رواية بحر ثائر (جميع فصول الرواية كاملة)بقلم اية العربي


 رواية بحر ثائر اقتباس بقلم اية العربي

المرأة في بلاد العرب مثبطة الأفكار ، ليست كمثيلتها الغربية ، بل يبدو أن ذلك الشيء الذي تضعه على رأسها


بذريعة الستر قد حجب عنها الذكاء فباتت تسمع وترى


ولكنها لا تعقل )


ثائر ذو الفقار


رواية ( ما لم نسع لمعرفته)


كانت هذه ترجمة ما كتب بالفرنسية أسفل منشوره عبر تطبيق الانستجرام الخاص به وقد أرفق معها صورة امرأة عربية محجبة مجهدة الملامح ، تقوم بالتنظيف أسفل الأغنام

نفخت أوداجها وشعرت بالدماء تغلي داخلها وظلت تبحث عن إجابة مناسبة ترد بها على كلام هذا الكاتب الفرنسي عربي الأصل بل مصري الجنسية ولكنها لم تستدل على رب قوي يمكنه أن يؤثر في ذلك الشخص البغيض ، فقد رأت بعض التعليقات المؤيدة لمنشوره والبعض الآخر يعترض ولكنه يتعمد استفزاز من يعترض أيضًا ويفحمهم بردوده التي أغاظتها بشكل مبالغ به


بالرغم من أنها لم تهتد لارتداء الحجاب بعد إلا أنها متيقنة من وجوبه ، كذلك تحمل انتماءً عظيمًا لبلدها ولبلاد العرب عامةً ولا تقبل أن يقلل شخصا منهم ، ربما لو كان إنسانًا غربيًا ستتقبل تفكيره ولكن عربي ومسلم ومصري


؟ هذا أكثر ما أغضبها

بتعملي إيه يا ديما ؟


انتفضت من فوق مقعدها حينما استمعت لصوت زوجها المفاجئ لذا التفتت تطالعه فوجدته يتجه على الفور نحو سريره ليرتد عليه ، يطالعها بنزق قائلا بملامح متجهمة

بردو هتفضلي قاعدة ع الزفت ده ؟ وبعدين مالك وشك


جاب ألوان كدة ليه وريني كدة ؟

زفرت و نهضت تتجه نحوه وتجلس بجواره متجاهلة


أسلوبه الفظ معها وقالت وهي تعرض عليه المنشور بعدما


قامت بترجمته تلقائيا :


- أبدًا ، كنت بقلب في الانستا لقيت البني آدم ده المفروض إنه فرنساوي بس أصله مصري ومسلم بس تقريبا كل منشوراته ضد بلده وضد المرأة العربية


وخصوصا المسلمة ، تقول معقد


ابتسم ساخرًا بعدما قرأ ما دون وتحدث وهو يهز منكبيه


بسخرية : مهو معاه حق ، واحد متجوز فرنسية عايزاه يعجب بالعربية ؟ وبعدين مهما الستات كلهم زي ما قال كدة ، دماغهم فاضية ومش فاضيين غير للتفاهة


اغتاظت من كلماته السامة وتحدثت بشموخ أنثى :


اللي هي إيه التفاهة دي ممكن تقولي ؟ وبعدين بتجمع ليه كل الستات في خانة واحدة وإنت عارف إن التعميم لغة الجهلاء ؟ وآه العربية أحسن من الفرنسية مليون مرة

باغتها بنظرة ثاقبة وتجاهل الجزء الثاني من حديثها


يجيبها بعنجهية كاذبة :


- التفاهة دي زي البتاع اللي في إيدك ده ، شوفتي جوزك جه المفروض وزي ما الدين قال ترميه خالص وتقومي تشوفي طلبات جوزك مش قاعدة عليه ليلك زي نهارك


كدة


هذا الحديث تحديدًا يصيبها بالضغط فتصبح على وشك


الانفجار لذا نطقت بنبرة محذرة قائلة ببعض الهدوء :

كمال بلاش الطريقة دي لو سمحت وانت عارف كويس إني مش كدة الأرض علشان خاطر تثبت إنك صح ، ماترميش كل المجهود اللي بعمله في


تملكته الذكورية واستطرد بنبرة قاسية و هو يشير حوله :


