلة .. "


من مطلع هذه الجُملة التي أوقفت زينة تتجسس على أعتاب غرفته و التي قالها هارون حتى نهايـة مكالمته مع ليـلة ودخول زينة الذي أشعل نيران الغيرة بقلبهـا إثر حديثه المعسول ورقته مع صاحبة الحواديت التي تبغضها .. ارتدت قنـاع الخبث ووضعت بعض النُقط الطبية بالعصـير التي استدلت على اسمها عن طريق الانترنت .. حتى سمح بدخولها ودار الحوار البغيض بينهمـا ، فشرب هارون العصير الذي أكدت عليه أنه من صنع يد فردوس ، فلم يصل لتفكيره لمستوى حقارتها وما تنتويه ، ما لاحظت تراقص جفونه بعد جولة طويلة من الثرثرة هرولت لتقفل باب الغُرفة عليهـما وهو يسألها بدوران :

-حاطة أيه في العصيـر يا بت !! 


ألقت نفسها بين يديه لتجعل صورتها آخر شيء يراه  وهي توشوش له بإغواء  :

-أنتَ عارف أنا لو اتجوزت غيرك ممكن أروح فيها .. هارون أيه حكايتك مع البت بتاعت الحواديت دي !! أنا بحبك ورايداك .


دفعها عنـه بتعب وعدم اتزان وهو يتمسك برأسه ويقاوح تغيب عقله :

-ابعدي يا زينة .. 


رمت نفسها بين يديه وهي تسحبـه لفراشه رغم إنه يقاوم ينفر منها حتى غلبه المخدر وألقى نفسه بدون وعي على السرير ، جردته من سترته العلوية ورمتها بالأرض ، ثم هرولت لتمحو أثر جريمتها وتغسل الكوب جيدًا ، ثم قامت بإخفاء الزجاجة الخاصة بالمخدر بأحد الأماكن المتوارية بالغرفة .. ثم عادت لعنـده ونزعت عباءتها لتظهر تحتها قميصًا باللون الأصفر يصل لتحت رُكبتها .. بعثرت شعرها ثم ركضت عائدة للحمام تبحث عن حد شفرات الحلاقة ، وتعود لفراشه من جديد .. رمقته بمكر :


-أنتَ اللي اجبرتني أعمل كِدِه يا هارون .. أنا مش هسيبك لواحدة تاخدك مني مهما حصل .. أنا مراة الكبير وبس. 


تركت زجاجة عطره بجانبها وبدون رأفة بنفسها قامت بشق جرح صغير بقدمها فتسـربت منه قطرات الدماء على مفرشـه .. فضت قطرات دماء الجـرح ثم تناولت عِطره لتوقف النزيف من رجلها ولفت حجابها حول قدمها حتى تتخلص من بقايا جريمتها .. أرجعت كل شيء بمـكانه ثم عادت لتنام على ذراعـه ، تفقدت ملامحه عن قُرب ، تجرعت الكثير من القُبلات التي لا تحق لها ، طبعت حُمرة ثغرها على أجزاء صدره ظلت تغمغم باسمه ليصحو ويشاركها لحظاتها المريضة ، ثم توسدت صدره  متأملة أن يستيقظ ويجدها بين يـديه وهي تُمرر كفها بوقاحة على صدره وبطنه  .. 


ولكن كانت صدمتها الغير متوقعة بدخول " صفيـة " التي أفشلت مُخططها …. 


~عـودة للأحداث الحاليـة … 


قفلت صفيـة الباب خلفها وهي تسحب زينـة من شعـرها بدون رحمة :

-الله يخربيت سنينك ، وأنا اللي قولت تلاقيه مدهاش وش غارت مشت على بيتهم !! يخربيتك وبيت أمك ..عتعملي أيه في سَرير ولدي! 


انفجرت زينة في عواء الذئاب بدموع التماسيح وهي تُقبـل يدها بتوسل :

-أحب على يدك يا عمة متفضحنيش .. والله مدرتش بروحي غير بعد اللي حصل ما حصل .. هو هو اللي قالي تعالي مقدرتش و


صفعتـها صفية بدون شفقة على حالها:

-اكتمي يا بت !! اكتمي هارون ميعملهاش ، ولدي متربي ، أنتِ الناقصة قليلة الحيا .. عملتِ أيه يا حزينة !! هارون قوم يا هارون شوف الوقعة المنيلة دي ! 


فاق هارون من نومه على صوت صراخهم وهو يفرك في جفونه بتعـب وينهض بثقل يصدح برأسه :

-مالك عتصرخي ليه يا صفية !! هو فيه أيه ؟! 


رمت زينة بالأرض واندفعت نحوه :

-قوم ، قوم يا ولد بطني وشوف النصيبة اللي عملتها !! لا لا وألف لا متطلعش منك يا هارون .. ولا عملتها !! يا مري يا مري حتى أنتَ يا كبير يا عاقل !! 


-حُصل أيه بس يا ما !! 


زحفت زينة لترتدي العباءة على جسدها ووتركها مفتوحة من الأمام .. ثم ارتمت تحت قدمي صفية :

-أوعى تقولي لأبوي يا عمة ، ورحمة أبوكي استري عليّ ..ديه يموتني فيها !! خلي هارون يصلح غلطه ويكتب عليّ لكن مايفضحنيش .. 


انفرجت عينيـه تُراقب الأوضاع حوله ، زينـة وهيئتها المشبوهة ، قطرات الدماء التي تُلطخ فراشه ، صدره العاري المزخرف بحمرة نسائية .. فزع قائمًا :

-في ايه !! والبت دي عتعمـل أيه هِنه يا ما .. أنتِ عملتي أيه يا بت !!  


