رواية وحوش لا تعشق الجزء الثاني من ليالي الفصل السادس بقلم رحاب ابراهيم
" في محل الملابس "
عادت فاطمة إلى العمل بهدوء حتى لا تثير غضب صاحبته الذي كانت تترقبها بمكر حتى اقتربت من فاطمة وقالت بخبث :-
_ ماكنتش أعرف يا فطومة أنك تعرفي ناس عالية كدا !
بدأت فاطمة العمل وكرهت أن تكذب وقالت بصدق :-
_ انا عرفت مريم صدفة
ضحكت نايا عاليا واضافت وهي تجلس على مكتبها :-
_ صدفة ولا قصد المهم أنك تعرفيها ..انا بدأت احبك يا بطوط ..وأوعي تكوني زعلتي أني زعقتلك ؟
اجابت فاطمة وأرادت أن تصفعها حقا ولكن قالت بنبرة هادئة وهي تنظر للقماش الذي يطوف بين براثن اسنان ماكينة الخياطة :-
_ حصل خير
مطت نايا شفتيها بأحتقار مستغلة انهماك فاطمة بالعمل واشغلت نفسها باللهو على هاتفها ..
__________________________نبدأ بحمد الله
بعد مرور ساعة تقريبا ..في ڤيلا الشريف
ارتدت مريم ردائها حتى تأخذ رأي امها فيه وهبطت على الدرج بابتسامة واسعة وبادلها كلا من عمر وليالي بابتسامة أكثر اتساعا حتى اقتربت منها ليالي بضمة قوية وهي تبارك اختيارها الرائع ..قالت مريم بصدق :-
_ بصراحة ده مش اختياري
نظرت ليالي لعمر بمحبة وقالت لمريم :-
_ اكيد بابا ..صح ؟
رمقها عمر بنظرة تحذير حتى لا تخبر ليالي عما حدث منذ عدة أيام وفهمت مريم نظرته وقالت :-
_ ولا بابا ، هي بنت بتشتغل في المحل واختارتهولي
قال عمر بمراوغة وقد اقترب منهم بمرح :-
_ مش مهم مين اللي اختاره المهم أنه تحفة عليها
مررت ليالي يدها على رأس مريم بحنان وقالت :-
_ انتي زي القمر من غير أي حاجة وهتبقي قمرين يوم الخطوبة ...انا كلمت اشهر ميكب ارتيست في القاهرة وهتجيلك لحد هنا ..
قبلتها مريم من خدها بقوة ثم ذهبت لغرفتها حتى تبدل ملابسها ....
وراقبها نظرات الوالدين في محبة صادقة حقيقية وتمنّي بالسعادة ...
_______________________________أستغفر الله
"في قسم الشرطة "
عقب أغلاق هاتف المكتب عقد فهد حاجبيه في ضيق وشرد قليلا وداخله ضجيج صارخ باللهفة حتى قال محدثا نفسه :-
_ هو انا هفضل افكر فيها كدا كتير !!
تذكر صفعتها له حتى يبرر بحثه عنها إلى الآن وآخرهم هذه المكالمة التي انهاها منذ قليل....
دلف أسلام للمكتب وجلس وعلى وجهه أمارات الغيظ ثم تساءل :-
_ هو حداد هيفضل في الحبس كدا كتير ؟
رفع فهد حاجبيه بأستغراب وقال :-
_ ده شغلي وانا عارف بعمل إيه ، ومش هسيبه غير لما يعترف بكل اللي وراه لأني متأكد أنه اللي قتل مرزوق ..المرشد بتاعنا
صمت إسلام بنظرة ماكرة ثم خرج من المكتب ...
القى فهد القلم من يده الذي كان يطرق به منذ قليل وبدأ يشك بشيء غريب وراء التساؤلات الغامضة والمتكررة لأسئلة إسلام في كافة شئون العمل ....
________________لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين
انهت ياسمين تدريبها للفتايات ثم دلفت لكاڤيتريا النادي لتحتسي مشروبها المفضل ...جلست على طاولة واتى النادل بعد قليل ووضع امامها المشروب ثم ذهب..
