رواية بين الحقيقة والسراب الفصل التاسع 9 بقلم فاطيما يوسف



رواية بين الحقيقة والسراب الفصل التاسع 9 بقلم فاطيما يوسف 



في منزل باهر الجمال كانت ريم تجلس مع أبنائها تحمل علي فخذيها الصغير وتحتضن الكبير بيديها وتنظر لهم بعيون ممتلئة بالدموع ،


وهي تفكر في الواقع الأليم الذي تعيشه هي وأبنائها وقلبها ينفطر حزنا على مافات وعلي ماهو آت ،


كانت تغوص بأفكارها في كيفية الحياه بدون زوجها وحبيبها وكانت تتحسس شعر الصغير بكل حنان وتهدهد على ظهر الكبير لكي تشعره بالامان ،


وفجأة استمعت الى صوت عالي ينادي باسمها،


ولم يكن الا صوت ام زوجها وضعت الصغير في تخته ثم نظرت الى الكبير قائله له :


_خلي بالك من اخوك يا حبيبي عقبال ما أشوف تيتي عايزة ايه .


ابتسم الطفل ببراءة وردد بطاعة:


_حاضر يا مامي ما تقلقيش على اخويا انا بحبه جدا وهلعب معاه عقبال ما تيجي .


خرجت ونظرت من أعلى الأدراج قائلة بتساؤل :


_ نعم يا ماما محتاجه حاجه مني انزل لك .


قلبت الأخرى عينيها بنظرة مرتعبة وأجابتها بحدة :


_ايوه انزلي لي حالا في حاجه مهمة انا عايزاكي فيها وخلي الأولاد عندك .


ارتعب داخل الأخرى من هيئه تلك السيدة ودخلت الى أبنائها مرددة باستعجال وهي ترتدي حجاب رأسها :


_انا هشغل لك التلفزيون علشان خاطر تتفرج عليه واخوك عينيه راحت في النوم اهو ما تجيش ناحيته خلي بالك منه بس وانا هشوف تيتي عايزه ايه وهطلع لك تاني ماشي يا حبيبي . 


أماء لها الصغير بموافقة ثم نزلت الى الأسفل ورأت على وجوههم ما لا يسر فرددت في حالها قبل ان تلقي السلام :


_مالهم دول وشهم ما يبشرش بالخير استر يا رب .


ثم نظرت اليهم مرددة السلام باحترام :


_صباح الخير يا ماما صباح الخير يا هند .


وأثناء القائها الصباح كان قد دلف اليهم زاهر مرددا السلام ثم نظر الى والدته قائلا باستفسار :


_في ايه يا ماما جبتيني على ملى وشي من الشغل في حاجه حصلت ولا ايه قلقتيني ؟


نظرت اليه والدته نظره ارتياح كأنها تقوي حالها في وجوده وكأنه هو بات مصدر الأمان والراحة بعد فقدان عزيزها وأجابته بتوضيح :


_اقعد بس دلوقتي وهتسمع كل حاجه علشان يبقى كله على نور ،


واسترسلت حديثها وهي تنظر الى تلك الريم قائلة بتساؤل مريب :


_قولي لي يا ريم هو إنتي اتخانقتي إنتي وباهر الله يرحمه في الليله اللي هو مات فيها خناقة كبيرة؟


ماإن استمعت ريم الى سؤالها حتى هوى قلبها بين قدميها رعبا وهلعا ثم استفاقت من ترديد السؤال مرة أخرى لها وأجابت بعيون تتلفت يمينا ويسارا حرجا بلجلجة :


_عادي خناقة عادية بين اي زوج وزوجة ما احنا ياما اتخانقنا ومحدش حس بينا ولا دري اشمعنا المرة دي يا ماما اللي بتسأليني ؟


ماإن استمع زاهر الى سؤال والدته حتى ردد اليها باستنكار :


_وايه لازمته السؤال ده يا أمي واحد ومراته هم حرين هم الاتنين ليه بتفتحي في القديم اللي ما لوش لازمة دلوقتي ؟


واستطرد حديثه بإبانة :


_وبعدين باهر الله يرحمه وريم عمرهم ما حد سمع لهم صوت في البيت وحتى لما بيكون ما بينهم مشكلة محدش كان بيتدخل ما بينهم خالص وده كان بطلب من باهر .


ابتسامة سخرية خرجت من فمها عقب حديث ولدها الأكبر واشارت اليه ان يصمت مكملة تساؤلاتها وهي تنظر الى ريم :


_متأكده انها خناقة عادية يا ريم؟


وتابعت حديثها الذي أصدم الواقف المدافع بينهم عنها :


_الست هانم اللي انت بتدافع عنها في الليلة اللي جوزها مات فيها كانت بتطلب منه انها تروح تشتغل مع مصنع من اللي بتتعامل معاهم ولما اشتد الحوار ما بينهم قال لها تختاري الشغل يا البيت والأولاد ،


وهي بجبروتها قالت له يبقى هختار الشغل وكسرت قلبه وخلته مصدوم من قرارها ونام ومات من القهره انها فضلت الشغل عليه هي وولادها ،


