رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الثامن بقلم شريهان سماحة
أتي الصباح علي الجميع سواء كان مستفسرا ، مضطربا ، مترقبا ، سعيدا .
مستفسرا لحمزة ليعلم ماسبب موقف والده باﻹمس
مضطربا لصفيه وتأثير ماسيقولونه على ولدها ...
مترقبا من شاهى لمعرفة أذا علم حمزة أو لا وما موقفه أذا علم
سعيدا علي خديجة وهى تستعد لﻹقامة عند عمها فى اليوم التالي ولمدة أسبوع اﻷختبار
*****
هبط حمزة الدرج أثر أستدعاء نعمه له بأمر من والده ، تردد داخله أن هذه المقابلة ليعطى والده تفسير لما حدث باﻹمس فرحب باﻷمر ..
أتجه لغرفة المكتب كما أخبرته نعمة بوجود والده بها
طرق بعض الطرقات الخفيفه التى تدل على قدومه المنتظر فسمع من بالداخل يأمره قائلا :
- أتفضل أدخل يا حمزة
دخل بهيتئه الرزينه مبتسما يردد تحية الصباح :
- صباح الخير
تلاشت إبتسامته قليلا عند رؤية والدته تجلس بجوار والده على أحدى كرسي الاستقبال الكبيره داخل المكتب اﻷمر الذى جعله يفكر أن ما سيسمعه ليس بالهين ولا القليل
أكمل تقدمه الى أن جلس أمامهم على كرسي منفرد ساندا بذراعيه المتشابكه على فخذيه وهو يحاول أن يكون على إستعداد لما سيلقيانه عليه
نظف حسين حنجرته قائلا بأرتباك ظاهرا :
- حمزة فى حاجه لازم تعرفها .. وهى السبب فى الحاله اللى كنت فيها أمبارح
أنصت حمزة معطي والده كامل اﻹنتباه ليسترعيه ليكمل حديثه وبالفعل أكمل حسين وأبلغ حمزة كل ما رأءه بالتدقيق
أنتفض قلب صفيه حين أنتهاء حسين من سرده تحسبا لثورة حمزة ولكن مالم يكن بالحسبان أنه لم يثور وأنما أكتفى باﻷنصات الجيد وهو يعيد ما سمعه داخل عقله عشرات المرات
هما واقفا فجأة وأستأذنهم مغادرا لغرفته
------------
تقلب عيناها على خديجة ذهابا وأيابا بين خزانة الملابس وبين الحقيبة الموضوع على أطراف الفراش أمامها لاتستوعب أو بالأحرى لاتصدق أنها سوف تتركها أسبوعا كاملا ، فقد تركت غرفتها بل نفرتها التى على بعد أمتار لا تعد لتكون بجوارها بل معاها فى حياتها اليومية لحظه بلحظه...
تراها لا تضحك ولا تقفز هنا أو هناك كعادتها بل تجلس مستكينه على أحدى جوانب الفراش ملامح الحزن تمتلكها وعيونها تتاﻷﻷ تكاد تبكى
شعرت بها خديجه بل تشعر بها منذ البداية ولكن اﻷن الوضع تفاقم ولابد من التدخل تركت مابيدها داخل الحقيبه وجلست بجانبها وهى تمرر كفها فوق ظهر يداها قائلة بنبرة مرحه لتعدل من مزاجها :
- أيه ياست مي أيه الوش الخشب ده كده ماما وبابا من المصايب اللى بتعمليها فيهم كل شويه هيشمتو فيكى ويقول أخير حاجه قدرت عليكى وزعلتك ، لازم تجمدى كده ..