اخرجت هاتفها من الحقيبة ونظرت له بتفحص وهي ترى المكالمات الفائته و احتست عدة رشفات من المشروب حتى وضعت فجأة أمامها على الطاولة علبة مغلفة بشكل مزين ...رفعت حاجبيها بتعجب ثم التفتت لتراه أمامها مرة أخرى وكادت أن تهتف به حتى اندهشت من جرائته وهو يجلس قبالتها على الطاولة ...زمت شفتيها في غيظ وهتفت :-
_ ده اللي هو إيه يعني ؟! ، مين اللي سمحلك تقعد معايا ؟
ابتسم مالك ابتسامة لطيفة ورفع حافة نظارته الطبية كعادته المتكرة كل عدة ثوانٍ ثم قال :-
_ متعصبة ليه بس ، اهدي الأول
اولا انا كابتن مالك باسم لاعب كرة التنس وخدت البطولة في سنة من السنين ، وكمان الهدية دي مش من غير سبب بالعكس ...انا بعترف أني كسبت قدامك بالحظ وبالصدفة ،واكتر الوقت كنت بصد الكرة مش بهاجم ...
نظرت بسخرية ولكن بداخلها قد ارضى غرورها هذا الحديث ثم قالت بثقة :-
_ خدت بالي ، حظ موفق المرة الجاية
نهضت من مقعدها واخذت هديته ووضعتها امامه مباشرة وقالت بتحدي :-
_ الهدية دي المفروض ليك ، برافو عليك انك قدرت تصد الكرة ده معناه أنك تستاهل البطولة ...
اتسعت ابتسامة مالك أكثر وأخذ مشروبها وبدأ يحتسيه مما جعلها ترمقه بغيظ ثم ابتعدت وهي تتمتم بعبرات غاضبة مما جعله يضحك بصوت خافت وقال :-
_ مغرورة ..بس عجباني
خرجت ياسمين من الكاڤيتريا ولم تقل قسمات الغضب على ملامحها بل زادت حتى اتت خاطرة بفكرها ...
ابتسمت بتسلية ثم توجهت للمكان المطلوب ....
بعد دقائق كانت تتسلل بترقب بين السيارات المتوازية لبعضها في كراج النادي وبحثت عن سيارته فهي سيارة مميزة باللون الابيض حتى وجدتها ...توجهت إليها وبيدها دبوس مدبب الرأس غليظ بعض الشيء كان بحقيبتها ..وافضت عجل السيارة جميعه في خلال أكثر من خمسة عشر دقيقة مما جعلها تنهض مبتسمة بسعادة ...وضعت الدبوس بحقيبتها التي تفاجأت انها تركتها مفتوحة وهي تبحث عن الدبوس والقته سريعا وذهبت من المكان بضحكة وهي تتخيل ردت فعله ...
بقلم رحاب إبراهيم
بعد مرور بعض الوقت
اتى مالك للكراج حتى يذهب بسيارته وفغر فأه عندما رأى ما حدث لسيارته ...ضرب السيارة بقدمه اليسرى بغضب حتى لمح لمعة شيء بالقرب من أحد إيطارات السيارة النائمة ..جثى على ركبتيه حتى التقطه ورفعه أمام عينيه بتفحص ...ابتسم بمكر عندما رأى صورتها بالقلادة الذهبية الرقيقة والصورة معها صورة أخرى لرجل شاب...
تجهم وجهه وقد ذهب ما حدث لسيارته من فكره بل انكب كل غضبه على هذا الرجل الذي ملامحه غير ظاهرة كثيرا ولكن تشير إلى أنه رجل شاب في عمره ....
تنهد بضيق ثم ذهب للخارج حتى يبحث عن أحد يصلح ما افسدته هذه الغامضة العنيدة ...فلم يكن مجال للشك في انها بعيدة عن هذا الشيء ....
___________________اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
مرت ساعات اليوم بشكل بطيء على مريم الذي كانت تنتظر بيأس أي مكالمة هاتفية منه حتى يطمئنهم عليه ولكنه لم يفعل ،وكأنه احب البُعد وأراده !!
