رواية تعافيت بك الجزء الثاني الفصل الرابع عشر
وجدتُ فيكَ ضالتي، أتيتُ لـ تأنس وحشتي.
________________
كل ما هو حولك يدعوك للبكاء، فـ حتى ذلك لم تقوى عليه، أنتَ مجرد شخص تُركَ في مهب الريح لا يملك حتى رفاهية الإنهيار، تجلس بمفردك تبكي من الخذلان و الجروح، لا عائلتك استطاعت احتوائك و لا أصدقائك استطاعوا تأنيس وحدتك.... أما الآن أنتَ تجلس بمفردك تشبه الشريد في وحدتك.
نظر لها «ياسين» مندهشًا من طلبها فوجدها تقول بمرحٍ أكثر:
"خلاص بلاش جهينة ميكس، خليها بيبسي علشان نهضم"
ابتسم هو باتساع ثم قال:
"بس كدا ؟ أنتَ تؤمر يا جميل"
ابتعد عنها بعد جملته تلك ثم ذهب إلى المحل المجاور لمكان وقوفهما ثم جلب لها عدة أشياء بعدها اقترب منها بمرحٍ ثم مد يده بالحقيبة الممتلئة وهو يقول:
"عيشي بقى مع نفسك، كل اللي نفسك فيه هتلاقيه هنا"
ابتسمت باتساع و هي تأخذ منه الحقيبة ثم فتحتها تنظر بها بعد شهقت بقوة ثم رفعت رأسها تطالعه و هي تقول بحماسٍ:
"كل دا....أنتَ جبت كل دا علشاني ؟"
أومأ لها موافقًا بهدوء وهو مُبتسمًا فوجدها تقول بمرحٍ:
"أنا كدا هتعود على الدلع دا كله، علشان تعمل حسابك بس"
أومأ لها موافقًا ثم أضاف مؤكدًا:
"طالما أنا موجود و ربنا كرمني و مديني الصحة يبقى طلباتك تتنفذ كلها و أنا عيوني ليكي"
نظرت له بحب و حينما وجدته ينظر لها هو الآخر حركت رأسها للجهة الأخرى تهرب من نظراته مما جعل بسمته تتسع ثم مد يده لها بالطعام و هو يقول بهدوء:
"يلا ناكل بقى علشان أنا جعان، و بعدين دا أنا ضحيت بأكل أمي علشان أجي آكل معاكي"
أخذت منه الطعام و أخذ هو الأخر ثم تناولا الطعام معًا في مرحٍ منهما و حنانه عليها، و بعد انتهاءهما من الطعام تنهد هو ثم قال بمرحٍ:
"يلا بقى علشان نكمل يومنا و نعرف نتكلم سوا...أنا عاوزك أصلًا علشان عاوز اتكلم معاكي"
أومأت له تتابع حركته و هو يركب السيارة ثم لحقته هي و ركبت السيارة خلفه، فشرع هو في قيادة السيارة و هي تراقبه و تراقب انفعالات وجهه حتى تستشعر فيما سيتحدث معها، أما هو كان ينظر لها بخبثٍ و هي تراقبه، فوجدته يقول بمرحٍ:
"أيوا افضلي مبحلقة فيا كدا و في الأخر تعملي نفسك ملاك بريء، هتاكليني بعيونك"
ضحكت هي بقوة ثم قالت بنبرةٍ امتزجت بضحكاتها:
"يا أخي سبني بقى أبص عليك، ما هو مفيش أحلى من كدا العيون ترتاح بشوفتها يا ياسين"
حرك رأسه ينظر لها هو بتعجب غير مصدق ما تفوهت به:
"دا احنا جامدين أوي و كلامنا حلو أهوه، أومال إيه بقى، بنتهطل ليه و تطلب معانا نكد ليه يا وليه يا مفترية"
حركت كتفيها ببساطة وهي تقول بلامبالاة تزامنًا مع تحريك رأسها للخلف:
"عادي كدا كدا أنتَ مطلوب منك تستحمل، متنساش إنك واخدني مضطربة نفسيًا يعني عاوزة معاملة خاصة، مش هتقدر يبقى خلاص يا ابن الحلال نفضها سيرة أحسن"
رد عليها هو بسخرية:
"أيوا صح زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف و حقي هاخده منكم يا عيلة الرشيد، هجيب عامر و نيجي نردحلكم تحت البيت"
ضحكت هي بقوة حتى تحرك جسدها للامام فضحك هو الأخر على ضحكتها ثم قال:
"أكيد تخيلتي المنظر و احنا بنردح تحت البيت"
أومأت له بقوة من بين ضحكاتها فوجدته يحرك رأسه بيأس ثم أخرج زفيرًا قويًا تبعه بقوله لها بنبرةٍ محبة:
"هي الحياة من غيرك أنتِ تسوى إيه.... ياللي نظرة من عينك بالعالم و اللي فيه"
طالعته بنظرةٍ محبة فوجدته يغمز لها بطرف عينه وهو يقول بمرحٍ كعادته:
"خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ"
أومأت له موافقة ثم تنهدت بأريحية و هي تمعن النظر في وجهه و بعد مرور دقائق وجدته يوقف السيارة في مكانٍ شهد على الكثير بينهما منذ اللقاء الأول، حركت رأسها تنظر له بتعجبٍ فوجدته يقول بهدوء:
"دا أول مكان اتكلمنا فيه سوا بعد ما ربنا كرمني بيكي و بقيتي على اسمي، هنا أول مرة اعترفت بحبي و هنا أول مرة عيطتي قصادي و هنا أول مرة اتكلمنا في موضوع خوفك، و هنا كانت أول مرة تطمنيني إنك عاوزاني معاكي، و هنا برضه هنتكلم عن اللي مزعلك، يلا ورايا"
تمكنت منها الدهشة حينما ذكرها هو بتفاصيلهما سويًا و حينما أتى بها إلى ذلك المكان، نزلت هي خلفه و كأول مرة لهما معًا وجدته يمسك يدها حتى ينزل بها الدرجات الصغيرة المؤدية أمام نهر النيل، كانت تسير معه و هي تتذكر أيامهما الأولى و البسمة العذبة تزين وجهها، فوجدته يقترب منها عند نفس المقاعد الرخامية و هي معه تجلس بجانبه.
