رواية وحوش لا تعشق الجزء الثاني من ليالي الفصل الرابع بقلم رحاب ابراهيم
رفات الأمل تداعب اهدابها ...ونسائم الخريف حولها ..
وبر الليل يهدد دفء القلب لشتاء العشق الأتي
لم تكترث لأمر قدميها فقلبها من يقودها للخارج ، وللغرابة لم تدرك ذلك بعد ..رفرفت النسمات الليلية على بشرتها البيضاء الذي ناقضت ظلام الليل ليصيح طائر الكروان بنغمة صوته العذب لبدء استقبال عاصفة اتية من بلاد العشاق ... تهدد قلبها البريء
التفتت حولها تبحث عنه بعيناها وللدهشة لم تجده ، عقدت حاجبيها في ضيق وتساءل ، فهل أرسلها إلى هنا ليسخر منها هكذا ؟! .....أمامها اشجار الحديقة العالية الذي يندلع الظلام بين قسماتها ...أرادت أن تستند على واحدة منهم لتهدأ قليلاً أو شعور غريب يقودها لهذه الخطوات ..
خطت بضع خطوات وتعجبت من نفسها ....فهي تبحث عنه برغم الظلام الملفوف كالثعبان حولها إلا بارقة ضياء القمر والانوار البعيدة قليلا للفيلا ...
استندت بظهرها على الشجرة وهي تتنهد بضيق ، ثم قالت بدون وعي منها بأنه أقرب إليها من الظلام ..
_ أنت فين يا آدم ؟
وكأنه وجد من العدم ،ظهر أمامها بعيناه الزيتونية القاتمة بشكل ساحر ومالت على نصفه وجهه آنوار الڤيلا البعيدة حتى تسمرت هي كالجليد وتبلدت... اسند يداه بجانب وجهها على جسد الشجر الضخمة التي حجبت رؤيتهم لأي طرف ثالث ...
لم يخطط لذلك بل حدث هذا بالصدفة ،فهو أراد استنشاق بعض الهواء النقي حتى يتمالك اعصابه قبل أن يراها ويعنفها ولكن الآن لمع بعيناه شيء آخر ....
قال بتعابير وجه غامضة وحادة ولكن بها سمة الترجي :-
_ مريم
تنفست بصعوبة قبل أن تجيبه :-
_ نعم
انتظر قليلا وهو ينظر لها وتتحدث عيناه عما عجز هو عن قوله ...أردف بنبرة أقرب إلى الهمس :-
_ ما توافقيش على آنس ...
تابع وقد أزاد الدفء بنبرته :-
_ خليكي معايا
انتفضت بعد أن قال جملته بهذا الشكل وبدأ صوته كالفحيح ، احمرت وجنتيها بخجل شديد وسخر منها تمردها السابق ....الح بعقلها هذا السؤال ولم تعي أنه مرسول من قلبها :-
_ ل...ليه ؟
اغمض عينيه بقوة وهو يأخذ نفسه بعمق وما أراده ليس من حقه ولكن تمالك اعصابه ثم ظهرت لمعة عينيه بضي عميق أكبر من حكمتها للتعرف عليه ...ابتعدت عنه على استحياء ثم اتجهت للداخل دون أن تجيبه ....
ارتسمت البسمة الخجولة على محياها وهي تدلف للداخل مرة أخرى واستقبلتها ابتسامة آنس الذي يبدو أنه تأفف من الانتظار ....
جلست أمامه بعد أن قررت ماذا ستفعل ،فهي بجميع الاحتمالات لن توافق على هذا الأنس ابداً...
لم ينتظر انس وبدأ الحديث مجددا بشرح ظروف عمله وقال :-
_ احنا مش هنقعد في امريكا غير سنتين بس ، انا قولت كدا لاستاذ آدم ، بس عشان اخد الترقية بتاعتي وأرجع تاني مصر ....
لاحت ابتسامتها المرحة على وجهها ،فآدم لم يذكر أمر تلك السنتين بل بدا الامر وكأن انس سيمكث بالخارج طيلة عمره ...