حتى أخرجها من ذلك الضيق ذلك الرداء الساحر الذي اختارت لها فاطمة ..تلك الفتاة الذي تجسد عزة نفس الفقير ...وتمنت أن تأتي في الخطبة الذي ستقام بعد عدة أيام ...
في شاليه الاسكندرية ...
كانت أطراف شعره تتمايل على جبينه بخفة الهواء الذي يزور غرفته من النافذة المفتوحة ...ينظر بشرود للفراغ وهو ممد على اريكة قطيفة حمراء بقرب النافذة وصاح الحنين بكيانه حتى اعتدل قليلا وأخذ هاتفه من المنضدة القريبة ودق على رقم هاتفها قبل أن يتردد أو يتراجع ..
انتبهت مريم لصوت هاتفها حتى أخذته سريعة وابتسمت عندما رأت رقمه ..اجابت بعد دقيقة حتى التقطت انفاسها المتسارعة :-
_ الو
قال بصوته العميق :-
_ مريم ...عاملة إيه ؟
ابتسمت في خجل وتورد وجهها بحياء حتى اجابته بصوتها الرقيق :-
_ الحمد لله ..وانت ؟
أراد أن يخبرها أنه يتعذب ويتألم ولكن اكتفى بقول :-
_ الحمد لله
انتظرته حتى يتابع حديثه ولكن صمت ولم تجد هي أي شيء تتحدث فيه حتى ساد الصمت لعدة دقائق متوترة ..بعدها قال بتساءل :-
_ إيه رأيك نقضي اسبوع العسل هنا في اسكندرية ؟
ذهلت من هذا الامر وقالت :-
_ اسبوع ؟ واسكندرية في الشتا ؟!!
انت ليه خدت اجازة من دلوقتي مش المفروض تاخد اجازة قبلها بيومين او تلاته كدا ، يعني تقعد اجازة ٣اسابيع في اسكندرية وشهر العسل تختصره في اسبوع ؟!
نهض من مكانه وبدأ سيل الغضب يركض بداخله حتى هتف غاضبا دون أن يشعر :-
_ انتي بأي حق تكلميني كدا ! ، ولا ناسية اللي اتفقنا عليه ..
تأرجحت دموع عيناها على وجنتيها فهي اعتقدت أنه قد نسى هذه الفكرة المؤلمة التي تضعها أمام طريق وحيد لا غيره أمامها ....فالآن اتضح الأمر وبالفعل لم يصر عليها إلا لرد دينه لوالديها ...
ارتبكت تقاسيم وجهه بندم وحاول أن يصلح الخطأ الذي أغرق نفسه به بدون قصد ..قال بقوة :-
_ مريم ..انا ما..
قاطعته بنبرة باكية حاولت أن تخفيها :-
_ عندك حق ،ماتقولش حاجة انا فهماك ، اوك موافقة على اسكندرية ....
اغلقت الهاتف فجأة ولم تستطع إلا أن تبكي .....
القى الهاتف بعصبية حتى تهشم إلى قطع وهتف بغضب من نفسه :-
_ غببببي ، انا كنت عارف أن ده اللي هيحصل ، مريم ماتنفعش معايا ...لازم تبعد عني
__________________________ سبحان الله وبحمده
استعدت فاطمة للذهاب حتى أمرتها نايا أن تأخذ بكيس بلاستيكي يحتوي على أحد الاقمشة المقصوصة لكي تلقيه فاطمة بالقمامة على أول الرصيف بالخارج ...أخذته فاطمة وخرجت .....
كادت أن تُلقي به حتى لمحت خيوط أحد الاقمشة باهظة الثمن ، فقربته منها وبدأت تتفحص محتواه حتى اتسعت عيناها باستغراب وقالت :-
_ بقى دي حاجات تترمي !! ، والله لأخدها واعملي حتت فستان عجب ، حظك يابت يابطة
هندمت اطراف حجابها وتمايلت الكيسة البيلاستيكية بين يديها وهي تركض لتلحق بأتوبيس قد اقلع من مكانه للتو ...
