رواية جبران العشق الجزء الثاني الفصل الاول
لو فاكر أنك فهمت اللعبة
تبقى اللعبة
لعبتك !
____________
الصباح يوم جديد بل بداية جديدة مختلفة مع الحياة ربما سعيدة وربما القادم قادر على محو معنى السعادة من نفوس الجميع
خرج من المرحاض يجفف وجهه بمنشفة وردية اللون أبعدها عن وجهها يبتسم ساخرا حين تذكر تعليماتها السخيفة ( الفوطة الزرقا لوشك ، والبيضا لايديك ، والبينك لجسمك )
نظر للمنشفة يبتسم ساخرا يردد يبدو أنه أخطأ في المنشفة على ما يبدو ، تهكم من نفسه يردف ساخرا :
- آه لو حد من العيال اللي في الحارة عرف أن المعلم جبران بينشف بفوطة بينك هيسموني جبرية ، دا أنا كنت بنشف بالسنفرة ، الله يسامحك يا بنت الذوات
تحرك صوب غرفة النوم فتح الباب ودخل لم تكن في الغرفة ، تحرك صوب المرآة نظؤ لانعكاسه يبتسم أربع سنوات مروا منذ انتهت جميع مشاكلهم بموت أبيها والقبض على شبكة من أكبار تجار المخدرات ، والآن حياته مستقرة هادئة سعيدة يغمرها مشاكسات وتر وصغيرته (كايلا ) نسخة مصغرة من وتر تملك لسانه السليط ، خليط أكثر من رائع لأصابة أي شخص بذبحة صدرية حادة ، تحركت عينيه إلى الصورة الصغيرة التي لصقها لوتر على جانب المرآة ، وتذكر أول مرة رآها فيها فضحك وهو يردد بصوت مسموع ( على الهادي بس يا زبادي )
انتفض في اللحظة التالية حين فُتح الباب وظهرت وتر تنظر إليه شعرها مبعثر مبتل ، ثيابها تغرق في المياه تصرخ فيه :
- تعالا شوف بنتك ، كل دا عشان تاخد شاور دا أنا لو بحمي قطة مش هتعمل فيا كل دا
حاول ألا يضحك كي لا يزداد الوضع سوءً وتر على وشك أن تخرج نيران من أذنيها ، خرج سريعا من الغرفة إلى غرفة ابنته فرآها تجلس ببراءة شديدة تلعب بالدمية أمامها ، رفعت وجهها إليه وضحكت سعيدة قبل أن تركض ناحيته تعانقه فمال يحملها فصاحت سعيدة :
- جوجي حبيبي ثباح الحيل ، أنت عايز إيه حبيبي وأنا أعمله
ضحك جبران يقبل وجنتها، التفت خلفه حيث تقف وتر تنظر لهما عينيها متسعة مذهولا حاول ألا يضحك يتحدث متضايقا :
-ما البت نضيفة وزي الفل ومؤدبة أهو ، هتلاقيكي أنتِ اللي اتزحلقتي ولا حاجة ، ست مقتدرية صحيح، صح يا كوكي
حركت كايلا رأسها لأعلى وأسفل سريعا تمط شفتيها تلمع البراءة في عينيها :
- كوكي مش بتعمل حاجة ، كوكي طيبة زي جوجي
لفت ذراعيها حول عنق أبيها تعانقه توجه لوالدتها ابتسامة شريرة كالتي تراها في أفلام الكرتون ، رآها جبران من خلال المرآة فضحك يبعدها عنه يقرص وجنتها بخفة :
- آه يا سوسة وعاملة فيها بريئة ، طب إيه رأيك بقى هجيب النهاردة الحلويات كلها لماما وما فيش لكوكي
ابتعدت الصغيرة برأسها للخلف تنظر له مصعوقة للحظة قلق من أن تبكي خاصة حين بدأت تتحرك بين يديه لينزلها ، ففعل أنزلها أرضا وقفت أمامه تشهر سبابتها أمامه تصيح حانقة :