واسترسلت حديثها بغضب عارم:

_حصل الكلام ده ولا ما حصلش يا ست البرنسيسة والمصممة العالمية؟


انقلب وجهها لألوان الطيف مما استمعت اليه،

 ألم يكفيها عذاب الضمير التي تعيش به كل يوم ،


ألم يكفيها الصراع الذي تعيشه منذ أن مات زوجها،


الم يكفيها انها تؤنب حالها ولا تكاد تشعر بلحظة راحة منذ فراقه ،


جمعت الحروف على لسانها اجبارا واجابتها بتوتر :


_دي مش اول مرة اتكلم انا و باهر في موضوع الشغل ومش اول مرة نتخانق على اني عايزه اخرج اشتغل واني من حقي اكلل موهبتي قولا وفعلا واني ما ينفعش اني افضل مغمورة جوه تصاميمي ومحدش يعرف عنها حاجة .


كانت تلك الهند تقف وعلى وجهها علامات السعادة لو طالت ان تهلل وتطير من كثرة البهجة على وقوف ريم كالمتهم في القفص وامامه القاضي والوكيل يجلد به جلدا،


وترفع لها حاجبها بكيد ومكر ،


اما ذلك الواقف مصدوما مما حدث ومما استمع اليه وعلامات الدهشة تعلو وجهه،


فنظر الى ريم وتحدث باستنكار :


_بقى إنتي يا ريم اللي كنت بقول عليكي هادية وما بتطلعش العيبة منك تعملي كده ؟


بقي إنتي اللي كان جوزك بيجي طيران وما بيرضاش يتغدى مع اخوه ولا يوم من الأيام وطول عمره بيتكلم عليكي بالخير ومهنيكي ومخليكي برنسيسة تقهريه وتموتيه مقهور ؟! 


واسترسل حديثه بوعيد :


_انا والله العظيم ما مصدق اللي وداني سمعته دلوقتي بس ورب الكون لا هتشوفي على ايدي وفي البيت ده مرار قد الهنا إللي عشتيه،


يعني كنت مفكرك اصيلة وطلعتى بتاعه نفسك في الاخر .


انتفضت ريم ناظرة إليهم جميعا واحست انها وحيدة شريدة بينهم،


قوت حالها ونظرت اليهم جميعا مرددة بقوه:


_مرار ايه اللي انت هتوريه لي يازاهر إنت ملكش عليا حكم ولا كلمة أصلاً !


اللي هيفكر فيكوا يجي ناحيتي او ناحيه ولادي والله ما هتشوفوا ريم الغلبانة بوشها الطيب ومش هتشوفه مني الا وش ذئب مستعد ياكل اللى قدامه ويتغدي بيهم قبل مايتعشوا بيه .


اتسعت هند عيناها بذهول 

ورفعت احدي حاجبيها متعجبة ورددت :


_انتي ايه يا شيخه الجبروت اللي فيكي ده ولسه لك عين تنطقي كمان بعد اللي عرفوه ده إنتي طلعتي ميه من تحت تبن .


قاطعت ريم حديثها المغلول وهدرت بها بنظرة غاضبة:


_وانتي مالك تدخلي في الموضوع ليه اصلا يا اللي تموتي في الفتنة وتشعليليها وتقعدي تتفرجي،

 مفكره اني كده شطارة منك ،مش هقول لك غير حاجه واحده بس حسبي الله ونعم الوكيل فيكي .


واسترسلت حديثها وهي تذكرها بعقوبة ذنبها وما فعلت بها :


_انتي ما تعرفيش ان ربنا سبحانه وتعالى قال"

ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا "


فنظرت ريم إلي زاهر وتلك الأم الذي ينشعل قلبها نارا من عدم إنكار ريم لتلك الكلمات التي أودت بفقيدها الغالي في لحده ،


وتابعت حديثها وهي تشير بكفاي يداها إلي تلك الحية التي تتلون جميع الألوان :


_الست هانم اللي بلغتكم باللي هي اتصنتت بيه بيني انا وجوزي الله يرحمه جت وساومتني إني اسيب البيت أنا وولادي ياإما هتبلغكم باللي حصل وإني أخرج من بيت جوزي إللي لسه مكملش ٣ شهور علي وفاته ،


وهددتني وأنا طبعاً معملتش حاجة أخاف منها علشان اسيب بيت جوزي وأخرج منه .


كادت هند أن تموت رعباً من تصريحات ريم عن تهديداتها ولكن حدث مالا يحمد عقباه واطمئنت مما رأته وارتسمت علامات المكر والكيد علي وجهها مما أثلج صدرها وجعلها الي الآن في موقف المحارب المنتصر ،


_______________________________


في دار الايتام وبالتحديد في الحفلة المقامة فيها ،

استمعت تلك الأخصائيه الى حديثها وقامت من مكانها واشغلت الشاشة وابتدا العرض ،


لفت الجميع انظارهم الى الشاشة وكانوا ينظرون الى تلك الشاشات بصدمة تعتلي وجوههم وفاهٍ مفتوحه على تلك المعروض أمامهم ولم تكن الا عباره عن فيديوهات لتلك الفتاة التي كانت تغني أمامهم وهي في اوضاع مخله ،


كانت مديرة الملجأ في موقف حرج لا تحسد عليه ونظرت اليه الاخصائية ورددت وهي تجز على اسنانها بحده بصوت لا تكاد تسمعه الاذان :


_ايه يا زفتة المعروض ده إنتي مش مركزة خالص ازاي يحصل كده إنتي المسؤولة عن اللي حصل ده قدامي يومكم كلكم مش فايت النهاردة واقفلي بسرعة الزفت ده . 