نفسي أفهم مجهود إيه ده ؟ بتشيلي الحيطان مثلا وبتبنيها تاني ؟ أومال لو جربتي تشتغلي شغلنا إحنا بقى هتعملي إيه ، كل ما في الأمر هو لقمة بتطبخيها وبيت بيتكنس

نظرت له بخيبة دومًا ما يتعمد استصغار ما تفعله بقلة أومأت مرارًا تقديره لها لذا باتت لا تفضل المناقشة معه ونهضت بعدما التقطت منه هاتفها قبل أن يبدأ بالبحث والتنقيب فيه عن ثغرات ينشب به عراكا لن تتحمله منه


لذا استرسلت بيأس وهي تتحرك تغادر الغرفة :


- لا اشتغل شغلك ولا تشتغل شغلي كل واحد ربنا سبحانه وتعالى حطه في مكانه وبيعمل اللي عليه حسب ضميره


أنا هروح اجهزلك الغدا .

تركته وغادرت ليتمدد هو على الفراش بأريحية ينتظرها لتجلب له الطعام متجاهلا نداء والدته المريضة التي ترعاها ديما مثلها كمثل طفل حديث الولادة ولكن الفرق والمجهود يفوق قدرتها ومع ذلك لم تشتك أو تعترض بل


تصبر لأجل صغيريها


اتجهت نحو المطبخ تشعل الموقد لتسخن له الطعام فأتاها صغيرها البالغ من العمر خمسة سنوات يقول ببكاء مشتكيا


شقيقته :


- ماما رؤية أخدت مني الألعاب بتاعتي 

التفتت تطالعه وقد خانتها دمعة سقطت من قوة الضغط والحزن اللذان تمر بهما لذا جففتها سريعًا وتنفست بقوة كبيرة ثم نظرت لطفلها وانحنت نحوه تملس على وجنته


قائلة بحنان :


حبيبي ما تعيطش ، إنت عارف إن رؤية صغيرة وبعدين الألعاب بتاعتكوا إنتوا الاتنين سوا ، العب معاها دلوقتي


ولما بابا ينام هاجي العب معاكو


شعر الصغير بالرضا وأومأ لها خاصة وأنه لاحظ دمعتها لذا مد كفه يمسحها قائلا بحنان يغمرها به دوما فيعينها على تحمل متاعبها :

نعم يا أمي، لا تقلقي.

ابتسمت له بحب بالغ وتمسكت بكفه تقبله عدة قبل ثم أشارت له أن يذهب واعتدلت تطالع أثره بشرود ، تعلم جيدا أنه إن ظل يبكي ربما عنفه والده لذا دومًا تسرع إلى مراضاة صغيريها فهما استثمارها الحقيقي في الحياة ولن


تقبل بتعنيفهما أبدًا

عادت حماتها تنادي على ابنها لذا زفرت واتجهت عائدة


لغرفتها فوجدته يعبث بهاتفه متجاهلا نداء والدته لذا


تحدثت بغيظ :


ماترد على مامتك يا كمال ، بتنادي عليك من إمتى


زفر بضيق يلازمه دومًا وتحدث بانزعاج وهو يشير بيده


إلى رأسه : إنت عارفة إن أمي عقلها بقى على قدها وهروح أكلمها هتمسكني بقى تحكيلي عن جدودها اللي ماتوا ، روحي


شوفيها وقوللها إني لسة ماجتش


بس هي عارفة إنك هنا


يووووووه ، أقوم امشي واسيبلكو البيت ؟


نطقها بنزق لذا زفرت واتجهت لترى حماتها التي ترقد على فراش في غرفة مجاورة لا حول لها ولا قوة فتطلعت

عليها ديما بشفقة متسائلة :


نعم يا ماما بتنادي على كمال ليه ؟

نظرت لها السيدة المسنة نظرة طفولية بعدما أصابها


مرض الزهايمر وتحدثت باستعطاف :


بنده عليه علشان يطلع من الشمس ، الدنيا حر دلوقتي


خليه يطلع يا عايدة

تنفست ديما بقوة وطالعتها بحزن بعدما فقدت هذه السيدة عقلها ، فهذه المسماة بعايدة هي في الحقيقة شقيقتها التي تقطن بعيدًا عنها لذا أومأت ديما واسترسلت


مسايرة :


- حاضر هخليه يطلع ، ارتاحي إنت بس ولما يطلع هيجيلك

تحركت خطوة لتعاود السيدة النداء بصوت عال كما لو كانت تعاني من فزع لذا التفتت ديما تطالعها مجددًا

وتابعت بترو : فيه إيه بس يا ماما أنا جنبك أهو !

