رواية جمرية الصقر الفصل العشرون
عاد ليو إلى غرفته بخطوات هادئة وهو يحاول ألا يلفت انتباه أحد. جلس على طرف السرير، ووضع يده على رأسه، وهو يتمتم بصوت منخفض:
ليو : "لازم أفكر كويس... كل حاجة متلخبطة... لارا المسكينة متعرفش إن أبوها رئيس عصابة كبير، وأنا كمان مش فاهم دوري في كل ده. الأول، لازم أخرج من هنا بأي طريقة وأكلم ميمو."
نظر إلى الهاتف الذي أحضرته له لارا:، وفكر للحظة
ليو: "كويس إنها جابتلي تليفون. هطلب رقم محل البيتزا اللي بيشتغل فيه ميمو:، وأكلمه عشان أفهم إيه اللي بيحصل."
أمسك الهاتف واتصل بالمحل وطلب يتحدث مع ميمو صاحب المحل . وبعد لحظات، جاءه صوت
ميمو: "ميمو معاك."
ليو: انت ميمو كان ليك صاحبك بتدور عليه
ميمو: "ده صوت يوسف؟! يا نهار أبيض! إنت فين يا صاحبي؟ إحنا دوخنا عليك!"
يحكي ليو : كل ما حدث معه لميمو:، وأخبره بأنه فقد ذاكرته لفترة طويلة ولا يتذكر الكثير.
ميمو:"خلاص يا يوسف، تعالي المحل. بس الأفضل محدش يحس بحاجة. هتدخل كإنك زبون عادي."
يوسف: "تمام يا ميمو اتفقنا. بس خلي العمالة كلها تتصرف كأنهم مش عارفيني."
ميمو: "حاضر، سيبها عليا."
أغلق يوسف : الهاتف، ثم فكر في طريقة لإقناع لارا: بالخروج معه دون أن تثير شكوك أحد. خرج إليها ووجدها تجلس في الحديقة، اقترب منها وقال:
"لارا:، أنا زهقان جدًا. ممكن نخرج نتغدى برة؟ محتاج أشم هوا شوية."
لارا: "نخرج؟! نروح فين؟"
قبل أن ترد لارا:، ظهر بترو: فجأة بنظرات مليئة بالغيرة والغضب، وصرخ:
بترو: "ما قولتلك بلاش كلام مع لارا: تاني!"
نظر إليه ليو: بتحدٍ: "هو انت وصي عليها؟"
اقترب بترو: منه بخطوات عنيفة: "ده إنت بقيت تعرف تتكلم كمان؟!"
دفع بترو: ليو بقوة ليسقط على الأرض، وارتطم رأسه بشدة. شعر ليو بتشويش في الرؤية، فيما جرت لارا نحوه صارخة:
لارا: "ليو:! ليو:!"
اجتمع الحراس بأمر لارا:، ونقلوا ليو إلى غرفته. التفتت لارا: إلى بترو: وصرخت في وجهه بغضب:
لارا: "انت متخلف؟! إزاي تعمل كده؟ انت مجنون بجد!"
داخل الغرفة، كان ليو ممددًا على السرير، وشريط حياته بدأ يمر أمام عينيه. تذكر مواقف قديمة وصورا غامضة من ماضيه. فتح عينيه بصعوبة، وتمتم:
يوسف: "مافيش وقت... لازم أقف على رجلي وأكلم ميمو:."
أمسك هاتفه واتصل بميمو: مرة أخرى:
يوسف: "إزايك يا أحسن شيف بيتزا في إيطاليا؟"
رد ميمو :"يوسف! إنت افتكرت؟!"
يوسف: "آه يا ميمو:... كل حاجة رجعت دلوقتي. بس محتاجك تعمل حاجة ضروري. كلم صقر وخلّيه يجي. أنا محتاجه معايا."
ميمو: "حاضر يا صاحبي. هكلمه فورًا."
أغلق ميمو: المكالمة، واتصل بصقر: في الحال. جاء صوت صقر: من الطرف الآخر:
صقر: "أيوة يا ميمو:؟"
ميمو: "إزيك يا صعيدي؟ عندي خبر حلو ليك."
صقر: "عرفت حاجة عن يوسف؟"
"أيوة، لقيناه. محتاجينك تيجي إيطاليا فورًا، يوسف محتاجك."
صقر "حاضر. هكون عندكم في أسرع وقت."
