رواية ليالي الوجه الاخر للعاشق الفصل السادس والستون بقلم رحاب ابراهيم
امتلأت الاجواء بالمراح الممزوج بضحكاتهم العالية ، التي تكسر أسوار الحزن الذي آسرهم لسنوات ، حزن دافع للبقاء ولكن دائمًا وأبدًا إرادة الله هي المنتصرة ...
للحظات شعرت وكأن الألم غادر منحنيات حياتها ودربها الذي آنار بضوء الأمل والحياة من جديد ..ولكن الحياة ستبقى دائمًا مزيج من هذا وذاك ....
خرجت من المسبح صعودًا لغرفتها حتى تبدل ملابسها والقت نظرات مشاكسة للصغار الذي أثار مظهرها المبتل ضحكهم ...وخرج أيضًا عمر من المياه ولكن لم يذهب خلفها بل أتى فكرة بعقله وجعلها مصدر خفاء حتى المساء ...
بدلت ملابسها إلى رداء طويل حريري ممزوج بلوني الأسود والأحمر وبطانته السفلية بلون الستان الأحمر الناري مما جعل مظهرها أمام المرآة وهي تنظر لأنعكاس مظهرها ..كحورية خرجت للتو من بلاد السحر والجمال ووضعت لون خفيف على وجهها أبرز جمال وجهها أكثر بشكل ساحر وناعم....ابتسمت بسعادة وهي تنظر لوجهها ، لأول مرة ترى وجهها بهذا الجمال ! ، أم هل توثق السعادة نسبة جمال الوجه ؟....
فعلى أي حال ..هي الآن هنا ..مع زوجها الذي لطالما تمنته ،بدون عوائق أو عقبات ، وأتت هذه المرحلة في حياتها الزوجية بوحدتها معه كي تحارب معه عن بيتها واستقراره ....لا تحاربه هو ...
هبطت للأسفل ولكنها لم تجده ! ، سألت عنه الصغار ولم يجيبوها أيضًا ، كل ما اخبروها به أنه ذهب ليبدل ملابسه ولم يعد للآن ...
بحثت عنه كثيرًا ولم تجده ، بدأت تشعر بالقلق حتى أنها حاولت الاتصال به ولكن اكتشفت أنه ترك هاتفه بالمكتب !
إلى أين ذهب ؟ ...سألت أحد الخدم واخبروها أنه أخذ سيارته منذ دقائف وذهب!! ......
مرت ساعات الغداء ولم يعد أيضًا ،وبدأت معزوفات القلق تيقظ اضطراب ضربات القلب التي أخذت مسار السرعة وكأنها تتسابق فيما بينها للهلاك ...
بدأ الصغار يتثاءبون وذلك بعد أن حل المساء ...
أخذتهم إلى غرفتهم وبدأت تسرد لهم كعادتها بعض القصص وهي في عالم آخر من الحيرة والقلق حتى ذهب كلا منهم في غفوته الهادئة ،وتسللت هي ببطء إلى الخارج
ذهبت إلى غرفتها وما كادت أن تغلق الباب بعد أن دلفت لداخل الغرفة حتى جذبتها يد قوية .....
شعرت بالذعر لثوانٍ ولكن تبدل الذعر للوم وهي تنظر له عاتبة على تركها كل هذا الوقت بمفردها ...قالت بضيق :-
_ كنت فين كل ده ؟!
لم يجيب بل استمر يحدق بها بنظرات عاشقة تلتهم عيناها ، ارتبكت وهي تنظر له وحاولت أن تبعده ولكن حملها وخرج من الغرفة ببسمته الماكرة وذهب للأعلى في مكان لأول مرة تراه في هذه الفيلا الكبيرة ...
كان هذا المكان في الروف العلوي للفيلا ولكن مغلق تمامًا مثل قاعة المناسبات ومزين بطريقة رقيقة وساحرة ....
انزلها على الارض واقترب من الطاولة المغطاة حتى كشف عن حلوى بها شمعة واحدة وبجانبها صندوق كبير ...
ارتسمت بسمة على وجهها وهي لا تشعر أن هذا حقيقة بل أنها تحلم ...لا هذا حقيقة !
