رواية تمرد عاشق الجزء الثالث 3 الخاتمة 3 بقلم سيلا وليد


رواية تمرد عاشق الجزء الثالث الخاتمه 3 بقلم سيلا وليد 

 الخاتمة ج3


ضم جنى يقهقه على والده ثم هتف


-البنت خدها مش هقولك لا، لكن جنجون ...الله في سماي مايحصل 


ظلوا لبعض الوقت ومازالت ضحكاتهم ترنو بالمكان إلى أن توقفت جنى تحمل ابنتها 


-يعني البنت كويسة دلوقتي ياطنط غزل ..نهضت غزل تنظر إليها بأحضان والدتها


-البنت زي الفل ياقلبي، المهم لازم تهتمي بصحتك متنسيش انك لسة تعبانة..والبنت عايزة رضاعة ياجنى، مش هوصيكي مهما تكوني تعبانة لازم ترضعيها طبيعي زيها زي كنان...اتجهت بنظرها إلى غنى واستطردت:


-كفاية قصي ياحبيبي الواد دا اتظلم 


-خلاص ياغزل مش كل شوية توجعي البنت، غنون كان غصب عنها 


جلست بأحضان والدها 


-حبيبي يابابي قول لماما كدا، معرفش بتحملني موضوع قصي 


ضمت جنى ابنتها بلهفة 


-متخافيش ياطنط مش هفارقها ابدًا


قبلتها على جبينها وتابعت حديثها وهي تنظر إلى جواد:


-كنت حاسة هموت لو حصلها حاجة ، اسبوعين وهي بعيدة عن حضني 


نهضت غنى تحملها عنها 


-تعالي ياجنى ارتاحي، البنت كويسة، ياله حبيبتي..


اتجهت بنظرها إلى جاسر 


-خلينا نرجع معاهم حي الألفي بقى، كفاية عايزة ولادي يتربوا وسط العيلة ، مش عايزة ابعدهم عن ولاد عمهم، نربيهم زي ماتربينا ..انتظر جواد حديث ابنه ، هو لم يضغط عليه وتركه ليعود بنفسه، رغم بنائه لمنازل أولاده الا أنه ترك لهم حرية الاختيار..نهض جاسر وضمها تحت ذراعيه :


-حبيبي بيفرشوا الاثاث، لسة البيت مكملش إن شاءالله يومين كدا ونروح 


هدأ قلب جواد وحمد ربه على نعمه ولمة أولاده وأحفاده بجواره..أغمض عيناه وتراجع بجسده مرددا بنفسه


-الحمد لله.. الحمد لله..ظل يرددها بنفس راضية ، وابتسامة من قلب الامه يحدث نفسه 


-لو مُت دلوقتي هكون راضي على اللي عملته ..فتح عيناه عندما ملست غزل على خصلاته الممزوجة باللون الأبيض 


-جواد عايز تنام ولا إيه 


رفع ذراعه وجذبها تحت حنان كنفه طابعًا قبلة أعلى رأسها يشير بعينيه لأولاده 


-شوفي فرحة الولاد ببعضهم ياغزل، اتأملي كدا البنات وحبهم لاخوهم ، لسة اللوحة هتكمل لما أوس وياسين يرجعوا على هنا..أنا اصريت أننا كلنا نتجمع هنا النهاردة علشان من هنا هنودع كل الوجع اللي مرينا بيه، عايز ابنك يخرج من البيت دا وهو بيشمعه بالشمع الأحمر ويؤكد لنفسه أنه مالوش غير حضن اخواته وبيت ابوه، مهما يطير لازم يرجع لسربه ياغزل 


احتضنت وجهه وطبعت قبلة على جبينه


-جوادي وابويا واخويا وحبيب عمري ربنا يباركلي فيك ياحبيبي يارب 


ابتسامة بعيون لامعة بعشق أيامه لطفلة قلبه الغالية


-إنتِ بنت قلبي ياغزل، بنتي اللي عرفت طعم السعادة على ايديها ومهما تديني الدنيا من كرم مش هيكون افضل من كرم ربنا بهديته بيكِ


أشار على ابنة جاسر الذي ضمها والدها لأحضانه 


-ركزي مع لين كويس البنت نسخة مصغرة منك، والله كأنها غزل، كأن والدك كان هنا وحطتك بين ايدي ..قالها وهو يبسط يديه 


-بأيدي شيلتك وبأيدي ضميتك لقلبي يابنت قلبي 


حاوطت جسده ودفنت رأسها بأحضانه


-أنا بحبك قوي ياجواد ، اوعى تفكر أن ولادك يعوضوني حنانك، يارب مايحرمني منك ياحبيب عمري 


وصل إليهم جاسر قاطبا جبينه


-انتوا بتحبوا في بعض قدامنا، ايه ياحج جواد ، مش كبرت على كدا 


لكزته غزل ضاحكة 


-بس يلا ، مفكر نفسك انت بس اللي بتعرف تحب


رفع حاجبه ساخرا:


-تنكري ياست الكل، ثم اتجه بنظره لوالده 


-ماتقولها حاجة ياحج، عرفها اني استاذ ورئيس قسم


تهكم جواد يشير إلى جنى المتوقفة بجوار غنى وربى على بعد مسافة 


-عارف البنت دي خسارة فيك حبها، اه والله دي شافت منك الغلب يااستاذ ورئيس قسم 


جنى..هتف بها جاسر فاستدارت مبتسمة ، أشار إليها ، خطت إليه وهي تضم ابنتها ..نظر لوالده 


-بابا بيقول انا مستهلش حبك، صحيح ياجنون..قاطعتهم غنى وهي تتناول البنت 


-هاتيها ياجنجون وردي على أسئلة جوزك العبقرية


كانت تراقب ابنتها بلهفة فغمز جواد إلى غزل 


-حبيبتي البنت كويسة، سبيها مع عمتها شوية، متخافيش عليها 


ادار جاسر وجهها إليه:


-أنا بسالك في سؤال مهم وحضرتك هتموتي على بنتك 


اتجهت بنظرها إلى عمها وحاولت تداري قلقها


-طبعا جاسر امير أساطيري ياعمو، حضرتك لسة بتسأل يستاهل ولا لا 


جذبها من خصرها بقوة حتى تألمت تصرخ ..ركله جواد بقدمه 


-براحة ياحلوف البنت بطنها مفتوحة، عرفنا انك حلوف غباء في الحب 


ضمها بحنان معتذرًا 


-آسف حبيبي ، بابا خرجني عن شعوري 


فين البنت قالتها تبحث بعينها عن غنى 


أشارت لها غزل بالصعود 


تحركت وصعدت إلى غرفتها بقلق بينما اتجه جاسر إلى والدته متسائلا


-ماما لين كويسة صح !!


-والله ياحبيبي البنت كويسة،يعني هخرجها من الحضانة تعبانة، اطلع ورا مراتك خدها في حضنك وحسسها كل حاجة كويسة، البنت مش عجباني خالص ..


-خلي منيرة تعملها أكل ..تحركت غزل للمطبخ 


-أنا هجهز الغدا علشان كلنا هنتغدى هنا ونبات مش كدا ياجواد ..أومأ دون حديث عندما شعر بوخزة بصدره 


جلس جاسر بجواره 


-بابا حضرتك مخبي عني حاجة...أشار إليه للجلوس بجواره ..نهض وجلس بجوار والده 


ظل جواد يطالعه لفترة دون حديث، حتى شعر جاسر بأنين يشق صدره فاقترب منه يرفع كفيه 


-فيه ايه يابابا، ليه بتبصلي كدا 


سحب بصره ينظر للبعيد 


-عايز منك وعد ياحبيبي..قطب جاسر جبينه وتلعثم بالحديث حتى شعر بغصة تمنع حديثه، فاقترب حتى التصق بجسد والده 


-وع..د قالها بتلعثم ، يضع كفيه على كتف والده حتى يستدير والده إليه 


أدار وجهه وتعمق بعيناه: 


-أنا بعفي نفسي النهاردة من كل مسؤلياتي يابن جواد، عايز اشوف ابني البكري هيتعامل ازاي مع إخواته 


ضيق عيناه يناظر والده :


-تقصد ايه ..استدار بكامل جسده 


-إنت الكبير ولازم تكون مع اخواتك سندهم ، اللي عنده مشكلة تحلها ، عارف انهم مش صغار، بس مهما يكون سنهم بيجي الوقت الواحد بيحتاج لسند يابني 


طالعه بأعين تنبثق بالأسئلة 


-ايه يلا ، بتبصلي كدا ليه، ايه لما اطلب منك تكون كبير العيلة غريبة 


مشاعر متقلبة يشعر بها، هل والده يعاني من شيئا، استعمل ذكائه واضعا رأسه على كتف والده 


-ماليش أنا في كبير العيلة دا، ربنا مايحرمني منك وتقعد تدلع فيا ، اه بحب دلعك ياابو الجود 


حاوط كتفه يربت على كتفه 


-حبيبي مش هفضل عايش لكم طول العمر،


-لا بلاش ماليش دعوة، انا عايزك تفضل تدلعنا وندلع عليك..كبير ايه ياحج 


ربت جواد على كتفه 


-عايزك تقوى، وسيبك من الهزار، انا حافظك اكتر من نفسك يابن جواد، ولو عايز حنان تعالى بات في حضني ياحبيبي معنديش مشكلة 


رفع رأسه وأطلق ضحكة صاخبة


-قفشتني..لكزه جواد مشاكسًا


-إنت ناسي مين اللي قاعد جنبك يابغل، انا جواد الألفي يلا، فوق كدا وانت بتكلمني 


حك رأسه متمتما 


-يعني انا غبي صح ..لطمه على وجهه بخفة ..


-مقولتش كدا يابن غزل، انا قصدي انك تفوق شوية ومتحورش على ابوك، لو فيا حاجة كنت قولتلك 


زم شفتيه يهز رأسه 


-يعني مش هطلع بحاجة 


-هو فيه حاجة علشان تطلع بيها ..بتر حديثهم وصول أوس ملقيا السلام ثم هوى بجوار والده ..اتجه بنظره إليه


-مالك حبيبي..رجع بجسده مطبق العينين


-ارهاق ياسيادة اللوا، بنحاول نقفل الشهر قبل إجازة فرح جواد 


-ربنا يوفقك ويعينك، استدار إلى جاسر


-شوف يوم وتابع الشغل مع اخوك، مينفعش الحمل كله عليه 


اعتدل أوس يهز رأسه مستطردًا:


-لا ياحبيبي انا كويس، كفاية شغله، وسفرياته، وطبعا اليوم اللي هيقعد فيه مينفعش اخده من بيته وعياله


أشار جواد إلى أوس 


-شوف بيقول ايه مش زيك يابغل 


قهقه جاسر يلطم كفيه ببعضهما 


-هو انا اتكلمت، امال بجسده يهمس بصوت خافت


-قولي حضرتك غيران مني ولا ايه 


ركله بقدمه، حتى رفع ساقه يصرخ 


-ضيعت عليا الماتش ربنا يسامحك 


شاكسه أوس 


-أيوة دي حجة بقى علشان تقول رجلي ..فوق يابابا، فيه ماتش ولازم كلنا نشارك فيه 


طالعهم جواد متسائلا 


-ماتش ايه ..توقف جاسر يشير إلى أوس 


-دا الباشهمندس يحكيهالك ياحج ، انا طالع ارتاح شوية منمتش امبارح 


اومأ له متفهما ..بينما اتجه جواد بنظره الى أوس


-قوم ارتاح شوية قبل الغدا، ثم تسائل


فين ياسين مرجعش من برة 


نهض من مكانه قائلًا:


-كلمني من ساعة كان عايز يغير عربيته ، أومأ جواد متفهما ثم أشار إليه 


-طيب ارتاح شوية ، خدلك شاور قبل ما تنام ماترحش ترمي نفسك على السرير بجذمتك كالعادة 


-ليه ياسمينا مش فوق 


توقف جواد لمقابلته


-خرجت مع عاليا، قالوا رايحين يشتروا شوية حاجات لبنت اخوك، هي كانت هتكلمك بس انا ادتلها الاذن ايه عندك اعتراض 


انحنى يقبل كتفه ثم ربت عليه


-ابدا حبيبي انا استغربت بس، هطلع ارتاح ..توقف متسائلا :


-"مسك" معاها ولا ايه ..تحرك جواد متجها للحديقة 


-مع الناني في الجاردن ، ياله اطلع وأنا هشوفهم والعب معاهم شوية 


بشركة الألفي 


كانت منصبة على جهازها تدون بعض الأشياء المهمة، بعدما هدئت، وبدأت تستعيد حيويتها مرة اخرى ..جذب المقعد وجلس بجوارها 


-خدي الورق دا سجليه عندك، وابعتي منه نسخة للاستاذ معتز، واعملي جدولة 


اتجهت إليه تسحب الورق دون أن تنظر إليه قائلة:


-أنا خلصت النسخة دي، وبعتها الايميل لحضرتك، وكمان بعت نسخة للاستاذة نادين بناء على طلب الباشمهندس عز 


توقف يومئ برأسه ثم استدار ليتحرك ولكنها أوقفته


-باشمهندس ..أطبق على جفنيه عندما تسلل صوتها الهادئ لاعماق قلبه استدار بهدوء وجدها تفتح درج مكتبها ثم أخرجت ذاك الصندوق 


-آسفة مبقاش له لازمة ، اتفضل ..اومأ دون حديث فجذبه منها بوصول نادين مبتسمة: 


-اتأخرت عليك ..قالتها وهي تنظر إلى جوان التي رمقتها بهدوء ثم استدارت تتابع عملها 


تحرك فارس بجوارها 


-لا ابدا، توقفت تنظر إلى الصندوق 


-ايه دا ..قلبه بيديه حتى سقط من بين كفيه ..فانحنت :


-تسمحلي قالتها بعدما سقط الصندوق ليتساقط من بين يديها لتنكسر تلك اللعبة التي عبارة عن عروسين يتراقصان بنغمات موسيقية ، جلبها بناء على طلبها عندما كانوا يتجولون على كورنيش النيل 


استدارت تطالعهما بعدما استمعت لسقوط الصندوق وحديث نادين ..ظل للحظات يتابع الزجاج المتناثر من تلك الهدية بصمت..انحنت نادين تلملم بعض القطع الزجاجية الا أنه أوقفها 


-مفيش داعي ..سبيها حد هيجي ينضفها، ياله علشان نتأخر 


استدار برأسه إلى جوان 


-كلمي عامل النظافة يجي يلم القزاز دا ..امال على الصندوق وتناوله ثم فتح صندوق القمامة الذي يجاور مكتبها وألقاه بها وغادر دون حديث 


شعرت بانتهاك ملكيتها عندما تحرك مع نادين وضغط بحذائه على هديته لها، نهضت بقلب يقطر ألمًا على ما فعله بها، حاولت أن تتناسى مشاعرها فيكفي ماشعرت به من قربه وخذلانه لها كيف تنسى تلك الاتهامات الشنعاء، كيف تنسى نظراته المشمئزة لها، كيف تناسى حبها بعدما وهبته قلبًا طاهرًا نقيا، انحنت تجمع تلك القطع الزجاجية وانهمرت عبراتها على ذكريات انكسرت ولم يتبقى منها سوى ذكريات مؤلمة..شهقت عندما تسللت قطعة زجاج إلى أصبعها، اخرجتها ببكاء ومازالت تجمع قطع الزجاج المنكسرة كقلبها آلان 


شعرت بأحدهم يجلس بمقابلتها يحتضن كفيها ويضع محرمة ورقية عليه ثم ساعدها بالوقوف، ارتفع صوت بكاؤها ليضمها لأحضانه 


-خلاص بطلي عياط ، بكت بشهقات لا تريد الابتعاد عنه، أحبته بصدق ودعس على قلبها دون رحمة  


-اهدي خلاص مفيش حاجة ، قالها وهو يعطيها محرمة أخرى مبتعدا عنها 


-حافظي على جرحك ، واسف على انك قابلتي واحد معدوم الرجولة 


حركت رأسها مع انسياب عبراتها، لقد آلامها قلبها على نبرة الشجن بصوته، وكأن هناك من طعن صدرها بسكين بارد عندما أشار إلى العامل الذي وصل


-ارمي الحاجات دي في الزبالة، وابعتلي الاستاذ عمر خليه ..قاطعهم وصول عمرو 


-افندم حضرتك طلبتني 


-انقل مكتب أستاذة جوان في الدور الخاص بأوس، وشوفلي حد مكانها لحد مانعمل اعلان..استدار يرمقها وتابع حديثه


-عايز شاب، مش عايز بنات هنا تاني، الدور دا مفهوش رجالة ، فيه أشباه رجال


طالعه بجبين مقتطب 


-حضرتك عايز المسؤل مكان سما ولا جوان 


-نزل الاتنين ، مش عايز بنات خالص، 


اومأ متفهما فتحدث


-حاضر يافندم، اديني ساعتين تلاتة أشوف حد جدير بالوظيفة 


رفع عمرو نظره إلى جوان 


-لمي حاجاتك ياجوان ، وبعد الإجازة استلمي الشغل تحت 


كانت نظراتها تحاوط وقوفه وهو يجيب على هاتفه الذي ارتفع بالأجواء


تحركت إلى وقوفه وانتظرت إنهاء مكالمته ..استدار للمغادرة توقفت أمامه بدموعها 


-مش قادرة يافارس، مش قادرة انسى اللي عملته ..أحس بالدوار يلف برأسه فاقترب منها  


- عارف غلطت وأنا آسف ياجوان، آسف اني مكنتش راجل معاكي، ومصدقكيش ..رفع ذقنها يتعمق بعيناها 


-ميرضنيش انك ترتبطي بواحد مش راجل 


-آسفة ..مكنش قصدي، والله ماكان قصدي، قلبي موجوع منك 


سحبها لحضنه بعدما فقد السيطرة على قلبه المتحكم 


-بطلي عياط ، قلبي بيوجعني، عارفة انك راجل ، وراجل قوي كمان، واكتر حاجة عجبتني فيك رجولتك متزعلش مني 


أغمض عيناه وآهة طويلة كانت أبلغ رد في تلك اللحظة ، ضغط من احتضانها متناسيا قربهما ، كل مايشعر به أن روحه تعانق روحها فهمس ببحته الرجولية


-مش زعلان منك، زعلان من قلبي اللي غفرلك 


..ارتجف جسدها 


فتراجعت بعدما وجدت وضعهما الغير لائق ..وظلت تطالعه لبعض الوقت 


-عايز مني ايه؟!


-عايز نكمل حياتنا مع بعض ..احتضن وجهها وانحنى بجسده يتعمق بعينها


-عارف اني غلطت


ابتعدت هاتفة:


-برضو بتقرب مني، اومال لو متعرفش حدود ربنا..دنى منها أكثر:


-شاوري بس وريحي قلبي وأنا احرق الحدود اللي بينا دي، طفي نار قلبي ياجوان 


تراجعت على مكتبها قائلة 


-سبني كام يوم لحد مااهدى وأنسى يافارس ..اقترب منها حتى حجزها بالجدار خلفها 


-النهاردة بالليل هاجي أنا وعمي وبابا، نطلبك وبكرة مع حنة ابن عمتي هيكون كتب كتابنا، عرفي والدتك بكدا، ولو تقنعيها بالفرح يكون أحسن ، فتحت فمها للأعتراض ..وضع إبهامه على فمها 


-لو سمعت اي اعتراض هتندمي ومش أي ندم، وانا مجنون وأعملها، روحي اسألي عن ولاد صهيب الألفي ، شعارهم ايه في العيلة ..دنى يهمس بجوار أذنها 


-شعار جنون الحب، مجانين بالحب، وأنا دكتور ورئيس قسم والبركة فيكي، تراجع يشير إلى أناملها 


-متلعبيش في القزاز تاني، اتكسرت وأخدت الامنا معاها، علشان بعد كدا تحافظي على أي حاجة فارس يدهالك 


تراجع مستديرا فوجد نادين تقف مكتفة ذراعيها مع بعض الموظفين


وزع نظراته بينهما يتسائل


-واقفين كدا ليه ..اقتربت منه نادين 


-حضرتك اتأخرت فجيت اسأل عليك لقيتك مشغول مع الأستاذة 


جذب رسغ جوان حتى توقفت بجواره ثم اتجه بنظره للجميع وهو يحاوط خسرها 


-جوان بتكون خطيبتي، وبكرة كتب كتابنا، اكيد جاين تباركو


توسعت أعين نادين بالصدمة مرددة 


-ايه خطيبتك!! ..اقترب منها ومازال محاوط جسد جوان 


-اه ايه متعرفيش ولا ايه، معلش معذورة ، الحقيقة جوان كانت عايزة تعمل مفاجأة وحفلة بكرة بس بما انكم عرفتوا كدا المفاجأة ضاعت ..نظر إليها بأعين تلقيها بأسهم العشق الندي 


-بكرة معزومين على كتب كتابنا ..


طالعته بعيون مترقرقة بالدمع وحدثته بعينها :


-كيف أقتل مشاعري بداخلي اتجاهك ، وانت تحاصر انفاسي بعشقك من كل جهة، لقد سحبت انفاسي بدقات قلبك التي أعلنت حرب الحب عليا، وتفوقت بكامل اسلحتك الفتاكة لتخطف قلبي وعقلي بل كل جوارحي 


ابتسم لها بعدما شعر بمشاعرها من نظراتها التي اذابته عشقًا، فاحتضن كفيها أمام الواقفون 


"بحبك"..ارتجف جسدها وتلالأت عيناها تنظر بخجل للأسفل بعدما اخترقتها نظرات الجميع ، لينسحبوا إلى مكاتبهم بجو من السرور مع دعواتهم بالسعادة 


فارس ابعد لو سمحت عاجبك كدا 


رفع ذقنها بأنامله 


-أنا عملت حاجة، انا لسة هعمل ، استني بس لما تكوني حلالي ..حمحمت نادين تضرب قدمها بالأرض 


-ايه امشي ونلغي الشغل 


-اه انا النهاردة ماليش مزاج للشغل ممكن ترجعي ولما اشوف وقت مناسب، هكلمك  


طالعت جوان للحظات بصمت ثم تحركت للخارج دون حديث ..حاولت التملص من بين ذراعيه وهتفت بغضب


-ايه اللي قولته دا، ازاي تقولهم أننا مخطوبين، ينفع كدا 


لاحت ابتسامة لاعوب على وجهه، فاقترب يهمس 


-هو انا قولت خطوبة، اناقولت هنتجوز، اتعاملي معايا على الأساس دا 


جذبها من رسغها قائلا:


-لسة هتكلم تعالي معايا ..


