رواية وحوش لا تعشق الجزء الثاني من ليالي الفصل الرابع والاربعون بقلم رحاب ابراهيم
خارج المحطة تركض .....بخطوات تعرف طريقها ...وبكاء ارتسمت ممراته على وجنتيها ....ولكن لم تدرك أن يد الغدر كانت أقرب إليها من يده .......وبعد ذلك لم تشعر بشيء .....أي شيء !
لتصبح عتمة الاغماء راعيا قاسيا للعقل
حتى وضعت بواسطة رجلين بداخل سيارة وقال احدهم :-
_ يااا بسررعة قبل ما يلحقنا
ليجيب الآخر سريعا :-
_ يلا
تحركوا بالسيارة في الطريق الذي يطل من جانبيه المزروعات الخضراء وحقول تركض بها بعض الحيوانات الأليفة ....
التقطت المشهد من بعيد وهو يركض ونظرته وحشية عنيفة ،نظرة لن تخضع للهدوء إلا بعد القصاص حتى لمح فرس مقيد بوتد صلب بالقرب منه .....
ماذا ستكون النتيجة وقيد وجد الثائر الغاضب ضوء الطريق ؟
_______________________________صلّ على الحبيب
بنسمات ترفرف على خديها ....وقسمات ترتسم الابتسامة على حناياها ...وتورد الخجل على محياها يشتعل ...
تململت بفراشها حتى اضجعت على جانبها لتقع عيناها علي وجهه النائم بهدوء وسكينة ....ابتسمت بحياء فقد اصبحت منذ ساعات زوجته بكل ما تحمل الكلمة من معنى ...
لم تعتقد أن يمتلك قلبا حنون لهذه الدرجة ...حنان ورقة امتزج بجنون العشق ......
ترمقه بحب لم تشعر أن قلبها يحمله بهذه القوة حتى مررت يدها على شعره الاسود الغزير الذي كان أشعث بعض الشيء .....التقط يدها مقبضا بقوة ونظرة كسولة مبتسمة قائلا :-
_ صباح الورد
اشتعل وجهها حياء أكثر واجابت :-
_ صباح الخير يا حبيبي
اقترب منها متفحصا وجهها المتورد قائلا :-
_ عايز افضل ابصلك كدا عشان احس أني مش بحلم ...وأنك فعلا جانبي ..مراتي حبيبتي
اطرفت عيناها ولم تدرك لما قالت ذلك :-
_ أنت ليه قبل الجواز عمرك ما حسستني بحبك يا آدم
ضمها اليه بقوة متنهدا واجاب :-
_ لأني ماكنتش أعرف انك بتحبيني ، وبعدين يا مريم أنتي أمانة وانا حفظتك حتى من نظرتي لانها مش من حقي يا مريم ...لكن دلوقتي انتي مراتي ...حلالي
رفعت وجهها اليه ببسمة عاشقة وقالت بقوة :-
_ انا بحبك أووي يا آدم ،طول عمري كنت بحبك
قبّل رأسها برقة واجاب بنظرته التي تسلب عقلها :-
_ وانا بعشق الهوا اللي بتتنفسيه من يوم ما جيتي الدنيا ، أنتي عارفة وانتي مرة تعبانة وغبتي من المدرسة ....فضلت طول الليل سهران ومش عارف اذاكر وكان عندي امتحان تاني يوم في الكلية ....فضلت ادعيلك طول الليل انك تخفي ....و
توقف فجأة عندما شعر بنفضتها الباكية بخفوت حتى اعتدل ونظر لوجهها بقلق :-
_ بتعيطي ليه يا روحي ؟
مسحت مريم عيناها قائلة :-
_ مش عارفة أزاي افتكر أنك اتجوزتني عشان بتشفق عليا ...عشان رج
وضع اصبعه على فمها يمنعها من الحديث واجاب بحدة :-
_ بس ...أوعي تكملي الكلام الفارغ ده .... مريم
أنتي عارفة يعني إيه لما واحدة تبقى بالنسبة لواحد النفس اللي بيتنفسه ، لما يحس أنها عوضه عن كل الوجع اللي شافه ، لما يحمد ربنا في كل لحظة على كل حاجة قربته منها .... وماتنسيش أن ده كان سبب غير مباشر لجوازنا ...أنا شايفك اجمل بنت في العالم ومافيش بنت قدرت تملأ عيني غيرك أنتي .....انتي بتجنيني حتى وانا زعلان منك ....
