رواية حكاية ادم الفصل الثانى و العشرون 22 بقلم اسماعيل موسي

 

رواية حكاية ادم الفصل الثانى و العشرون بقلم اسماعيل موسي


راقبت رودينة وهى تنتقل بين أغراض المطبخ، تنثر الملح والكمون وتقلب الخضار وتخلط السلطات وتتذوق الشوربة قبل أن تضع داخلها لسان العصفور، ثم غمست لقمة فى الملوخية بعد أن دلقت الطشه داخلها وكانت قطع الدجاجة تبقبق داخل الزيت، افتح الشباك علشان الريحه يا آدم

_قلت لكن الجو برد!!

صرخت رودينة، افتحه يهوى الشقه دقيقتين وبعد كده ابقا اقفلة.

وكنت اراقب رودينة بدقه متتبع ردود أفعالها وملامح وجهها طريقة الكلام، اى شيء يخبرنى ان كانت تلقت رسالة علاء من عدمه

لقد بدا لى غريب ومستبعد ان تكون رسالة الفراق وصلت إلى رودينة وتكون هذة ردت فعلها

نهضت فتحت الشرفه والنافذة، تسربت الرائحه نحو الشارع

وقفت دقيقه فى الشرفة


__يدى على الهاتف تتحرك بغضب، طلبت من علاء يبعت رسالة لرودينة، ليه تأخر؟

ليه يسيب البنت على عماها كده؟ دى خيانة وقلة ذوق

المفروض يمتلك الشجاعه ويقلها الحقيقة

يقلها انا مش عايزك ولقيت واحدة غيرك وحبيتها او لقيت مصلحتى معاها، واننا مش لبعض يا رودينة وانك هتكملى طريقك لوحدك

تنهدت ووقفت دقيقه احاول تخيل الموقف بعد ما ابعت الرساله لعلاء

ثم يقوم علاء بتبليغ رودينة الخبر، تخيلته الان، قبل أن نتناول طعامنا، وكيف ان الأطباق ستسحق على الأرض ويملاء الصراخ الشقة


فاجأنى الهاتف بوميض غريب، فشل ارسال الرسالة

بصيت على الرقم لاتأكد

كان رقم علاء، ثم اعدت الإرسال، لم يستدل على الرقم

اتصلت بعلاء وكان هاتفه مغلق او غير موجود بالخدمه


ايه اللخبطه دى بقا؟

هو علاء اختار يعمل النداله معايا انا كمان، يختفى ويجبرنى ابلغ رودينة الخبر، ابلغها بقرارة؟

حسيت بلخبطه غريبة، يبقى اكيد رودينة متعرفش حاجه علشان كده بتتصرف على طبيعتها

وفكرت طيب لو تليفون علاء فضل مغلق هسيب رودينة على عماها كده؟

علاء اكيد هيفتح التليفون بكرة او بعده على أقصى تقدير

رودينة؟ مش دى بنت عمك؟ قلت وانا بركز فى واحده ماشية فى الشارع

وقفت رودينة جنبى، اعتقد هى يا ادم

همست ايه إلى ممشيها وحدها فى الشارع فى وقت متأخر كده؟، وفيه شوية عيال صيع بيقفو على الناصية؟

معرفش قالت رودينة وهى بتفكر

هو عمك ساكن قرب من هنا؟

لا يا ادم مش هنا خالص

اصل دى تانى مره نشوفها هنا مش غريبه دى؟

بكرة هبقى اكلمها واعرف منها كان فيه ايه


رودينة؟ ولفيت وشى ناحيتتها، هو انتى كلمتى بنت عمك عاتبتيها بعد الموقف إلى حصل منها؟

تقصد الكلام إلى قلته واحنا ماشين مع بعضينا؟

قلت ايوة

__الصراحه لا يا ادم مجتش فرصة


اها، وشعرت داخلى بضيق، كنت اتمنى لو كانت رودينة دافعت عنى خاصه وانها تعرف اننى بريء، واننى كنت أفعل كل ذلك من أجلها

