رواية أرقام فى العتمه الفصل الرابع عشر 14 بقلم اسماعيل موسى

 

 رواية أرقام فى العتمه الفصل الرابع عشر بقلم اسماعيل موسى

#ارقام_فى_العتمة

الاخيره

#أرقام_في_العتمة

15

في المساء، اجتمع سامر، زياد، وتقى في القاعة الجانبية المجاورة للقاعة الرئيسية، حيث وُجدت المعادلات الغامضة. القاعة الجانبية تُستخدم عادةً كمكان للدراسة الجماعية، مما يجعل وجودهم هناك طبيعيًا وغير مشبوه.

زياد جلس على طاولة بجوار النافذة الزجاجية المطلة على القاعة الرئيسية، بينما تقى وقفت بجانبه، تتفحص المشهد الخارجي بعناية. سامر كان يراجع ملاحظاته على حاسوبه المحمول.

"هل تعتقد أن هذا الشخص سيظهر الليلة؟" سأل زياد، وهو يحاول كسر الصمت.

"علينا أن نتحلى بالصبر،" أجاب سامر دون أن يرفع عينيه عن الشاشة. "إذا كان لديه هدف حقيقي، فسوف يعود."

تقى، التي بدت أكثر تركيزًا من الجميع، قالت بهدوء:
"ليس من الضروري أن يظهر الليلة، لكن إن كان يعرف أننا نراقب، فقد ينتظر اللحظة المناسبة."

---

مرت الساعات ببطء، والقاعة الرئيسية ظلت مظلمة وخاوية. عند منتصف الليل، تحرك ظل شخص باتجاه القاعة. فتح الباب ودخل بهدوء.

زياد همس باندفاع:
"ها هو! الشخص الذي نبحث عنه."

لكن تقى، التي كانت تراقب بحذر، قالت:
"انتظر... إنه عامل النظافة."

الشخص الذي دخل كان شابًا صغيرًا يرتدي زيّ العمل الخاص بالنظافة. كان يحمل دلوًا وممسحة، وبدأ بتنظيف الأرضية بهدوء.

"إنه مجرد عامل يؤدي وظيفته،" قال سامر، واضعًا يده على كتف زياد الذي بدا وكأنه يريد النهوض.

راقب الثلاثة الشاب وهو يعمل بصمت، لم يقترب من السبورة، ولم يتوقف عن التنظيف، بعد دقائق، أنهى عمله، جمع أدواته، وغادر القاعة كما دخلها، دون أن يفعل شيئًا غير عادي.

"لا أعتقد أنه الشخص الذي نبحث عنه،" قال زياد وهو يتنهد بخيبة أمل.

تقى، رغم ذلك، لم تكن مقتنعة تمامًا. كانت تشعر أن هناك شيئًا غريبًا، لكنه لم يكن واضحًا بعد.

---

في صباح اليوم التالي، عاد الثلاثة إلى القاعة الرئيسية للتحقق. كان الجو هادئًا، لكن تقى شعرت بشيء غير مألوف عندما اقتربت من السبورة، توقفت فجأة، ورفعت يدها نحو الكلمات المكتوبة.

"هذه المعادلة... لم تكن هنا بالأمس!"

سامر وزياد اقتربا بسرعة. على السبورة ظهرت معادلة جديدة مكتوبة بدقة:

∇²φ - ∂²φ/∂t² = ρ(x, t)

زياد حدق في المعادلة، ثم قال:
"هذا مستحيل! لقد راقبنا القاعة طوال الليل. لم يدخل أحد سوى عامل النظافة."

سامر، الذي بدا أكثر هدوءًا، قال:
"إذا كانت هذه المعادلة قد كُتبت بعد رحيلنا، فهذا يعني أن من كتبها يعرف متى نغادر... أو أنه كان هنا طوال الوقت."

تقى كانت تحدق في المعادلة بصمت، ثم همست:
"هذه ليست مجرد معادلة. إنها رسالة."

---

في نفس اللحظة، دخل عامل النظافة القاعة لتنظيفها كعادته، توقف عند الباب عندما لاحظ وجودهم، ثم قال بهدوء:
"هل أبدأ الآن، أم أنتظر حتى تنتهوا؟"

سامر، الذي كان غارقًا في التفكير، أومأ برأسه. "ابدأ. لا بأس."

الشاب تقدم نحو الطاولات، وبدأ بتنظيفها بدقة، كما لو أن وجودهم لا يعني له شيئًا، لكن زياد لم يستطع كبح فضوله. وقف وتوجه نحوه، ثم قال بابتسامة ودية:
"أنت تعمل هنا منذ فترة، صحيح؟"

الشاب، دون أن يرفع عينيه، أجاب:
"نعم، منذ عام تقريبًا."

زياد تابع:
"هل لاحظت أي شيء غريب في القاعة؟ أي شخص يدخلها ليلاً؟"

الشاب توقف عن العمل للحظة، ثم رفع رأسه ونظر إلى زياد بهدوء:
"أنا أنظف فقط. لا ألتفت إلى أمور أخرى."

---



بعد أن أنهى الشاب عمله، غادر القاعة بصمت، تاركًا الثلاثة في حالة من الحيرة. زياد قال باندفاع:
"لا أستبعد أنه يعرف شيئًا،هل رأيتم كيف كان هادئًا؟ كأنه يخفي شيئًا."