ثم أتبع بصدمة :

-يانهار أبوكي مش فايت !!


لطمت على وجهها وضربت الأرض بتصنع :

-يالهوتي يا لهوتي ، أنت نسيت ، يا عمة ياعمة هو اللي قال لي تعالي وكمني كِده كِده هبقى مرته .. وانا معرفش سلمت نفسي كيف ولا كان فين عقلي .. هارون قول الحقيقة !! 


وقف هارون مذهولًا من وقاحتها  :

-البت دي بتحور يا صفية !! أنا ملمستهاش !!


ثم صرخ عليها وهو ينزل لمستواها :

-بت كُنتي حاطة أيه في العصير !! انطقي.. وايه الفُجر اللي أنتِ فيه ديه !! 


ندبت صفية على وجهها :

-كيف كيف ملمستهاش ، طب واللي شوفته بعيني !! هتكدبني يا هارون هتستعماني !! ليه تفوت في الحرام يا ولدي ما كانت قِدامك وهتبقى حلالك ..


انفجر بوجه امه مشتتًا والصداع ينخر برأسه من أثر المُخدر :

-صفية أنتِ هتعومي على عومها ، أنا ملمستش البت دي !! البت دي كدابة وملفقة الحوار من راسها ، ولو متعدلتش يمين الله لأكون دافنها حيـة وما هيهمني حد .. 


ثم قبض على معصمها موبخًا وهو يرجها تحت يده:

-بت اتعدلي .. عملتي كِده ليه !! أنا مش عيل صغير يضحك عليـه   ! فُضي المسخرة دي !! قبل ما أروح فيكي في داهية وأنتِ متساويش تلاتة تعريفة .. 


دفعتـه زينة بكُل قوتها عندما أحست ببوادر فشل خطتها ، فعندما وصل آذانها صوت نداء "خليفة" انطلقت كالصاروخ لعنـده فلم يتمكن أحد من إيقافهـا .. توقف هارون بمنتصف غرفته حائرًا مشتتًا ، ممسكًا برأسه التي كادت أن تنفجـر :


-صفية وقفي بت أخوكي وبلاش فضايح البت دي فچرت ، أنا مقربتش منيهـا .


جاءت زينة من أعلى وعباءتها تُرفرف خلفها لترمي نفسها تحت قدمي خليفة مترجيـة بصراخ :

-يا عم ألحقني أنا واقعة في عرضك استرني .. ولدك ولدك .. انصفني يا حچ خليفة دي شرف ولاية .. 


صاح هارون من أعلى :

-متصدقهاش يا أبوي دي كدابة .. وحشي الكلام  بدل ما أچي أحش رقبتك يا بت  .


خرجت هيام من غُرفتها على صوتهم المدوّي ، وجاءت فردوس راكضـة من المطبخ وبيدها بشكيرًا  لترى ما الأمر الذي أشعل أصواتهم فجأة .. 


-حُصل أيه يا بتي؟!


نظر خليفـة لزينة التي تتبجح تحت يده :

-هارون هارون غواني وأنا غصب عني اتعميت وطاوعته وحصل اللي حصل .. وبينكر ، نكر كُل اللي حُصل بعد ما خد غرضه مني يا حچ .. 


ضربت أحلام على صدرها وهي تضع حدًا لسخافتها :

-هارون ما يعملهاش ، قومي يابت  استري نفسك وبطلي رمي جتت .. هما اللي اختشوا ماتوا ، قومي قامت قيامتك .. 


نظرت لها ببجاحة وهي تبكي بزيف :

-عملها ، عملها يا عمتي .. الشيطان حضر وعمانا إحنا الاتنين .. دِلوق مين هيدفع التمن !! أنا لوحدي وهو واقف ينكر كأنه معملش حاجة؟!


فأكملت صفية المدلفة من أعلى بصراخ لتفهم هيام ما حدث : 

-دخلت عليهم وشوفتها نايمة في حضنه يا أحلام واللي حصل ميتحكيش ، طب أصدق مين واكدب مين !! 


لكزت أحلام زينة بكتفها بقوة  :

-لو حلفتي على المية تچمد بردك كدابة ، هارون تربية يدي ميعملهاش .. ولو عمتك هتصدق عنيها أنا مش هكدب تربية يدي .. قومي فزي واختشي على دمك . 


نظر خليفة لهارون الذي يستشيط غضبًا :

-هارون أيه اللي حُصل ، انطُق يا وِلدي  !!


رمقها بنظرات الخسة:

-مش عارف ، ولا فاكر بس اللي متأكد منيـه انا ملمستهاش ولا چيت يمها يا أبوي.. 


ثم صرخ عليها :

-بس شكلها عاوزة تتربى وتشوف وش هارون التاني .. كُنتِ حاطة أيه في العصير يا بت ! 


بجحت بوجهه وهي تخر دموع الكذب :

-محصلش ، واللي عمتي شافته !! أنا هتبلى عليك ليـه يعني !! شايفني واقعة !! ياريتني ما طلعت يا ريتني ما هوبت ناحيتك !! طب كُنت استنيت لما أبقى حلالك…ما أنتَ رايدني سبتني ليه! 


زفر هارون باختناق:

-ياصبر الصبر ، بت بزياداكي مسخرة..وقلة عقل .. أنا حايش نفسي عنك بالعافية ومش عاوز أعمل عقلي بعقلك ..وعزة وچلالة الله اقتلك بيدي! 