____________________
جلست «هدير» تشاهد التلفاز بمللٍ غير قادرة على الخروج من ذلك الجو الكئيب، فبعد بكاءهما معًا تناولا فطورهما سويًا تحممت ثم قامت بتأدية فروضها و سار اليوم على ذلك المنوال بعدها جلست على الأريكة و هو في الداخل انسحب من أمامها حتى يترك لها المجال تتحرك في الشقة كما تريد، و فجأة وجدته يقترب منها وهو يقول بمرحٍ:
"مساء الخير يا فندم، حضرتك تؤمري بأي حاجة؟"
ابتسمت على طريقته ثم حركت رأسها نفيًا، جلس هو ينظر أمامه على الشاشة و ما تشاهده فقال بسخرية:
"بتتفرجي على الظالم و المظلوم ؟! هي ناقصة اكتئاب يعني يا هدير؟ دا الدموع من امبارح فتحت في وشنا زي الخزان المخروم"
ضحكت باتساع على سخريته ثم حركت كتفيها بقلة حيلة، فوجدته ينسحب من جانبها ثم اقترب من الشاشة و قام بوضع فلاشة بها و هو يقول بمرحٍ:
"وليد قبل كدا اداني الفلاشة دي و قالي عليها أفلام عبلة بتحبها، ما تيجي نشوف كدا بتقول إيه"
أومأت له موافقة فوجدته يجلس بجانبها من جديد ثم أمسك جهاز التحكم يُقلب بين محتويات الفلاشة و فجأة اتسعت ضحكته وهو يقول بسخرية:
"هي العيلة كلها عندها عرق عبط بالوراثة؟ دي افلام كارتون، خلاص بقينا عيال للدرجة يعني"
ابتسمت هي له ثم أمسكت هاتفها تكتب له بمرحٍ:
"لو سمحت متجبش سيرة عيلتنا...دا أولًا، ثانيًا بقى أنا بحب الكارتون أنا كمان على فكرة بس بقالي كتير مش متابعة، أنتَ بقى عندك حاجة غير الظالم و المظلوم"
قرأ رسالتها هو و حينما استشعر المرح في حديثها اتسعت بسمته الودودة ثم ارسل لها:
"طب يا ستي حقك على دماغنا أنتِ و عيلة الرشيد كلها، طالما بتحبي الكارتون شغليلنا حاجة حلوة بقى"
قرأت رسالته هي فاتسعت بسمتها هي الأخرى ثم أخذت الجهاز من يده تختار الفيلم الذي ستشاهده و بعد ثوانٍ وجدها تترك الجهاز من يدها ثم أشارت له حتى يوجه بصره نحو الشاشة، امتثل هو لمطلبها فابتسم بسخرية وهو يقول:
"أخرتها هنتفرج على سمكة تايهة؟ إيه النكد دا يا هدير"
نظرت له بتوعد ثم أمسكت هاتفها ترسل له بسرعة:
"على فكرة بقى حلو و بحبه، لو مش عاجبك ادخل نام يا حسن و أنا هتفرج لوحدي"
حرك رأسه نفيًا باستفزاز ثم قال:
"مش بمزاجك بقى على فكرة أنا كمان بحبه، و هتفرج معاكي عندًا فيكي....ولا أنتِ بجد عاوزاني أدخل تاني.... أهم حاجة تكوني مرتاحة"
سألها بجملته المستفسرة بخوفٍ و ترقب يخشى اجابتها، فوجدها تبتسم له ثم أمسكت هاتفها ترسل له:
"لأ طبعًا خليك...أنا مبحبش أكون لوحدي و مش جاية هنا علشان كل واحد يقعد لوحده...و طالما أنتَ بتحبه اتفرج معايا بقى"
قرأ ما أرسلته له فوجد بسمته تتسع تلقائيًا عند تيقنه من تقبلها لوجوده، فألقى الهاتف من يده اعتدل في جلسته يقترب منها أكثر ثم قام بفرد ذراعها خلفها، حركت رأسها و تصنعت التجاهل فوجدته يقربها منه حتى نزلت رأسها على كتفه، فرفعت رأسها تنظر له بقلقٍ فوجدته يقول بخبثٍ ممتزج بمرحٍ طفيف:
"خليكي كدا بقى دا فيلم كله مياه و توهة و هنغرق و احنا مش معانا عوامات.... رجعي راسك الله يرضى عليكي"
ابتسمت هي على طريقته المرحة فوجدته يمسك رأسها بيده يقربها منه و بيده الأخرى وضعها على كتفها، أما هي أمام ذلك الشعور الغريب الذي شعرت به لأول مرة، تنهدت بعمقٍ ثم ثبتت رأسها على كتفه، ابتسم هو حينما رآى خضوعها بتلك الطريقة، فمد يده ثم ربت على خصلاتها الناعمة و البسمة العذبة تزين ثغره، لا يدري لماذا لكنه يشعر أن له حياة أخرى معها ستزيل معاناة ما شعر هو به من قبل، ابتسمت هي باتساع حينما شعرت بأنامله تمتد داخل رأسها يدلكها بهدوء و لو تستطع التحدث لـ كانت طالبته بالبقاء هكذا بقية عمرها.
___________________
أنهى «عمار» عمله في المركز التعليمي و أثناء عودته لمنزله وهو يشعر بالحيرة و التخبط لا يدري ماذا يفعل، و لماذا هي فقط من يشعر القلب بذلك تجاهها، لماذا يرى فيها استثناء عن الجميع، لا يدري إن كان محقًا أم لا، لكن عيناه تشعر بالراحة عند رؤيتها، و مع زيادة تخبطه وجد نفسه يقف أمام المسجد، تنهد هو بعمقٍ خلع حذاءه و دخل المسجد، فوجد الشيخ «أيوب» و هو شاب من سن «ياسين» و كان صديقًا لهما في الصغر قبل سفره للخارج يكمل دراسته، اقترب منه «عمار» يقول مُرحبًا به:
"السلام عليكم يا شيخ أيوب، وحشتني و الله"
رد عليه «أيوب» بمرحٍ:
"و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته يا عمار، قولتلك بلاش شيخ دي بحس انك داخل تسلم على جدك ..طبعًا دا شرف ليا أني اكون شيخ، بس خليها أيوب بس، زي ما بتنادي أخواتك"
رد عليه هو بطريقةٍ مهذبة:
"شرف ليا و الله، بس أنتَ على راسنا كلنا يا شيخ أيوب، و كلنا بنحبك، المهم قولي أنتَ إيه أخبارك"
ابتسم له برضا ثم قال مجيبًا بنبرةٍ ممتنة:
"الحمد لله في زحام من النعم و كرم ربنا عليا يا عمار، أنتَ إيه اخبارك مش بشوفك تصلي في الجامع يعني بقالك كام يوم"
أومأ له ثم قال مُردفًا:
"أنا الحمد لله ربنا كرمني بشغل في السنتر اللي كنت باخد فيه الدروس، بس فيه مسجد هناك بصلي فيه الحمد لله..."
أومأ له باستحسان ثم سأله بتشككٍ:
"إيه سبب الزيارة الكريمة دي طيب، أكيد احتارت علشان كدا جيت هنا"
تنهد «عمار» تنهيدةٍ قوية ثم قال بهدوء:
"أنا فاكر لما كنت في ثانوية عامة أنا جيتلك علشان كنت خايف و محتار و كنت حاسس اني بذاكر على الفاضي و مش هوصل لحاجة، ساعتها أنتَ سألتني عن جدولي و فرحت لما شوفته علشان ياسين كان حاطط الصلاة و ورد القرآن أساسي في الجدول، ساعتها قولتلي إن حيرتي دي طبيعية و لما احتار تاني أجي بيت ربنا و هنا هلاقي الطريق الصح...صح؟"
أومأ له «أيوب» بـ حيرة فوجده يقول بنبرةٍ مهتزة:
"أنا دلوقتي محتار....مش عارف أنا صح ولا غلط بس واثق إن إجابة السؤال هلاقيها هنا"
رد عليه «أيوب» بنبرةٍ مُشجعة:
"اتكلم يا عمار مالك، قولي و أنا معاك أهو و ربنا يجعلني سبب لرشدك"
أومأ له إيماءة بسيطة ثم باغته بسؤاله الغير متوقع:
"هو الحب حرام يا شيخ أيوب؟"
ابتسم له ثم قال بنبرةٍ مرحة:
"الحكاية فيها حب ؟...لأ يا عمار الحب مش حرام"
سأله «عمار» بتعجبٍ:
"طب لما الحب مش حرام ليه مينفعش نتكلم مع اللي بنحبهم"
رد عليه بحكمة مُردفًا له:
"علشان اللي بيحصل باسم الحب يا عمار، الناس بقت بتستغل الكلمة دي في أغراض بشعة علشان توصل لهدفها، الحب دا معنى جميل و من أسمى المشاعر اللي ربنا خلقها في البشر، لأن هما بفطرتهم مُحبين .... لكن الحب مش حرام أبدًا"
سأله «عمار» بنبرةٍ تائهة:
"طب لو هو مش حرام فعلًا، ليه مروحش أقول للي بحبه أني بحبه و خلاص، أحسن ما افضل كاتم المشاعر دي"
أجابها هو بهدوء يردف له أكثر:
"علشان العلاقات العاطفية في السن الصغير دا و بدون روابط شرعية بتكسر القلوب و بتسبب جروح صعب تدواى مع الزمن، علشان كدا ربنا سبحانه وتعالى حرمها حفاظًا على سلامة القلوب، لأنها عاملة زي الحبل اللي بيلف حوالين رقبتك يا عمار، واحدة واحدة تلاقي نفسك بتقع في معاصي و ذنوب أكبر من طاقتك، و تلاقي نفسك في الأخر محروم من الحاجة اللي حبيتها، علشان البداية كانت غلط"
تفهم «عمار» حديثه و أدرك مقصده لذلك قال بهدوء:
"أنا حبيت واحدة...شوفتها كام مرة و غصب عني حسيت بمشاعر ناحيتها، بس و الله العظيم عمري ما حاولت اتكلم معاها، دايمًا محافظ عليها حتى من مجرد نظرة عين، علشان أنا نفسي ربنا يكرمني بيها"
ابتسم له «أيوب» ثم قال:
"ما شاء الله يا عمار، أنتَ راجل ناضج مش مجرد عيل صغير، عامر كان علطول يقول إنه عاوز يزرع فيك الرجولة من صغرك و بصراحة اخواتك نجحوا في دا"
بادله «عمار» البسمة بمثيلتها وهو يقول بحب:
"هما الأربعة علموني كل حاجة في حياتي، كبرت و وعيت على الدنيا بوجودهم فيها، أي قرار باخده في حياتي بيكون بعد اتفاقهم عليه، و دلوقتي برضه أنا خدت قراري بعد كلامهم"
سأله «أيوب» بهدوء:
"قولي يا عمار أنتَ بتشوف البنت دي؟ يعني بتتعاملوا سوا"
أومأ له بخجلٍ ثم قال:
"مش بايدي و الله بس هي جت تاخد دروسها في نفس المكان اللي أنا بشتغل فيه و غصب عني هي قصادي علطول"
أومأ له مُتفهمًا ثم قال بحكمة:
"بص يا عمار الحب دا هو أساس الحياة و علشان هو شيء بغير ارادتنا ربنا جعل الجواز هو رابط الحب دا علشان كل شيء يكون بالحلال، ربنا خلق سيدنا أدم في الجنة لوحده و لما سيدنا أدم افتقد الونس ربنا خلق أمنا حوا من ضلعه يعني من جنب قلبه، الجواز هو شيء عظيم بيربط قلوب المحبين ببعض، إنك تحب دا شيء كويس، لكن إزاي تحافظ على الحب هو دا السر"
سأله «عمار» بتعجبٍ من حديثه:
"سر ؟! سر إزاي يعني"
رد عليه مُردفًا:
"إنك تحافظ على قلبك و قلب اللي بتحبه من الوجع، إنك تبعد عن الذنوب والمعاصي اللي ممكن تدخل بينكم، إنك متغضبش ربنا فيها علشان ربنا يجمعك بيها، إنك تدعي ربنا يجمعك بيها علشان الطريق يسهل عليكم، حافظ على نفسك و عليها علشان تبقى هي مكافأتك في الدنيا"
ابتسم له باتساع ثم سأله ببلاهة:
"يعني الحب مش حرام ؟!"
حرك رأسه بيأسٍ تزامنًا مع ضحكته الطفيفة ثم بهدوء:
"الحب لو حرام مكانش سيدنا محمد صلَّ الله عليه وسلم حب و دا ظهر من قوله:
لم يخْجَل حين قال
{خشِيت على نفسي فذهبتُ إلى خديجة }
لم يذهب إلى قبيلتهِ ولا عشيرتهِ اللّذان هما الأحَق...كأنّهُ أرادَ إخبارَنا فيما بعْد
"خديجة هي قبيلتي وكل أُناسي"
إنه الحَبيب المُصطفى الذي علَّمنا كيف يكُون الحب حقاً...صلُّوا عليهِ وسلِّموا تسْليمًا، ولا قول الإمام على -
"لا خَيرَ بَعدكِ في الحيَاةِ وَإنّمَا أَبكي مَخافةَ أن تطولَ حيَاتي."
- الإمَام عليّ لفاطِمَة بعدَ وَفاتِها.
تفتكر كل دا و الحب حرام ؟ إحنا اللي بنعمل الغلط و نرجع نحرم في الحلال علشان بنغلط و نمشي في غلطنا أكتر، عندك أهو اخواتك الأربعة ربنا كرمهم و اتجوزوا علشان مفيش واحد فيهم عمل حاجة حرام، و أسأل أي واحد فيهم هتلاقيه فرحان علشان اختياره كان بالحلال، و أكبر مثال فيهم دكتور ياسر شوفت كام مرة قصادك يجي يدعي ربنا يجمعه بيها و عمره ما فكر يعمل حاجة غلط و لا تغضب ربنا، و في الأخر الحمد لله ربنا كرمه و جمعه بأمنيته، الفكرة يا عمار إن أي حاجة هتغضب ربنا علشانها هتتحرم منها و هتدوق وجع فراقها، لأن بدايتك فيها كانت غلط"
ابتسم له «عمار» بحبٍ ثم قال:
"أنا اختارت صح لما جيت هنا، ربنا يكرمك يا شيخ أيوب و عاوزك تدعيلي ربنا يكرمني".
___________________
أمام نهر النيل و مع نسمات الهواء الدافئة التي داعبت وجهيهما ابتسمت هي باتساع و هي تتنفس الصعداء بعمقٍ و هو يراقبها باهتمام حتى اتسعت بسمته على ملامحها ثم قال بهدوء:
"أحسن دلوقتي ولا لسه فيه حتة هطل عندك، طمنا عليك يا نجم"
نظرت له و هي تبتسم ثم قالت:
"أنا كويسة علشان معاك و فرحانة بوجودي جنبك، غير كدا بصراحة مش فارقلي يا ياسين"
اقترب منها أكثر في جلسته ثم سألها بنبرةٍ مقررة:
