رواية ليالي الوجه الاخر للعاشق الفصل الخمسون 50 بقلم رحاب ابراهيم


 رواية ليالي الوجه الاخر للعاشق الفصل الخمسون بقلم رحاب ابراهيم 

_انا بحبك يا عمر 
ابتسمت نظرة عيناه ولكن اسودت من الذهول عندما تابعت هي بغضب كالبركان الذي للتو فار من مرقده وهتفت به بعيون دامعة حزينة لأجل هذا العشق الذي اصبح مصدر العذاب :-
_ بس مش عايزاك ، مش عايزة ابقى معاك ، بحبك أيوة ، لكن الحب مش كل حاجة .....، أنت سبتني في أكتر وقت كنت محتجالك فيه ومصدقتنيش ، ماكنتش بتديلي فرصة اقولك حاجة ودايما الغضب كان بيبقى عاميك ...فاكر لما ضربت هشام على راسه ، جيت انت ورايا وماحولتش تفهم أيه اللي حصل ، ماصدقتنيش لما قولتلك أنه كان عايز يعتدي عليا ، ماصدقتش أي كلمة قولتها !! 
بالسهولة دي عايزني اسامحك !!! ، بعد كل البهدلة والقسوة اللي شوفتها منك الفترة اللي فاتت دي اسامحك !! ، بعد ما كدبت عليا واتجوزتني عشان بس اوصل القصر مع الولد وادخل سجنك برجليا ومحدش هيلومك ، انا مراتك !! ، عايزني اسامحك بعد ده كله !! 

وقف امامه كتمثال الثلج لا يطرف حتى بعينيه الذي تنطق بحروف الألم وشيء من الندم حتى قال ببطء :-
_ ياااه ، انا عملت كل ده !، يعني انتي افتكرتي الوحش بس ما افتكرتيش الحلو ، ما افتكرتيش كنت بعاملك أزاي وصبرت عليكي اد إيه ، ما افتكرتيش أني ما قسيتش عليكي رغم معاملتك معايا ، افتكرتي بس غلطاتي 

اقتربت منه ونظرت بعيناه بقوة وقالت وقد تأجج بها التمرد :-
_ اللي انت عملته في الأول أي واحد بيحب واحدة كان هيعمله ، لكن اللي انت عملته بعد كدا مايقولش انك حبتني في يوم من الأيام ، انت عارف انت عملت ايه فيا ...هقولك 
انت خليت جوايا اتنين ...طفلة كانت بتحبك بس ما لحقتش تكبر بالحب ده ...وطفلة تانية كبرت على كرهك وقسوتك لحد مابقت اللي واقفة قدامك دي ....الفراق المرادي أكبر مني ومنك 
مش هتقدر تديني ساعة زيادة اعيشها ولو بملايين العالم كله 

بلعت غصة مريرة بحلقها واستدارت وهي تمسح وجهها من البكاء لتذهب من أمامه بعد أن افضت بكل شيء بداخلها 
ولكن جذبها من يدها اليه بقوة وضمها مرة أخرى وقال بحنان أغرق نبرته :-
_ مش هتبعدي عني ، ماتقوليش كدا ، ليالي ...انا ماقدرش اعيش من غيرك ...
ازاحت يده من اعلى كتفيها بقسوة وقالت :-
_ لازم تتعود ، انا وقتي معاك في النهاية 

ركضت إلى المنزل وهي تكتم دموعها وتركته متسمر بصدمة من حديثها ، كان يعتقد أنها ستحن بشكل ابسط من ذلك وتتفهم ما حدث ولكن يبدو أن الأمر اصعب مما تخيل .....