زعق خليفة:

-هارون ، مع إني واثق في ولدي ميعملهاش، بس الشيطان ….


قاطعه هارون بحزم :

-ورب العزة ما لمستها يا أبوي !! أيه هتعرفوا أكتر مني ، هتجننوني !! البت دي كدابة .. ولو متعدلتش واللي خلق الخلق هعدلها أنا وماهخلي فيها عضمة في مكانها ..  


واثق الخُطى يمشي ملكًا ثم نظر لها بتحدٍ:

-طب قومي هوديكي مستشفى يكشفوا عليكِ، ولو اللي عتقوليه صُح ، هكتب عليكي الليلة، لكن أنا مهوبتش منيها .. وهثبتلكم كِدبها دِلوق .. 


اهتزت زينة لفشل خطتها الدنيئة ، وقفت البومة تنوح بوجهه وتندب حظها:


-يا مري يا مري يا هارون عاوز تفضح وتجرس بت أخوي !! واللي مايشتري يچي يتفرج علينا !! عاوز تعرف سرنا للخلق ..لا لا يا هارون بت أخوي ميحصلش فيها إكده .. أنت تصلح غلطك وتكتب عليها الليلة .. 


ثم نظرت لخليفة مدافعة عن ابنة أخيها:

-هي البت هتفضح نفسها ليه يا حچ خليفة دي عاوزة ستر ربنا ، وحصل محصلش بت خاله وماينفعش يفضحها دي لو شافها عريانة يغطيها ..لكن دكاترة ومستشفيات لا .. ميرضنيش . 


رمقها هارون بعدم تصديق لما يسمعه والنار تفور بجوفه :

-أنتي عتقولي أيه يا ما!!! زينة دي لو آخر واحدة في الدِنيا ما هتكون مرتي ولا هتتكتب على اسمي هي چابت الآخر … كُنت عارف أنها قليلة عقل ، لكن طلعت قليلة عقل ورباية … 


صاحت صفية بوجهه:

-بت أخوي متربية أحسن تربية و مش هتتكشف على دكاترة يا هارون، أنا اللي هقف لك!! 


زحزح أمه عن وجهه وانحني ممسكًا بمعصم زينة ليجرجرها بعنف متجاهلًا صوت الجميع وصرخاتهم ، توجه نحو غرفة أحلام ورماها بمنتصف الفراش فلملمت ملابسها بخوف مزيف :


-أنت هتعمل أيه مش مكفيك اللي عملته فوق؟


-خفي أوهام وقرف، عشان أنتِ لو آخر مراة قصادي يدي ما هتطولها  .. 


ثارت النيران بعيونه ، فدخلت صفية تترجاه ، فصاح هارون :

-اكتمي ياما .. ومش عاوز اسمع حس مرة. 


ثم زعق بأعلى صوته لأحلام المُقبلة عليهم :

-أحلام !! تعالي اكشفي على البت دي وشوفيها صادقة ولا كدابة .. 


ثم حدجها بعنفوان والنيران تثور من عينيه  :

-كدابة يبقى تتربي ومحدش هيربيها غيري ، صادقة يبقى شوفوها غلطت مع مين وچاية تلبسهاني .. جاتك القرف .. 


صرخت بوجهه :

-وديني لأروح المچلس وأحكي لهم كل حاجة، أنا مش حسيب حقي يا هارون ، أنتَ عتنكر أيه !! وليه !! حرام عليك دا أنت عندك أخوات بنات .


-سكتيها ياما وإلا هخرسها عمرها كُله .. أنا حقيقي ما شوفتش في بچاحتك !! وحايش نفسي عنك بالعافية..


ارتمت زينة في حضن عمتها :

-الحقيني يا عمة ، حرام عليكم كفاية فضايح ، يقطع الحُب وسنينه .. دي وعدني أنه عمره ما هيتخلى عني .. حوشي عني انا زي بناتك ..


أشارت أحلام لهارون أن ينتظر بالخارج ، فتدخلت بينها وبين صفية  وابعدتها عنها  ولفت شعرها حول كفها بعنفٍ فصرخت زينة من شدة الوجع :


-حرام عليكي يا عمتى ، وربنا ما عملت حاچة ! عتقتليني ليه!


-حُرمت عليكِ عيشتك يا بت صالح ، بصي لي يا بت ،هارون مهوبش ناحيتك وقلة الحيا دي لو مبطلتهاش هربيكي أنا عشان شكلها أمك معرفتش تربيكي .. 


ثم شدت على شعرها بعنف أكثر ورمتها على السرير :

-لكن ترمي بلاكي على هارون عشان يتچوزك ولا في أحلامك ؛ ومش هكشف عليكِ عارفة إنك كدابـة وحيـة ، ومش هقبل أن هارون يتچوز واحدة سماوية زيك .. 


تدخلت صفية مدافعة عنها :

-وهي هتكدب ليه يا عمة أحلام ، ديه كلام فيـه كِدب !! دي تطير فيها رقاب ، أنا شوفتهم بعيني وهي ..


قاطعتها أحلام بحدة :

-أنا مش هجيب صفية تاني في بيتي كفاية عليّ أنتِ وخوتتك .. و أنتِ لو ربيتي كُنتي هتفهمي يعني أيه ولدك ميعملهاش، لكن معذورة أنتِ مكنتش فاضية غير تحبلي وترمي لي في عيال اربيها .. 


خرجت صفية عن ثوب احترامهـا أمام أحلام قائلـة : 

-على الأقل كُنت له أرض خِصبة  ، غيري كانت بور معرفتش تچيبله ضُفر عيل ، يعني ولا تچيبي ولا تربي !! أومال حُرمة كيف !! 


