رواية جمرية الصقر الفصل التاسع عشر 19 بقلم سلوي عوض


 رواية جمرية الصقر الفصل التاسع عشر 

في نجع الصياد، كان أمين جالسًا ينتظر عمار، وكعادته كان يدخن الشيشة. تدخل زبيدة .

زبيدة: جاعد كده ليه يا همي في الدنيا؟

أمين: أمال عاوزاني أجوم أرجصلك؟

زبيدة: مش عنشوفو حالنا ونوعو لمصالحنا ولا إيه؟

أمين: وانتي عندِك مصلحة وأنا ما أعرفش؟

زبيدة: الأرض والمزرعة بتاعت السمك وباجي الحاجة.

أمين: وياكِ الحاجة دي بتاعتك يا مرا. اختشي على دمك، عيالك ما تعرفيهمش فين، وانتي بتدوري الفلوس بردك.

زبيدة: والله وبجالك حس يا أمين ونسيت حالك. فوج لروحك، انت هنيه تنفذ كلامي وبس.  قال عيالي قال. أنا حرة أعمل اللي أعمله؟ ومن مِتَّه انت خايف على عيالي؟ مع إن كل ديتي راسمينه مع بعضنا، ولا هتعمل عليَّا إنك خايف عليهم؟

أمين: آه، أنا رسمت معاكي الرسمة إن بنتك تتجوز ولدي وناخد كل حاجة، بس وبنتك موجودة. لكن دلوك إحنا ما نعرفوش طريجها، ولا تكون العصابة جتلوها، ولا عملوا فيها حاجة.

زبيدة: ما يخصكش.

في هذه اللحظة يأتي عمار، فتقول زبيدة:

زبيدة: كنت فين انت كمان وسايب كل حاجة؟ وأبوك اللي فاكر نفسه خايف على عيالي.

عمار: وأنا مالي بيكم.

زبيدة: رحت مزرعة السمك؟

عمار: آه، رحت.

أمين: وأخبار المزرعة والأرض إيه؟

عمار: تمام تمام، ما تقلقش يا أبوي، أنا واخد بالي من كل حاجة.

أمين: عاوزك وحدينا يا عمار.

زبيدة: في إيه بينتكو ما عايزنيش أعرفه؟

أمين: رايد أتحَدِّد مع ولدي لحالنا. تعال يا ولدي نخش جوا.

زبيدة: خش يا أخوي خش.

يذهب أمين وعمار، ويبدأ الفأر يلعب في عب زبيدة، فتقول في نفسها:

من ميته أمين عيتحدَّت مع ولده لحالهم؟ يكون بيخطط لأي حاجة، وبعدين ده بهيمة ما يعرفش يفكر. أحسن حاجة أروح أسمعهم عيجولوا إيه.

وفعلًا، تتسلل زبيدة وتبدأ تستمع للحوار:

أمين: أمال همام صاحبك فين يا عمار؟ ما بجيتش تجعد معاه ليه؟

عمار: وعتسأل على همام ليه وانت كنت بتكرهه؟

أمين: أصل بيني وبينك البت الغازية اللي جابها كلت عقلي، وعما أفكر فيها ليل نهار. حاجة كده تنوِّر العيون بصح.

عمار: غازية مين يا أبوي؟ مش كبرت انت على الكلام ده؟

أمين: أنا لسه صغار وصحتي مليحة، حجاش بس العجربة زبيدة هي اللي عجَّزتني.

عمار: وإيه اللي جلبك عليها؟ مش كنتوا حبايب؟

أمين: كلام في سرك، أصلها مرا ما عندهاش قلب وواعره جوي. جاها ضربة الدم اللي تجيب أجلها.

عمار: قول كلام غير ده يا أبوي.

