رواية بستان حياتي ( جميع فصول الرواية كاملة ) بقلم سلوى عوض


رواية بستان حياتي الفصل الاول بقلم سلوى عوض

المشهد: بيت العمري في الصعيد، صباح مشمس. غرفة بستان مليئة بأشعة الشمس الدافئة.


(تدخل الأم صباح الغرفة، حيث تجد بستان نائمة على سريرها.)


الأم صباح:

(بصوت عالي وحنون) بستان! بت يابستان! قال بستان قال! انتي يا زفتان!


(تبدأ بستان في الاستيقاظ ببطء، تتثاءب وتفرك عينيها.)


بستان:

(بتذمر) يوه ياما! كل يوم نفس الموال ده؟ متفوتيني أكمل نومي! هو أنا ورايا حاجة؟


الأم:

(بتنبه) الساعة بجت واحدة يا أمورة الضهر! وحضرتك نايمة كأنك عروسة! جدك صاحي من الفجر، مش راضي يفطر ولا ياخد علاجه إلا لما حضرتك تصحي! وعايز يشرب البتاع اللي علمتيه يشربه ده!


(تضحك بستان وتبتسم لأمها بحب.)


بستان:

(بمرح) اسمه نسكافيه يا أمي، نسكافيه!


الأم:

(تضحك أيضًا) قولتله أم سعيد تعملهولك، قالي محدش يعرف يعمله غير بستان!


(قفزت بستان من السرير بحماس، وكأنها استرجعت طاقتها.)


بستان:

(بفرح) جدي حبيبي! معلش يا جميل، أصلي صليت الفجر وقرأت قرآن، ونمت شوية بعدين. هأخد حمام وأصلي الظهر وأنزل لجدو حبيبي.


(تتوجه بسرعة إلى الحمام، حيث تأخذ حمامًا سريعًا، ثم تصلي فرضها.)


(بعد أن تصلي، تتجه نحو  غرفه المعيشه .)


بستان:

(تدخل الغرفة، ووجهها مشرق) آسفة يا جدو! راحت عليا نومه!


(الجد يتجاهلها ويظهر عليه الزعل.)


بستان:

(بتسارع) خلاص بقى يا سولي، ثواني ويكون عندك أحلى نسكافيه على مزاجك!


(يبتسم الجد أخيرًا ويقول.)


الجد:

(بتفاخر) بقى سليم العمري كبير الصعيد يتقاله يا سولي!


(تضحك بستان وتحضنه بحب.)


(يدخل عمر، أخو بستان


عمر:

(يضحك بمرح) إيه اللي أنا شايفه ده على الصبح؟ أختي وجدي!


بستان:

 بس يا حضرة الظابط الفاشل، يا اللي رحت تقبض على متهم لوحدك وناسي سلاحك! ولولا إنه عرف إنك حفيد سليم العمري كان بقاله معاك كلام تاني!


(يبدأ عمر في ملاحقة بستان، وهي تضحك وتختبئ منه.)


عمر:

(يجري ورائها) والله لوريكي!


(تجري بستان خلف الجد، والجد يضحك على المشهد.)


(فجأة، يدخل فريد، الأخ الأكبر، وعلامات الجدية بادية على وجهه.)


فريد:

(بصوت مرتفع) وبعدين معاكو! انتو الاتنين كل يوم الغاغة دي!


(تتجمد بستان وعمر للحظة، ويخافون من فريد.)


بستان:

(بهمس) مش عايزين نتخانق معاه!


عمر:

(بصمت) صحيح، خلينا نسكت.


(يتبادلون نظرات خفيفة ثم يضحكون في صمت.)


(تدخل الأم من المطبخ، وهي تحمل أطباق الفطور.)


الأم:

(تنادي) يلا عشان تفطروا!

--------------- 

على النقيض تماما في القاهره عائلة جمال العمري الابن الاكبر لسليم العمري وزوجته صافي واولادهم سليم ونور وليلي


 صباح جديد يضيء فيه المكان بأشعة الشمس. القصر يعبق بأجواء من الهدوء، مع أصوات خافتة للشغالات في الخلفية.)


(تنزل صافي من سلم القصر، خطواتها تتردد في أرجاء المكان، وهي تنادي.)


صافي:

(بصوت مرتفع)  يلا حضروا الفطار بسرعة!


(تدخل صافي إلى مكتب زوجها جمال، حيث تجده منهمكًا في أعماله، أوراق مبعثرة من حوله.)


صافي:

(بتفاؤل) يلا يا جمال، وقت الفطار!


جمال:

(بدون أن يرفع نظره) مش هفطر. هاتيلي القهوة بس.


(تشعر صافي بخيبة أمل، لكن تحاول أن تبقى إيجابية.)


صافي:

(بصوت هادئ) برحتك.


(تخرج من المكتب وهي تتنهد، تدور أفكارها في عقلها.)


(بعد قليل، ينزل سليم، الابن الأكبر، من غرفته مرتديًا ملابس العمل.)


صافي:

(تناديه) الفطار يا سليم!


سليم:

(بوجه غير مهتم) مليش نفس.


(يخرج سليم مسرعًا، متوجهًا إلى الشركة، مما يزيد شعور صافي بالوحدة.)


صافي:

(بهمس لنفسها) هو أنا كل يوم أفطر لوحدي؟


(تشعر بالحزن، ثم ترفع صوتها.)


صافي:

(بغضب) شيلوا الفطار! ولو حد سأل عليا، قولوا ف النادي!


(تخرج إلى الشرفة، تنظر إلى الحديقة، محاولة البحث عن السلام الداخلي وسط مشاعر الإحباط.)