____________________________سبحان الله العظيم
اتى يوم الخطبة واستعدت مريم بحزن دفين في عيناها حتى دلفت ليالي لغرفتها لتتأكد من انتهائها ...
شهقت من الصدمة وهي ترى صغيرتها بهذا الجمال حتى هتفت :-
_ الله أكبر ، ربنا يحفظك يا عيون ماما من كل عين
ابتسمت مريم قليلا حتى دلف عمر مستأذنا واشارت له ليالي بالدخول ...توجه لابنته وقبلها من رأسها بقوة وقال :-
_ يلا يا حبيبتي ، هنزلك لخطيبك بنفسي ..
وضع يدها بداخل انثناءت يده ثم توجه للاسفل...
وكز فهد آدم بيده وقال بمرح :-
_ والله وهنشوفك عريس يا آدووم
اطرف آدم بنص ابتسامة وهو ينتظرها بشوق لم يعترف به بعد حتى اعلنت الموسيقى الصاخبة ظهور العروس وهي تهبط الدرجات بيد والدها ...
تسمرت عيناه عليها وعلى وجهها الذي يضمه حجاب رقيق اللون رائع وردائها المحتشم الذي يتدلى ذيله خلفها كالأميرات ....تطلع إليها بنظرات حارب فيها الأعتذار كي يطل ويظهر حتى دفعه فهد وجذبه إلى مريم التي كانت تقف تنتظره حتى يأتي ويأخذها أمام الجميع ليجلسوا في مقاعدهم المزينة .. هكذا تجري العادة...
ولكن لم تنتظر طويلا فتحركت مع والدها عمر بإتجاه مقعد العروس وجلست وذلك وضع آدم في موقف محرج آمام الجميع ....ابتسم عمر وقال :-
_ بتتكسف
ابتسم الجميع بمرح ولكن آدم يعرف حقيقية الأمر ، جلس بجانبها والقى بسمة رسمية للجميع ثم قال بنفس بسمته ولكن نظرته كانت تضج غضب :-
_ هنتحاسب بعدين على اللي عملتيه ده ، مش هنا
ابتسمت برسمية أيضا وقد تملكها التحدي :-
_ لا انا ليا حساب عندك ولا انت ليك حساب عندي ، احنا الاتنين عارفين الجوازة دي ليه ..
تاهت بسمته وحل مكانها النظرات العنيفة واجاب :-
_ كلها اسبوعين وهتبقي مراتي ، ماتنسيش ده ،وكل حاجة محسوبة عليكي وأي موقف مش هيعجبني هتتعاقبي ، ويارب نخلص بقى
تمتمت بغضب :-
_ أن شاء الله هخلص منك قريب
هتف بها :-
_ انتي هتحترمي نفسك ولا اسيبك واقوم امشي ؟
نظرت بسخرية وقالت بتحدي :-
_ جدع قوم واعملها ، وعلى العموم في غيرك يتمنى يقعد القاعدة دي ، حياتي مش هتقف على شهريار عصره وآوانه
كاد آدم أن ينهض حتى اقترب فهد وقال على مقربة منهم بتحذير :-
_ محدش ملاحظ لحد دلوقتي ، بس انا عارف أنكوا دقيقة كمان وهتضربوا بعض بالتورته وانا بصراحة طمعان فيها ...اهدوا عشان الفضايح الله يستركوا
نظر آدم ومريم لبعضهم بحدة ثم ساد الصمت بينهم ليلقي كلا من ابتسامات بسيطة على الجميع ...
انتهى الحفل وصعدت مريم لغرفتها سريعا ثم ذهب آدم غاضبا لسيارته بالخارج ...
قال عمر بتعجب :-
_ هما مالهم !!