-فارس سيب ايدي مينفعش كدا..أطبق بقوة أقوى وتحرك متجها للمصعد الخاص به ..توقفت تجذب كفيها بعنف


-هو ايه اللي بتعمله دا ..توقف يطالعها بصمت للحظات ثم خطى إليها وهي تتراجع للخلف ، أشار على المصعد ضاغطًا على أسنانه 


-هتخرجي جنبي زي أي بنوتة حلوة بتحب خطيبها اللي بكرة فرحهم بدل مااشيلك زي الشوال، اختاري بسرعة هتمشي ولا أشيل


رفعت سبباتها محذرة إياه


-اياك تقرب مني هصوت وألم عليك الموظفين 


يابت متخلنيش افقد اعصابي ،صوتي كدا ..نزل ببصره لشفتيها وغمز بعيناه


-هعرف اسكتك كويس


توسعت عيناها بذهول مع ارتعاشة بساقيها تحاول أن تبتعد عن محاصرته


-فارس وسع عيب كدا 


-مش هوسع ..هتعملي ايه 


تلألأت عيناها بالدموع:


-ابعد لو سمحت..رفع ذقنها ينظر إلى عيناها بحزن 


-لحد امتى هتخافي مني 


أحست ببرودة تجتاح جسدها من نظراته الحزينة،فهمست بتقطع 


-لحد ماتبقى جوزي، حرام يافارس القرب دا، خلي ربنا يبارك لنا في حياتنا مع بعض 


ابتسامة زينت وجهه ينظر إليها بحبور بعد كلماتها التي أحييت روحه ..ظل يتأملها بحب وضرب المسافة التي بينهما 


-قولتي ايه؟!


وضعت كفيها أمامه 


-بلاش نغضب ربنا، ايه مش خايف 


همس بعيون والهة وقلبه الذي قرع كطبول الحرب قائلاً :


-انا عايزة بركة في حياتنا ، عايزك نور لحياتي، عايزك تشاركيني الحزن قبل السعادة 


-إن شاءالله مفيش حزن..قالتها بشفتين مرتعشتين 


تنهد بغرام يحيي القلوب ناظرًا بعمق عيناها هامسا ببحته الرجولية 


-"جوان أنا بحبك"..قالها عندما ازداد بريق العشق بعيناه 


توردت وجنتيها لتصبح كبتلات الورد الجوري ..وتحول قلبها لفراشات تدغدغ معدتها لتهمس بتقطع 


-ممكن نمشي..


أشار إليها مبتعدا وعيناه تحاوطها بجنان عشقه قائلا 


-هنمشي بس علشان مش ضامن نفسي 


تحرك بها إلى سيارته متجها إلى وجهته وهي الذهاب لمنزلها


ضم جنى يقهقه على والده ثم هتف


-البنت خدها مش هقولك لا، لكن جنجون ...الله في سماي مايحصل 


ظلوا لبعض الوقت ومازالت ضحكاتهم ترنو بالمكان إلى أن توقفت جنى تحمل ابنتها 


-يعني البنت كويسة دلوقتي ياطنط غزل ..نهضت غزل تنظر إليها بأحضان والدتها


-البنت زي الفل ياقلبي، المهم لازم تهتمي بصحتك متنسيش انك لسة تعبانة..والبنت عايزة رضاعة ياجنى، مش هوصيكي مهما تكوني تعبانة لازم ترضعيها طبيعي زيها زي كنان...اتجهت بنظرها إلى غنى واستطردت:


-كفاية قصي ياحبيبي الواد دا اتظلم 


-خلاص ياغزل مش كل شوية توجعي البنت، غنون كان غصب عنها 


جلست بأحضان والدها 


-حبيبي يابابي قول لماما كدا، معرفش بتحملني موضوع قصي 


ضمت جنى ابنتها بلهفة 


-متخافيش ياطنط مش هفارقها ابدًا


قبلتها على جبينها وتابعت حديثها وهي تنظر إلى جواد:


-كنت حاسة هموت لو حصلها حاجة ، اسبوعين وهي بعيدة عن حضني 


نهضت غنى تحملها عنها 


-تعالي ياجنى ارتاحي، البنت كويسة، ياله حبيبتي..


اتجهت بنظرها إلى جاسر 


-خلينا نرجع معاهم حي الألفي بقى، كفاية عايزة ولادي يتربوا وسط العيلة ، مش عايزة ابعدهم عن ولاد عمهم، نربيهم زي ماتربينا ..انتظر جواد حديث ابنه ، هو لم يضغط عليه وتركه ليعود بنفسه، رغم بنائه لمنازل أولاده الا أنه ترك لهم حرية الاختيار..نهض جاسر وضمها تحت ذراعيه :


-حبيبي بيفرشوا الاثاث، لسة البيت مكملش إن شاءالله يومين كدا ونروح 


هدأ قلب جواد وحمد ربه على نعمه ولمة أولاده وأحفاده بجواره..أغمض عيناه وتراجع بجسده مرددا بنفسه


-الحمد لله.. الحمد لله..ظل يرددها بنفس راضية ، وابتسامة من قلب الامه يحدث نفسه 


-لو مُت دلوقتي هكون راضي على اللي عملته ..فتح عيناه عندما ملست غزل على خصلاته الممزوجة باللون الأبيض 


-جواد عايز تنام ولا إيه 


رفع ذراعه وجذبها تحت حنان كنفه طابعًا قبلة أعلى رأسها يشير بعينيه لأولاده 


-شوفي فرحة الولاد ببعضهم ياغزل، اتأملي كدا البنات وحبهم لاخوهم ، لسة اللوحة هتكمل لما أوس وياسين يرجعوا على هنا..أنا اصريت أننا كلنا نتجمع هنا النهاردة علشان من هنا هنودع كل الوجع اللي مرينا بيه، عايز ابنك يخرج من البيت دا وهو بيشمعه بالشمع الأحمر ويؤكد لنفسه أنه مالوش غير حضن اخواته وبيت ابوه، مهما يطير لازم يرجع لسربه ياغزل 


احتضنت وجهه وطبعت قبلة على جبينه


-جوادي وابويا واخويا وحبيب عمري ربنا يباركلي فيك ياحبيبي يارب 


ابتسامة بعيون لامعة بعشق أيامه لطفلة قلبه الغالية


-إنتِ بنت قلبي ياغزل، بنتي اللي عرفت طعم السعادة على ايديها ومهما تديني الدنيا من كرم مش هيكون افضل من كرم ربنا بهديته بيكِ


أشار على ابنة جاسر الذي ضمها والدها لأحضانه 


-ركزي مع لين كويس البنت نسخة مصغرة منك، والله كأنها غزل، كأن والدك كان هنا وحطتك بين ايدي ..قالها وهو يبسط يديه 


-بأيدي شيلتك وبأيدي ضميتك لقلبي يابنت قلبي 


حاوطت جسده ودفنت رأسها بأحضانه


-أنا بحبك قوي ياجواد ، اوعى تفكر أن ولادك يعوضوني حنانك، يارب مايحرمني منك ياحبيب عمري 


وصل إليهم جاسر قاطبا جبينه


-انتوا بتحبوا في بعض قدامنا، ايه ياحج جواد ، مش كبرت على كدا 


لكزته غزل ضاحكة 


-بس يلا ، مفكر نفسك انت بس اللي بتعرف تحب


رفع حاجبه ساخرا:


-تنكري ياست الكل، ثم اتجه بنظره لوالده 


-ماتقولها حاجة ياحج، عرفها اني استاذ ورئيس قسم


تهكم جواد يشير إلى جنى المتوقفة بجوار غنى وربى على بعد مسافة 


-عارف البنت دي خسارة فيك حبها، اه والله دي شافت منك الغلب يااستاذ ورئيس قسم 


جنى..هتف بها جاسر فاستدارت مبتسمة ، أشار إليها ، خطت إليه وهي تضم ابنتها ..نظر لوالده 


-بابا بيقول انا مستهلش حبك، صحيح ياجنون..قاطعتهم غنى وهي تتناول البنت 


-هاتيها ياجنجون وردي على أسئلة جوزك العبقرية


كانت تراقب ابنتها بلهفة فغمز جواد إلى غزل 


-حبيبتي البنت كويسة، سبيها مع عمتها شوية، متخافيش عليها 


ادار جاسر وجهها إليه:


-أنا بسالك في سؤال مهم وحضرتك هتموتي على بنتك 


اتجهت بنظرها إلى عمها وحاولت تداري قلقها


-طبعا جاسر امير أساطيري ياعمو، حضرتك لسة بتسأل يستاهل ولا لا 


جذبها من خصرها بقوة حتى تألمت تصرخ ..ركله جواد بقدمه 


-براحة ياحلوف البنت بطنها مفتوحة، عرفنا انك حلوف غباء في الحب 


ضمها بحنان معتذرًا 


-آسف حبيبي ، بابا خرجني عن شعوري 


فين البنت قالتها تبحث بعينها عن غنى 


أشارت لها غزل بالصعود 


تحركت وصعدت إلى غرفتها بقلق بينما اتجه جاسر إلى والدته متسائلا


-ماما لين كويسة صح !!


-والله ياحبيبي البنت كويسة،يعني هخرجها من الحضانة تعبانة، اطلع ورا مراتك خدها في حضنك وحسسها كل حاجة كويسة، البنت مش عجباني خالص ..


-خلي منيرة تعملها أكل ..تحركت غزل للمطبخ 


-أنا هجهز الغدا علشان كلنا هنتغدى هنا ونبات مش كدا ياجواد ..أومأ دون حديث عندما شعر بوخزة بصدره 


جلس جاسر بجواره 


-بابا حضرتك مخبي عني حاجة...أشار إليه للجلوس بجواره ..نهض وجلس بجوار والده 


ظل جواد يطالعه لفترة دون حديث، حتى شعر جاسر بأنين يشق صدره فاقترب منه يرفع كفيه 


-فيه ايه يابابا، ليه بتبصلي كدا 


سحب بصره ينظر للبعيد 


-عايز منك وعد ياحبيبي..قطب جاسر جبينه وتلعثم بالحديث حتى شعر بغصة تمنع حديثه، فاقترب حتى التصق بجسد والده 


-وع..د قالها بتلعثم ، يضع كفيه على كتف والده حتى يستدير والده إليه 


أدار وجهه وتعمق بعيناه: 


-أنا بعفي نفسي النهاردة من كل مسؤلياتي يابن جواد، عايز اشوف ابني البكري هيتعامل ازاي مع إخواته 


ضيق عيناه يناظر والده :


-تقصد ايه ..استدار بكامل جسده 


-إنت الكبير ولازم تكون مع اخواتك سندهم ، اللي عنده مشكلة تحلها ، عارف انهم مش صغار، بس مهما يكون سنهم بيجي الوقت الواحد بيحتاج لسند يابني 


طالعه بأعين تنبثق بالأسئلة 


-ايه يلا ، بتبصلي كدا ليه، ايه لما اطلب منك تكون كبير العيلة غريبة 


مشاعر متقلبة يشعر بها، هل والده يعاني من شيئا، استعمل ذكائه واضعا رأسه على كتف والده 


-ماليش أنا في كبير العيلة دا، ربنا مايحرمني منك وتقعد تدلع فيا ، اه بحب دلعك ياابو الجود 


حاوط كتفه يربت على كتفه 


-حبيبي مش هفضل عايش لكم طول العمر،


-لا بلاش ماليش دعوة، انا عايزك تفضل تدلعنا وندلع عليك..كبير ايه ياحج 


ربت جواد على كتفه 


-عايزك تقوى، وسيبك من الهزار، انا حافظك اكتر من نفسك يابن جواد، ولو عايز حنان تعالى بات في حضني ياحبيبي معنديش مشكلة 


رفع رأسه وأطلق ضحكة صاخبة


-قفشتني..لكزه جواد مشاكسًا


-إنت ناسي مين اللي قاعد جنبك يابغل، انا جواد الألفي يلا، فوق كدا وانت بتكلمني 


حك رأسه متمتما 


-يعني انا غبي صح ..لطمه على وجهه بخفة ..


-مقولتش كدا يابن غزل، انا قصدي انك تفوق شوية ومتحورش على ابوك، لو فيا حاجة كنت قولتلك 


زم شفتيه يهز رأسه 


-يعني مش هطلع بحاجة 


-هو فيه حاجة علشان تطلع بيها ..بتر حديثهم وصول أوس ملقيا السلام ثم هوى بجوار والده ..اتجه بنظره إليه


-مالك حبيبي..رجع بجسده مطبق العينين


-ارهاق ياسيادة اللوا، بنحاول نقفل الشهر قبل إجازة فرح جواد 


-ربنا يوفقك ويعينك، استدار إلى جاسر


-شوف يوم وتابع الشغل مع اخوك، مينفعش الحمل كله عليه 


اعتدل أوس يهز رأسه مستطردًا:


-لا ياحبيبي انا كويس، كفاية شغله، وسفرياته، وطبعا اليوم اللي هيقعد فيه مينفعش اخده من بيته وعياله


أشار جواد إلى أوس 


-شوف بيقول ايه مش زيك يابغل 


قهقه جاسر يلطم كفيه ببعضهما 


-هو انا اتكلمت، امال بجسده يهمس بصوت خافت


-قولي حضرتك غيران مني ولا ايه 


ركله بقدمه، حتى رفع ساقه يصرخ 


-ضيعت عليا الماتش ربنا يسامحك 


شاكسه أوس 


-أيوة دي حجة بقى علشان تقول رجلي ..فوق يابابا، فيه ماتش ولازم كلنا نشارك فيه 


طالعهم جواد متسائلا 


-ماتش ايه ..توقف جاسر يشير إلى أوس 


-دا الباشهمندس يحكيهالك ياحج ، انا طالع ارتاح شوية منمتش امبارح 


اومأ له متفهما ..بينما اتجه جواد بنظره الى أوس


-قوم ارتاح شوية قبل الغدا، ثم تسائل


فين ياسين مرجعش من برة 


نهض من مكانه قائلًا:


-كلمني من ساعة كان عايز يغير عربيته ، أومأ جواد متفهما ثم أشار إليه 


-طيب ارتاح شوية ، خدلك شاور قبل ما تنام ماترحش ترمي نفسك على السرير بجذمتك كالعادة 


-ليه ياسمينا مش فوق 


توقف جواد لمقابلته


-خرجت مع عاليا، قالوا رايحين يشتروا شوية حاجات لبنت اخوك، هي كانت هتكلمك بس انا ادتلها الاذن ايه عندك اعتراض 


انحنى يقبل كتفه ثم ربت عليه


-ابدا حبيبي انا استغربت بس، هطلع ارتاح ..توقف متسائلا :


-"مسك" معاها ولا ايه ..تحرك جواد متجها للحديقة 


-مع الناني في الجاردن ، ياله اطلع وأنا هشوفهم والعب معاهم شوية 


بشركة الألفي 


كانت منصبة على جهازها تدون بعض الأشياء المهمة، بعدما هدئت، وبدأت تستعيد حيويتها مرة اخرى ..جذب المقعد وجلس بجوارها 


-خدي الورق دا سجليه عندك، وابعتي منه نسخة للاستاذ معتز، واعملي جدولة 


اتجهت إليه تسحب الورق دون أن تنظر إليه قائلة:


-أنا خلصت النسخة دي، وبعتها الايميل لحضرتك، وكمان بعت نسخة للاستاذة نادين بناء على طلب الباشمهندس عز 


توقف يومئ برأسه ثم استدار ليتحرك ولكنها أوقفته


-باشمهندس ..أطبق على جفنيه عندما تسلل صوتها الهادئ لاعماق قلبه استدار بهدوء وجدها تفتح درج مكتبها ثم أخرجت ذاك الصندوق 


-آسفة مبقاش له لازمة ، اتفضل ..اومأ دون حديث فجذبه منها بوصول نادين مبتسمة: 


-اتأخرت عليك ..قالتها وهي تنظر إلى جوان التي رمقتها بهدوء ثم استدارت تتابع عملها 


تحرك فارس بجوارها 


-لا ابدا، توقفت تنظر إلى الصندوق 


-ايه دا ..قلبه بيديه حتى سقط من بين كفيه ..فانحنت :


-تسمحلي قالتها بعدما سقط الصندوق ليتساقط من بين يديها لتنكسر تلك اللعبة التي عبارة عن عروسين يتراقصان بنغمات موسيقية ، جلبها بناء على طلبها عندما كانوا يتجولون على كورنيش النيل 


استدارت تطالعهما بعدما استمعت لسقوط الصندوق وحديث نادين ..ظل للحظات يتابع الزجاج المتناثر من تلك الهدية بصمت..انحنت نادين تلملم بعض القطع الزجاجية الا أنه أوقفها 


-مفيش داعي ..سبيها حد هيجي ينضفها، ياله علشان نتأخر 


استدار برأسه إلى جوان 


-كلمي عامل النظافة يجي يلم القزاز دا ..امال على الصندوق وتناوله ثم فتح صندوق القمامة الذي يجاور مكتبها وألقاه بها وغادر دون حديث 


شعرت بانتهاك ملكيتها عندما تحرك مع نادين وضغط بحذائه على هديته لها، نهضت بقلب يقطر ألمًا على ما فعله بها، حاولت أن تتناسى مشاعرها فيكفي ماشعرت به من قربه وخذلانه لها كيف تنسى تلك الاتهامات الشنعاء، كيف تنسى نظراته المشمئزة لها، كيف تناسى حبها بعدما وهبته قلبًا طاهرًا نقيا، انحنت تجمع تلك القطع الزجاجية وانهمرت عبراتها على ذكريات انكسرت ولم يتبقى منها سوى ذكريات مؤلمة..شهقت عندما تسللت قطعة زجاج إلى أصبعها، اخرجتها ببكاء ومازالت تجمع قطع الزجاج المنكسرة كقلبها آلان 


شعرت بأحدهم يجلس بمقابلتها يحتضن كفيها ويضع محرمة ورقية عليه ثم ساعدها بالوقوف، ارتفع صوت بكاؤها ليضمها لأحضانه 


-خلاص بطلي عياط ، بكت بشهقات لا تريد الابتعاد عنه، أحبته بصدق ودعس على قلبها دون رحمة  


-اهدي خلاص مفيش حاجة ، قالها وهو يعطيها محرمة أخرى مبتعدا عنها 


-حافظي على جرحك ، واسف على انك قابلتي واحد معدوم الرجولة 


حركت رأسها مع انسياب عبراتها، لقد آلامها قلبها على نبرة الشجن بصوته، وكأن هناك من طعن صدرها بسكين بارد عندما أشار إلى العامل الذي وصل


-ارمي الحاجات دي في الزبالة، وابعتلي الاستاذ عمر خليه ..قاطعهم وصول عمرو 


-افندم حضرتك طلبتني 


-انقل مكتب أستاذة جوان في الدور الخاص بأوس، وشوفلي حد مكانها لحد مانعمل اعلان..استدار يرمقها وتابع حديثه


-عايز شاب، مش عايز بنات هنا تاني، الدور دا مفهوش رجالة ، فيه أشباه رجال


طالعه بجبين مقتطب 


-حضرتك عايز المسؤل مكان سما ولا جوان 


-نزل الاتنين ، مش عايز بنات خالص، 


اومأ متفهما فتحدث


-حاضر يافندم، اديني ساعتين تلاتة أشوف حد جدير بالوظيفة 


رفع عمرو نظره إلى جوان 


-لمي حاجاتك ياجوان ، وبعد الإجازة استلمي الشغل تحت 


كانت نظراتها تحاوط وقوفه وهو يجيب على هاتفه الذي ارتفع بالأجواء


تحركت إلى وقوفه وانتظرت إنهاء مكالمته ..استدار للمغادرة توقفت أمامه بدموعها 


-مش قادرة يافارس، مش قادرة انسى اللي عملته ..أحس بالدوار يلف برأسه فاقترب منها  


- عارف غلطت وأنا آسف ياجوان، آسف اني مكنتش راجل معاكي، ومصدقكيش ..رفع ذقنها يتعمق بعيناها 


-ميرضنيش انك ترتبطي بواحد مش راجل 


-آسفة ..مكنش قصدي، والله ماكان قصدي، قلبي موجوع منك 


سحبها لحضنه بعدما فقد السيطرة على قلبه المتحكم 


-بطلي عياط ، قلبي بيوجعني، عارفة انك راجل ، وراجل قوي كمان، واكتر حاجة عجبتني فيك رجولتك متزعلش مني 


أغمض عيناه وآهة طويلة كانت أبلغ رد في تلك اللحظة ، ضغط من احتضانها متناسيا قربهما ، كل مايشعر به أن روحه تعانق روحها فهمس ببحته الرجولية


-مش زعلان منك، زعلان من قلبي اللي غفرلك 


..ارتجف جسدها 


فتراجعت بعدما وجدت وضعهما الغير لائق ..وظلت تطالعه لبعض الوقت 


-عايز مني ايه؟!


-عايز نكمل حياتنا مع بعض ..احتضن وجهها وانحنى بجسده يتعمق بعينها


-عارف اني غلطت


ابتعدت هاتفة:


-برضو بتقرب مني، اومال لو متعرفش حدود ربنا..دنى منها أكثر:


-شاوري بس وريحي قلبي وأنا احرق الحدود اللي بينا دي، طفي نار قلبي ياجوان 


تراجعت على مكتبها قائلة 


-سبني كام يوم لحد مااهدى وأنسى يافارس ..اقترب منها حتى حجزها بالجدار خلفها 


-النهاردة بالليل هاجي أنا وعمي وبابا، نطلبك وبكرة مع حنة ابن عمتي هيكون كتب كتابنا، عرفي والدتك بكدا، ولو تقنعيها بالفرح يكون أحسن ، فتحت فمها للأعتراض ..وضع إبهامه على فمها 


-لو سمعت اي اعتراض هتندمي ومش أي ندم، وانا مجنون وأعملها، روحي اسألي عن ولاد صهيب الألفي ، شعارهم ايه في العيلة ..دنى يهمس بجوار أذنها 


-شعار جنون الحب، مجانين بالحب، وأنا دكتور ورئيس قسم والبركة فيكي، تراجع يشير إلى أناملها 


-متلعبيش في القزاز تاني، اتكسرت وأخدت الامنا معاها، علشان بعد كدا تحافظي على أي حاجة فارس يدهالك 


تراجع مستديرا فوجد نادين تقف مكتفة ذراعيها مع بعض الموظفين


وزع نظراته بينهما يتسائل


-واقفين كدا ليه ..اقتربت منه نادين 


-حضرتك اتأخرت فجيت اسأل عليك لقيتك مشغول مع الأستاذة 


جذب رسغ جوان حتى توقفت بجواره ثم اتجه بنظره للجميع وهو يحاوط خسرها 


-جوان بتكون خطيبتي، وبكرة كتب كتابنا، اكيد جاين تباركو


توسعت أعين نادين بالصدمة مرددة 


-ايه خطيبتك!! ..اقترب منها ومازال محاوط جسد جوان 


-اه ايه متعرفيش ولا ايه، معلش معذورة ، الحقيقة جوان كانت عايزة تعمل مفاجأة وحفلة بكرة بس بما انكم عرفتوا كدا المفاجأة ضاعت ..نظر إليها بأعين تلقيها بأسهم العشق الندي 


-بكرة معزومين على كتب كتابنا ..