ثم أردفت خديجة وهى تمسك آحد فردتيى حذاء فى يدها وتشاور بها فى الهواء بطريقة مضحكه
- إحنا ناس حمشه عندنا الكرامة أو التار ياولدى
اﻷمر الذي جعل مي تضحك ودموعها تتساقط فى أن واحد
ثم أرتمت فى أحضانها تحضنها بشده وهى تردد :
- هتوحشينى متعودتش أنك تبعدى عنى أبدا
أحتضنتها خديحة أكثر قائله وهى تكاد تبكى :
- يعنى أنا اللى تعودت أن أبعد عنكم
ثم أردفت بنبرة مرحه تغير بها اﻷجواء قبل أن تتساقط دموعها :
- بقولك أيه تجى ننسي شغلى وكمان سى حمزة أفندى اللى مغلب قلبى ده ونقعد جمب بعض على طول
ضحكت مي مره أخرى وهى تمحى بعض أثار الدموع من على وجهها قائلة :
- كله إلا إن تنسى حمزة .. أهو ده بقا اللى مش هصدقه دا أنتى قرفانى بيه صبح وليل .. دا ناقص تحشهولنا فى سندوتشات الفطار
ضحكت خديجة هى اﻷخرى وقالت :
- يلا .. يارب يجى بفايدة المجهودات الجباره اللى بعملها
- أهو أنتى هتروحى أخير وتشوفى أيه النظام
- عندك حق .. ربنا ييسر لى الحال سواء فى شغلى أو موضوع حمزة
- يارب ياحبيبتي يارب
قالتها مي وهى تحتضنها مره أخرى متمنيه لها أن يتحقق ماتريده .
أخذت شهيقا وزفرته ببطئ قبل أن تطرق بعض الطرقات القليله على باب مكتبه ليأتى صوته بالداخل يأمر من على الباب بالدخول
عند رؤيتها تدخل من باب الحجرة تصنع اﻷنشغال واللا مبالاه بمن قادم فيريد أن يثأر لنفسه
توجهت اليه خجله ووجها يرتسم عليه ملامح اﻷرتباك قائلة له :
- ده بحثى جايه علشان أقدمه لحضرتك
أجبها وهو مازال يتصنع الأنشغال وينظر فى داخل الاوراق التى أمامه :
- معاد البحث أنتهى ياأنسه
أندهشت من جملته فيبدو أنه يحمل لها .. ولها بالذات ثأر لجرم لم تفعله فأردفت :
- بس أنا قدمته بالفعل فى معاده بس حضرتك أمرتنى أنى أعدله علشان كده أتأخرت لدلوقتى
رفع وجه لينظر لتلك المشاكسه فرأها تخفض بصرها عندما نظرا لها كما تفعل دائما فأراد أن يستفزها ليحقق رغبته بأن يرى عيناها تنظر له فقال بخبث لها :
- قصدك كان الاول بطريقة طالب الابتدائى
نجح أختباره بالفعل وأستفزها رفعت وجهها بعصبيه زائده وقالت
- حضرتك أنا عملته صح بس معرفش ليه حضرتك رجعت بحثى الوحيد فى الدفعه كلها
أنتفض واقفا وهو يذهب فى إتجاها إلى أن وقف أمامها لا يفصل بينهم سوى مسافه قليله ليرى رد فعلها قائلا بصوت مرتفع نسبيا :
- أنت هتعدلى عليا وتفهمينى أيه الصح وأيه الغلط ياريت تلتزمى حدودك
تلون وجهها بحمره شديدة من أقترابه المفاجئ فرجعت للخلف بعض الخطوات بأرتباك واضح فكل ماتفكر به هو الهروب اﻵن فقالت وهى تنظر له ثم أخفضت بصرها سريعا :
- أسفه يادكتور
أحمرار وجهها ورجوعها للخلف ورأية عيناها لوهله من قرب شعر بنشوه تجتاحه لم يعرف أهى نشوة تحقيق أمنيه تمنها منذ أن رأها ..أم ماذا !! كل ما يعرفه اﻵن أنه يريد أن يحتضنها وبشده ..