أخذ يدها ووضعها على جانب وجهه بنظرة عاشقة وقال :-
_ مافيش حد بيحب حبيبته أكتر مني
رمت رأسها على صدره مجددا حتى تمدد مرة أخرى وقالت مشاكسة بمرح :-
_ عملني بقى الكلام الحلو عشان مش بعرف اقول زيك
اتسعت ابتسامته واجاب:-
_ طب يلا بقى عشان نفطر برا ...هنقضي اليوم كله برا ، هعيش بقى حياتي اللي عمري ما عشتها ...
نهضت قائلة بنشاط :-
_ طب يلا عشان نفسي تشيلني وتجري
نهض مبتسما بسعادة ولمرحها وابتسامتها الذي يعشقه
________________________________سبحان الله
بعد دقائق بدأت تستعيد وعيها بالتدريج لتجد يدها وقدماها مكبلة بأحبال سميكة وحجب فمها بكمامة لازقة على شفتيها لتكتم صوت الصرخة بحلقها .....
بدأت ترتجف وهي تسترجع آخر دقيقة قبل أن تغفا كليا وشعرت ببعض التشوش لبضع دقائق ...لتستعيد وعيها بعد ذلك بالتدريج وتكتشف أنها قد اتم اخطتافها وقيدها هنا ....حاولت الحركة ولكن عجزت كليا قد انسابت الدموع على وجنتيها من هذا العجز الذي تشعر به ...لم تنساه حتى تتذكره وتساءلت كيف حاله الآن بعد أن كشف هروبها ....
رفعت رأسها تضرعا إلى الله حتى يأتي وينقذها من بين براثن المخطتفين ......
****************
جلس بوجه مجعد ومخيف ....يتطاير الحقد من مقلتيه وقال :-
_ هيجي .....وانا مستنيه
هز إسلام قدمه ساخرا وقد لمح بعض التوتر بعين الاعور :-
_ هتخلص ولا اخلي حد تاني يخلص ...اصل الفرصة دي مش هتتكرر تاني
رد الاعور عليه وهتف بعصبية :-
_ كنت اقدر اديله رصاصة تجيب اجله بس لأ .....انا عايزه يبقى عبرة للي يقف في وشي ....مش هيموت بالساهل
قال احد الرجال المخطتفين :-
_ مش هيلحق يبلغ ومحدش هيلحقه المرادي
ليجيب الرجل الاخر بقلق :-
_ انا اواجه بوكس بضباطه ولا اقف وش فهد الشريف ....ده غول ومابيرحمش .... وانا عن نفسي مش هقدر اقف قصاده بقلم رحاب إبراهيم
نهض إسلام بزفر بغضب وحقد قائلا :-
_ فهد لو ما خلصناش عليه النهاردة هنروح في داهية .... انا اخترت انسب مكان عشان محدش يشك فيا واكون بعيد
رد سعد الاعور عليه وهو يخرج سلاحه :-
_ ما تقلقش .....وحتى لو بلغ ...على ما يجوا هنا هنكون خلصنا ومشينا
**************
رفع هاتفه ليخبر احد زملائه بالأمر حتى قال قبل ان ينهي الاتصال :-
_ مش عايزهم يحسو بحاجة ، انا متأكد انه هو سعد ، لكن اقسم بالله ما هسيبه غير على المشنقة ال.......
اجاب الاخر :-
_ هبعتلك قوة لحد عندك لكن عايزك ما تتعصبش ...اظاهر انه مش لوحده دي فرصة يا فهد عشان نعرف مين اللي وراه
زفر فهد بشراسة وهو يتخفى خلف احد الاشجار العالية بوجه محتقن من الغضب واجاب بصوت هامس :-
_ حفر قبره بإيده والمرادي ...مش هيفلت مني ....هو فاكر انه بيلوي دراعي بس مايعرفش أنه اختار نهايته بإيده ....
رد الاخر :-
_ استغربت في البداية لما عرضت المهمة ونيجي وراك الصعيد بس كان عندك حق ......
قال فهد وهو يترقب المكان :-
_ لاني عارف انه مش هيفوت فرصة زي دي ....وانا عايزه بأي طريقة واهو وقع ... اول ما توصل اديني اشارة
انهى الاتصال ووضع هاتفه بجيب معطفه ليعود للترقب ...
كلما تذكر أنها بين ايديهم يجن جنونه ويشعر بنار تغلي بقلبه ويقترب بخفاء لهذا المنزل القديم الذي تبدو وكان به نافذة واحدة به ...... لمح من بعيد وكأن احدا فتح الباب ودلف بداخلها .......