_____________________________
يغلق صقر الهاتف مع ميمو وهو يتنفس بعمق
صقر: "جمريه لازم تعرف... يا ترى فينها؟" ثم ينادي بصوت مرتفع: "يا نعمه!"
تأتي نعمه بسرعة: "نعمه: نعم يا سي صقر؟"
صقر: "أمال جمريه فين؟"
نعمه: "جاعدة في الجنينة مع سي زياد."
صقر (بتنهيدة): "جاعدة مع زياد... بيهببوا إيه؟"
نعمه: "بيلعبوا الغميضة مع العيال."
صقر: "آه طيب... روحي انتي."
يتوجه صقر إلى الجنينة ليجد زياد يقول بصوت عالٍ: "مسكتك يا جوجو!"
صقر (بصوت جاف): "إيه اللي بيجري هنا؟ فاكرين حالكم عيال بتلعبوا؟"
زياد (يضحك): "تعال العب معانا يا صقر."
جمريه (مبتسمة): "لا مؤاخذة كنا بنلاعب الولاد عشان كانوا زهقانين."
صقر (بعينين حادتين): "العيال ولا انتوا؟"
جمريه (بحرج): "سي صجر جصدك إيه؟"
صقر: "قصدي إنك مش صغيرة... تعالي، عاوزك."
زياد (مازحًا): "في إيه مالك؟ متبقاش مقفل كده!"
صقر (بحدة): "زياد، الزم حدك!" ثم يلتفت إلى جمريه: "اطلعي غيري خلجاتك، هنطلعوا مشوار."
جمريه: "فين؟"
صقر: "بعدين تعرفي."
جمريه: "حاضر."
تدخل جمريه المنزل، ليقابلها الحاج محمود بنبرة عتاب: "نسيتيني النهارده خالص، أنتي!"
جمريه: "حجك عليا، كنا بنلعبوا."
نجاة : "خير يا محمود، كنت عاوز تلعب انت كمان؟"
محمود : "لا، أنا جصدي إن جمريه مجعدتش النهارده معاي نحكو."
جمريه (مبتسمة): "عطلع مع سي صجر مشوار، ولما عرجع عنجعدوا نحكو كتير."
محمود : "إيه؟ رايحة عند محاسن صاحبتك؟"
جمريه: "معرفش، سي صجر جاللي عنروحوا مشوار."
نجاة : "متبطلي سهوكة يا بت، انتي والله صح تحت الساهي دواهي."
محمود : "روحي مشوارك يا بتي."
تصعد جمريه لتبدل ملابسها وتطلق لشعرها العنان، وتضع طرحة على شعرها بطريقة عشوائية. تنزل إلى محمود الذي ينظر لها مبتسمًا: "جمريه، والله لو أنا لساتي شباب كنت أجوزتك."
نجاة : "مكفاية عليك عشق الغوازي."
جمريه : "الله يرضى عليك يا غالي." ثم تقول في نفسها: "إيه حكاية الغوازي ديه والله المرا اللي كيف الورنة ديه جصدها حاجة؟ أخرج الأول مع صجر وبعدين نشوفوا حكاية الغوازي ديه."
تركب جمريه السيارة بجانب صقر، ثم تسأله: "على فين بجى؟"
صقر: "هنجعد في مكان وبعد كده أجولك."
جمريه: "طب متجول واحنا في العربية، ووديني عند محاسن الله يرضى عليك، اتوحشتهم جوي."
صقر: "ماشي، بس قوليلي الأول، انتِ فيه حاجة بينك وبين زياد أخوي؟"
جمريه : "حاجة إيه؟ زياد كيف يوسف."
صقر: "طب، مافيش حد في قلبك كده ولا كده؟"
جمريه (بتوتر واضح): "لاه، ورحمة أبويا مافيه!"
يضحك صقر: "ومالك مخضوضة كده ليه؟"
جمريه : "ينفع أنا أسألك نفس السؤال؟"
صقر : "لاه، مافيش حاجة بيني وبين زياد."
جمريه : "لاه ، مش جصدي."
صقر: "عارف قصدك... شوفي يا ستي، لغاية كام يوم ما كانش فيه... بس فيه بنية زي الجمر جات سكنت في بيتنا، وبينها كده هتسكن في جلبي."
جمريه : "كت عاوزني في إيه؟"
صقر: "يوسف، خلاص عرفنا طريقه، بس عاوزني أسافر له، باينه معاه مشكلة."
جمريه (بفرحة): "يا حبيبي يا أخوي! أنا... أنا عا أجي معاك!"
صقر: "كيف يعني؟"
جمريه: "هو كده وخلاص."