أغمض عينيه وقال قبل أن يفقد أعصابه بهدوء شديد غير معهود منه تجاهها وهو يرفع يده بأتجاه باب الحجرة :
- أتفضلى من هنا دلوقتى
حمدت الله سرا أنه قالها قبل أن تسقط أمامه بسب أرتباكها .. فأسرعت تمشى جريا وهى لم تستطع تفسير حالته تلك ...
صوت تنبيه لقدوم أحد على باب المنزل يعلو ولا يترك بينهم فاصل
وصوت يعلو نسبيا قائلا :
- يانعمة ... يانعمة شوفى مين
- حاضر ياست الحاجه
قالتها نعمة وهى تسرع فى إتجاه باب الفيلا الداخلى لترى الطارق الغير صبور بطرقاته المتتاليه
- أهلا يوسف بيه .. أتفضل
- أزيك يانعمة .. أيه ساعه عقبال ماتفتحى
قالها يوسف وهو يهم للداخل مردفا لتكملة حديثه :
- أيه محدش هنا ولا أيه
- أنا هنا يا يوسف يا أصيل
خرج الصوت من أحد تفريعات الردهه المطله على حديقة المنزل الخلابه
ضحك يوسف وهو يتجه لمصدر الصوت محدثه :
- ماما الحاجه واحشانى جدا جدا
أستقبلته صفيه فى أحضانها وهى تعاتبه
قائله :
- هو كل واحد يجى ياكل عقلى بكلمتين ، أنا لو واحشتك بصحيح كنت جيت لينا شوفتنا
قال يوسف بعد أن جلس هو صفيه على مقاعد الاستقبال المتجوره نسبيا
- أعذرينى أنا مقصر فعلا الأجازه دى بس علشان مدتها قصيره ويدوب قضيت طلبات زيكو اللى هيحتاجها فى غيابى وأدتها للبواب علشان يراعيه وأنا مش موجود وبعدين أنا جتلك أهو دلوقتى ..
قالت صفيه بنبره حزن دفين :
- جيت والله فى وقتك ياحبيبى أكنك حاسس بيا
أنتبه يوسف لتغير ملامحها ونبرة صوتها فقال بعجاله والقلق تملكه :
- مالك ياماما فى أيه قلقتينى
قصت له صفيه ماحدث إلى أن صعد حمزة غرفته ولم يخرج منها حتى اﻷن
هما يوسف واقفا وهو يقول
- طب متقلقيش نفسك وأنا هطلع أطمن عليه وأنزل أطمنك وكمان لو عوزه أنزلهولك معايا أنزله .. أنت بس تأمر ياصفصف
تفألت صفيه بحديثه وتحدث مبتسمه
- ربنا يطمن قلبك ياحبيبى وأفرح بيكم قريب
قال يوسف بنبره مرحه ومضحكه
- أيوه ياصفصف ..أهى الدعوه دى كترى منها على قد متقدرى وركزيلى فيها الله يسترك أصل أحنا شكلنا هنعنس ونقعد جمبك
ضحكت صفيه لكلامه فقالت
- ربنا يسعدك يايوسف دايما بتخلينى أضحك حتى وأنا زعلانه
رد عليها يوسف مكملا حديثه
- وهو ده المطلوب أثباته .. يلا بقا أسيبك وأطلع أشوف حمزة
- ماشى ياحبيبى ربنا يطمن قلبك
--------------------
دخل يوسف بعد أن طرق باب الغرفة ولم يستمع لصوت حمزة يأمره بالدخول اﻷمر الذى جعله يقلق وهما ليطمئن على أخيه قبل صديقه
رأى الغرفه مرتبه ولا يوجد بها أحد فأندهش وهما يرجع ليسأل عن مكانه مره أخرى اﻹ أنه لاحظ باب الشرفه مفتوح قليلا فخمن أن يكون بها
أتجه للشرفه وفتح بابها أكثر ونظر بها فرأى حمزة يجلس على مقعد كبير يأرجحه بهدوء وهو مغمض العينين
ذهب اليه وجلس بجواره وهو يمازحه قائلا :
- أنا قولت هاجى القى الأوضه متكسره وجو أكشن من بتوع اﻹفلام الهندى والترجمه اللى بتقولك ' وأخذ ينفس عن غضبه الذى يحرق الأخضر واليابس وطاخ ..طيخ .. طوخ ' بس عينى عليك بمبى
فتح حمزة عينيه وقال وهو ينظر له مستغربا:
- بمبى ! .. أشمعنا بمبى
- معرفش سمعتهم بيقول كده
أبتسم حمزة بجانب ثغره على طريقة يوسف المازحه قائلا :
- أيه اللى جابك دلوقتى ..والمفروض نجهز النهارده حالنا للسفر بكره .