تلقى الصَدمة عنها خليفـة وهو يصرخ باسمها :

-صفيـة !! 


قفز الرعب بقلبها عندما رأته أمامها كالجبل ، خلال خمسة وثلاثين عامًا لم يقبل بإهانة واحدة بحق أحلام ، هرولت صفية لعنده بذعر أرنب وهي تبرر ما قالته ، فـلم يستمع لحرف منها بل أخرسها بلطمة قويـة على وجهها وهو يقول :


-لولا الزن اللي كان على وداني مكنتش هتچوزك ، ومن يوم ما دخلتي البيت ديـه وأنتِ عارفة دورك زين .. لكن تغلـطي في ستك وست العزايـزة احطك تحت رجلي يا صفية ولا هيهمني حد .. أنتِ عارفة أحلام خط أحمر وهي اللي مصبراني عليكِ واللي يغلط فيها كأنه غلط فيّ ، روحي وأنتِ طـ 


تدخلت أحلام بينهم لتهديـه كي لا يسبقه سيف شيطانه ربتت على كتفه :


-استهدى بالله يا حچ ، دي عيلة صغيرة من ميتى عناخدوا على كلامهـا بس.. متعكرش دمك .. مش بعد العُمر ديه كُله ياما استحملناها .. 


انضم هارون لـ أبيه بعد ما سمع إهانة أحلام من أمه  وانضمت لهم هيام وهيثم الذي جاء ركضًا من الحديقـة ، صرخت صفية بوجهه :


-دِلوق طلعت صفية وحشة ، صفية اللي خلفت لك اربع رچاله يشهلوا بلد !! هي دي كتر خيـرك يا صفية وهو ديه رد الچميل يا حچ  !! 


تدخل هارون وضم أحلام وقبل رأسها  وحضنت هيام أمها :

-حقك عليّ أنا يا أحلام ، -ثم نظر لأمه- استهدي بالله يا ما حصل أيه ؟!


طافت عيني هيثم بالمكان فوقعت عينيه على زينة التي تقفل أزرار عباءتها وقال بعدم فهم :

-هو فيه أيه !! وزينة مالها .. 


حسم خليفـة أمره مستغفرًا ربه متراجعًا عن قرار طلاقها  :

-مش عاوز اشوف وشك قِدامي لغاية ما أنسي الزفت اللي قُولتيه .. وتحبي على راس أحلام دلوق ويكش بس تسامحك .. 


ثم نظر لزينة التي ترتعد من بعيد  بحدة :

-وأنتِ روحي روّحي بيتكم لغاية ما نشوفوا هنعملوا ايه في نصيبتك دي.. 


كاد هارون أن ينفجر ، أن يُعارض أمره ، أن يبتره .. فجاءت فردوس تركض بخوف:

-حچ خليفة في ٤ رچالة من خفر المِچلس عاوزينك أنت وسي هارون ضروري .. 


-وأنتِ تعالى ، حسابك لسـه مجاش .. 


اخترق الجميع مندفعًا نحو زينة بزعابيب غضبـه  وسحبها كما تُسحب الأغنام متجاهلًا نداءات الجميع وصراخهم وصراخها وتشبثها بيده وتوسلاتها ، وتعرقل خُطاها ، فزعق صائحًا بها:


-مسمعش حِسك …


لم يلتفت لنداء أبيه لأول مرة بعمره ، وتوسلات أحلام وصراخ صفية ، وتدخل هيثم الذي حاول أن يمنعـه ، فتح أحد الغُرف الصغيرة ورماها بداخلها بكُل قوته وأحكم غلق الغرفة بالمفتاح صارخا بفردوس :

-فردوس هاتي لي چلابيتي من فوق .. 


انهالت ضربات زينة على الباب المقفـول بتوسل وصراخ ، فزعق صوت قدرها الذي أراد أن يعيد تربيتها من جديد وكي يضمن أنها لا تُحدث أي فوضى عليـه .. فـرعد صوته الصارم وهو يرمى المفتاح بجيبه :


-ورب العِزة اللي هيهوب ناحية الأوضة  دي هحبسه مطرحها ، ولو أبوها سأل عليها قولوله عُمدة البلد هيربيها عشان شكلك معرفتش تربيها .. وأنا ميرضنيش بت في العزايزة بالحال ديه !


ثم زعق صارخًا :

-سامعيـن  !! 


فصرخ عليهـا بتوعد :

-يمين الله ما حد هيفلتك من تحت يدي غير عزرائيل يا زينة ، وأدعي يجي لك قبل ما أرجع لك …. 


شجعته أحلام هاتفة :

-ينصر دينك ويد اللي ربتك ، خليها تتربى قليلة الرباية دي .. 


••••••••••••••••••


دخلت "أسماء" زوجة صديق غُرفة نجاة المقفولة بالمفتاح بعد ما عاد صغيرها من آخر امتحان له بالترم ، وبيدها مائدة الطعام.. فركضت نجاة لاستقبل ابنها وتقبله وتطمئن عما فعله باختبار اليـوم .. قفلت " أسماء" الباب خلفها ووضعت الطعام على الطاولة وقالت بخوف يتقاذف من ملامحها :


-روح يا مازن غير خلچاتك عشان تأكل .. 


ثم لاحظت " نجاة "نظرة من عيني أسماء تحمل التساؤل، ربتت على ظهر ولدها:

-خش الحمام غسل يدك يا حبيبي وتعالى ..


