رواية جمرية الصقر الفصل السادس عشر 16 بقلم سلوي عوض


 رواية جمرية الصقر الفصل السادس عشر 

يصل عمار الي منزل والدة محاسن قبل صقر وزيدان ويتحدث مع محاسن

محاسن: عامل إيه دلوك يا حبة الجلب؟
عمار: الحمد لله بجيت أحسن لما شوفتك.
محاسن: عايزة أتكلم معاك كلمتين قبل محد ياجي.
عمار: خير؟
محاسن: انت لازم تشتغل يا عمار، ما ينفعش تقعد من غير شغل  ده يعني لو مش عايزاني أرجع أرقص تاني؟
عمار: وغلاوتك عندي، أنا نفسي من بكره هدور على شغل، عشان اصرف عليكي من شجاي.
محاسن : ربنا يرزجك ويديك الصحة.
عمار : روحي بجى اندهي جمريه عشان رايد أتحَدَّت وياها.

محاسن بتنادي على جمريه، اللي كان عندها أمل بسيط إن أمها ممكن تزعل عليها.

جمريه: أمي عملت إيه لما قولتلها؟
عمار: بأسف، انتي عارفة أمك، كل همها الفلوس وبس؛  عادي يعني، متزعليش، وعدي. المهم، أنا رايد أتحَدَّت معاكي في موضوع.
جمريه: خير يا عمار؟
عمار: شوفي يا بت الناس، أنا توبت عن كل الحرام، وعدور على شغل، وعاوزك تسامحيني.
جمريه: أسامحك على إيه؟ أنت أخوي يا عمار، وبعدين تدور على شغل ليه؟ امسك انت مزرعة السمك والأرض وكل حاجة، وأنا عبجى مطمنة وكل حاجة تحت يدك. ومنه بردك تبجى عارف زبيدة وأمين هيعملوا إيه.
محاسن (بفرحة): الله ينور عليكي.

زيدان بيتصل.

زيدان: إحنا وصلنا.
عمار: عفتح الباب أهو.

عمار يفتح الباب، زيدان يبحث بعيناه عن نجمه ليسمعها تغني. يسلموا على أهل البيت، ومحاسن تروح توقظ أمها.

صقر لجمريه: كيفك يا جمريه؟
جمريه: بخير الحمد لله. ما فيش أخبار عن يوسف؟
صقر: والله لسه، أنا مكلف ناس يدوروا عليه، وأول ما يعرفوا حاجة هيكلموني.
جمريه: كتر خيرك.
صقر: خير إيه؟ يوسف أخوي.

نجمه تخرج وهي تغني "فين حبيبي"، وتصطدم بزيدان وهو جالس أمامها.

نجمه: مش تقولوا إن عندنا ضيوف؟
عمار: بطلي رغي يا بت، واعملينا شاي.
زيدان: اتكلم معاها زين يا عمار.
عمار: وهي لسانها قصير.
نجمه: بته تبتك يا واد أمين يا زفت، أنا عارفة أختي حبت فيك ايه. جبر يلم العفش كله!
زيدان: إيه ده كله؟ بزيادة لسانك عاوز قَصَّه، صح؟
نجمه: وانت بقى اللي هتقصهولي؟ يا حلو، انت ده ولا انت!

أمها تدخل.

غزالة : نجمه، بطلي قلة أدبك دي.
غزالة : السلام عليكم. معلش، هي كده لسانها متبري منيها.

يردوا:

زيدان وصقر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

غزالة : أخبارك إيه يا عمار؟
عمار: الحمد لله يا خاله
غزالة :يا مرحبا يا زيدان يا ولدي.

الأم تنظر إلى صقر نظرة مطولة.

الأم: اسمك إيه يا ولدي؟
صقر: صجر محمود الصايغ، من نجع الصايغ، لو تعرفيه.
غزاله (بتوتر): آه، آه، أعرفه.
نجمه: انتي قلتي كان ليكي صاحبة هناك وماتت، يعني هي ما كانش ليها أهل ولا ناس صاحبتك دي؟
غزاله: اسكتي يا نجمه.