كانت تلك الماكرة الكائدة تربع يديها على صدرها وتقف في موقف مفرح لقلبها المريض الذي جعلها تفعل هذه الفعلة الشنعاء في تلك اليتيمة الأبية التي رفضت ان تسلك مسالك الشيطان ،


وهي تضع سماعات الأذن وتتحدث مع شخص ما قائلة له بأمر سريع :


_يلا يا ابني اعمل اللي انا قلت لك عليه بسرعه ومش عايزه اي غلطه والا انتم حرين .


اما عن مريم فكانت تضع يدها على فاهها وهي تكتم شهقاتها وعلامات الصدمة المفجعة تضرب بجسدها ،


وعلى الفور نظرت الى الجميع نظرات مرتعبة مما سيحدث لها ،


فقامت من مكانها آخذة حقيبة يدها وانطلقت مسرعة الى الخارج قبل ان ينفذوا عليها حكم الإعدام ،


مما أرعب تلك الواقفة فلم يكن بحسبانها ان تتحرك مريم بهذه السرعة فاعترضت طريقها كي تلهيها قائلة :


_على فين يا ربة الصون والعفاف ده الليله ليلتك وهيتحفل عليكي جامد النهاردة والأيام والسنين اللي جايه كلها ،


واسترسلت حديثها وهي تنظر اليها من اعلاها لأسفلها بعيون تنطق شرا :


_ما انا قلت لك تعالي من الآخر وما حدش هيدري ولا هيحس بيكي وما لكيش حد يسألك رايحه فين ولا جايه منين وركبتي دماغك وعملتي الغلط مع اللي ما ينفعش يتعمل معاهم الغلط ،


واثناء انشغالهم في الحديث انقطعت الكهرباء عن المكان بأكمله وباتت مريم اكثر رعبا واطمئنت تلك الشيطانة الواقفة أمامها على سير خطتها المحكمة ،


وفجأة احست مريم بالغدر فهي شديده الذكاء فانطلقت مسرعة من امامها الى الخارج واشعلت اضاءة هاتفها واختبئت في مكان خلف الدار لا يعرفه احد فهي تحفظها عن ظهر قلب ،


ثم ضغطت زر الاتصال علي منقذها الدائم الذي يرسله الله لها دون اي تخطيطات لكل منهما ،


وما ان اتتها الاجابه حتى قالت بصوت ملئ بالفزع تطلب منه انقاذها :


_الحقني يا دكتور انا في مصيبة ومش عارفة اعمل ايه اكيد حضرتك شفت الفيديو اللي اتعرض وده اللي انا كنت قايلة لك عليه وانا حاسه ان هي اللي ورا قطع النور ده وانها حاولت تعترض طريقي علشان مخرجش أو عايزة تعمل حاجة تانية أنا مش فاهماها .


ثم مشطت المكان بأعينها بخوف رهيب وهي تخشى ان تراها عيون تلك الحية التي تهاجمها من كل صوب وحدب ،


واسترسلت حديثها بعيناي كلها خوف ورجفة من القادم :


_انا عايزه امشي من هنا فورا انا جريت واستخبيت في مكان مش هيعرفوا يوصلوا لي فيه دلوقتي لكن مجرد خمس دقائق بالكتير هيكونوا قدامي لو دوروا يا ريت تيجي تاخدني علشان انا مرعوبة جدا .


بالفعل كان ذلك الرحيم يبحث عنها في كل مكان خاصه بعد انقطاع الكهرباء اللامناسب في ذاك التوقيت بالتحديد وعندما راى نقش اسمها على الهاتف اجابها على الفور وعندما استمع الى حديثها كان بالفعل خارج وركب سيارته منطلقا الى مكانها في بضع ثواني،


وفي الوقت ذاته كانت رجال تلك الحية عيونهم تبحث عنها في كل مكان حتى وجدوها تسرع مهرولة الى تلك السيارة ،


حاولوا اللحاق بها مهرولين بنفس السرعة لكن يشاء القدر ان تصعد السيارة وتغلقها وفورا في غصون ثواني انطلق رحيم مسرعاً بها ،


وفي ذات الوقت تواصلوا مع زعيمتهم عبر سماعه الهاتف مرددين بإحباط :


_ للأسف يامدام هربت في عربية أخدتها ومشيت والعربية دي كانت مستنياها ،


استمعت إلي حديثهم بغضب عارم وكورت يديها وسحقت علي اسنانها بغل مرددة علي عجالة بسخط :


_ وراها يابهايم في لمح البصر تكونوا لحقتوا العربيه ووصلتوا لها ومتعملوش اي خطوة إلا بأمر مني ،


الدار ملهاش غير طريق واحد بس يعني فرصة تسوقوا بأقصي سرعة وتجيبوهالي وإلا هتكونوا في قبوركم النهاردة.


