رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الرابع والستون بقلم سهام صادق
مَرر "عزيز" أصابع يده برفق على خُصلات شعرها الذي تناثر -أخيرًا كما تمنى- على وسادته ليُغلق عينيه، ويدس رأسه فيه هائمًا مستمتعًا بعبير رائحته.
خرج تأوهًا خافتاً منه عندما عادت أنفاسه ترتفع توقً لجولات أخرى من الحُب. عرفت شفتيه طريقها، وأخذت يديه تتحرك بخفة على جسدها لتفتح "ليلى" عينيها الناعستين، وتنظر إليه وبصعوبة خرج صوتها بعد قُبلته.
_ "عزيز"
صوتها الناعم الناعس الذي تسلسل إلى أذنيه جعله يرفع رأسه عنها، وقد غامت عيناه بعاطفة قوية لم تخمدها تلك المرات التي ظَنّ فيها أنه شبع، وارتوى من حُسنها.
اِفتر ثغره عن ابتسامة عندما وجدها ترفرف بأهدابها، وتتشبث بالغطاء الذي عليها. لم يمهلها لتتحدث أو تتخذ ردة فعل، وعاد يدفن وجهه في عنقها.
_ "عزيز" عايز جرعة كمان من العسل.
إلتهمها كمن يلتهم قطعة حلوى لا ينتهي مذاق السكر منها إلا بعد وقتً طويلًا.
ابتعد عنها بعدما شعر بالرضى، وهو يراها متخمة راضية، وقد أطربه سماع صوتها، وهي تُردد اسمه خلال علاقتهما.
هدأت أنفاسه وانفرجت شفتاه بابتسامة منتشية ليجذبها إلى صدره قبل أن تَمُد يدها، وتلتقط ثوب نومها لترتديه، وتستر جسدها.
_ رايحة فين يا حبيبتي؟.
سألها وهو يشدَّ من ضمها له، ويُحرر من يدها ثوب نومها؛ فسقط أرضًا.
أغلقت جفنيها للحظة حتى تتمكن من الكلام الذي خرج بنبرة مهزوزة ومتقطعة.
_ رايحة الحمام.
ابتسم "عزيز" وهو يُحرك أنامله على وجهها مُتجاهلًا ردها.
_ قوليلي حاسة بإية، وأنتِ في حضني، وصلك إحساسي بيكي.
عضت "ليلى" شفتها السفلى، وأرخت جفنيها بخجل، فهي لا تستطيع الرد على سؤاله، ووصف له ذلك الشعور الذي جمع بين الآلم والمتعة.
_ "ليلى" ممكن تبصيلي.
قالها ولم ينتظر لتستدير بجسدها نحوه بل باغتها بتحريكها جهته.
ضحك بقوة وهو يراها تُسرع بوضع كلتا يديها على وجهها، وتغمغم بأنفاس متهدجة.
_ مش هقدر أقول حاجة يا "عزيز"، ومش هعرف.
توقف "عزيز" عن الضحك، ورفع يديها عن وجهها لتنطلق من شفتيه ضحكة أخرى خافته.
_ طيب افتحي عيونك وبصيلي ومتخافيش مش عايز أعرف ردك رغم إن عادي يا "ليلى" و بيحصل بين الأزواج.
فتحت عينيها لتجده يبتعد عنها، ويتجه إلى طرف الفراش، وكاد أن ينهض ليلجمه سؤالها.
_ بجد!
وبصوت متحشرج أردفت وعيناها عالقة بظهره.
_ يعني اقصد إن الكلام في الحاجات دي بيحصل عادي.
ابتسم رغمًا عنه، واستدار إليها، وعلى محياه ارتسمت ابتسامة صغيرة ثم مدّ لها ذراعيه في دعوة منه حتى تأتي لحضنه.
_ تعالى في حضني يا "ليلى".
ارتبكت في البداية لكنها لبت دعوته، واقتربت منه متشبثة بغطاء الفراش.
_ تعرفي إني مبسوط لجاهلك ومصدوم في نفس الوقت إن في بنت في عمرك ثقافتها محدودة في العلاقة الزوجية.