استمرت بين الاحتمالين بحيرة وما كان يوقظها نظراته الساحرة الصامته وهو يخرج شيء من هذا الصندوق المزين ......
اتسعت عيناها بذهول وهي ترى رداء أبيض مطرز بشكل ساحر ...تسارعت انفاسها وهي تنظر للرداء بدهشة ...
قالت ببطء :-
_ ده ليا ؟
اقترب منه وقرب هامسًا من اذناها :-
_ كنت هحتفل بعيد جوازنا في شهر العسل بس شهر العسل انتهى من أول يوم ! ، المهم دلوقتي عايز اشوف الفستان ده عليكي ....انا لفيت بالساعات على ما لقيت حاجة عجبتني .....
بلعت ريقها وهي تلمس أطراف الرداء ولمعة دموع السعادة ظهرت بعيناها....أخذته بابتسامة واسعة ونظرت حولها لتلمح باب لغرفة بعيدة .....اتجهت لها بابتسامة خجولة ..
راقبها وهي تركض بسعادة بنظراته المحبة ثم بدأ يُعد الطاولة وبعض الموسيقى الهادئة لبدء الاحتفال ...
**********************
دلفت لداخل الغرفة لترى غرفة معدة مثل غرفتها ثم نظرت للرداء بسعادة فائقة وبدأت ترتديه ....
أخذ الأمر وقت نظرا لضخامة الرداء ولكن عندما وقفت أمام المرآة شهقت من الصدمة .....
لم تتخيل أن يوجد رداء أجمل من هذا ، فهو مثل رداء أميرات ديزني الخيالية.....فهمت لما أختاره باللون الابيض فبالتأكيد أنه أراد أن يعوضها عن يوم الزفاف الذي تتمناه أي فتاة ....ابتسمت أكثر لأنها قد زينت وجهها سابقًا وكأنها كانت تشعر بما سيحدث .....
التفت حول نفسها بسعادة وهي تشعر أنها الفتاة البسيطة الذي عشقها امير البلاد ....تشعر بقلبها يدق بجنون عندما لمست مقبض الباب وانتبهت لصوت الموسيقى الحالمة والاضاءة التي تبدلت للخفوت ....
انتفضت من التوتر وهي تقف أمام باب الغرفة التي للتو خرجت منها ،حتى فغرت فاها عندما رأته قد بدل ملابسه أيضا لبدلة رسمية انيقة ......
بلعت ريقها بصعوبة وهي تراه يتجه إليها بنظرته هذه التي تسحرها حتى وقف أمامها مأخوذها بطلتها الرائعة وجمالها الرائع الملائكي حتى جذبها اليه وبدأ يتحرك على انغام رقصة بطيئة ......
كان اللحن المنشود عبارة عن لحن لقصيدة شهيرة من أشعار نزار القباني ....كلماتٍ ليست كالكلمات
تحرك معها بخفة على انغام اللحن الساحر حتى شعرت أنها تحلق في الفضاء وهي تسبح بين نظرات عيناها التي اسرتها في غيمات العشق ....
كلماته في اذنها كانت أكثر قوة من شاعرية اللحن وتأثيرها على مشاعرها ....وهنا تأكدت انها كتبت لهذا الرجل فقط قلبا وقالبًا ...كانت تهرب من عيناه كثيرًا ووجهها يتورد من الخجل....حتى انتهى اللحن ليأتي بعده سكون أكثر ضجيجًا لمشاعرها وارباكا لها ....
ابتعد بنفس نظرته هذه وأضاء الشمعة الوحيدة بين الحلوى ثم قال لها بنبرة هامسة :-
_ كل سنة وانتي معايا
أخرج علبة صغيرة من جيبه وأخرج منها خاتم ماسي ووضعه في يدها ...ثم قبل انامل يدها بقوة ...
بالكاد تفوهت بكلمات شعرت بها فقالتها :-
_ حاسة أني بحلم
اتسعت ابتسامته وهو يأخذ قطعة صغيرة من تورته الشيكولا ويطعمها ....