طالعته بعيون مترقرقة بالدمع وحدثته بعينها :


-كيف أقتل مشاعري بداخلي اتجاهك ، وانت تحاصر انفاسي بعشقك من كل جهة، لقد سحبت انفاسي بدقات قلبك التي أعلنت حرب الحب عليا، وتفوقت بكامل اسلحتك الفتاكة لتخطف قلبي وعقلي بل كل جوارحي 


ابتسم لها بعدما شعر بمشاعرها من نظراتها التي اذابته عشقًا، فاحتضن كفيها أمام الواقفون 


"بحبك"..ارتجف جسدها وتلالأت عيناها تنظر بخجل للأسفل بعدما اخترقتها نظرات الجميع ، لينسحبوا إلى مكاتبهم بجو من السرور مع دعواتهم بالسعادة 


فارس ابعد لو سمحت عاجبك كدا 


رفع ذقنها بأنامله 


-أنا عملت حاجة، انا لسة هعمل ، استني بس لما تكوني حلالي ..حمحمت نادين تضرب قدمها بالأرض 


-ايه امشي ونلغي الشغل 


-اه انا النهاردة ماليش مزاج للشغل ممكن ترجعي ولما اشوف وقت مناسب، هكلمك  


طالعت جوان للحظات بصمت ثم تحركت للخارج دون حديث ..حاولت التملص من بين ذراعيه وهتفت بغضب


-ايه اللي قولته دا، ازاي تقولهم أننا مخطوبين، ينفع كدا 


لاحت ابتسامة لاعوب على وجهه، فاقترب يهمس 


-هو انا قولت خطوبة، اناقولت هنتجوز، اتعاملي معايا على الأساس دا 


جذبها من رسغها قائلا:


-لسة هتكلم تعالي معايا ..


-فارس سيب ايدي مينفعش كدا..أطبق بقوة أقوى وتحرك متجها للمصعد الخاص به ..توقفت تجذب كفيها بعنف


-هو ايه اللي بتعمله دا ..توقف يطالعها بصمت للحظات ثم خطى إليها وهي تتراجع للخلف ، أشار على المصعد ضاغطًا على أسنانه 


-هتخرجي جنبي زي أي بنوتة حلوة بتحب خطيبها اللي بكرة فرحهم بدل مااشيلك زي الشوال، اختاري بسرعة هتمشي ولا أشيل


رفعت سبباتها محذرة إياه


-اياك تقرب مني هصوت وألم عليك الموظفين 


يابت متخلنيش افقد اعصابي ،صوتي كدا ..نزل ببصره لشفتيها وغمز بعيناه


-هعرف اسكتك كويس


توسعت عيناها بذهول مع ارتعاشة بساقيها تحاول أن تبتعد عن محاصرته


-فارس وسع عيب كدا 


-مش هوسع ..هتعملي ايه 


تلألأت عيناها بالدموع:


-ابعد لو سمحت..رفع ذقنها ينظر إلى عيناها بحزن 


-لحد امتى هتخافي مني 


أحست ببرودة تجتاح جسدها من نظراته الحزينة،فهمست بتقطع 


-لحد ماتبقى جوزي، حرام يافارس القرب دا، خلي ربنا يبارك لنا في حياتنا مع بعض 


ابتسامة زينت وجهه ينظر إليها بحبور بعد كلماتها التي أحييت روحه ..ظل يتأملها بحب وضرب المسافة التي بينهما 


-قولتي ايه؟!


وضعت كفيها أمامه 


-بلاش نغضب ربنا، ايه مش خايف 


همس بعيون والهة وقلبه الذي قرع كطبول الحرب قائلاً :


-انا عايزة بركة في حياتنا ، عايزك نور لحياتي، عايزك تشاركيني الحزن قبل السعادة 


-إن شاءالله مفيش حزن..قالتها بشفتين مرتعشتين 


تنهد بغرام يحيي القلوب ناظرًا بعمق عيناها هامسا ببحته الرجولية 


-"جوان أنا بحبك"..قالها عندما ازداد بريق العشق بعيناه 


توردت وجنتيها لتصبح كبتلات الورد الجوري ..وتحول قلبها لفراشات تدغدغ معدتها لتهمس بتقطع 


-ممكن نمشي..


أشار إليها مبتعدا وعيناه تحاوطها بجنان عشقه قائلا 


-هنمشي بس علشان مش ضامن نفسي 


تحرك بها إلى سيارته متجها إلى وجهته وهي الذهاب لمنزلها


مساء بمنزل جاسر 


دلفت إلى غرفتها تحمل بيديها اغراضًا إليها وإلى ابنتها ،..تسمرت بوقوفها عندما وجدته مستغرق بنومه على فراشها


فتح عيناه عندما شعر بدخولها ..نهض يمسح على وجهه ، خطت متجهة لغرفة الملابس ولم تعريه اهتمام تضع باقي الملابس بالحقيبة بعدما أمرهم جواد بالتحرك بالصباح الباكر لروجعهم لحي الألفي 


نهض متجها إليها ، توقف على باب الغرفة لفترة ثم تحرك إليها بعدما لم تكترث لوجوده 


انحنى بجسده يرفعها من خصرها، لكزته هادرة به


-اياك تلمسني تاني، معرفش ازاي جالك الجرأة انك تدخل الاوضة وتنام على سريري اصلًا 


جذبها بقوة يدفن رأسه بخصلاتها


-مش تزعليني ياعاليا، أنا تعبان بلاش تعملي فيا كدا 


تراجعت متهكمة تطالعه بنظر مزدرية قائلة:


-اه تعبان، وياترى تعب من أي نوع ياحضرة الظابط، اقتربت تلكمه بصدره 


ايه جاي ترتاح معايا وبعد كدا ترميني زي بنات الليل، تمشي لشهور وترجعلي لما الشوق يغلبك، انا هنا علشان بنتي ياياسين مابقتش متحملة اللي بتعمله 


"عاليا "..أشارت بسبباتها كالمجنونة 


اخرص، بلا عاليا بلا زفت ، ايه انا ايه في حياتك، قولي صرخت كالمجنونة وانسابت عبراتها 


جذبها يضمها لصدره 


-إنتِ القلب والحب كله ياروح ياسين ، انا زعلان ومخنوق ومش عارف اسامح ولا عارف اعيش من غيرك 


كذااااب ..قالتها بانهيار مع انسياب دموعها ، ثم أشارت إلى نفسها 


ولا عارفة أعيش ياياسين، قولي عرفت تعيش، حتى جيت يوم ولادة جنى ومهنش عليك تاخدني في حضنك وتتبطب عليا وتقولي متزعليش


لم يدعها تكمل حديثها فيكفي مايشعر به كلاهما ..ظل لفترة يرتوي من لهيب عشقها، حاولت الابتعاد عنه في بادئ الأمر ولكن عشقه طغى على امتناعها 


ليحي قلبه وقلبها من جديد ..صرخت هادرة تلكمه بقوة تمسح ثغرها


-مبقاش ينفع ياحضرة الظابط، اللي بتعمله دا بيكسرني قدام نفسي


ابتعدت تشير إليه 


-أنا مش مسمحاك ياياسين، واسمعني انا مش هفضل ساكتة على كل مرة تزلني وتدوسي على كرامتي ودلوقتي اطلع برة، لما تحسسني اني استاهل انك تضحي علشاني يبقى تعالى، مش عايزة افضل في نظرك الجوازة السهلة


-ايه اللي بتقوليه دا يامجنونة 


رمقته هادرة، وبصقت حديثها الذي أوقفه متسمرًا


-أنا رافضة الجوازة دي، انت اتجوزتني غصب في ظروف مضطربة، ودلوقتي من حقي ارفض أو اقبل ..شوف هتعمل ايه علشان ترضيني..لو عايزني حسسني بقيمتي ..قالتها واستدارت تواليه ظهرها 


توقف ينظر إليها لبعض الوقت، ثم تحرك خارجا ..قابله جاسر خارجًا من غرفته ..توقف أمامه يطالعه بتدقيق 


-لسة زعلان مع عاليا ..بقلب مهشم وينزف بصمت:


-أنا عارف اني غلطت، بس انا معذور،مراتي لغتني وراحت شقة واحد كان هيغتصبها ياجاسر 


حاوط أكتافه وتحرك للأسفل تعالى ننزل نلعب شوية باسكت ، نخرج الطاقة السلبية واحكي لي اللي حصل 


بعد فترة من اللعب بينهما ، اتجها إلى حمام السباحة ليسبحا بعض الوقت، استند على الجدار متسائلا


-مالكم بقى ..قص له بعض الأشياء ثم ألقى بجسده بجوار المسبح 


خرج جاسر من المسبح 


-قوم خد لك شاور علشان نتغدى، وأكيد عاليا مش هطول في زعلها، سبها لما تهدي 


وضع كفيه على عينيه قائلا


-بتقولي من حقي أرفض أو اقبل علاقتنا ..جوازي جه منها بالغصب 


جذب المنشفة يجفف جسده ثم ألقاها بوجهه


-طيب ماهي سهلة ياغبي، قدملها طلب جواز ، ودا من حقها بسبب ظروفكم، وبعد كدا سبها تختار 


اعتدل جالسا 


-إنت عبيط يابني، عايزني اروح اتجوز مراتي، ايه الغباء دا 


ركله بقدميه 


-تصدق تستاهل اللي بيتعمل فيك، خليك كدا لحد ماتخلعك ، 


-لا بجد انت مجنون ، وياترى ياحضرة الظابط هروح اقدم طلب جوازها منين 


تحرك جاسر بعدما سبه 


-من البوستة ومتنساش طوابع البريد، كتر منها...متخلف ،روح اخطبها من عمو سامي البواب ..ايه الغباء دا 


تحرك للأعلى قابلته غزل 


-حبيبي اخواتك فين علشان نتغدى مع بعض ..أشار للخارج 


-الحلوف ياسين رايح يشتري طوابع من البوستة، والعاقل نايم فوق ، وانا قدامك ، ايه عندك حد غيرنا بالسر


لكزته بصدره 


-طيب روح البس هدومك قبل ماتبرد، توقفت تنظر إليه بجبين مقطب


-بوستة ايه اللي بتقول عليها ..قهقه ثم تحرك صاعدا للدرج


-ابنك عايز يتجوز، فكنت بقوله يشتري طوابع كتب الكتاب 


امتقع وجهها متسائلة 


-الواد دا اتجنن مين اللي عايز يتجوز، استمعت إلى صوت بيجاد وعز بالخارج مع ياسين، تحركت للخارج وجدتهم يتوقفون مع ياسين عند المسبح ..تحركت إليهم 


-حمدالله على سلامتكم ..قبل جبينها عز 


-غزولة وحشتيني كدا حي الألفي يضلم من غيركم، انا قولت مش هبات هناك وانتو هنا 


ابتسمت تربت على كتفه 


-ربنا يسعدك حبيبي ، مراتك فوق نامت الحمل تعبها فقالت هتريح شوية 


تحرك متجها إليها 


-طيب هطلع اشوفها، انا واقع من الجوع ياغزول ، شوفيلي حاجة اكلها 


-حبيبي غير هدومك هتلاقي "رُبى" اكيد عاملة حسابك ..تحرك يلوح بكفيه ..اتجهت وجلست بجوار بيجاد الذي جلس أمام المسبح شاردا بنظراته اتجاه ياسين الذي يسبح ..ربتت على كتفه:


-سرحان في ايه يا كابتن 


التفت يناظرها ورسم ابتسامة على وجهه 


-عاملة ايه، ليه اصريتوا تباتوا هنا، أول مرة عمو جواد يبات برة حي الألفي، من بعد سفرياته خارج القاهرة 


ابتعدت ببصرها عنه واجابته


-حاجات بيرتبها حبيبي ، غير أن البيوت بتعتكم بتتفرش


-مكنش له لازمة البيت اللي عامله، انا مش ناقصني بيوت 


استدارت تحتضن كفيه وتحدثت بهدوء:


-بيجاد اسمعني كويس ، مين من ولادي محتاج يابني، عمك عمل الصح، وبعدين انت مالك دا بيت لبنتي مش ليك 


ابتسم يهمس لنفسه 


-بيوزع علشان عارف أنه خلاص قرب على النهاية ..لكزته غزل متسائلة:


-بيجاد مالك حبيبي ، مش عوايدك وبعدين انت زعلت من كلامي انا بفهمك حاجة مهمة ، غنى زيها زي اخواتها حتى لو معاك مال قارون، وطبعا جواد مش ناسي انك معاك اكتر وربنا يزيدك حبيبي ، بس برضو البنت من حقها يكون ليها في مال ابوها


نهض من مكانه عندما فقد التحكم بنفسه


-أنا مش واخد حاجة ياطنط، والبيت مش هنعيش فيه، وعرفي عمو كدا ، انا مش قابل اللي بيعمله ، ليه بيحسسني أنه بيوزع ورثهم


توقفت تنظر إليه بذهول 


-بس دا مكنش كلامك والمهندسين بيصمموا، دا مكنش كلامك وانت بتختار مع اوس وعز أثاث بيتك 


تراجع ينظر حوله بضياع ، فكلما تذكر حديث جواد حازم عن مرض جواد يريد أن يهدم العالم بأكمله ، هرب من نظراتها عندما اغروقت عيناه بالدموع وهتف بصوت يملؤه الألم 


-غيرت رأيي، انا مش محتاج، وحضرتك عارفة كويس بايدي اعيش بنتك في قصر من دهب، لو شاورت بس مستعد اعملها ، لكن البيت دا مش هدخله ودا اخر كلام 


خرج ياسين من المسبح بعدما ارتفع صوت بيجاد، جذب المنشفة يوزع نظراته بينهما 


-مالك يابيجاد مزعل ماما ليه..سحب كف ياسين بقوة 


-عايز اتكلم معاك، تعالى ..قالها وهو يتحرك بعيدا عن غزل التي توقفت متصنمة تحاول أن تستوعب انقلاب بيجاد بتلك الطريقة 


بالاعلى وخاصة بغرفة جاسر 


خرج من المرحاض، يلتف بمنشفة بجزئه السفلي، اتجه بنظره لزوجته التي غفت وهي تحمل ابنته بأحضانها..جذبها من بين يديها بهدوء ثم وضعها في مخدعها، توقف يطالعها بابتسامة ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها 


-والله القمر شبه بابي، صح يالولو ..مرر أنامله على وجهها يرسمها بعيناه ثم جلس بجوارها ومازالت نظراته عليها 


-اممم ، يعني عيون بابي بس ياليو، توقف على ثغرها عندما فتحته وهي تتثآب ..ابتسم على جمال نعومتها ، رفع نظره لزوجته ثم إليها 


-أميرة بابي واخدة ملامح مامي بس بابي اكتر صح ..تململت جنى فهبت من مكانها تهمس باسم ابنتها ، توقف متجهًا إليها 


-اهدي حبيبي البنت نايمة ..ألقت الغطاء وهرولت إليها 


-البنت كويسة ياجاسر ولا فيها حاجة 


جذبها بقوة لصدره:


-البنت كويسة ياجنى بس أبو البنت اللي مش كويس ..تجمدت عن الحركة بعدما استمعت لحديثه ، وطالعته بأنظارها 


-إنت تعبان !!


اه تعبان..قالها بصياح عندما فقد سيطرته وشعر بألم روحه من حالتها منذ خروجها من المشفى ..أشار عليها وهتف مستطردا 


-اعمل فيكي ايه ، بقيتي مجنونة كل ماللبنت تبعد عن حضنك تتجنني، ايه ياجنى البنت كويسة، اهدي علشان ربنا مايعقبناش ويباركلنا فيها 


شهقت ببكاء وارتجافة بجسدها ..سحبها لأحضانه يمسد على خصلاتها 


-وبعد هالك حبيبتي ، بقالنا شهر على الحال دا،. انا تعبت مبقتش قادر اركز في شغلي من عمايلك دي 


-البنت هتموت ياجاسر صح، قولي انها هتعيش والله هتعيش ، ريح قلبي ياجاسر 


انحنى وحملها بين ذراعيه واتجه إلى فراشهم..وضعها بهدوء وحاوطها بذراعيه 


-أنا اللي هموت منك ياجنى، 


وضعت كفيها على فمه


وعانقت رقبته تبكي بصوت مرتفع 


-بعد الشر عنك ياحبيب جنى ..رفعها بذراعيه يجذبها لتصبح بأحضانه


-قوليلي اعمل فيكي ايه، مش كلمتين اتقالوا وقت الولادة يبقى خلاص البنت هتموت..رفع ذقنها يحتوي وجهها بين راحتيه 


-البنت اخدتها لكام دكتور، غير ماما عرضتها على اكبر اطباء في مصر، البنت حلوة ، والحمد لله كل حاجة طبيعية والثقب اللي الدكتور قال عليها هيقغل مع الوقت


-يعني مفيش دم فاسد، والجهاز التنفسي كويس صح ..سحبها من كفيها واتجه الى ابنته


-قوليلي كدا ، دي لو عندها دم فاسد هتبقى نايمة كدا ، اومال كانت بتعمل ايه طول فترة الحضانة دي كلها، حبيبتي إنتِ والدة بقالك شهر يعني لا قدر الله لو فيه مضاعفات للولادة كانت ظهرت ، دمها اتغير كلها، اومال جوزك كان بيعمل ايه كل يوم عندها ، والرئة كملت والله، وجهازها التنفسي فل 


-وثقب القلب ياجاسر، البنت هتكون مريضة قلب


-مش ملاحظة انك نسيتي جاسر ياجنى، فين أنا من حياتك من وقت الولادة، أنا مبقتش موجود 


احتضنت وجهه واقتربت تقبله تهرب من خوفها الذي يكبر يوما بعد يوما على ابنتها ..ضمها لأحضانه دافنا رأسه بعنقها يستنشقه بوله عاشق


-وحشتيني ياقلب جاسر ...دفنت نفسها بأحضانه كأنها تهرب من وسوسات الشيطان 


-وحشتني قوي حبيبي..تنهيدة عميقة يسحبها للفراش يدثرها بالغطاء 


-نامي حبيبي ، هروح البس ..احتضنت كفيه 


-زعلان مني..انحنى يطبع قبلة على جبينها 


-مقدرش ازعل من روحي 


بعد قليل هبط الجميع لتناول وجبة الغداء..ترأس جواد المائدة يوزع نظراته بين أولاده ثم هتف


-مجبتش بابا معاك ليه ياعز؟!


نظر إليه بصمت ثم أردف


-بابا ميعرفش اني هنا، ومكنش متوقع من حضرتك تبات برة حي الألفي 


اومأ برأسه ينظر إلى جاسر الذي يطعم زوجته وأردف:


-مكنش في بالي أبات هنا، بس جنى اللي أصرت على كدا ، مش كدا ياجنجون 


ابتسمت لعمها وهزت رأسها 


-شكرا ياعمو، زيارتكم فرحتني وخرجتني شوية من الحزن 


مسد عز على رأسها


-ليه حبيبتي حزينة، بنتك رجعت لحضنك وكويسة، وجوزك جنبك 


رفعت نظرها لأخيها وترقرت عيناها بالدموع 


-هتبقى كويسة ياعز مش كدا ..توقف جاسر عن مايفعله، وزفر بغضب ثم تحدث بصوت مرتفع بعض الشئ


-طمن اختك ياعز، بدل انا كلامي مابقاش يتصدق، يمكن تصدقك إنت 


-جاسر اتجننت ..اردفت بها غزل تشير بعيناها إلى جنى 


-حبيبتي البنت كويسة، والله مافيها حاجة اهدي إنت، متنسيش عندنا فرح بعد يومين، لازم تجهزي، بشرتك تعبانة 


-حاضر..قالتها وهي تنظر لزوجها بحزن ينبثق من عيناها، امسك السكين ولم ينظر إليها وبدأ يقطع اللحم ويتناوله بهدوء، حاوطت ذراعه وهمست له باعتذار


-جاسر متزعلش مني..لم يلتفت إليها وبدأ يتناول طعامه بهدوء، رغم شعور بعلقمه ..رفع عيناه إلى ياسين عندما تحدث جواد


-ياسين الصبح تروح مع مراتك تشوفوا فيه حاجة محتاجينها في البيت ولا لا 


-بابا ممكن نتكلم بعد الغدا..اومأ جواد دون حديث


-مالك يابيجاد؟! مش عوايدك تسكت كدا ، ايه غنى مزعلاك 


-ابدا يابابا ، من وقت مارجع وهو كدا


هز جواد رأسه ثم غمز إليه وهو يضع قطعة اللحم بفمه 


-مش هتقول لابوك يالا مالك، ايه نسيت ولا ايه 


ظلت نظرات بيجاد عليه لفترة حتى استغرب جواد صمته، فضحك قائلا


-لا دا الموضوع كبير، وشكلك عامل مصيبة يابن ريان..قاطعته غزل 


-بيجاد مش عايز البيت ياجواد ، بيقول انا مش فقير علشان تبنوا لي بيت ..ضغط عز على ذراع بيجاد عندما وجد نظراته المصوبة لجواد، وانحنى يهمس له 


-بيجاد اوعى تتهور، طنط غزل قاعدة، اياك تتهور هزعل منك، طنط غزل ممكن تموت فيها 


لم يلتفت إلى عز وانما رفع شوكته ينظر لقطعة اللحم ثم الى جواد 


-كنت مع جواد حازم النهاردة ، واتكلمنا شوية، لقيته زعلان، تخيل زعلان من ايه ياعمو


صمت جواد وارتفعت دقات قلبه يوزع نظراته على ابنائه ، ثم اتجه ينظر إلى بيجاد الذي تابع حديثه 


-جواد بيقولي له صديق مريض ومخبي على أهله ، وممكن صمت ولمعت عيناه بالدموع حتى هب جواد من مكانه 


-أنا شبعت كملوا اكلكم، ثم اتجه بنظره إلى بيجاد وعز 


-خلصو اكل وتعالولي المكتب، قالها وتحرك ولكنه توقف عندما تسائلت غزل 


-حبيبي مقولتش صديق جواد مريض بايه لو بايدي حاجة اساعده 


كانت نظراته كالسهام على بيجاد يحاوره بعيناه الا ينطق ولكنه استدار إلى غزل وهتف


-إنتِ الوحيدة اللي بأيدك تساعديه


بيجاد صاح بها بغضب واقترب يجذبه من تلابيه 


-تعالى عايزك يالا..انزل كف جواد بهدوء يطالع غزل وتابع حديثه 


-قولتي ايه ياطنط غزل ، هنا هب عز من مكانه 


-قوم يالا وطنط غزل هتشوف الموضوع دا بعدين ، رفعه من ذراعه يلكزه بغضب يجز على أسنانه 


-تعالى نغلس شوية على عمو جواد ياظريف ..


