رواية وحوش لا تعشق الجزء الثاني من ليالي الفصل الواحد والخمسون 51 بقلم رحاب ابراهيم


 رواية وحوش لا تعشق الجزء الثاني من ليالي الفصل الواحد والخمسون بقلم رحاب ابراهيم 

دلفت فهد متسللا بالغرفة وعلى وجهه ابتسامة ماكرة وهو يراها ترتب أغراضها بخزانة الملابس .....فاجأها بصوتٍ عالٍ :-
_ فاااااااطمة  
شهقت بخضة وهي تلتفت له حتى جذبها اليه ضاحكا وقالت بتذمر :-
_ حرام عليك خضتني 
اقترب اليها هامسا وقال :-
_ فرحنا بكرا ياروحي ....رغم أننا متجوزين بالفعل من كام شهر بس انا كنت عايز الفرحة دي واتمسكت بيها وصبرت ....
تبدل ضيقها للابتسامة وقالت :-
_ بس مش هنطول في شهر العسل ...كام يوم بس عشان ارجع كليتي ...فاتني محاضرات كتير جدًا 
اجابها بلطف :-
_ ما تقلقيش انا رتبتلك كل حاجة ....بس مش عارف والدتك لسه ما جاتش ليه لحد دلوقتي ؟! 
عدلت ياقة قميصه بيدها واجابت :-
_ هي على وصول ....كنت عايزة عمي يجي معاها والعيلة لكن هو تعب جدًا وكلهم حواليه .....للاسف مش هيقدر يجي 
قال فهد بتساءل :-
_ طب ومحدش استغرب اننا هنعمل فرح واحنا اصلا متجوزين ! 
نفت فاطمة وقالت :-
_ لأ ....هما عارفين الظروف اللي اتجوزنا فيها واني ما اتعامليش فرح ...وكمان أمي قالتلهم أن أنت استنيت لما بابا يعدي على وفاته فترة وتعملي فرح كبير وتعوضني ...
التمعت عيناها على ذكر والدها بدمعة مكتومة ليضمها بقوة قائلا :-
_ مش هعوضك عن الفرح بس يا حبيبتي ....هعوضك عن كل حاجة ....واولهم فراق والدك ...ربنا يقدرني وابقى مكانه ....
قالت وصوتها مدفون بكتفه :-
_ ربنا ما يحرمنيش منك ابدًا يا فهد ... 
انتبهوا لقراع على الباب حتى ابتعدت فاطمة قليلا وتوجهت لتفتح الباب ......ابتسمت بمحبة لوجه مريم المبتهج .....قالت مريم بهتاف وابتسامة :-
_ مامتك واخواتك وصلوا بالسلامة يا فاطمة 
تهللت اساريرها وركضت للخارج لتستقبلهم ....

توجهت مريم لشقيقها فهد بتمني السعادة وضمة مرحة قائلة :-
_ مبروك يا حبيبي ....ربنا يسعدكوا ياارب 
ربت فهد على كتفيها بمحبة وقال :-
_ الله يبارك فيكي يا روما .....وعايز اقولك حاجة يا شقية 
ابتعدت مريم بتساءل واستغراب :-
_ ايه ؟ 
نظر لها فهد بسعادة وقال :-
_ انا فرحت لما عرفت انكم اتصالحتوا بعد مشاكل كتير حصلت .....بس آدم بيحبك أوووي من زمان أووي يا مريم ...استني هجيبلك حاجة 

تركها وتوجه لدرج خزانة خاصة بغرفته وأخرج منها حافظة ورق وأشار بها اليها مبتسما .....تساءلت مرة أخرى :-
_ إيه ده ؟! 
نظر فهد للحافظة ونفض الغبار من عليها ثم اجاب :-
_ دي اللي خلتني أعرف أنه بيحبك ....الأجندة دي معايا من سنين وحتى آدم ما يعرفش أنها معايا .....ما رضيتش أديهالك  غير لما تفهميه الأول .....بس صدقيني يا مريم انا ما عرفتش اللي حصل ما بينكوا غير متأخر ...تقريبا بعد ما اتصالحتوا وإلا كنت جيت واديتهالك بنفسي ....بس دلوقتي لازم تاخديها ...دي فيها كل اللي فات ....هتشوفي كل السنين اللي فاتت بنظرة تانية ...بنظرته هو 
اطرفت مريم وقد تسارع قلبها دقا حتى أخذت الحافظة منه ولم تشيح عيناها من عليها ليربت على كتفيها بابتسامة وذهب.....
              *************** 
مررت اناملها ببطء على الحافظة ثم اثارت الانفراد بغرفتها وقد استغلت ذهاب آدم للجامعة اليوم لأدها عمله واستعداد لعطلة لعدة أيام ....توجهت لغرفتها وقلبها يسبقها لهفة على قراءة كلمات هذه الحافظة ....

