رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الاربعون بقلم شريهان سماحة
بعد مرور أربع سنوات
أرخى رأسه للخلف على الحائط الرطب من كثرة أدلاق الماء به يتذكر بألم كل مامر به فى تلك اﻹيام والليالى التى لم يعرف لها عدد مطلقا .. أطلق تنهيدة على كل أساليب تعذيبهم الذين يتفننون به موقننا بأن لولا جبنهم وخوفهم من معرفة الجانب المصري لتطاول العذاب إلى أكثر من ذلك بكثير فما بجبعتهم أخفى وأعظم ...
أطلق تنهيدة حزينه متألمه أخرى يتذكر بها أصوت تعذيب السجناء الفلسطنين فى الليل الساكن اﻹ من أصواتهم التى تصدح فى المبنى بأكمله ..
كل ليله يتألم ويقهر من أجلهم حتى نفذ صبره ذات ليله وتمنى لو يحمل بمدفع حي لاينفذ خزانه من الرصاص نهائيا ليتم أفراغه فى كل يهودى نجس يستعمر أرض فلسطين ويعذب أبنائها ويستبيح دمائهم ويقتلون أطفالهم ويهتك شرفهم ..
وذات ليله أخرى جن جنونه وغضبه الى العنان على صوت ضرب وتعذيب فتاة فلسطنيه فى أحدى غرفهم اللعينه ليستعيد قوته المسلوبه بسب قلت الطعام والشراب وهجم على الباب بقوة أجتاحته من الفراغ ضاربا بيده وأرجله فى عنف حتى يفتح ذلك الباب اللعين وينقذها إلى أخر نفس يخرج منه ..
أستمر فى تهجمه بالضرب على الباب وبالسباب المهين لهم لأكثر من نصف ساعه إلى أن أنفلتت الدموع من عينيه لثانى مره فى حياته .. اﻷولى عند جرح حبيبته والثانيه اﻷن عند جرح فتاة عربيه على يد يهودى جبان ... جلس ببطئ يحك ظهره فى ظهر الباب الحديدى الموصد بأحكام إلى أن وصل لﻹرض فى أنهيار بسب قلقة حيلته ليتذكر المره الوحيده التى أخرجوه بها يرى ضوء الشمس فى الفسحه الواسعه خارج المبنى والمحيطه باﻷسلاك الشائكه والمكهربه ليلمح على بعد ما فتاة فى نهاية الطفولة أو فى مقتبل البلوغ ذات شعر أصفر هائج تقف وحيده ليبدو له أنها سجينه مثله فزداد غضبه وسؤال يسيطر عليه بأندهاش هل يخافون من تلك الطفلة .. هل جبنهم وصل الى ذلك الحد .. هل هل تلك الطفله تخيفهم وهى بدون سلاح .. كاد عقله يشتت فما يراه لايصدق .. لم يشعر بقدمه وهى تتجه اليها ليحدثها ومن بينهم حائط سلكى يستطيع أن يراها ويحدثها من خلاله ..
فردد بهدؤء شديد سائلا لها :
- أنتى أسمك أيه ؟!
- عهد التميمي ..
- وبتعملى أيه هنا ياعهد ..
- مسجونه هون
- ليه أنتى لسه طفله صغيره ومش خطر عليهم فى حاجه !
- الحكاية تبدا لما كان عندى 12 عام وأقتحم الصهاينة قريتي نبى الله صالح غرب رام الله وسط الضفة الغربية للقبض على الشباب المنتفض فقبضوا على أخى لحظتها هجمت على جنودهم وقفت قصاد سلاحهم وما تركتهم الا وهم تركينه
ذهل حمزة مرددا بأستغراب :
- ومخفتيش ياعهد
لتجيبه بحماس تملكها :
- "هم جبناء ويعتقدون أن سلاحهم سيحميهم"
- طب أيه سبب أنك تدخلى دلوقتى
- المعتوه رئيس أمريكا صرح أن القدس عاصمه لفلسطين لهيك أنتفضنا كلنا حتى اﻷطفال منا ..
أبتسم حمزة مرددا بحنان وقوة ايمان :
- مش مهم مين اللى يقول المهم عند ربنا قيمتها أيه وكل مسلم عارف أنها أول القبلتين وثالث شى مقدس فى الأسلام بعد الكعبه المشرفه والمسجد النبوى الشريف .. علشان كده هى فى رعايه الله ولعله يعوضكم خير على أنتهكتكم وسلب أرضكم ...