وزع أوس وجاسر نظراته بينهما بذهول، فنهض جاسر يسأل 


-شامم فيه حاجة مش مظبوطة ، ايه اللي بتحاولوا تخبوه عننا 


دفع عز بيجاد للمكتب قائلا


-بيجاد عايز ياخد غنى ويسافر، فبيستفز عمو جواد 


أطبق جاسر على ذراعه


-مخبي ايه ياعز، وليه بتهرب من نظرات ابويا، وليه وقفت بيجاد عن الكلام، بيجاد مش سكران علشان تعامله كدا 


حدجه عز بنظرات ثابتة لبعض الوقت، ثم اتجه بنظراته إلى غزل التي تتحدث بسعادة مع بناتها وهتف


-بيجاد عنده مشاكل ياجاسر مفيش غير كدا ..ضغط جاسر على كتفه بقوة الامته 


-هعمل مصدق ، بس متأكد فيه حاجة بتحاولوا تخبوها 


دلف للداخل وجد جواد ينهر بيجاد بغضب حتى تغيرت ملامح وجهه..اقترب منه وتوقف أمامه 


-هو انا مش ابنك، مش حضرتك قولت انا ابنك ومفيش فرق بينا كلنا، ليا تعمل كدا وتخبي علينا، ليه حضرتك مصر تتوجع لوحدك 


احتضن وجه عز يضغط عليه بقوة 


-أنا كويس ياعبيط ، انا كنت بقول كدا لجواد علشان يتجوز جنى بس 


-لا ياعمو، احنا رحنا للدكتور بتاع حضرتك وعرفنا كل حاجة 


-عز اسمعني ياحبيبي 


حضرتك اللي لازم تسمعنا ياعمو، حضرتك هتسافر وتعمل العملية ، ودا اخر كلام 


-موافق قالها جواد مبتعدا بنظره عنهما ثم أردف 


-بس بشرط..وزع نظراته بينهما قائلا


-احس انكم رجالة بجد، وتوعدوني محدش يعرف حتى جاسر نفسه، وبعد ولادة ربى هسافر


-اوعدنا الاول ..أردف بها بيجاد 


حاوط أكتافه يربت على ظهره 


-وعد يابن ريان..قبل بيجاد كتفه 


-ربنا مايحرمنا منك يارب 


-يابني كلنا هنموت، البقاء لله وحده 


ونعم بالله ممكن ماتتكلمش كدا..رفع جلس جواد يشير إلى كوب المياه بعدما شعر بوخزته المستمرة 


استمعوا لطرقات على باب المكتب بعدها دلوف ياسين الذي توقف قائلا


بابا عايز اروح أخطب 


ابتلع مشروبه بصعوبة كاد أن يختنق ينظر لأبنه بذهول 


-إنت اتجننت يلا محدش مالي عينك خلاص، عايز تتجوز على مراتك 


هز رأسه بالنفي يشير لوالده 


-لا حضرتك فهمتني غلط 


توقف والده يحدجه بنظرات نارية يريد أن إحراقه بها قائلا بتوبيخ:


-لا ياراجل طب فهمني الصح، دي ممكن تمو..تك يخربيتك، 


توقف عندما فقد الحديث مع والده قائلاً:


-ماهو حضرتك مش مديني فرصة اتكلم 


لكمه بصدره يريد اختنا قه 


-إنت عايز تموت ابوك يالا ..ودي عايزة فهم ، حضرتك جاي تقولي عايز اروح أخطب وانت متجوز


ايه بقى اللي مفهمتوش 


-ماهو انا عايز أخطب مراتي 


توسعت أعين والده قائلاً :


-لا حول ولا قوة إلا بالله..انت بتقول إيه يابني


قهقه بيجاد وعز 


-بيقول أنه اتجنن رسمي..جذبه عز 


-مالك ياياسين انت سخن ولا اتجننت 


ممكن تسبوني مع بابا شوية 


جلس بمقابلة والده بعد خروج بيجاد وعز وقص له ماصار بزواجه ثم رفع نظره 


-من حق مراتي تختار يابابا 


-فهمتك حبيبي ، طيب لو رفضت 


هز رأسه بابتسامة وأجاب والده


-مش هتقدر ...ضحك جواد يشير إليه ليجلس بجواره، ثم ضمه لأحضانه 


-عارف اني ظلمتك في حاجات كتيرة وخاصة جوازك مهتمتش بيه ..


حاضر تاخد مراتك ترجعها بيت اهلها ونشوف نروح امتى 


توقف سريعا 


-لا مش هتروح لوحدها احنا هنروح وهي معانا وترجع وهي معانا 


أطلق جواد ضحكات صاحبة حتى تناسى الامه يهز رأسه على جنان ولاده 


قاطعهم دلوف فارس ..توقف جواد عن الضحك متسائلا


-ابوك كويس يالا ..تحرك إليه يسحبه من كفيه 


-ابويا كويس بس أنا مش كويس، ودلوقتي لازم تيجي معايا عند ابويا وتقنعه أصله مش مقتنع


خرج جواد وهو ينظر إليه بذهول 


-يابني اوقف وقولي اقنع ابوك بايه 


لحظات كان عز بجوار أخيه قائلا


-بيحب واحدة وعايز يخطبها 


-نعم ياروح خالتك، ودي نروح نخطبها من غير مانشوف عيلتها 


سحبه فارس قائلا


-هقولك في الطريق..دفعه جواد غاضبا 


-إنت مجنون يالا..قولي اسمها وبعد الفرح نشوف موضعها 


استدار فارس إلى عز قائلا


-عز الحقني بيقول بعد الفرح، فهمه قوله الفرح هيكون بتاعي 


توقف جواد مزمجرًا به


-اوقف كدا وقولي ايه الحكاية..حاوط أكتاف عمه 


-عمو فيه بنت بقالي فترة متابعها وعجبتني، وسألت عليها ، كويسة والله ياعمو


سحبه جواد من ذراعه


-اقعد يافارس واسمعني ..


جلس بمقابلة بعدما ارتفعت حرارته حينما رفض عمه ذهابه إلى معشوقته 


-هعملك اللي انت عايزه اكيد، بس اسمعني دا جواز ياحبيبي مش متوقف عليك وعليها، دول عيلتين لازم نشوفهم هيناسبونا ولا لاء، ومقصدش هنا الماديات ابدا ، انا قصدي الأخلاق والقيم 


-والله ياعمو ناس كويسين ومحترمين 


تنهد ساحبا نفسا عميقًا ينظر إلى عز 


-مش تفهم اخوك أن الموضوع مش سلق بيض يابني، دا نسب ولازم التأني 


-عمو جواد املي فيك كان كبير قوي، وحضرتك دلوقتي صدمتني زي بابا بالظبط 


ربت على كتفه واجابه


-قولي اسمها وبكرة نسأل ونشوف الوقت المناسب اللي نزروهم 


-امتى ؟! ..تسائل بها فارس سريعا 


ابتسم جواد مشاكسًا


-شكلك مستعجل قوي ياباشمهندس، على كدا جواد نعمله تمثال 


ابتسم وابتعد عن نظرات عمه قائلا


-حبيتها بجد ياعمو، وبجد عايز الموضوع يتم بسرعة 


-إن شاءالله حبيبي ، نخلص من فرح جواد وبعد كدا عيوني ليك ، دا انت الختام ياابو الفوارس 


نهض يقبل رأس عمه قائلا


-ربنا يخليك لينا ياحبيبي..أشار إليهم بالخروج 


-اطلعوا برة يالا تعبتوا اعصابي وابعتولي ياسين وجاسر


تحرك عز وفارس وتبقى بيجاد متوقفا بمكانه ، فأردف جواد 


-إنت طول عمرك راجل وكنت بعتمد عليك اتمنى متخيبش ظني فيك، ولسة عند كلامي يابيجاد انت ابني اللي مخلفتوش، زيك زي ولاد الالفي، عمري ماعاملتك على انك ابن المنشاوي او جوز بنتي 


خطى وجلس على عقبيه أمامه 


-وأنا كنت بعتبرك صديقي قبل ماتكون اب ليا أو عم أو صديق بابا، عوضتني عن حاجات كتير وعلمتني اكتر 


انحنى جواد يضم وجهه ضاحكا 


-ودلوقتي مش هقولك صديقك محتاجك أو عمك، هقولك ابوك محتاجك ، ومش عايز اكسر فرحة اخواتك حبييي 


وفين فرحة حضرتك ، فين حقك من الإحساس بيك، فين حقك علينا 


-بكرة لما ولادك يكبروا هتبقى مش عايز تلمح نظرة حزن بعيونهم، انت تستحمل أضعاف مضاعفة ولأنك تتحمل نظرة وجع، حبيبي مش المريض بس اللي بيتألم اللي بيحبوه كمان 


انبثقت دمعة عبر وجنتيه 


-علشان خاطري فكر في صحتك وبس، فكر في جواد الألفي مرة واحدة 


ابتسم له قائلا


-حياة جواد الألفي من غير عيلته مالهاش لازمة، بكرة هتعرف معنى كلامي ..قطع حديثهم دلوف ياسين ينظر إلى جلوس بيجاد بتساؤل


-أنا عديت مشهد الغدا عادي، بس دلوقتي عايز اعرف حضرتك مخبي علينا ايه، وياريت تحترم عقولنا ياسيادة اللوا 


توقف جواد يشير إليه 


-اجهز ياله ، هنروح نخطب مراتك يامتخلف ..اقترب من والده ونظراته على بيجاد 


-بابا مخبي ايه يابيجاد، واللي تقصده من صديق جواد حازم بابا مش كدا


تلجلج بيجاد بالحديث إلا أن جواد قاطعه 


-إنت اهبل يالا، روح ياله علشان تتلم انت ومراتك 


أطبق على ذراع بيجاد الذي ابتعد ببصره عن نظرات ياسين


-ابويا اللي تعبان صح يابيجاد ..ثم اتجه بنظره الى والده 


-حضرتك ليه مصر تأكدلنا أننا اغبية ومبنحسش بحاجة 


ازال بيجاد دموعه مردفا


-لا ياياسين مش باباك ، وياله خلقي بقى ضيق من العيلة 


بعد فترة في منزل عاليا جلس جواد بمقابلة والد عاليا


-اهو جنان الولاد يااستاذ نادر، ولازم ارضي حضرة الظابط مع بنتك 


قهقه نادر ينظر إلى ياسين 


-يابني مش محتاج انك تيجي وتاخد رأيي ، انت عارف رأيي في الموضوع دا 


بعد اذن حضرتك طبعا ياعمو نادر بس ياسين عايز يتأكد من حياته هو ومراته ..أردف بها عز 


اومأ جواد موافقا عز بحديثه، بينما قهقه بيجاد 


-ياسيدي اعتبرهم لسة اول جوازة وريح دماغهم 


ظل لفترة لبعض الوقت يتحدثون الى أن تحدث نادر قائلا:


-انا لو كنت شكيت فيك يابني كنت مستحيل اوافق عليك يابني 


-يعني ياعمو هنجوز المتجوزين ولا نطلقهم ونرتاح منهم ..قالها بيجاد يغمز إلى ياسين الذي لكزه 


-لسانك ياحبيبي ، طلاق ايه ، ثم استدار إلى نادر 


-ايه ياعمو، كان لازم نيجي لحضرتك، بنتك مصرة أننا متجوزين غصب 


التقط بيجاد حبة من الموز وبدأ يلتهمها 


-ياحرام مغصوبين وجايبين عيال، اومال لو مش مغصوبين كنتوا عملتوا ايه 


أفلت كريم ضحكة قائلا


-شوف انت بقى، مراتك بتتدلع عليك ياياسين ، حبيبي احنا مش مستين جيتك انت وسيادة اللوا لحاجة زي كدا، طبعا مش محتاجين اجاتنا 


-ولو برضو يابني، البنت من حقها زيها زي أي بنت 


-عمرك سمعت ياعز أن في عروسة بيخطبوها من ابوها وهي متجوزة وفي بيت جوزها، طيب ياجماعة عندي اقتراح احنا نجيب العروسة تقعد كام شهر وبعد كدا نيجي نطلبها 


-بيجاد اسكت ..أردف بها جواد ، فأشار إلى نادر


-كلم بنتك وشوف طلبتها، لولا عندنا فرح كان الموضوع اكيد مش هيكون كدا ، وعاليا زيها زي بناتي، واللي تؤمر بيه، احنا بس مضطرين تفضل في بيتنا علشان الفرح مينفعش تكون مش موجودة 


اومأ نادر متفهما 


-البنت بنتك ياسيادة اللوا، وهي في بيتكم ومستحيل اخدها ولا أوافق على طلبتها، ولو على سوء الفهم بينها وبين ياسين ، انا متأكد مع الايام هيزول، ولما تعرف بوجودكم هنا مش هيكون فيه حاجة بينهم ..عاليا عنيدة بس بتحب ياسين واكيد انت مش عايز حد يقولك مراتك بتحبك قد ايه يابني 


بعد فترة من انتهاء الزيارة، رجع جواد الذي ألقى نفسه على الفراش بعدما شعر بآلام تشق جسده بالكامل ..دلفت غزل إليه


-جواد هتنام دلوقتي..اومأ لها محاولا السيطرة على الامه قائلا


-عايز انام شوية علشان اقوم اصلي القيام يازوزو ..قبل جبينه 


-ارتاح ياحبيبي انا هقعد مع الولاد تحت شوية قالتها وخرجت 


وضع كفيه على صدره بعدما شعر بانسحاب أنفاسه ليعتدل يجذب هاتفه ويهاتف طبيبه الخاص 


بعد وصول ياسين بفترة ، صعد إليها وفتح الباب بهدوء بعدما استمع الى الموسيقى بالداخل ...وجدها تجلس تمشط خصلاتها وتدندن مع الموسيقى ..خطى إلى أن وصل خلفها وحاوط جسدها يهمس بجوار أذنها 


-حبيبي يقبل يكمل حياته معايا، روحت مع بابا وطلبتك من عمو نادر، 


عاليا اللي عايزاه انا تحت أمرك، اللي إنت عايزاه هنفذهولك، إلا ببعدك عني 


من اللحظة دي مستحيل ابعدك عن حضني فاختاري بسرعة تعيشي في حضني علشان معندكيش اختيار تاني 


قبلة على وجنتيه ثم تابع بهمسه 


-بحبك وبحبك وبحبك يااجمل حاجة حصلتلي 


جملة أحيت روحها مرة أخرى بعد فقدت الحياة ببعده ، رفعت كفيها وتأملته بعشق تمرر أناملها على وجهه، حاوطها بذراعيه يضمها بقوة لتتلاشى المسافة بينهما، وهو يرفعها يضمها بقوة بأحضانه، وآه عاشقة خرجت من جوفه بأنفاسه الحارقة لتضرب وجهها 


-وحشتيني قوي قوي 


ضم وجهها وتجول بنظراته على وجهها بالكامل 


-قوليلي اعمل فيكي ايه، مش قادر اعاقبك على عملتيه فيا الفترة اللي عدت ..اقتربت أكثر تدفن رأسها بعنقه وأخرجت نفسًا ناعمًا تستنشق رائحته بوله 


-عاقبني زي ماانت عايز بس في حضنك 


أطبق على جفنيه يعصرها بأحضانه لفترة لم يشعر بكم الوقت الذي مر عليهما إلى أن سحب كفيها وتحرك بها قائلًا


-النهاردة لازم اتجنن شوية 


توقفت متسائلة:


-بلاش نبعد، مينفعش، العيلة كلها هنا ..وضع أنامله على شفتيها 


-أنا هنا بس اللي اقرر، وانت تقولي حاضر وبس ..


ابتسمت بعيونا لامعة وردت قائلة:


-اهو بس مستغلش اشتياقي وتفرد عضلاتك 


جذب رأسها ووضع كفيه يضع حجابها على خصلاتها يقربها إليه 


-لا هفرد وأفرد لما أبقى طاوووس مغرور كمان 


-يادي النيلة رجعت ريمة لعادتها القديمة


جذبها وتحرك للخارج سريعا ..قابله جاسر الذي يحمل ابنه متجها به لغرفته فغمز له 


-مبروك للعروسين ..جذب عاليا وتحرك قائلا


-خلي بالك من راسيل ياعمو 


توقف جاسر ينظر لتحركهم السريع قائلا


-خلي بالك من راسيل ..ليه انا ناني ياحبيبي ..


وصل إلى سيارته يشير إليها بالركوب


-الليلة هنبات برة 


-برة فين..اقترب يجذب رأسها 


-في حضني ..طالعته بعيونا هائمة 


-وأنا موافقة 


ابتلع ريقه بصعوبة يلتفت حوله 


-احنا في الشارع، وماسك نفسي بالعافية، فيالة بينا بدل مايمسكوني بالجرم 


بعد فترة بأحد الفنادق المشهورة بالقاهرة جلست بأحضانه تدفن نفسها متشابكي الأنامل، مسد على خصلاتها يضم رأسها لأحضانه 


- ياااااه اخيرا، انا كنت يأست 


-لدرجة دي ..قالتها وهي تمرر أناملها على صدره، ثم تابعت 


-وجعتني كتير ياياسين ، كتير قوي 


-وعلى قد زعلي منك على قد مابقدرش ابعد عنك، 


رفعت كفيها تمررها على وجهه


-زعلانة منك ومن قلبي اللي بيحبك وبيغفرلك ..ضمها بقوة لأحضانه يريد ادخالها لصدره 


-اعتبريني ابنك واغفريلي ياعاليا، انا معرفتش طعم السعادة الا بوجودك، تأكدي حبك متغلغل جوايا ومفيش حاجة تهزه ...ضم وجهها ملتقطًا ثغرها بقبلة جامحة يذيب بها آلامها لحظات بل دقائق مبتعدا بخاصته عنها، ولكن أنفاسه الحارة تضرب وجنتيها هامسا لها 


-بحبك يابلقيس، بحبك قوي قوي 


ابتسمت من بين دموعها لما لا وهو يعد إليها النفس للبقاء على الحياة...رفعت كفيه على أحشائها


-لتاني مرة يابابي يجيلك بيبي بالغلط 


نظر إلى بطنها ثم رفع نظره لعيناها مذهولا ..يومأ برأسه


-عاليا إنتِ حامل ..هزت رأسها بدموعها قائلة:


-شوفت عمايلك ، مفيش مرة افرح بحمل، كل مرة..بتر حديثها يضع كفيه على شفتيها


-كل مرة فيهم كنت مجنون بيكي، كل مرة مكنتش عايز ابعد عن حضنك، كل مرة احبك أكتر وأكتر، دا اللي المفروض تسمعيه مني، ضمها يتراجع بجسدها على الفراش يحمد ربه على ماوصل إليه


-ربنا يكملك على خير ويرزقنا الذرية الصالحة، ادعي بكدا ، ماتقوليش أنهم جم غلطة أو غصب


خلل أنامله بخصلاتها وتابع حديثه بعدما وضع رأسها على نبض قلبه 


-عمري مازعلت أو حزنت من قربك، عايزك تتأكدي انك جنتي في الدنيا ياعاليا، يعني بتقي ربنا في كل حاجة 


قبل مايجمعنا الحب، جمعنا الألفة وقرب القلوب حبيبي 


حاوطت جسده تغمض عيناها مستسلمة لنومها الثقيل 


-بحبك ياياسين قالتها لتذهب بنومها 


امال يطبع قبلة على جبينها 


-وياسين بيعشق عليته ..غفى بجوارها يجذبها لأحضانه ليذهب بسباتا عميق

 


بعد يومين وهو اليوم المقرر لحفل زفاف أكبر احفاد الألفي


زينت الحديقة بالانوار المزينة الساطعة وصدحت الأغاني 


جلست أمام مرآة الزينة تنهي زينتها ، دلف والدها 


-هنونة قلبي خلاص هتسيب حضن باباها..نهضت من مكانها تحتضن والدها 


-بابا حبيبي..ضمها بقوة لأحضانه يطبع قبلة على جبينها 


-ألف مبروك ياروح بابي ..وصلت نهى بجوار غزل وميرنا 


-عروستنا الحلوة خلصت ولا لسة ، ياله يابابا خليها تظبط طرحتها الناس تحت 


فركت كفيها وتحجرت دموعها قائلة 


-هو لازم الفرح النهاردة..اقتربت ميرنا تضمها بضحكاتها 


-مجنونة بنتي الصغيرة ، ياله حبيبتي وبطلي دلع ، اتجهت بنظرها إلى غزل 


-ايه ياطنط غزل ، مش هنلبس العروسة الطرحة ...


قبلتها غزل تضع طرحة زفافها 


-ياله حبيبتي ، عمو جواد برة عايز هو اللي ينزل بيكي، بيقول ختامها مسك وهو اللي هيسلمك لجواد 


-أنا خايفة 


قهقه الجميع عليها ..ضمت نهى وجهها 


-حبيبتي خايفة من ايه ، افتكري حاجة واحدة بس إن الليلة اجمل ليالي عمرك، لكزتها تغمز لها وهمست 


-وهتنامي في حضن حبيبك 


انسابت دموعها تهز رأسها بالنفي 


-لا مش عايزة خلاص..قهقه الجميع عليها بدلوف جواد 


-كله يوسع لأميرة العيلة ياله ...قالها جواد وهو يقترب من وجودهم 


تشبست بذراع والدها 


-بابا مش عايزة اتجوز ..ارجوك 


امسكها جواد يضمها لأحضانه 


-الصغنون خايف ..الله يكسفك ياجواد 


قهقه سيف ينظر لزوجته


-شوفتي المجنونة، هتفضحنا 


-افضحكم ليه يابابي ..قبل جواد رأسها


-يالة حبيبة بابي علشان الناس تحت


بغرفة جواد 


توقف أمام مرآة الزينة


بقولك يافارس هو الواحد بيكون متوتر كدا يوم فرحه، انا مش على بعضي ياجدع 


زم الآخر شفتيه يشير لنفسه


-جاي تسألني يابغل على أساس أنا جربت ..ذهب ببصره إلى بيجاد وجاسر فنكز جواد 


-روح لمعلمين الخبرة وأسألهم ، وتعالى قولي


على موسيقى طلي بالأبيض كانت تهبط درجات السلم بجوار عمها ..وفي أسفل الدرج يتوقف بحلته البيضاء الكلاسيكية ينتظرها بلهفة عاشق ..احتضنها بنظراته وابتسامة خلابة على وجهه ..وصل إليه جواد ثم احتضنه 


-ألف مبروك ياحبيبي بالرفاء والبنين 


طبعا انا مش هوصيك عليها لاني لو وصيتك يبقى متستهلهاش 


ابتسم ينظر إليها قائلا


-في قلبي قبل عيوني ياخالو ..اقترب منها يطبع قبلة مطولة أعلى جبينها 


-مبروك عليا اجمل بنت في الدنيا ..ارتجف جسدها تومأ بلسان ثقيل 


-الله يبارك فيك ..خرج العروسين مع ارتفاع الأغنية ، وصفقات الجميع 


عانقت ذراعيه وتحركت وانتفاضة بجسدها تنظر بتشتت لكم المدعوين، همست لنفسها 


-الناس دي كلها عارفة ايه اللي هيحصل بينا ، لا انا مش عايزة ..انحنى جواد يهمس لها بعدما لاحظ خوفها وهمسها لنفسها 


-هنون النهاردة أسعد يوم في حياتي حبيبي ، وعلى فكرة مش هتنازل عن الحنة بتاعة امبارح 


-هو انت هتعمل ايه..قالتها والخوف ينبثق من عيناها ، قهقه عليها متجها إلى ساحة الرقص ليفتتح الحفل برقصتهما، لف ذراعيه يجذبها بقوة لأحضانه ينظر لعيناها 


-لا حبيبي ، دا مايتقلش، همس بجوار أذنها 


-دا يتحس بس ..رفعت عيناها المرتجفة إليه 


-هو ينفع نأجل ..ضمها بقوة يدور بها على نغمات الموسيقى وارتفعت ضحكاتها، ظنا أنها تمزح إليه 


في الركن البعيد الهادئ ..بعد انتهاء رقصة العروسين ، والتعرف على الموجودين اتجه إليها يسحب كفيها ويخطفها من جلوسها بجوار والدته والدتها ..