************************************

ركضت إلى الصغير لتطمئن عليه ثم هبطت الى الأسفل ووجدته بالغرفة الأرضية بجانب الدرج الخشبي ....رأته يجلس شاردا على أحد المقاعد ...استدارت لتعود أدراجها إلى الطابق العلوي ولكن اوقفها صوته بسؤال :-
_ انتي عارفة أنا جبتك هنا ليه ؟ 
وقفت صامته بقلب دقاته تعلو عن صوت دقات صوت عقارب ساعة الحائط ...تابع وهو ينهض ووهقف خلفها بنبرة عميقة :-
_ عشان عايز ابعد عن الجميع إلا انتي ، عايز أخد فرصة تانية معاكي ونشوف حياتنا وابننا ...آدم 
التفتت له وقالت بحدة والم :-
_ لو كنت مصدقني فعلا ماكنش هيبقى ده موقفك ، انا عارفاك كويس يا عمر ، أنت لسه لحد دلوقتي شاكك فيا بس انا هثبتلك في خلال يومين ....ثم
ركضت صعودا الى الطابق العلوي ثم دلفت الى الغرفة واغلقت الباب خلفها بإحكام ......، نظرت حولها تبحث عن شيء حتى وجدته 

أخذت الاجندة التي وجدته على منضدة صغيرة بالغرفة وبداخلها وجدت قلم ثم جلست على المقعد امام المنضدة .....
القت نظرة على الصغير وهو نائم ثم بلعت ريقها الجاف وبدأت تكتب آخر صفحات هذا العشق الذي قررت أن تنهيه ......كتبت كلمة البداية الذي لخصت معاناتها .....

****وصيتي ********

*******************************

تمدد على الفراش الموجود بالغرفة وهو يتنهد بحزن عميق وقال :-
_ هي عندها حق ، انا فعلا لسه شاكك ، بس مش شك على اد ماهو حيرة ، تعبت من اللي انا فيه ، ومابقتش عارف مين الصادق ومين الكداب ، امي كدبت عليا لما اتظاهرت انها مش بتتكلم ، بس هل كدبت في الباقي ؟! ، كدبت في ايه وكانت صادقة في ايه ، اصدق ايه واكدب ايه ؟! .....
وضع يديه أسفل رأسه وهو ينظر للأعلى بشرود حتى قال بهمس مرة أخرى :-
_ كل اللي انا متأكد منه ، الحاجة الوحيدة الحقيقة في ده كله ، اني بحبها ، اوووي 

*******************************

سطرت كلمات كانت الاصعب على مدار سنواتها العشرين ، ليس من السهل أن تكتب وصيتة وأنت تنتظر الموت ، كلمات كأشارات الوداع في آخر خطوات الوطن ، سقط من بين اناملها القلم وهي تعترف بقسوة ما كتبته ولكن هذا سيشفي قلبها مما حدث .....

نهضت سريعا وذهبت الى الصغير النائم وارتمت بجانبه باكية ثم رفعت رأسها وقبلته من رأسه بقوة كادت أن توقظه وهمست :-
_ نفسي أرجعلك يا آدم ، بس في جميع الأحوال لازم ابعد ، انت ماتنفعش تبقى معايا في اللي جاي ، مش عايزاك تتبهدل 
عمر على اد اللي عمله فيا بس هيبقى حنين عليك صدقني ، انا متأكدة من ده .....

عادت إلى المنضدة وأخذت ورقة الوصية ثم طوتها ووضعتها في جيب ردائها الجانبي ......

**********************************

اتى صباح شتائي جديد مر عبر جفونه بفحيحاً بارد ايقظ جفن عيناه من غفوة قد تأخرت ليلاً...، اعتدل سريعا عندما وجدها تقف أمامه وبيدها الصغير وقالت :-
_ عايزة ارجع القصر 
قطب حاجبيه بمقت وضيق وتنهد بحدة ثم قال :-
_ مش لازم النهاردة ، خلينا يومين كمان ، انا بعت واحد صاحبي للشركة يفضل مكاني لحد ما ارجع ....
قالت بتصميم :-
_ عايزة ارجع القصر يا عمر ، انا مش هقعد هنا 
نهض من الفراش ووقف أمامها بغضب وقال :-
_ ماشي ، بس خليكي فاكرة أنك انتي اللي رفضتي ايدي الممدودة ، ماترجعيش تشتكي من معاملتي !! 
ربتت على الصغير بلطف ثم قالت بتأكيد :-
_ لأ مش هشتكي ، انا هستناك في العربية 
خرجت من الغرفة وتوجهت للخارج دون أن تعير اهتمام لرفضه البادي على وجهه ......