ثم وقفت أمام أسماء:

-مالك يا أسماء !! أنا ماليش ذنب في كُل اللي بيُحصل ولا عاوزة أخرب عليكِ..


هزت أسماء رأسها متفهمة:

-عارفة يا نچاة….


ثم أخرجت الهاتف من جيبها بحذر:

-خدي كلمي رؤوف لو عاوزة تمشي من إهنه، كلميه يلحقك .. سمعت أنه عاود أجازة، وكل يوم بيستناكي قصاد البيت .. لو روحت لعمدة مش هخلص من شر صديق ، اتصرفي أنتِ..


ثم ارتعشت وأكملت:

-خُدي ولدك واهروبي معاه ، ومتظلميش روحك مرتين ولا تخربي بيتي .. اختاري نفسك يا نچاة وابعدي عن صديق وتحكماته …


فوضعت الهاتف بيدها :

-هأخد مازن بره لغاية ما تكلميـه ، بالله عليكِ ما تعوقي وخلي بالك …. خليه يجي يلحقك ، صديق شغال بيده وسنانه في بيتكم الچديد … 


•~عودة لبيت خليفة العزايزي .


-غلطت يا هارون ، كُنت سبت البت تروح على بيتهم .


أردف خليفـة جملتـه وهو يتحرك مع ولد صوب السيارة متجهين لطلب المجلس ، فأجابه هارون بفتور :


-بت قليلة الرباية ، مضمنهاش لو مشت ممكن تعمل أيه .. بس هروق لها .. لازمًا تتربى يا أبوي . 


تأفف خليفـة بضيق :

-البت عقلها شَتّ منيها ، بقيت تتصرف كيف العيال الصِغيرة ..


فتح باب سيارته وصعد أبيه بجواره ، فـ رد عليه هارون :

-دي مش مچنونة دي واعيـة ومخططة هي هتعمل أيه !! دي لازمًا توقف عند حَدها ويتكسر عضمها ، هي حصلت البچاحة تحطلي حاچة في العصير وتغفلني !!


ثم تحرك بسيارته متوعدًا :

-طب يا زينـة ، أنتٍ اللي اخترتي الوش التاني لهارون ..


تطلع له خليفة بمكـر رغم علمـه بالجواب :

-أنت عملت إكده ليـه يا هارون ، ليـه عاوز تلغي چواز الدم وأنتَ عارف أنه ماينفعش .. أيه طلعها في رأسك .. 


نظر لأبيه مختصرًا الجواب : 


-كله لازم يتغيـر يا أبوي ، أحنا عزايزة مش عبيد تحت ضرس أعراف ومجلس ، كُل واحد حُر ، أديك شايف الأمراض المنتشرة في النجع الغربي ومش هنخلصـوا .. كفاية ولا أيه !! بالحال ديه العزايـزة هيضيعوا ..


سأله بشـكٍ :

-وبس !! وكان فين الكلام ديه من زمان !! أنتَ نسيت أن دي الأمانـة اللي أمنتهالك من الساعة اللي مسكت فيها الحُكم !! نسيت كيف العزايـزة اتهانوا في أول عهدهم ومحدش كان راضي يناسبهم !! نسيت رميتهم في الجبل وهما منبوذين من أهل البلد !! أحنا مطلعناش من راسنا جواز الدم ، ديه اتفرض علينـا فرض .. 


زاد هارون من سُرعة سيارته وهو يطالع الطريق ويجيب باختصار :

-الزمن بيتغير يا بوي وبينسي ، العزايزة دِلوق بيقيوا أسياد الصعيـد وألف مين يتمنى يناسبهم .. 


لجأ خليفـة للصمت وهو يُتابع تصرفات ابنه الذي يُحركه قلبـه وهو يملك مُفتاحـه ، ظل مترددًا حول حقيقة إخباره بأنه لا يوجد داعي لتغير أعراف ، فحبيبتك كُتبت لك بالسماء قبل الأرض !! ولكن ماذا يحمـل مجيئها ، أي ذنب ستغفـره غُفران !! ذنب خطأ أبيها وأمها !! أم ذنب القتلى أعمامها !! أم ذنب أعراف فرضها الزمان !! أم ذنب صمتي طوال هذه الأعوام ! أم ذنب هارون الذي يشق الصخر لأجلها وأبيه جالسًا من بعيد يُراقبـه بصمتٍ !! أي ذنب سيُغفر بعودتك يا غُفران !!! 


وصل هارون وأبيـه إلى مقر مجلس العزايـزة ، ومن بين صفوف الازدحام والتكدس تسلل هارون وأبيه وهو يتجاهل أصواتهم الصاخبة حتى دخل لقاعة المجلس الذي يتكون من كبار أعيان العزايـزة .. ثار الجميع حول هارون :


١-أنا قلت لكم هيخربها بتاع القانون ديه ؟


٢-ديـه عاوز يمشي الدِنيا على كيفه !!


٣-مفيش دم غريب هيخش بيناتنا .. واللي مش عاجبه يسيبها ويتوكل على الله يغور .


١-مكنش له مسكة من الأول يا رچالة ..


٤-تلاقي العمدة عجباه بت من عيلة تانية لعبت في نفوخه ورايـدها ..


جز هارون على فكيـه وهو يجلس بجوار أبيه :

-يا صبـر الصبـر …. 


•~بمنـزل خليفـة .