- الحمد لله وأحنا أملنا فى الله كبير
- طب أنتى دلوقتى مش ندمانه على إللى عملتيه وخلكى تسجنى يعنى انتى لسه طفله ونفسها تعيش حياتها ودلوقتى مسجونه
لتجيبه بشجاعه وقوة أذهلته :
- "الرصاصة التي لم تقتلنا تزيدنا قوة، والسجن لا نخشاه، وطريق المقاومة والنضال سنُكمله.. فمنذ طفولتي وأنا أتوقع اعتقالي كل يوم"
رجع من شروده يحدث نفسه بخفوت على أثر حديثها الذى صدمه ففتاه مثلها فى نفس عمرها هل يوجد لديها كل تلك الشجاعة وكل تلك القوة ولم تحمل سلاحا ولا حتى الحجارة، وإنما اكتفت بسلاح الجرأة في الوقوف في وجه جنود الاحتلال ومطالبتهم بصوت طفولي عالٍ، أن يغادروا قريتها وأن يتوقفوا عن اعتقال الأطفال
أطلق صرخه قويه يعبر بها عن مدى فخره واعتزازه مرددا بأعجاب :
" أذا لاخوف عليكى يافلسطين لو كل فتياتك هكذا .. شجعان أقوياء لا يخفون السلاح يقاومون حتى السجن أو الموت "
تنهد مره اخره ثم وقف ينوى صلاة الليل التى هى رفيقته فى تلك السنوات والتى تعينه على الصبر والتحمل والدعاء عندما يسمع أصواتهم .. أبتسم بتهكم حين تذكر رؤيتهم له وهو يصلى ويتوضى من المياه المندلقه لتعذيبه فقطعوها ليتوضأ بعدها من حصته فى ماء الشرب فقللوها فمنع نفسه ساعات من الشرب مقابل ان يتوضئ ...
توضئ وكبر للصلاة وبدا صلاته إلى أن أنتهت وجلس يستغفر ربه ليأتى صوت فتح الباب من خلفه فرددا مع نفسه بأنهم سيبدؤن فى تعذيب أخر اﻷن بعد فشل أساليب تعذيبهم من قبل ليسمع حركه وصوت خطوات الى ان وصلت أمامه مباشرا ليرفع عيناه ليرى أمرأه شبه عاريه تماما فأسرع بخفض وجه مغمضا عيناه ليستغفرا ربه ...
عندما تشعر إن ذاتك العاطفيه مشبعة تماما ...
عندما تنظر إلى أى جنس وترى أنهم كلهم سواسية سواه ...
عندما تفقده وتبقى طوال عمرك على ذكراه فلا تسطيع أن تبعده أو تنساه ...
عندما تبكى عند الفراق وتعيش على أمل لقاء ثانى لطلب الغفران ...
" مما قرأت وأعجبنى "
كانت تلك الكلمات تعبر عن حاله فى ذلك الوقت ليشعر بيد تتوغل على صدره ليفزع منفضا نفسه بعيدا عنها معطيا لها ظهره وهو يردد لها بقوه :
- هم بالتأكيد أشباه رجال ﻹستخدام نسائهم لجلب مجرد معلومات .. فحافظى أنتى على كرامتك التى لم يحافظوا عليها وأخرجى اﻷن ﻷن من هنا غير مرحب بكى وأن لم تخرجى من تلقاء نفسك لا أستطيع التحكم فى يدى حينها ....
لتفزع وتخرج سريعا تلف جسدها بشال ضخم ليزفر بعدها حمزة فى أرتياح ليسمع بعدها مباشرا صوت فتح الباب ثانيا لتنفلت أعصابه ليلتفت رافعا يده ليتفاجئ بشاب لم يراه هنا من قبل يقبل عليه مرددا بخفوت شديد وسريعا :
- يلا البس ده ويلا من هون بسرعه قبل محد يشوفنا
تفاجئ حمزة بما سمعه مردد بعدم تصديق :
- أنت مين وألبس ليه
ليردد الشاب سريعا وبخفوت أشد :
- وحيات الله أنا منتظر هيك لحظه من اربع سنوات ولما شفتها طالعه على طول من عندك من أول مادخلت مش كنت هعرف أستفاد بالموقف ده .. ﻹن الحراسه اتخففت لما دخلت فكرينك مش هتقدر تقومها وهتفضل معاك للصبح فيلا لو عاوز ترجع بلدك قبل ما يعرفوا إللى انت عملته معها الصبح وهى بتبلغهم .. فقط قدامنا ساعات الليل حتى تعدى حدودك قبل ما يقلبوا الدنيا عليك ..