توقفت أمامه


-جاسر ايه اللي بتعمله دا ، الناس بتبص علينا..جذبها من خصرها وتحرك بها إلى هذا المكان الذي يبعد عن الزحمة ورغم ابتعاده إلا أنه يكشف الحفل كشاشة عرض، قام بتجهيزه خصيصا إليهما ..أجلسها بأحضانه على أرجوحة دائرية وحاوطها بذراعيه 


-عايزك في حضني ايه مش حقي، مش عايز حد يشوفك الليلة غيري


استدارت تنظر إلى وجهه القريب، تهمس مقتربة من خاصته


-مش الليلة بس ياروح جنى، لياليا كلها ملك لحبيب قلبي ..امال يرفعها بقوة يعصرها بأحضانه 


-مش قادر اعبرلك عن مدى اشتياقي، حاسس بقالي سنين مااخدتكيش كدا في حضني 


تراجعت بظهرها عليه تضم ذراعيه على جسدها 


-عارفة استحملتني كتير الفترة اللي فاتت ، غصب عني حبيبي ، وعد مش هبعد عن حضنك تاني ابدا 


رفع أنامله ترسم ملامح وجهها الذي يعشقها بحنو، ثم احتضن ثغرها 


-متخافيش عليا هعرف اخد حقي منك على كل ليلة بعدتيها عني 


أغمضت عيناها تنعم بهمساته ولمساته ، أشار إليها على حفل الزفاف 


-بيجاد وغنى بيرقصوا لو عايزة نرقص 


هزت رأسها بالنفي وهي تحرك رأسها بأحضانه كقطة أليفة 


-لا مش عايزة ، عايزة اكون بعيدة عن الكل ، مش عايزة غيرك زي ماقولت انت هتبحني اكتر ماانا بحبك ولا ايه 


-طبعا انت مجنونة، لسة بتسألي ، بحبك اكتر بكتير ..بعد فترة من الوقت وصل إليهم عز 


-جاسر ياله سيبك من جنى شوية، ابوك بيسأل عليك، مااحتفلناش لجواد 


نهض من مكانه يسحب كفيها ينظر لفستانها ، ثم استدار إلى عز 


-اسبقني ..تحرك عز بينما استدار يقوم باعتدال ثيابها وحجابها 


-خايف عليكي الليلة خدي بالك من نفسك الشوية دول 


عانقت ذراعه وتحركت بجواره إلى أن وصلوا الحفل ، تركها بجوار غنى وتحرك إلى وقوف إخوته وولا عمه ليتم رقصتم على الأغنية المشهورة 


"بحبك ياصاحبي"


بداو يلتفون حول العروسين وارتفعت صفقات الجميع مع رقاصتهم المنتظمة ، توقف عز بمقابلة جاسر وبدأ يتحركون في بادئ الأمر ثم انضم إليهم الجميع ... دقائق كفيلة لانتشار السعادة في قلوب الجميع 


كانت تراقب تحركات زوجها بعيونها العاشقة تمنت لو تراقصت أمامه بتلك الحركات ، تذكرت أن عيد ميلاده قريبا اوعدت نفسها سيكون عيدا مختلفا عن اعياده كافة 


انتهت رقصة الأخوين مع الرقصات الهادئه للازواج ..جلست بجوار والدتها 


-ماما جواد وهنا مش هيسافروا ليه بعد الفرح 


-عمك سيف رفض ..البنت خايفة 


ابتسمت بخفة وذهبت بعينها لزوجها هامسة 


-غبية ياهنا هو أحسن من احساس الليلة دي، كان نفسي اعيشها، بس عيشت حلاوتها اكتر بكتير بعدها 


بتكلمي نفسك حبيبتي 


توقف واتجهت إلى وقوفه بجوار عز وبيجاد ..توقفت بجواره وبسطت كفيها تخلل أناملها بأنامله ..ضمها وآمال متسائلا


-فيه ايه حبيبي ..


-عايزة ارقص معاك ممكن !!


امسك كفيها وتحرك إلى مكان الرقص بجوار ياسين وعاليا ، ثم بدأ يتحرك على نغمات الموسيقى الهادئة ، رفعت ذراعيها تحاوط عنقه 


-بتحبني قد ايه ياجاسر..نظر حوله وابتسامة لاعوب على ملامحه


-بلاش ياجنجون تخبريني اقسم بالله مايهمني حد، ابتسمت بحب واقتربت تضع رأسها على صدره 


-اياك تعمل حاجة ، الكاميرات كلها حوالينا ..ضغط بكفيه على خصرها وتسائل


-ايه لازمة السؤال وايه لازمة الرقصة


-عارفة أننا عملنا فرح ، بس كنت عايزة احس اني عروسة معرفش ليه 


توقف عن الرقص ثم طبع قبلة على جبينها 


-روحي عند ماما ياله، لما أشوف صحابي هيمشوا، قالها وتحرك سريعا من أمامها ..أدركت أنه فهم ماتشعر به 


عند جواد وهنا 


تناست ماتشعر به بعدما ضمها بحنان وتفاهم وضعها، كانت تتراقص بأحضانه تستمع إلى دقات قلبه العنيفة تحت رأسها، رفعت رأسها إليه 


-جواد بتحبني !!


ابتسم يضع جبينه فوق جبينها وبأنفاسًا مرتفعة 


-بعشقك ياهنون، رفعت كفيها على وجنتيها 


-أنا خايفة ..ضمها بأحضانه يهمس إليها بصوته الأجش


-فيه حد يخاف وهو بحضن حبييه، طول ماانتِ بحضني ماتخافيش ياهنون 


ظل الزفاف لساعات الصباح الاولى، توقف متجها إلى منزله بعدما شعر بآلام صدره ..تابعه عز بعيناه، فتحرك خلفه بعدما اتجه بانظاره إلى أولاده 


احتضن ذراعيه وتحرك بجواره 


-طبعا لما اساعدك مفيهاش حاجة صح ولا ايه 


ابتسم له وتحرك بعدما فقد الحديث من شدة آلامه..شاهدهما صهيب الذي توقف وتحرك خلفهما 


بعد قليل 


انتهى حفل الزفاف رفعت فستانها وتحركت إلى منزلها الجديد بجوار زوجها ..فتح الباب بهدوء وأشار إليها بالتوقف


-هنون استني لحظة ..توقفت على باب المنزل وجسدها يرتجف، تهمس لنفسها 


-اهدي ياهنا اتجننتي ، مش دا جواد حبيبك ..أضاء الشموع ذات الروائح العبقة وقام بتشغيل الموسيقى الهادئة ثم اتجه إليها وانحنى يحملها ودلف ضاحكًا ادخل برجلي اليمين وأنا شايلك ياروحي ..حاوطت عنقه تدفن نفسها بصدره، تهرب من نظراته ..صعد بها إلى غرفتهما، يغمز لها 


-طبعا هتتفرجي بكرة على البيت، أنا مخلتش حد يدخله قبلك .. انزلها بهدوء يحاوط خصرها ..يشير إلى الغرفة قائلا:


-أيه رأيك حبيبتي ؟!


دارت بعيناها على الغرفة بأكملها ..فتحركت مبتسمة على تجهيزاته الرائعة للغرفة ، وضعت كفيها على فمها وضحكت بنعومة 


-ياالله ياجواد تجنن، ملست باناملها على حروف اسمها الذي يضعه ببعض الأركان بأشكالا مختلفة ثم استدارت إليه: 


-دا علشاني ...خطى إلى أن توصل إليها وحاوط خصرها من الخلف يضمها إلى صدره :


-طبعا علشانك، هو إنتِ قليلة ولا ايه..أدار وجهها يلمس وجنتيها بأنامله ، واحتضن عيناها 


-شاوري بس وهتلاقي الدنيا كلها تحت رجليك..انحنى يلمس ثغرها بخاصته فارتعش جسدها متراجعه للخلف 


-إنت هتعمل ايه ؟!


توقف مصدوما من ابتعادها ، فاقترب منها 


-بت اتجننتي أنتِ ناسية أن فرحنا النهاردة 


وصل إلى وقوفها وجسدها الذي يرتعش ..دفعته بعيدا 


-ابعد ياجواد اياك تقرب مني ...اقترب منها يشير بيديه


-حبيبتي اهدي، فيه حد يخاف من حبيبه 


بكت بصوت مرتفع 


-لو سمحت ياجواد سبني براحتي انا خايفة ومش مستعدة


رغم صدمته العنيفة بها إلا أنه أشار إليها 


-حاضر ياهنون، تعالي نصلي ووعد مش هقرب منك طول ماانتِ مش مستعدة 


بعد فترة انتها من صلاتهما ، استدار إليها مبتسما 


-حاسة بايه دلوقتي..وضعت رأسها بأحضانه 


-آسفة ياجواد ، بس حقيقي انا مش مستعدة 


طبع قبلة حنون على جبينها ، شعرت بسخونة شفتيها فهبت واقفة 


-أنا هروح انام ...امسك كفيها


-طيب ايه رأيك اخدك في حضني بس ، مش هعمل حاجة غير اني اخدك في حضني 


هزت رأسها وابتعدت سريعا عنه 


-آسفة ياجواد مش متعودة انام في حضن حد 


توسعت عيناه مذهولا ورغم ذلك سحب نفسا وحاول السيطرة حتى لا يفقد أعصابه ..جذب كفيها يضمها لأحضانه 


-يرضيكي تسيبي حبيبك في ليلة زي دي ياهنون 


ارتفعت شهقاتها وتحدثت معتذرة


-سامحني عارفة اني هبلة وغبية بس والله مش مستعدة ابدا 


ربت على ظهرها وأومأ متفهما يشير إليها بالتحرك...هرولت سريعا الى غرفتها تغلق الباب خلفها 


تخصر جسده يتمتم بغضب 


-وكفاية عليا عريس، الله يخربيتك ياجاسر نقيت فيها انت وبيجاد الكلب 


ركل المنضدة ليتساقط الورد متحدث بسخرية 


-لا وانا اللي بقالي اسبوع برسم للست هنا ..وادي آخرة اللي يتجوز عيلة ينام برة ...قالها وهو يجذب الوسادة ويضع رأسه بعنف فوقها..ظل يتقلب طيلة الليل ، ثم نهض متجها للمرحاض،وعله يطفئ نيران لهيب فتنتها الطاغية فكلما تذكرها حينما ساعدها بالتحرر من فستانها يريد أن يحطم ذاك الباب الذي منعها عنه 


بالداخل جلست على الفراش تنظر إلى تلك الورود المتناثرة عليه ..انسابت عبراتها فأمسكت هاتفها تهاتف اختها 


قصت ماصار لها ...نهضت من مكانها 


-مجنونة يابت فيه واحدة عاقلة تعمل كدا يامتخلفة، قومي فورا اطلعي لجوزك خليه يتمم جوازه منك، متنسيش انكم مسافرين بكرة وماما لازم تطمن عليكي ، ياله حبيبتي 


خايفة ياسنا، حاولت تهدئتها فهتفت قائلة 


-هنون اقولك حاجة فاكرة لما كنا بنضايق نعمل ايه 


-بنرقص ..


باااس، عايزة منك كدا ، البسي بدلة الرقص وارقصي وبس ، بس مش في الاوضة لوحدك ، واعملي نفسك كأن مفيش حد معاكي 


أغلقت الهاتف وظلت بمكانها لعدة ساعات ، فتحت الباب بهدوء وخرجت على أطراف أناملها وجدته مستغرق بنومه ..توقفت تطالع نومه بنظرات عاشقة ، همست لنفسها 


-غبية ، دا يتخاف منه، اقتربت منه كان ينام عاري الصدري ولم يرتدي سوى سروال ..ابتسمت مقتربة ثم جلست بجواره على الأرضية، بسطت كفيها على صدره بهدوء، لا تعلم لماذا تمنت أن تضع رأسها بأحضانه 


أغمضت عيناها واقتربت منه تستنشق رائحته ..دنت حتى لم تشعر بنفسها سوى وهي تقبل وجنتيه ..فتح عيناه فنهض سريعا ظنا أن بها شيئا 


-حبيبتي فيكي حاجة ..نهضت سريعا تهز رأسها واتجهت إلى غرفتها 


أغلقت الباب وابتسامة تجلت بملامحها عندما تذكرت عضلات جسده، توردت وجنتيها وهي ترسم أحلاما وردية بنومها فوق صدره ...اتجهت سريعا الى خزانتها وبحثت بأشيائها إلى أن أخرجت تلك البدلة 


توقفت أمام المرآة 


-لازم صباحيتنا تكون غير ياجوادي، لازم ارسخها في ذاكرتك، غبية ياهنا، غبية بوظتي ليلتك 


جلست امام المرآة تتزين حتى أصبحت فتنة متفجرة أمامه ..بالخارج اعتدل يمسح على وجهه بعنف بعدما تركته سريعا ودلفت للداخل ..نهض متجها إلى المرحاض 


خرج من الحمام يلتف بالمنشفة، توقف ينظر بذهول لتلك الجنية التي اذهبت عقله ، نظر بأرجاء الغرفة المزينة، بحث بعينيه عنها لحظات ووجدها تخرج وهي ترتدي بدلة رقص باللون الاحمر الناري ..وتمسك بكفيها تلك العصا


ابتلع ريقه على خطواتها وحركاتها المغرية ..فحص تلك البدلة التي لأول مرة يرى انثى بتلك الطلة 


اقتربت منه ثم رفعت العصا تجذبه برأسه مع نغمات الموسيقى 


على أغنية شعبية 


"يابنت السلطان حني على الغلبان"


ظلت تدور بحركاتها تتلاعب بتلك العصا ..توقف كالصنم لم يعلم ماذا عليه فعله ..اقتربت وهي تتمايل بحركاتها الأنثوية إلى أن اختلطت انفاسهما وهمست بتلك الشفاة المطلية باللون النبيذي، مما جعلها شعلة لقلبه وهي تتمتم مع الأغنية ولكن قلبتها 


"يابن السلطان حن على الغلبانة، قالتها تتحرك بتمايل عليه وهي تشير على نفسها إليه 


لحظات كانت كفيلة إلى أن يسحبها لجنة لأول مرة يشعر بها وتشعر به، ظل يحلقان بسماء العشق إلى أن انهك الجسد وغفى بأحضان بعضهما بسلام 


باليوم التالي على مائدة الطعام جلس ينتظر الجميع ولكن لم يجد أحد..وصلت غزل إليه بكوب عصيره، بوصول صهيب ..


صباح الخير ياابو جاسر


-صباح الخير ياحبيبي..اتجه بنظره الى غزل متسائلًا 


-فين الولاد، هما لسة نايمين ولا ايه 


-لا ياحبيبي ، مش هنا ...التقط المربى يفردها بخبزها متسائلا 


-اومال فين ..حتى جاسر منزلش 


-راح شهر العسل 


-أنا بسال عن جاسر وياسين واوس ياغزل 


-ماانا يجاوب ياجواد 


قهقه صهيب يتناول منه الخبز


-كل ياجدو، ومبروك هيرجعولك بنسوانهم حوامل، انت هتقولي على ابنك الحلوف 


-جاسر وياسين واوس ...التلاتة ..قهقهت نهى قاىلة 


-والعرسان الحقيقين هنا تخيل 


نعم دا هزار ولا ايه على الصبح ...وصل عز وهو يحاوط جسد ربى ثم ساعدها بالجلوس، رفع جواد نظره إلى عز 


-وأنت مرحتش ليه، ايكونش نسيوك ياحبيبي ..امال بجسده يسحب الطعام من أمام جواد قاىلا


-لا ياعمو ياحبيبي ، مراتي تعبانة، وخوفت تولد مني هناك، اه هي لسة قدمها بدري، بس انا مش ضامن نفسي


-حلوف وقليل ادب 


قهقه عز يلوك الطعام وتحدث


-الله اللي يقول الحق يزعل، حد قالكوا هاتونا بنات حلوة كدا تجننا، لكمته ربى 


-عز احترم نفسك ..امال يغمز لها 


-لو مسكتيش هقول لابوكي كنتي بتعملي ايه طول الليل 


ضغطت على قدمه حينما رفع جواد نظره إليها متهكما 


-إنت حامل ياحبيبة ابوكي، لاحظي انك لسة في السادس، اتلمي انتي والحلوف دا والبغل التاني ساب بنته وهرب


وصلت غزل بها تحتضنها، رفع كفيها يجذبها منها ثم ضمها إلى صدره


أرغب بك حبا وعشقا وجنونا 

وقصة لا نهاية لها 

احبك بعين تعشق النظر إليك 

احبك بلسان لا يكتفي 

من الغزل بك ..

بين نبضي وروحي أكتبك حبا 

يملا واقعي

أحبك.. كشمس تشرق في حياتي لأول مره

أحبك.. للحد الذي أعلم فيه جيداً أن شجرة حبك في قلبي لن تذبل ولن تموت

وأنها ستثمر زهراً أبيض

يحمل رائحتك في قلبي..

لم يكذب حدسي حين أخبرني أنك حب العمر

وأنك قصة الحياة وسحرها

حين أخبرني أن أمالي تحققت

وأن ما وراء الابواب أصبح داخل

القلب وأن العتمة أصبحت نوراً..

  لأنَّك نبتة الروح

و أقحوانة القلب ،

أهديكي قلبي يا كلي 


فبداخلي أنتِي ..

مُقيمة بقلبي كزهرةٍ عتيقة بِجَوفِ كتاب

كصباح يشرق لأول مرة

ك عُمر يبتدئ بقصيدة ولا ينتهي

كتبتُك بسطر مُمتد لا فاصلةٌ

تفصلُني عنك

ولانقطةٌ أَنتهي بها..

لا زلت أعزف على أوتار حبك..

فدعيني أشدو مع وتر العشق

تراتيل جنوني بكِ..


يا ساااااادة :

وشَهَدَ شاهدٌ من نبضها 

انه هو من

راودها بالأمس عن شوقه والحنين 

وأنها هي

من شرّعت له أبواب قلبها قائلة : 

ادخله بسلام لتكون اول وآخر الساكنين


تململ بنومه، بسبب تسلل أشعة الشمس الى الغرفة، فتح عيناه يمسح على وجهه، يستغفر ربه ليزول شيطانه.. التفت الى جميلته التي تغفو كالملاك، اتكأ مستندًا على ذراعيه، يتفحص ملامح وجهها الخلاب ابتسامة تجلت بكلامه، وتضخم قلبه كلما تذكر ليلة أمس ..رفع خصلاتها من فوق وجهها، ليتشرب ملامحها الندية لقلبه المشتعل بالغرام 


مرر انامله يداعب وجنتيها ثم انحنى يطبع قبلة مطولة على وجنتيها

فتحت الجميلة عيناها تغمغم بصوتها النائم ..

-ماما سبيني أنام كمان شوية

همس بجوار أذنها 

-صباح الخير ياروحي ، فتحت عيناها تقفز من فوق فراشها

-ياااه إنت جيت هنا ازاي..نهض يجذبها يضع كفيه على فمها ..

-بس يامجنونة، إيه نسيتي امبارح كان فرحنا ..نزلت ببصرها إلى كفيه الموضوع على فمه واقترابه منها بذاك الشكل، خاصة حينما وجدت نفسها شبه عارية، جحظت عيناها ، تميل بجسدها تجذب ذاك المفرش لتستر به نفسها عندما وجدت نظراته على جسدها ...لف ذراعيه حول جسدها يضمها لأحضانه واردف بصوته الأجش وهو يغرز رأسه بخصلاتها 

بدّاري ايه ياحبيبة جواد، تفتكري بعد اللي حصل بينا حد يقدر يبعدك عن حضني ..ارتجف جسدها تهمس بتقطع حينما لفحت أنفاسه الحارة عنقها 

-جواد إبعد بقى..تمدد يجذبها لأحضانه يطوق ذراعيه حولها ..

روح جواد ياهنايا، رفع ذقنها بأنامله ليقابل عيناها السوداوية ..

-صباحية مباركة ياهنايا، مش المفروض دا يتقال..

دفنت رأسها بصدره هاربة من نظراته، ملس على خصلاتها بحنان قائلًا:

تعرفي ياهنا، أول مرة احس بطعم الحياة، أول مرة أحس إن الحياة حلوة ،

اعتدلت تنظر لمقلتيه بتفحص متسائلة:

-حقيقي ياجواد، يعني انت سعيد بجوازنا ولا ندمان ..

انكمشت ملامحه باعتراض تجلى بعيناه ليردف ،إيه اللي بتقوليه دا ، معقولة ياهنا ..دا إحساسك بعد الليلة الحلوة اللي قضناها مع بعض ،

خايفة..قالتها مرتجفة ، ليعتدل بفراشه والصدمة قفزت من عيناه .

-إنتِ ندمانة على جوازنا ياهنا ؟!