دلف احد الرجال بالغرفة واقترب منها بنظرته الماكرة الكريهة حتى زحفت للخلف بخوف منه لينزع كمامة فمها لتصرخ متألمة ثم هتفت بغضب :-
_ ياقذر ....انت مين وجبتني هنا ليييه ؟
نظر لها الرجل بجرآة واجاب بنظرة تتفحص جسدها ببطء :-
_ عنده حق والله .... تستاهلي
بدأ يقترب منها أكثر حتى صرخت فاطمة باعلى صوتها :-
_ فهدددددددددددد
انتفض جسده بالكامل عندما سمع صوتها حتى اشتعل البركان بداخله ولم يستطع الانتظار لدقيقة واحدة اخرى
_____________________
اقترب من النافذة الذي عدى إليها بخفة كطيف الريح ولم يترك للحارس بالخارج فرصة حتى يراه .....ليقترب من النافذة المفتوحة ......
ابتسم الرجل ابتسامة عريضة وساخرة وهي ينظر لصرخاتها حتى تلقى رصاصة بكتفه بشكل مفاجئ ليقع غارقا بدمائه ....قفز فهد من النافذة للداخل وركض اليها بضمة قوية وقد اجهشت بالبكاء عندما رأته :-
_ الحمد لله انك جيت يا فهد انا كنت خايفة ، أنت سبتني
حاوط وجهها بيده بنظرة حانية وعاشقة بجنون :-
_ فاطمة ....انا بحبك
اطرفت عيناها بصدمة وغمغمت بذهول وهي تخاف أن تكون بوهم لحق بعقلها ..ليكررها بقوة :-
_ انا بحبك ...بجنوووون
فك قيد يدها وقدماها لترتمي بين ذراعيه وقالت :-
_ يعني مش هتسيبني
نظر لها متأملا عيناها بعشق :-
_ مش قولتلك قبل كدا انتي روحي ...هو حد بيسيب روحه غير وهو ميت !!
رمقته بعتاب :-
اومال ليه عملت فيا كدا ...انا من امبارح وانا هموت
اوقفها قائلا :-
_ هتعرفي كل حاجة بس ده مش وقته
نظر للملقى غارقا بدمائه ليقترب منه وجذبه خلف كومة من المفارش القديمة الملقاة بجانب الغرفة واخفى اثار الدم وهمس بخفوت :-
_ اقعدي وكأنك لسه مربوطة ...مش عايز حد يكتشف حاجة دلوقتي ....مش عايزهم يهربوا
ضيقت عيناها حتى قالت له بتساءل :-
_ مين ؟! .....اوعى تقول ال.....
هز رأسه بالايجاب لتنتفض ثورتها بلمعة عين ثائرة وجلست مقعدها وتظاهرت بالقيد وكأن شيء لم يكن ......
راقب فهد من ثقب بالباب الحركة من الخارج ليرى احد يأتي مقتربا إلى هنا .....
اختفى خلف الصناديق بقرب النافذة ليدلف رجل قوي البنية بريبة ووجه تحفر به الندوب والجروح القديمة ...مسح الغرفة بعينه قائلا :-
_ اومال الصوت ده جه منين ؟
سكنت فاطمة وقد بترت الخوف من قلبها لوجوده معها ولم تجيب .....كاد أن يخرج الرجل من الغرفة حتى سمع تأوه صادر بغموض .....نظر للمكان بمكر وبالأخص كومة المفارش وللعجب لم يقترب بل خرج بوجه تبدل إلى الخوف بعد أن رمق فاطمة بشكل مريب .......
نهضت فاطمة بعد لحظات لفهد لتضمه بقوة :-
_ انا مش خايفة وهقف في ضهرك
مرر نظرته على وجهها بعشق يرتجف بقلبه :-
_ روحي اقعدي تاني عشان هيجوا دلوقتي تاني ...
انا عايزهم كلهم مع بعض ...مش عايز حد يهرب
رفضت فاطمة ان تتركه حتى اخذها ليجلسها بالقوة حتى يبعدها عن أي مقاتلة ستحدث ......
وأثناء اعتداله ......انتفض قلبه بهلع ...لا ليس الآن ....اتت النوبة اللعينة من جديد ....لتضعف قواه وتدمر حياته وقد اقتربت الخطوات ....
اتسعت عيناها بصدمة وهي تراه هكذا .....اقتربت منه وهي تبكي .....حتى نظر لها بحزن شديد واشتدت نظرته بخوف وهو يسمع الاصوات تقترب ....الامر سيأخذ ثوانٍ حتى يأتوا الى هنا بينما ذهاب تلك النوبة المقيته ستأخذ دقائق ربما يلقى مصرعه وقتها .....ربما يحدث أي شيء .....
