رواية بستان حياتي الفصل الخامس بقلم سلوى عوض
بستان بتنهيدة ثقيلة وصوت مفعم بالأسى: "أنا مش عارفة ليه كل ده بيحصل لي... ليه أبيه فريد عمل كده؟ مع إني كنت بحلم زي أي بنت... أحب وأتحب، مش مجرد يتكتب كتابنا وأنت مغصوب أو علشان وعدك لجدي."
سليم بنظرة ثابتة وصوت جاد: "مين قالك إني مغصوب؟ بصي يا بستان، هتكلم معاكي بكل صراحة. أنا طول عمري إنسان عملي، عمري ما ادّيت لنفسي فرصة أحب أو أجرّب أكون في علاقة بأي حد... أولًا، أخلاقي متسمحش." ثم يغير نبرة صوته لنبرة صعيدية مازحة: "وبعدين يا بنت عمي، أنا راجل صعيدي!" يغمز لها بابتسامة، وتظهر غمازاته بوضوح: "ولا إيه رأيك؟"
بستان بابتسامة صافية: "ضحكتني والله رغم كل اللي أنا فيه... بس تعرف يا سليم، أنا كمان هقولك على حاجة."
سليم مستغربًا ويقاطعها بلطف: "دي أول مرة تنطقي اسمي من غير ما تقولي 'أبيه'... أول مرة أحس إن اسمي حلو كده. شكلها هتلعب معاك يا سيمو!" يصفق بيديه بخفة.
بستان تضحك بصوت عفوي: "لا، بس أنا كنت بقول لجدو 'يا سولي'! المهم، خلينا نتكلم بجد بقى... أنا عمري ما فكرت إني هرتبط. حياتي كلها كانت بتقتصر على جدو، عمر، وماما." يمر الحزن بملامحها للحظة: "أما بخصوص أبيه فريد... ربنا يسامحه." تقطع الموضوع بسرعة: "المهم، أنا كان حلمي أكون مذيعة كبيرة. جدو كان دايمًا يشجعني."
سليم يشد على يدها مشجعًا: "طب شدي حيلك وارجعي أقفي على رجلك، وأنا هخليكي المتحدثة الرسمية لمجموعة شركات سليم العمري." يعدل ياقة قميصه بتفاخر ويضيف: "اللي قدامك ده أصغر راجل أعمال في البلد من حيث السن."
بستان تضحك بمرح: "يخربيت التواضع!"
--------------------------
في غرفة الجد
الجد ودموعه تتساقط بهدوء: "كتر خيرك يا جمال يا ولدي على اللي عملته مع بنت أخوك."
جمال : "أنا عملت كده علشان البنت الغلبانة دي... وعلشان المأساة اللي حصلت زمان متتكررش تاني."
الجد يبكي بحرقة: "مش ناوي تسامحني يا جمال ؟ ده ربنا بيسامح يا ولدي... يعلم ربنا إنا مكوي بنا****رها قد إيه."
فؤاد يحاول تهدئة الأجواء: "خلاص بقى يا جمال، المسامح كريم، وعفا الله عما سلف."
جمال ينظر بعيدًا وهو يتمتم: "سيبها على الله... فليفعل الله ما يريد."
---------------------------
في غرفة بستان
سليم وهو مرتبك ويبدو عليه التوتر: "يا نهار أبيض! الكلام خدنا ومطمنتهمش عليكي، وكمان مكلمتش ماما ولا أخواتي! قافل التليفون من ساعة ما نزلت من الطيارة وزمان صافي قالبة الدنيا."
أثناء حديثه، يُسمع طرق على الباب، ثم يدخل عمر بابتسامة عريضة.
عمر ضاحكًا: "إيه يا ابن عمي؟ إنت ما صدقت!" ينظر إلى بستان ويراها استيقظت: "بوسي حبيبتي، حمد الله على السلامة يا قلبي! و أنا اللي كنت جي من المأمورية وقلت أعمل فيكي مقلب... يلا مش مهم، لما تخفي بقى ملحوقة. آه، صح نسيت اقولك مبروك." يلتفت إلى سليم: "يا سليم، خلي بالك من البت بوسي، والله دي أغلى عندي من باكو لبان."