هزت رأسها بعنف، وحاوطت عنقه تبكي قائلة :

أنا بحبك قوي بس كنت خايفة إنك تندم علشان ضغطت عليك بمشاعري، أخرجها من أحضانه ومازالت الصدمة تتجلى على أعضاء جسده !!ليه عيل ومش عارف مشاعري كويس، هنا إنتِ عارفة بينا قد إيه، بينا اكتر من عشر سنين، يعني أعرف أتحكم في مشاعري ، مش مجرد إنك تقولي كلمتين أتجوزك ، دنى من وجهها وغرز عيناه بعيناها ..

-أنا بحبك ياهنا، ومش بحبك بس لا بعشقك، وبعشق كل حاجة فيكي 


ابتسمت ترفع يديها لتحضن وجهه قائلة 

-أنا كمان بحبك قوي ياجواد، كنت عايزة أطمن قلبي إنك بتحبني .

دنى إلى أن اختلطت أنفاسهما يهمس بأنفاسه الحارة 

"بعشقك يابنت عمي"..هنا صمتت الألسنة عن أي حديث ولم يتبقَّسوى لغة العاشقين، لغة لن يفهمها سوى المغرومين .


بمنزل صهيب ..

يتوقف أمام مرآة الزينة ينثر عطره الرجولي الجذاب ، انتهى مما يفعله ثم ارتدى ساعته وتحرك للخارج ..قابلته نهى التي دلفت للتو من منزل جواد 

-صباح الخير حبيبي ..

-صباح الخير ياست الكل 

تمعنت النظر إليه مبتسمة ، ثم اقتربت تحتضن ذراعه متجهة إلى غرفة المعيشة 

-ياترى الشياكة دي كلها لمين .

توقف ينظر لوالدته بابتسامة عريضة 

-أنا طول الوقت شيك، حضرتك مش واخدة بالك .

خطت إلى الأريكة تجذبه من ذراعيه ثم هتفت على الخادمة :

جهزي فطار الباشمهندس يابنتي 

-حاضر ياهانم قالتها تلك الفتاة وتحركت بعدما رمقت فارس بنظرة اعجاب..حاوطت نهى ذراعيه 

-قولي بقى حبيبي ، البنت الحلوة اللي كانت واقفة مع جنى دي ، هي نفسها اللي كلمت باباك عليها .

التمعت عيناه بالسعادة يهز رأسه 

-ايه رأيك فيها ..ملست على وجهه بحنان أموي: 

إبني الغالي كبرت إمتى حبيبي وبقيت راجل بتحب .

قهقه بصوته الرجولي، يحتضن كف والدته يقبلها ..كبرت امبارح ياماما، حضرتك ادتيني دوا الصبح ، بالليل لقيت نفسي شاب يافع الطول .

لكمته بصدره بخفة تضحك على كلماته 

-بتتريق على أمك يافارس ,

هز رأسه ومازالت ابتسامته تزين وجهه 

-ماهو حضرتك اللي نستيني في وسط الزحمة، علشان كدا مفكرة إني لسه صغير ..

ربتت على ظهره وأردفت بإبتسامتها 

-باباك وافق حبيبي نروح نخطبهالك بعد عمك مايسأل عنها، وهو فعلا بيدور عليها 

قاطعهم دلوف صهيب يدقق النظر بينهما ..ياترى الأم بتعمل إيه مع مدللها ..احتضنت كف فارس وهمهمت بنبرة حانية ،

كنا بنتكلم على العروسة، إيه رأيك نروح نخطبها بكرة.

استدار صهيب بنظراته متسائلًا:

-هي مش الشركة إجازة ، متشيك وعلى فين العزم ..

نهض متجهاً إلى مائدة الطعام 

-رايح مع عز اسكندرية، فيه مهندس ديكور عندنا ميعاد علشان بيتي ياحج .


رفع صهيب حاحبه ساخرًا:

بيتك!! والله كبرت يابن صهيب وبقالك بيت، على العموم مااتصلتش بيه يجي ليه، علشان يعاين البيت .

جلس يتناول طعامه بهدوء، ثم أردف 

-لا دا مش للبيت هنا، اشتريت شاليه صغير في الساحل وعايزه يستلمه، وبما إنه داخلين على الشتا، هيكون كويس يظبطه قبل الصيف، علشان يشتغل براحته، عايزه يعمله من أول وجديد، كأنه لسة مستلمه .

أومأ له صهيب متفهماً،ثم نهض قائلا

-كلم جوان وخليها تاخدلنا ميعاد مع عمها، عمك سأل عن الناس ولاقاهم كويسين .

-حبيبي يابابا متحرمش منك، بس خلّيالموضوع لما جنى وجاسر يرجعوا من السفر، جاسر كان قايل تلات ايام ويرجع 

أومأ له وتحرك للأعلى .

-نهى هنام ساعتين مالحقتش أنام ، 

-شوية وهلحقك أنا كمان، أنا قومت علشان أشوف كنان ولين .

توقف على الدرج مستديراً إليها 

-جنى اتصلت ولا لأ ،اتصلت من ساعتين وطمنتها

-تمام حبيبتي ، هطلع متتأخريش

استدارت بجسدها الى فارس ..

-ليه شاليه الساحل حبيبي ؟

نصب عوده وتوقف يرتشف قهوته 

-عادي ياماما ، عز اقترح وأنا وافقت 

جمع أشيائه وتحرك للخارج 


بمنتصف البحر وخاصةً بذاك اليخت فتحت الجميلة عيناها ، ترفع ذراع زوجها بهدوء للتحرر من قبضته ..تراجعت على الفراش تنظر بساعة هاتفها ، مررت أناملها على وجهه ثم انحنت تطبع قبلة على وجنتيه..فتح عيناه هاتفاً بصوته المحبوح : صباح الخير حبيبتي..وضعت رأسها على كتفه صباح الحب حبيبي ، ياله قوم ياكسلان الساعة اتنين 

جذبها لأحضانه ، 

إيه يعني إنشالله يكون خمسة حتى !!

ردت بامتعاض تلكمه بصدره ،

أوس إحنا هنفضل نايمين، قوم ياله عايزة أنزل البحر، إنت مش وعدتني هننزل البحر في الإجازة دي ..


داعب أنفها بإبهامه مبتسماً :

حاضر ننزل البحر ، وكمان نعدي على البوص الكبير حمايا العزيز ونبات هناك الليلة .

قفزت تصفق بيديها ثم انحنت تقبله ،

جذب رأسها يثبتها بكفيه يلتقط ثغرها في قبلة جامحة، ثم رفعها بين ذراعيه متحركا للأعلى ليتجول بها برحلة بحرية .


مساءً بقصر المنشاوي ..

جلس الجميع بجوٍ من المرح يمزحون على أفعال بيجاد ، قاطعهم ريان متسائلًا :  

مسفرتش ليه ؟ مكنتش بتقول هتسافر مع العروسة .

ارتشف عصيره يطالع والده 

بكرة إن شاءالله ، اتجه بنظره لغنى وأردف : غنى طلبت نبات هنا ونسافر الصبح من هنا ..ضمها ريان يطبع قبلة أعلى رأسها 

حبيبة عمها غنى دي ..

-ميرسي ياعمو، أنا كمان بحب حضرتك جدا وبعتبرك بمقام بابا، ومن حقك علينا يكون فيه أيام لأحفادك هنا .


حمحم بيجاد يشير بعينيه إلى والده : 

ريان باشا حضرتك حاضن مراتي، مش واخد بالك .

رمقه ريان بنظرةٍ مردفًا باستهحان

-مراتك إيه يالا ، ناسي انها بنتي قبل ماتكون مراتك ..توقف معترضاً يجذب كفيها ، قومي يابنتي مش لاقية غير ريان المنشاوي وتقعدي جنبه ..


توقفت ياسمينا متجهة إلى والدها 

-حبيبي أنا اللي هقعد في حضنك، سيبك منه .


ضمها والدها إلى صدره ثم أردف معاتباً أوس : ينفع كدا شهرين متجوش ،

حقك تزعل والله ياعمو، أعذرني كان عندي ضغط شغل، غير الفرح وحضرتك عارف ..

ربت على كتفه قائلاً : 

عارف يابني ربنا يوفقك ..نصب ريان عوده يبسط كفيه لابنته 

هتمشَّى شوية مع ياسمينا، ملحقناش نقعد مع بعض في الفرح .


توقفت نغم خلف بيجاد الذي نهض قائلا:

إحنا هنطلع نرتاح شوية علشان عندنا سفر الصبح .


بعد يومين ..

بإحدى الجزر المشهور لقضاء شهر العسل ، كان يتوسد ساقيها بصدره العاري على إحدى الشواطى يحتضن كفيها ؛ إيه رأيك حبيبي في المكان ..انحنت تضع جبينها فوق جبينه ،

جواد أنا مبسوطة أوي ، إيه السعادة اللي أنا عايشاها دي ؟!!


رفع عيناه ولف ذراعيه حول رأسها ..

هنا ، أنا كمان سعيد ومبسوط بحياتنا، بتمنى نفضل كدا طول العمر .


لثمت ثغره وابتسمت تهمس له :

بحبك قوي ياجواد قوي ..اعتدل يجلس بمقابلتها، ثم جذب رأسها يضمها لأحضانه ؛ جواد مدقش السعادة إلا على إيدك ياهنون، بعشقك بجنون ..تمسحت بصدره تهمس بشغفها لعاشق روحها :

عايزاك تحبني كتير قوي قوي ، نصب عوده وانحنى يحملها بين ساعديه 

..لازم أختم اعترافي بروحي وتتأكدي قد إيه إن جواد معشقش بجد غير هنا 

دفنت رأسها تضحك بخجل من كلماته التي تعرف مدى معناها ..


بمدينة العشاق باريس هنا الحال يختلف على أبطالنا ، تتحرك تلك الجميلة تحتضن ذراع زوجها يتجولون بالأماكن المشهور بهذه البلدة، بحالةٍ من الهيام والعشق، وصلوا إلى إحدى النوادي الليلة التي تقام بها أشهر الحفلات بنجومها المشهورين ..دلف للداخل وهو يطوق خصرها ليصل إلى مكانهم الذي حجزه 

جلست ببداية الأمر بمقابلته ، ولكنه رفع كفيه ليحركها لتجلس بأحضانه ..


ضمها بقوة لأحضانه ،

أول مرة آجي فرنسا على فكرة، مبحبهاش ..لفت برأسها لتنظر لعيناه القريبة التي تخلب عقلها : بس أنا بحبها جداً ومن وقت ماحسيت بحبي ليك ماتمنتش غير إنه أقعد هنا زي دلوقتي كدا ..

تجول بنظراته بالمكان ، كان المكان هادئ ومنظم يطلُّ على البحر ، دفن رأسه بحجابها يهمس بأنفاسه الحارة

حبيتها ياروحي علشان انتِ بتحبيها، أي حاجة بتتعلق بيكي لازم أحبها .


أغمضت عيناها منتشية بهمساته كفتاة تتعرف على حبيبها لأول مرة ؛ تقاذفت دقات قلبها بصخب حينما تابع حديثه: جنى بحبك أكتر من اليوم اللي قبله، بحس إني ماسك السما بإيدي لما تكوني في حضني ، ولما أسمع من شفايفك اللي هي بالنسبالي إكسير الحياة ، إسمي وانتِ بتقوليلي بحبك ياجاسر ..جنى هو أنا هموت علشان كدا حاسس بكل لحظة بحضنك ؟!!

دفعته تنهض من مكانها وارتجف جسدها مع انسياب عبراتها التي فشلت بالسيطرة على توقفها ؛ عايزة أروح ياله ..قالتها واستدارت متحركة مع عبراتها التي تسبق خطواتها وهي تأن بأنينٍ كالنيران كلما تذكرت كلماتهِ التي كالسيف على العنق ..


جذبها بقوةٍ لأحضانه، حاوطت خصره وارتفعت شهقاتها تردف بصوتٍ متقطع 

: يارب أموت قبلك ياجاسر، يارب أموت علشان ماتوجعش بفراقك يابن عمي ،عندي الموت أهون من بعدك عني .


عصرها بأحضانه حتى شعرت بتدخل عظامها ببعضهما ؛ بعد الشر عنك ياروح جاسر ، أخرجها من أحضانه ، يزيل عبراتها بإبهامه بحنان ، ثم انحنى ليحتحز شفتيها التي ترتجف من بكاؤها حتى سلب أنفاسها ..ثم تراجع يجذب كفيها متجهين إلى ذاك المنزل الصغير الذي يستقرون به بفترة إجازاتهم .


بأحدى الشاليهات تجلس أمام المدفأة بأحضانه وهو يمرر كفيه على احشائها ،

لولو لسة زعلانة مني، أمسكت كوبه الذي يحتضنه ثم ارتشفت منه ؛

لو زعلانة مش هكون في حضنك دلوقتي ياياسين، رفعت رأسها ونظرت لعيناه 

ليه خلتها تقرب منك ياياسين، ازاي وافقت على كدا ؛

جذبها لأحضانه متذكراً ذاك اليوم ثم أردف :

عاليا معرفش الموضوع جه ازاي صدقيني، انا كنت خارج من مكتب جاسر لقيتها دخلت بسرعة وبتقولي لازم نتكلم ..قربت منها وبسألها 

انتي عايزة مني ايه ، لقيتها قربت وزي ماشوفتي كدا ، والله دي لحظة من الصدمة معرفتش أعمل إيه ، صدمتي شلتني ..


يعني متأثرتش ياياسين ؟!

اتأثر!! قالها بامتعاض ثم احتضن كفيها يرفعهما ويلثمهما قائلا:

عاليا من قبلماأقابلك ولا احبك موضوع ليليان دا اتحرق، وسواء اتجوزتك ولا لأ مستحيل يجمعنا طريق واحد ، أنا دلوقتي بحبك إنتِ، بعشق عاليا لعاليا، يارب تكوني مقتنعة بكدا ..


توقف يسحب كفيها ،تعالي نخرج نتعشى برة ..أومأت له وهي تتجه لغرفتها لتبديل ثيابها ..


مرت الأيام سريعاً إلى أن جاء اليوم الموعود ، المقرر به عقد قران فارس على معشوقته ؛

أمام منزلها كانت تقام حفلة تضم المقربون من الأهل والاحباب ، جلست النساء تنتظر صوت الشيخ بالمسجد وهو يعلنهما زوجاً وزوجة ..أطلقت أصوات الزغاريط ، وقامت البنات بالرقص لتهنئ العروس على طريقتها الخاصة ..استمرت الحفلة لوقت ٍليس بالقليل والجميع بحالةٍ من السعادة ،

نهض جواد من مكانه يشير إلى عز حينما فقد تنفسه ..هرول عز إلى

عمه ، مالك وشك مخطوف..سحبه إلى السيارة يهمس بتقطع :

روحني حبيبي قبل ماحد ياخد باله ..

استند عليه يتحرك بصعوبة وألما حاد يفتك بصدره .


على إحدى الطاولات كان يجلس يحمل ابنته ويداعبها ، اقتربت نهى منهما 

هاتها حبيبي وقوم مع مراتك علشان تباركوا لفارس..طبع قبلة على وجنتيها ثم توقف يضعها بأحضان نهى ، تلفت حوله يبحث عن والده بعيناه، وجد والدته تجلس بجوار والدة جوان ، تجول ببصره سريعا ، لمحه من مسافةٍ بعيدة وهو يتحرك بجوار عز بصعوبة ، ابتسمت جنى تحتضن ذراعيه 

جاسر: اعمل حسابك لازم نعمل حفلة عيد ميلادك يوم الخميس الجاي ومش هتنازل مهما تعترض ..ترك ذراعها وتحرك مهرولا ، حينما دار جسده ليسنده عز وهو ينزل بجسده بترنح جسد عمه، ضمه عز إلى صدره ليهرول جاسر إليه ودقات عنيفة تصخب بضلوعه ..

-با..با ..أردف بها جاسر بتقطع وهو ينزل بجسده إلى مستوى والده ..حاول جواد يحرك كفيه على كف ابنه الذي وجد الرعب بملامحه ؛

بابا جذبه بقوة من بين ذراع عز .. حبيبي إيه اللي حصل، رفع نظره إلى عز الذي انسابت عبراته يهرب من نظرات جاسر..وصلت جنى إليهما بعدما وجدت هرولة زوجها للخارج ؛


جذب جاسر عز بقوة يصرخ به 

ابويا ماله ياعز ؟!

توقف عز متجها إلى السيارة ليحضرها هروبا من جاسر ، رفع رأس والده الذي شعر بفقده وعيه ..ملس على وجهه وصرخ باسم والدته التي تجلس بالحديقة ..كان ياسين يقف بجوار فارس وأوسويمزحون ، بينما جواد حازم يقف بجوار زوجته يحمل بيديه كوباً من القهوة يمازحها 

بشرب قهوة أهو ، ولما أروح كمان هشربلك قهوة، علشان أسهر للصبح ؛

ركلته بهدوء ليجذبها من خصرها يقهقه بصوت مرتفع ،مما جعل الجميع يطالعونهم بابتسامة ..


نظر إليهم معتذراً، ثم نزل برأسه بمستواها:

معذورين حبيبتي ميعرفوش شقاوة الصغنن، بسط كفيه ليجذبها ولكنه توقف حينما استمع الى صرخات جاسر..هوى الكوب من يديه يتمتم باسم خاله وهرول للخارج مع هرولة الجميع إلى الخارج ..

توقفت غزل تنظر لتحرك أبنائها بسرعة باتجاه جاسر، رجفة أصابت جسدها وهي تتطلع إلى زحمة الناس التي يلتفون حول شخصٍ ما ..أنزلت كنان بهدوءٍ تتحرك بأنفاسٍ متقطعة، وصلت إليها نهى ،

غزل إيه اللي بيحصل، وليه جاسر بيصرخ كدا ..بعيون زائغة مشتتة تتطلع إلى نهى وكأنها لم تستمع إلى حديثها ..وصلت إلى تجمع أولادها ، دفعتهم بكفيها المرتجفة ، ولسانٍ منعقد تريد الصراخ قبل الحديث ، هوى قلبها وهي ترى جاسر يحتضن والده يضمه إلى صدره بوصول عز يصرخ بهم :

جاسر لازم نوديه المستشفى، قوم ياله مش وقت بكى ..

تائهة تنظر لهم بعجز من عيناها عن ماذا يتحدثون، وعن أي شيٍ يهتفون، لقد أصيبت أذنيَّ بالصمم ، أم أن عشقي لزوجي جعلني لم أعد أستمع سوى اسمه ؟!!

انحنى أوس بجوار ياسين ليرفع والده بمساعدة جاسر وعز ..توقفت كالمشلولة والرؤية تتلاشى أمامها مع ضعف جسدها، وصل صهيب إليها يحاوط جسدها ، حينما رأى ترنح جسدها 

غزل فوقي ..عيناها تحاصر أبنائها وهم يحملون زوجها، ماذا حدث ولماذا ؟هل زوجها بخيرٍ أمأصابه شيئاً ؟!!

رفعت عيناها المشتتة تهمس بتقطع 

إيه اللي بي..حصل يا صه..يب ؟!

تحرك وقلبه يتزايد نبضه وهو يرى أخيه ؛ولكنه عاجز لم تعد لديه القدرة على التماسك، شعر بوجود خطبٍ ما حينما شاهد صراخ عز، كان يشك أن هناك مايخفيه عن والده ، ولكنه لم يكن يعتقد أن مايخفيه هو مايصيب أخيه ..

وصل حازم إلى غزل بعدما تحركت سيارة عز بالمغادرة متجهة إلى المشفى .

حاوط جسدها المترنح من أحضان صهيب ، كانت تتحرك كالذي فقد الحياة وكل ما يتجلى على ملامحها نظراتها التي توحي بأنها لا تشعر بشيء ..

غزل حبيبتي سمعاني ..فتح باب السيارة يساعدها بالصعود،يهتف بصوت كالرعد على مليكة..

مش عايز صوت، اركبي جنبها، اللي أسمع صوتها هضربها 

قالها حازم الذي على دراية بما يصير،

تلفت حوله يبحث عن ربى فأشار إلى فارس ؛

بنت عمك فين ؟ دورلي عليها ، وهاتها والحقنا ..

عند ربى كانت تجلس بالأعلى تحتسي مشروباً من النعناع يهدئ من آلام جسدها ؛ويشعرها بالاسترخاء 

ربتت والدة جوان على كتفها

بقيتي كويسة حبيبتي؟..هزت رأسها تحاول تنظيم أنفاسها :

الحمد لله ، آسفة ياطنط تعبتك معايا، قلبي بس مخطوف شوية، معرفش ممكن يكون من الحمل !!

تبسمت المرأة الحنون :

ربنا يكملك على خير يابنتي .

متشكرة..قطع حديثهم دلوف جوان وعلى ملامحها الذعر، تطالع ربى بنظراتٍ حزينة 

أشارت والدتها :

حبيبتي تعالي جنبها ، وأنا هنزل للناس زمانهم قلقوا ..فركت كفيها ونظراتها على ربى التي قامت بنزع حجابها ؛

معرفش حاسة إني بختنق، لا أنا هنزل تحت يمكن أشم شوية هوا، أو أتمشى شوية ..

قاطعهم دلوف فارس 

ربى ..قالها فارس بلهفة وهو يدلف للداخل ؛

ياله حبيبتي لازم نمشي ..

اتجهت بنظرها إلى جوان تتطلع بتساؤل يقفز من عينيها، ظناً أنهما اختلفا فأردفت :

لا يافارس، أنا هنزل لعز وانت خليك مع خطيبتك، قالتها وهي تضع حجابها فوق رأسها بعشوائية، تجذب هاتفها .

أشار فارس لجوان بمساعدتها ، فاقتربت منها ؛

تعالي أساعدك في لف الحجاب ..

هزت راسها بالرفض ؛

لا ياقلبي أنا هنزل كدا ، كدا كدا هنزل على العربية على طول، كل اللي تحت أخواتي مفيش حد غريب، عمك وابن عمك عند الرجالة كمان ..

حاوط فارس أكتافها وتحرك بها للخارج ،تعالي حبيبتي لازم نروح مشوار مع بعض..الكل مشي مبقاش غيرنا أنا وإنتِ توقفت مذهولة تطالعه بأعين متسعة؛ 

عز مشي إزاي وسابني ..تسائلت والدة

جوان :

ليه مشيوا هما زعلوا ولا إيه..قالتها واستدارت إلى ابنتها بتساؤل ..

تحركت ربى دون حديث بعدما تسلل الرعب إلى قلبها عن ماحدث .

بعد قليل ترجلت من السيارة، تهرول للداخل بجسدها الثقيل ، تبكي تبحث عن أي أحد من إخوانها، هرول فارس يشير إلى جوان :

إقفلي العربية والحقينا، خايف عليها ..أومأت تساعد والدتها بالترجل .

وصل إليها فارس يضمها من أكتافها مع ارتفاع شهقاتها 

-بابا ..أنا عايزة بابا يافارس ..