أمين: صح والله يا ولدي. البت الغازية ولعت جلبي وجننتني، وزبيدة عجَّزت ومرا صعرانة، كل همها الفلوس. أنا بقيت أخاف على نفسي منها. والصراحة يا ولدي، جمريه صعبانة عليا. وغلاوتك عندي، أنا قلت تتجوزها ونعيش في العز. لكن البت تتخطف مهما كان، دي بت بنوت وفضيحتها عفشة جوي. وبعدين يا ولدي، صدقني أنا أه بحب الفلوس جوي جوي، لكن بردك عندي قلب.

عمار: مش عارف، حاسس إنك متفق مع زبيدة على الحديت ده.

أمين: ورحمة أمك يا ولدي، أبدًا. أنا عرفت زبيدة متأخر، مرا ما عندهاش عزيز.

عمار: على العموم، اطمن. جمريه زينة وعند ناس زينين.

أمين: خلاص يا ولدي، طمِّنتني. كلم همام بقى عشان الغازية.

عمار: ومش خايف زبيدة تعرف وتكتلك؟

أمين: صدج ممكن تعملها. بس لاه لاه ، وأنا حيلتي إيه؟ زبيدة كل همها الفلوس.

زبيدة تسمع كل هذا وتقول في نفسها:

بجى انت يا عمار تعمل عليَّا اللعبة دي؟ والله لأوريك انت وأبوك.

لتنزل زبيدة وتتسلل وتقول:

يا أمين يا مهبل، يا عرة الرجالة، بتدور على الغوازي وقلبك رج؟ وبتدعي على خلاص؟ بجى كل واحد يلعب وحديه. وهاخد كل حاجة، وأشغلك عندي انت وولدك كلافين للبهايم. ما بجاش أنا زبيدة إن ما وريتكُم.

زبيدة تفكر وتقول:

لازم أشوف حد يراقب عمار ويعرف عيروح فين عشان أعرف مكان البت. ما فيش غير عزام الغفير. هو كده كده عيكره أمين وولده، وطماع. أديه له قرشين وأخليه يراقبه. وبعدين نشوف حكايتك يا أمين مع الغوازي، يا اللي عاملي حالك صغير.

تذهب زبيدة إلى عزام وتقول له:

عاوزاك تراقب لي عمار من غير ما يحس، وتيجي تقول لي هيروح فين. وأنا هحلِّي لك خشمك حلاوة كبيرة جوي جوي، وليك كمان مفاجأة كبيرة.

عزام (بطمع): أمرك يا ست الكل.

زبيدة: أوعى حد يعرف، ولا حتى أمين.

عزام: حاضر، من عيوني.
________________________________

في نجع الصايغ،

كانت نجاة جالسة مع محمود أمام التلفاز، يشاهدان برنامجًا حواريًا. فجأة، قالت المذيعة:
"بنرحب بالدكتورة هيام الصايغ ؛ أكبر دكتورة أمراض نساء وتوليد، واللي اكتشفت علاج جديد بيساعد السيدات في حالة العقم. نلتقي بعد الفاصل."

أطلقت نجاة زغرودة مدوية وصرخت:
"يا صجر! يا صجر! تعالَ شوف أختك الكبيرة الدكتورة هيام على التلفزيون! نعمة! يا نعمة! روحي نادي العيلة يشوفوا أمهم ف التلفزيون."

دخل صقر إلى الغرفة بسرعة: "خير يا أمي، في إيه؟"
نجاة بحماس: "اجعد يا صقر، أختك هيام ف التلفزيون!"
 صقر ببرود:"أنا رايح أشوف شغل في الأرض."

قبل أن يخرج، سمعوا صوت كلكس عربية. 
 نجاة بابتسامة: "زياد، ديتي زياد!"

دخل زياد بابتسامته المعهودة:
زياد: "وحشتوني يا أم صقر!"
صافح الجميع بحفاوة، ثم فجأة رأى جمرية وهي تحمل الأطفال. أطلق صفيرًا عاليًا وقال بإعجاب:
زياد: "إيه القمر ده؟ إيه البنت الحلوة دي؟ يخربيت جمال عينيها!"