- الحلويات كلها لمامي وكوكي لاء ، أنت مش حبيبي ، أنت وحش ، كوكي مش هتحبك هتحب مامي بس ، مامي هتدي الحلويات بتاعتها كلها لكوكي ، وأنت مش جوجي ، أنت بوجي مان ، وشليل كبيل أوي
توسعت حدقتي جبران يشير لنفسه يحادث وتر مدهوشا :
- أنا شليل كبيل أوي ، المعلم جبران على سن ورمح بقى بوجي مان ، أنا نازل وربك يكون في عونك مع الأرملة اللي جوا دي
ضحكت وتر عاليا تحرك رأسها ، تحرك عدة خطوات قبل أن يلتفت إليها يغمزها بطرف عينيه يغازلها :
- على فكرة الأرنب تحفة
قطبت جبينها مستنكرة ما يقول بعث لها قبلة في الهواء قبل أن ينزل لأسفل أما هي فتحركت صوب غرفة النوم تبتسم شاردة صحيح أن كايلا على وشك إصابتهم بجلطة يوما ما ، ولكنها تشعر بقلبها يتراقص فرحا حين تنظر إليها فقط ، جلست على المقعد الصغير أمام المرآة تمشط خصلات شعرها المبتلة ، تنظر لانعكاس صورتها في المرآة تبتسم ، مر فجاءة أمام عينيها مشهد السيارة وهي تحترق وصرخات أبيها المنبعثة من داخلها فأغمضت عينيها تحرك رأسها للجانبين تُبعد الصورة سريعا ، تنهدت بعمق تلتقط أنفاسها عليها أن تذكر نفسها دوما أن والدها نال الجزاء الذي يستحقه بعد كل جرائمه البشعة ، والدها أراد قتلها وتقديمها قرابنًا لا يجب أن تشتاق له أبدا ، مشطت خصلات شعرها وقفت لتبدل ثيابها المبتلة نظرت لانعكاسها في المرآة وشهقت بعنف حين تذكرت جملته ( على فكرة الأرنب تحفة ) الوغد الوقح هو وابنته سليطة اللسان ستلقنهما درسًا على ما يفعلا بها !
_________
نزل لأسفل قاصدًا معرض الأثاث الخاص به ، حين خرج من العمارة حيث يسكن قابل أمامه ذاك الشاب الخلوق الوسيم جارهم الجديد ، يفتح باب ورشته ابتسم ما أن رآه يغمغم:
- يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ، صباح الفل يا معلم جبران
ابتسم جبران يقترب منه ربت على كتفه بخفة يحادثه باسمًا :
- أهلا أهلا صباحك عسل يا أسطى دكتور طه
ضحك طه عاليا ، فبانت نواجزه وغمازتي وجهه ضرب كفا فوق آخر يردد ضاحكا .
- أسطى دكتور إزاي بس يا معلم
أبتسم جبران نظر لكفي طه توقع إن يرى عليهما آثار الشحم والزيت ولكن على عكس ما توقع كفيه كانا نظفيين بشكل كامل لا أثر ولو باهت وذلك أثار تعجبه ، ابتسم من جديد يمازحه :
- أومال يا جدع دا أنت دكتور وميكانيكي قد الدنيا ، سيبك من الدكترة اللي مش جايبة همها، دا أنت إيدك في العربيات تتلف في حرير ياض يا طه
ابتسم الشاب يشعر بالخجل من إطراءه ، فلكزه جبران في ذراعه يضحك :
- أنت بتتكسف ياض ، يخربيتك وشك أحمر ، يلا شوف وراك إيه ، أنا طالع على المعرض
غادر جبران ودخل طه إلى الورشة وقبل أن يتحرك صوب السيارة أمامه رفع يده يصدم جبينه براحة يده يتحدث متضايقا :
- يا نهار أبيض دا نسيت أصلي الضحى