روبي حبيبتي ممكن تهدي، متنسيش إنك حامل ..بكت بشهقات 

عمك كويس يافارس صح ؟!قولي حصل له إيه ؟..

ابتلع ريقه بصعوبة وهو عاجز عن الرد

من أمام غرفة الفحص، توقف الجميع على أعصاب كالصفيح الساخن، وكأن بداخل كلاً منهما بركان من نيران ..

وصلت ربى تبحث بالوجوه عن والدتها أو أحد من إخوانها .

تحركت كالطفلة التي تتعلم السير، تنظر بوجوه الجميع بضياع كطفلةٍ يتيمة تبحث عن والديها ..

اتجه إليها حازم الذي توقف على باب الغرفة ينتظر أحدهم بالخروج للأطمئنان ؛ حبيبتي ارتاحي، رفعت عيناها المرتجفة ،عمو حازم فين اخواتي وماما ..بابا فين؟ضمها وتحرك إلى المقعد يجذبها ويساعدها بالجلوس، يشير إلى جنى وتقى : 

خليكم مع بنت عمكم ، خطت بسرعة تدفع الباب وتهرول للداخل بعدما عجز الجميع عن منعها ؛ 

دلفت بساقين مرتعشة وجدت والدتها تجلس بجوار والدها ،تحتضن كفيه وتضع رأسها بجانب رأسه، وهناك من الأطباء من يفحصه وآخر ينظر بإحدى الصور التي تم تصويرها وأمامه أبنائه  

ياسين، أوس، جاسر..أشار الطبيب معتذراً ..

للأسف الحالة صعبة وكان من الأفضل إجراء عملية من فترة طويلة ؛القلب حالياً ضعيف ومش هيتحمل منقدرش 

نجازف ..تحركت كالمجنونة، تجذب الإشاعات وتصرخ بالطبيب

اسكت ..تعرف تسكت، لكمة جاسر بقوة :

اتصل بدكتور بابا بسرعة، إنت إزايتسلم حالة بابا لدكتور جاهل !..

ضمها ياسين للسيطرة على نوبتها الجنونية ولكنه لم يستطع ، نهض عز من جوار غزل واتجه إليها ..

حاوط جسدها يخرج بها من الغرفة ، وهي تصرخ بأصواتٍ توجع القلوب 

إبعد ياعز، الدكتور دا غبي مش فاهم حاجة أنا أبويا هيعيش ، ضمها بقوة محاولاً السيطرة عليها ورغم حملها وإرهاقها إلا أنه فقد السيطرة عليها بسبب حالتها ..دفعته بقوة تبكي متجهة إلى إخوتها إلى أن تدخل فارس يجذبها بمساعدته ..صاحت باسم جاسر

جاسر : أبوك لو حصله حاجة إنت المسؤول قدامي، اتصل بدكتوره، الدكتور دا غبي ..جاااااسر 

وقعت عيناها على جسد والدها، لتصيح باسمه :

بابا ..بااااااباااا..قالتها مع إغلاق الباب .


وصلت جنى إليها بالطبيبة ..حقنتها الطبيبة بمهدئ خاص بحالتها ومازالت على حالتها من البكاء الهستيري

خلال ساعات قليلة تجمع الجميع بالمشفى التي يوجد بها جواد ، وشاع خبراً بوقوعه بإحدى الحفلات بسبب وعكةٍ صحية ...وصل بيجاد إلى القاهرة بصحبة زوجته بعد اتصال والده الذي أصبح ملازماً للجميع كأنه أخ ..قام ريان المنشاوي بعمل اتصالاته لأكبر أساتذة جراحة القلب بالعالم ..إلى أن توصل لأحدهم وإرسال طائرة ابنه الخاصة لاحضاره خلال ساعات، مع تجهيز كافة الاشاعات والتحاليل المرتبطة بحالة جواد الذي ذهب بغيبوبة ، ضاع بسببها الكثير من أحبائه ولم يعد لأحد التماسك، سواءً كبيراً كان أو صغير ، ارتسم الحزن على الجميع ، وساد الصمت المريب مع الظلام الحالك لحيالألفي، بعد الضحكات التي كانت تصدح بذاك المكان، أصبحت المشفى تجمع مهول من الجميع ، لما لا وذاك الرجل الخلوق لديه الكثير من الأعمال الخيرية..امتلأت المشفى من رجال الشرطة التي حاصرت المكان ، فأسد الداخلية ذات يومٍ ،الآن مسجى على فراشه كالذي ينتظر لفظ أنفاسه الأخيرة ..

هنا صيحات وهناك شهقات لم تخلُ وأعصابٍأوشكت على الانفجار .

دلف الطبيب الألماني وتم الفحص الكامل، وإعادة الكثير من الصور لحالة القلب بجميع حالته ..خرج يتحدث 

إلى ريان مع توقف الجميع ..أشار صهيب بيديه لتوقف الجميع :مفيش حد يتحرك من مكانه..خطى جاسر إلى الطبيب منتظراً حديثه بقلب ينتفض بالرعب مع وقوف عز بجواره .

كنت أريد إخباركم بالأخبار الحسنة، ولكن متأسف، فحالة المريض تبدو سيئة للغاية ..هزة عنيفة أصابت الجميع، حينما ظنوا بطاقة أمل مع ذاك الطبيب ..تابع الطبيب حديثه بلكنته الألمانية: هناك الكثير من تلك العمليات نسبة النجاح بها ضئيلة حسب تحمل المريض، وهناك ..أوقفه ياسين :

لا أريد المزيد، أريد أن أعرف هل سيشفى أبي ؟ 

هز رأسه بأسى : أتمنى ذلك .. ولكن النسبة ضئيلة، أود أن تطمئن قلوبكم ولكن لن أبالغ بذلك .. 

أومأ ريان متفهماً ينظر إلى صهيب :

لو العميلة نسبة النجاح أكتر من 20 اعملها يادكتور، مش كدا ياصهيب .

تطلع صهيب بعجزٍ إلى جاسر الذي هوى على مقعده ،وهو يشعر بنيرانٍ جحيمية تلهب صدره، عجز عن التفكير؛ عجز عن اتخاذ أي قرار ..تذكر حديث والده، ألهذا كان يوصيه على إخوته..وزع نظراته على أوس وياسين بعجز..جلس أوس بجانبه 

جاسر بابا دخل غيبوبة، ولابد من العملية، كدا كدا هو تعبان، لازم نرمي حمولنا على ربنا، واللي بأيدنا نعمله 

تراجع بجسده مطبق الجفنين، كيف له أن يختار شهادة وفاة والده، هو الآن يخير بين حياة والده والنتيجة واحدة أمام عيناه، مسح على وجهه بعنف كاد أن يقتلع جلده ..ربت سيف على كتفه

جاسر ياله مفيش وقت للتفكير، باباك لازم يعمل العميلة، وبما إنك الكبير لازم تقوى وتحضره للعملي

وزع نظراته بين ياسين وأوس بعقل عاجز ..نهض ياسين حينما فقد السيطرة واتجه للأسفل ..بينما أوس ربت على ظهره : أبوك جابنا للدنيا علشان اللحظة دي ياجاسر، ياسين خايف عليه هو مصدوم ولما يقعد ويفكر هيقول يعمل العملية .

ماما !!

أكيد بتهزر !! أردف بها عز بصياح 

مامتك مش حاسة بحاجة ، ومهما تتكلم معاها مش هتفيدك، قوم وأقوى كدا، جه الوقت اللي تظهر فيه إنك ابن جواد ، جاسر بص على إخواتك البنات اللي منهارين ومحدش قادر عليهم ..

مرت ساعات وخضع جواد للعملية، أما غزل فقدت وعيها ولم يعد لديها قدرة على المقاومة، حينما استمعت إلى حديث الطبيب..

ساعات خلف ساعات والقلوب بهلع ، هناك من توجه للواحد القهار بالصلاة والدعاء، وهناك من أمسك آيات الذكر الحكيم يتلوها ليشعر قلبه بالاطمئنان .

وهناك من جلس يبكي على ذكريات تحملها الآلاف من المعاني ...جلست جنى بجوار جاسر، جذبت كفيها 

جاسر!! رفع عيناه إليها ..

عندي يقين بالله إن عمو هيفوق، عارفة إن ربنا دايماً رحيم بينا، وإن شاءالله هيقوم بالسلامة .

أومأ لها دون حديث، وتراجع بجسده وأغمض عيناه وحديث والده يخرق سمعه..

عند ياسين بتلك الغرفة يضع رأسه على ساق زوجته مع دموع عيناه ..

مسدت على رأسه مع بكاءها، كيف لها أن تهون عليه وهي التي ضاق قلبها حزناً علىذاك الرجل الذي اعتبرته يوماً من الأيام أباً روحياً لها ..

بجوار تلك الغرفة تحتضن ركبتيها تنظر في اللاشئ ،دموع فقط تنساب بقوة، هل سيعاقبها ربها ويحرمها من والدها للمرة الثانية، شهقة خلف شهقة تدعو بسريرتها ..

"ربي إنه أغلى خلقك فلا تحرمني من حنانه"

"ربي إن والدي يتألم فلا أحد سواك منقذه، اللهم اسكب في جسد أبي نهراً من الراحة يسري في أوردته، ربي أرح ثم هوّن ثم اشفِ كل نفسٍ لا يعلم بوجعها إلا أنت يا أرحم الراحمين ..اللهم أنت الشافي المعافي، أسالك أن تزيل عن جسد أبي المرض والألم، اللهم واجعله صابرا على البلاء ..

دلف للداخل وكأنه يخطو على بلور متناثر، جلس بجوارها وحاوطها بذراعيه 

غنى حبيبتي ، بابا هيقوم بالسلامة ، مش عايز يأسك دا ..

رفعت عيناها وابتسمت من خلال دموعها ..بيجاد بابا هيعيش ، عارف ليه ، علشان أنا بحبه قوي قوي، وربنا بيحبني كمان علشان كدا مش هيحرمني منه، أصل اتحرمت منه كتير، وعارفة ومتأكدة إن ربنا رحيم بعباده، طيب لما هو رحيم مستحيل يوجعني كدا..صح يابيجاد؟!ربنا بيحبني علشان كدا هيرجع بابا ، ماهو اللي تتجوز واحد زيك واللي يكون عندها عيلة زيي يبقى ربنا بيحبها ..

ضمها بقوة لصدره وانسابت عبراته :

أيوه حبيبتي ربنا بيحبك ومتأكد أنه هيكون رحيم بينا ياغنى .

بالجانب الآخر فتحت عيناها تتأمل تلك الغرفة المطلية باللون الابيض ، نظرت للذي يحتضن كفيها ويبكي بصمت ..هبت من نومها تهمس باسم والدها ..بابا، عايزة اروح لبابا ..أوقفها عز بعدما وجدها تسحب الكونالا من كفيها 

ضمها بين ذراعيه يهمس لها : بابا في العناية حبيبتي ، عمل العملية ولسة منتظرين أنه يفوق .

رفعت نظرها إليه : هيفوق يابن عمي صح ؟ مش عمك هيفوق ياعز 

قبل رأسها وأجهش ببكائه ،هيفوق ياروحي إن شاءالله يفوق .

مرت ساعات أخرى والحال كما هو عليه ..دلف لوالدته التي تجلس تنظر من الشرفة دون حديث، دلف خلفه صهيب وجلس بمقابلته .. ماما هتفضلي كدا ، قومي ارتاحي حبيبتي ، ليه مش عايزة تاخدي مهدئ

-تحدثت وهي تنظر للخارج : أبوك بيتوجع بقاله شهور ياجاسر وانا محستش بيه، عرف يخبي عليا، أنا إزاي محستش بجوزي، إزاي كنت بنام جنبه وهو بيتوجع ..استدارت برأسها تنظر إلى ابنها ..في عز وجعه قسيت عليه ولومته أنه خبى عليا إنك عايش !!ابتسمت مع لآلئ عيناها التي انفرطت كالنجوم ..

طول عمره أهم حاجة عنده غزل، غزل وبس، أهم حاجة غزل ماتتوجعش، أهم حاجة غزل تنام وتبقى كويسة، أهم حاجة غزل تكون سعيدةوتضحك..اقتربت من ابنها وغرزت عيناها بأعين ابنها ..

أنا مستهلش أبوك ياجاسر، النهاردة بس عرفت إني مستهلوش، كان يستاهل واحدة أحسن مني ، الست اللي متحسش بجوزها في وجعه متسهلهوش .

رفع كفيها يقبلها :حبيبتي ياماما متقوليش كدا، انتِ كمان بتحبيه ..ابتسامة ساخرة تنظر إلى صهيب : 

قول لابن اخوك مين جواد الألفي ياصهيب..نهضت من مكانها قائلة

بس لازم أعاتبه وأعاتبه قوي كمان، عارفة أنه هيفوق، ولما يفوق هيشوف غزل تانية خالص ..

ربت صهيب على ذراعها : غزل ماتزعليش منه، ادعيله ولما يفوق عاتبيه براحتك ..تحركت للخارج ورغم ثباتها إلا أنها هشة، ستسقط إذا أصابتها بعض الرياح ..

خرجت وجدت هناك حالة من الهرج، وبكاء مليكة بأحضان حازم، ذهبت ببصرها الى تلك الغرفة التي يوجد بها الأطباء يحاولون إنعاش قلبه ..هرولت للداخل وكأن مشهد الثلاثون عاما يتكرر أمام عيناها، صاحت تصرخ بالأطباء وأمسكت جهاز ضربات القلب لانعاشه بعدما توقف، مرة بعد مرة الى ان انتعش قلبه ليرجع نبضه مرة أخرى ..دقائق عصيبة على الجميع مع الانهيار الحاد ، ابتسمت بعيونها ثم انحنت تضع جبينها على خاصته ..

غزل مالهاش غير جواد اللي هو اخوها وأبوها و ابنها وكل حاجة في الدنيا، سمعني ياجواد..من غيرك يتيمة حبيبي ، أنا فعلاً يتيمة، ياله ارجع لطفلتك ياحبيب غزل ..رفعت ماسك تنفسه ولم تكترث للأطباء الذين بالغرفة وقبلته قبلة مطولة كأنها قبلة الحياة تهمس له :

أنا ادتلك نبض قلبك وأنتِ اديني حياة غزل ياكل غزل ..همست بها بإذنه ، لتتحرك للخارج منه إلى المسجد تركع لربها وتتضرع، تبكي بدماء قلبها، لقد أطبقت الدنيا عليها حتى منعت تنفسها ..مرت أيام و أسابيع والحال كما هو عليه..إلى أن فقد الأطباء الأمل في إيقاظه ، فتوجه أحدهم إلى جاسر 

أنا آسف ياجاسر، بس الحالة زي ماهي يابني وأبوك شكله كدا ودَّعنا، الأحسن نشيل الأجهزة من عليه ..

نظر للطبيب بصدمة ،ثم اتجه بنظره الى ياسين الذي هب فزعا يهز رأسه كالمجنون : لا لا ..صرخ بها يهرول إلى غرفة أبيه دفع الباب بقوة كطفلٍ يدخل إلى غسل والده ، وصل إلى فراشه يجثو أمامه : بابا سامعني، أنا متاكد إنك سامعني صح يابابا ؟.. أنا عيل آه عيل ومحتاج لحنانك ، أنا لسة مشبعتش منك يابابا ؛

ينفع تسيب ابنك العيل ، طيب خدني في حضنك لحد مااشبع ..

دلف راكان إليه بعد علمه بما صرح إليه الطبيب معارضا حديثه : طول مافي نفس ممنوع أي جهاز يتشال يادكتور، قالها وتحرك خلف ياسين ..

رفعه من جوار والده وأخرجه يهزه بعنف 

فوق يالا، أومال سبت للبنات إيه ..خرج كالمجنون متجهاً لسيارته لحقته عاليا التي تتألم على وضعه ، فمنذ مرض والده ولم يخرج من تلك المشفى .

 تحرك جاسر إلى الغرفة ، ونيران تحرق أحشائه ، يشعر وكأن أحدهم يطوقه بنيران من حديد، دلف للداخل ينظر إلى جسد والده ، كاتماً تلك الصرخة التي توغلت صدره حتى يشعر بكم الآلام التي تصيب صدره، تمنى أن ينتزع ربه روحه ، ولم يشعر بكم الآهات من بعد والده .

جلس بجواره على الأرضية يحتضن كفيه وانسابت عبراته ..

وصيتني وارتحت ياحج جواد، هنت عليك ترميني بالنار كدا، طيب استنى شوية ؛تعلمني إزاي أكونزي جواد الألفي ولا مستخسر فيا شوية التعليم ..

وضع رأسه على ذراعه 

بابا ربى وغنى هيموتوا عليك، بلاش أقولك ماما عاملة إيه، لأنك أكيد حاسس بيها، اعتدل ينظر إلى والده ..

طلعت غالي قوي قوي ياجواد ياألفي، من غيرك بقيت زي الطفل اليتيم اللي من غير هدوم، اتعريت يابابا، ماهو حضرتك مالبستنيش كويس، وحضنتي وقولتلي فوق ياجاسر أبوك بكرى مش موجود، لااا ؛ كل اللي قولته خلي بالك من إخواتك، اقترب يهمس لوالده 

-طيب وصيت مين عاليا ياحج جواد 

أزال عبراته بدخول عز إليه ، أوجعه قلبه على حالته، فانحنى يجذبه ..


👇👇👇👇👇👇👇

..توقف ينظر إلى جسد والده المسجى، الذي لا حول له ولا قوة، خطى بخطوات ثقيلة، وأحس بضلوعه وكأنها تنكسر ضلعاً ضلعاً لتصدر صوت أنين دون رحمة ..هوى أمام فراشه يحتوي كف والده المغروز بالإبر وتساقطت عبراته كزخات المطر ..

شهقة خرجت من أعماق قلبه المتألم ليهتف ببكاء :

بابا حبيبي ، إبنك بيضيع يابابا، أنا ضعيف من غيرك، يرضيك تسيبني كدا، وضع رأسه بجواره وبكاه كأنه لم يبكي من قبل 

بقيت زي الطير اللي جنحاته اتكسرت، اتكسرت يابابا، كلنا بنموت من غيرك، علشان خاطر ربنا افتح عيونك، الحياة من غيرك وحشة قوي قوي ..دلف عز إليه يرفعه من جوار والده :

حبيبي قوم ياله، مينفعش كدا، أومال البنات تعمل إيه ..

بوجه مرسوم بالألم وقلبٍ مثقوب بعلامات الموت ، وروحٍ تأن بأنين محترق كوتر آلةٍ عتيقة أشار إلى عز ، ووجه غارقاً بدموع الحزن :

أبويا ياعز، دا أبويا وروحي وكل حياتي، دا جواد الألفي، عارف يعني إيه جواد الألفي ..ضمه عز الذي انسابت عبراته، ورفعه من فوق الأرضية بدلوف ريان المنشاوي إليهم ..

رفعه ريان من فوق الأرضية :

إيه ياولاد جواد، مالكم بالضعف دا، اجمد ياجاسر ، علشان أخواتك وأمك

خرج جاسر بمساندة عز وريان ..توقفت غزل تنظر إلى صهيب الذي جلس بعيداً عن الجميع، يبكي بصمت، فكلما تذكر حديث الطبيب يعض على يديه ألماً .. نهض من مكانه ورسم ابتسامةٍ حزينةٍ :

مفيش ياغزل، توجه الطبيب إلى صهيب :

لسة عند رأيي ياباشهمندس ..

-رأي إيه ؟! 

أجابها صهيب مفيش، توجه الطبيب للحديث ولكن قاطعه صهيب 

-بعدين يادكتور، واعمل زي ماراكان البنداري قالك .

صهيب إيه اللي بيحصل بالظبط محدش بيرد علينا ليه ؟!

ربت على كتفها، محاولا تهدئتها ولكن كيف له ذلك ، وقلبه عبارة عن جمرةٍ نارية ..صمت يضمها من أكتافها :

غزل مش عايز انهيارك دلوقتي لو سمحتي، فين غزل الألفي، أنا النهاردة عايزك غزل اللي رباها جواد مش اللي حبت جواد..لمح خروج بيجاد يجذب جاسر من غرفة العناية ..شعربانسحاب الأرض تحت اقدامه، بينما توقفت غزل تنظر إلى ابنها بجمود ثم اتجهت تنظر حولها كاليتيمة التي تبحث عن والديها ...هزت رأسها بعنف وتحركت إلى أن وصلت إلى وقوف جاسر وبيجاد 

-ايه اللي بيحصل ..رفعت عيناها إلى ابنها الذي هرب من نظرات والدته يضغط على كف بيجاد حتى لا ينفجر بالبكاء أمامها، اليوم لابد له من القوة ..اليوم سيثبت للجميع أنه ابن جواد الألفي كما رباه والده 

-لازم نشيل الأجهزة ، شهرين ومفيش استجابة ..

لحظات كفيلة إلى انهيار غزل وهي تهجم على ابنها بصرخاتٍ كالرعد ، وهو يضمها لأحضانه :

الدكتور دا بيقول ايه، إنت مش عايز تتكلم ليه ؟! دفعته بقوة وتحركت إلى داخل الغرفة ..وصلت إليه جسدٍ بلا روح ، جلست بجواره ومررت أناملها على وجهه بالكامل ..ابتسامة عذبة تنزل برأسها تقبل جبينه ثم احتضنت كفيه تقبله :

إنت وعدتني ياجواد، فين وعدك لغزالتك..ياله حبيبي افتح عيونك

هموت من غيرك..

وضعت جبينها فوق خاصته وانسابت عبراتها لتنساب فوق وجهه تهمس بأنين خافت : هستناك هنا حتى لو مية سنة ياأبو جاسر،..ظلت لبعض الوقت ثم خرجت إلى الطبيب : مش عايزة حد يدخل لجوزي، أنا هستلم حالته، بما إن حضرتك معملتش العملية يبقى مالكش دخل بيه 

استمرت عدة أيام إلى أن جاء اليوم لتضع ربى مولودتها الجديدة ..بكت بأحضان زوجها بعدما استمعت إلى صوت صهيب وهو يؤذن لطفلتها ، تذكرت والدها الحنون..ربت عز على ظهرها : ربى وبعدين حبيبتي مش قولنا كله لربنا ..بلاش تعملي كدا علشان بنتك ياحبيبتي 

  أيام تلو أيام والحال كما هو عليه، خرجت غزل متجهة إلى المجمع الخيري ، دلفت للداخل متجهة إلى غرفتها التي أغلقت منذ سنوات ..وقامت بمهاتفة المسؤول عن توزيع العمليات : 

عايزة النهاردة كل الحجز بتاع العمليات يكون قدامي

ارتبك الرجل قائلاً :

للأسف يادكتورة عندنا عجز في الأجهزة الطبيبة، ومقدرناش نطلب من الباشمهندس عز بعد اللي حصل 

أي حاجة محتاجها هات أمضي عليها، عايزة اجتماع لكل الأطباء بالمشفى

بعد عدة ساعات توقفت بجوار صديقتها التي حاولت منعها : غزل ممكن تتعبي بالعملية

اتجهت بنظرها إليها : يبقى قدرها ، بس مش هسيب الطفلة دي تتعذب علشان دكتور أهم حاجة عنده إجازاته، الدكتور دا ممنوع يدخل المستشفى بعد كدا ..أشارت إليها بالتقدم 

-بعدين إنتِ معايا وواثقة فيكي ، إنشاءالله العملية هتنجح والبنت ترجع لأهلها ..