دلفت لغرفتها واغلقت الباب خلفها ثم جلست على الفراش وفتحت الحافظة باوراقها التي مالت للاصفرار من مرور السنوات ورائحة العتيق نفاذة من طيات الاوراق .....

( اليوم ....عيد مولدك الخامس عشر ....هل تظني أنني امكث بغرفتي متلذذا ببكائك وانتي تصري على الاحتفال ...
هل شعرتي بي يوما ؟ ......انا الآن في مرتع الشباب بالسادسة والعشرون من عمري .....لم يمر طيف لحواء على قلبي بإستثنائك أنتِ ....يظنني الجميع ذلك الصامت ...الجاسر في رأيه .....الزاهد في كل شيء 
وما يراني احدا عندما انفرد بألمي ليلا ....عندما اراقبك من بعيد واتمنى القرب ....وكأن كل خطوة اليكِ شوكاً بثباتِ ...وكبريائي ...ذلك الكبرياء العنيد الذي عذبني بخفاء ...بعيدًا عن عيناكِ ....احبك ...طفلتي ) 

ابتلعت مريم ريقها بتسارع الانفاس ورسم السعادة الابتسامة على محياها .....أخذت صفحة أخرى لمشهد آخر من الماضي :-
( وكيف لطفلة بالرابعة عشر عامًا تسلب عقلي وهي تمرح بين الورود ....تخفق ضحكاتها بيرع الزهور ....كيف تركت ما بيدي من كتبي الدراسية وتلهفت مراقبا لرؤيتها .... يرغمني شوقي اليها لرؤية الصبا بابتسامتها ....وفجأة كدت اجن وانا اشاهد ذلك البغيض يقترب كعادته ......
ومن هذا الذي يقطف زهور حبي أو حتى يقترب ؟! ) 

اتسعت ابتسامة مريم وهي تتذكر أنس لتأتي بصفحة أخرى .....
( كانت ملتفة بالاجهزة الطبية ..بأحد المستشفيات بالمدينة البريطانية لندن  ....تجري جراحة على قدميها ذات العرج ....لم استطع تمالك نفسي لأهرع اليها بأقرب طائرة بعد أن اتيت فجأة من احد الرحلات لأكتشف سفر والداي للجراحة .....كدت أجن وأن اتخيل طفلتي تنهش بجسدها الادوات الطبية .....وأن يقترب اليها طبيب رجل .....وأن تعاني من دوني .....وأن لا يرتوي صدري ببكائها خوفا ... ركضت للمشفى بمجرد وصولي لأراها هكذا وقد تمت الجراحة بالفعل ......كان القمر قد اعلن وجوده بمساءً هادئ ....ولا أثر لوالدي بقاعة الانتظار .....دلفت سرا لغرفتها ...لأرى وجهها الشاحب الغافي عن الصحوة .....لأرى طفلتي بعالما آخر .....ولجت دمعة من عيني وكم وددت لو بقيت بقلبي ....ربت على يدها بشوق ارسلته اناملي ويبدو أنها استشعرت ذلك وبدأت تتململ ....وما كان علي أن ابتعد ولكن صدح صوت العقل فلا مبرر لوجودي هنا ...فكيف أفسر أن رأني والداي هنا ؟! .....ذهبت مرغما ) 

اتسعت حدقتيها وهي تتذكر أنها رأت ذلك شبحا يبتعد بعد أن بدأت تفيق بذلك اليوم ....وظل ذلك بطي الغموض في ذكراها ......لتتفاجئ بظهور آدم ومعه فتاة ادعى أنه اتى لندن من اجلها .....فتابعت القراءة بشغف :-