"و أنا أتمنى ان كلامك يكون صح و مش مع أول حاجة تزعلك تاخدي جنب مني علشان أنا مينفعش تزعلي مني أصلًا"
أومأت له مؤكدة ثم أضافت:
"بص علشان مبقاش كدابة يعني أنا اتضايقت لما شوفتها علشان حسيت إنها قللت مني و هي معاها حق فعلًا إن مستوى تعليمها أحسن مني و يمكن جمالها ما شاء الله مُبهر أوي، حسيت ساعتها إني فاشلة و ضيعت عمري كله من غير أي نجاح يذكر فيه.... بس برضه سرحت أكتر افتكرت إنك بتحبني كدا يعني أنا لو وحشة مش هشوف الحب في عينك كدا يا ياسين"
زفر هو بقوة ثم رد معقبًا:
"قولتلك قبل كدا إن أنا فخور بيكي أيًا كان اللي بتعمليه يا خديجة، أنا عيوني ملهمش غير عيونك أنتِ، و مش نجاح و لا شغل و لا جمال حد هو اللي بيحدد قيمته يا خديجة، اللي بيحدد قيمة البشر هو قلبهم و طيبتهم و قدرتهم على فرحتهم لغيرهم، تقدري تقوليلي واحدة زي نسرين دي لما شافتك شوفتي في عينها فرحة ليكي؟ خالص....دا يدل على إن الشخص دا ملوش قيمة أصلًا، طول ما فرحة غيرك مسببة ليك زعل يبقى أنتَ إنسان ناقص و غير سوي نفسيًا و هي معندهاش سلام نفسي فاكرة إن الحياة صراع و حرب علشان مين أنجح و مين أشطر و نسيت إن الكرم كله من عند ربنا و إن الأرزاق بيده سبحانه و تعالى
و بعدين هي لو قللت منك أنا مسكتش و عمري ما أسمح حد يزعلك و لا حد يفكر يهينك و أسكتله، علشان كرامتك من كرامتي و أهم كمان"
ابتسمت باتساع حتى أوشك فمها على التيبس فوجدته يزفر بضيق ثم قال بهدوء:
هحكيلك حدوتة حلوة أوي يا خديجة،
"فيه واحد يا خديجة لقى حجر كريم نادر أوي و ابنه معاه، المهم ابنه سأله هنعمل بيه إيه مش هنعرف نتصرف بيه، أبوه قاله هتروح أربع أماكن و كل مكان فيهم تروحوا تقولهم عاوز أبيع الحجر دا و كل ما حد يسألك على سعر شاور بإيدك رقم اتنين و تعالى قولي عملت إيه من غير ما تبيعه"
كانت تنصت له بحماس و بكامل تركيزها فوجدته يضيف من جديد بعدما تأكد من انصاتها له:
"المهم اليوم الأول الولد راح فعلًا لمكان صغير زي محلات الخردة و قالهم عاوز أبيع الحجر دا و لما سأله على السعر الولد شارو بايده على رقم اتنين، الراجل ساعتها قاله ٠٠ ٢ جنيه ؟ المهم الولد سابه و مشي و راح مكان تاني خاص بالتحف بس كان على قده شويه، ساعتها الراجل سأله على السعر
الولد شارو بايده على رقم ٢ ساعتها الراجل اتكلم بكل حماس و قاله ٢٠٠٠ جنيه، سابه الولد و مشي و راح لمكان تالت أكبر و أرقى من اللي قبله و برضه سأله على السعر شاور بإيده على نفس الرقم الراجل رد عليه و قاله معقول ٢٠٠٠٠ جنيه، سابه الولد و مشي و راح مكان زي القصر بيفهم في التحف و الانتيكات كويس جدًا، طلعله الولد الحجر و قاله إنه عاوز بيبعه الراجل سأله على السعر، فـ الولد شارو بايده على رقم اتنين ساعتها الراجل قاله مش معقول ٢٠٠٠٠٠ جنيه؟ الولد ساعتها استغرب أوي و بان على وشه الراجل ساعتها قاله إن دا حجر نادر جدًا و إنه موجود في أماكن قليلة أوي علشان لما بياخد طاقته من الشمس بيدي إضاءة و دي معلومة مش كله يعرفها، الولد سابه وراح قال لباباه كل حاجة حصلت، ساعتها باباه قاله إن هيفهموا الغرض من الحكاية و إن كل عين بتشوفك على حسب ما هي متعودة، اللي واخد على الفرحة لغيره هيفرح ليهم حتى لو هو زعلان و اللي واخد دايمًا يعمل قيمة للناس هيشوفهم كلهم حلوين، الغرض التاني إن جمالك في قلبك و إن اللي عارف حقيقتك بجد هو الوحيد اللي هيقدر جمالك و قيمتك، كل مكان فيهم ادى سعر للحجر على حسب تعودهم و على حسب السعر المتداول في إيديهم...ها فهمتي حاجة ؟"
أومأت له بقوة و كأنها طفلة صغيرة تستمع لحديث والدها تزامنًا مع بسمتها التي رسمت على وجهها تزينه، فوجدته يبتسم هو الأخر لها لذلك اقتربت منه تقول بهدوء:
"عارف لو مكناش في الشارع، كنت بوستك و الله علشان الكلام الحلو دا"
ابتسم هو بسخرية تزامنًا مع رفعه لذراعه يلوح به و هو يقول متهكمًا:
"يا شيخة اتنيلي، دا أنتِ مبوستنيش في بيتنا هتبوسيني في الشارع، بطلي فشر بقى"
ردت عليه بحنقٍ:
"تصدق أنا غلطانة و الله، يلا علشان عاوزة أشرب الجهينة ميكس بسرعة"
ضحك هو عليها ثم أمسك رأسها و هو يقول بانفعالٍ زائف:
"يا بت هتشليني .... أنا حاسس أني مخرج عيلة صغيرة"
ابتعدت عنه و هي تبتسم باتساع ثم قالت بمرحٍ:
"يعني هو أنا كبرت يا عم ؟ و بعدين أنا اتحرمت من طفولتي خليني بقى أطلعها عليك"
رغم لمحة الحزن التي ظهرت على وجهه إلا أنه آثر إخفاؤها بقوله المرح:
"و أنا عيوني ليكي يا خديجة، المهم إن بيتي يفضل هو أأمن مكان ليكي في الدنيا"
اتسعت بسمتها أكثر ثم شبكت كفها في كفه بقوة ثم رفعت رأسها تطالعه بحب فوجدته يغمز لها وهو يقول بمرحٍ:
"يلا نروح علشان تبوسيني في البيت طالما حِجتك الشارع"
___________________
نزل «وليد» غرفته ثم جلس بها بعدما بدل ثيابه و تواصل مع أخوته يخبرهم بتفاصيل العمل و بعد إنتهاء المكالمة وقف يستند على مكتبه و رغمًا عنه وقع بصره على صورتهما سويًا أخذ الصورة ينظر لها بأعين دامعة ثم رفع أنامله يتلمسها و رافق فعلته تلك الدموع من مقلتيه نزلت رغمًا عنه و هو يتذكر نظرة اللوم التي طالعته بها و هو يتركها زفر هو بقوة ثم احتضن الصورة و هو يقول ببكاء محدثًا نفسه:
"حقِك عليا و الله....أنا بعمل كدا علشانك أنتِ، مش عاوز وليد القديم يضيعك مني زي ما هو ضاع مني....غصب عني والله....و الله غصب..."