بعد عدة ساعات انتهت العملية التي تم بها استئصال جزء من الكبد ، جلست بغرفتها تحمد الله على ما فعلته اليوم،


بالمشفى عند جواد ..

رفرف أهدابه على عدة مرات يهمس اسمها، ابتسمت الممرضة تدعو الطبيب إلى التوجه لغرفته ...بعد عدة ساعات انتهى من فحصه الشامل مع فرحة سعيدة على وجوه الجميع ..


غفى مرة أخرى بعد سؤاله عن محبوبة دربه ..أجابه صهيب : شوية وتيجي، قالت وراها مشوار مهم .

خرج البعض ..

مرت أكثر من ست ساعات وهي بعيدة عن المشفى ، عادت بقلبها الذي شعرت بآلامه دعت ربها أن يصيبها الله بذبحة صدرية حتى تتخلص من جميع ما تشعر به، فلم يعد لديها رغبة في الحياة دون حبيب دربها ..

دلفت كالعادة ، ولكنها لم تجد أحدًا أمام الغرفة كعادتهم، تذكرت خروج عز وربى بالصباح الباكر بسبب مولودتها .

خرجت جنى من الغرفة صدفة مع فتح غزل لباب الغرفة، توقفت تنظر إليها 

جنى ، فين الباقي؟ صهيب وبيجاد فين ؟..قبلتها جنى تضمها وضحكاتها تعلو بالمكان ..

-عمو جواد فاق ياست الكل ، عمو جواد فاق وجاسر حاول يتصل بيكي ،بس فونك مقفول .

دفعت الباب سريعاً ودلفت للداخل ..توقف تنظر إلى فراشه تهمس بكلمات الحمد لله .

كحبات اللؤلؤ تختفي عبراتها خلف أهدابها، طالعته بعينيها الساحرة التي لمعت بتلك اللآلئ..خطت إليه وعيناها تعانق عيناه، وابتسامة من عينيها قبل شفتيها ، ناهيك عن تحولها إلى فتاة تبلغ من العمر عشرون ربيعاً.

خرج الجميع عند دلوفها ولم يتبق سواها بتلك الغرفة، ومعشوق دربها 

أفلتت ضحكة مع لألئ عيناها، تريد أن تصرخ وتضحك وتتراقص بنفس الوقت، لقد عجز العقل بما تشعر به، رغم قرب المسافة بينهما إلا أنها شعرت بأنها أميال من الكيلومترات ..تضحك مرة وتبكي مرة حتى ارتفعت شهقاتها بالبكاء..

ود لو استطاع لينهض من فوق فراشه ،ليضمها لصدره حتى تذوب ضلوعها بين ذراعيه ..ارتجفت ساقيها ولم تعد على حملها ، توقفت تهمس اسمه مع انسياب عبراتها التي انسابت بغزارة ، كزخات المطر تخفي وجهها ..ياالله ماهذا الشعور الذي يتملكني !..هل يشعر بما أشعر به 

أشار بكفيه إليها، ولكنها توقفت تعانقه بنظراتها، تريد أن تشبع من النظر إليه كطفل غاب عن والديه لأعوام 

همس اسمها مع التعمق برماديتها لتهرول إليه مع بكاءها الذي اوجع قلبه، ورغم تعبه الا أنه ضمها إلى صدره ؛مغمض العينين كأن روحه عادت إليه الآن ولا يختلف الأمر لديها، دفنت رأسها بعنقه تسحب رائحته كأنها تستمد أنفاسها التي منعت عنها ، مسد بذراعه الحر على ظهرها بصوته المرهق ، هنا فاقت من لحظة اشتياقها تبتعد عنه متألمة عند انقطاع أنفاسها مرة أخرى ، 

أشار إليها لتضع رأسها على ساقيه 

لا تريد شيئًا سوى التنعم بأحضانه

دنت تهمس إليه :

استعد يابن الألفي لأني مش هتنازل عن قتلك فيا الشهور دي، هعرف اخد حقي منك كويس ..

ابتسم يهز رأسه وأغمض عيناه هامسًا لها : من إمتى وأنتِ بتتنازلي عن حقك فيا ..لمست خاصته تلمس وجنتيه

حسابك عسير أوي معايا ياجواد، ومش هزار ابداً، هعرفك إزاي تبقى مريض وتخبي على غزالتك، بس الحق مش عليك بس، الحق على قلبي اللي محسش بيك، من إمتى وقلبي بقى قاسي كدا ياجواد، لازم أعالجه .. شكله عايز علاج ياأبو جاسر

أغمض عيناه وهمس مابين النوم واليقظة : سلامة قلبك ياقلب جواد.

قالها وذهب بنومه مرة أخرى لتحتضن كفيه تقبله تحمد الله ، على كرمه 


مرت الأيام وحالة جواد بالتحسن ولا تغيب مشاكسة بيجاد وعز إليه أثناء مرضه ومكثوه بالمشفى ..


مكث جواد مايقارب الشهرين بالمشفى، وذلك بناء عن تعليمات غزل، 


ذات صباح فتح عيناه وجدها تغفو بجوار على المقعد، اعتدل يهز كتفها بهدوء ، غزل ..فتحت رماديتها لتهب فزعة 

-حبيبي فيه حاجة ، مالك فيه حاجة بتوجعك ...!!

أشار بكفيه مع ابتسامة بعينيه التي ذبلت كثير بسبب مرضه 

نهضت مقتربة منه ، أشار إليها بالصعود على الفراش ..رفضت في بادئ الأمر إلا أنه أصر قائلا:

-تعالي في حضني شوية وحشتيني ..صعت لتجلس بجواره ..حاوطه بذراعيه كالطائر الذي يحاوط وليده بأجنحته 

ضم رأسها لأحضانه واطبق مغمض العينين

-كنت خايف مقومش ياغزل علشانك ، رفعت رأسها تضع ابهامها على شفتيه 

-اسكت ياجواد، بلاش توجع قلبي أكتر ماهو موجوع ..انا عايزة أفقد الذاكرة علشان مافتكرش مريت بأيه ..انت مش جوزي بس ، انت الحياة لغزل 


فرد جسده مع ذراعه يشير إليها بعينيه 

-نامي في حضني أنا بقيت كويس، عايز ارجع بيتنا ياغزل، بلاش القعدة دي 

وضعت رأسها على ذراعه تهمهم بإرهاق 

-بكرة حبيبي ، لازم اعملك شيك كامل علشان قلبي يرتاح 


بعد فترة ولجت ربى وهي تحمل ابنتها ، طرقت الباب وفتحته تنظر إلى والدتها التي تغفو بأحضان والدها، تراجعت متجهة للخارج ولكنها توقفت على صوت جواد 

-تعالي حبيبة بابي ...تحركت وابتسامة عذبة مع عيونا لامعة ، إلى أن وصلت إليه ، انحنت تقبل جبينه 

-عامل ايه النهاردة ياحبيبي 

رفع كفها يقبله

-أنا كويس ياحبيبتي ، أشار الى ابنتها 

نزلي رنيم هنا عايز ابوسها 

-هتتعبك ياحبيبي 

نزلي البنت ياروبي ..وضعت على ذراعه الاخر، ليرفعها إلى وجهه يقبلها 

-الله اكبر ربنا يباركلك فيها ياحبيبتي 


دلف ياسين مبتسما 

-ياصباح الانوار على جواد باشا الألفي 

-صباح الخير حبيبي..جذب المقعد ينظر إلى والدته الغافية 

-جاسر هيجي كمان شوية علشان ياخد ماما، لازم تبات في البيت، الإرهاق دا غلط عليها ، وانا هبات مع حضرتك ، حاول تقنعها 

-هقنعها بحاجة احسن ، المهم مراتك هتولد امتى 

-بعد اسبوعين إن شاءالله 

-لو جابت ولد سميه ادهم ياياسين، شوفت ، جالى رؤية بكدا ياحبيبي 

ابتسم قائلا 

-طيب لو بنت 

اتجه بنظره الى والدته قائلا:

-كنت ناوي أسمي جواد يابابا، لكن بدل حضرتك عايز ادهم على خير الله ، بس لو جابت بنت هسميها غزل ومش عايز اعتراض 

مسدت ربى على خصلات ابنتها 

-تقوم بالسلامة ياحبيبي وعلى العموم الطفل بيكون مقدرله كل حاجة


بعد عدة ساعات 

عاد جواد إلى حي الألفي الذي فاحت به رائحة الورود وانطلقت به الضحكات مرة أخرى ،دلف إلى منزله يطبق على عينيه يستنشق رائحة المنزل بعدما شعر بأنه فقد روحه 

تجمعات كثيرة وتهنئات سعيدة لعودة ذاك الرجل الخلوق ..


أيام خلف أيام وشهور خلف شهور إلى أن أستعاد جواد عافيته الكاملة ، ووضعت عاليا ابنها ادهم ...


ذات مساء بحديقة منزله بفصل الخريف ..جلس فارس بجواره يضع ديثار ثقيل على أكتافه ، ثم جلس بجواره 

-حضرتك عامل ايه النهاردة!!

ضم رأسه يشاكسه 

-حضرتي عايز افرح ، والفرح يدخل الحي من تاني، كلم عم مراتك وحدد الفرح على اول الشهر إن شاءالله 


التمعت عيناه بالسعادة، ثم قبل كتف عمه 

-ربنا يبارك لنا في حضرتك ..ربت جواد على ساقيه 

-آسف حبيبي أجلت فرحك بسببي 

هز رأسه رافضا حديثه

-ابدا ياعمو، متقلش كدا ياحبيبي ، المهم تكون وسطنا وصحتك كويسة 


مرت الايام سريعا الى أن 


جاء اليوم الذي سيتوج به فارس بعروسه المنتظر، ومالك المنشاوي بتقى الألفي ، يوم انتشرت السعادة بذاك الحي والجميع يعمل على ساقًا، فاليوم مختلف يوم يجمع اكبر عروسين، وهو مالك ريان المنشاوي ابن اكبر رجل اعمال بمصر والشرق الاوسط، على ابنة جواد حازم التي لا تختلف قيمة ومكانة عن زوجها، التي تم خطبتها منذ اكثر سنتين ، ولكن تم تأجيل حفل الزفاف إلى أن تنتهي من دراسة السياسة والاقتصاد، ولا ننسى فارس عائلة الألفي واخر ابنائها ، يوما جميلا محمل بالمباركات السعيدة، لما رأته من تلك الاسرة،..أنارت الحديقة بألوانها الملونة وصدحت الاغاني لزفا نجل لأكبر عائلتين ..، وعلقت تلك اللافتات التي يدون عليها 

قبل يوما من الحفل الاسطوري 

..نهض بكسلٍ من فوق فراشه يبحث عن معشوقته ولكن تذكر ما فعله به صهيب حينما وضع إليه حبة منوم ، عندما اعترض على مبيت زوجته بمنزل والدها، بسبب خناقه مع عز ..تذكر دلوفه لمنزله الجديد ليتفحصه بعدما فرش أثاثه، دلف للحمام ، ولكنه خرج سريعاً وقامت مناوشات بسبب تغيير عز لديكور حمامه الذي اختاره ولم يتركه سوى ما وصل إليه قائلا:

-علشان يبقى تمشي بكيفك ياحلوف 

قهقه عز يشير إلى بيجاد وصهيب 

-والله عم اللي رشحوا البانيو دا، قولت لهم جاسر هيرفض ابو حوضين أصله قرموط وبيحب يعوم براحته ..

لكم عز بقوة عندما فقد اعصابه، ثم اتجه إلى صهيب الذي يجلس يحمل ابنته يداعبها : 

وبعدهالك ياعمو، ماتبعد عن حياتي انت وابنك والحلوف بيجاد 

خير ياشملول ..قالها صهيب بشماتة لأنه على دراية بما فعله عز وبيجاد ..

انحنى يجذب ابنته يجز على أسنانه 

ابنك الحلوف لو مرجعش الحمام زي ماطلبت ؛ وحياة أبويا اللي لسة راجع من الموت لأخدها ونعيش في الوادي الجديد، أقسم برب العزة أعملها ، ومحدش يقدر يوقفني ،فزي الشاطرين كدا ترجعوا كل حاجة ، واياك حد يقرب مني بعد كدا ..

انحنى يهمس لعمه:

بنتك هتفضل في حضني حتى لو بنيت خرسانة مش بانيو تافه بحوضين، وانسى إنها تبعد ساعة مش يوم ..حمل ابنته وتحرك يغمز إليه بعدما وجد الصدمة على وجهه صهيب قاىلاً :

-هبعتهالك بكرة ياصهيوب علشان ناوي أعسل في حضن بنتك ، ماهو لازم كل فرح أعمل شهر عسل تعويض على السنين اللي بعدناها عن بعض ، وآه ياصهيوب عينك المدورة دي أبعدها عني، أنا مبهمنيش غير إن مراتي تبقى في حضني ..قالها وتحرك وهو يطلق صفيراً.

أتى المساء وجلس الشباب لتوديع فارس بحفلة مخصصة ،

مع مزحاتهم ورقاصتهم التي ظلت لقرب الفجر، مع تجمع السيدات بمنزل جواد لأحتفال كذلك ...مرت الليلة سعيدة على الجميع، ولكن هناك من يفكر لمقلب لزوج ابنته المغرور


وهنا كان لعبته ليضع إليه تلك الحبة ليغفو بجوار عز بحديقة المنزل للصباح الباكر، فتح عيناه بتثاقل ثم نهض فزعاً عندما وجد عز بجواره، استمع الى صوت صهيب المتجه إلى منزل جواد :

اعمل حسابك ياعمو، جنى هتفضل في حضني مستحيل تبعد ساعة مش يوم..غمز إليه قائلا :

جنى نايمة في حضن أبوها طول الليل اشرب ياحضرة الظابط واعرف بتلعب مع مين يالا ..

فاق من شروده على صوت كنان باسمها بالاسفل :

-مامي أنا هلبس وأروح عند أيهم ورنيم، قبلته تشير إلى مربيته :

-خلي بالك منه، وجهزيه لبسه فوق، ومتنسيش لين ..أومأت لها وتحركت ..استدارت للمغادرة وجدت من يحاوط جسدها ..رفرفرت بأهدابها تبتعد عن نظراته قائلة :

جاسر وسع كدا ..

انحنى يشير إلى شيئٍ ما 

-نفذي الاول ..تلفتت حولها وغمغمت باعتراض :

إنت مجنون عايز تفضحنا 

احتجزها بذراعيه بينه وبين الجدار

مش هتتحركي ياجنى لما تنفذي..داعب وجهها بأنفه يهمس لها :

وحشتيني على فكرة، وأبوكي دا ظالم ..رفعت كفيها على وجهه

وأنت كمان وحشتني قوي، دنى أكثر ليحتضن ثغرها، حاوطت عنقه بعدما نجح في ماوصل إليه ..

إنت يامتخلف ..تراجعت فزعة للخلف وهي تنظر للأسفل بخجل 

اقترب جواد منهما :

هو انتِ يابنتي هبلة ! ماهو دا مش حب دي طفاسة، يعني البيت مليان ناس، وانتوا خلاص مبقاش عندكم شوية من الاحمر ؟!!

ولا أخضر وحياتك ياحمايا، صدقتني لما قولت لك ابنك هتمسكه بفعل فاضح، جبت حاجة من عندي، شوية وتلاقي المواقع الإخبارية وخلف الأسوار وعناوين للقنوات الفضائية ..

الشاب الذي مُسكَ بفعلٍ فاضح في منتصف منزل والده وهو يقبل زوجته وهي تختفي خلفه ..

ركله جاسر يجز على أسنانه :

افصل يامتخلف، اقترب جواد يجذب جنى من أحضانه :

اطلعي ياشملولة اجهزي، الفرح هيبدأ والله اللي بيعمله صهيب تستهالوه انتوا الاتنين، رمق بيجاد : وانت ياخويا روح اجهز متحسسنيش إنك شيخ جامع 

قهقه بيجاد يحتضن ذراعه :

استاذي وافتخر والله ياحمايا، هو فيه سؤال تاريخي وبما إنك الخبرة هتقولي إجابته ، اتجه بنظره لجاسر وأردف ..

الواد المنفلت دا ، جايب قلة الأدب دي كلها منين، عندكو حد في العيلة الكريمة كان منفلت كدا ؟!!

استدار إليه جواد ، ورمقه بنظرة صامتة فابتعد بيجاد يقهقه يضرب كفوفه ببعضهما :

-والله سؤال برئ، مش محتاج نظراتك دي، ماهو بيقولوا الإنفلات أصله منفلت صغنون ، كبر وتشعب ليصبح عنده كذا منفلت نجمعهم على بعض يصبح منفلتون...أمسكه جاسر من ياقة قميصه:

ويضرب برضو يابو لسان طويل 

قهقه وهو يضمه ثم همس إليه :

-يابني بحب انرفز ابوك، متبقاش غبي .


مساء تجهز الجميع لحضور الحفل الأسطوري ، تم إعداد حفل اسطوري كما يقال، ليجمع نخبة من اشهر المطربين العرب، ليصدح صوتهم بحي الألفي بعد رفض جواد أن يتم الزفاف خارج الحي، وكذلك شاركه ريان حتى يرجع الفرحة بقلوبهم بعدما انا تناست مايقارب عاما 


تراقصت الفتيات أمام العروس بالمكان المخصص لهما، لفترة من الوقت إلى أن جاء موعد تسليمها لزوجها فيما جلب فارس جميلته ، ليذهب كلا منهما إلى مكانه المخصص، بدأت فقرات الحفل برقصة العروسين لفترة، ثم بدأ الأقارب يشاركونهم رقصتهم 

بسط عز كفيه إلى زوجته 

-ام أيهم تسمحلي بالرقصة دي ..ضحكت بجمال روحها وتوقفت بردائها الأبيض الذي جعلها كالفراشة الحرة..تقدم بها إلى مكان العروسين ليشاركهم فرحتهما 

لف ذراعيه حول خصرها يجذبها لأحضانه، دافنا وجهه بحجابها 

-روبي خاطفت انفاس عز، انا سعيد يمكن اكتر من سعادة فارس نفسه 

أغمضت عيناها عندما علمت مايشير إليه 

-أنا وعدتك ياعز زمان ، مفيش راجل هسمحله يقتحم قلب ربى غير عزها وفارس أحلامها 

دنى من شفتيها لتختلط أنفاسهما هامسًا 

-"بحبك" ابتسمت تنظر لعيناه وترد عليه قائلة

-وأنا بعشقك ياابو أيهم ...على الجانب الآخر 

-طيب قوليلي هعمل ايه بعد مالجمال دا كله هيكون في حضني الليلة 

-فارس، بس بقى هزعل وربنا ، انا اصلا مش قادر اقف، فعلشان كدا ضمني كويس 

ألصق جسدها بجسده يهمس ببحته الرجولية 

-دا المطلوب يروحي، تبقي جوا حضني 

-فارس بس بقى...قلب المسؤول عن فقرات الحفل اغاني رقص شرقي لتقترب فتيات الألفي هروبا من ازواجهم ، يلتفون حول العروسين، تقى وجوان وبدأ يتراقصون على الأغاني الشعبية 


توقفت غنى بالمنتصف وبدأت تتمايل بجسدها لتشجع الباقي على الرقص والصرخات العالية ، مما جعل هناك أعين نارية بعدما توقفت جنى بردائها الاسود الحريري بمقابلة تقى وبدأت تتمايل على نغمات الموسيقى، دارت الفتيات بحلقة عليها لتظر للجميع على رقصاتهما ..اقترب مقتحم المكان ، يجذبها من رسغها بقوة، وهو ينظر للجميع بابتسامة تكاد تظهر ، ثم تحرك بها بعيدا عن الجمع 


بينما أكملت غنى وتقى رقاصتهما وهي تغمز لبيجاد الذي رمقها بنظرة تفهم معناها، ولكنها لم تكترث وظلت الفتيات يحتفلون بالعروسين إلى أنهكت 

قبل قليل بعدما جذبها جاسر وخرج بها إلى الجانب الهادي ، دفعها على الجدار، حتى كادت أن تسقط ..ثم فجأة جذبها بقوة لتصطدم بصدره متأوة 

-جاسر فيه ايه

مش عارفة فيه ايه يامحترمة، ضغط على خصرها بقوة لتدفن رأسها بصدره تصرخ من قوة ضغطه 

-فيه انك مالقتيش راحل يحاسبك وانت قاعدة تتمايل بجسمك اللي عايز اولع فيه..اشار إلى فستانها الذي أظهر مفاتنها بسخاء

-كنت رافض الفستان دا من الاول، معرفش ايه اللي خلاني اتزفت اوافق عليه ..تلألأت الدموع بعيونها 

-على فكرة الكل بيرقص، حتى اخواتك بيرقصوا كمان..جز على أسنانه 

-اخواتي ليهم رجالة تحاسبهم، أنا ماليش دعوة، أنتِ ملكي انا مش هما، بدل اتجوز ماليش احاسبهم في وجود اجوازهم 


دفنت رأسها بصدره وانسابت عبراتها وهو مازال يعاقبها بالضغط على خصرها ..سحب كفيها وخرج من الحفل ، وقاد بها السيارة حتى لا يفقد أعصابه عليها، عقابها أشد عقاب بمنع اكتمال فقرات الحفل، ذهب إلى النيل وتوقف أمامه بالسيارة والصمت سيد الموقف..تراجعت بجسدها تنظر لمياه النيل بصمت ، استدار إليها 

-عارف قسيت عليكي بس دا الصح، من امتى وانتي بترقصي كدا قدام الكل ..دنى يجذب رأسها يلمس ثغرها بخاصته 

-عايزة ترقصي، يبقى ترقصيلي انا أن شالله من غير هدوم، وعد من بكرة هجبلك بدلة رقص علشان استمتع بمراتي، مش قادر اتحمل فكرة إن حد يشوفك كدا..قبلة مجنونة يهمس بانفاسه المتسارعة 

-إنت ملك لجاسر وبس، موتي على الجملة دي ...قالها واستدار عائد للحفل

تمت

لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا 



تعليقات



×