سليم يضحك: "ممكن أسألك سؤال يا عمر من غير إحراج... هو إنت بجد ظابط؟" ولا بتمثل علينا
بستان تضحك بمرح: "آه، آه... على ما تفرج!"
عمر يُمثل جادًا: "أنا مش موافق، والجوازة دي لا يمكن تتم!" ثم يضحك.
سليم بابتسامة مشاكسة: "أنا فعلًا اتجوزتها يا أهبل... يوه يا عمر، عطلتني! هروح أطمن ماما وأخواتي."
بستان بعيون مليئة بالمكر: "وقلهم عمر بيسلم عليكم... مش كده يا عمر؟"
عمر : "بستان!"
سليم يهم بالخروج، مستغربًا: "مش عارف إيه العيله الي كلها اسرار دي ... مسيري أفهم كل حاجة. عند إذنكم." يخرج ليتصل بوالدته.
بستان بقلق: "عمر، أبيه فريد فين؟"
عمر بحزم: "لسه بتسألي عليه بعد كل اللي عمله؟"
بستان بملامح متأثرة: "مهما كان، ده أخونا الكبير، وأنا غلطت إني خبيت عليه."
عمر يهز رأسه بحسرة: "إنتي هتفضلي طول عمرك كده، هبلة ومتسامحة. سيبك من فريد دلوقتي... شكل سليم جدع وهيحافظ عليكي. وشكل الصنارة هتغمز." يميل نحوها بخبث: "بس وحياة أمك، لما تغمز، ظبطيني مع ليلى."
بستان ترفع حاجبيها مازحة: "وإنت ناقص تظبيط! إنتو مقضينها تليفونات وشات، وأنا آخر من يعلم. بقى كده تخبي عليا؟"
----------------------------
في مكالمة هاتفية بين سليم ووالدته
صافي بصوت مفعم بالقلق: "إنت فين يا سليم؟ إنت وأبوك ليه قافلين موبايلاتكم قلقتوني."
سليم يحاول تهدئتها بصوته الهادئ: "اهدي يا ماما، إحنا في البلد علشان جدي، وبستان في المستشفى. ما كانش فيه وقت نبلّغكم. على العموم، خدي إخواتي وتعالي، ولما توصلوا هشرح لكم كل حاجة."
---------------------------
في زنز****انة فريد الانفرادية
يجلس فريد وحيدًا في الزنز*****انة، رأسه بين يديه، وصوت ضميره يجلد قلبه.
فريد يحدث نفسه بحزن عميق: "هانت عليك بستان يا فريد؟ دي بنت قلبك، اللي كنت شايفها بتكبر قدامك يوم بعد يوم.. أبوك وصاك عليها، وصيته كانت أمانة. ليه خليت الماضي يسيطر عليك؟ مش معنى إن واحدة كنت بتحبها طلعت أنانية إنك تحكم على كل البنات... ما كانش لازم تتغير وتؤذي أعز ما ليك ."
يرفع رأسه ويص*****رخ بصوت يائس:
فريد: "حقك عليا يا بنتي... كنت فاكر إني بحميكي."
يدخل عمر فجأة، وجهه مشدود بالغضب، وعيناه تقدح شررًا.
فريد يقف بسرعة، قلقًا: "عمر! بستان عاملة إيه؟ طمّنّي."
عمر بصوت ملؤه اللوم: "عامله إيه؟ تفتكر هي ممكن تكون كويسة بعد اللي إنت عملته؟ نفسي أفهم يا فريد، إيه اللي خليك تتصرف كده معانا؟ إنت المفروض الأخ الكبير، الحماية، السند... مش اللي يكسرنا ويأذينا."
تظهر دموع الندم في عيني فريد، وصوته يخفت بحزن:
فريد: "سامحني يا عمر... مش عارف إزاي عملت كده. كنت فاكر إني بحميها، والله كنت فاكر كده ."
عمر بوجه مليء بالإحباط: "تحميها؟ خلاص، ارتاح... هي مش هتعيش معانا تاني."
يرتجف فريد من الصدمة، عيناه تتسعان:
فريد: "أختك مالها يا عمر؟"
ينظر له عمر نظرة مليئة بالتحدي، وكأن الألم والغضب يخفيان أشياء كثيرة.