- قلبى حس بأمك الغلبانه اللى قعد تحت قلقانه عليك دى
أعتدل حمزة فى جلسته قائلا بقلق :
- مالها !!!
- هى مالهاش هى عوزه تطمن عليك وميكونش موضوع شاهى مأثر فيك
نظر حمزة أمامه وهو يشابك يداه بطريقه عكسيه على صدره قائلا بهدوء :
- أنت عرفت !
تحدث يوسف بشئ من البرود النسبى :
- عرفت وده كان رأى فيها من يوم ماشوفتها وقولتلك .. وأقولك كمان أنا حاسس أن أول حفله شوفناها فيها كانت مدبره ليك أنت بالذات
تنهد حمزة بهدوء مرددا :
- أنا كنت حاسس بكده وحاولت أتقبلها هى وأفعالها على أمل إللى بينا حب بس مخطرش فى بالى أن أفعالها توصل لكده
تحدث يوسف بنبره غيظ مندفعه :
لا توصل و توصل .. النوع ده من الغنى ببقا تربيته متهونه خالص الا القليل اللى بيفلت ؛ وبعدين أنت مفروض تصلي ركعتين شكر أن باباك شافها قبل متتدبس
أومأ حمزة قليلا قائلا له :
- عندك حق ، الحمدلله رب العالمين
- طب بدال عندى حق قافل على نفسك ليه!
تحدث حمزة بشرود قائلا :
- أنا مش قافل أنا براجع نفسى لأن أفتكرت ده حب أو بداية حب بس لو كنت بحبها أو بكنلها أى مشاعر كنت زماتى دمرت الدنيا ومستحملتش .. وبرده معرفش الحب ده أيه أصلا
- أقولك أنا أيه هو الحب
قالها يوسف بنرة مازحه وهو يعدل من لياقه قميصه ثم أردف مرددا :
الحب أنك تحس أن سوسه بتخرم فى جسمك تبدا من نظرة ثم تدخل على القلب تلزق فيه عدل وبعدين تبدا تلعب فى الدماغ لما متعرفش تسيطر على أفعالك كلها والغيره طبعا من ضمن اﻹفعال دى واللى محستش بيها مع شاهى لما عرفت موضوعها
ضحك حمزة وقال له وهو يمازحه :
- دا الاخ مجرب على كده
أجابه يوسف ببلاها قائلا :
- أبسوتلي .. دا مره سمعت الواد بسيونى الملازم اللى تحت قيدتنا بيقول كده لخطيبته ، وكمان كنت جايب منظار وبراقب بيه شقه عرسان جداد فى العماره اللى قدمنا كان كل يوم مغرقها حب وفسح وهدايا
بس مش عاوز أصد نفسك بقوا دلوقتى لما دخلت الغيرة كل يوم شكل وخناق وصوتهم موصل لعندى علشان كده نويت أعنس وقولت لزيكو سوف أكتفى بك رفيقا وأنيسا وكلبا
قهقه حمزة بصوت عالى وهو لا يستطيع السيطره على نوبة ضحكه قائلا من بينها :
- قوم يايوسف .. قوم تعالى ننزل لماما دا أنت بجد مصيبه
هما يوسف واقفا وهو يجذب حمزة معه مردد بنبره مرحه :
- يلا ياعم بدل جو اﻵكتئاب اللى أنت عملوهلى ده .