اجابه فهد وهو يلتهم قطعة من التورته :-
_ ده العشق يا عمر ..العشق 🔫
حملق عمر بوجهه وهتف :-
_ عمر حاف كدا ؟ 😞
رد فهد سريعا وبمرح:-
_ اومال اقولك يابابا !! 😐
_
كتم عمر ضحكته وقال :-
_ لأ عمر يا لمض
اتت ليالي من الداخل بعد أن ترمتهم منذ قليل لتوجه بعض الملاحظات للخدم في تنظيف المكان إثر إنهاء الحفل...وقالت متساءلة :-
_هي مريم وآدم فين ؟
اجاب عمر بهدوء :-
_ مريم طلعت اوضتها وآدم مشي
عبس وجه ليالي ثم ردد فهد جملته مرة أخرى وهو مبتسم بمحبة لقالب التورته بيده :-
_ ده العشق يا لاالي
ثم قال وهو يتوجه لغرفته بالأعلى :-
_ التورته لو ما طلعتليش كلها هتباتوا كلكم في القسم بكرا
اشارت ليالي بيدها بغرابة :-
_ بيقول ايه الواد ده ؟!
قال عمر هو يقهقه من الضحك :-
_ ده العشق 😂
________________________اللهم حسن الخاتمة
في منزل فاطمة الصغير ...
بعدت قدميها عن مشغل الماكينة القديمة حتى نهضت وهي تقفز فرحة وهتفت :-
_ خلصت ياماما الجاكت ، هو قصير شويتين بس على فستان اسود طويل زي بتاع سعاد حسني في زوزو هيبقى روووعة .....
وقفت فجأة بحيرة وقد نهضت امها من مجلسها ..قالت فاطمة :-
_ طب هجيب الفستان ده أزاي ، ده المرتب يادوبك هيكفي هدية مريم ومواصلاتي ...
ضاقت عين الام بألم ثم تذكرت شيء جعلها تلقي بأكوام الملابس بصندوق خشبي بجانبها على الأرض حتى أخرجت رداء سهرة قد اعطته لها احد الراقصات بالملهى وقالت :-
_ الفستان ده في قطع صغير من الديل ، ضبطيه على المكنة وهيبقى زي ما انتي عايزة .....
التقطته فاطمة بابتسامة واسعة وهي تنظر للفستان الأسود الذي وكأن ساحرة السندريلا ااتت به إليها في الحال وقالت :-
_ هو عريان من فوق بس الجاكت هيداريه وهلبس عليه حجاب فضي زي الجاكت وهبقى ولا سعاد حسنى في الفيلم ...
نظرت لها امها بمحبة وقالت :-
_ واحلى كمان يا بطة
ارتمت فاطمة بسعادة بأحضان امها ولم تعرف لما كان حضروها هذه المناسبة مميز إليها لهذا الحد !!
ثم ابتعدت قليلا وتساءلت :-
_ صحيح ..الفستان ده جبتيه منين ؟
اجابت الأم بلطف :-
_ ده فستان واحدة من البنات اللي كانوا بيشتغلوا في صالة الكباريه..ولما اتقطع بدلته وقالتلي صلحيه وخديه ، مش هينفعها تاني ...
هزت فاطمة رأسها بتفهم ثم بدأت ترتديه لتكتشف إنه طويل بعض الشيء على طولها المتوسط ...قالت :-
_ حلوو أووي ، هقص الحته المقطوعة ويبقى كدا كأنه جديد
ابدلت ملابسها مرة أخرى وأخذت الفستان وبدأت العمل به ، لمحت شريط رفيع فضي قد تبقى من خياطة الجاكت الفضي القصير ..أخذته فاطمة لتضعه بخصر الرداء و يتلائم مع بعضه حتى انهته بعد دقائق ..
قالت الأم بعد أن جلست مرة أخرى ترتب فوضى الملابس على الأرض:-
_مش هتقسيه عشان تتأكدي؟
هزت فاطمة رأسها وقالت :-
_ لأ عشان زهوته ما تروحش ، انا ضبطه على مقاسي بالضبط ومتأكدة من خياطة إيدي ...
وقفت وفردت الرداء بين يديها ببسمة حالمة ثم وضعته بعناية في دولابها الصغير ...
________________________لا إله إلا الله محمد رسول الله
كانت تقف في شرفة غرفتها تتنفس الهواء الذي يركض برئتيها بغضب حتى صدح رنين هاتفها الخاص ..