نظرت لها واسترسلت بنبرة ملحة وهي تشير بيدها


للجوار


- تعالي اقعدي جنبي عايزة اتكلم معاكي ، الناس اللي أنا شارية منهم البيت عايزين يزودوا السعر عليا ، تعالي 


علشان ابعتك ليهم واقولك تقوللهم إيه .


مسحت ديما على وجهها مستغفرة وأردفت ببعض الضيق

وهي على حالها :

- طيب هجيلك أهو اصبري بس عليا ربع ساعة وجيالك

تاني

تحركت تغادر فباتت السيدة تصرخ عليها وتبكي .


هي لم تعد تستطيع الحركة لذا نهض كمال بملامح محتدة غاضبة يتجه نحوها ثم قال بنبرة هجومية بعدما بات لا


يحتمل أفعالها وصراخها : في إيه يا ماما ، بيت إيه وعايدة مين ، ركزي الله يصلح حالك مش ناقصين خلل ، ده بيتنا ودي ديما


مراتي ، ماشي ؟


اومأت له والدته بفزع من قسوته ثم ابتسمت له وتحدثت


وهي تشير إليه :


تعالی یا کمال إنت جيت إمتى ؟ ، تعالى يا حبيبي


جنبي هنا علشان المروحة الدنيا حر عليك

زفر يستغفر ثم تطلع إليها ، دومًا كانت هي نقطة ضعفة وقوته التي كان يستقوي بها على ديما في بادئ زواجهما ، كانت دومًا مصدرًا لإشعال الفتن بينهما ، هي من جعلته يظن أن الرجل أولا وأخيرًا إلى أن أصيبت وباتت قعيدة تعاني من مرض الزهايمر فلم تعد نقطة قوته ولم تعد حتى نقطة ضعفه ، تحرك نحوها وجلس مجاورًا لها يقبل رأسها فابتسمت وباتت تربت على ساقه وأردفت


بحنان فطري :


- أقول لعايدة تحضر لك الأكل ؟

أجابها وقد بدأ يندمج معها :

بتحضره اهو ياماما

أومأت له ثم بدأت تحك ظهرها من أثر النوم لتستطرد

بترقب :

طيب أنا عايزة استحمى يا كمال .

عاد الضيق يلتهمه فقال وهو ينهض مجددًا ويستعد ليغادر :

- ماشي يا ماما ديما هتحطلي الغدا وتيجي تحميكي

بترقب :

اومأت له بطاعة كأنها تخشى الاعتراض أمامه وتحرك هو عائدا إلى غرفته يجلس بها لتأتي ديما بصينية الطعام وتضعها على الطاولة في الغرفة وتناديه بعدما عاد ينشغل

بهاتفه قائلة :

- يالا یا کمال قوم

قالتها وكادت أن تجلس لتتناول طعامها معه فهي لم تأكل وانتظرته ولكنه نهض يقول وهو يتقدم من الطعام ولم

يبال بها : 

أمي عايزة تستحمى يا ديما ، هو إنت ما غير تلهاش النهاردة ولا إيه ؟ مانتِ عارفة إني هاجي تعبان من

الشغل وهي هتفضل تزن

نظرت له نظرة حادة وأردفت باستفاضة :

- لا لسة ما غير تلهاش یا کمال ، مستنياك تساعدني مش

هقدر أغير لها لوحدي .

مد يده يتناول ملعقته واسترسل وهو يستعد للطعام :

- اساعدك ليه ما إنت بقيتي تغير لها لوحدك خلاص ، مهو لو كنت غيرتلها قبل ما اجي بدل ما تمسكي الموبايل وتقرئي منشورات الأجانب كنا ارتاحنا من وجع الدماغ ده ، اهي هتفضل تنادي ومش هتسكت

بدأ يأكل طعامه وجلست تطالعه وسبحت للبعيد بأفكارها التي ودت لو تجسدت أمامه ولكمته في كل مرة يتحدث بكلمات تتسبب لها بهذا الكم من الضيق والضغط

طيب أنا عايزة استحمى يا كمال

الفصل الاول من هنا

تعليقات



×