قلدته في ذلك وهي تبتسم ثم اطفأو الشمعة التي لم تؤثر على اضاءة المكان ...
نظر لها بحب وقال وهو يتأمل ردائها الساحر الذي اختاره بعناية :-
_ زي ما اتخيلتك بالضبط ، اجمل واحدة عيني شافتها
انا شايفك اجمل انسانة في الكون ...
اقترب من عيناها بشدة وتابع بهمس :-
_ ده مش كفاية عشان تثقي فيا
قالت سريعا تؤكد :-
_ واثقة فيك ، بس بتجنن لما بشوف واحدة قريبة منك ،
مابعرفش افكر ...
ابتسم بمرح وهو يحملها بين ذراعيه وقال :-
_ اه منا عارف ، بأمارة طللللللقني 😂
لكمته على كتفه وهي تكتم ضحكتها وقالت :-
_ بطل ضحك عليا ، ما انت كمان كنت بتقول كلام غير منطقي ...عليا الطلاق منا مطلقها ، كنت هموت من الضحك ساعتها هههههههه😂
هبط درجات الدرج متوجهًا إلى غرفتهم. وأجاب :-
_ مجنونة رسمي 😂😂
دلف إلى غرفتهم واغلق الباب .......
**************************
في صباح اليوم التالي ....
نهض ببطء على انامل رقيقة ، فتح جفن عينيه ليتفاجئ بالصغار وهم يحاولون ايقاظه بضحكاتهم الخافته...
نظر لهم بقوة مما جعلهم يتراجعون بخوف من نظرته حتى اتسعت ابتسامته وجذبهم إليه بمرح مما جعل ضحكاتهم تعلو .......
قال عمر بعد موج الضحكات التي نالتهم :-
_ ماما فين يا آدم ؟
هز فهد رأسه لآدم حتى لا يقول شيء ولمحه عمر بتعجب حتى قال آدم وهو يشير للنافذة :-
_ تحت
نهض عمر سريعاً ونظر من النافذة حيث اتسعت ابتسامته وهو يرى والدته على مقعدها المتحرك وهي أمام طاولة الافطار بقرب المسبح وزوجته ليالي تطعمها وتتبادل الضحكات معها ...استمر هكذا للحظات وهو ينظر لهم بحب عاضف حتى رأى الصغار قد تسللوا من الغرفة دون أن يلاحظ وهبطوا لها في الاسفل وبدأ يمرحون. .....
المشهد امامه كان فائق الدفء والامان حتى استعد للنزول ثم انضم لهم بابتسامة ماكرة لزوجته ثم قبل رأس فريدة بحنان .....
أثناء الافطار أتى باسم بهدوئه المعروف والقى السلام عليهم وكانت ليالي قد ذهبت عندما لمحته يأتي من بعيد حتى ترتدي غطاء وجهها ثم جلست معهم مرة أخرى
**************************
تحدث باسم معهم قليلا وأخذ في مراعاته وجود فريدة حتى انتهى الافطار وأخذت ليالي فريدة إلى غرفتها التي هصصتها بالدور الأسفل لسهولة التواجد بجميع الوجبات معهم ولمشاركتهم في كل شيء ......
قال باسم وهو ينظر لعمر بجدية :-
_ جالك امبارح جواب استدعاء من الشرطة
اتسعت عين عمر بدهشة وردد:-
_ جواب استدعاء !! ، ليه ؟
بص يا عمر انا هقولك الموضوع ، انا ماكنتش مطمن عليك وانت مسافر شهر العسل عشان كدا بعت حرس وراك ، والحمد لله أن ده حصل
انزعج عمر وقال بعصبية :-
_ هو انا صغير يا باسم ! ، تبعت ناس ورايا من غير ما أعرف ، وكمان في شهر العسل !!
تابع باسم حديثه :-
_ روزالين ماشوفتهاش صدفة ولا هي عملت كدا من نفسها لمجرد الغيرة والكيد ، تامر اللي بعت مراته ليها وكمان كان باعت واحد يقتلها عشان انت تشيل جريمة القتل ،ولولا الناس اللي بعتها وراك كان زمانك دلوقتي متهم ....روزالين واللي كان هيقتلها الاتنين عندي ،وخليتهم راحوا بلغوا عن تامر ودي قضية تانية هو هيشيلها ......