صقر بغضب وغيرة واضحة: "اتحشم يا زياد!"
 زياد : "اتحشم اتحشم إيه بس؟ دي عاملة زي ملكات الجمال!"
 صقر بصوت حاد:"اخرس شوية، مش بتتعب من الكلام؟"

نجاة :"تعالوا سلموا على خالكم، وامكم كمان جاية ف التلفزيون. بتي الدكتورة الكبيرة، مش حتة ممرضة."

 زياد : مين دي؟ 
حور:دي جوجو صاحبتنا؟"
 نجاة: "دي الدادة بتاعتهم."

 جمرية : "أنا جمرية الصياد، ومش دادة ولا مؤاخذة يا حجة. بتك الدكتورة الكبيرة سايبة عيالها وأنا اللي برعاهم حبًا فيهم. وبالمناسبة، أنا ممرضة، لكن الحمد لله، كنت بارة بأبوي الله يرحمه، وفضلت تحت رجله لغاية ما ربنا استرد أمانته."

 نجاة بغضب وهي تنظر لصقر: "شايف يا صجر اللي جبتهالنا؟ بتجل أدبها علينا!"
صقر :"أمي، جمرية مغلطتش." جمرية بنت كبير نجع الصياد ، وأخت صاحبي، وأمانة عندي لغاية ما يوسف يرجع بالسلامة."

 جمرية: "وأنا أعفيك من الحرج يا أستاذ صجر، وهرجع بيتي وأحل مشاكلي بنفسي."

محمود: "والله عال، طب راعو إني جاعد!"
ثم قال لجمرية:
"ده بيتك يا بتي، ومش هتمشي غير لما أخوكي يعاود، ومش عاوز كلام كتير."

زياد: "إيه؟ أنا جيت لخبطت الدنيا ولا إيه؟"
صقر : "خلاص يا جمرية، زي ما قال الحج. اجعدي، ومحدش هيضايقك، مش كده يا أمي؟"

نظرت نجاة بغضب ولكنها لم تقل شيئًا.

عاد البرنامج بعد الفاصل:
المذيعة بابتسامة: "أهلا بحضرتك دكتورة هيام!"
ردت هيام بغرور واضح: "أهلا بيكي."
المذيعة:"حابين نتعرف على الدكتورة هيام أكتر!"
هيام بنبرة متعالية: "من ناحية إيه؟"
 المذيعة: "يعني النجاح اللي حققتيه ده أكيد وراه حد ساعدك؟"
 هيام: "لا أبدًا، محدش ساعدني. أنا عملت نفسي بنفسي."
 المذيعة: هل حضرتك بتلاقي وقت لاولادك ؟ أكيد شغلك مش بيأثر على أسرتك؟"
 هيام : "أنا مش زوجة ولا عندي أولاد. أهلي ف الصعيد، وأنا اللي بصرف عليهم."

حاولت المذيعة التوضيح: "لكن الإعداد قالنا إن حضرتك..."
قاطعتها هيام بتعجرف: "تعرفوا حياتي أكتر مني؟"

جلس الجميع في صدمة بعد حديث هيام المتعالي في البرنامج. قطع محمود الصمت بصوت غاضب:
"هي دي بتك، الدكتورة اللي مصدعة راسنا بيها؟ رضعتيها غل وجسوة؟"

 صقر: "بتك مش لاقية حد يلمها. إحنا غلابة وبتقول علينا هي اللي بتصرف علينا! بتك المتكبرة اللي بتقول معندهاش عيال؟ والله ليه حج، طارق يطلقها!"

صرخت نجاة بفزع: "إيه؟ طلقها؟ الواطي بعد ما..."

قاطعها صقر بغضب: "أمي، مش عاوز أسمع كلمة عن طارق. بتك ديه أنا اللي هعرفها مقامها زين."

التفت الجميع فجأة إلى الحج محمود ليجدوه يعرق بشدة ووجهه شاحب. قام صقر وزياد بسرعة لمساعدته:
"مالك يا أبوي؟"

 جمريه بسرعة وهي تتحرك: "عجيب جهاز الضغط والسكر حالاً!"