بعد عودته من محلات الصاغـة وصل نغم لبيتها ، وعاد حاملًا ثُقل جبال على كتفه ، تساءل حول صراخ زينـة الذي لم يتوقف بالغُرفة حتى شتته أحلام عن معرفة الحقيقة وسحبته لغُرفتها وقفلت عليهما : 


-مالك أنتَ كمان ، واخد في وشك وزاعق !!


أردفت أحلام سؤالها على مسامع هاشـم الذي جلس بجوارها بتأفف بضيق ، توقفت عن التسبيح منتظرة رده ، تنهد هاشم بكلل:


-تعبان والله يا أحلام ..


-سلامتـك يا حبيبي ، طب أحكي وفضفض لأحلام .. أيه البت نغـم زعلتك !! دي غلبانة والله . 


طافت عينيه بأرجاء الغُرفـة باختناق وهو ينزع ساعـة يده وهدية رغد المُفضلة عنده ، لتقرأ الحيرة والتشتت بعينيـه ، وربتت على رُكبته :


-قول يا حبيبي متشغلش بالي عليك … 


نظر بجُرأة في عينيها :

-أحلام أنا متچوز .. 


قفلت جفونها للحظـة تحاول استيعاب ما سمعته:

-عتقول أيـه .. !!


زفر كأنه يخرج حملاً من صدره :

-من سنة ونص واحدة عجبتني وحبيتها في مرسى علـم واتچوزتها على سُنة الله ورسوله .. بس لسه العقد متسجلش عشان ظروف  شُغلي .


سايرته في الحديث تحت ضباب دهشتها :

-وماله عقد عُرفي عالسنة  !الف مبروك .. وبعدين . 


فرك بدايتي عينيـه :

-عارف إنك مش مستوعبة اللي عقوله ، بس ديه اللي حصل ، ولمـا رفضت چوازة نغم الأول ديه كان عشان مش عاوز غيـرها ، ولغاية اللحظة دي قلبي مش عاوز غيرها .. وكنت نازل أجازة وهقولكم .. 


شحب وجه أحلام حزنًا وعتبًا عليـه :

-وبعدين !! كمـل يا وِلد يدي … غيرت رأيك وطلبت نغم تاني ليه ، طالمًا متچوز ومرتاح في چوازتك اللي من ورا ناسك !! 


وثب كي يهرب من طريقة أحلام التي لم ترحمه أبدًا ، فأمرته بنبرتها الحادة : 


-اقعد وكمـل يا هاشم ، متهربش زي كُل مرة …عمرك ما هتغير الطبع ديه فيك !! 


جلس على مضض ليخرج عن هدوئه :

-كُنت مجهز كُل حاجة يا أحلام ، وهقف قصاد العزايزة عشانها ، بس طلعت مخبية علي سـر ، سر أن أبوها وعيلتـها تُجار سلاح في سينـا لتمويل الدواعش .. وأبوها نفسه محطوط على قائمة الإرهابيين .. كانت قايلة أن أبوها ميت !!


هزت رأسها بهدوء يحمل جبال من الحزن :

-وهي كانت عارفة أعرافنـا ؟!


-لا ، مكنتش تعرف .. أصلاً كانت رافضة چوازنا من غيـر أهلي ما يعرفوا .. 


ثم نظر لها :

-لما خدت قرار نغم كنت بقتل علاقتي بيها للأبد، مش هينفع يا أحلام حتى لو قلبي معاها !! قوليلي أعمل أيه ؟؟؟!محتار وعقلي هيشت مني. 


رمقتـه بأسف:

-عاوزني أقول لك أيه غير أني معرفتش أربي بعد العُمر ديه كله !! ومصممين توجعوا قلبي عليكم يا ولاد خليفة! 


ثم شدته من كُمه بقوتها الضعيفة التي لا تُذكر مقارنة بقوة عضلات التي سينفجـر منها القميص :

-من ميتى عنتچوزوا من ورا أهالينـا يا هاشم ، قول لي ..عقلك كان فين!! وچاي دِلوق بعد الفاس ما وقعت في الراس!! اتچوزت واحدة لا أنت عارف أصلها من فصلها!! 


-أحلام أنا مش ناقص ، أنا عقول لك عشان نشوفوا حل مش عشان تبكتيني.. 


حاولت تمالك أعصابها بـصعوبة بالغة وهي تسأله لتُجاري معه مصيبته بعصبية مدفونة :

-هشوف لك حل ،  أي حل بص لي ؛ مستعد تستغني عن چشيك وشغلك وترچعلها .. ؟!


مسح بكفوفه على وجهه ثم ضمهما فوق ثغره بندم بالغ ، وتطلع لعندها فقرأت الرفض بعينيه ، فأتبعت :

-فهمتك ، مش هتقدر تستغنى عن شُغلك وتضحي بيه … 


ثم هزت رأسه وقالت مقترحة بنبرة مغلفة بالعتاب واللوم : 

-لو جبتها العزايزة هتقدر تحميها وتكسر عرف له ٣٠٠ سنة !! وتضمن حمايتها !!


حدجها بعجز على أن يعدّها بذلك ، فرسمت ضحكة الحزن على وجهها :

-طبعا مش لاقي رد .. ولو قولتلك خدها واهرب في أي بلد هتقدر تستغنى عن اخواتك وناسك وشُغلك وتعيش مقطوع من شجرة باقي عُمرك !!


تلقى سؤالها بصمت يحمل النفي ، من شدة حُزنها عليـه انفجـرت بوجهه صارخة :

-أنا مش بلومك ، أنا مقهورة عليك وعلى اللي حطيت نفسك فيه !! ظلمت نفسك وظلمت بت الناس معاك … 


حاول أن يبرر لها :

-أحلام افهميني .. 