اثناء إلقاء الأوامر إليهم كانوا بالفعل صعدوا السيارة وانطلقوا مسرعين وهي مازالت تلقي عليهم عبارات السباب اللاذع ،


وبالفعل استطاعوا الوصول إلى السيارة واصبحت في مرمي ابصارهم ،


اما داخل السيارة كانت تلك المسكينة تندب روعها وتندب خوفاً ورعبا مما ستتلقاه في الأيام المقبلة ،


وبجانبها رحيم مشفقا على حالتها وعلى روعها ويلقي عليها عبارات الإطمئنان:


_ممكن بقى كفايه دموع من ساعه ما مشينا وإنتي عماله تعيطي العياط عمره ما هيعمل لك حاجه بالعكس هيأثر في نفسيتك اكتر مش هيخليكي تعرفي تفكري ولا تركزي في اللي جاي ممكن تهدي بقى يا مريم علشان بجد دموعك زلزلتني .


القي عليها تلك الكلمات واعطاها منديلا ورقيا لكي تجفف دموعها اخذته من يده بيد مرتعشه ورددت بصوت متقطع أثر البكاء:


_ مش قلت لك انها بقت قويه جداً وواصلة ومش هتسيبني في حالي ،


واسترسلت حديثها بوجع وقلب ينبض ارتعابا:


_ عمرها ماهتنسي القلم اللي ادتهولها وأديها انتهت بفضيحة ليا ومستقبلي ضاع .


وأثناء حديثها رأي رحيم سيارتان تتبعاه من خلال انعكاس المرآة ،


ازداد قلقا عليها وبدا له ان الموقف لايحتمل طمأنة بالفعل ،


وزاد من سرعته بطريقة أرعبتها وجعلتها تلتفت يميناً ويساراً كي تري مالذي يحدث حولها ،


وما إن رأت تلك السيارتان حتي ازادادت هلعا ليس علي حالها فقط بل علي ذلك الجالس بجانبها يحاول بأقصى جهده كي ينقذها من براثينهم ،


ورددت وهي علي حالة التفاتاتها :


_ إنت كدة هتتأذي بسببي وأنا مارضاش ليك الأذية ممكن تنزلني وأنا ومصيري وإللي ربنا كاتبه لي هشوفه .


نظر إليها بغضب علي ماتفوهت به اثناء سيرانه السريع وردد بتصميم ومقاطعة لكلماتها التي لاتسمن ولا تغني من جوع:


_انتي متخيلة اني ممكن اسيبك في الليلة المهببة اللي ما يعلم بها الا ربنا دي !


ممكن تهدي بقى خلينا نركز نشوف هنفلت منهم ازاي لأنهم كتير والكتره تغلب الشجاعة ،


ومهما حصل انا مش هسمح لهم يقربوا منك .


اما على الجهة الأخرى كانت تتابعهم باستمرار مرددة بعصبية :


_طالما شايفينها يا بهايم انتوا هاجموها بسرعه قبل ما يطلعوا على الطريق العام وساعتها مش هتعرفوا تعملوا حاجه وعلى الله ما تخلصوش المهمة وتجيبوها لي لحد عندي سليمه ما فيهاش خدش واحد .


رد عليها واحدا منهم بتساؤل واستفسار:


_طب واللي معاها يا هانم نعمل فيه ايه؟


اجابته على الفور بأمر :


_انتم ليكم مهمة محددة تجيبوها لي لحد عندي وما لكوش دعوة باللي معاها انا مش ناقصه بلاوي ومصايب انتم قد التيران تاخدوها منه وتسيبوه من غير اي اذى لأي طرف انا مش عايزه غير هي وبس فاهمين ؟


استمعوا الى اوامرها بطاعه عمياء وفورا زادوا من سرعتهم الى اقصاها الى ان وصلوا الى سيارة رحيم وبقي بضع سنتيمترات فقط على مهاجمتهم ...


_________________________________


فلنعبر بخيالنا إلي إيطاليا 

والتي تعتبر بإجماع الكثيرين وحسب آراء العديدين عاصمة الفن العالمية ،ولا شك أن ميلانو إحدى أهم المدن الفنية في العالم بالإضافة إلى أنها تنضح بالتاريخ المتمثل في كنيسة سانتا ماريا ديل جراتسي لليوناردة دافنشي، بل تحتوي على أعظم متاحف العالم على الرغم من أنها تعج بالمتاحف الشهيرة، لكن تُعتبر لوحة الموناليزا للرسام ليوناردو دا فينشي التحفة الفنية الأشهر في البلاد ،


كما انها بلد الأزياء العالمية وتقام فيها مختلف الفنون التشكيلية الجميلة ،


حيث وصل مالك إلي تلك البلدة متجهاً إلي ذاك الفندق الذي تم حجزه ،


وبدور عمال الفندق قاموا بإيصاله إلي جناحه المحجوز بعد إنهاء إجراءات الحجز والإتمام عليها ،