**************
أشار الاعور ومعه الرجل الذي ملأ وجهه الخوف عندما انتبه لآنين زميله وهذا يؤكد أن الفهد قد اتى ....ونظرات فاطمة القوية التي لا وجود للمعة الخوف بها ...تؤكد ذلك ...
الخطوات سريعة ...متوجهة لهدفها بهجوم عنيف ....
ذعرت فاطمة عندما لم تجد رباط خصرها بتلك الاعشاب ويبدو انها سقطت منها وهي تركض هاربة من المحطة دون أن تشعر ...ماذا تفعل ؟
ضمت رأسه الذي ينزف عرقا بدموع وقالت بقوة :-
_ لأ ...مش هسيبهم يدخلوا عليك وانت كدا ...حتى لو هموت
ركضت للباب وراقبتهم بخوف حتى تشبثت بالحائط بقدماها لتتصدى لدفعات بالخارج .....
حاول احدهم أن يفتح الباب ولكن يبدو أنه مغلق او يتصدى له احدا بالداخل ....
قال إسلام بعنف :-
_ أزاي جوه وقافل الباب ....اكيد فيه حاجة غلط ، لو فهد جوا ماكنش هيقفل الباب انا متأكد
اتسعت عيناها وقد تذكرت ذلك الصوت الذي سمعته عندما اسرعت خلف فهد بأحد المرات وتأكدت انه هو .....
دفعه الرجل الباب بقوة لتتصدى هي بكل قوتها ......
جز فهد على اسنانه بألم وغضب شديد ولا شيء بيده يستطيع أن يفعله ....وكره كل شيء جعله في هذا الموقف الذي هدرت به كرامته وكبريائه كرجل ......
تصدت رغم أن الضربات بالخارج تمزق ظهرها ولكن لا سبيل ......مع قوة الدفعات القتها آخر دفعه بقوة للامام حتى اصطدم رأسها بالحائط لتسقط على كتفه وقد نزف رأسها دماء غزيرة ......
وكأن دمائها كانت كصدمة كهربائية لحقت به لينهض هاتفا برعب :-
_ فاااااطمة
دلف الرجال للغرفة فورا صياحه ........
قال سعد مبتسما بشماته وهو يرى الغارقة بدمائها :-
_ يلا اهي حصلت ابوها
ليقل إسلام بسخرية :-
_ والله واخيرا وقعت في ايدي وهدفنك هنا
الدمعة الحارقة التي احرقت قلبه علىها جعلته ينهض كالثور بعد قيده لفترة طويلة ....غضب جعله يلقي بأحد الثلاثي أرضا من طلقة نارية بقدمه وكتفه .....
تفاجئ اسلام بما يحدث حتى اخرج واشهره بوجه فهد قائلا :-
_ اتشاهد على روحك
اخفض الاعور سلاحه بضحكة ساخرة وقال :-
_ ياااااه ماكنتش عارف انها هتبقى سهلة كدا .....بس تصدق هتوحشني يا وحش الداخلية
وبحركة شبه بهلوانية استطاع فهد أن يلقي ما بيد اسلام ويلقيه هو ايضا بضربة من قدمه لتأخذ الدماء طريقها على فمه بقوة بعد أن ارتطم بالارض ......
والآن بعد أن ظن ذلك المجرم أن محاط بحماية كفاية فأين هي الآن .......قال :-
_ واجهني راجل لراجل
سخر فهد بإذدراء واجاب بنبرة تنم عن القاء حمم البركان :-
_ ده لو كنت فعلا راجل
بدأ الشجار بعنف ليلكمه فهد بشراسة عدة لكمات حتى خطف سعد احد الاسلحة وقال وهو يمسح الدماء من وجه ويتمايل من قوة الضربات التي تلقاها وقال ساخرا :-
_ النهاية دي مش نهايتي ......يمكن انت اقوى مني وبعترف أن أنت الوحيد اللي عملتلك حساب وقلقت منك ....بس نهايتك هتبقى على ايد الاعور .....مع السلامة
كاد أن يضغط على زناد المسدس حتى تلقى ضربة على رأسه بجسد مسدس آخر .......
ورغما ذلك كان فهد مستعد لتفادي الاعيرة النارية حتى تفاجئ بها تقف لاهثة وتنظر له بابتسامة قائلة :-
_ سامحني يا فهد ..... مش هقدر اوفي بوعدي معاك ....انا همشي .....
سقطت مرة اخرى بدون أي لمحة للحياة فيها .....