أصابتها الحيرة من كلامه، وتساءَلت بقلق.
_ طيب هي دي حاجة وحشة، ولا حلوة يا "عزيز".
ضحك وهو يُداعب أرنبة أنفها بإصبعه.
_ يعني نقدر نقول حلوه ووحشة في نفس الوقت.
ضاقت حدقتاها بغرابة، فابتسم قائلًا بنبرة مرحة.
_ على فكرة أنتِ بتهربي من أول سؤال؟
وغمز لها بطرف عينه عندما رأى دهشتها.
_ لو ردتي على سؤالي بالتفاصيل، هفهمك براحة أية الحلو وأية الوحش في الموضوع.
تسارعت دقات قلبها، ونظرت إليه بتردد ليخرج صوته بنبرة هادئة.
_ هتجاوبي عشان أجاوبك بالتفصيل يا "ليّلتي".
سلبت حركة أنامله على شفتيها أنفاسها لتنفك عقدة لسانها أخيرًا، أخبرته بما كان يتوق له، وجعل قلبه يخفق بجنون.
خرجت من بين شفتيه زفرة ارتياح طويلة ليرفع وجهها الذي دفنته في صدره إليه، كاد أن يتأسف لها عن الآلم الذي سببه لها ليتوقف الكلام على طرف لسانه، ويُقهقه عاليًا عندما سألته بنفس سؤال أمس.
_ هما راحوا فين؟
وتنهيدة قوية خرجت منه، فهل يستطع الصمود أمام امرأة مثلها، امرأة تُسلبه عقله من جهلها ولطافتها... امرأة جمعت بين حُسن الوجة والبراءة.
...
...
أخذت "سمية" تدور بمقعدها إلى أن زفرت أنفاسها المعبأة بدخان لفافة التبغ بضيق، وتوقفت عن الحركة بالمقعد. أطفأت عقب السيجار في منفضة السجائر التي صارت ممتلئة، وكادت أن تلتقط لفافة تبغ أخرى لكن دخول "سيف" عليها الغرفة جعلها تتراجع.
ابتسمت له باستهزاء، وانتظرت توبيخه الدائم لها عن سلوكها لكن هذه المرة فاجئها بأنه لم يُعلق، وأشاح عيناه عن منفضة السجائر.
_ سكرتيرة مكتبك بلغتني إنك عايزاني.
نهضت "سمية" من وراء طاولة مكتبها، واقتربت منه تسأله بتهكم.
_ محضرتش اجتماع النهاردة ليه، مع إني مأكده عليك امبارح وأظن إن النهاردة مفيش عندك محاضرات في الجامعة.
تحرك "سيف" من أمامها، واتجه نحو أحد المقاعد ليجلس عليها متمتمًا بنبرة صوت باردة.
_ حضوري من غيابي مش هيفرق يا "سمية" هانم، ما دام كل حاجة خاضعة لقرارتك أنتِ.
احتقنت ملامح "سمية"، وقد فهمت ما يرمي إليه.
_ كل حاجة خاضعة لقرارتي لأن أنا رئيسة مجلس الإدارة.
أومأ برأسه دون النظر إليها لتقترب منه بملامح متجهمه تلاشتها سريعًا.
_ قولتها مليون مره وهقولها ليك لو عايز تكون الكل في الكل هنا اتجوز "بيسان".
لقد ضجر من تكرار طلب والدته بأمر "بيسان".
_"بيسان" عندي زي "نيرة".
رمقته" سمية" بنظرة حادة بعدما وضعت كلتا يديها على ذراع المقعد الجالس عليه.
_ "بيسان" مش اختك يا "سيف"، لو مفكرتش بالعقل هتخسر كل حاجة.
وأردفت "سمية" بنبرة حاقدة.
_ مش كفاية عمك بعد السنين دي كلها جابلكم واحده تشارككم في فلوسكم.
حدجها بنظرة غاضبة حملت ورائها الكثير.
_ الفلوس عندي مش كل حاجة.
ارتفعت إحدى زوايا شفتي "سمية" بتهكم.