التقطت الهاتف لتزفر بضيق عندما رأت رقمه ولم تريد أن تجيبه حتى فاتت المكالمة وتلاها مكالمات أخرى ...ويبدو أنه مصمم على تعنيفها أو ربما يريد ...الانفصال !
أرجفتها هذه الخاطرة حتى بدأ الخوف والألم يتسلل إليها وصاح الهاتف معلنا وصول رسالة نصية ...
ارتجفت يدها وهي تفتح محتوى الرسالة :-
"ردي عليا بدل ما ارجعلك تاني "
ضيقت عينيها بغيظ وهي تتلقى مكالمته بعد دقيقة واجابت بحدة :-
_ عايز إيه ؟ مش كفاية اللي قولته النهاردة ؟
ضرب على مقود سيارته بعصبية وهو يتوجه إلى الاسكندرية مرة أخرى وهتف :-
_ هو انا هتحايل عليكي عشان اكلم سيادتك !! ، بعد كدا تلمحي بس رقمي تردي فورا وماتعصبنيش ، انا آخر مرة موبايلي كان هيتكسر بسببك
جلست على فراشها بغيظ وانفعال واجابت :-
_ انا مش تحت أمر حد وهرد لو انا عايزة أرد ، ومش هقعد أفكرك كل شوية أن جوازنا ده مش حقيقي .. ومش هيطول ..
قال بعنف :- انا مش هتصل بيكي تاني ومش هاجي الفرح
كتم عصبيته حتى لا يلفظها بالشتائم ثم أغلق الهاتف ورماه على المقعد بجانبه وهو يتنفس بعصبية وغضب ..
شهقت بإرتباك عندما قال هذا وانهى خط الاتصال ونهضت لتبدل ملابسها ولكن كعادة أي فتاة ..وقفت أمام المرآة لترى مظهرها وتذكرت فجأة نظرته المتفحصة بغموض عندما رأها تهبط درجات السلم مع والدها ....
من يراها في هذه اللحظة يقسم أنه عاشق وليس هذا المتعجرف الذي يريد كل شيء يدور حسب إرادته ...
ثم انتابها الألم لكون هذا اليوم أرادته افضل من ذلك ولكن لماذا كانت ترتجف خوفا من فكرة الانفصال منذ قليل !!
لابد أن تفهم نفسها أولا ثم تبدأ في فهمه ....ولم تأخذ حديثه على محمل الجدية
______________________ لا تحزن أن الله معنا
في غرفة ليالي وعمر ....
راقبها وهي تنظم شعرها أمام المرآة ولم تتبدل نظرته لها فهي دائما ستظل تلك الفتاة صاحبة الضحكة الشقية التي كانت تركض ضاحكة من مكتبه بعد أن خدعته بإغمائة ....
قالت متساءلة ولم تلاحظ شروده بها :-
_ طب باسم ومسافر وماعرفش يجي ، طب وريهام وولادها ! ،
تنهد عمر وقال :-
_ بصراحة لما صارحت باسم فهم الموضوع وبالذات لما قولتله أن ده اختيار مريم ، بس اظاهر بقى أن ريهام زعلانة وواخدة موقف بسبب ابنها ..
التفتت له بغيظ وقالت بتحذير :-
_ هو لازم تقول ريهام ، ما تقول مراته أو ام مالك 😒
اتسعت ابتسامته بضحكة عالية وقال بمرح :-
_ عمرك ما هتتغيري ابداً
ابتسمت وقد لاح بعقلها كل ما مضى حتى قالت بسعادة حقيقية :-
_ أن بعد العسر يسرا ...فعلا
تعرف أنا جت عليا اوقات كنت بقول مستحيل الحال يتبدل وهفضل في اللي انا فيه ...بس دلوقتي اتأكدت أن دوام الحال من المحال ...وأن ربنا كبير اوووووي
نهض من مكانه واقترب منها بنفس نبرته المرحة :-
_ عندك حق ، بس مش وقت نكد وذكريات حزينة احنا في فرح ..
بادلته ابتسامته المرحة ....