جلست بالسيارة وبيدها ادوية الصغير وادوية عمر وانتظرت ظهوره ، أخذت هذا القرار بعد تفكير طويل أثناء الليل ، ووجودها هنا أكثر من ذلك سيشكل خطرا على قرارها النهائي بالفراق .....

خرج من الشاليه ثم اغلق قفله بالمفتاح ودخل السيارة دون أن ينظر لها وعيناه تقدح شرراً

**************************************

وصل باسم صباح الى محطة القطار بعد أن أخذ عطلة لهذا اليوم حتى يستطيع فيها السفر والعودة في نفس اليوم .....

*في الشركة *
نظرت ريهام لملفات العمل ثم تنهدت براحة وقالت :-
_ كويس أن باسم خلص الشغل امبارح قبل ما ياخد أجازة النهاردة ، بس برافو عليه شغله تحفة ، محدش بيعرف يطلع الشغل ده غير عمر 
تذكرت عمر بضيق ثم عادت لعملها حتى لا تعود لموجات الحزن من جديد .. ...

*********************************

*أثناء القيادة * 
تظاهر بالسعال والمرض حتى تعود في قرارها ولكن استقبلت هذا التظاهر باللامبالاة ، قاد لساعات طويلة كان يخطف فيعا بعض النظرات الجانبية لجانب وجهها التائه والشارد بشكل يستدعي القلق .....

في تمام الساعة الرابعة عصرا وقفت سيارته أمام القصر وكاد أن يهتف بها حتى رأها نائمة ورأسها على النافذة والصغير بين قبضتيها نائم أيضاً......، نظر لهما بحب وحنت نظرته عليهم ....اقترب منها وقال بحنان :-
_ ليالي ..اصحي احنا وصلنا للقصر ...ليالي 
اضطربت جفونها وصوته يتردد بداخل عقلها بأزعاج حتى استيقظت بجفون ثقيلة ونظرت لوجهه القريب لبرهة من الزمن وهي تنظر لوجهه وكأنها تحفر هذه الملامح بداخلها ....
قال بنظرة دافئة :-
_ احنا وصلنا 
بلعت ريقها بخجل ثم فتحت باب السيارة بجانبها وترجلت منها ....

ترجل هو الأخر والقى مفاتيح السيارة لأحد الحرس حتى يدخلها للجراچ ثم فاجئها ووضع يده على كتفها بأحتواء ودخل إلى القصر، قبل الاقتراب من باب القصر الكبير وقفت قبل أن تبدأ صعودا لأول درجات السلم الرخامي وقالت :-
_ مش هنا مكاني 
زم فمه بضيق وكاد ان يغضب من رفضها بالدخول معه حتى أشارت للصغير وقالت :-
_ آدم نايم ، بلاش دوشة 
توجهت للغرفة الصغيرة الذي كانت مسجونة بداخلها لأيام تحت نظراته المذهولة ........

*****************************

دلفت إلى الحجرة ووضعت الصغير بهدوء على الفراش وما كادت ان تلتفت حتى اصطدمت به وكأنه حاجز بشري ضخم منع الرؤية عن ما خلفه .... اشاحت نظرها عنه حتى مسك كتفيها بقوة كادت أن تغرز أظافر يده بجلدها وقال بغضب :-
_ ماشوفتش اعند منك ، انا مش عارفة بتفكري في إيه ولا أزاي !! ، انا ممكن اخدك بالعافية على فكرة بس مش عايز كدا 
تملصت من يده حتى ابتعدت واجابته بشيء من الجمود :-
_ هطلب منك طلب يا عمر وياريت تنفذه 
ٱجاب بقلق :-
_ طلب إيه ؟ أوعي تقولي اطلقك !!!
نفت بهزة من رأسها وقالت :-
_ مابقتش فارقة صدقني ، الطلب اللي هطلبه هيبقى غريب شوية ،
اتجوز ريهام يا عمر 
اتسعت عينيه من الصدمة حتى لحق الصدمة شراسة وصرخ بوجهها :-
_ انتي بتلعبي عليا صح ؟! ، فكراني اني هركع واقولك سامحيني واتحايل عليكي عشان تسامحي ، بس انا موافق وهحدد الميعاد النهاردة كمان 