_ اومال رافض جواز "عزيز" ليه.
_ لأن مفيش ست تستاهل الحب.
صاح بذلك الكلام الذي يكبته داخله، واستطرد قائلًا بعدما التقط أنفاسه.
_ خدعته ببراءتها، عمي طول عمره رافض الجواز جات واحدة زي دي عرفت تغويه لو كان اختار واحدة مناسبة ليه كنت قولت متجوزها لأسباب مقبولة لكن دي للأسف حولت "عزيز الزهار" لراجل مراهق بيجري ورا واحدة جميلة.
تجمدت ملامح "سمية" وحدقته في صمت، إذا ما زال "سيف" حاقد على النساء بسببها.
استدار بجسده حتى يهرب من نظرتها الثاقبة له، وأغلق جفنيه بقوة مُتَذَكَّرًا حديث "كارولين" معه ليلة أمس عندما سألته عن سبب رغبة عمه في قضاء ليلة عُرسه بالمنزل، وليس الفندق، أخبرها أن عمه يُفضل قضاء ليلته الأولى مع زوجته في غرفته، وعلى فراشه، وليس بإحدى غرف الفندق لتصدمه من كلامها الذي تفوهت به، وهي بين ذراعيه.
« لقد رأيتهم معًا "سيف" بتلك الغرفة التي نسهر فيها من وقت لآخر»،
واستطردت بالكلام الذي أوقد كل نيران الحقد داخله.
« أظن أن هذه ليست ليلتهم الأولى»
تنهد بقوة عندما وضعت "سمية" يدها على أحد كتفيه وتساءَلت.
_ اتجوزت "كارولين" ليه ما دام لسا بتكره الستات ومنهم أنا.
انفلتت ضحكة ساخرة من بين شفتيه، واستدار إليها.
_ ست بتعرف ترضيني في السرير، عرفتِ خلاص السبب يا "سمية" هانم.
ألقى كلامه وغادر غرفة مكتبها لترتسم ابتسامة خبيثة على شفتيها، وتُحرك رأسها، "سيف" من سيخلصها من "ليلى"، وعليها أن تستغل حقده نحوها.
...
وضعت "زينب" الأغراض التي ابتاعتها من السوق داخل المطبخ، ونظرت نحو كلًا من "يزيد" و "عدي" الذي عرضت على جدته عندما ذهبت لأخذ "يزيد" من النادي أن يقضي "عدي" اليوم لديهم. هذا الاقتراح أسعد السيدة "أسمهان" جدة "عدي"؛ فهي تشعر بالشفقة نحو حفيدها الذي صار بسن مبكر محروم من عاطفة الأم.
_ يلا يا حلوين ادخلوا اغسلوا أيديكم، وأنا هدخل اتوضى بسرعة عشان ألحق صلاة الضهر.
هَـزّ الصغيران رؤوسهم إليها، فابتسمت وداعبت وجنتيهم ثم تحركت من أمامهم لكنها توقفت بعد خطوتي مكانها.
قوست حاجبيها ثم استدارت نحوهم بعدما اتخذت قرارها لتهتف بحماس.
_ إيه رأيكم نصلي الضهر سوا وبعدين نستنا العصر يأذن ونصلي كمان.
ابتهجت ملامح الصغار ليهتف "عدي".
_ أنا بابي بيخليني أصلي معاه لما بيكون موجود معانا أنا و تيتة.
ابتسمت "زينب" على قول الصغير، ونظرت نحو "يزيد" الذي أطرق رأسه، فهذا الشعور لم يُجربه مع والده.
_ طيب يلا بسرعة عشان العصر خلاص هيأذن.
هرول الصغار أمامها لتبتسم، وهي تتحرك ورائهم قائلة:
_ استنوا عشان اتأكد بتتوضوا صح ولا لأ.
...
في منزل "عدنان الهتيمي"...
دلف "مراد" غرفة مكتبه والده ثم أغلق الباب ورائه ليُشير إليه والده بأن لا يتحدث إلى أن ينتهي من مكالمته.
