رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل الثاني
لو فاكر أنك فهمت اللعبة
تبقى اللعبة
لعبتك !
____________
جلس خلف مكتبه ينظر لأوراق أرباح آخر صفقة خاضها الأمر يسير على خير ما يرام ، والمعرض بدأ نجمه يلمع شيئا فشيء يطمح فيما بعد أن يكن له مصنع خاص به ، وذلك ليس ببعيد ، الأمر لن يتوقف أبدا عند معرض واحد ، انتبه على صوت رنين هاتفه وابتسم حين أبصر اسم المتصل ، ألتقط الهاتف سريعا يفتح الخط يجيب يتحدث باسمًا :
- يا زيزو واحشني يا إبني ، إيه يا حضرة الظابط مش تتصل تتطمن على أخوك الكبير
سمع صوت شقيقه وهو يقول :
-واحشني والله يا أبو كوكي ، أخبار البت كايلا إيه ووتر عاملة إيه
ضحك جبران عاليا ، التف بمقعده إلى أن بات مقابلا لحائط من الزجاج أمامه نظر لهيئته قبل أن يضحك يقول ساخرا :
- أنا كنت مقفل حواري زمان دلوقتي أنا أبو كوكي ، ربنا يسامحها وتر كنت عايز اسميها اسم ناشف شوية ، وهي اللي أصرت على كايلا
هنا سمع زياد يسخر منه :
- يا عم أقعد أنت عارف تسلك معاها ، أنت مخلف عيلة لسانها أطول منك ، دي بتخوف أكتر منك لما كنت بلطجي
انفجر جبران في الضحك هو وزياد ، سعل جبران يحاول أن يهدأ قليلا ، يسأله :
- سيبك بقى من كل دا ، أخبارك ايه أنت وحياة ، هو النقل دا مطول ولا إيه ، دا أنت بقالك 3 شهور
تنهد زياد متعبا قبل أن يضيف :
- شكله كدة يا مراد مطول ، بس نوعًا ما بدأت حياة تتأقلم على الحياة الجديدة ، دي أكتر حاجة كنت قلقان منها ، هحاول كدة أخد إجازة أسبوع أجي أطبق على نفسك فيه
لم يضحك وإنما فقط ارتسمت ابتسامة صغيرة على ثغره قبل أن يتنهد قلقا يوصيه :
- خلي بالك على نفسك وعلى حياة أوي ، أوعى تزعلها أبدا ، افتكر أنكوا لوحدكوا وأن ما فيش حد تلجأله في زعلها منك ، دي أمانة يا زياد وأنت راجل وقد الأمانة
أوصاه وأغلق معه الخط بعد وداع طويل ، قام من مكانه نظر لساعة يده فوجدها الخامسة لا ضرر من العودة مبكرا الليلة ، رفع وجهه فوقعت عينيه على حائط الزجاج أمامه وللحظة ظن أنه رأى رجل يقف خلفه ، لف رأسه ينظر خلفه ولكن لم يكن هناك أحد ، ضحك يسخر من نفسه قبل أن يأخذ بعضه ويخرج من المعرض توجه يوقف سيارة أجرة ، عاد للبيت فتح الباب بمفتاحه دخل فرأى وتر تجلس على الأريكة أمام التلفاز تتابع شيء ما بتركيز شديد ، ارتمى جوارها على الأريكة يقبل خدها لفت رأسها إليه لمدة لحظة ابتسمت تقول سريعا :
- حمد لله على السلامة
ووجهت تركيزها للتلفاز من جديد ،قطب جبينه مستنكرا ما حدث لف رأسه إلى التلفاز فرآها تشاهد حلقة من برنامج حواري ، المذيع أمامه الضيف بالأسفل شريط صغير يعرف المشاهدين هوية الضيف ، قرأ الاسم « دكتور داغر السياف » لم يتعرف عليه ، ولكن الرجل به خطب غريب لا يعرف ما هو ، رفع يده يضعها على كتف وتر يتبرم متضايقا :
- بجد يعني ، هو البتاع اللي اسمه داغر دا أهم مني ، دا أنتي مركزة معاه ولا كأنه هيقول سر التحنيط
ضحكت بخفة قبل أن تلف رأسها إليه تقول مندهشة :
- معقول مش عارفه بجد ، دا دكتور داغر من أشهر دكاترة علم النفس في مصر ، وكمان خبير في علم الطاقة والعلوم الروحانية