أجهش في البكاء بعد كلمته الأخيرة و الدموع تسيل على وجنتيه و كأنها أمطار موسمية، تحرك نحو فراشه و الصورة في يده ثم ارتمى عليه و بعدها أخرج هاتفه ثم فتحه على صورتها و هي تضحك باتساع فوجد نفسه يبتسم بقوة و كأنها تبتسم له بعدها قام بتكبير الصورة حتى وصل إلى عينيها فتنهد بعمقٍ ثم قال بحب وهو يحدق النظر بهما:
"عيونك لونهم زي العسل الصافي، شفا للقلب و أنا بخت قلبي بعيونك، هما الجنة ليا و من غيرهم أنا فـ غربة اللي زيي يضيع فيها"
____________________
في غرفة «عبلة» جلست هي تبكي بقوة بعد تجاهله لها، فأمسكت هاتفها ثم وضعت مقطع فيديو قصير عبر تطبيق الواتساب و كان المقطع لمغني عربي شهير و كلماتها تعبر عن حالتها معه و هي:
"أحلام بيك افتكرت هحققها و في ليلة نمت مصدقها.....و صحيت لقيتها كلام....و ياريت أنا خدت بالي من الأول كان العذاب مش هيتطول ولا بالندم حسيت...أحلام بيك افتكرت هحققها و في ليلة نمت مصدقها...و صحيت لقيتها كلام"
بعدها جلست تبكي من جديد، فوجدت كلًا من «جميلة» و «طارق» و أحدهما يطرق الباب، فمسحت دموعها بكفيها معًا ثم سمحت لهما بالدخول بنبرةٍ متحشرجة من البكاء، فدخلا سويًا و أول من أمعن النظر في وجهها كان شقيقها، الذي اقترب منها مسرعًا يمسك وجهها بين كفيه و هو يسألها بنبرةٍ متلهفة:
"مالك يا عبلة بتعيطي ليه؟ عينك وارمة من العياط ليه"
أمام لهفة شقيقها عليها احتضنته بقوة ثم بكت بين ذراعيه بقوة، أما فتعجب منها لذلك جلس بجانبها و هي بين ذراعيه تبكي بقوة فحرك ذراعه الحُر ربت عليها و هو يقول بحنانه:
"بس....بس علشان خاطري و عرفيني مالك، مين زعلك يا عبلة"
مسحت دموعها ثم قالت له بنبرةٍ مختنقة:
"محدش زعلني، أنا مخنوقة شوية مش أكتر"
تحدث هو يقول بسخرية:
"و هي الخنقة دي تخليكي تسمعي تامر عاشور و تنكدي على عامة الشعب كدا؟ وليد هو اللي مزعلك صح"
كانت جملته مقررة أكثر من كونها مستفسرة مما جعلها تخفض بصرها للأسفل حتى تهرب من مواجهته لها، فوجدته يزفر بقوة ثم قال:
"يبقى هو، تحبي أطلعله أتكلم معاه علشان و أخليه يعيط زيك كدا، و لا تحبي نفضها سيرة خالص و أخليه يرمي عليكي اليمين ؟"
تدخلت «جميلة» مسرعة و هي تقول:
"أنتَ بتقول إيه يا طارق ؟ لأ طبعًا مينفعش دي مشاكلهم و هما أحرار سوا، لكن إحنا مينفعش نتدخل بينهم"
رد عليها مُردفًا بثبات:
"ليه يعني؟ طالما مش عارف يقدر قيمتها يبقى يسيبها أحسن، من دلوقتي و عمالة تعيط أومال نهايتها هتبقى إيه يعني...خلاص أنا هطلع أقوله يسيبها أحسن"
و قبل أن يهم بالوقوف وجد «عبلة» تمسكه من يده و هي تقول بتوسلٍ ممتزج بالبكاء:
"لأ يا طارق معلش....دي مشكلتي أنا و هو سوا و هنحلها مع بعض، هو أصلًا مخنوق بقاله فترة و أنا علشان كدا مخنوقة"
سألها هو بنبرةٍ أقوى:
"يعني مش عاوزاني أكلمه يا عبلة؟ أنتِ عارفة إنك بنتي و عمري ما أستحمل حاجة عليكي و لا حتى دمعة من عيونك دي"
أومأت له بتفهمٍ ثم أضافت:
"عارفة يا طارق بس علشان خاطري خلينا احنا نتصرف مع بعض بطريقتنا علشان الأمور متاخدش أكبر من حجمها"
وافقتها «جميلة» في الحديث من خلال قولها:
"جدعة يا عبلة، و الله العظيم أنا فرحانة بيكي و بتفكيرك أوي، أصل أنتو الاتنين واحد و الزعل هيصفى بمجرد كلمة حلوة من حد فيكم، لكن الأهل هما اللي بيفضلوا زعلانين و طارق و وليد شكلهم مرتبطين ببعض"
تدخل «طارق» يقول بتوعد:
"بس دا ميمنعش إني برضه هربيه..... علشان عبلة أختي مينفعش تعيط كدا و لا تستاهل إنه يزعلها كدا"
_____________________
في شقة «حسن» تابع هو الفيلم بحماس و هي معه حتى غفت قبل نهايته و هي بين ذراعيه، و بعد نهاية نظر في وجهها فوجدها مستسلمة للنوم العميق و كفها متشبث بملابسه بقوة، فوجد نفسه يبتسم تلقائيًا فوجد نفسه يرفع كفه ثم ربت على رأسها بحنان و هو يتذكر بكاءه معها حينما مدت أناملها تمسح دموعه و كانت هذه أول مرة منذ سنوات تحدث له و فجأة تذكر أن كليهما منذ وجبة الإفطار لم يتناول شيئًا بعدها، لذلك أيقظها وهو يقول متعجلًا:
"هدير ... هدير أصحي يلا"
استيقظت هي منتفضة من بين ذراعيه فوجدته يقول مطمئنًا لها:
"إهدي... إهدي، أنتِ نمتي في نهاية الفيلم و أنا كملته قولت أصحيكي علشان تنامي جوة"
أومأت له موافقة ثم اعتدلت في جلستها على الأريكة و هي تفرك كفيها معًا فوجدته يقول بخبثٍ:
" تعالي يلا علشان تنامي و علشان أغطيكي"
نظرت له بتوترٍ تريد اخباره بجوعها لكنها غير قادرة على ذلك فوجدته يمسك يدها ثم أوقفها و هو يقول بهدوء:
"اللي أنتِ عاوزاه أطلبيه مني علشان دا بيتك، أنتِ هنا ملكيش غيري و لا أنا ليا غيرك يا هدير مش هنروح نقول للجيران عاوزين إيه، المهم أنتِ جعانة؟"
أومأت له موافقة بقوة فوجدته يضحك عليها ثم أمسك كفها و هو يقول:
"طب تعالي معايا المطبخ يمكن نلاقي حاجة حلوة فيه....أصل أنا مبعرفش أطبخ"
ابتسمت هي له ثم أخرجت هاتفها من جيب ردائها ثم أرسلت له بهدوء:
"أنا بعرف أطبخ على فكرة، آه مدخلتش بقالي شهور بس بعرف أطبخ الحمد لله افتحلي التلاجة بس و ملكش دعوة"
أخرج هاتفه يقرأ ما أرسلته له فابتسم لها ثم بدل ملامحه إلى أخرى متوعدة و هو يقول:
"في الأخر طلعتي بتعرفي تطبخي و سايباني لايص في المطبخ لوحدي، حرام عليكي يا ستي"
ابتسمت هي له فوجدته بدلف بها المطبخ ثم قام بفتح الثلاجة الممتلئة بالطعام و المعلبات، نظرت هي باندهاش للثلاجة ثم أرسلت له:
"التلاجة مليانة حاجات كتير تتفع و سريعة، أومال أنتَ متعرفش إزاي"
رد عليها هو بإحراج تزامنًا مع رفعه لكفه يحك فروة رأسه و هو يقول:
"مش عارف أنا قولت لأم أمل تطلب من السوبر ماركت حاجات كتير علشان الشقة كانت فاضية، أنا دفعت الحساب بس مش أكتر"
أومأت له متفهمة ثم اقتربت من الثلاجة و بعد فحصها أخرجت منها علبة كبيرة الحجم و يرافقها علبة صغيرة الحجم، ثم أغلقت الثلاجة، فوجدته يقطب جبينه و هو يسألها بنبرةٍ حائرة:
"هما دول أكل أصلًا ؟ أنا فاكرهم علب أيس كريم و الله و مستغرب حجمهم"
حركت رأسها نفيًا بيأس ثم وضعت الأشياء من يدها بعدها أخرجت هاتفها ترسل له:
"حرام عليك يا حسن هتموتني و الله، دي علبة فراخ جاهزة على التحمير و دي علبة بطاطس زيها برضه جاهزة على التحمير، أي عيل صغير ممكن يعملهم أصلًا"
قرأ رسالتها بعدما وصلته عبر هاتفه، فوجد نفسه يبتسم تلقائيًا لذلك قال هو بحزن مصطنع:
"ربنا يكفيكي شر العذوبية و الوحدة، أنا حافظ رقم مطاعم مصر كلها و بيتي مخروب بالدليفري لو أعرف إن فيه أكل سهل كدا كنت جبته"
ابتسمت له ثم أرسلت له بهدوء:
"حصل خير ، أنا هنا خلاص متشيلش هم حاجة و خصوصًا الأكل"
قرأ هو الرسالة فرفع رأسه يبتسم لها و هو يقول بحب:
"أنا واثق إن فـ وجودك حاجات كتير هتتصلح"
_________________
انتهى اليوم على الجميع منهم من يشعر بالأمل و منهم من يشعر بالخذلان و منهم من يشعر بالانتصار، عدة مشاعر مختلطة على الجميع و في صباح اليوم التالي ذهب الجميع إلى عملهم في يوم روتيني يشبه سابقه، حتى «هدير» غفت بين ذراعيه بعدما تحجج هو بكوابيسها، و في وسط اليوم في عائلة الرشيد ، دخل «أحمد» شقة عمه «محمد» باحراجٍ من الجميع فوجد عمه يقول بحنقٍ:
"أسمع ياض أنتَ لولا هي رجعت من الدرس مش فاهمة حاجة مكانش زماني موافق، قال يعني هي هتركز في الدرس معاك"
ابتسم له باستفزازٍ ثم قال:
"عارف يا عمي، أنا مش جاي علشان أحب أنا جاي علشان أشرحلها اللي مش فهماه و هغور من هنا، عاوز حاجة تانية"
حرك رأسه نفيًا ثم قال بنفس الحنق:
"هعوز منك إيه يعني ادخل يلا علشان تشرح الدرس، ادخلي يا عبلة هاتيله كوباية عصير زيه زي أي مدرس غريب"
حرك رأسه بيأسٍ من عمه ثم جلس أمام «سلمى» على الطاولة، فخرجت له زوجة عمه تقول بمرحٍ:
"عقبال ما ربنا يجبر بخاطرنا و أشوفكم قاعدين كدا يوم كتب الكتاب و المأذون بينكم يا رب"
أخفضت «سلمى» رأسها بخجلٍ بينما «أحمد» اتسعت بسمته أكثر ، لذلك قال «محمد» بحنقٍ:
"ادخلي جوة يا سهير بدل ما أجيب المأذون يطلقنا، أنتِ هتشليني"
لوحت له بكفها ثم قالت بلامبالاة:
"خليك كدا مكلبش فيهم لحد ما يهجوا و يسيبوك"
تدخلت «جميلة» تقول بنبرةٍ ضاحكة:
"بصراحة يا خالو أحمد راجل محترم أوي و صاين العهد، و وليد عبلة مراته يعني أنتَ مزودها شوية"
نظر لها بتعجبٍ ثم قال بحنقٍ زائف:
"بقى كدا ؟ طيب من النهاردة تنامي في أوضة عبلة أو سلمى، طالما أنا مزودها"
تدخل «أحمد» يقول بحنقٍ زائف:
"بقولك إيه يا عمي ملكش دعوة بأختي، هي حرة تعمل اللي هي عاوزاه و تنام مكان ما هي عاوزة، مش عاجبك يبقى تطلع بيت أخوها فوق"
ردت عليه «جميلة» بحب:
"الله يباركلي فيك يا أحمد، تصدق أنا اللي هجوزهالك"
بعد دقائق انسحب الجميع من أمامهما عدا جميلة التي جلست على مقربةً منهما، و «عبلة» التي جلست في الشرفة تتابع الزهور الموضوعة بها، في الخارج شرع «أحمد» في شرح المنهج لـ «سلمى» و هي تنصت له و «جميلة» التي تتابع شرحه باعجابٍ واضح و بعد فترة قصيرة سمعته يقول:
"كدا أنتِ فهمتي الجرامر الباقي بقى عليكي أنتِ علشان كله تبع حفظ الكلمات"
ردت عليه هي بهدوء:
"أنا كانت مشكلتي في تصريفات الأفعال مش أكتر، لكن كدا فهمتها منك حلو أوي و هحل عليها و أبقى أوريك الحل"
أومأ لها موافقًا فوجد «جميلة» تقترب منه تقول بمرحٍ:
"دا أنتَ طلعت مدرس شاطر أهو، عجبتني طريقة شرحك و على فكرة أنتَ هتبقى مدرس شاطر جدًا"
ابتسم هو لها ثم رد معقبًا:
"ربنا يجبر بخاطرك إن شاء الله، بس أنا مش هكمل في مجال التدريس، أنا حابب الشغل مع أخواتي و بصراحة مش حمل أني أناهد مع عيال بقى"
ردت عليه تنفي حديثه:
"بالعكس أنتَ ممكن تكون مدرس ليك تأثير لأنك صبور ماشاء الله مش عصبي و اللي زيك بيكونوا قليلين جدًا"
تدخلت «سلمى» تقول بخجلٍ:
"على فكرة شرحه حلو أوي...أقصد يعني فهمت علشان المعلومة وصلت بسرعة، و فهمت من وليد برضه"
ردت عليها «جميلة» بمرحٍ:
"أنتِ مين قدك أنتِ، أحمد هيذاكرلك انجليزي و وليد هيذاكرلك كيميا و فيزيا و أنا هذاكرلك العربي و طارق الأحياء و الجيولوجيا و الله العظيم لو مطلعتيش من الأول تبقي بتستعبطي"
أتى «محمد» من الداخل يقول بمرحٍ:
"خليها كدا تقصر في دراستها علشان مخليهاش تتجوز أحمد و لا أخليه يشوفها تاني"
تدخل «أحمد» يقول بتوسلٍ:
"أبوس رجلك تذاكري و تجيبي مجموع علشان أبوكي واقف معايا على الزرار، دا بيتلكك"
________________
في شركة أحفاد الرشيد كان ثلاثتهم مع بعضهم يتابعون العمل، فقال «وئام» بنبرةٍ عملية:
"دلوقتي فيه شركة بعتت تصميمات غريبة أنا مش فاهم منهم حاجة و بيقولولي حرك اللوجو شمال شوية، سألت حسن قالي ابعتهم و هو هيتصرف معاهم .... أشيل إيدي خلاص كدا"
أومأ له «طارق» ثم قال بنفس الطريقة العملية:
"خلاص طالما حسن قالك كدا يبقى هو هيتصرف أحسن، روح بس ابعتله الحاجة علشان يخلص الشغل من البيت و يبعته"
أومأ له «وئام» ثم تحرك من أمامهما، أما «طارق» فرفع حاجبه ينظر لذلك المتبلد الذي يجلس أمامه بملامح وجه غير مبالية، لذلك سأله بحنقٍ:
"أنتَ إمتى هتبطل برود و تناحة علشان أنا جبت أخري منك"
زفر بقوة ثم سأله بضيق:
"نعم يا طارق خير؟ مضايقك فـ إيه"
رد عليه «طارق» بحنقٍ:
"هو أنتَ مش شايف نفسك غلطان خالص؟ مزعل عبلة و مخليها تنام معيطة و شايف إن دا عادي ؟ احنا ما صدقنا تكونوا سوا بتبعدها عنك ليه"
نظر لها بتهكمٍ واضح ظهر جليًا فـي نبرته و هو يقول:
"و هي الاستاذة بقى اشتكتلك يا طارق؟ و جاي تحاسبني و لا إيه"
رد عليه «طارق» بانفعالٍ واضح:
"يا بني متعصبنيش بقى، هو دا كل اللي همك؟ هي لو اشتكت أنا هرتاح، لكن أنا بكلمها شيلت نفسها الغلط، و عبلة مبتغلطش نفسها علشان أي حد غير لو هو ليه غلاوة عندها"
أومأ له «وليد» ثم قال بهدوء:
"هو سوء تفاهم و هيخلص إن شاء الله متشغلش بالك أنتَ"
تحدث يقول بنبرةٍ معاتبة:
"يعني هو أنا لو مشغلتش بالي بأخواتي هشغله بمين، أنتَ النهاردة هتيجي معايا نحل سوء التفاهم دا، مش هسيب الزعل يدخل بينكم"
زفر «وليد» بقوة و قبل أن يرد عليه وصلته مكالمة هاتفية من رقم «خالد» تعجب هو حينما رآى رقمه لكنه قام بالرد عليه فوصله صوته يقول بمرحٍ:
"قبل ما تستغرب أني كلمتك حبيت أعرفك إننا هنتجمع عند ميمي النهاردة و عاوزينك معانا"
حمحم «وليد» بقوة ثم قال باحراج:
"خليها مرة تانية يا خالد معلش، ورايا كذا حاجة و عندي مشوار بليل"
رد عليه «خالد» مقررًا برفض:
"مستحيل، أنتَ هتيجي معانا علشان خاطر ميمي حتى، و بعدين يعني هي دي الأخوة اللي بينا"
شعر «وليد» بالاحراج منه لذلك قال بهدوء:
"خلاص متبقاش قفوش كدا، هاجي معاكم بليل، يدوبك اتحرك من الشغل"
كان «طارق» ينظر له بترقبٍ فوجده يقف و هو يقول متعجلًا:
"سلام يا طارق علشان ورايا مشوار مهم، هبقى أكلمك أنا بليل"
قال حديثه ثم أمسك محتويات على عجالة و هو يهرب من نظرات «طارق» المتعجبة منه.