زفرة طويلة حانقة أطلقها "مراد"، واقترب من المقعد المقابل لمكتب والده، وجلس عليه متأففًا. أنهى
"عدنان" مكالمته التي كان فيها الحديث مبهمًا لينظر إليه "مراد" متسائلًا بسخرية.
_ بيستعجلوك على الصفقة مش كده.
تحرك "عدنان" بوهن نحوه، وجلس قُبالته متنهدًا بضيق.
_ مش عارف أمتي هنخلص من الصفقة دي، اللي كل ما نقول خلاص هتم تحصل حاجه.
لم يُعلق "مراد" على كلام والده، وتظاهر بعدم اهتمامه.
_ أكيد لو استعنت بقدرات "تميم" هيعرف يخلصها يا باشا.
امتقعت ملامح "عدنان"، فهو لم ير بحياته شخص يحملًا غباءً مثل" تميم" ابن زوجته الحالية "سيلين".
_ أنت عارف أسرار شغلنا محدش يعرفها غيرك يا" مراد" لأنك ابني من صلب "عدنان الهتيمي" و وريثي الوحيد أنت وأختك.
حرك له "مراد" رأسه باستخفاف ثم نهض من أمامه قائلًا:
_ لو مش محتاجني يا "عدنان" بيه ممكن امشي أنت عارف تأسيس المعرض الجديد واخد كل وقتي.
_ كلامي لسا مخلصش يا "مراد".
صاح بها "عدنان" بنبرة حازمة ثم واصل كلامه، وهو يقبض بكلتا يديه على ذراعي المقعد الجالس عليه.
_ عاوزين نحدد ميعاد فرحك على بنت المستشار "هشام"، الراجل لسا مكلمني النهاردة وعايز العيلتين يجتمعوا عشان نتفق لأنه اخته وجوزها هيحضروا الفرح ولازم ياخدوا اجازه من شغلهم لانه عايشين بره مصر.
إلتوت شفتا "مراد" بابتسامة ساخرة واتجه نحو الباب ليُغادر.
_ هي بنت المستشار مستعجله ليه على الجوازة، عمومًا أنا مش فاضي الفترة دي.. معرض العربيات الجديد واخد كل وقتي.
استقلا "مراد" سيارته المصطفة بالخارج بملامح جامدة بعدما تَلاقَتْ عيناه بعيني زوجة والده. أخذ يزفر أنفاسه بضيق، وكاد أن يتحرك بسيارته ليصدح رنين هاتفه المخصص لأعماله برسالة. رؤيته لرقم المُرسل جعلت عيناه تتلهف لرؤية ما بعثه إليه.
حدق بالصور التي إلتقطها لها أحد رجاله مع كِلا الصغيرين وهم يسيرون جوارها مبتسمين بشقاوة ومع كل صوره كان يُمررها كانت عيناه تتأمل تفاصيلها بابتسامة التمعت في عينيه قبل أن ترتسم على شفتيه.
_ كل اللي حواليكي محظوظين يا "زينب".
...
خرجت "ليلى" من الحمام بخجل وهي تُجفف خُصلات شعرها المبتلة، بحثت عنه في أرجاء الغرفة لتتعلق عينيها بالفراش المُرتب وقد وضع مفرش فراش آخر.
وجنتيها تخضبت بحمرة شديدة عندما شردت فيما حدث بينهما. أخفضت رأسها سريعًا وابتلعت ريقها...لا تُصدق أنها الآن زوجة لذلك الرَجُل الذي ظنته حُلمًا مستحيلًا على فتاة مثلها.
_ مش عارف ده هنسميه فطار الصباحية ولا الغدا.
أجفلها صوته، فارتجف جسدها برجفة خفيفة ثم التفت جهته.
لقد أتى بصنية فطور أخرى غير التي جاء بها بالصباح ولم تتناول منها إلا بضعة لقيمات انتهت بلتهامها ، شعرت بسخونة خديها عندما اقتحم المشهد عقلها ليفهم سبب شرودها.
اقترب منها بابتسامة عابثة.
_ طيب لو كل يوم شوفتك بالجمال ده، قوليلي هنطلع من الأوضة دي إزاي.