جذب بساط نظيف يضعه جانبا وشرع في إداء الصلاة في منتصف الورشة ، مما جعل إحدى الفتيات تلكز صديقتها حين مرا أمام الورشة تهمس لها:
- ما فيهوش غلطة بجد ، ما فيش إنسان كدة ، دا أدب وأخلاق ووسامة ولا الأتراك وفوق كل دا بيصلي الفرض بفرضه ودكتور ، ناقص يكون بيطير وبيحارب الأشرار
ضحكت صديقتها تصدق على كلامها قبل أن تردف مستنكرة :
- أنا بس مش فاهمة بقاله هنا كام شهر وهموت كدا وجد يجاوبني على السؤال دا ، هو بيشتغل في الورشة دي ليه طالما هو دكتور ؟
لكزتها رفيقتها تُخفض صوتها تنهرها :
- وطي صوتك ، صوتك عالي ، أقولك أنا يا ناصحة ، هو شكله صغير يعني لسه ما بقاش عنده عيادة بتاعته ومرتبات المستشفيات على الله حكايتها ، عشان كدة أكيد خد الورشة عشان يكون نفسه ويتجوز
اقتنعت الفتاة بما تقوله صديقتها ، وأكملا طريقهما وهما لا يتوقفان عن الحديث عن الطبيب الوسيم الذي اقتحم الحي فجاءة ،
أما هو فحين انتهى من صلاته سمع صوت رنين هاتفه ، فتح الخط ليصل إليه صوت الممرضة تطلب منه :
- دكتور طه ممكن تيجي دلوقتي حالا ، في حالة مستعجلة في الطوارئ ودكتور كمال لسه قدامه ساعة على ما يجي
لم يبدو مستاءً على العكس تماما هب واقفا يطوى البساط يضعه جانبا ، تحرك صوب دراجته النارية يضع الخوذة فوق رأسه قبل أو يخرج بها من الورشة يجذب بابها يغلقها سريعا قبل أن يستقل دراجته ويتحرك سريعا صوب المستشفى العام القريب من الحي ، دقائق قليلة ووصل ألقى المفاتيح إلى فرد الأمن الواقف خارجا وهرع يركض لداخل المستشفى بدل ثيابه وعقم يديه ومن ثم تحرك إلى غرفة الطوارئ هناك حيث رأى طفل صغير وجهه أزرق يختنق تحمله والدته تبكي مذعورة أخذ الطفل منها سريعا من مشهده يبدو أن الطفل يختنق من شيء عالق بحلقه يسد مجرى التنفس بدأ يقوم بالإسعافات إلى أن بصق الطفل زر صغير وشهق يتنفس ، ابتسم ينظر للصغير قبل أن يبدأ بفحص الطفل ليتأكد أن جميع مؤشراته الحيوية في معدلها الطبيعي ، طمأن أهل الطفل وخرج من غرفة الطوارئ يبتعد قليلا يتنهد بارتياح بعد عدة خطوات رآها ، كما عهدها ضئيلة خجولة متوترة عينيها دوما حائرة خائفة تمسك في يديها مكنسة تنظف الممر ، توترت ما أن رأته مقبل عليها أما هو فابتسم لها ، حاولت أن تبتسم بدورها فخرجت ابتسامتها ترتجف ، انتفضت حين سمعت صوت المشرفة تنهرها :
-صبا أنتِ هتفضلي تنضفي في الممر اليوم بطوله ، سرعي شوية
اومأت برأسها دون كلام ، تحركت عينيها تبحث عنه فرأته لايزال يقف ينظر إليها يبتسم ، اضطربت حدقتيها ، أسرعت تلملم معدات النظافة حولها تتحرك بهم صوب السلم بين الزحام تختفي بعيدًا عن عينيه
_____________
فتح عينيه ينظر للمنبة الصغير جواره لازال لديه بعض الوقت لينام قليلا ، نظر للنائمة جواره ورأى بقايا الدموع على وجهها تنهد حزينا لا يفهم متى ستتفهم أنه حقا يحبها، وأن ما يحدث الآن لا يقلل من قدرها في عينيه ولو مقدار ذرة مد يده برفق يمسح الدموع عن عينيها ، أقترب يقبل جبينها يهمس حزينا على حالها :