نهض عمر بصدمة مما سمعه وهتف :-
_ للدرجادي كان عايز يأذيني !!! ، ده ما شافش مني غير كل خير !! ، رغم سمعة ابوه واللي عملي مع والدي الله يرحمه ما رضيتش اخده بذنبه وقلت يمكن يصلح غلط ابوه ، بس طلع أسوء !
وضع باسم يده على كتف عمر وقال بتأكيد :-
_ الحمد لله عدت على خير ، وموضوع الدمج مستر مراد بنفسه جاي وهيفهمك كل حاجة ....
شدد عمر يده على يد باسم وقال بشكر :-
_ مش عارف اعمل معاك ايه باسم ، مش شايف حاجة تقدر ترد اللي بتعمله معايا ، انت مش صاحب ..أنت اخ
لكمه باسم بمرح وأكد :-
_ ده غصب عنك مش بمزاجك يا عمووور
تابع بتساول :-
_ مراتك هتيجي معانا ؟
هي كمان مطلوبة في التحقيق
اعترض عمر كثيرا ولكن باسم اقنعه أن وجودها مطلوب بشكل رسمي في التحقيقات ...
اتت ليالي مرة أخرى وأخبرها عمر عن الأمر منتظر منها التفاجئ وتأكيد برائته رغم انهم تصالحوا ولكن اكتشف أنها تعرف كل شيء .....
قال بدهشة :-
_ يعني لما باسم قالك صدقتي ! ، بس انا ما صدقتنيش !!
نظرت له بقلق :-
_ يا عمر ماتفهمنيش غلط ، لما باسم كلمني كان عارف ان حصل بينا مشكلة بسبب الموضوع ده وحاول يحلها من بعيد وبعدين يتصرف هو مع روزالين لكن لما جبتني الفيلا هنا واكدتلي انك هتثبت براءتك انا فعلا ساعتها بدأت اتأكد أن في حاجة غلط حصلت
هز رأسه دون أن ينظر لها وراقب باسم المشهد بعصبية من كلاهما حتى هتف بهم قبل أن يبتعد :-
_ انا مش عارف بجد كل ما اصالحكوا لازم الاقي حد زعل من التاني ، انا هسبقوا
ذهب وتركهم دون ابدأء اي دخول في منقاشات لا جدوى منها ....
حاولت أن تتحدث حتى قاطعها :-
_ اجهزي عشان هنروح دلوقتي ، ونبقى نتكلم بعدين
ظهرت بعيناها دموع وذهبت دون أن تتحدث ....
*************************
بعد مرور ساعات ...
خرج عمر وباسم وليالي من مكتب ضابط التحقيقات واتت روزالين راكضة الى ليالي وعمر بأعتذار ولم يعيروها أي اهتمام ثم ذهب باسم للشركة وعاد عمر وليالي للفيلا وبينهم هدوء مزعج ابكي قلبهم .....
**************************
وقفت السيارة أمام الفيلا وترجل منها عمر بعصبية ثم خرجت ليالي بنظراتها المتألمة وهي تلتزم الصمت ...
ركضوا اليهم الصغار بمرح ولكن استقبلوهم بهدوء منزوع منه روح الدعابة مما جعل الصغار يلتفتون لبعضهم بتذمر ...
صعدت ليالي إلى غرفتها سريعا وهي تكتم دوعها وفرحتها التي يلحقها دائمًا الالم ....
ركض الصغار يواصلون مرحهم واتجه عمر إلى مكتبه بضيق وعصبية تملأ وجهه منها ومن نفسه .......