أردفت قائلة صراحةً :-
_ عشان اكون صريحة معاك يا استاذ أنس ، انا لسه صغيرة على الجواز ! انا عندي ١٩ سنة ، وكمان انا دايما كنت بعتبرك زي أخويا ، ويمكن لو ماكنتش أعرفك من واحنا صغيرين والفكرة دي كبرت معايا كنت فكرت لأنك انسان محترم جدا وبنات كتير تتمناك ...لكن انا ...
قاطعها أنس بفظاظة :-
_ انتي بتحبي آدم ..مش كدا ؟
حملقت فيه بصدمة ،وندمت انها كانت تتحدث مراعية شعور هذا الوقح ...اجابته بغضب :-
_ ما سيبتنيش اكمل ، انا كنت عايزة اقول ..
قاطعها مرة أخرى بنظرة غاضبة :-
_ انك بتحبي آدم ..ما تكذبيش !!
ضيقت عيناها عليه بحدة ثم هتفت :-
_ أنت مش طبيعي ، لأن ده شيء ما يخصكش اصلا ولا ليك انك تسألني فيه ، وكمان لما انت عارف كدا جاي تتقدم ليييه ؟!!
نهض أنس من مقعده بعصبية واقترب منها بشكل مريب حتى وقفت هي بسرعة لم تتعود عليها مما جعلها تتأوه من قدميها ....قال أنس بحدة :-
_ عشان هو عايز يمتلكك بس ،لكن مش بيحبك ، يا مريم انا ....
لم يكمل جملته حتى جرّه آدم بشكل غاضب وهتف:-
_ لو والدك ووالدتك ناس تانية وكمان مش موجودين برا كان هيبقى ليا تصرف تاني ، اطلع برا دلوقتي عشان ماتهورش عليك ...
حاول أنس التملص من قبضة آدم ، وهتف به آدم بتحذير عنيف :-
_ مريم مش هتتجوز حد غيري ، واللي هيقربلها هيبقى آخر يوم في عمره
لأول مرة تراه يتحدث عنها هكذا مما جعل طيف ابتسامة ترفرف على قسمات وجهها الذي هجر منه الخوف ثم ابتعد أنس بنظرة غريبة لمريم وقال :-
_ هتندمي يا مريم ......هتندمي
خرج من الغرفة للخارج حتى دلفت ليالي وعمر بعد أن رفعت ليالي غطاء وجهها بعد دقائق مستفهمين عن الأمر الذي جعل أنس يخرج وهو مقطب الوجه بهذه الطريقة ! وزاد التعجب عندما رأو آدم بالغرفة ...قالت ليالي :-
_ حصل إيه يا مريم ؟ ، أنس طالع وهو عصبي ، انتي قولتيله حاجة !؟
سأل عمر آدم :-
_ حصل إيه يا آدم ؟ ، وايه اللي جابك هنا انت كنت فوق في اوضتك !
نظر آدم بمكر إلى مريم ثم قال بقوة :-
_ أسألوها
توترت مريم من نظرته ثم قالت بصدق :-
_ انا قولتله أنه زي أخويا وزعل
نظر عمر وليالي لبعضهم بنظرة ذات مغزى ثم استأذن آدم للذهاب إلى غرفته ...
قالت ليالي بتحذير :-
_ مريم ، اوعي تكوني قولتي حاجة لانس حرجته ، أو آدم يكون عمل حاجة ليه ، قوليلي اللي حصل
اشتعل وجه مريم بالاحمرار ولم تدري كيف تخبر امها عن ما قاله أنس ، قالت :-
_ لأ يا ماما ، هو فعلا زعل لما قولتله كدا كأنه كان فاكر أني هوافق عليه على طول !! ، وآدم جه فجأة وانس اضايق ومشي
بعد اذنكم انا هروح اوضتي عشان انام ...
ذهبت مريم إلى غرفتها وتركت والداها ....اتسعت ابتسامة عمر في مرح وقال :-
_ آدم طفش آنس ، بصراحة بصراحة انا لو منه كنت هعمل كدا بردو ههههههههههههههههه😂
لم تبتسم ليالي بل قالت بغموض :-
_ مش عارفة ليه يا عمر انا بدأت اقلق ، مش تصرف حكيم من آدم أنه يعمل كدا !