- لو تعرفي بس أنا بحبك قد إيه ، وأن أنا مش عايز في الدنيا غيرك هتبطلي تنامي معيطة عشان الأوهام اللي في دماغك دي
تحرك يسحب نفسه من الفراش بخفة توجه إلى المرحاض ليغتسل ويبدل ثيابه ،ففتحت هي عينيها تتنهد بحرقة ، لو يعلم أنها تبكي بسبب الكلمات السامة التي تمطرها بها والدتها!.سيقيم قيامة والدتها ، قامت من الفراش تحركت للخارج تنظف وجهها من آثار النوم في المرحاض بالخارج قبل أن تتحرك للمطبخ تُعد له الإفطار قبل ذهابه للعمل عينيها شاردة تُغالب دموعها ، لا شيء ينفع حاولت مرارًا وتكرارًا ولكن بلا فائدة ما الصعب في أن تملك طفل صغير ، ما الذي قد يفعله ذلك الصغير يجعل الحياة رافضة وجوده ، أغمضت عينيها تستغفر مرة بعد أخرى إلى أن شعرت له يحاوط خاصرتها بذراعيه وصوته يتسلل لأذنيها :
- يا أمل أنا كنت في مأمورية عشان نقبض على شبكة من أكبر تجار المخدرات ، جالي بدل التحذير 100 إني أبعد عنك وإلا هتجازى أو هتفصل وما فرقش معايا كل دا ، وفضلت في عز المعمعة متمسك بيكِ وعايزك ، تفتكري دلوقتي أن هخلي حاجة صغيرة زي دي تبعدك عني وتخليكي شاردة وحزينة كدة ، مش عايز أطفال يا أمل أنا مش هعرف أبقى أب عدل ليهم ، أنا ممكن أذيهم ، أنا عمري ما عرفت يعني إيه أب يا أمل ، أنتِ عارفة أنا عنيت قد إيه مع كمال صدقيني اللي إحنا فيه دا رحمة ولطف من ربنا أنا مش عايز غيرك يا حبيبتي
التفتت بجسدها لتقابله ودون أن تتحدث عانقته أغمضت عينيها تتمسك به ، زفرت أنفاسها تهمس:
- ما تقولش كدة إنت هتبقى أحسن أب في الدنيا يا حسن
تعبت من الحمل الجاثم على صدرها فقررت أن تشاركه فيه تنهدت بقوة تهمس بحرقة :
- ماما دايما محسساني أن أنا السبب يا حسن وأن اللي مقصرة ، وأنك هيجي يوم وتزهق مني وتتجوز غيري
الآن فقط فهم سر حالتها الشاردة الحزينة دائما ، سيدة والدتها التي لم تكن تطيقه ها هي اليوم تُكدر صفو حياتهم ، من الذي طلب منها أن تبدي رأيها من الأساس ، زفر أنفاسه يبعدها عنه برفق يمسك ذراعيها بين كفيه يحاول ألا ينفعل :
- أمل لولا أن أنا عارف أنتِ بتحبيها قد إيه كنت منعتك تتكلمي معاها خالص ، والدتك ما تقررش بالنيابة عني يا أمل ، يا بنتي دا أنا اتهزقت منك كمية تهزيق عشان أبعد عنك ، خالد باشا اللوا بتاعنا ، التيم كله بيترعب منه مسكني مرة غسلني تهزيق وتهديد عشان أبعد عنك وما بعدتش ، هتيجي أمك اللي ما كنتش بتطيقني وفجاءة حبتني تقرر أنا هبعد ولا ما أبعدش ، وأنا عيل هلهولة بقى ، لاء أنا راجل في بيتي
ضحكت بخفة تحرك رأسها لأعلى وأسفل ، لمحت عينيها الساعة القابعة خلفه لتشهق تدفعه تتحدث سريعا
- حسن هتتأخر بسرعة غير هدومك على ما أحضرلك اللانش بوكس !!