محاسن تجيب الشاي وتقدمه، وتنظر إلى أمها.

محاسن: مالك يا أمي مسهمة ليه؟
غزاله: ما فيش يا بتي.
صقر: صح مالك خاله؟ جيتنا زعلتك في حاجة؟
غزاله: لاه يا غالي، ربنا يعلم فرحة جلبي بيكم قد إيه.
؛ جول لي يا صجر، إيه أخبار الحج محمود والحجة نجاه؟
صقر: زانين بخير والله يا خاله، هو حضرتك تعرفيهم؟
غزاله: آه يا ولدي، الحج محمود طول عمره راجل طيب ومحترم وواقف جار الناس، والحجة برضه ست طيبة.
صقر: الله يخليكي يا خاله، ده من ذوقك. 

في هذه الاثناء نجاة تتصل بصقر 
نجاة: الحجني يا صجر، أبوك تعبان جوي.
صقر (بقلق): ماله أبويا؟
نجاه: ما عرفش، فجأة كده وجع، كان عيتحددت معاي وفجأة وجع.
صقر: أنا جاي حالاً يا أما.

غزالة (بحزن وهي تسمع): اسم الله عليه، ماله؟
صقر: معرفش يا خاله ؛ زيدان أنا عروح أشوف أبويا، وانت وعمار هاتو جمريه وتعالو.
محاسن: خلي جمريه لغيت ما تطمن على الحج.
صقر: معلش، هبجى أجيبهالكم زيارة تشوفوها.

تدخل غزالة غرفتها وتبكي بصوت مكتوم حتى لا يسمعها أحد.

 ينصرف صقر بسرعة، وزيدان ينظر إليه بتعاطف.

زيدان: الله يكون في عونك يا صاحبي،هتلجاها منين ولا منين؟ حضري نفسك يا ست جمريه عشان نمشو.
_________________________________

(في نجع الصايغ)

نجاه (تقترب من زوجها): مالك يا محمود، فيك إيه؟
محمود (بتعب): الدنيا عتلف بي.

تتصل نجاه بابنتها هيام.

هيام : خير يا أمي، في إيه؟
نجاه: أبوكي تعبان جوي.
هيام (ببرود): أبويا كبر يا أمي، عادي.
نجاه: هو ده اللي قدرك عليه ربنا، يابت بطني؟
هيام: مش فاضية يا أمي، هقفل دلوقتي، عندي حالات كتير.
نجاه: طيب، حتى اسألي على عيالك.

هيام تغلق الخط دون أن تستمع لوالدتها. نجاه تنظر إلى الهاتف بمرارة.
______________________________

صقر (يكلم أمه وهو في الطريق): أنا كلمت الدكتور، وهو عيوصل قبلي وأنا في الطريج.
نجاه: وهو انت فاضي لحد غير الرمح هنا وهناك؟

الأطفال يبكون بالقرب من جدهم.

يزن (يبكي): جدو ماله؟
صقر : ابعدوا العيلة عنه شوية، أنا جربت أهوه.

بعد قليل يصل الطبيب ويكشف على الحج محمود.

الدكتور: هنقيس الضغط والسكر ونشوف.

يقيس الطبيب، ويبدو عليه القلق.

الدكتور: الضغط والسكر عاليين جداً. لازم يتنقل المستشفى عشان نظبط الضغط والسكر.

يصل صقر مسرعاً.

صقر: أبويا ماله يا دكتور؟
الدكتور: نروح المستشفى الأول، سكره وضغطه عاليين جداً. أكيد في حاجة زعلته.

صقر (بتوتر): إيه اللي حصل يا أمي؟
نجاه: معرفش، هو كان جاعد مع عيال خيتك، وبعدها لجيته كده.