لم يريد زوجها أن يقلقها فتظاهر بالمرح أمامها ولم يكن اقل منها قلق بل العكس ، فرغم أن موقف آدم ينتابه بعض المرح ولكن فضل أن يلتزم الصمت ويتركها تختار دون ضغط أو اجبار ...قال :-
_ ما تقلقيش ، الراجل لما بيحب بيتصرف احيانا بتهور ، وآدم انا عارف أنه عمل كدا من غير ما يفكر لأنه اعقل من كدا ..
وقف فهد بسيارته أمام مدخل الفيلا الداخلي وترك المفاتيح لأحد الحرس حتى يأخذها للجراچ ثم دلف للداخل بوجه غاضب كعادته ولكن اليوم أكثر من المعتاد ...
تفاجئ بوجود والداه في الردهة يتحدثون والقى عليهم السلام وكاد أن يصعد غرفته حتى قال عمر بنظرة خبيثة له :-
_ استنى يا فهد عشان عايز اتكلم معاك
وقف فهد بنظرة متساءلة ثم أشار له عمر بالتوجه للصالون كي يتحدث ...ذهبوا ثلاثتهم للصالون وبدأ عمر الحديث وانصت له فهد وليالي أيضا ...
_ آدم وأنس اتقدموا لمريم ..إيه رأيك ؟
ضيق فهد عيناه بخبث ثم غمز لأباه عمر بطريقة متسلية وقد تبدلت ملامحه قليلا حتى صدمت ليالي وهتفت :-
_ ده شكلي كدا اني آخر من يعلم !
اجابها فهد وقد فرح لآدم كثيرا وقال :-
_ في حاجات يا لالي الرجالة اللي تفهمها بس ، وأنا آول واحد كنت ملاحظ لأني عارف آدم كويس أووي بس كان لازم أقول لبابا عشان بردو لازم يعرف مع أني واثق في أخلاق آدم أخويا ...وبصراحة انا مش موافق على أنس
ابتسم عمر ثم تابع :-
_ ليه؟
لوى فهد فمه بسخرية واستياء معا وقال :-
_ تحس أنه عيل طري كدا مش راجل يعتمد عليه
اتبع حديثه بنظرة فخر عندما تحدث عن آدم :-
_ لكن آدم حاجة تانية ، انا اسيب اختي معاه وانا مش قلقان ... بس ممكن عمي باسم يضايق لما ابنه يترفض ؟!
اتسعت ابتسامة عمر وقال :-
_ وانت قررت الرفض خلاص مش لما تعرف رأي اختك الأول
وافقته ليالي واكدت :-
_ لازم مريم تفكر يا جماعة الأول حتى لو احنا موافقين على آدم كلنا ، انا مش عايزة اضغط عليها
نهض فهد بحدة وقال :-
_ وهي لو وافقت على نوسو ابن طنط فكيهة ده مش هدخلها بيت ولا هحضر فرحها ...
لم تستطع ليالي كتم ضحكتها وشاركها عمر في ذلك حتى قالت لأبنها :-
_ محدش بيعرف يضحكني زيك يا فهد ، حتى وانت بتزعق بضحكني
رمى قبلة في الهواء لها ثم لوح بيده سلاما وذهب ...
