رواية الخلود او الاس الفصل الرابع بقلم آيلا
شخص مجهول دخل شقتي و أنا مش موجودة، لابس ماسك أسود على وشه و طقية سودة مغطية راسه ، و هدومه كلها سواد في سواد،كان بيقرب ناحيتي براحة.
_انت..انت مين؟
_تعالي عشان ناكل سوى أنا جعان.
فضلت متصمنة مكاني و هو كان بيقرب مني أكتر.
_يلا يا مريم قبل ما الأكل يبرد.
اتكلم و سحبني من يدي و أنا مشيت وراه من غير مقاومة لأني مكنتش لسه قادرة أستوعب الموقف.
سحب كرسي و قعد و أنا لسه واقفة متصنمة في مكاني و ببصله.
_هتفضلي تتفرجي عليا كدا كتير؟
_....
_ااه الواحد ميعرفش يستمتع بأكله أبداً.
وقف و سحب كرسي و قعدني قصاده.
_أحسنلك تاكلي لوحدك لو مش عايزاني أقوم أأكلك بطريقتي.
مأدركتش إن كان بقالي فترة طويلة مغمضتش عيني غير لما بدأت تحرقني، رمشت بسرعة و طلعت نفس مكنتش واخدة بالي إني حابساه الوقت دا كله و بدأت أخيراً أستوعب إني قاعدة مع شخص غريب على سفرة بيتي.
وقفت بسرعة و زعقت المرة دي بصوت عالي:
_انت مين و عايز مني ايه؟
_آنسة مريم اهدي.
_مش ههدى قبل ما تقولي انت مين و ليه بتعمل كدا.
وقف هو كمان و بص مباشرة في عيني، كانت أول مرة يبص ناحيتي من ساعة ما شفته، مروج خضرا بقالها فترة كبيرة متروتش فخسرت حيويتها و نضارتها، كانت دي عيونه، حزينة.....بس لسه جميلة.
_أنا شخص محتاج مساعدة.
_انت؟ انت محتاج مساعدتي أنا؟
بدأت أضحك بهستيرية و قعدت على الكرسي.
_كان أولى بيا أساعد نفسي، بس بص ليا، أنا مش قادرة أعمل حاجة.
قعد على الكرسي جمبي و معلقش.
بدأت أتكلم تاني و الدموع اللي كان بقالي فترة كبيرة بجاهد عشان أخليها محبوسة اتحررت غصب عني:
_كل حاجة...كل حاجة بايظة، لسه بحلم بمنظر ماما و هي مرمية على الأرض و الدم مغرقها و أنا واقفة ببكي و مش عارفة أعمل ايه، خسرت شغلي و بيتي و سمعتي و باقي عيلتي و كمان بقيت مديونة بفلوس أنا معرفش عنها حاجة، ليه...ليه كل دا بيحصلي؟
بصيت ناحيته و الدموع مغرقة وشي.
_ لا و فوق دا كله، في انت...
_أنا؟!
_أيوا انت، شخص مجنون طلعلي من العدم بيدخل شقتي وقت ما هو عايز و مسجل نفسه على تليفوني و كل شوية يتصل يقولي احفظي القاعداااا.
خلصت كلامي بصراخ و بعدين حطيت راسي على التربيزة، قرب عليا و اتكلم بصوت واطي:
_أنا آسف.
_بس مش دا اللي مخوفني منك.
_ايه؟
رفعت راسي تاني و اتكلمت و أنا باصة في عيونه.
_لو هتأذيني عادي ، أنا كدا كدا اتعودت على الأذى، أنا..أنا خايفة من اهتمامك، خايفة أتعود عليه.
اتنهد بضيق.
_اهتمام؟ أظن إنك فاهمة الموضوع غلط كل الحكاية إنك الشخص الوحيد اللي يقدر يساعدني و مش عايز أشوفك بتموتي من الجوع قبل ما تقدري تعملي كدا.
اتكلم بدون مبالاة و بدأ ياكل.
_و انت ايه اللي مخليك متأكد من إني هوافق أساعدك من الأساس؟!
_لأنك لو ساعدتيني إحنا الإتنين هنستفاد مش أنا بس.
_و ازاي دا بقى؟
_كل حاجة ليها وقتها، يعني مثلاً وقت الأكل للأكل، فايه رأيك تقعدي تاكلي دلوقتي و تسيبيني أنا كمان أعرف آكل.