زفر أنفاسه يتأفف حانقا قبل أن يصيح منفعلا :
- يا أمل بقى ورحمة أمي أنا ظابط أنا مش فى 5/4 ، شكلي وسط زمايلي عيل نايتي ، يرضيكي أبقى عيل نايتي
ضحكت تقترب منه تقرص وجنته بخفة ليزم شفتيه حانقا حين سمعها تقول وهي تضحك :
-يا حسونة يا حبيبي أنا عارفة أنك بتنطش الأكل خالص اليوم كله ، وبعدين مش حرام ولا عيب دي علبة أكل، المهم قولي تحب تاخد أكل إيه النهاردة
- تيس مندي ! ، الست كانت حاطة لابنها حمام وممبار اللي هو لو عشان عريس مش هتحطله الأكل دا كله ، أنا بقى عاوز تيس مندي
قالها بجدية تامة لتنفجر هي في الضحك أثر ما قال ، لمحت عينيه الساعة فانتفض يهرع لخارج المطبخ ليبدل ثيابه أما هي فتحركت تعد له الشطائر على شفتيها ابتسامة صغيرة ، شتان ما كانت عليه قبل قليل وحالها الآن ، انتبهت حين رأت حسن يخرج مهرولا للخارج ، فخرجت خلفه تقول سريعا :
- حسن الأكل
التفت لها يأخذ العلبة منها يضعها في حقيبته يغمغم ساخرًا :
- أنا كنت عاوز الشنطة اللي عليها باتمان على فكرة ، أنتي أم شريرة
ضحكت تحرك رأسها يائسة اقتربت منه تقبل وجنته تقول ضاحكة :
- طب يلا يا حبيب ماما عشان ما تتأخرش على الطابور
ضحك يقرب رأسه من أذنها يهمس لها :
- أنا عايز أكل كبدة
توسعت حدقتيها قليلا وأحمر وجهها تصدمه على صدره تقول حانقة :
-يلا يا حسن أنت متأخر على الشغل
وقف يعقد ذراعيه على شفتيه ابتسامة كبيرة قبل أن يغمغم يضايقها :
- على فكرة أنا قصدي أنا عاوزة أكل سندوتشات كبدة زي اللي كنتي بتعمليها وحشتني يا أم دماغ شمال ، عشان تعرفي أني طيب وعلى نياتي ، ومتأخر وهتجازى ، سلااام
قالها وهرع يسرع خطاه يخرج تحركت خلفه إلى أن رحل تلوح له أغلقت الباب خلفه وتحركت إلى غرفة نومهم حيث يأتي صوت رنين هاتفها ، زفرت أنفاسها مختنقة حين رأت اسم والدتها ينير الشاشة التقطت الهاتف تفتح الخط تأففت تُجبب مختنقة :
- هتسمعيني واصلة خناق كل يوم ، خلاص يا ماما حفظتها ، ممكن كفاية بقى
ولكن ما صدر ما والدتها كان عكس ما توقعت تماما ، سمعت والدتها تتحدث سعيدة :
- لا يا حبيبتى دا أنا جيبالك الحل ، طالما الدكاترة والعلاج والحقن وكل الكلام دا مش جايب همه ، عارفة الست نحمده جارتنا بتقولي أن بنت أختها بردوا داخت السبع دوخات ١٠ سنين بتلف على الدكاترة وفي الآخر حملت ، لما راحت لراجل واصل بيقولوا عليه ولي من أولياء الله الصالحين ، مش هنخسر حاجة يا أمل مش هنخسر حاجة يا حبيبتي ، أنتوا بتلفوا على الدكاترة بقالكوا كتير أوي
توسعت حدقتي أمل ذهولا اثر ما تسمع من والدتها ، أرادت أن تصرخ فيها أن ما تقوله ضرب من الجنون ، ولكنها بالكاد تمالكت زمام نفسها زفرت أنفاسها تحاول أن تنهي تلك المهزلة:
- دا دجل وقرف وأنا مش هروح لدجال يا ماما
قاطعتها والدتها سريعا ترفض ما تقول تصيح فيها منفعلة :
- يا بت دجل ايه وزفت ايه ، بقولك ولي من أولياء الله ، تقولي عليه دجال ، دا في آخر الدنيا ، وشوفته أصعب من شوفة الهلال ، قولي يارب بس نعرف نعتر فيه ، وبعدين مش هتخسري حاجة ، ما أنتوا جربتوا كل حاجة ، وبعدين يا ستي لو حسيته دجال ، نمشي ونسيبه هو ضاربنا على أيدينا يعني ، نروحله يا أمل ، عشان خاطري يا بنتي ريحي قلبي
لن تفعل لن تذهب أبدا ، ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها تجاريها :
- حاضر يا ماما لما توصلي لعم هلال بتاعك دا قوليلي سمعت صوت والدتها تشهق بعنف خائفة قبل أن تنهرها :
- يا بت لمي لسانك ، بقولك من أهل الخطوة ،
ما تترقيش ،اسمه سيدنا الشيخ جابر !!