تتبعت ليالي خطواته وضحكت أكثر ثم قالت لعمر :-
_ انا مخلفة بلطجي
خرج عمر من سيل ضحكاته واجاب :-
_ انا ولادي رجالة مش نوسو ابن طنط فكيهة ههههههههههههههههه
وكزته بيدها على كتفه بمرح وخطف هو اناملها وهو ينظر لها بعشق لم تضعفه تلك السنوات الماضية
________________________صلّ على النبي الحبيب😍
بوجه مقطب كان ينظر للسقف بشرود وهو ممدد على فراشه ، ولم يشعر بشيء غير الاستياء مما فعله ، لم يعجبه تصرفه ولم يفهم لماذا فعل ذلك ، هل هذا حب ؟ فكيف وهو يشعر احيانا بكرهها ، وكيف أيضا كره !؟؟ وهو يجن جنونه عندنا يقترب منها غريب ....لم يفهم شيء برغم أنه اتم الثلاثين من عمره ولكن القلب لم يفتح من قبل لتلك المشاعر التي تجتاحه بشكل اربكه ......أخذه فكره لعيناها فجأة وتذكر كيف كانت اطلالتها الملائكية الساحرة حتى نهض من فراشه واقترب من الشرفة كي يستنشق الهواء واتسعت عيناه وهو يراها بالحديقة مرة أخرى وتتمايل بها الارجوحة الحديدية الموجودة بالحديقة ....
لم تذهب لغرفتها بل تسللت بخفاء من الممر العلوي إلى الحديقة وهي تشعر بالحيرة لما قلبها يدق بسعادة هكذا ؟! وهي بالأمس كانت تشتعل كرها له ...قالت بهمس :-
_ هو انا ليه فرحانة كدا ! ، لولا رجلي بتوجعني كنت هتنطط من الفرحة ، هو مش ده آدم بردو اللي دايما كنت بتغاظ منه وبحب استفزه !! ....
لامست يدها هاتفها الملقي بجانبها حتى لمحت ضوءه فأخذته سريعا ....
يعلم بوجود هاتفها بجانبها فهي تدمنه ولم تتركه من يدها اينما ذهبت ، اتصل على رقمها حتى اجابت بنبرة مرتبكة :-
_ آدم
التفتت لتنظر بإتجاه شرفة غرفته في الاعلى حتى وقعت عيناها عليه وهو يحمل هاتفه بيد واليد الاخري بجيبه بهيئته الفارعة ، لم يجيبها بل ظل يسمع فحيح صوتها الرقيق عبر الهاتف حتى كررت اسمه :-
_ آدم ، بتتصل ليه ؟
بلع ريقه بصعوبة وهو يغلق عينيه كأنه يعتصرهم ثم اغلق الهاتف قبل أن يقل شيء يندم عليه ...ووقف ينظر لها وهي تحملق بدهشة في انهاء المكالمة بهذا الشكل ! ،....
كانت تنتظر منه كلمات أخرى غير الصمت ولكن عبس وجهها بضيق وهي تغلق هاتفها وتتجه للداخل بنظرات ملؤها اللوم إليه .....
صر على اسنانه بغضب والقى هاتفه جانبه على أحد المقاعد بعصبية ، اتجه لمكتبه الذي مالبث أن جلس أمامه حتى أطرق عليه بحدة ،ثم فتح اجندته الخاصة وبدأ يكتب بعض الجمل الذي أراد أن يتركها لها وكره فكرة أرسال رسالة نصية عبر الهاتف فهذا سيهينها أكثر :-
_ مريم ، انا مش هقدر اكمل في اللي بيحصل ده ، مش عايز اظلمك معايا ، انا انسان معقد وهتتعبي معايا ، مش قادر استحمل فكرة اني اتجوز واحدة لرد الجميل ، كدا هظلمك وهظلم نفسي خصوصا اني بحب واحدة تانية ، ارجوكي ما تزعليش ...ابعدي عني يا مريم وانا هقول أنك انتي اللي رفضتي تكملي معايا عشان ما احرجكيش...
اغلق دفتره بعصبية واتجه لفراشه بنظرة معذبة ...
بقلم رحاب إبراهيم
_________________________استغفرك ربي وأتوب إليك
"في غرفة فهد "
بدل ملابسه إلى ردائه الرياضي ثم توجه إلى الغرفة المكدسة بالاجهزة الرياضية المتصلة بغرفته وبدا يمارس الرياضة بشكل غاضب حتى بدأت حبيبات العرق تنزف من جسده واطال الوقت أكثر من اللازم حتى انتهى وهو يحتسي مشروب الكوكتيل الذي أرسل في طلبه ....