علق ساخرًا:
- دجال ونصاب يعني
زمت شفتيها متضايقة مما قال ، تحضرت تتحدث محتدة :
- ليه هو دكاترة علم النفس نصابين يا جبران ، يعني أنا نصابة
ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيه قبل أن يعلق ساخرًا :
- أنتِ عارفة أنا قصدي إيه ما تنصبيش يا نصابة ، يعني إيه خبير في الطاقة والروحانيات ، ما فيش حاجة اسمها كدة أصلا ، دا دجل ونصب ، يعني أنا المفروض أصدق واحد هيقولي أصل المريخ هيخبط في المشترى فأنت هتكسب 5200 جنية ، أنت من البريد يا غالي ، دي حوالة جيالي يعني
لم تستطع سوى أن تضحك على تعليق جبران الساخر ، في حين أنه أكمل :
- وبعدين الراجل شكله مش مريح بجد ، وشه ونظراته وطريقة كلامه ، كله على بعضه فيه حاجة غلط مش مريحة أبدا
نظرت لشاشة التلفاز وعلى عكس ما قال جبران الرجل أمامه لم يبدو غريبا كما قال أبدا ، حين نظرت للشاشة رأته يُعلن عن مركزه الجديد فتحمست للأمر كثيرا نظرت لجبران تغمغم سريعا :
- سمعت قال إيه ، إيه رأيك ؟ أنا حابة أقدم وأكون ضمن فريقه قولت إيه ؟ بليز يا جبران وافق ، عشان خاطري
تنهد قلقا حين نظر للشاشة وتحديدا لتلك الابتسامة على وجه المدعو داغر ، قبل أن يعاود النظر لوتر تنهد يقول :
- يا حبيبتي ما أنا قولتلك افتحلك عيادتك ليكِ أنتِ ، أنا مش ضد شغلك خالص والله ، بس بصراحة الراجل دا شكله مش مريح
لم تقتنع ، جبران حكم على الرجل من شكله فقط ! ، ذلك لم يقنعها أبدا ، أمسكت كفيه تقول سريعا :
- يا جبران ما ينفعش نحكم على الكتاب من غلافه وأنت أكبر دليل على كدة يا مراد ، عشان خاطري وافق ، وتعالا حتى معايا يومها لو مش مطمن كدة ، قولت إيه ؟
عقد جبينه يفكر ، ربما هو فعلا يبالغ ، قلقه لا مبرر له ، سيذهب معها وأن شعر بذرة قلق من ذلك الرجل سيخرب هو كل شيء ،لن يسمح لشيء بأذيتها أبدا ، أعطاها إبتسامة صغيرة يومأ برأسه يوافق فصاحت سعيدة تعانقه بقوة ، تقبل خده تغمغم فرحة :
- حبيبي يا جوجي
ضحك الماكرة ابنتها نسخة عنها ، هبت واقفة تقول سعيدة :
- هكلمهم واشوف هيحددوا ميعاد المقابلة أمتى ، وهقولك ... ثواني ويكون الغدا جاهز
وتحركت تغادر إلى المطبخ في طريقها سمعت صوت كايلا تتحدث من داخل غرفتها جعدت جبينها كايلا نائمة ربما استيقظت ولكن مع من تتكلم ، تحركت تفتح باب غرفتها فرأت كايلا تجلس على أرض غرفتها تلعب بالمكعبات تضحك ، نظرت وتر في محيط الغرفة لا شيء كما يجب أن يكون ، أما كايلا فكانت تضحك ، اقتربت وتر منها تسألها باسمة :
- بتتكملي مع مين يا كوكي
رفعت كايلا وجهها لوالدتها ضحكت تقول سعيدة :
- مع جدو يا ماما
أصفر وجهها وأختل توازنها مما تسمع ، تمسكت بمقبض الباب تحاول أن تبدو هادئة وهي تسألها :
- جدو مين يا حبيبتي ؟
هنا ضحكت الصغيرة سعيدة تنظر خلف والدتها رفعت يدها تلوح لمن يقف خلف والدتها تقول سعيدة :
- جدو سفيان يا ماما ، واقف وراكي أهو
توسعت حدقتيها فزعا ، شهقة عنيفة خرجت من بين شفتيها ، لفت رأسها تنظر خلفها سريعا فلم ترى أحد ، عادت تنظر إلى ابنتها وجهها شاحب عينيها ترتجف ، لا تفهم كيف عرفت ابنتها بذلك الاسم ؟!