دخل الي ذلك الجناح بجسد منهك ومتعب أثر ساعات السفر ،


ألقي بحاله علي الفراش لكي يعطي لجسده مهلة من الراحة لكي يستعيد نشاطه ،


وما إن وضع رأسه علي التخت حتي ذهب في سبات عميق جراء ساعات السفر المرهقة له ،


وبعد مرور ثلاث ساعات من الراحة والاسترخاء قام من نومه وأخذ حماما دافئاً وتوضي وقام بآداء فريضة العشاء ثم ارتدي حلته الكاجوال وساعة يده ذات اللون الأسود المفضل لديه ثم خرج من الجناح وبيده حقيبته الخاصة منتظراً في مطعم الفندق موعده مع صاحبة دار أزياء مشتركة في العرض السنوي وتعتبر المستورد الأساسي لدى المالك جروب،


وصل إلي المكان وجلس في ركن هادئ بعيداً عن الضوضاء ثم طلب قهوته المعتادة وأمسك الهاتف وقام بإرسال رسالة لتلك السيدة بمكانه، 


وقام بفتح حاسوبه يراجع أخر ماوصل إليه من تصميمات ،


وبعد مرور حوالي خمس عشرة دقيقة وصلت تلك السيدة وحددت مكانه لأنها تحفظ صورته عن ظهر قلب فهي ملمة بجميع المصممين والمصممات وخاصه المحترفين منهم في جميع أنحاء العالم عدا ذاك المالك فهى تحفظه عن ظهر قلب،


وصلت إليه ورددت بابتسامة مشرقة:


_ مالك الجوهري محتكر ماركة ريما ستور صح ولا انا غلطانة .


رفع عيناه لأعلي كي يرى من صاحبة الصوت الأنثوي الذي يتحدث المصرية بطلاقة ،


وإذا به تفاجأ بصاحبة العيون الفيروزية والبشرة الشقراء والوجه المستدير الذي تزينه الابتسامه الخلابة ،


إنها لحقا صاحبة الإطلالة الأجنبية في حيز الروح المصرية ،


ابتسم وقام من مكانه ملقيا عليها التحية بكل تهذب ومد يده قائلا:


_ أهلاً بصاحبة التصميمات المميزة وإللي كل سنه تصميماتها تكتسح العرض لأنها فعلاً مختلفة ومبهرة .


ذهب إلي مكان جلوسها ثم قام بإزاحة المقعد لكي تجلس في حركة منه تدل على مدي ذوقه في التعامل مرددا بلطف :


_ اتفضلي يافندم .


جلست علي المقعد بكل أريحية وشكرته بعيناها بامتنان علي لطفه معاها واستمعت إلي سؤاله الذي ينم عن سرعة بديهيته في التعامل مع الأشخاص مرددا:


_ بس إنتي بتتكلمي عربي كويس جداً مع إنك مش من أصل عربي علي ماأعتقد وبالتحديد طريقه كلامك زي المصريين بالظبط ؟


ابتسمت لسؤاله وأجابته باستفاضة قائلة :


_ صح جداً ده إنت طلعت بتفهمها وهي طايرة مش انتم المصريين بتقولوا كدة ؟


أشار اليها بضحكة وإشارة برأسه علامة على صحة حديثها ،


واسترسلت حديثها بعيناي تفيض حبا لمصر وأهلها :


_ شوف يا مستر ولو تسمح لي أتعامل معاك بدون رسميات ملهاش لازمة ،


أجابها بموافقة هاتفا بترحيب:


_ عادي جداً خدي راحتك يامدام جوليا.


أكملت حديثها بحب نابع لذكرياتها المحببة لقلبها عن أعظم بلد قامت بزيارتها العديد من المرات :


_ بابا كان دايما ياخدني زياره لمصر كل سنة وأنا طفلة صغيرة متتصورش الرحلة دي بالنسبه لي كانت من أحسن الرحلات إللي بابي كان بيطلعهالي في جميع أنحاء العالم ،


وكمان أنا واخدة كورس لغة عربية وكنت دايما بتابع الدراما المصرية وبعشقها جداً ولحد دلوقتي من أقرب الدراما لقلبي وميعديش عليا يوم إلا لازم أستمتع بفيلم أو مسلسل شدنى فباتالى بعرف أتكلم مصرى كويس وحافظة كتييير من إفيهات المصريين اللى بجد funny .


علامات الاندهاش بدت علي وجههه من حديثها الذي لم يكن بحسبانه ،


وحتي شكلها ككل لم يكن بحسابنه،


فقد كان عالقا في ذهنه ومتخيلا أن صاحبة تلك الإمبراطورية العظيمة سيدة ذات سنا أكبر من ذلك ،


ورد علي حديثها بإعجاب:


_ قد كده بتحبي مصر والمصريين من لمعة عينك وإنتي بتحكي عن زياراتك ليها .