وغمرنى إحباط كبير، ألا تنطبق مقولة ان تعمل معروف فى غير اهله على رودينة؟ ام اننى استبق الأمور واحملها أكثر من طاقتها؟

لقد كنت بالنسبه لها مجرد بديل مقبول، انها لم تفكر فى ابدا بطريقه أخرى

ثم لاحظت ابتسامتها ويدها الممدودة نحوى التى تجذبنى نحو الطاوله وقلت فى سرى ما الذى تغير؟


جلسنا على الطاولة ولم أشعر برغبه فى تناول الطعام

وضعت لقمه فى فمى وقلت، رودينه انتى فكرت ولو للحظه ان علاء ممكن مينزلش مصر تانى؟

تغيرت ملامح رودينة، كأننى طعنتها بخنجر وهمست لا

__لكن دا احتمال وارد يا رودينة لازم تحطيه فى اعتبارك


احطه فى بالى ليه؟ سألتني رودينه بنبره حاده، هو انت تعرف حاجه يا ادم؟

قلت لا

طيب ليه الكلام دا بقا؟


صمت لحظه، اكتم اسرارى داخلى، لأن الإنسان لازم يجهز نفسه لكل الاحتمالات يا رودينة


وانت مجهز نفسك لكل الاحتمالات يا ادم؟

قلت بعدم فهم ازاى؟


قالت فرضا يعنى، مجرد احتمال زى كلامك، لو علاء مش هينزل مصر، لو قرر يتخلى عنى فكرت هتعمل ايه؟


الصراحه لا يا رودينه مفكرتش


طيب انا بسألك اهو لو حصل هتعمل ايه؟ وقضمت رودينة قطعة دجاج مقرمشه فى فمها


قلت اتفاقنا كان واضح يا رودينة وانا مفكرتش فى اى احتمال تانى


وقفت رودينه سابت الاكل ومشيت

قلت ايه مش هتكملى اكلك؟

لا نفسى اسدت ابقى شيل الأطباق ونظف الطاوله انا داخله انام


قلت بهزار ليه مش هتنامى جنبى زى كل ليله؟

لا، هنام فى غرفتى تصبح على خير


وانا ادخن سيجارة حاولت أن افكر فى كلام رودينة، ماذا كانت تقصد؟  ما وراء كلامها؟

وهل حقآ قليها بداء يميل نحوى حتى فى وجود علاء؟

أكان تغيرها فى الكلام والمعامله تلميح بقبولى ليس كبديل

بل اقتراح محتمل، ثم ذهبت لابعد من ذلك

هل معقول ان قلبها بداء يدق نحوى؟

وان كان ذلك حقيقى فهل سأمنحها فرصه ام أسد الباب فى وجهها؟

وكان هاجس داخلى يتصاعد بأستمرار ام هل تراك انت معجب بها؟

انت من دق قلبك بحبها دون أن تدرى؟

كان من الصعب تفسير الاضطرابات النفسيه التى تدور داخلى

بين رفض وتردد غمرنى غموض وغبش وارتباك


نظفت الأطباق والطاولة، صنعت فنجان شاى وجلست امام التلفاز وانا متغطى ببطانيه على الكنبه فى يدى الريمود ابدل القنوات بلا اهتمام وشرود

سمعت بكاء رودينة، فى البدايه كان نحيب خافت، ثم تصاعد ليصبح صراخ مخنوق وضرب فى الجدار

قلت انا لم أفعل اى شيء يستدعى ذلك وكان باب غرفتها مغلق عندما طرقت الباب، رودينة انتى كويسه؟

ايوه كويسه يا ادم شوية صداع مش اكتر

_طيب عايزه حاجه؟

قالت لا متشكرة


عدت مكانى تكورت على الكنبه ومددت جسدى نصف نومه على جانبى الأيمن امام التلفاز

انفتح باب غرفة رودينة، خرجت غسلت وجهها فى الحمام وقفت امام المرأه لحظه وسرحت شعرها

ثم بلا كلام رقدت امامى على الكنبه وغطت نفسها معى بالبطانية كان ظهرها تجاهى وكان جسدها ملتصق بى.

الفصل الثالث والعشرون من هنا

تعليقات



×