صقر (يتجه إلى يزن): يزن، جدك ماله يا يزن؟
يزن (بتردد): أصل حور قالتله بابا وماما سابونا، وتيته مش بتقعد معانا. هو انتو هتودونا عند الكاتعه زي بليه ف الفيلم وتحرقونا بالنار؟ أنا شوفت كده ف الفيلم.

صقر ينظر إليه بصبر، ويحاول تهدئته.

يزن: ولما جدو قالها لا يا حبيبتي، بابا وماما هيرجعوا لبعض، ولغيت ما يرجعوا هتعيشوا معانا، حور قالتله تيتة نجاه قالت محدش عايزكم، وكان الفيلم شغال، وتيتة قالت انتو أحسن تروحوا عند الكاتعه عشان تتربوا، أصلكم مدلعين أوي. وحور وهي بتحكي لجدو تعب اوي مننا.

حور (تبكي): هو جدو هيموت يا خالو صقر؟
صقر (يحتضنها): بعد الشر، لا يا حبيبتي، جدو بخير، هيروح المستشفى ياخد علاج ونرجع على طول.
حور: أنا هقعد ساكته بس عايزه بابا.

صقر ينظر إلى الأطفال بحزن ويقترب من نجاه.

صقر: إحنا لازم ننقل أبويا حالاً.
وفعلا بيذهبوا للمستشفى 
__________________________________

كانت نجاة تجلس في الصالة بقلق، تنتظر أخبار الحج محمود ؛ في هذه الاثناء دخل زيدان ومعه جمريه.

نجاه: مين ديه؟
زيدان: الست جمريه، أخت الأستاذ يوسف، صاحب الكبير، وهو جالي أجيبها.
نجاه: كيفه الحج دلوك؟
زيدان: والله ما أعرف، الدكتور معاه، وأنا جيت أجيبها.

نجاه تنظر إليه بشك وقلق.

نجاه: والله حاسه بيتنا بجى ملجأ. روح المستشفى شوفهم وطمني على محمود.
زيدان: حاضر، بس خليني أخلص هنا الأول.

تلتفت نجاه إلى جمريه.

نجاه: وانتي، اسمك إيه؟
جمريه (بهدوء): اسمي جمريه.
نجاه: طيب، خشي جوه، لما ياجي الكبير صجر أفندي.

 زيدان يخرج مسرعاً للمستشفى ليطمئن على الحج محمود.
تدخل جمريه بكسوف إلى داخل البيت، وهناك تجد الأطفال يبكون بصوت مكتوم. تقترب منهم وتحاول تهدئتهم.

جمريه (بلطف): مالكم يا حبايبي؟ ليه بتبكوا كده؟

يزن: جدو تعبان، وحور خايفة يقولولنا إنه هيجرا له حاجة.
جمريه: بعد الشر على جدو. ما تخافوش، هو هيبجي بخير ويرجعلكم قريب.

حور (تتعلق بثوب جمريه): بس أنا عايزة ماما. هي هتجي ولا لاء؟
جمريه: إن شاء الله هتجي، وغاية ما تيجي، أنا هنا معاكم.
تدخل نجاة وتسمع حديثها معهم.

نجاة (بنبرة حادة): انتي مين؟ وهنا فين؟
جمريه (بتلعثم): أنا... كان جصدي أهديهم بس.

تنظر نجاة لجمريه من فوق لتحت، وكأنها تفحصها بنظراتها المتفحصة.

نجاة: إيه حكايتك بجى؟ يا اسمك إيه؟
جمريه: جمريه يا حجة.
نجاة: طب، وإيه اللي جابك هنا يا ست جمريه؟
جمريه: أبداً، شوية مشاكل عتتحل واروح لحالي.
نجاة (بتهكم): مهوا صجر كده، موراهوش غير المشاكل؛ متعلمه على كده انتي؟
جمريه: أيوه، معايا دبلوم تمريض.

