رواية أخباءت حبه الفصل الخامس 5 بقلم محمد ابو النجا


 رواية أخباءت حبه الفصل الخامس بقلم محمد ابو النجا 

ببطء تفتح ساره عيناها..
 تحاول تذكر تلك اللحظات
 الاخيره قبل فقدانها الوعي.. 
 فجأة ...
يخفق قلبها ...
وقد انتبهت وتذكرت ...
 لقد كانت آخر شيء تسمعه 
هو موت حبيبها ...
موت محمود ...
محمود الذي تعشقه ...
تعتدل من فراشها تنظر
حولها ...
لتجد أمها التي تجلس إلى 
جوارها وتهمس بهدوء وبشفقه
: حمدًا لله على سلامتك ...
ساره بأعين واضح عليها الإرهاق والتعب والإعياء تقول بصوت 
خافت : أمي ...
هل ما قاله جمال اخي صحيح..؟
هل مات محمود حقًا..؟
تتنهد أمها وهي تقول :
 لست أدري ...
لست أدري يا ابنتي...
ولا أعرف من يكون محمود 
هذا ...!
ولا أعرف ماذا حدث له ..
كل ما اعرفه هو أنت ...
انت وحدك...
 انت ابنتي... 
ولقد اخطأتي...
 أخطأت بشده حينما ذهبتي 
الى المستشفى...
 أنت فتاه والفتاه سمعه ...
ماذا سيقول الناس حين 
رؤيتك هناك..؟
 سيتكلمون عنك..
 وعن أبيك ..اخيك... وعنا
 جميعًا... 
تنفي ساره في حزن : امي...
 أنا لم أفعل أي ذنب أو جريمة .. 
لقد أحببت رجل دون إرادتي ...
ولم يحدث بيننا حتى لقاء...
 أو حديث..
 أو أي كلمه...
 كل ما هناك هو حب ...
حب من طرف واحد...
 من قلبي فقط ...
وحينما سمعت الحادثه
 لم اتمالك نفسي ..
 ولم استطع كتمان حزني
 ومشاعري وخوفي عليه...
 فجريت مسرعه إلى هناك..
 لأطمئن عليه..
 تلك هي كل القصه .. 
لم أقصد أي إساءه لكم...
 أو لأبي ..و أخي ...
أمي أنا لم أكذب..
وأنت تعلمى أننى لا أحب الكذب..
لقد قلت الحقيقه..
وتلك الحقيقه هي من أغضبتكم ...
ثم حاولت أن تعتدل من
 فراشها فأشارت لها أمها بالتوقف
: إلى أين ..؟
ساره : أريد هاتفي ...
أمها : اجلسي وارتاحي ...
ساره فى صوت متعب :
أمي أرجوك ... أخبريني ...
هل كان جمال صادقا ..؟
هل مات محمود بالفعل..؟
أرجوك يا أمي أريد أن أعرف 
الحقيقه...
هزت امها رأسها إيجابيًا
قائله : حسنًا ... أعدك ..
أعدك أنني سأعيد سؤال 
اخيك جمال عن ذلك الخبر 
الذي قاله لنا...
ساره بصوت حزين : أين 
هاتفي ..؟
 اين هو..؟
أشارت أمها بيدها :
 أنه هناك على تلك المنضده 
الصغيره : انتظرى..
سأحضره لك ...
تحركت أمها بجسدها الثقيل 
نحو الهاتف وحملته إليها 
لتلتقطه ساره في لهفه 
وتلامس شاشته ...
لقد كان مغلقًا ..فأعادت فتحه. 
 ثم تركته جانبها ...
لقد أشارت الساعه الى منتصف
 الليل ..
عادت تتذكر أمر تلك الممرضه
 التي أخبرتها بأن تتصل بها 
وتطمئنها عن حال محمود...
 أنها لا تعرف حتى إسمها
واخذت تدعو الله أن يحدث ذلك  الاتصال..
 فجأة ...
طرقات على باب الحجره...
 ويدخل أخيها جمال الذي نظر لها فى سخريه وقال : اخيرًا ...
أخيرًا استيقظت أيتها المغرمه...
 نظرت له أمه بغضب وأشارت له بالصمت..والخروج ...
 وقالت بصوت حازم : يكفي..
 يكفي حديث في هذا الموضوع ..
ساره بأعين وصوت مهموم تقول 
جمال أخبرني بالله عليك ...