_ "عزيز" كفاية كلام حلو.
هتفت بها واستطردت بخجل، فهو يُربكها بحضوره وكلامه.
_ أنا مبعرفش ارد عليك بكلام حلو.
وضع صنية الطعام على الطاولة الصغيرة الموجوده بالغرفة وتحرك إليها وقد فاجئها بإلتقاط المنشفة التي تجفف بها شعرها.
اندهشت من تصرفه عندما بدء يُجفف شعرها وهتف بنبرة مشاكسة.
_ ما أنتِ اللي بتتكسفي يا "ليّلتي" أعملك إيه، عمومًا أنا هعلمك كل حاجة.
قال كلامه الأخير وهو يُحرك يديه بخفة على رأسها .
_ طيب خلاص أنا هكون تلميذة شاطره وهتعلم بسرعه.
داعبته بقولها الذي ظنته سيسعده لكن وجدته يتوقف عن تجفيف خصلات شعرها ونظر إليها بنظرة لم تفهمها.
_ لأ يا حبيبتي أنا عايزك تلميذة خيبة.
....
أحضرت "زينب" المكونات التي ستصنع بها صنية الكنافة بفاكهة المانجو ليحملق بها الصغيرين بترقب منتظرين البدأ في تجهيزها معها كما أخبرتهم.
زمت "زينب" شفتيها بعبوس وتردد بعدما غسلت فاكهة المانجو ثم التفت إليهم متسائلة.
_ بقولكم إيه تيجوا ناكلها ونعمل صنية الكنافة سادة أو ممكن نعمل كيكة الجيلي.
نظر الصغيران إليها يهتفون بموافقة.
_ أيوة ناكل المانجا وبعدين نعمل كيكة الجيلي.
ضحكت "زينب" واقتربت منهم لتعبث بخُصلات شعرهم.
_ إشمعنا كيكة الجيلي وفقتوا عليها.
هلل الصغيران وهم يقفزون أمامها.
_ عايزين ناكل مانجا وكيكة الجيلي يا "زوزو".
_ خلاص، خلاص موافقة..
....
_ مالك يا "عزيز" رايح جاي كده ليه؟
هتفت بها "عايدة" وهي تحمل صنية الشاي، لينظر إليها "عزيز" بقلق.
_ عايز اطمن على بنت أخويا، هما هيفضلوا قافلين التليفونات لحد أمتى.
ابتلعت "شهد" ما قضمته من حبة الجزرة التي بيدها.
_ بابا على فكرة تليفون "ليلى" معايا وأنا اللي قفلاه.
صرخت "شهد" بقوة بعدما دفع والدها حذائه عليها واسرعت بالإختباء وراء خالها الذي خرج للتو من المطبخ.
_ يعنى شيفاني قاعد من الصبح مش على بعضي وكل شويه اسأل أمك، "ليلى" فتحت تليفونها ولا لأ وجايه دلوقتي تقوليلنا التليفون معاكي.
_ ما أنا مأخدتش بالي وكمان أبيه "عزيز" قالنا هما وقت ما هيصحوا هيكلمونا.
امتعضت ملامح العم "سعيد" ورمقه بنظرة شزرة.
_ في إيه يا "عزيز"، هي ليلى مخطوفه... ما هي مع جوزها.
بضيق صدح صوت "عزيز" عاليًا.
_ بنت أخويا وعايز اطمن عليها.
ابتسمت "عايدة" واقتربت منه تربت على ذراعه.
_ شويه كده ونكلم "عزيز" بيه، اكيد هيفتح التليفون بتاعه متقلقش.
...
ضاقت حدقتي "صالح" عند دلوفه الشقة وقد صدح فيها صوت الضحكات والمزاح ولم يكن إلا صوتها هي الذي ميزه لتنفك عقدة حاجبيه ويتلاشى تجهم وجهه عندما اقترب من المكان الذي خرجت منه الأصوات.
_ كده يا "يزيد" بهدلت نفسك وأنت بتاكل، شايف "عدي" اتعلم مني إزاي أكل المانجا براحه من غير ما يبهدل هدومه.