أحمر وجهها من شدة الحزن عليـه وقهرتها منه وأردفت بقسوة :

-انت غلطت وعقابك تعيش محروم منها عمرك كله حتى ولو عتحبها ،  هي ملهاش ذنب عشان تاخدها بذنب أبوها وانا معرفهاش عشان أحكم عليها ومحدش بيختار اهله زيك مخترتش اهلك بس غلطت لما خبت وخدعتها ، وغلطت لما وافقت تتچوزك من غير أهلك .. ده عقابكم انتوا الاتنين.. لازمًا تدفعوا تمن غلطكم .. 


رد معترضًا :

-عقولك حبيتها يا أحلام لولا بس موضوع أبوها قفل الدنيـا مكنتش هسيبها .. أنا مش ندل عشان اسيبها ..


-ولما تدوس على أعراف عيلتك وناسك برچليك ديه تسميه أيه !!

ثم ضربته بكتفـه بوجع :

-حب أيه ونيلة أيه !!! أنتَ لو حبيتها صُح مكنتش هتقبل تتچوزها غير قصاد الخلق وفي النور .. فكرك هارون أخوك لما راح وقدم طلب يلغوا الأعراف النيلة دي ، من هواه !! لا عشان قلبه مال ناحية ليلة ، وقارية الحُب في عينه من زمن ، بدأ يتحرك عشان تبقى حلاله في النور ، مش زيك !!!


تمتم بصدمة:

-هارون عمل كِده !! 


ثم امسكت بذراعها الذي زاد وجعه من ضغط التوتر العصبي وأتبع خافية وجعها :


-لا وكمان عاوز تظلم شخص تالت معاكم ! قول لي ..  لو اتجوزت نغم هتقدر تعيش مع البت من غير ما تحسسها بوجود واحدة غيرها في قلبك  !! 


ثم أطلقت تنهيدة شفقة على حاله :

-مش قادرة اقولك سيبها لانك لو متجوزتش نغم هتتجوز غيرها وهتظلم غيرها .. 


وهزت رأسها بنفي وأتبعت : 

-ومش قادرة اقولك دوس على قلبك وكمل معاها تظلم البت معاك وتحسسها بالنقص ودي يتيمة ومتستاهلش .. 


ثم صرخت عليه وهي تضرب على فخذها بحسرة :

-مش قادرة أقول لك أنك عقابك تفضل عايش بطولك من غير چواز ، مش هتهون عليّ أشوفك موچوع ووحداني العُمر كله مع أنك تستاهل حش رقبتك .. قول لي لو أبوك عرف هيعمل فيّ أيه !! 


ولى نحوها متفهمًا :

-كل كلامك صح يا أحلام .. بس رغد ؛ أنا معرفتش قيميتها غير لما الأيام مرت ، الأول كُنت مصدوم مش مستوعب ، فاكر إني چامد ومفيش واحدة تلوي دراعي .. كلمتها رفضتني وقالت لي مش عاوزاني ، وخطها اتقفل من ساعتها .. هتچنن عليها يا أحلام !! 


حسمت أمرها معه :

-تروح تقلب الدِنيـا على مرتك .. وتحب على رأسها ورچليها وتراضيها وتخليها تسامحك في النار اللي رميتها فيها وتديها كُل حقوقها يا هاشم وتطلقها بالمعروف … أنا مش مستغنيـة عنكم .. حتى ولو العرف اتكسر مفيش حاجة هتكسر چد عيالك إنه ارهابي .. طريق الموت اللي ماشي فيه لو متراچعتش عنه أنا اللي هقف لك يا هاشم .. فاهم ..وقبل ديه كُله تقول لنغم الحقيقة يا تقبل يا توافق فهمت !!! 


•••••••••••••••

~عوده للمجلس . 


مرت اللحظات تحت هذه الجمهرة التـي تنزل جمرًا مشتعلًا على قلب هارون قبل مسامـعه ، أدرك بأن المعركة ابتدأت للتو .. فاق من شروده على رسالة ليلة التي كتبت فيها :


-"هارون ، بكلمك كتير ممكن ترد عليا متقلقنيش .. في حاجات كتير حصلت حابـه احكيهالك" 


اكتفى بـرده كتابةً :

-"في المجلس ، هخلص وأكلمك "


ردت على الفـور :

-"هستناك "


قفل هاتفه ليلتفت للحوار الدائر بينهمـا والأمور المنقلبـة فوقه كتفيـه ، آراء ومعتقدات متبادلة لا تقبل أي جدل ، كُل شخص متمسك بآرائه كأنها نهاية الحياة ، ليردف آخر معترضًا قطعًا على تبدل الأعراف :


-أنا ميرضنيش بتي تخُش في بيت غريب ، وِلد عمها أولى بيها وبمالها وبعرضي ..


=العمدة عاوز بناتنـا تتكشف على الغُرب ، ليه وهي من قِلة الرجالة اللي في العزايزة !!


*بتي ادفنها قبـل ما تنام في حُضن الغُرب .. 


اهتزت ساق هارون بتوتر إثر كظمه لغيظـه ومعاتبته لنفسه كيف أقسم أن يحافظ على هذه الأعراف الحمقاء ، كيف تجرأ من قبل ووقف أمام قلبٍ يملأه العشق ومنعه !! وهو ينكوي بناره الآن! كيف … رفع أحد الأعيان عينيـه  ناحية هارون وسأله :


-أيه قولك يا عُمدة .. اتفضل سمعنـا ..