أخذ حماما سريعا ثم ذهب في ثباتٍ عميق مثلما أراد حتى بعد مرور ساعةٍ من الزمن انتفض جسده بتشنج مؤلم في يده اليمني حتى انتفخت عروق رقبته وكأنها ستنفجر ....كان ينظر للأعلى وقطرات العرق الغزيرة تندفع من جسده غراء هذه التشنجات البشعة التي تزوره عندما ينال منه الغضب بشكل قوي ....الألم كان فوق طاقته على الاحتمال حتى لمعت عيناه الحمراء بعبرة مؤلمة وهو ممدد على فراشه كالمقيد ....يصر على اسنانه من فرط الألم ولا يستطيع حتى الصياح للاستغاثة ، فهذا الألم كالخناجر في عظم يده .....
بعد مرور ما يزيد عن عشر دقائق استطاع أخيرا أن ينطق بأحرف قليلة وظهر صوته بأنين مؤلم الذي جعله يفتح فمه متأوها بعذاب مكتوب بقلب وسادته
_ آآآآآآه
تركته هذه التشنجات اللعينة اخيرا وبدا يفيق رويدا ، أخذ المنشفة وبدأ يزيل عرقه الذي حارب الألم الذي يمر به كل فترة ، قارن لثوانٍ مدى قوته منذ ساعات وهوانه الآن فهذا كان كفيلا أن يصر على وحدته طيلة حياته على أن ترى إمرأة حالته هذه وتفصح سره للجميع مما سينتج دماره حتى في عمله الذي تكبد العناء حتى يخفي هذا الأمر عن الجميع حتى الآن ....
فهذا الألم كتيار كهرباء عالية تمر بيده ويبدو مخيف عندما تأتي له هذه النوبة من التشنج ....
بعد مرور دقائق أخرى نهض واتجه للحمام ثم بدأ يلقي رذاذ الماء على وجهه بشدة وعصبية حتى نظر للمرآة أمامه بقوة وألم وتتساقط قطرات الناء هاربة من حدة وجهه ثم سقطت نظرته على يده الذي تحررت من الألم لتعود إلى قوتها وكأنها مسحورة ......عاد لفراشه من جديد بنظرات متألمة وحاول أن يغفو حتى استطاع بعد مضي بعض الوقت ....
________________________الحمد لله
لم يزورها النوم إلا في وقت متأخرا من الليل حتى ابتسم نور الصباح من جديد ودلفت كريمة اليها وحاولت أن توقظها سريعا وقالت :-
_ الدكتور البيطري بعت القطة بتاعتك يا مريم ..كيتي
اعتدلت مريم سريعا لتشر بسعادة إلى قطتها الحبيبة لتركض القطة من بين يد كريمة إلى ذراعي مريم بؤلفة ...
ضمتها مريم بسعادة فكم تعشق تلك المخلوقة الصغيرة وقالت وكأن القطة تفهمها :-
_ وحشتيني مووووت يا كتكوته
ابتسمت كريمة وقالت :-
_ هروح بقى احضر الفطار ، انا جيتلك مخصوص عشان افرحك واجيبلك كيتي
شكرتها مريم ثم اخذت القطة لاحضانها وتمددت للنوم مرة أخرى ......
________________لا إله إلا انت سبحانك أني كنت من الظالمين
تجمعت الاسرة بجميع افرادها باستثناء مريم التي سألت بإلحاح عنها عين آدم وشعر بالندم لما فعله بالامس ليلا ثم قال عمر لكريمة التي كادت أن تذهب بعد أن وضعت آخر اطباق وجبة الافطار :-
_ صحي مريم يا كريمة لو سمحتي
اجابته كريمة بمرح :-
_ بعد ما كيتي جت خدتها في حضنها ومش عايزة تقوم من النوم ...
بانت لمعات دفء ولهفة بعين آدم ولمحته ليالي حتى قال فهد بحدة :-
_ هي القطة دي مش كانت ماتت !!