**************************
دلف باسم إلى مكتبه في الشركة وأجرى اتصال هاتفي لزوجته ريهام حتى يطمئن عليها وذلك بعد أن شعر بشحوبها في الصباح ...اجابت بعد دقيقة :-
_ ايوة يا حبيبي ..معاك
اجابها بمرح :-
_ عاملة ايه دلوقتي يا ريمو ؟
ابتسمت وهي تجيبه بلطف:-
_ الحمد لله كويسة ، طمني انت ، عملت ايه في التحقيق بتاع روزالين ؟
اجابها باسم وهو يزفر بضيق :-
_ كل شيء مشي تمام بس اللي مش تمام أن عمر زعل تاني من مراته عشان افتكر انها سامحته بعد ما كلمتها وفهمتها على الحقيقة ...هو ده بنسبة بسيطة صح ، بس كمان انا شايف انها معذورة شوية
اكدت ريهام بقوة:-
_ طبعا معذورة ، هو المفروض لما تشوف كدا تعمل ايه يعني ، انا لو كنت مكانها كنت طبقت في زمارة رقابتك
قهقه باسم وقال :-
_ يا شرس انت 😂
ضحكت ريهام بصوت عالي ثم تابعت :-
_ انا كنت بصراحة مترددة كتير اقولهم على موضوع عم جمال والموقف اللي شوفته لما وقع على السلم بس طالما طنط فريدة سكتت وما قالتش انا مش هتكلم ...
حذرها باسم بشدة :-
_ اوعي تعملي كدا ، الاتنين الله يرحمهم ،مش عايزين نفتح مواضيع مش هتعمل حاجة غير انها هتسبب مشاكل مابينهم ، وانتي بتقولي أن هشام ماكنش قصده يوقعه لكن نصيبه جه كدا بقى ...مافيش داعي تقولي ، خليهم يعيشوا مرتاحين شوية ..
وافقته ريهام بتأكيد ثم اوضحت شيء :-
_ تصدق كنت بحسب أن اللي بعت روزالين هو صابر اللي ضرب نار على عمر قبل كدا من زمان قبل ما ليالي تسافر برا ....
رد باسم بضحكة :-
_ ريهام يا حبيبتي ،شكل الحمل مأثر على ذكائك وذاكرتك ، صابر مين اللي هيعرف روزالين اصلا وبعدين صابر ما بلغنا عليه من زمان واتحبس اصلا ...
اجفلت ريهام عيناها ثم قالت بتذمر :-
_ تقريبا كدا هولد قريب ، انا بقيت بنسى انا حتى اكلت ولا لأ 😑
قهقه باسم مرة أخرى وقال :-
_ عشان كدا ما بلاقيش اكل في التلاجة ،هههههههههه
شعرت بالغيظ وقالت بهتاف :-
_ طب اقفل بقى عشان هروح اتغدا ومش هستناك
قال بمحبة :-
_ بالهنا والشفا ياروحي
ابتسمت ريهام ثم انهت الاتصال وهي تدعو الله من قلبها أن يبارك لها في حياتها الذي اتت لها مغلفة بسعادة لم تكن تظن انها ستشعر بها في يومًا ما ....
******************************
في ساعات الليل يتسلل الحنين الي القلوب ويترجى العشق كي يقترب من النبض حتى يهدأ توتره....
رفضت أن تهبط أثناء الوجبات وانتظرته في غرفتهم حتى يأتي ولكنه لم يفعل ذلك ......
سمعت دقات على بابها حتى فتحت الباب وبدا الامل يداعب قلبها في مجيئه ولكن ذبلت ابتسامتها عندما رأت كريمة الخادمة تخبرها أن فريدة تريدها في غرفتها بالأسفل ....
وافقت ليالي ثم انصرفت كريمة لعملها وبدأت هي تلقي نظرة على ردائها قبل أن تهبط ....
خرجت من غرفتها متوجهة لغرفة فريدة حتى التقت به على درجات السلم وتقابلت نظرات اعينهم في مزيج من اللوم والعتاب ....مر من جانبها وصعد دون أن يتفوه بحرف مما جعلها تريد أن تركض وتختبئ ثم تبكي بقوة ....
عادت في طريقها إلى غرفة فريدة ثم دلفت للغرفة بهدوء واستقبلتها نظرة فريدة القلقة ....
اقتربت ليالي منها ببسمة بالكاد رسمتها حتى لا تقلق فريدة وقالت :-
_ ما تقلقيش عليا يا ماما ، انا بس كنت مصدعة ونمت طول النهار ...