صقر: "طيب، معاكي بسبورت؟"
جمريه: "أه، معايا! ياك فاكرني جليلة ولا إيه؟"
صقر: "أنا واعي زين إنك ست البنات."
تبتسم جمريه بسعادة: "والله فرحتني إنك لجيت يوسف فرحة كبيرة جوي يا سي صجر."
صقر (بجديّة): "اسمي صجر... صجر وبس يا جمريه، ولا عاوزاني أجولك يا ست جمريه؟"
تضحك جمريه: "حلوة ست جمريه ديه، خلاص عجولك صجر."
يلمع بريق عينيها فيتوه صقر للحظة.
جمريه: "روحت فين؟"
صقر: "هاه؟ ما أنا جاعد معاكي أهو، بس أصل الصراحة... عيونك جميلة جوي."
جمريه : "أنا عيوني جميلة؟ أمال عيونك انت تبجى إيه؟"
صقر : "بتجولي إيه يا جمريه؟"
جمريه: "قصدي يعني..."
صقر : "تعالي نجعد على البحر شوية، وخلي محاسن بعدين."
جمريه : "طيب..."
يجلسان بجانب البحر وصقر يبدو متردداً قبل أن يقول: "جمريه، أنا... أنا شوفي... مبعرفش أزوّج الحديت ولا أعرف أجول غير اللي جلبي بيحس بيه. وف نفس الوقت عامل حساب غيبة يوسف. بس... عاوز أجولك إني يعني..."
جمريه : "إنك إيه يا صقر؟ جول."
صقر: "يعني أنا بحبك يا جمريه."
جمريه : "بتحبني أنا؟ ميته وكيف؟"
صقر: "من أول ما ريتك خطفتي جلبي وعقلي."
جمريه: "وأنا... أنا كمان حاسة ناحيتك بحاجة حلوة يا صجر."
صقر : "حاجة حلوة كيف يعني؟"
جمريه : "حاجة زي..."
صقر : "زي إيه؟"
جمريه: "افهم لحالك عاد."
صقر : "يعني قصدك؟"
جمريه: "أه، قصدي."
جمريه: "طيب، عاوزه جيلاتي."
صقر: "تعرفي إنك عيلة جوي... بس عجباني بردك."
جمريه: "وأنت كمان عاجبني. عنروحوا ميته عند يوسف؟"
صقر: "هو حد جالك إن يوسف جاعد جارنا؟ ده سفر يعني طيارة ومكان بعيد. خليكي انتي أحسن... أخاف عليكي."
جمريه: "ما أنا هبجى معاك يعني في أمان أهه."
صقر: "ديه تلاكيك بجى عشان تبجى معاي."
جمريه: "عندك مانع؟"
صقر: "وأنا أجدر؟"
جمريه: "الحديت خدنا وأنا عاوزه جيلاتي."
صقر: "تأكليه في العربية."
جمريه: "له، عاكله هنا."
صقر: "له، انتي ناسية إني الكبير؟ عاوزه تهزي الهيبة؟"
جمريه: "ما أنا نسيت أجولك يا كبير إنك عتاكل معاي."
صقر: طبعا مش هينفع.
جمريه: لاه عينفع! عتجيبلي وعتاكل معاي.
صقر: أما أشوف آخرتها معاكي.
(صقر يذهب ويحضر الآيس كريم)
جمريه: بروا عليك،
صقر: هناكلوه ف العربيه، غير كده هرميه.
جمريه :ماشي، عنكلوه ف العربيه.
صقر: شاطره، عسمع الكلام.
جمريه: حاضر، يلا بجر جبل قبل ما يسيح.
(هنا يتصل زيدان بصقر)
زيدان: خير يا كبير؟ سألت عليك، جالولي طلعت مشوار كده وجاي.
صقر: خير.
زيدان: هي جمريه معاك؟
صقر: أه.
زيدان: هو انتو روحتو عند محاسن؟
صقر: وبتسأل ليه؟
زيدان: أصلي، أصلي كنت رايد أروح معاكم.
صقر: ليه يعني؟
زيدان: كلك نظر يا كبير.
(يضحك صقر ويغلق الهاتف)
جمريه: عتضحك ليه يا صجر؟
صقر: على زيدان، كان عاوز يروح معانا.
جمريه: عند نجمه؟
صقر: وعرفتي منين؟
جمريه: ما هو باين عليه، هو ونجمه معجبين ببعض.
صقر: شكلك مش سهله يا جمريه.