اجابته ليالي بعبوس :-
_ لأ حرام عليك ، كانت تعبانة بس وقعدت في عيادة الدكتور اسبوع
قال عمر للجميع :-
_ طب يلا نفطر على ما مريم تيجي
بدأ جميعهم ثم اتت مريم وبيدها قطتها وجلست قبالة آدم بجانب امها ...تحاشى النظر إليها تماما مما جعل غيظها يعود بداخلها مرة أخرى ....
دق هاتف عمر واجاب وقد انهى طعامه عى صديقه باسم :-
_ صباح الخير يا باسم
اجابه باسم ورد تحية الصباح ثم قال :-
_ بص يا عمر زيارة امبارح كانت مفاجئة عشان كدا انا بطلب منك أن انس يقعد مع مريم تاني ، وتتكلم معاه أكتر يمكن توافق ، الولد من امبارح مش طايق نفسه ، ومافيهاش حاجة لو يتعمل خطوبة فترة ولو ما حصلش قبول بينهم يبقى كدا عملنا اللي علينا
صمت عمر وشعر بالحرج ولم يجد اجابة دون أن يحرج صديق عمره حتى قال بمراوغة :-
_ بقولك ايه هو مش انت المفروض هتسافر دمياط النهاردة عشان الموقع بتاعنا هناك ! ، لما نيجي نبقى نتكلم ماينفعش في التليفون
اجابه باسم بضحكته المعتادة :-
_ منا في الطريق اهو والله ومسافر ، بس انس صعبان عليا يا عمر ، هو متمسك بمريم وانا ما قدرتش استنى بصراحة لما ارجع واكلمك
رد عمر بلطف :-
_ انا هكلم مريم تاني يا باسم واللي فيه الخير يقدمه ربنا
القى آدم بشوكته على الطبق بغضب وعصبية ثم نهض وتركهم ....رفعت مريم كوب الحليب لتحتسي منه ولكن أراد أن تخفي ابتسامتها التي رقصت على شفتاها ، وغمز فهد لعمر بمكر ثم قال فهد بقرار :-
_ خطوبة آدم على مريم يوم الجمعة الجاية ، والفرح بعدها بأسبوعين ومافيش كلام تاني
نهض فهد وذهب لآدم في غرفته .....شرقت مريم من الصدمة ورفع عمر يده بمرح وقال :-
_ انا ما اقدرش اخالف قرارات فهد ، ده يحبسني 😂
تذمرت مريم واخذت قطتها وذهبت لغرفتها ايضا حتى قالت ليالي بحدة :-
_ فهد ده مجنون ، انت هتسمع كلامه !
أخذ انامل يدها وقبلها بمحبة واجاب :-
_ بصراحة كدا احسن ، ماتنسيش انك المفروض كنت بتستعدي للسفر ، وكمان هما كدا كدا هيتخطبوا يبقى خير البر عاجله
عبس وجه ليالي وأردفت بحيرة :-
_ طب باسم هتقوله إيه ؟ ، اكيد هيزعل
رد عمر بعد فترة صمت :-
_ احيانا عشان ولادنا بنكون انانيين شوية ، وهو عشان ابنه عايز مريم طلب مني الطلب السخيف ده ، انا عارف باسم هو مش ده طبعه لكن ولادنا بيصعبوا علينا ونبقى عايزين نفرحهم ، وانا عارف هجيبهاله أزاي
وكمان انا عايز مصلحة بنتي ،وآدم احسن من أنس مليون مرة وماتنسيش انه بيحبها ..
شردت ليالي ثم قالت :-
_ انا خايفة يا عمر ، احنا ربينا آدم اه ، لكن خايفة يكون ورث أنانية هشام وحب التملك ، انا أسفة أني بقولك كدا بس غصب عني ، دي مريم يا عمر
مرر يده على شعرها الذي احتفظ بلون الاسود ولكن خالطه شعيرات قليلة تدرجت للون الاشقر مما جعلها جذابة أكثر من السابق ...قال بمحبة :-
_ انا مراعي قلقك ، وآدم مش زي هشام يا ليالي ، ده نسخة مني يمكن هو افضل مني كمان ، ولو مش موضوع ابوه وامه وكل اللي فات كان هيبقى حاجة تانية غير الغامض اللي بتشوفيه ده ...بس يمكن لما يبقى أسرة يطلع من وحدته دي ...