هل مات فعلاً محمود صبري
كما تدعى...؟
يضحك جمال بشكل مستفز 
وهو يقول :
 الى هذا الحد تحبينه...؟
يالك من فتاة ساذجه..
إلى هذا الحد تعشقين
 ذلك الرجل الخراط ...؟
 ساره في توسل : أرجوك ...
كل ما أريد معرفته هو 
حقيقه ذلك الخبر الذي قلته...
 هل مات محمود ..؟
يبتسم في سخريه : 
بالطبع قد مات..
 أنا لا اكذب ..
تساقطت دموع ساره في حزن
 وهي تحاول النهوض من فراشها
بصعوبه بالغه الإعياء واضح 
بشده عليها..
 تميل نحو أمها قائله : أمي ..
لقد مات محمود ...
وعادت تنهار بصوت اخاف أخيها 
جمال نفسه فتجمدت ملامحه 
وهو يسمعها تصرخ : مات..
 مات ..مات ..
تحاول أمها تهدئتها وأن تعيدها
إلى فراشها...
شعرت ساره بأنها قريبه من فقدان
وعيها من جديد ..جذبتها أمها برفق نحو فراشها 
لتجلسها على حافة الفراش   
لتضع ساره رأسها على الوساده
بدموع لم تجف ...
وتذهب في ثبات نومًا عميق...
 لا تعلم كيف حدث ذلك...!
لتنسحب بهدوء وتغلق اضواء
وباب الحجره وتنصرف...
وبعد نصف ساعه تستيقظ
 ساره فجأة من نومها...
 لا يشغل عقلها سوى أمر 
واحد محمود ...
وبكل جنون تندفع تهب واقفه 
من فراشاها...
وتخرج بهدوء من حجرتها...
 تنظر بحذر نحو الخارج...
 لقد كان الجميع نائم...
فتحت ساره باب الشقه وخرجت تفر مسرعه كالمجنونه ...
تتجه صوب المستشفى...
 لا تعلم كم الساعه...
 لا تفكر إلا في شيء واحد ...
هل مات محمود حقًا ...؟
لقد أحست بأنها عاجزه عن
 التفكير أو أصاب عقلها الجنون..
وبعد سبعة عشر دقيقه 
بالضبط من السير كانت 
اضواء المستشفى تلوح 
وتظهر صوب عيناها...
وتشعر بأن قلبها يخفق ...
وهي تفكر في رد السؤال الذي 
ستطرحه عليهم هناك ...
هل محمود مات بالفعل...؟
وبصعوبه تصل الى هناك ...
وتصعد أدراج السلم ..
لتجد ذلك الرجل الجالس على
مكتب صغير في استقبالها
 ينظر لها ويتطلع في دهشه 
وحيره ..
فتقول ساره له بصوت خافت: 
المريض صاحب غرفه 
خمسه وعشرون الذي أحترق 
داخل محل الخراطه الخاص به 
هل ما يزال في الطابق العلوي 
من حجرته ...؟
عقد الرجل حاجبيه ونفى برأسه 
: لا أعلم ...!
ساره : هل يمكن لي أن أصعد 
إلى حجرته لرؤيته ...؟
ينفي الرجل بشدة قائلاً : 
لقد تجاوزت الساعه الواحده 
صباحًا...!
وأعتقد أن هذا التوقيت 
غير مسموح وغير ملائم  فيه
 للزياره...
يمكنك الحضور بعد الثامنه 
صباحًا ..باكرًا..
تنفي ساره في توسل : 
أرجوك ...أخبرني فقط ..
هل هو ما يزال في حجرته...؟
هذا هو فقط ما أريد معرفته...
 يغمغم الرجل وبعد لحظات 
أشار لها بيده : حسنًا...
ثم امسك سماعة هاتفًا بجانبه من
الطراز القديم  وقال بهدوء
: سميحه...من فضلك ..
أريد معرفة شىء...
 هل المريض المحترق صاحب غرفه خمسة وعشرون هل ما يزال 
هناك ...؟
وبعد صمت اغلق المحادثه 
وقلب ساره يكاد يتوقف ...
من شده القلق والتوتر تنتظر إجابته ليهمس بهدوء قائلاً : نعم ...
إنه ما يزال في الطابق العلوي...
لحظتها شعرت ساره بأن روحها
 قد ردت إليها ...
وبأنها تحيا من جديد..
وتتنفس الصعداء..
 ليقاطع تفكيرها صوت الرجل
 قائلًا : ولكن...
 ولكن ...