بشفتين مزمومتين حدقها الصغير.
_ ما أنتِ كمان بهدلتي نفسك يا "زوزو".
أكد "عدي" على كلامه بتحريك رأسه وأشار بإصبعه نحو قطعة المانجو التي سقطت على الجزء العلوي من منامتها.
_ لأ ما دام أنا كمان بهدلت نفسي، يبقى نبهدل نفسنا كلنا وناكل براحتنا.
طبق الصغير طريقتها بأكل المانجو وقد ذكرها هذا المشهد بمشهد مماثل مع والدها.
_ "زوزو" مش هنسيب واحده لـ بابي ياكلها معانا.
انتبهت على كلام "يزيد" لتنظر إليه وهي تلتهم حبة المانجو التي ظهر أثرها بوضوح حول شفتيها.
_ لأ بابي قالي كُلي نصيبي.
هتف الصغير بإعتراض.
_ يعنى أنتِ هتاكلي لواحدك اربعه يا "زوزو".
عادت لتلهم الحبة الثانية من فاكهة المانجو.
_ لأ يا حبيبي، هاكل اتنين زيكم والأتنين التانين هاكلهم لوحدي بكره.
وضحكت بقوه عندما رأت الصغيران يحملقان بها بشر.
_ محدش يقرب من نصيبي.
خبأت المانجو وراء ظهرها وسُرعان ما كان يقفز الصغيرين عليها حتى يلتقطون حبتين المانجو.
انقلب المطبخ لساحة من العِراك، وقد وقف متواريًا يتلصص عليهم خلسة.
خطفت ضحكاتها أنفاسه، وارتفعت دقات قلبه كـ قرع الطبول، وكاد أن يدخل المطبخ لكنه تراجع للوراء بعدما اصطدمت برأسها في صدره.
خرج أنين خافت من شفتيها ليسرع في رفع رأسها إليه بلهفة.
_ وجعتك فين، أبعدي أيدك يا "زينب" خليني أشوف مكان الوجع.
لم ينتظرها لتبعد يدها عن أنفها، والتقط يدها حتى يرى موضع الآلم لكنها ابتعدت عنه.
_ أنا بخير ، خبطة بسيطة.
توقف "يزيد" يُتابع الأمر، ووراءه وقف "عدي" .
_ شوفتي يا "زوزو" عشان أنتِ كنتي عايزه تضحكي على بابي فـ نصيبه من المانجا اتخبطي فيه
اتسعت عيناي "زينب" بذهول لترفع كلا حاجبيها، فضحك صالح بقوة على كلام صغيره.
_ قولها يا "يزيد" لأنها بتنسي بابي في كل حاجة.
رمقته بنظرة استنكار لـ رده ، وعقدت ساعديها أمامها ثم استدارت بجسدها وتمتمت بعبوس.
_ أنا زعلانه منك يا "يزيد" .
أسرع "يزيد" إليها حتى يُصالحها لكن يد "صالح" التقطه برفق من ملابسه قائلًا، وهو يشير نحو "عدي" الذي وقف مكانه.
_ خد " عدي" اوضتك يا حبيبي، وأنا هصالح زوزو بنفسي.
تحرك يزيد بصديقه نحو غرفته، وفي نفس اللحظة تحركت هي الأخرى بحنق نحو غرفتها لكنه مثلما فعل بصغيره فعل معها، والتقطها بخفة من منامتها التي أظهرت فتنتها.
_ أنت بتجرني كده ليه، ابعد أيدك، مش أسلوب محترم على فكره.
دفعها برفق نحو أقرب جدار متنسيًا الأمر الذي أتى من أجله ثم نظر إليها مغمغمًا بصوت رخيم.
_ قدامك قرارين لأخد نصيبي من المانجا لأكلها بمعرفتي.
ولم يكن القرار الآخر بغافله عنه... لتقوس شفتيها بابتسامة مغوية تظاهرت بها.
_ كلها بمعرفتك...
صدمته من ردها الذي أذهله وسرعان ما كانت عيناه تلمع بتوق