_جدا بحبها وبحب هواها وناسها وكل معالمها ... جملة صادقه نطقتها تلك الجوليا ، 


واسترسلت وهي تقوم بفتح حاسوبها :


_ نقدر بقي نبتدى شغل ،

إنت كنت قلت لي إنك عندك كذا تصميم مختلفين جداً ومبهرين ممكن أشوفهم ؟


قام بفتح الملف لتلك التصميمات ووجه الشاشة إليها مرددا بموافقة:


_ اتفضلي وعايز رأيك فيهم بكل عملية.


ما إن رأت التصميمات وجابت بها بأعينها مدققة النظر بها والتي لفتت انتباهها ببراعة حتي ظهرت علامات الانبهار بتلك التصميمات هاتفة:


_oh my good, it's wonderful,


إزاي التصميمات دي ما تعرضهاش في الاتيليه السنوي وتحتكرها جوه مصر بس ،


وخاصه ان الماركه دي بالذات رقيقه في تصاميمها وكمان فيها ميزه من تصاميم الشرق والغرب مع بعض ؟


تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه متعجبة ارتسمت رغما عنه حين أُلقي علي مسامعه ذاك السؤال:


_شوفي إنتي إعجابك الشديد بالتصميمات دي وانها شدتك جداً وخلاكي منبهرة بيها خلاكي تتعجبي إزاي،


إحنا بقى كفريق عمل بنتعامل في التصاميم دي مع مجهول كل إللي يجمعنا بيه رقم تليفون وإيميلات بس ،


واسترسل حديثه بتعحب عن حالة مالكة التصميمات:


_ تصوري إنها رافضة رفض قاطع إنها تظهر للعلن وإن الناس تعرفها أو إحنا حتي نعرفها !


بدت علامات الدهشة علي وجهها من سمعته أذناها للتو وتحدثت باندهاش واستفسار:


_ إزاي كلامك ده يامستر مالك !


واحدة زي دي ماركتها مسمعة في الشرق الأوسط كله ومحدش يعرفها ،


واستطردت حديثها بتساؤل:


_ طيب ليه ماديتوهاش مكانتها إللي تستحقها وعرضتوا عليها عروض مغرية وتخلوها تظهر للعلن ؟


صدقني لو عملت كدة مؤسسة المالك فاشون هتعلي جداً.


بانت علامات الأسف علي وجهه وقام بوضع الكوب من يديه وشبك كلتاهما بالأخري معرباً بتأثر :


_ تفتكري إن إننا معملناش كل الكلام ده يامدام !


إحنا حاولنا كتير جداً وهي رافضة ومن غير ماتقولنا أسبابها خالص.


_طيب مش خايفين يجي يوم وتختفي وساعتها مؤسسة المالك إللي أكتر تصميماتها قايمة علي ريما ستور تنهار ! ... جملة تعجبية نطقتها بناء علي استغرابها الشديد لحالة صاحبه التصميم الغريبة التي لم تري مثلها من قبل .


تنهد مالك بثقل حينما ذكرته بالذي لم ينساه من الأصل فهو خائف جداً من تلك النقطة بالتحديد ،


ويحاول دائما بالبحث عن ماركة تشبه ماركة ريما ستور لكنه بالطبع لم يجد ولم يسعفه الحظ إلي الأن في تلك المسألة بالتحديد ،


وفي كل مرة ينفض تلك الفكرة عن باله معللاً بأن الخالق الذي رزقهم لن ينساهم ولن يضرهم أبدا ،


وتابع حديثه معها مرددا باقتناع :


_ والله أنا لحد أخر نفس في عمري هفضل وراها لحد ما توافق لازم الواحد لما يلاقي مجتهد وشاطر في شغله يتمسك بيه وميسيبهوش وعلشان كدة هفضل أسعي لحد ما تلين .


ثم تابعا حديثهما عن عرض الأزياء الذي سيقام بعد أسبوع بمناقشة تنم عن مدي اهتمامهم الشديد بذلك العرض ،


وأعطته بطاقة دعوية لذلك الحفل ودعته للحضور وأخذت منه موعداً أخر لكي يتبادلوا التصميمات وإكمال بقية أعمالهم وكل منهما معجبا بنمطية تفكير الأخر ونجاحه.

__________________________________


في منزل باهر الجمال حيث تنصب المحكمة التي أعدوها لتلك المسكينة التي لاحول لها ولا قوة مسنين سيوفهم عليها بدون رحمة لقلبها المتألم علي فراق زوجها الحبيب ،


كادت هند أن تموت رعبا من حديث ريم ولكن أثلج صدرها رد تلك العبير بقسوة :


_ أيون قولي أي كلام علشان تشوشي علي عملتك السودا وتطلعي نفسك الملاك البرئ إللي مبيغلطش وإنتي السبب في موت ابني وقهرته ،


واسترسلت وهي تبكي دموعاً غزيرة انسدلت من مقلتيها مرددة بدعاء:


_ منك لله وحسبي الله ونعم الوكيل فيكي ،


عمري ماهسامحك ليوم الدين علي كسرتك لقلب ابني بقوتك وجبروتك .