ابعدها عنه بعنف ثم خرج من الغرفة تتنفس بمرارة ثم جلست بجانب الصغير وتذكرت شيء .....
نهضت وبحثت عن حقائبها التي ارسلهم عمر الى هنا بمجرد أن اتى بها إلى هنا ، لحثت عن ورقة الزواج التي وقعت عليها بأسم شقيقتها أمل ووجدتها بأحد الجيوب الداخلية .....
نظرت للورقة جيدا ثم اخرجت ورقة الوصية ونظرت لهم الاثنان معاً وقالت :-
_ لو كنت صدقتني كنت اديتلك الورقة دي تاكيد لكلامي ، لكن ماكنتش هتصدقني وهتشكك فيا بردو وكنت هضيعها من ايدي ، بس جه وقتها انها تطلع .....

**********************************

رافقت جميلة ومعها شقيقها حسين "باسم " الى محطت القطار ليعود الى مسكنه مرة اهرى بعد أن شرح لها كل ما حدث واتفقا على كل شيء ...قالت جميلة :-
_ زي ما اتفقنا يا استاذ باسم ، هنجيب شهادتها من عم محمد وهو هيعرف يجبهم ، ولازم ليالي تعرف تطلع ولو يوم واحد عشان نخلص الباسبور 
اجاب باسم :-
_ ولو أنه هيبقى صعب بس هحاول 
ركب باسم القطار ولوح لهم بالوداع حتى تحرك القطار متجهاً في طريق سيره .......

***********************************
أرسلت فريدة إلى عمر حتى يأتي لها بمجرد أن اخبرتها الخادمة كوثر عن وصوله ، اتى لها بعد دقائق ودخل غرفتها بوجه ممتقع وقال :-
_ أيوة يا أمي ؟ 
اسرعت فريدة إليه لتضمه لها وقالت بحماس :-
_ انا كلمت مامت ريهام على جوازكم واتفقنا على كل حاجة ، زي ما يكون قلبي حاسس انك هتيجي النهاردة 
نظر بسخرية وقال :-
_ ما تتعبيش نفسك ، انا مش هتجوز على مراتي 
هتفت بوجهه غاضبة :-
_ مش مراتك ، ما تضحكش عليا 
ضيق عينيه وقال بحدة وشك :-
_ واضح أن انا اللي اضحك عليا ، بس هقولها لآخر مرة انا مش هتجوز على ليالي 

خرج من غرفتها بعصبية وقد تأكد شكه من جهتها .....

********************************

خرجت من الغرفة الصغيرة الى المسبح وانتابها نوبة دوار شديدة حتى سقطت على خافته تتنفس بصعوبة وهي ترى غيامات أمام عينيها ، لم يتركها الاغماء لفقدان الوعي ولكن تركها بالذي أمامها غشاوة أمام ناظريها ، ووجع وجهها على جانبه على حافة المسبح وسقطت دمعة من عينيها في مياه المسبح واغمضت عينيها في نوبة أغماء قد اعتادت عليها .....
خرج من القصر متوجها لها بغضب وتسارع قلبه بجنون عندما رأها هكذا ، أسرع إليها برعب وحملها بين ذراعيه وكأنه يتحدى بها من يقف أمامه ، لا يدافع ، لا شيء سوى أنه لم يستطيع المقاومة أكثر من ذلك ..
كانت مغشيا عليها من المرض ومن ما عانته من قسوته في الايام الماضية ، عانت أكثر مما توقعت ، تألمت وبكت كثيرا ، وعندما رق وقفت غشاوة عينيها حائلا لرؤيته ....
وضعها على الفراش ودثرها بالاغطية جيدا من البرد ثم تعمق في ملامح وجهها الحبيبة واقترب وعيناه يتدفق بهما العشق وقبلها من رأسها بقوة انتبهت لها حواسها حتى استيقظ عقلها الخامل ونظرت له وهي لا تدرك كيف أتت إلى غرفته ،، اعتدلت في مكانها ولكن أوقفها 
وقال :-
_ المرادي الاختيار مش ليكي 
نظرت له وقلبها يدق بعنف وخوف :-
_ قصدك إيه ؟ 
اجتمع بنظرة عينيه كل ما أراده فهي زوجته وهذا من حقه ....

تعليقات



×