هزت فريدة رأسها بتفهم ثم قبلتها ليالي من رأسها ولمعت الدموع تغزو عيناها ثم استأذنت للانصراف ....
صعدت إلى غرفتها مرة أخرى وأرادت أن تتحدث معه بهدوء حتى تشرح له ما حدث ...
أسرعت إلى غرفتها بعزم على مناقشته ودلفت إليها وكادت أن تتحدث حتى باغتها وقال بجدية :-
_ مراد غالي وصل القاهرة ، اتصل هنا عشان تطمني أنه وصل وهيكون هنا بكرا الساعة ١٠ الصبح ، لأنه وصل متأخر النهاردة وماقدرش يجي ....
اقتربت منه وقالت بحدة :-
_ مش كل ده ، مش مهم الدنيا بحالها ، المهم أنت ،
أنت عارف أنا حاسة بإيه وانت بتعاملني كدا ؟
ضيق نظرته بعد أن اسودت من الغضب :-
_ وانتي عارفة انا حسيت بإيه لما عرفت أنك صدقتي لما اتاكدتي بس ،مش عشان صدقتيني ووثقتي فيا ، كنت فاكرك عقلتي وبدأتي تخافي على حياتنا ، تعرفي أن الدنيا بحالها قالتلي أنك موتي وانا ما صدقتش وفضلت متأكد انك لسه عايشة ، تعرفي أني قبل ما أعرف انك بريئة يوم اضرب عليا نار وانتي اغمى عليكي أني كنت هسامحك حتى لو اكتشفت أنك فعلا كدبتي عليا وانك مرات أخويا
هتف بغضب أكثر:-
_ تعرفي أنك عمرك ما وثقتي فيا ابدًا ، لحد النهاردة تفكيرك ما اتغيرش ...ليالي هي ليالي مش هتتغير ، انتي ما بتحبنيش نص ما بحبك حتى
صدمها حديثه حتى انها لم تنتبه أنه ذهب من امامها بعصبية .....رفعت عيناها تبحث عنها في الغرفة وهي تبكي ولكن لم تجده ....ولم تستطع أن تذهب وتحدثه بعد ما قاله ....
اقتربت من الفراش وتمددت بجسد يرتعش من البكاء ثم اجهشت في البكاء بشكل محزن ......
************************
كان يقتله الشوق لها ولكن هذه المرة لابد أن يقاوم ، استاء كثيرا لاكتشافه أنها قررت مسامحته عندما اكتشفت الحقيقة فقط دون علمه حتى .....جال في غرفة مكتبه ذهابًا وايابًا واغلب الوقت كان سيضعف ويركض إليها ولكن كبريائه هذه المرة أعترض بقوة ......
سار نبضه مسار الراكض والهارب من شيء مخيف يجتاحه ولكن بعض المقاومة والصلابة بداخله تأبى الضعف ..فإلى أي مسار سيتخذ طريق العاشق ؟
بات ليلته في مكتبه ثم صعد مبكرا ليبدل ملابسه ولمح اغلاق جفونها بسرعة مما أكد له انها انتظرته طيلة الليل ولكنه لم يبالي بها ......
تألم حقًا لأجلها ثم بدل ملابسه وخرج سريعا قبل أن يضعف ....
**********************
جلس أمام طاولة الافطار وانتظر أن يلمحها ولكن لم تأتي ، أتت كريمة بفريدة على مقعدها وايقظت الصغار لطعام الافطار ولكن المشهد بدونها ناقص ولم تكتمل بسمته ...
ضاق أكثر منها ولعنادها حتى وهي المخطئة .....
سألت عنها فريدة بعيناها وسأل الصغار عنها أيضا وطمأنهم عمر وتحجج بصداع الرأس وما يعرف أنها نفس الحجة التي قالتلها لفريدة بالأمس .....
وفي تمام الساعة العاشرة كان ينتظر مجيء مراد بترقب حتى أخبرته كريمة أنه اتى وينتظره في غرفة الصالون ....
قال بضيق :-
_ طب قولي لليالي أنه جه
وافقت كريمة بهزة من رأسها ثم ذهبت من أمامه....