___________
خرج من مركز الشرطة المسؤول عن عدة بلدان صغيرة متجاورة في الجنوب ، توجه إلى سيارته جلس هناك يفتح أزرار قميصه الأولى ، نقله لم يكن ضمن خطته القادمة أبدًا ،و لكنه أمر مباشر لا يملك فيه حق الاعتراض ، أدار محرك السيارة ينطلق إلى البيت الجديد حيث تنتظره حياة ، لاحت ابتسامة صغيرة على شفتيه حين مرت صورتها أمام عينيه ، علاقته بحياة أكثر من رائعة في كل شيء ، عدا تقبلها له كزوج ، حياة تكره علاقتهم الزوجية ، شعوره أنها دومًا مجبرة عليها يضايقه وبشدة ، حياة بحاجة للذهاب لمختص يساعد ، على الأغلب كرهها ونفورها سببه تعرضها للاغتصاب من ذلك الوغد وليد ، أوقف السيارة أمام البيت ، تحرك يفتح البوابة قبل أن يخطو عدة خطوات في حديقة صغيرة للغاية باتت مؤخرًا تضع فيها حياة أفراخ الدجاج الصغيرة وذلك يسعده أنها وجدت ما يشغل وقتها ، فتح الباب فرآها تقترب منه سريعا عانقته كما اعتادت أن تفعل كل يوم منذ سنوات تقول سعيدة :
- حمد لله على السلامة يا زيزو ، العشا جاهز
وجذبت يده معها إلى حيث طاولة صغيرة يلتف حولها مقعدين فقط جلست مقابلة له ، أما هو فنزع سترته يضعها جانبا يطوي أكمام قميصه ، نظر للطعام قبل أن يعاود النظر إليها يسألها مبتسما :
- قوليلي عملتي إيه في يومك ؟
ابتسمت ترفع كتفيها لأعلى قليلا تقول ببساطة :
- أبدًا ، خرجت لفيت شوية في البلد واشتريت كتاكيت تاني ، بقى عندي 25 كتكوت وهيكبروا ويبقى عندنا 25 فرخة ، ومش هنشتري فراح تاني ، وجارتنا اللي جنبنا قالتلي إزاي أعمل كشك فعملته ، ونضفت البيت بس البيت كبير أوي بجد أنا محتاجة حد يساعدني على تنضيفه ، ما تقلقش عليا أنا بدأت اتأقلم فعلا على الحياة هنا ، تعرف بيقولوا فيه مولد قريب ، هتيجي معايا نروحه ؟
اومأ برأسه يوافق بلا تردد يحاول دوما أن يعوضها غيابه يتحدث معها كثيرا حين يعود يسألها عن كافة تفاصيل يومها ويستمع بإهتمام لما تقول
انتهيا من تناول الطعام ، بدل ثيابه وأغتسل وجلس على الأريكة أمام التلفاز ينتظرها ، جاءت بعد عدة دقائق تحمل كوبين من الشاي وضعتهم أمامهم وجلست جواره لف ذراعه حول كتفيها يقربها منه يقول باسمًا :
- إيه الجمال دا ، أنا عارف أنك متضايقة يا حياة والله بس غصب عني دي ....
وضعت كفها على فمه برفق تمنعه من أن يُكمل تردف وهي تبتسم :
- أنا عارفة يا زياد ما تبررش ماشي ، اشرب يلا الشاي ، وشوية وهجبلك الحلويات اللي عملتها هتعجبك جداا بس لسه هتسقع
طبع قبلة صغيرة على كف يدها الملاصق لفمه فتوترت تسحب كفها سريعا بعيدًا عنه ، أقترب برأسه منها يهمس بنبرة شغوفة :
- أنتِ وحشتيني أوي يا حياة ، من ساعة ما جينا وأنا مش عارف خالص أخدك في حضني
زاد توترها تحاول أن تبتعد عنه للخلف قليلا ، حمحمت تهمس متوترة :
-الشاي يا زياد ، وأنت جاي تعبان واليوم كان طويل عليا وعليك و....