تضحك نجاة بسخرية وهي ترفع حاجبيها.

نجاة: يعني ممرضة! أنا بجى بنتي دكتورة كبيرة. بجولك إيه، اجعدي مع العيلة، احرسيهم، وخلي بالك منهم. وعتنامي معاهم في الأوضة.

ثم تتوجه نجاة نحو الأطفال وتتحدث بنبرة خفيفة لكنها لا تخلو من التهكم.

نجاة: خالكم جابلكم داده جديدة بدل اللي في مصر.

تخرج نجاة من الغرفة وهي تهز رأسها، تاركة جمريه تشعر بالضيق والحزن.

الأطفال (ينظرون إلى جمريه بفضول): هو انتي فعلاً الدادة الجديدة بتاعتنا؟
جمريه (بحنان): أيوه يا حبايبي.
يزن (بابتسامة): بس انتي قمورة أوي، وشكلك صغننه.
جمريه (تبتسم): وانت الأحلى. طيب إيه رأيكم نصلوا مع بعض وندعي لجدو عشان ربنا يقومه بالسلامة؟
الأطفال: حاضر.

تمسك جمريه بيد الأطفال، وتبدأ معهم في الصلاة والدعاء للشفاء العاجل للحج محمود.

_____________________________________

(في منزل غزالة، والدة محاسن).

 تخرج غزالة من غرفتها وعيناها حمراوان من أثر البكاء. تتجه نحو محاسن التي تجلس بجوار نجمة.

غزالة (بصوت متعب): محاسن، حنّ عليكي. اتصلي بعمار واطمني على الحج محمود.
نجمة (تتدخل بحدة): وانتي عايزه تطمني عليه ليه؟
غزالة (بتلعثم واضح): أبدًا يا بتي، واحد مريض وبنطمن عليه، ثواب.
محاسن (تنظر إليها بريبة): مع إني مش مرتاحة لحكاية "ثواب" دي، بس حاضر يا أما.

تأخذ محاسن هاتفها وتتصل بعمار.

محاسن: طمّني يا عمار، أبو صجر عامل إيه دلوك؟
عمار: أنا لسه واصل المستشفى، وواجف مع صجر.
محاسن: يعني هو عامل إيه بردك؟
عمار: بيجولوا سكره وضغطه عالين جوي، والدكاترة عيظبطوه.

 محاسن تلتفت إلى أمها.

محاسن: بيجولوا سكره وضغطه عالين جوي.
غزالة (بدون قصد، بقلق): يبجى حد زعله... هو محمود كده، ميحملش الزعل.

تحدق محاسن في أمها بصدمة، وتغلق الهاتف ببطء.

محاسن (بحزم): جوليلي بقى، إيه حكايتك؟ وتعرفي أبو صجر منين؟
نجمة (بنبرة مشككة): مش حكاية صحبتك كانت ساكنة هناك؟

تقف غزالة فجأة وكأنها تحاول إنهاء النقاش.

غزالة: لاه... ما جولتلكم! أصل كان ليه جميل عندي، وبعدين هتحججوا معايا ولا إيه؟

تتوجه غزالة بسرعة إلى غرفتها وتغلق الباب وراءها.

نجمة (بنبرة مريبة): والله شكلها في حاجة وكبيرة.
محاسن: يابت، لاه... ما بتجولك ليه جميل عندها؟
نجمة (تبتسم بخبث): عيبك إن حبك لعمار ده خلاكي غبية زيه. في سر، وأنا أهو، وانتي أهو، وكل حاجة مسيرها تبان.
_________________________________

(داخل غرفة غزالة. )
تجلس غزالة على سريرها وتبكي بحرقة. تفتح صندوقًا قديمًا، تخرج منه بعض الأشياء، وبينها صورة قديمة تحتفظ بها. تنظر إلى الصورة طويلًا ثم تحتضنها بشدة وتجهش بالبكاء.

تعليقات



×