----------------------

"في قصر سليم العمري"


في غرفة المعيشة

(يدخل فريد إلى الغرفة، ملامحه تعكس الفضول والاهتمام.)


فريد:

(بصوت مرتفع) أومال الجماعة فين يا جدي، عمي وولاده؟


(الجد ينظر إليه من خلف صحيفة قديمة، مبتسمًا برفق.)


الجد:

(بهدوء) راحوا عند عمّتك ناديه. بنتها ولدت النهارده، راحوا يطمنوا عليها.


(في تلك اللحظة، تدخل بستان إلى الغرفة، وهي تبدو متوترة وعيناها مليئتان بالقلق. تقترب من الجد وتهمس له بحذر.)


بستان:

(بقلق) يا جدو، أمي بتقولي يلا نروح لعمتي، وأنا عندي امتحان بكرة. هعمل إيه؟


(الجد ينظر إليها بحب، ويضع يده على كتفها لتطمينها.)


الجد:

(بثقة) متخافيش، يا قلب جدك. هخلي فريد يوديها ، وإنتي اقعدي وذاكري.


(بستان تبدو غير مطمئنة، عينيها مليئتين بالقلق.)


بستان:

(بتردد) طب هروح إزاي بكرة؟ وهقولهم رايحة فين؟ أنت عارف، مش عايزة أعمل مشاكل مع فريد. لو عرف إنّي بكمل تعليمي، هيحصل مشاكل.


(الجد يتفهم مخاوفها، ويبتسم.)


الجد:

(بحزم) متخافيش، أنا هقولهم نازلة معايا مصر أكشف. هننزل في بيتنا اللي في مصر، مش هنروح عند عمك. عارف إنك مبتحبيش عياله.


(بستان تبتسم قليلاً، وتشعر بالراحة، ثم تقبله بحب.)


بستان:

(بامتنان) ربنا ما يحرمني منك يا جدو.


(فريد يتدخل في الحديث، وعلامات الشك بادية على وجهه.)


فريد:

(بقلق) في إيه؟ عمالة تتهمسي مع جدك ليه؟ شكلك مش مظبوط.


(الجد يحاول تهدئة الموقف.)


الجد:

(بتسامح) مالك بيها يا فريد؟ انت مش مكبرني خالص.


(فريد ينفجر بغضب.)


فريد:

(بتحدي) العفو يا جدي، أصل أنت مدلعها. أكسر للبت ضلع يطلع لها 24!


الجد:

(بغضب) اخرجي إنتِ يا بستان دلوقتي!


(بستان تشعر بالتوتر، وتخرج من الغرفة، عينيها مليئتين بالدموع.)


(يعود الجد ليواجه فريد بنظرة حادة.)


الجد:

(بغضب) ليه يا فريد بتتعامل مع إخواتك بالقسوة دي؟ خليك حنين عليهم.


(فريد يقفز على الفور للدفاع عن نفسه.)


فريد:

(بصوت عالٍ) انت ناسي إن أنا مكان أبوهم الله يرحمه!


(الجد يصرخ، صوته يملأ الغرفة.)


الجد:

(بغضب) فريد، متنساش نفسك! أنا هنا كبير البلد والصعيد. مش معنى إني مسكتك حالي ومحتالي، تفتكر نفسك كبرت عليا! ملكش دعوة بإخوانك. قوم يلا روح شوف الأرض. هتفضل طول النهار هنا.


(يتوقف الجد قليلاً، ثم يضيف بحزم.)


الجد:

ولعلمك، أنا واخد بستان ونازل مصر أسبوع. أنا مش باخد إذنك، أنا بعرفك. أياك تيجي جنب أختك تاني!


(فريد يغادر الغرفة بصمت، ملامحه تعكس التوتر والضغط الذي يشعر به. يتجه إلى الباب، وعينيه تضيء بتحدي.)


فريد:

(في سره) يقطع البنات وسنين البنات. مجلناش منهم غير وجع القلب. ماشي يا بستان، والله لوريكي.


---------------

في غرفة الجد سليم العمري، حيث كانت الجدران تحمل قصص الزمن، اقترب من الدولاب القديم الذي احتفظ به بأغلى ذكرياته. فتح الباب ببطء، وامتدت يده إلى الداخل لتخرج صورة قديمة.


بينما كان ينظر إلى الصورة، لم يستطع منع دموعه من الانهمار. كانت تظهر فيها امرأة جميلة، وقد عادت به الذاكرة إلى زمن مليء بالحب والأمل، ولكنه كان أيضًا مليئًا بالفقد.


بصوتٍ خافت، همس الجد لنفسه، محاطًا بأجواء من الحزن:


الجد: (بتأمل) والله، يا بستان، مش هخلي مصيرك نفس مصيرها. كفاية، هي راحت...


أغلق عينيه للحظة، مسترجعًا ذكريات الماضي، حاملاً في قلبه فراغ تلك المرأة التي تركت أثرًا عميقًا في حياته. ثم أضاف بحزن عميق:


الجد: (بصوت مكسور) أكيد ربنا عوضني بيكي عنها...


نظر إلى الصورة مرة أخرى، وكأن ذكرياتها تمنحه القوة. قرر في تلك اللحظة أن يكون حاميًا لبستان، وأن يدعم كل أحلامها، مهما كان الثمن.


كانت تلك الصورة ليست مجرد ذكرى، بل كانت دافعًا له ليحمي بستان من مصير مشابه، ويضمن لها مستقبلًا أفضل. إذ شعر بأن وجودها في حياته يعطيه الأمل، وأنه لن يسمح لأي شيء بأن يعيد تلك اللحظات الأليمة مرة أخرى.

الفصل الثانى من هنا

تعليقات



×