ابتعد برأسه بالخلف يحرك رأسه للجانبين يبدد مبرراتها يقول :
- لاء يا حياة كل دي مبررات ، أنتِ ما بتحبنيش أقرب منك ، رغم أن مر كذا سنة على جوازنا ، إلا أنك بتكرهي قربي منك وبتضغطي على نفسي صح ولا لاء
كانت تظن أنه لن يعرف أبدا ، كانت تظن أنها تنجح في إخفاء ولكن يبدو أنه يعلم كل شيء ، وقبل أن تقل شيئا دُق الباب تحرك ليفتح فرأى أمامه فتاة جميلة للغاية تقف أمامه ابتسمت متوترة ما أن رأته تقول :
- أنا آسفة ، بس الست إخلاص جارتكوا هي اللي قالتلي أجي هنا ، أنا حورية الست إخلاص كانت قالتلي أن الست حياة عايزة حد يساعدها في شغل البيت !!
______________
في عتمة الليل في منتصف غرفة تملئها رائحة غريبة جلس جابر وأمامه أحد الضحايا يشكوه :
- يا شيخ جابر ، إحنا بيتنا قريب من الجبل من الناحية الشرقية ، من قريب كنت بحفر ترنبة الماية ومن بعدها الحال اتقلب ، خبط ورزع طول الليل ، والبيت يتهز وكأن فيه زلزال ، انجدني يا شيخ أنا والولية والعيال عايشين في رعب
ضحك جابر يحادثه سعيدا :
- ابشر يا عم حربي ، كل اللي بتقوله دا مالوش غير مدلول واحد ، بيتك تحته مقبرة فرعونية ، ولما حفرت الراصد افتكرته بتهدد أمن المقبرة فقال يخوفك عشان تبعد
توسعت حدقتي الرجل فرحا يصيح سعيدا :
- مقبرة اللي بيبقى فيها تماثيل دهب ، يا حلاوة يا ولاد ، طب إيه يا شيخ جابر شور عليا ويبقى ليك الحلاوة
ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتي جابر يتحدث بهدوء :
- بكرة يا عم حربي هاجي اكشف على البيت بنفسي ، يلا بقى عشان طولت وأنا عايز أرتاح
تحرك الرجل يغادر وخلفه جابر حين وصلا للباب رأى جابر جمع كبير من الناس يحملون المشاعل يبدوا أنهم يبحثون عن شخص مفقود ، من الأسماء التي يسمعها فهو على علم أنهم لن يجدوا المفقودين أبدا ولو شقوا الأرض
ولكن ما لفت نظره فعلا تلك السيارة الفارهة التي توقفت ومن نزل منها يعبر الطريق إليه مباشرة ، تجاوزه يدخل فأغلق جابر الباب سريعا والتفت له رآه يجلس على مقعده فضحك يسخر منه :
- اهلا اهلا بالغدار وكمان قاعد على الكرسي بتاعي
ضحك الرجل الجالس يضع قدمًا فوق أخرى يتحدث ساخرًا :
- داغر ، مش غدار يا سفيان وبعدين أقلع القناع دا ، أصل سفيان الدالي وحشني أوي
ضحك سفيان ساخرا قبل أن يتحرك يجلس أمامه بنفس الطريق يسأله :
- عملت إيه ؟
أخرج داغر هاتفه من جيب سترته يعبث به قبل أن يبتسم ساخرا :
- بهرب مجدي ووليد من السجن ، بس حاسس أن مجدي مالوش لازمة ، ووليد قاعد مستكين كدة في السجن ما بيعملش مشاكل مش مطمنله أبدا
رفع رأسه إلى سفيان قبل أن يسخر منه :
- تعرف أن بنتك اتصلت برقم المصحة وطلبت تعمل معايا مقابلة ، أخيرا هقابل وتر بنت سفيان الدالي وجها لوجه ، تفتكر إيه هي خطيئة وتر يا سفيان
جعد سفيان جبينه مستنكرا ما سمع قبل أن يصيح منفعلا :
- أنها غبية وفضولية وحبت حتة كلب دمر حياتي
ضحك داغر بهدوء يحرك رأسه للجانبين يقول بهدوء :
- الغرور يا سفيان ، وتر هتدمر نفسها وحياتها بالغرور !!