نهض عمر وتوجه للصالون ليرى هذا الرجل .....
***********************
دلفت كريمة لغرفة ليالي بعد أن دقت عدة دقات ولم تجيبها ، واقتربت من النائمة وغارقة بعرق الجبين وعيناها تُفتح لثواني ثم تُغلق مرة أخرى ......
تحسست كريمة جبينها بذعر حتى قالت :-
_ سلامتك يا ليالي ، مالك فيكي إيه ؟
نطقت ليالي بالكاد حروف متقطعة :-
_ حراراتي ...عالية
قالت كريمة بخوف وقلق :-
_ طب هروح واقول لعمر بيه ، هو كان باعتني عشان في واحد اسمه مراد جه وقاعد تحت في الصالون ...
حاولت بصعوبة ان تعتدل في فراشها وقالت :-
_ لأ ...انا هنزل ..ماتقوليش حاجة
صدح صوت هاتفها وأخذته كريمة من على المنضدة واعتطه لها ..حتى لمحت ليالي رقم جميلة ...اجابت بإيعياء :-
_ الو
قالت جميلة بضحكة :-
_ صباح الخير يا لووولووو ، عاملة إيه يا حبي ؟
اجابت ليالي بشيء من اللوم :-
_ يعني أنتي سألتي عليا ؟
ابتسمت جميلة وقالت موضحة :-
_ انا عرفت أنك رجعتي وماحبتش ادخل ، قولت هتصل بيكي بعد الاجازة ، وماتنسيش ان ريهام بقت صحبتي وبعرف منها اخبارك ...بس صوتك ماله ؟
تحسست ليالي رأسها وقالت برعشة قوية في جسدها :-
_ مش عارفة ، شكلي داخلة على دور برد تقيل ، مش قادرة أقوم ....
لحقتها جميلة بقلق :-
_ طب ساعة بالضبط واكون عندك
اعترضت ليالي وقالت :-
_ انا عارفة انك روحتي عند حماتك ، وعارفة انها بتضايق لما بتخرجي ، ماتخافيش عليا هاخد دواء وهبقى كويسة
اجابت جميلة بضيق :-
_ خلاص هتصل بيكي بعد شوية اطمن عليكي
وافقت ليالي ثم اغلقت الاتصال وبدأت تنهض ببطء شديد وشعرت أن عظامها تتفتت من الحركة ......
******************************
بدأ مراد الحديث مع نظرات عمر المترقبة ...قال بجدية :-
_ انا عارف أنك مستغرب مجيتي دي ، وعارف كمان أنك عايز تعرف إيه اللي ورا خبر الدمج ....بص يا عمر
اسمحلي اقولك يا عمر ..انت زي ابني
قال عمر بلياقة :-
_ اتفضل طبعا
تابع مراد حديثه وقال :-
_ موضوع الدمج كان لهدف بيني وبين باسم صاحبك
ارتفع حاجبي عمر بدهشة ولكن دق قلبه بلهفة عندما رأها تدلف للغرفة بخطوات بطيئة تعجب لها وبسبب غطاء وجهها لم يرى الشحوب الذي غزاها ......
القت السلام على مراد وقالت :-
_ اهلا بحضرتك ، منور مصر كلها
ابتسم مراد بود وقال :-
_ منورة بأهلها يابنتي
اقعدي بقى عشان اشرحلكوا موضوع الدمج
جلست ليالي والقت نظرة على عمر الذي كان يتجنب النظر لها ....حتى تابع مراد :-
_ اتفقت انا وباسم أننا نعلن عن الخبر ده ،وده لمصلحتك ، هتقولي ليه .....تامر ليه شركاء في الخارج ، وناس منهم عندهم اسهم في شركاتي ، فلو شركاتك اندمجت مع شركاتي يبقى مستحيل يساعدوه أنه يأذيك ، لأنه ناوي فعلا كدا وده انا عرفته بطريقتي وباسم اتأكد من كدا كمان ....هو مارضيش يقولك بقية الموضوع عشان ما تتعصبش وما تتهورش ....لذلك انا اعلنت فعلا الدمج ولو بشكل مؤقت .....