فتحت ريم أعينها علي وسعهما واهتز جسدها منتفضا بهلع حينما سمعت دعاء أم زوجها الراحل عليها مرددة وهي تنزل تحت قدميها تطلب منها السماح عن ذنب لم ترتكبه :


_ والله العظيم يا أمي أنا عمري ماقهرت باهر ولا كنت مسببة له قلق ولا كنت بنكد عليه ،


يعلم ربنا إني بحبه حب كبير وطول حياتي إللي عشتها معاه في البيت ده وأنا أتمني له الرضا ،


وهو كمان عمره مازعلني كنا زي النسمة مع بعض ،


بس بتحصل مشاكل زي مابيحصل مابين أي زوجين ويشاء القدر إن تحصل مشكلة في اليوم إللي ربنا كتب عليه الفراق ويروح لوجه رب كريم ،


واسترسلت وهي تقف تواليهم ظهرها وتضع يدها علي فمها تكتم شهقاتها التي تعلوا شيئا فشيئا من شدة تأثرها هاتفه بذعر :


_ ليه بتعملوا فيا كدة ومصممين تشيلوني الذنب؟

ليه مصرين تخلوني أتعذب وأنهار علي فكرة إني السبب في موته وتدمروني أنا وولادي .


ثم انهارت في البكاء بطريقه تدمي لها القلوب ولكن مع هؤلاء القاسيه قلوبهم لم يجدي نفعا ولم يتاثروا ببكائها ولو ببنت شفه ،


ثم استمعوا الى صوت تصفيق زاهر اخيه مرددا باستهزاء على حاله تلك المسكينه :


_برافوا برافو بتعرفي تمثلي كمان اهو علشان خاطر تصعبي علينا وإنتي في الحقيقه حيه كانت السبب في موت اخويا الوحيد ،


واسترسل حديثه بوعيد وتهديد:


_شوفي بقى يا اللي كنتي مرات اخويا الله يرحمه اللي عدى على وفاته شهر ونص باقي لك من العده تلت اشهر اعملي حسابك بعد انتهاء العده المأذون هيجي وهينكتب كتابنا ،


وعلى فكره ما عندكيش اي طريقه ترفضي بيها لانك مش هتخرجي من البيت ده واللي إنتي كان نفسك فيه عمره ما هيحصل وهخليكي تبطلي التصميم ده خالص اللي بسببه قهرتي اخويا وموتيه .


نزلت تلك الكلمات على هند كالصاعقة التي عصفت بمخالبها التي كانت تربيها لأجل تلك اللحظه وتحدثت بهجوم قبل أن تستوعب ريم مانزل علي سمعها :


_كلام ايه اللي انت بتقوله ده يا ابو البنات يا جوزي ولا عامل لي اي اعتبار بتطلب ايديها وانا واقفه ولا همك اي حاجه اعمل حسابك وجودي في البيت ده كوم ووجود البت دي كوم ومش هيحصل طول ما انا عايشة على وش الدنيا .


نظر اليها زاهر نظره ارعبتها ولكنها لم توضح ذلك واجابها بوعيد :


_انتي بالذات تخرسي ومش عايز اسمع صوتك تاني ده إنتي لسه حسابك تقيل معايا ،


واسترسل حديثه بتقليل من شأنها :


_اتفضلي اطلعي على فوق ليا كلام معاكي ومع ابوكي اللي هبعته يجي لي حالا علشان يبقى الكلام على نور اتفضلي.


قال كلمته الاخيره وهو يشير بكف يديه نحو الباب بصوت عالي مما جعلها تنتفض وتهرول الى الخارج على عجاله ،


أما ريم استجمعت قواها وقامت من مكانها مرددة وهي تتجه نحو الباب بكلمتين فقط :


_ علي جثتي ده في أحلامكم المريضة وعلى فكرة وقفتى قدامكم وتوسلى ليكم ودفاعى عن نفسى مش ضعف منى لاا ولا انى خايفة منكم ، 


واسترسلت توضيحها برأس مرفوعة:

_ مش ريم المالكى اللي تسمح لحد أيا كان مين يؤمرها ويتحكم فيها أو يفرض عليها حاجة هى مش عايزاها ، 

ومن الآخر جواز منك مش هتجوز ولو اتهدت الدنيا فوق دماغى .


وكادت أن تخرج إلا أنه نزل علي مسامعها بكلمات متتالية جعلتها فتحت أعينها علي وسعها من الصدمة وعادت إلى الداخل مرة أخري هاتفا ذالك الزاهر ...


_______________________________


في منزل راندا المالكي في نفس تلك الليلة

كانت تصعد سيارة والدها متجهين إلي المطار ،


فكانت تجاوره في المقعد الأمامي والدتها ،

وفي المقعد الخلفي تجلس هي وأبنائها ،


فتحدث جميل لأحفاده مرددا بحزن :


_ والله هتوحشوا جدكم ياحبايب جدوا طول الشهرين دول .