_________
أهلا وسهل ومرحبا بكم في حلقة جديدة ومميزة وضيف هام بكل معنى الكلمة رحبوا معايا بدكتور داغر السياف دكتور الروحانيات وعالم الطاقة ، نورتنا يا دكتور داغر
ابتسم المدعو إبتسامة هادئة رزينة بقدر كبير من الوقار قبل أن يردف :
- متشكر جداا
ولم يُزد بحرف ، تحركت عدسة الكاميرا تقترب من وجه الضيف ليظهر بصورة أوضح أمام الجمهور ، رجل في منتصف الأربعينيات تقريبا يرتدي حُلة سوداء مهندمة ، وسيم لا يمكن إنكار ذلك ، الشيب خالط شعره حتى طغى عليه ، لديه لحية خفيفة رمادية اللون ، لاحت ابتسامة سعيدة على شفتي المذيع وهو يحادثه :
- حضرتك مش عارف أنا سعيد قد إيه أنك وافقت تكون ضيف في حلقتنا ، خلينا نبدأ بالسؤال الأول ، دكتور داغر حضرتك دكتور نفسي وماشاء الله معاك دكتوراه فيه ، هل علم النفس مرتبط بعلم الطاقة
ابتسم داغر في هدوء يحرك رأسه لأعلى وأسفل قبل أن يتحدث :
- آه طبعا النفس البشرية عاملة زي عقد الدايرة بتكمل بعض لو عقدة فكت الدايرة كلها تبوظ ، أي خلل نفسي بيأثر بشكل سلبي على طاقة الجسم ودا اللي أنا شرحته بالتفصيل في كتابي الجديد
ابتسم المذيع يردف :
- ما شاء الله كتاب حضرتك مكسر الدنيا ومحقق مبيعات كبيرة ، طيب يا دكتور داغر إيه ردك على الناس اللي بيقولوا أنا آسف طبعا أن حضرتك دجال ونصاب
- طب ما أنا دجال فعلا
قالها داغر بهدوء شديد قبل أن يضحك ساخرا يتهكم مما قال :
- مش دا اللي هما عايزين يسمعوه ، من زمان والناس شايفة دكاترة النفس دجالين ، فتخيل بقى يعرفوا أن في دكاترة في الطاقة ، عشان كدة أنا مش فارق معايا أي كلام من اللي بيتقال ، ولا برد عليه ، عشان أنا عارف كويس أنا مين ومكانتي إيه في المجتمع العلمي ومش هنزل أبدا بنفسي وأرد على شوية انتقادات هبلة من صفحات فيك
توترت ابتسامة المذيع لعدة لحظات قبل أن يعاود سؤاله :
- دكتور داغر ممكن حضرتك تشاركنا خططك الجاية
ابتسم داغر في هدوء يومأ برأسه يتحدث :
- أنا لآخر السنة دي ناوي أفضل في مصر ، وخليني انتهز الفرصة دي وأقولك إني فتحت مصحة للعلاج النفسي هختار فيها الصفوة من الدكاترة وأي حد حابب ينضم للتيم بتاعي ، يقدر يجي المصحة وأنا بنفسي هعمله انترفيو
وبعد عدة أسئلة أخرى انتهى اللقاء وتوقفت الكاميرات عن العمل ، وقام داغر من مكانه وتحرك المذيع إليه يصافحه يحادثه باسما :
- فرصة سعيدة جداا إني قابلت حضرتك يا دكتور داغر
نظر داغر داخل مقلتيه دون أن يبتسم ، نزل بعينيه إلى يده الممدودة ، أمسك كف يده نظر لباطن كفه عدة لحظات قبل أن يزم شفتيه يتمتم :
- خد بالك من نفسك الفترة الجاية عشان اللي أنا شايفه مش حلو أبدا !!