على الجهة الأخرى في سيارة «خالد» تحدث «عامر» يسأله مستفسرًا:
"برضه مش فاهم ليه أنتَ اللي كلمته مش ياسين؟ متحسسنيش أني غبي"
رد عليه «خالد» بسخرية:
"لأ فشر يا حبيبي، أنتَ المفروض تتأكد إنك غبي، بس هقولك أنا، ياسين قال نكلمه علشان يحس إنه مننا و إنه مش غريب وسطنا، يعني هو محروج مننا و فاكرنا مش هنقبله وسطنا"
أومأ له «عامر» بتفهمٍ، فوجده يوقف السيارة أمام أحد الأسواق التجارية الكبرى ثم نظر له و هو يقول بتهديدٍ واضح:
"شوف بقى ..أنا نازل أجيب حاجات ليونس من هنا يمين بالله لو خرجت لقيتك عامل مصيبة لأخلي وقعتك طين فوق دماغك، تستنى بأدب لحد ما أخرج"
رد عليه «عامر» بانفعالٍ واضح:
"فيه إيه يا عم خالد هو أنا عيل صغير؟ عيب عليك أنا راجل محترم و فاتح بيت، متصغرناش بقى يا عم"
أومأ له «خالد» ثم قال بجدية:
"شاطر يا عامر، قول لنفسك بقى الكلام دا لحد ما أخرج من هنا.
___________________
بعد فترة قصيرة من الوقت تقابل كلًا من «ياسين» و «وليد» و «ياسر» أسفل بيت «ميمي» و بعد تبادل التحيات بينهم، سأل «وليد» بتعجبٍ:
"أومال فين عامر و خالد؟ مش المفروض وقتكم واحد"
تدخل «ياسر» يقول مُردفًا:
"هما سبقونا علشان أنا كان عندي حالة مهمة ولازم أتأكد من التقرير قبل ما أمشي علشان كدا اتأخرنا"
أومأ له بتفهم ثم صعدوا معًا إلى الشقة و بمجرد دخولهم الشقة وجدوا المنظر كالمعتاد دائمًا حيث «عامر» فوق الطاولة و «خالد» في الأسفل يقف له بتوعد و هو يقول بضجرٍ:
"انزل يا عامر علشان السفرة جابت آخرها منك و مني معاك"
ضحكوا ثلاثتهم بيأسٍ، أما «وليد» فاقترب منهم يقول بنبرةٍ ضاحكة:
"حصل إيه بقى المرة دي؟ على ما أظن كدا المشاكل عامر خلصها كلها خلاص"
تدخلت «ميمي» تقول بضيق:
"و الله يا بني ما حد عارف، أنا قاعدة فـ أمان ليه لقيت عامر بيفتح الباب و داخل يجري على السفرة و خالد وراه و فـ إيده مولة سرير واخدها من قصاد الجيران"
ضحك الجميع عليهما، فتدخل «ياسين» يقول بهدوء مستفسرًا:
"هببت إيه يا اللي ربنا يريحنا منك؟ هو أنتَ مفطوم على قلة الأدب يالا؟ خلاص مزاج عندك"
رد عليه يقول بقلة حيلة:
"يا جدعان خالد اللي عصبي، و الله أنا كنت بحل موقف، هو اللي جه في الوقت الغلط"
سأله «ياسر» بتهكمٍ:
"خير مين كان مزنوق المرة دي؟ رونالدو بنفسه"
_"ربنا يسامحك يا ياسر بقى أخرتها بتتريق على أخوك، مكانش العشم"
تفوه «عامر» بذلك بنبرةٍ مصطنعة الحزن، جعلت «خالد» يقول بتوعد:
"دا أنا هخلي العشم ينور على كل حتة في وشك يا ابن سيدة"
سأله «وليد» بضجرٍ:
"يا بني أنتَ و هو احكولنا هبب إيه سي زفت"
زفر «خالد» بقوة ثم قال بضيق ممتزج بالانفعال:
"الأستاذ كان معايا و احنا راجعين من الشغل المهم وقفت قدام كارفور علشان أجيب حاجات ليونس، و سبت العربية قدام السوبر ماركت حلو؟"
_"حـــــلــــــو"
خرجت من الجميع في آنٍ واحد، فأكمل هو حديثه بنفس النبرة:
"أخرج و أنا شايل الحاجة ملقيش العربية و لا الأستاذ و أفضل ألف عليهم زي البطة البيكيني اللي ضايع منها عيالها"
نظروا جميعهم لـ «عامر» الذي ازدرد لعابه بخوفٍ فأضاف «خالد» يقول بصوتٍ جهوريًا:
"و بعد ربع ساعة تدوير على الأستاذ ألاقيه في الجراج بيلعب بعربيات السوبر ماركت مع العيال الصغيرة و مش بس كدا، دا كمان ضارب عيل صغير جوة علشان يركب العربية مكانه، و اللي زاد و غطا و أنا خارج بيه لقيت الأمن بيوقفني بالعربية علشان البيه مشغل أغاني في العربية و بيرقص جنبها فكرها حنة أمه"
ارتفعت الضحكات عليه فقالت «ميمي» بقلة حيلة:
"يخيبك يا عامر، أكبر بقى أنتَ مش صغير على حركاتك دي، أنتَ راجل مسئول دلوقتي"
رد عليه مردفًا بخوف:
"و الله فيه واحدة كانت بتدور على ركنة و أنا حليت الموقف و سبتلها المكان و دخلت الجراج أستناه زهقت قولت أشغل مهرجان حلو كدا لحد ما يجي، ببص لقيت العيال بيلعبوا روحت ألعب معاهم، مش ذنبي أني جوايا طفل صغير"
أنزله «وليد» و هو يقول بهدوء:
"طب خلاص بقى علشاني أنا يا خالد، و بعدين هو أنا جاي علشان أشاهد جمال أهاليكم على الترابيزة دي ولا إيه؟"
رد عليه «ياسين» بمرحٍ:
"لا إحنا جايين ناكل الرز بلبن بتاع ميمي، و قولنا لازم تدوقوا معانا"
اقترب منها «عامر» يقول بحماس:
"بقولك إيه شيلتي الحَلة اللي فيها البواقي على جنب و لا... غسلتيها"
خرجت كلمته الأخيرة باحباطٍ واضح جعلها تضحك بقوة ثم ربتت على كتفه و هي تقول بنبرةٍ ضاحكة:
"شيلتها متخافش، هتلاقيها جوة و متغطية على البوتجاز"
بعد مرور دقائق التفوا جميعًا حول الطاولة و هي معهم، و كلًا منهم أمامه طبق كبير من الحلو التي قامت بصنعه هي، فتحدث «ياسين» بعدما تذوق الحلو قائلًا باعجاب شديد:
"تسلم إيدك يا ميمي، و الله ما حد بيعرف يعمل رز بلبن حلو زيك كدا، جامد"
ردت عليه هي بحب:
"ألف هنا و شفا على قلبك يا حبيبي، ألف هنا و شفا على قلوبكم كلكم"
رد عليها «وليد» بمرحٍ:
"بصي أنا مليش في الحلويات بس هو مغري أوي يعني تسلم إيدك بجد و الله"
تدخل «ياسر» يقول بمرحٍ:
"أنا مش هقول لإيمان علشان متزعلش منك، و علشان أنتِ عارفة إنها بتحب الرز بلبن بتاعك"
ضحكت هي باتساع ثم قالت:
"ريح نفسك أنا عاملة حساب البنات و كل واحد فيكم هياخد علبتين و هو ماشي، كالعادة واحدة يفطر بيها الصبح و واحدة لمراته، علشان ميتنكدش عليكم بسببي"
رد عليها «خالد» بطريقةٍ مسرعة:
"الله يرضى عليكي، كفاية نكد يوم الماتش بسبب عديم الأدب دا، مش ناقصة نكد بقى"
ابتسم «وليد» بسخرية و هو يقول:
"للأسف أنا ظالم و منكد عليها بقالي كام يوم و شكلي هنكد كام يوم كمان"
نظر له الجميع بدهشة فقال هو مُردفًا بنبرةٍ مهتزة:
"فترة خطوبة بقى و بنشد و نرخي، بس بصراحة أنا شديت جامد"
سأله «عامر» بطريقة درامية:
"بقولك إيه لقحت عليك ؟"
حرك رأسه نفيًا بهدوء فوجده يضيف:
"طب بتسمع مين من ساعة ما زعلتها"
حرك «وليد» كتفيه ببساطة وهو يقول:
"مش عارف بس أنا مش بفتح أصلًا نت كتير و لا بشوف أي حاجة لأي حد"
ضيق «عامر» جفنيه بشدة ثم قال بهدوء غريب:
"ركز معايا يا بني، طول ما هي ساكتة و ملقحتش عليك يبقى تخاف و تقلق، و طول ما هي قافلة نت تخاف أكتر، شوفها بس منزلة إيه أخر حاجة"
أومأ له «وليد» ثم أخرج هاتفه و قام بتفتح تطبيق الواتساب ثم قام بالبحث عن إسمها فوجد المقطع التي قامت هي بتنزيله، فرفع الصوت و هو يقول بنبرةٍ مهتزة:
"هي .... هي منزلة دي، معناه إيه يا عامر"
رد عليه «عامر» بنبرةٍ مشفقة:
"لأ لأ ... يا ستار يا رب دي بتسمع تامر عاشور، يعني دخلت في سكة الطلاق"
تدخل «ياسر» يسأله حائرًا:
"ماله يعني تامر عاشور يا عامر؟ هتلاقي الأغنية حزينة و عجبتها مش أكتر"
رد عليه هو بسخرية:
"تامر عاشور دا سارة سابتني مرتين بسببه، بس أنا كنت برد عليها بأغاني عبدالباسط حموده"
تدخل «ياسين» يقول بهدوء:
"أحسن حاجة إنك تحل الموقف بسرعة و متسبش تراكمات بينكم، لأن عمومًا الستات بيفرق معاها مدة الزعل أكتر من إنك تصالحها، ربنا يصلح بينكم إن شاء الله"
تدخل «عامر» يقول بمرحٍ:
"ركز معايا يا عم وليد علشان أنتَ بقيت أخويا، أنا هبعتلك فيديو دلوقتي تنزله على الواتساب بليل، الصبح هتلاقيها بتكلمك"
نظروا جميعهم له فرفع حاجبه يقول بخبثٍ:
"عاوزين نصون الوعد و لا يفرقنا بُعد"
قبل أن يستفسر «وليد» منه وجد هاتفه يصدح برقم «خلود»، فرد عليها هو بهدوء وجدها تقول بتلهفٍ:
"وليد لو مش وراك حاجة تعالى معايا علشان عندي درس الساعة ٨ و هرجع الساعة ١١ و أحمد مش هنا نزل مع ماما"
سألها هو بتعجبٍ:
"و هو فيه حد يدي درس الساعة ٨ بليل يا خلود؟ دا إيه الغباء دا"
انتبه «عامر» عند ذكر إسمها لحديث «وليد» فوجده يقول بقلة حيلة:
"خلاص يا خلود أنا جاي اجهزي أنتِ أنا قريب من البيت أصلًا، بس أنا هستنى هناك و لا أرجع تاني"
ردت عليه هي بضيق:
"مش عارفة يا وليد، تعالى بس وصلني علشان الوقت متأخر و المكان هناك وحش بليل و ابقى ارجع خدني تاني"
أغلق معها الهاتف و هو معتذرًا:
"معلش بقى خلود عندها درس متأخر و هروح أوصلها، علشان أحمد مش في البيت"
تدخل «عامر» يقول مسرعًا:
"طب ما عمار أخويا هناك، اطمن عليها و متقلقش"
نظر له الشباب جميعهم بضجرٍ و توعد عدا «وليد» الذي نظر له بحنقٍ رافعًا أحد حاجبيه، فأضاف هو بتلعثمٍ واضح:
"أنا...أنا قصدي يعني...إنه زي أحمد و هيخلي باله منها علشان هي تبع ياسين"
أومأ له «وليد» باستحسان ثم أضاف:
"معلش علشان الطريق زحمة و بعدين خلود مش بتحب تتحرك لوحدها علطول سلمى ملازماها"
قال جملته ثم وقف هو يقول بهدوء:
"عن إذنكم و هبقى أكلمكم أنا و نتقابل تاني"
بعد حديثه مال على يد «ميمي» ثم قبلها بعدها نظر لها يقول بحب:
"تسلم إيدك على الرز بلبن، دي أول مرة أكله في حياتي علشان أنا مش بحبه"
ربتت هي على رأسه ثم قالت بهدوء:
"ألف هنا و شفا، وعد مني أعملك مرة لوحدك و تاكل فيه براحتك، أنا حبيتك أوي زيهم بالظبط"
أومأ هو لها موافقًا ثم لوح بيده للجميع و انسحب من أمامهم، و بعد مرور نصف ساعة توقف بسيارته أسفل بنايتهم، فوجد «خلود» تركض له ثم جلست بجانبه و هي تقول:
"بسرعة علشان فاضل نص ساعة بس و المكان أكيد زحمة"
أومأ لها ثم سألها بهدوء:
"هو عمار دا هناك علطول، يعني هروح ألاقيه هناك"
أومأت له موافقة ثم قالت:
"آه هو مشرف في السنتر مش تبع مدرس"
أومأ لها موافقًا ثم شرع في تحريك مقود السيارة، و بعد ما يقرب العشر دقائق أوقف السيارة أسفل المركز التعليمي، ثم نزل و هي خلفه صعد هو أولًا و هي خلفه و قبل دلوفهما وجدته يمسك كفها بقوة ثم اقترب من مكتب الاستقبال و هو يقول بنبرةٍ جادة:
"لو سمحت يا كابتن عاوزين نحجز درس تانية ثانوي بتاع التاريخ"
رفع «عمار» رأسه يطالعه حتى وقع بصره عليها و هي تمسك يده بقوة، شعر بالضيق منها لذلك رفع رأسه يطالعها بحدة، فبادلته هي النظرة بأخرى جامدة، أما «وليد» فتابع نظراته بخبثٍ و حينما طال صمته، قال بنبرةٍ جامدة:
"ركز معايا يا أستاذ، عاوزين نسجل للآنسة، فيه ولا نروح"
زفر «عمار» بقوة ثم قال بهدوء حاول الاتسام به:
"فيه يا فندم، الدرس فاضل عليه تِلت ساعة تقريبًا، بس هو مين حضرتك أول مرة أشوفك هنا مع الآنسة"
كان يسأله بنبرةٍ حزينة مهتزة، و قبل أن تتحدث «خلود» و جدت «وليد» يضغط على يدها ثم قال هو بثباتٍ:
"لأ ابدًا أنا خطيب الآنسة مش أكتر"