حزنت راندا لأجل فراق والديها كعادة كل سفر لزوجها كل عام مرددة بمواساة لحالها قبل أبيها :


_ والله يابابا أنا نفسي ولا أروح ولا أجي ،

نفسي نكون كلنا مع بعض في مكان واحد ومتفرقناش الظروف أبداً بس هنعمل ايه أدي الله وأدي حكمته .


تنهد والدها بثقل من حديثها الدائم عند فراقها ككل مرة قائلاً بنصح وإرشاد :


_كل سنه اقول لك يا بنتي كفايه كده غربه على جوزك وخليه يرجع تكملوا بقيه حياتكم وتلحقوا حبه من شبابكم وإنتي مصره ان هو يفضل هناك مع انه كل مره بيجي فيها بيبقى ناوي انه ما يرجعش وانتي اللي تصممي ان هو يرجع ،


واستطرد حديثه بإبانة :


_انا ابوكي وافهم اكتر منك في الدنيا وبقول لك انما للصبر حدود الفلوس مش كل حاجه ووجود جوزك في وسطك انت وولادك بالدنيا واللي فيها واديكم اتربيتوا تربيه كويسه ونضيفه من غير ما اتغرب واسيبكم .


ابتسمت لحديث والدها الذي دائما باله مشغول عليها وعلى حالها وحزين على حياتها بالرغم من عدم شكواها من سفر زوجها ولو لمره واحده واجابته باطمئنان :


_ما تقلقش علينا يا بابا انا وايهاب كويسين جدا مع بعض ومتفقين على حياتنا وهو عمره ما اشتكى من الغربة هو كمان زيي حابب يأمن مستقبل الولاد ، ده دايما بيقول لي وبيشفق عليا ان انا بتعب مع الاولاد وخلاص كلها كذا سنه ويرجع بعد ما نكون امنا مستقبل الولاد .


 

ابتسم ثم تنهد وتحدث عما يضيق بصدرها ومابات يؤرق روحها مؤخراً:


_ جوزك لمح لي كذا مره اني نفسه يبقى في وسط ولاده وبيته من كذا سنه لكن شايف انك كده مرتاحه وراضيه وقال لي طالما هي راضيه ومرتاحه انا مش عايز اكتر من كده معنى كلامه ده يا بنتي ان هو مش عارف يعيش في الغربه وعايز يجي وسط ولاده وبيته وإنتي اللي مش فارق معاكي عموما انا ياما نصحتك وبنصحك وهفضل انصحك كفايه كده من العمر بعزقه ولمي اللي باقي من حياتك وعيلتك وهاتي جوزك في ايدك وانتي راجعه العمر مش مضمون يا بنتي كتييير كانوا زيه والغربة أخدت شبابهم وفي الأخر رجعوا بأمراض الدنيا ومتهنوش بالفلوس اللى اتغربوا علشانها.


انتفض قلبها لحديث والدها ولأول مره تشعر بمدى صحته ووعدته انها ستفكر جيدا في ذلك الموضوع في تلك المره بالتحديد ثم تحدثت والدتها الى احفادها مردده بدعوات :


_خلي بالكم من والدتكم في المطار وخلي بالكم من نفسكم يا ولاد واول ما توصلوا طمنوني على طول علشان انا عارفه ان امكم اول ما تشوف ابوكم هتنسى اهلها وامها وابوها والدنيا واللي فيها .


ابتسموا جميعا على تلك السيدة التي لم تترك فرصة وتؤنب الجميع بتقصيرهم وردد مهاب بطمأنة لجدته :


_ما تقلقيش يا تيته اول ما نوصل هتلاقي مني فيديو كول لينا كلنا وده وعد من مهاب الراجل اللي مش هيرجع فيه ابدا وانتي عارفه .


قال كلماته الأخيرة وهو يستعرض نفسه بشجاعه علي سبيل الدعابة مما أدخل في صدورهم جميعاً الطمأنينة والسعادة ،


فهو دائما يخلق الابتسامه لكل من حوله بفكاهته المقبولة والتي تخرج بتلقائية منه دون تصنع ،


وأكملوا باقي حديثهم أثناء سيرانهم إلي المطار حتي وصلوا وهبطوا جميعا كل منهم يعرف مهمته ،


بعد نصف ساعة من إنهاء الإجراءات ودعت راندا وأبنائها والديها بدموع كالعادة وصعدوا إلي الطائرة بقلب شغوف مستعدين للقاء الحبيب من العام للعام في مفاجأة منهم لذالك الأب الحنون والزوج الراقي ،


بعد عدة ساعات وصلوا فيها إلي المكان المنشود وبالتحديد تحت مسكن والدهم صعدوا في هدوء تام لكي يفاجؤه فقد علمت راندا أنه بالبيت بذكاء منها عبر رسائل الواتساب ،


دخلوا المنزل بقلب يأن لرؤية حبيبهم وصعدوا درجات السلم بحذر كي يعطوا للمفاجأة روعتها ،


وعندما وصلوا إذا بهم يشاهدون أبيهم في حالة يُرثي لها ناطقين بصدمة وهم يضعون أيديهم على أفواههم :


_ بابا !


الكلمة اللى مش بتحبوها 😂😂👇👇

الفصل العاشر من هنا

تعليقات



×