امتعض عمر وقال بعصبية :-
_ انا مراعي ان باسم خايف عليا بس ده مش معناه أن كل ده يحصل من ورايا ، يمكن اكون عصبي بس مش متهور ولا مندفع .......
رمى ليالي بنظرة ذات مغزى وفهمت هي نظرته والتزمت الصمت التي اجبرت عليه بسبب المرض التي تحاول اخفائه .....
اجاب مراد وقال بوضوح :-
_ هكلمك بصراحة يا عمر وارجو انك ما تزعلش ، انا شركاتي عاالمية ، مش محتاج دمج مع حد ، وحتى اللي ليهم اسهم في الشركات عطيتهم الاسهم دي لسبب في دماغي ..وكله لمصلحة شغلي ...يعني انا مش محتاج شركاتك في شيء والسبب الوحيد اللي خلاني اجي هنا ، هي ليالي ، لأني اعتبرت نفسي ابوها وواجبي أني احميها ، وكمان انا عايز اسيب ابني اكمل وانا عارف أن في ناس حواليه هتحبله الخير وهتقف جانبه .....مالقيتش احسن منكوا انتوا .......الدمج مش هيضفلي شيء بس هيعلي اسمك انت هنا وبرا كمان ...وانت مش خسران حاجة تقدر تفصل الشركات وترجع كل شيء كما كان وانا هديلك كل الصلاحيات ...ايه اللي يخوفك !!
صمت عمر قليلا ثم اجاب بحدة :-
_ انا ما بخافش من حاجة ، مابخافش غير من ربنا ، وعشان كدا مش خايف من تامر واللي بيفكر فيه
اعترض مراد وهو يمرر يداه على رأسه وقال :-
_ عنفوان الشباب ، انت محتاج الهدوء والاستقرار في حياتك ، مش من الذكاء أنك تواجه الصراعات لمجرد انك عايز تثبت أنك شجاع ...الشجاعة والقوة الحقيقة هي أنك تطلع من المشاكل بأقل خسارة ممكنة ....وانت جاتلك فرصة من ذهب ....مش عايزك ترفض قبل ما تفكر كويس أوووووي ....واللي بطلبه منك أنك ما تكدبش الخبر على الاقل .....
هز عمر رأسه بموافقة ثم نهض مراد وقرر الذهاب بعد أن اتم مهمته :-
_ ظهر صوت ليالي بعد فترت صمت طويلة وقالت بأعتراض :-
_ لأ طبعا مش هتمشي ،حضرتك هتفضل هنا لحد يوم ما تسافر ....
ابتسم مراد وقال :-
_ انتي عارفة أني ما بحبش اقعد غير في فنادق ، وكمان اكمل في مصر وانا ما صدقتش اتلم عليه ، نفسي اقعد معاه يومين في هدوء بدل ما كل واحد فينا في بلد شكل ...
هجيلك تاني ما تقلقيش ، وهدية جوازك منتظراكي برا على البوابة ....
صافح مراد عمر والقى السلام على ليالي ثم ذهب وودعهم عند بوابة الفيلا وأشار لها على السيارة الاحدث موديل عالميًا حتى اتسعت عين ليالي بدهشة .....
ذهب مراد بالسيارة ثم القى عليها عمر نظرة نارية غاضبة وعاد لمكتبه بالداخل ......
****************************
بلعت ريقها بصعوبة من شدة المرض الذي ازداد عليها وتحركت بالكاد وهي بين كل خطوة وأخرى تكاد أن تسقط حتى دلفت لداخل الفيلا وكادت أن تصعد أول درجة حتى فاجئها صوته الغاضبة وهو يقف أمام غرفة المكتب ....
هتف بغضب :-
_ ااااستني
اغمضت عيناها وبدأت ترى غيامة أمام عيناها ،التفتت ببطء حتى عاد وهتف مرة أخرى :-
_ انتي أزاي تقبلي هدية من حد ما ....
لم يكمل جملته حتى تجمد من الصدمة عندما رأها تسقط مغشيا عليها .....