سامر، الذي كان يراقب الباب الذي خرج منه الشاب، قال:
"لا تستعجل. دعنا ننتظر،إذا كان هو من يكتب هذه المعادلات، فسنكتشف ذلك قريبًا."

تقى، التي كانت تراقب من بعيد، لم تقل شيئًا. لكن داخلها شعرت بأن اللغز يقترب من نهايته... وأن الحقيقة ستظهر قريبًا، مهما كانت صادمة.

---

ليالٍ طويلة، ظل سامر يسهر في القاعة الجانبية، يراقب القاعة الرئيسية عبر النافذة، كل ليلة، كان يجلس بصمت، يحدق في الظلال التي تتحرك على الجدران، ويحاول استباق ظهور الشخص المجهول الذي يكتب تلك المعادلات.

ورغم يقظته، لم يكن يرى سوى شيء واحد ثابت: عامل النظافة.

الشاب يدخل كل ليلة، يحمل أدواته، ينظف الأرضية بعناية، ويرحل. لم يكن يظهر أي اهتمام بالسبورة، ولم يُظهر أي شيء غير عادي، ومع مرور الأيام، بدأ سامر يشعر بأن هذا البحث قد أصبح عبثيًا.

---

في إحدى الليالي، بينما كان سامر جالسًا في مكانه المعتاد، يشعر بثقل اليأس يجثم على قلبه، قرر إنهاء كل شيء،قام ودخل القاعة الرئيسية، وقف أمام السبورة، يتأمل المعادلة الأخيرة التي ظهرت قبل أيام.

"ربما يجب أن أترك الأمر،" قال لنفسه.

أمسك بالممحاة، وبدأ بمسح المعادلة،لكن قبل أن يكمل، التقطت أذناه صوتًا خافتًا خلفه،التفت بسرعة، فرأى ظلاً يتحرك عند طرف القاعة.

هناك، تحت الضوء الخافت، كان شخص يرتدي قناعًا بسيطًا يكتب على السبورة.

"توقف!" صرخ سامر، وركض نحوه.

لكن الشخص، وكأنه كان يتوقع هذا، قفز بعيدًا، وركض باتجاه الباب، سامر لم يتردد للحظة، وتبعه إلى الخارج.

---

كانت المطاردة تحت جنح الظلام، عبر ممرات الجامعة المهجورة. الشخص المجهول كان سريعًا، يتحرك بخفة كأنه يعرف المكان جيدًا. سامر، رغم محاولاته الحثيثة، لم يتمكن من اللحاق به.

في النهاية، توقف عند زاوية أحد الممرات، يلهث من التعب، بينما الشخص المجهول اختفى في العتمة.

---

في اليوم التالي، بينما كان سامر يحاول استيعاب ما حدث، وكان فى مكتب رئيس الجامعه الذى تلقى اتصالًا أخبروه أن عامل النظافة قد قدم استقالته فجأة، دون تفسير.

انتبه سامر فجأه
عامل النظافه استقال؟
ثم فكر فى سره ورغم أن الخيط بدا ضعيفًا، إلا أن شيئًا داخله دفعه إلى متابعة الأمر. طلب من الإدارة عنوان العامل السابق، وأخبرهم أنه بحاجة إلى مقابلته لأمر عاجل.

---

وصل سامر إلى العنوان: بناية قديمة تقع في حي شعبي، مدخلها يقود إلى بدروم أرضي مظلم.

نزل الدرجات الحجرية بصعوبة، ورائحة الرطوبة تملأ المكان، عند الباب، طرق عدة مرات قبل أن يُفتح الباب ببطء.

---

داخل الغرفة، لم يكن هناك شيء سوى سرير بسيط، طاولة صغيرة، وأهم ما لفت نظر سامر: الجدران المغطاة بالمعادلات.

كل زاوية، كل مساحة خالية، كانت مملوءة برموز رياضية معقدة ورسومات بيانية، بعضها مألوف، وبعضها أشبه بشيفرات غامضة.

"كل هذا... كنت تكتبه هنا؟" سأل سامر وهو يتفحص الجدران.

الشاب، الذي جلس على الكرسي الوحيد في الغرفة، أومأ برأسه.
"لم يكن لدي مكان آخر، الجامعة كانت فرصتي الوحيدة،كنت أحضر المعادلات إلى هناك، وأتركها خلفي."

سامر وقف صامتًا للحظة، ثم سأل:
"لماذا؟ لماذا كل هذا؟"

الشاب نظر إليه بعينين متعبتين، وقال:
"لأنني أردت أن أُسمَع. لكن لم يكن لدي صوت."

---

في اليوم التالي، عاد سامر إلى الجامعة ومعه طلب رسمي لإدارة الجامعة، يطالب بالسماح للشاب بحضور المحاضرات، حتى وإن لم يكن طالبًا مسجلاً.

"هناك عبقري هنا،" قال سامر لرئيس الجامعة. "شخص نحتاجه أكثر مما يحتاجنا."

الرئيس نظر إلى سامر بدهشة، لكنه وافق أخيرًا.

---

وفي القاعة التي بدأت منها الحكاية، جلس الشاب لأول مرة بين الطلاب، ينظر إلى السبورة الفارغة، بينما سامر يقف أمامه مبتسمًا.

"لنبدأ من البداية،" قال سامر.

لكن الشاب، بابتسامة خافتة، قال:
"لا، دعنا نبدأ من حيث انتهت المعادلات."


انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم



شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×