( لأبرر وجودي ولا يكتشف امري اتيت ب جاكلين ...احد زملائي بالجامعة في مصر واتت لقضاء عطلة مع والدها الطبيب ... اكتشاف احدا لمشاعري كان بمثابة كارثة أنذاك .... ولم يخفي علي نظرات طفلتي الدامعة ....ولو جهرت بالحقيقة لأبكيتها عشقا .....ولكنها لابد أن لا تدرك ذلك .....فكيف لطفلة أن تعشق ؟! ) 

قالت بقوة :-بقلم رحاب إبراهيم 
_ كنت دايما بحبك يا آدم .....حتى وانا لسه ما اعرفش يعني إيه حب .....انا مش مصدقة أنك كنت حاسس بيا كدا !! 
_______________________استغفروا الله 

بمنزل علياء ......
رحب احمد وزوجته الذي تحسنت قليلا واقنعها زوجها بشخص كريم واخلاقه العالية بباسم ومالك وكريم ....
وجلس جميعهم بصالة الشقة .....

انهت ياسمين آخر لمساتها التجميلية بوجه علياء لتهتف سمر بعد قدمت واجب الضيافة للحضور ...قالت :-
_ يلاا يا عروووسة خلاص جهم 
قالت ياسمين بضحكة :-
_ وهي يعني هتطلع أول ما يجو !! ....لسه شوية على ما خالي يناديلها وكدا وبعدين تطلع 
نظرت علياء بتوتر :-
_ انا مكسوفة اوي ومش عارفة هخرج أزاي ؟! 
اتسعت ضحكة ياسمين واجابت :-
_ كنت اكتر منك ...بس ما تقلقيش هاخدك من ايدك وهطلعك انا ....الف مبروك يا حبيبتي 
_الله يبارك فيكي يا سو 

مر وقت قد تعدى النصف ساعة حتى تم الاتفاق ليهتف احمد :-
_ اقروا الفاتحة يابنات 
رفعت علياء يدها بابتسامة خجلى  وشاركها ياسمين وسمر بسعادة ........
ليأتي دورها في الخروج ......أخذتها ياسمين للخارج وقد اشتعل وجه علياء بخجل شديد ليقابلها كريم بابتسامة عذبة ووكزه مالك :-
_ اقفل بوقك ياض 😃 في حد يبتسم كدا 😒 
اجابه كريم الذي راقبها وهي تجلس بجانب والدها وتنظر للاسفل بخجل وقال :-
_ اسكت يا مالك ده انا مدهوش دهشة 🙈 
ده انا جوعت من كتر الدهشة 😂 
قال مالك :-
_ انت جاي تخطب ولا تاكل يا مفجوع 😑 
كريم :-
_ الاتنين 😂✌ اخيرا بقى هيبقى ليا أسرة وبيت واطفال وكدهون 🙈 
كتم مالك ضحكته وقال :-
_ يلا ربنا يتمملك بخير وتجيب تافهين وتافهات وهيبقوا شبهك مش واخدين منك الاسم وبس جاتك ستين نيلة 😹 
أخرج كريم علبة صغيرة بها خاتم ذهبي رقيق وذلك هدية الفاتحة لزوجته المستقبلية وقدمه اليها أمامها وسط سعادة الجميع ......

لتنتهي المقابلة بجلوس كريم بغرفة الصالون وانتظر علياء الذي اتت بمشروب عصير طازج ....

احمرت وجنتيها واصبح لونهما كالكرز الناضج ليقل هو وهو يرتشف كوب العصير بيده :-
_ الله 😍 حلو عصير الخوخ ده 😍  
قطبت حاجبيها بدهشة واجابت :-
_ ده اناناس !  😃 
رفع كريم حاجبيه بتعجب واجاب متظاهرا بالمكر :-
_ حبيت اختبرك 😎 
ضيقت عيناها بغيظ حتى تابع :-
_ عرفت انك بتعملي محشي كويس 😎 كلميني عن الشيف اللي جواكي  😎 