____________________أن بعد العسر يسرا
بعد أن بدل ملابسه خرج للشرفة ونظر متأملا للفراغ رغم أن رطوبة الهواء كانت عالية ولكن بداخله بركان لم يخمد إلى الآن ...حاول أن يتصرف بمرح هذه الليلة حتى لا يظهر عليه الضيق والعصبية ولأن شقيق قلبه بدأ خطوات السعادة وتمنى له بدعوة صامته أن يخرج من تيهته إلى بر الآمان ....
وارتسم في الفراغ وجهها الذي بات يرافق مقلتيه اينما ذهب ! ، فأين المفر من هذا الشيء الذي انتابه وكأنه لعنة قد اصابته ..
أخرجي من مخيلتي يا ...صغيرة
____________________ استغفرك ربي واتوب إليك
في النادي الرياضي ...
تغيب ياسمين الايام الفائتة عقب ما فعلته بسيارة مالك وذلك عندما عادت إلى المنزل وبدأ الندم ينتاب قلبها وأرادت نسيانه والابتعاد عنه فأخذت عطلة لمدة شهر حتى تستطيع ان تعود للعمل بفكر فارغ منه ولا تعود لمضايقته بأي طريقة حتى لو خمن أنها وراء ما حدث ..فليكن ذلك ولكن لن تخالف تحذير والدتها بعد الآن ....
مرت الايام في بُعد كل الاطراف وكلا منهم في دوامته ويتذكر الآخر بلهفة يحاول اخفائها ثم يتألم ...حتى أتى موعد عقد القران الذي سبق الزفاف بيوم واحد وللصدف السعيدة ظهرت نتيجة الثانوية العامة لتعلن حصول مريم على نسبة عالية مما انساها بعض الشيء مقتها في عدم اتصاله منذ يوم الخطبة وخوفها من تنفيذ تهديده بعدم المجيء .....
بارك لها الجميع بسعادة وقال عمر وهم حول مائدة الغداء :-
_ احلى حاجة أن نتيجة الثانوية ظهرت النهاردة مع كتب الكتاب ، احلى مفاجأة ..الف مليون مبروك ياروح بابا
ابتسمت مريم وهي تخفي قلقها ثم قالت ليالي بابتسامة :-
_ ربنا يجعل كل ايامك سعادة يا حبيبتي
اجابت مريم بهدوء :-
_ ربنا ما يحرمني منكوا يارب ..
حتى تساءلت :-
_ هو فهد فين ؟
اتسعت ابتسامة عمر واجاب :-
_ لا ماتسأليش على فهد النهاردة ده واخد اجازة من شغله عشان ترتيبات الفرح وانا نفسي مش عارف اشوفه ..وراه حاجات كتير بيعملها....
أرادت أن تسأل على آدم ولكن شعرت بالحرج حتى نهضت واستأذنت منهم ثم صعدت لغرفتها ....
اطرف عمر عينه بقلق ثم قال :-
_ مريم باين عليها قلقانة أوي
اجابت ليالي ببطء وقد انهت طعامها :-
_ اي عروسة كدا ، ما تقلقش انت
هز رأسه نفيا :-
_ انا مش قلقان إلا عليكي ، مريم هسلمها لنسخة مني ومش خايف عليها ...لكن انتي مرعوب عليكي ...
عموما احنا مسافرين بعد بكرا ومش هتأخر يوم كمان عشان تكوني عارفة ....
عقدت حاجبيها في ضيق وقالت :-
_ بعد بكرا يعني صباحية مريم ..هسيبها واسافر ؟!
زفر عمر بضيق وقال :-
_ آدم ومريم مسافرين على اسكندرية تاني يوم ، وهتفضلي انتي هنا وفي جميع الاحوال تقدري تطمني عليها بالفون ..انا مش هأجل السفر تاني على فكرة ،الدكتور مش هيستنانا أكتر من كدا !
نهض من مقعده وذهب غاضبا .....
هتفت ليالي لأحد الخدم حتى يحمل اطباق الغداء ثم ذهبت إلى زوجها عمر لترضيه .....