عاد جسد ساره يرتجف وهي 
تنتظر لحديثه المتلعثم 
يقول : ولكن ...حالته.. ما تزال
 غير مستقره ...
شديدة الخطورة ...
شعرت ساره لحظتها بحزن عارم
 لا حدود له ...
وهي تهمس فى إلحاح :
 هل يمكنني رؤيته...؟
ولو من بعيد ...؟
ينف الرجل بحدة : لا ...
هذا مستحيل...
 ليس في الوقت الراهن...
غير مسموح ..
إنها مسؤليه...
ممنوع ...
 تتوسل له ساره : أرجوك ...
دعني اراه فقط من بعيد ...
مجرد دقيقه واحده ...
وسأرحل بعدها ...
أعدك بذلك...
 لن يستغرق الأمر سوى 
دقيقه واحده ...
تابعها الرجل في صمت..
 ثم همس بهدوء : 
هل أنت من اقرباؤه ...؟
ساد الصمت ولم تستطع أن
 تجيبه ساره ...
ليعيد سؤاله من جديد :
 لم تجيبى سؤالى هل ..
بتر عبارته فجأة وذلك الصوت 
يصدر من خلف ساره يقول
: نعم... إنها قريبته ..
 تلتفت ساره الى مصدر الصوت
 لتجد تلك الفتاة الممرضه التي 
طلبت منها أن تبلغها أى أخبار 
عن محمود...
 تبتسم وتأتي بأقدام وخطوات
 ثابته وهى تضع يديها في جراب
ذلك المعطف الابيض الطويل.. 
تقول بإبتسامه رقيقه عذبه :
 دعها يا منصور ...
إنها إبنة خال المريض ...
ثم أشارت لها بيديها :
تعالي معي.. 
 وعادت تجذب ساره من يديها 
لتخطو بالقرب منها ..
والتي شعرت بأطمئنان حين
 رؤيه تلك الممرضه وهمست
 لها بهدوء : أشكرك ...
أنني ممتنه لك ..
وللأسف لم أعرف اسمك حتى
 الان...!
 ابتسمت الممرضه وهى تشير 
نحو نفسها :  رحاب ...
اسمي.. رحاب ..
 ساره : أشكرك ..
على ما فعلتيه من أجلي ...
أنا ساره ...
رحاب : تشرفت أختى بك..
ساره فى لهفه : ولكن هل
 هو بخير...؟
 ساد الصمت بعد سؤالها ..
 ورحاب تنفي برأسها :
للأسف حالته غير مستقره
 حتى الآن ...
الحروق أصابته بشده ...
وهناك أمر مؤسف آخر قد 
حدث له...
كادت ساره أن تسقط من التوتر 
على قدميها وتشعر بأن 
جسدها يرتجف بقوة وهي
 تقول : أخبريني ...
ماذا حدث...؟
 ماذا حدث له...؟
 رحاب فى أسى :
 يؤسفني أن أخبرك بأنه قد
 أصيب بالعمى أثر ذلك الحريق...
يسقط قلب ساره بين قدميها
 وهي تمسك بيد رحاب في
 حسره تصرخ : مستحيل ...
مستحيل...
 رحاب في شفقه : تمالك أعصابك..
أهدئى.. 
للاسف هذا ما تم اكتشافه
 منذ قليل بعد الفحوصات الاخيره 
ولم استطع أن أخبرك بذلك أو 
أتصل بك...
لم املك الشجاعه لأخبرك...
 ومع نهايه حروف كلماتها 
اقدامهم يصلوا الى باب الحجره
 وتفتح رحاب بابها بهدوء وتشعر
ساره بقمة الحزن من أجله 
وبقمة الفرح لرؤيته..
 فهو ما يزال حبيبها ...
الذي حينما ترآه تشعر بأن 
الدنيا كلها بين يديها ...
وملكها ...
تخطو ساره بهدوء دون
 اراده نحو فراشه...
 لقد كان نائمًا في صمت 
وفي سكون شديد...
فجأة.. 
 يستيقظ محمود من فراشه
 وتتراجع ساره للوراء 
وهي تراه يرتجف بشكل غريب 
ومفزع وينطق بعدها بكلمات
 لم تصدقها ساره...
فما كان يقوله مفاجأة ...
مفاجأة لم تتخيلها ساره ..
ما كان يقوله محمود 
حين أن فاق شيء لم
 تتوقعه ولن يتوقعه
 أى أحد...
تعليقات



×