قالت برجاء :-
_ ياااارب يسعدهم ويفرحكوا يا ولادي يااارب
شاكسها عمر وقال بمرح :-
_ بقى المصارعين دول ولاد القمر ده ، طب مريم الكتكوته دي ماشي ، لكن هتلر وڤندام دول ولادك أزاي 😂
قهقهت بضحكة عالية وتأملها هو بعشق ....
______________________________الله أكبر
سمع آدم قرع على باب غرفته ثم توجه ليفتحه وتفاجئ بفهد الذي دلف وأغلق الباب ثم جذب آدم وضمه طويلا وقال :-
_ ماتخافش انا جانبك ومش هخلي حد يسرق فرحتك
ابتعد عنه آدم وهرب بعيناه بحرج حتى وقف أمامه فهد وقال مواجها :-
_ مستحيل كنت أقول كدا لحد غيرك ، لكن انا عايز مريم تبقى معاك أنت يا آدم ، عايزك تفرح ..نفسي أشوفك فرحان زي زمان ...
تحدث آدم وهو يتظاهر بالثبات :-
_ خليها تتجوز انس ، المرادي مش هدخل وهبعد
وقف فهد أمامه وقال بقوة :-
_ انا قولت لبابا أن مريم مش هتتجوز غيرك أنت ، والخطوبة الاسبوع الجاي والجواز بعديها بأسبوعين ، ماتضيعش مريم منك يا آدم لأنك مش هتبقى مرتاح مع حد غيرها ...انا عارفك أكتر من نفسك
صدم آدم للوهلة الأولى و برغم أن هذا القرار متسرع ولكن أراحه واربكه في آنٍ واحد ...
تابع فهد حديثه بجدية :-
_ أمي مستنية تفرح بمريم ومش هتسافر غير لما تطمن عليها ، وفي كل الحالات مافيش سبب للتأخير وكل حاجة في اسبوع هتكون جهزت ...
والاهم من ده كله واللي انا مستعجل عليه ..هو اني اشوفك بتضحك تاني ...انا بتعذب على عذابي يا آدم
ضمه آدم بنظرة عينيه وقال بقلق :-
_ هي جالتلك امتى تاني ؟
هزم الالم عين فهد وقال :-
_ امبارح بليل ، وفى عز نومي
ضمه آدم بقوة وقال بمحبة وحنان لا تظهر إلا لهذا الفهد فقط :-
_ هيجي يوم وتخف يا فهد مش هتفضل كدا ، وهتلاقي الانسانة اللي تصونك وتصون سرك
هز فهد رأسه برفض حاد ونظرة متألمة :-
_ مستحيل اخلي واحدة تشوفني وانا في الحالة دي ، انا مابحبش اصعب على حد ومش هستحمل أن واحدة تعيش معايا شفقة ....
هتف آدم بغضب :-
_ شفقة ليه هو انت فيك إيه !! ، لو واحدة حبتك بجد عمرها ما هيفرق معاها نوبة التشنجات دي ومش هتخاف منك أو تطلع سرك ، انت مش قليل يا فهد عشان تقول كدا ، انت البنات كلها بتتمنى نظرة منك وهتلاقي اللي تحبك عشانك انت ..
نظر فهد بسخرية وهو ينظر حوله ثم أشار لمرآة الغرفة وقال :-
_ شايف الانسان اللي في المراية ده ، اهو ده اللي البنات بتجري وراه ، شايف العز اللي حواليك ده ...ده اللي بيغريهم ، لكن مع أول مرة واحدة منهم تشوفني في الحالة دي ده كله هيضيع في عينيها وهتبدأ تعايرني وده مش هستحمله ...خليني لوحدي احسن...
وضع آدم يده على كتف آدم وهزه بقوة :-
_ انت مش لوحدك ، احنا دايما ايد واحدة ، وصدقني هتلاقي اللي تحبك لشخصك مش عشان كل ده ومش هيفرق معاها أي حاجة ولا هتخاف منك ولا الوهم اللي معيش نفسك فيه ده ...انت بس عشان ماجربتش تحب قبل كدا ..