جمريه: لا والله، أنا بجول اللي حسيته.
صقر: طب حسّي بيا أنا الأول.
جمريه: مجولتلك عحبك، هيا جصة أبو زيد؟
صقر: جولتي بتحبيني؟
جمريه: كده توجعني ف الكلام يا صجر، زعلانه منك أنا.
صقر: وأنا عملت حاجة؟
جمريه: طيب خلاص، روحنا بجى
صقر (بضحك): حاضر. بس بجولك، خفي حديت مع زياد، فاهمة؟ ولا لاه؟
جمريه: ده زياد دمياته خفيفين جوي.
صقر (بغضب): جمريه، اجفلي خشمك خالص.
جمريه: خلاص أهه.
___________________________________
(عند عمار، كان يخرج فقابله عزام)
عزام: على فين يا باشا؟
عمار: على الجهوه.
عزام: طيب عايزك.
عمار: تعال نشربو جهوه وحجرين.
عزام: طيب، روح انت وأنا جاي وراك.
عمار: متركب معاي؟
عزام: عفهمك بعدين.
عمار: ماشي.
(يذهب عمار وخلفه عزام ليصلوا إلى القهوه)
عمار: اجعد يا عزام، خير؟
عزام: بصراحه، الست زبيده عاوزاني أراجبك، وادتني جرشين، وجالتلي عنحليلي خشمي كده يا زبيده.
عمار: ماشي يا عزام، تشكر. انت عتروح تجولها إني جاعد على الجهوه مع همام صاحبي، وكنا بنتكلم على الغازيه، فهمت يا عزام؟
عزام: فهمت طبعًا.
عمار: استنى يا عزام، عاوزك كمان تجولها إن همام اداني نمره الغازيه وكلمتها، وعنروح لها أنا وأبوي عشان أبوي عينه من الغازيه. ركز في كل اللي جولتهولك.
عزام: مخلاص بجى، فهمت يا باشا. بس ميته عتاجي معاي أخطب البت فردوس؟
عمار: مجولنا فردوس خلاص، عتبجا مرتك. بطل رط بجى وروح للعجربة خلص.
_________________________________
(يعود صقر وجمريه للمنزل)
نجاه: حمدالله على السلامة. خير؟ كنتوا فين؟ نسيب مصالحنا وندور نلفو مع الست جمريه؟
جمريه: ما إحنا كنا بردك في مصلحة، كنت عطل على أملاكي وحاجتي.
نجاه: والله تلجاكي شحاته.
جمريه: آه شحاته.
صقر: خلاص بجى يا جمريه.
جمريه: ما أنت واعي الحجة، عتجول إيه يا صجر؟
نجاه: صجر، صجر كده من كبير! الله أكبر، ده انتي كنك بجيتي من صحاب البيت.
(يأتي محمود ليقطع الحديث)
محمود: بكفايه يا نجاه، سيبي جمريه لحالها. تعال يا صجر، عاوزك. وانتي يا جمريه، تعالي معاه.
جمريه: حاضر.
(يدخلون إلى المندرة)
محمود: شايفك مبسوط، وجمريه كمان. جولت تفرحوني معاكم.
جمريه: عرفنا مطرح يوسف يا عمي، وصجر عياخدني معاه ونسافرو ليوسف.
محمود: كيف يا بتي؟ صجر ياخدك معاه؟ جول لي يا كبير، كيف تسافروا وحديكم؟ ميصحش يا صجر. جمريه أمانة عندنا، ومينفعش تسافر معاك لحالها، معيزش حد يمسك سيرتكم يا صجر.
جمريه: بس يا عمي...
صقر: مبسش يا جمريه. أبوي عنده حج، وأنا مش هسمح لمخلوق يجيب سيرتك على لسانه يا جمريتي.
محمود: جولت إيه؟ سمعني يا صجر كده؟
صقر: أصل يا أبوي أنا رايد بعد ما نطمن على يوسف، أنا وجمريه هنتجوز.
محمود: إيه؟ يا جمريه، موافقة على كلام صجر؟
(تبتسم جمريه بكسوف)
محمود: ربنا يهدي سركم يا أولادي. خلاص، سافر يا صجر بالسلامة، وجمريه هتجعد معانا لغاية ما تاجو انت ويوسف.
جمريه: بس يا عمي...
محمود: عارف قصدك. نجاه متجلجيش منها، أنا هجفلها.
صقر: خلاص، أسافر أنا بكره إن شاء الله.
جمريه: خلي بالك من نفسك.