تمالك أعصابه بصعوبة بالغة هو يُفارق أبيه ويقف أمامهم ليقـول : 

-الدِنيا عتتغيـر ، والزمن مش هو الزمن ، والعزايزة أشرف من يمشهم عُرف له سنين .. 


عارضه الشيخ :

-والله لو مش عاچبك عُرفنا تقدر تسيبها وتمشي .. طالما مش كد العُمدية كيف أبوك ..


هاجت الأصوات بالقاعة والجميـع يؤيد رحيله حتى أخرسهم الشيخ متبعًا :

-كمل للآخر يا عُمدة !!


انفجر هارون مُدافعًا عن قلبه وما يدفنه بمقبرته ، عن عجزه بالتصريح عن مشاعره وهو يقول مستعينًا بالدين :


-الأمراض الوراثية في النجع الغربي مبهدلة الدِنيا ، لازمًا يبقى فيه وقفه قبل ما العزايـزة ينقطع نسلهم واحد ورا التاني وديه مش كلامي .. ديه كلام الصحابة والسلف .


 ثم نظر للجالسين وأتبع :

-سيدنا ‏عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لبني السائب - وقد اعتادوا الزواج بقريباتهم:

‏"مالي أراكم يا بني السائب قد ضَوَيتم؟!، غرّبوا النّكاح لا تضووا"

‏بمعنى :تزوجوا الأباعد لئلا يضعف نسلكم!

‏. 

ديه كلام أميـر المؤمنيـن رضى الله عنه ، وجيه أكده  الإمام الشافعي رحمه الله لما قال:


‏"ليس مِن قوم لا يُخرِجون نسائهم إلى رجال غيرهم، ولا يُخرجون رجالهم إلى نساء غيرهم، إلا جاء أولادُهم حَمقى!!".

‏.

عارضه رجل آخر :

-والله أحنا من زمان على ديه الحال لا شوفنا أمراض ولا نيلة إلا هي تقاليـع فارغة بتتحججوا بيها ..وبتعترضوا على خِلقة ربنا. 


فسأله الآخر :

-واشمعنا دِلوق يا عُمدة اللي چاي تتكلم !! 


اقتحم خضر أبو سويلـم المجلس وعدو هارون الأول ، بشماتـة :

-هقولكم ليـه ، ديه بس عشان عُمدتنا وقدوتنـا طب وقلبه سايقه وعاوز العزايزة يتساقوا معاه كيف عدم اللامؤاخذه الغنـم !! 


ثم قهقهه بحقد يملأه ليُرد ضربات هارون الماضيه ويقول مُكملًا :

-حضرة العُمدة حابب بت اسكندرانيـة ،  المذيعة اللي كانت ضيفتهم ، ومقضي معاها يومين عسـل على البحر .. 


ثم رفع كفيـه مبرئًا نفسه :

-معنديش خبر إذا كان كتب عليها ولا لا ، بس اللي حُصل أنيل ..


انقض عليـه هارون مغلولًا ممسكًا بياقة جلبابه وبصوته الذي هز حيطان الساحة :

-لما تتكلم على كبير العزايزة تظبط وتعرف أنتَ عتتكلم عن مين ، أنت هتنسى نفسك ولا أيه يا خضر !! 


تلقى الآخيـر تعنيف هارون له بضحك :

-أبلع ريقك يا عُمدتنا ، أنا مش چاي أرمى بلاي عليك !!


ثم تخلص من قبضـة وهو يفتح هاتفـه على مسجل صوت وصورة لرقصة هارون وليـلة على شواطئ اسكندرية في حالـة من الحُب لا تخفى عن الأعمى !! فتح هاتفه أمام أعيان المجلس وهو يجمهر :


-خدوا شـوفوا وملوا عنيكو !! الكبير عيرقص حُرمة غريبة عنيـه على البحر ، دي ولا أفلام أبيض وأسود .. 


في لحظة واحدة؛ تبدلت الأحوال وثارت العواصف ، وانفجرت الهتافات وثرثرت العقـول والألسن التي لم ترحم هارون .. الجميع يلومه ويعاتبه ويسخر من حكمه ويذكرونه بفعل هلال من قبـل .. انقلب السحر على السـاحر وتسلطت الألسن وبساط الحُكم والعُمدية ينسحب شيئًا فشيئًا من تحت أقدامه ، ومن بين كل هذا لم ينجٌ خضر من تسديد هارون له لكمة تحت أنفه التي سالت منها الدماء .. ثورة غير الثورة اندلعت ولا يمكن إخمادها بقلب مجلسهم الظالم .. 


وثب خليفـة صائحًا بقلب المجلـس ليضع حدًا للأفواه المفتـوحة بنيرانها بوجههم ، كي ينقذ ابنه وغفران ونفسه من سُم العزايزة الذي أن نطق بطرف الحقيقة سيُكذبوه قطعًا :


-محصلش ، ولا في بينهما وبين ولدي حاجة !! خضر بيرمي بلاه على هارون والدليل ..


كاد أن يُعارضه أحد الأعيان فلم يمنحـه الفرصة وهو يقول بنبرته الحاسمـة :


-فرح ولدي على بت صالح العزايزي آخر السبوع .. ومش عاوز حد يفتح خشمـه تاني في الموضوع ديه ، مش هارون ولدي اللي يتجرأ ويخالف شرع ربنا .. 

انتهينا يا عزايزة …


هنا في هذه المدينة الظالم أهلها لم يقتلونا ويقتلوا قلوبنا  بالرصاص بل قتلونا بالقرارات..❕

الفصل الواحد والثلاثون من هنا

تعليقات



×