تبدل الغيظ لابتسامة اريد اخفائها فقالت :-
_ اه طبعا .....دي الحلة خلصت اليوم ده 😂 
واحب اقولك أن علياء الشيف جزء لا يتجزأ من علياء الانسانة 😊👏 
وضع الكوب من يده وقال وهو ينظر لها بشرود :-
_ طب في كذا حاجة لازم تعرفيها يام ريان 
حملقت بوجه بدهشة وتساءلت :-
_ مين ام ريان دي ؟! 
ابتسم ابتسامة بلهاء وقال :-
_ اخو حمو ابننا ما انا قررت خلاص😂 
بس لازم اعترفلك بالحقيقة 😢 
بلعت ريقها بتوتر وقالت :-
_ في اايه ؟! 
اطرف كريم عيناه عدة مرات بقلق :-
_  بصراحة .....بصراحة 😢 ........ بصراحة الشقة لسه عليها ٦شهور قسط 🙈 
صرت علياء على اسنانها بغيظ وكادت أن تلقي بكةب العصير على وجهه فقد  ظنت أن الامر اكبر من ذلك !  
اجابت :-
_ والله 😒 
تابع كريم بقلق :-
_ وفي جزء من مرتبي بيروح للملجأ كل شهر 🙈 ياريت توافقي انه يستمر 🙈 
ابتسمت رغما عنها واجابت :-
_ موافقة يابو كارما 
نظر لها بتساءل :-
_ مين كارما 😒 
ابتسمت بمرح :-
_ اخت حمو وريان😂 
ابتسم كريم بسعادة وقال :-
_ انا مبسوط... ولما بتبسط بجوع 😊 يوم الخطوبة اعمليلي محشي  ماشي 🙈 
تجعدت قسمات وجهها للغيظ وهي تجيبه :-
_ طيييب 😒 

تطلع اليها كريم بسعادة وقال :-
_ مبروك يا علياء 😍💙 
ابتسمت علياء مرة أخرى بخجل واجابت :-
_ الله يبارك فيك 
اضاف كريم :-
_ بصراحة كنت خايف أووي لترفضي خصوصا أن امكانياتي لسه على ادي ومش هجهز غير بعد سنة على الاقل .......ولما وصلني ردك مابقتش مصدق نفسي 
قالت هي بصدق :-
_ انا ما فكرتش في حاجة غير اخلاقك وشخصيتك ....حسيت انك هتتقي ربنا فيا واتمنى يطلع احساسي في محله 
وضع كريم كوب العصير وقال :-
_ طبعا ....انتي من دلوقتي كل حاجة في حياتي ....انا ماليش حد وانتي هتبقي كل دنيتي ....مكتفي بيكي 
رمقته بسعادة ونظرت لاتجاه آخر من الخجل .....
 _______________________________سبحان الله 

انتبهت مريم وهي مندمجة بالقراءة لطرقات على باب الغرفة حتى دلفت كريمة الخادمة وقالت :-
_ آدم وصل يا روما ومستنيكي تحت عشان العيلة كلها متجمعة تحت والغدا فاضله دقايق ويجهز ....
اجابت مريم بشرود :-
_ طيب هنزل ...
ذهبت كريمة واغلقت الباب خلفها حتى توجهت مريم لخزانة ملابسها واخرجت أكثر رداء يحبه آدم وذلك بعد أن علق عليه راضيا بأحد المرات ......وارتدته سريعا ولم تلقي داعي لارتداء الحجاب بخيث لم يوجد رجل غريب بالاسفل سوى رجال الامن بالخارج ......

كم ودت لو ترتمي بين ذراعيه الآن لفرط عشقها بها وإثارت مشاعرها بعد هذه العودة الرائعة لذكريات الماضي الذي كشفتها تلك الاوراق بوجهاً آخر لم تره من قبل .....
               *****************

بين ضحكات متوزعة بين الجمع العائلي قالت والدة فاطمة :-
_ بنتي ربنا اداها احلى هدية ....كفاية حبكوا ليها اللي طمن قلبي عليها ...
ربتت ليالي على يدها مطمئنة وقالت :-
_ بنتك هي بنتي بالضبط ما تقلقيش عليها ....اقلقي على فهد بقى لو زعلها ههههههههه 
ضحك الجميع ليؤكد عمر :-
_ مين ده اللي يزعل فاطمة ....يقدر ؟ 
اجابه فهد :-
_ صراحة لأ 😂😹 
اتسعت ابتسامة آدم وقال بمشاكسة :-
_ ااااه ...كدا هيدلعوا علينا ومش هنعرف نكلمهم ....انا معاك يا فهد بس مش متاكد الصراحة 😹 
فهد :-
_ طول عمرك جدع يا آدم 😹 

اتت كريمة وقاطعتهم بحرج :-
_ الغدا جاااهز ...اتفضلوا 
نهض الجميع وقال آدم :-
_ طب انا هطلع اجيب مريم 

تعليقات



×