كان قاعد بياكل بهدوء و لا كأنه في بيته، بصيت للأكل و حسيت إن مليش نفس، ازاي هقدر آكل و كلها ساعة و لا اتنين و المرابيين يجوا يدشدشوا الشقة تاني و ياخدوني معاهم كمان يبيعوني لو ملقيوش الفلوس.
لمحت الورقة اللي كان فيها رقم عمر محطوطة على رخامة المطبخ، ساعتها عرفت خلاص إن مفيش مهرب،عمر هياخد اللي عايزه مهما كان، هو قال إن ليا خمس تلاف جنيه من مرتبي مقدم لو اتصلت بيه دلوقتي ممكن ألحق...
_سرحانة في ايه؟ شكلك عايزاني آجي أأكلك أنا بنفسي.
قاطع أفكاري فجأة، غبي، عندي مشاكل أكبر من إني أقعد أجاري لعبته.
_مليش نفس.
كان لسه قاعد على الكرسي اللي جمبي، فجأة لقيت معلقة ممدودة قدام بوقي.
_قولت...قولتلك مليش نفس.
المعلقة متحركتش من مكانها، حسيت بالخوف لما لقيته مأبداش أي ردة فعل بلعت ريقي بتوتر و فتحت بوقي.
فضل يأكلني لغاية ما الطبق قدامي خلص، بدأ يلم الأطباق و أخدهم على الحوض، و أنا استغليت الفرصة و سحبت الورقة اللي فيها رقم عمر و طلعت برا في الصالة.
صوابعي كانت بتترعش و أنا بدوس على الأرقام و قبل ما أدوس اتصال في يد سحبت مني التليفوني.
بصيتله باستغراب.
_ايه؟ بتعمل ايه؟ هات تليفوني.
بص على الرقم و رجع بص عليا تاني.
_ليه بتتصلي بيه؟ انتِ لسه مفهمتيش القاعدة و لا ايه؟
_لو سمحت أنا مش فاضية للعبط دا رجع تليفوني.
_طيب.
اداني التليفون و قعد في الصالة جمبي، استغربت من السرعة اللي استسلم بيها.
_بس قبل ما تتصلي، قوليلي تعرفي مامتك قد ايه يا مريم؟
_قصدك ايه؟
_سؤالي واضح، اسمعي...لو عايزة تتصلي بيه و تبيعي نفسك ليه براحتك مقدرش أمنعك بس تأكدي إنك مترجعيش تندمي على قراراتك.
_انت عرفت ازاي؟
_مش مهم عرفت عن عرض عمر ولا عرضه ازاي ، المهم انتِ هتتصرفي ازاي؟ اسمحيلي أسألك سؤال واحد قبل ما أمشي...
_لو خيروكِ بين الخلود و الآس هتختاري ايه؟
_الخلود و الآس؟! قصدك الورد اللي بيتحط على القبر؟
_أيوا.
_هختار....هختار ال..
_متجاوبيش دلوقتي، حطي السؤال دا في دماغك عشان هسأله ليكِ تاني في الآخر بعد ما يخلص كل دا و عايزك منا لساعتها تكوني فكرتي في الإجابة كويس.
خلص كلام و وقف و قبل ما يمشي اتكلم و هو حاطط إيديه في جيب بنطلونه الأسود و هو مديني ضهره:
_جهزي نفسك عشان بكرا هبعتلك القاعدة التانية.
معرفش أول ما طلع من باب الشقة حسيتها بقت كئيبة تاني ليه، يمكن عشان بقالي فترة كبيرة قاعدة لوحدي.
هو قال في الآخر بعد ما يخلص كل دا هيسألني تاني، بس أنا بدأت أشك إن كل القرف دا يخلص، السؤال المهم هنا..يا ترى في الآخر هيكشفلي هو مين؟ حاسة إني شفت العيون الخضرا دي في مكان قبل كدا!
بصيت للورقة اللي كانت متعلقة على التلاجة للمرة الأخيرة.
"القاعدة الأولى: الكلام بدون مستندات كلام ملوش أساس حتى لو ليه أساس ممكن نعتبره مش موجود"
الكلام من غير مستندات..الكلام من غير مستندات، يقصد ايه بالقاعدة دي؟
بصيت لتليفوني اللي لسه رقم عمر مكتوب على شاشته سحبت نفس عميق و دوست اتصال.
_الو....
_مريم! كنت مستنيكِ، أخدتي وقت طويل يا روحي، تعاليلي المكتب....
**********