نظر له فهد بعمق وسأله بجرأة :-
_ وانت ...جربت ؟
توترت عين آدم ثم توجه لمكتبه بهروب وبدأ ينظم كتبه بداخل حقيبته العملية دون أن يرى ما يفعل ولم يجيب فهد على شيء .....هز فهد رأسه وايقن الاجابة الصامته بداخله ثم خرج من الغرفة بهدوء .....
________________________ استغفر الله
كانت تقلب أوراق الكتاب بشكل متعصب ،وكانت تنتفض كلما تذكرت أن زفافها سيكون بعد أيام ....
حمدت ربها أنها انهت مذاكرة آخر موادها الدراسية منذ اسبوع مضى بسبب تلك الحالة القلقة التي تمر بها ...
لذلك لم تقلق لآخر اختبار لها غدا ...سمعت صوت حركة عجلات السيارة فنهضت من مقعدها وتوجهت لشرفتها حتى رأت سيارة آدم تبتعد عن المنزل .....
مر اليوم بقلق على عدة أطراف ....
________________________________أذكر الله
في اليوم التالي ...
انتظر أجفهد بسيارته بعيدا عن مدرسة فاطمة ، فلابد أنها ستأتي لامتحانها اليوم ...وما كان يدركه أن فاطمة أتت بعد صلاة الفجر وانتظرت كثيرا حتى فتحت ابواب المدرسة في الصباح الباكر ودخلت خلسة بداخلها وما إلا عدة دقائق حتى أتى فهد معتقدا في طريقها إلى هنا ....
كانت نظراته تقدح شرر وهو ينتظر كالمراهقين وصمم أن يجدها اليوم بأي طريقة ....راقبته هي من النافذة التي صادف أن مقعدها بجوارها ولم تعرف لما ضحكت على مظهره الغاضب ....ثم بدأ آخر اختبار دراسي لها في المرحلة الثانوية ليأتي حلمها بعد ذلك بالجامعة ...
انهت فاطمة الامتحان وراجعت على اجابتها عدة مرات حتى اطمئنت أنها انهت بشكل صحيح مثلما تعودت دائما وسلمت ورقة الاجابة للمراقب حتى ندمت على ذلك عندما تذكرت فهد ...كان بالاصح أن تخرج وهي مندسة وسط الجموع لا أن تخرج بمفردها هكذا ....
امرها المراقب بحدة أن تخرج من لجنة الامتحان حتى اطاعت الأمر بخوف مما ينتظرها .....
خطت أول خطوة على الدرج هبوطا حتى لاحت خاطرة برأسها ، راقبت المكان الهادئ حولها بسبب الامتحانات ثم ركضت لسطوح المدرسة تختبئ حتى انتظار موعد الانهاء وتندس وسط زملائها ....
لمحت بعض الاحجار الصغير ففكرت بمرح وهي تجمعه بيدها وبدأت تلقيهم من الاعلى على فهد حتى اصابت قدمه ثم ركضت لتختبئ وهي تكتم ضحكتها ، مر عدة دقائق حتى كررت فعلتها وهي تراه يتلفت حوله كالمجنون واصابت كتفه هذه المرة فركضت مرة أخرى بعيدا حتى لا يراها ثم قفزت وهي تضحك كالطفلة ، مر دقائق أخرى وذهبت لتراه مرة أخرى ولكن لم تجده ...دبت قدها بالارض بتذمر وجالت نظرتها يمينا ويسارا لتبحث عنه ولاحظت أن الاحجار سقطت من يدها فدنت لتجمعه من جديد حتى سمعت صوت يقول :-
_ لأ اختاري الطوب الكبير عشان تفتحي نفوخه على طول وتخلصي من خلقته ..
هتفت بتاكيد :-
_ صححححححح
ثم نظرت له بذهول واتسعت عيناها بصدمة 😨
ابتعدت عنه ببطء وهي تنتفض ولم تدرك انها تقترب من حافة سطوح المدرسة الخاوية من أسوار آمان ...