____________
نفق كبير على جدرانه من الجانبين تستطيع أن ترى تلك النقوش المميزة للحضارة المصرية القديمة ، المشاعل على جانبي النفق هي مصدر الإضاءة الوحيد في المنتصف يقف ثلاث رجال ، من بينهم رجل طويل القامة يتشتح بجلباب أسود يلف مسبحة حول كف يده الأيمن والكثير حول رقبته ، في مشهد تقليدي للدجال ، أمامهم مباشرة باب ضخم من الحجر عليه نقش لصورة ضخمة لأنوبيس وهو ممسك برمحه برأس ابن أوى وجسد إنسان ضخم ، تحت أقدام الرجل جثة لطفل دمائه مراقة داخل دائرة نقش بها عدة رسومات ، المخيف في الأمر أن ذلك الطفل هو حفيد الرجل العجوز الواقف جانبا ينظر متلهفا للباب المغلق تارة وللرجل صاحب الجلباب الأسود تارة أخرى
قبل أن يتحدث منفعلا :
- وبعدين يا شيخ جابر بقالك ساعة بتمتم وما فيش....
وقبل أن يُكمل كلامه اهتزت الأرض تحت أقدامهم بعنف شديد وبدأ الباب ينشق ويُفتح لتكشف المقبرة عما بها من كنوز جعلت عقل الرجل العجوز يتطاير ، هرع لداخل المقبرة وخلفه ولده ينظر للكنوز يصرخ سعيدا :
- شوفت يا حامد مش قولتلك الشيخ جابر واصل ، قولتلك ابن اخوك هيجبلنا الخير وأنا هدي لاخوك فلوس كتير خير كتير، وهو هيخلق غيره وينسى ، بس أوعى يا حامد تقوله أن إحنا اللي خدنا الواد ، وأنت يا شيخ ليك الحلاوة اللي تؤمر بيه ، واقف عندك كدة ليه يا شيخ جابر ما تيجي تختار اللي أنت عاوزه ملك إيديك
ولكن جابر لم يتحرك ظل ينظر إليهما قبل أن يقول بهدوء شديد :
- هات ابنك وأخرج من المقبرة حالا يا حج مرعي ، الراصد رفض القربان
انفعل الرجل يصرخ فيه غاضبا :
- رفض إزاي ما هي المقبرة مفتوحة أهي إنت بتضحك علينا يا راجل أنت عشان تاخد أنت الكنوز
لاحت ابتسامة ساخرة على شفتي جابر تلاها مباشرة أن انغلق الجدار بعنف شديد وخبا خلفه أصوات مرعي وولده، تنهد جابر يحرك رأسه يتمتم ساخرا :
- ما يقولش اني ما حذرتوش ، هو اللي الطمع عمى عينيه ، زمان أنوبيس بيتعشى دلوقتي
لف ظهره وتحرك يخرج من المكان بأكمله تحرك متجها إلى بيته البعيد ، ذلك القصر الذي يسكن فيه وحيدًا ، ليس تماما يشاركه فيه الكثيرون و لكنه لا يضايقونه أبدا
ارتمى على مقعد كبير أمامه رفع ذراعيه لاعلى يتمطأ ، انحسر جلبابه للخلف وظهر تشوه مخيف على ذراعه الأيمن ،نظر له وابتسم ساخرا، تحرك إلى غرفة نومه وقف أمام المرآة مد يده يخلع القناع عن وجهه ، من الممتع حقا أن ينظر لوجهه في نهاية اليوم ، أشتاق لوسامته المفرطة ، أشتاق للنظر لسفيان
تحرك إلى صورة وتر ومعها جبران وابنتهما يعقد ذراعيه خلفه ظهره يبتسم ساخرا:
- حبيبة بابي دورها قرب أوي