أحضرت جمريه الجهاز وبدأت تقيس ضغطه وسكره، لتجد أن الأرقام مرتفعة جدًا.
 جمريه: "مش إحنا قولنا يا حج بلاش زعل؟ ولا أنت عاوزني أمشي من هنا؟"

محمود :"لاه يا بنتي، بس صعبان عليا حالي. بنتي قالت اللي قالته والناس كلها سمعت."

 نجاة بحدة:"إيه يا ست جمريه، كلتي عجل الكل؟"

زياد بغضب: "يا أمي، كفاية! مش شايفة أن أبويا تعبان؟"

نظر محمود إلى صقر : "يا صجر، هو صح، طارج طلق أختك؟"

بدأ صقر يحكي كل ما حدث لطليق أخته، وكيف كانت حياتهما مليئة بالمشاكل حتى وصل الأمر للطلاق.

محمود :" صجر كلم طارج وعرفه ان بيته وياجي وجت ميحب 
نجاه : مش هو هيتجوز يبجى ياخد عياله كلمه ياصجر جوله ياجي ياخدهم

 صقر : "أمي، مش وقته الحديت ده دلوقتي."

جمريه : "لو سمحتوا يا جماعة، الحج تعبان. اتكلموا بعيد عن عينيه شوية."

 نجاة بغضب: "إنتي جاية بيتنا تعلمينّا الأدب؟ اتفرج يا صجر على مجايبك!"

محمود : "تعالي يا جمريه، نتمشى في النجع شوية."

 جمريه : "حاضر يا عمي."

وغادر الاثنان، تاركين صقر وزياد يحاولان تهدئة الوضع، بينما بقيت نجاة تنظر بغضب واضح.
________________________________

(في إيطاليا )

كان ليو مشغول بالتفكير، يحاول يعرف إيه اللي خلى لارا تتغير من ناحيته. كان حاسس إن في حاجة زعلتها، بس مش فاهم هي إيه. كان متأكد إنه ما عملش حاجة غلط. يمكن تكون عرفت حاجة عن ماضيه، واللي لو كانت عرفتها، أكيد زعلتها. كان كمان حاسس بنظرات بترو، اللي كانت مليانة شماته ومش مريحة ليه.

ومن ناحية تانية، كان بيفكر إزاي ياسر بيه قرر يخليه موجود معاهم هنا. إيه الثقة الكبيرة اللي هو حاطها فيه؟ ليه اختره بالذات؟ ليو كان مش قادر يفهم.

بينما هو مشغول في أفكاره، بدأ يسمع صوت نصر وهو بيتكلم مع بترو.

نصر: "بترو، هو إيه اللي مخلي البوص مصمم إن ليو هو اللي يقوم بالعملية الجاية؟"

بترو: "عشان هو فاقد الذاكرة ومحدش يعرف عنه حاجة. يعني بعد العملية، هنخلص منه وهو مش هيفتكر أي حاجة. هو كده كده فاكر إن دي صفقة نباتات طبية وأعلاف، لكن الحقيقة هي أكبر وأهم صفقة سلاح في تاريخ البوص."

نصر: "تمام، بس ليه لارا؟"

بترو: "أنت عارف إن لارا متعرفش حاجة عن شغل أبوها. المهم، خلي ليو تحت عنيك."

نصر: "أنا عرفت كل حاجة عنه. عرفت عن صاحبه اللي اسمه ميمو، صاحب محل بيتزا في ميلانو. ميمو ده قاعد يدور عليه كتير لدرجة إنه بلغ السفارة عن اختفاءه. يعني هو مفقود."

بترو: "أنا مش ضامن البوص، ممكن بعد العملية قلبه يحن ومش يخلص عليه."

نصر: "وهو من إمتى البوص عنده قلب؟"

ولحسن حظه أو لسوء حظه، ليو سمع الحوار كله.

تعليقات



×