ذهل حمزة ولم يستوعب هل الله أستجابا لدعائه اخير ليسرع مهرولا ﻷرتداء ما جلبه من ذى عسكرى أسرائيلي وخرجا فى هدوء شديد يتبعه صامتا ....
بعد حدود العشر دقائق من التنقل فى الخفاء وقفا فى مدخل مظلم ليحكى الشاب بهدؤء شديد يكاد يسمع حمزة :
- الصندوق ده تلاجة بيجى فيها الخضار المحفوظ للمبنى علشان تحضير الطعام للمساجين أنا عطلتها وهتقعد فيها وهقفلها وهدخلها سيارة التغذية دى وهى كمان 10 دقايق هتتحرك تروح شمال اسرائيل تعبى خضار وترجع لينا تانى وهكذا .. بس هى كل ما بطلع من هون بتعدى تمون من بنزيمه على بعد 2 كيلو علشان طريقها طويل .. شخص من البنزيمه انا متفق معاه هيشغل صاحبها وأول متحس بتوقفها تخرج تدخل جوه البنزيمه وتغير ملابسك بملابس هو هيكون مجهزها ليك والشخص ده هيتولى أمرك ويوصلك على معبر رفح المصرى ومن هونيك طلعهم على هوايتك وتكون وصلت بلد بالسلامه ...
هما حمزة يسأله من هو ولما يفعل ذلك ليجيبه سريعا :
- مفيش وقت ومش هقولك اكتر من أن ربنا بيحبك ودعاء والدتك وكمان صبر وايمانك خلانى ألمحك واشك فى موضوعك من اربع سنوات بس مكنتش لاقى طريقه من شدة تشديد الحراسه
ليكمل بأصرار يلا مافى وقت
ليحتضنه حمزة مرددا بأستفسار :
- انت عميل فلسطينى
ليتجاهل كلامه وهو يفتح له باب الصندوق ليهم حمزة بالدخول به ليهم الشاب بأغلاقه وهما سريعا بأخراجه وأدخاله داخل السياره بسلام لتغادر بعدها بسبع دقائق الى أن وصلت لبوابه الخارجيه للمبنى ليوقفها الحراس لتفتيشها فهما أحدهم بفتح بابها الخلفى ليتطلع فى داخلها وهو مزال فى مكانه فى الارض ليهم بأقفالها بعد ثوانى معدودة لعدم وجود شئ يثير الشكوك بها سواء الثلاجه وصناديق خضار طازه فارغه ....
وبالفعل توجهت للبنزيمه وهما حمزة سريعا بخروجه منها والدخول بصعوبه داخل البنزيمه ليغير ملابسه ويلمح مغادرة السياره ليسرع الشخص بالتوجه له واخراجه من الباب الخلفى لها ثم ركوبهم سيارة خردوات تدارى حمزة أسفل هياكل مصفحه مما تحمله وتوجهت لوجهتها الى معبر رفح المصرى .....
--------------
- لو سمحت أنا عاوز أتصل فورا باللواء معتز سماحه بالسلاح الجوى المصرى
أستغرب ظابط المعبر بما سمعه متطلعا لحالته المزريه وذقنه المتوسطه فرددا مستفسرا :
- أنت مين وعوزه ليه ؟!
- أنا أسف مش هتكلم إلا قدامه .. ياريت توصلنى بيه وتقوله الرائد طيار حمزة حسين اﻹلفي موجود هنا ..
وتم اﻷتصال وماهى الا نصف ساعه أنتقل بها اللواء معتز سريعا بطائره هليكوبتر مغادرا وحدته وهو لا يستوعب أن ماسمعه صحيح وأن الرائد حمزة على قيد الحياة بعد مرور أربعة سنوات ليصل أخير لمكانه ويقف صامتا لا يستوعب بأنه حمزة بحالته المزريه تلك ليردد بتوجس:- - أنت مين
ليأتيه صوت حمزة مرددا بخفوت :
- الرائد طيار حمزة حسين اﻹلفى
ليردد بتوجس أكتر :
- كود تعريفك بالوحدة بتاعتك أيه ؟!
- 854 Am
ليهم اللواء معتز سريعا بعدها بأحتضانه بقوه شديدة مرددا من بين أبتساماته :
- حمدلله على السلامه ياوحش
ليحتضنه حمزة جيدا وهو لا يصدق بأنه بات على أرض مصر وفى أحضان أحد من أبنائها ........
نقلت الطائرة الهيلكوبتر اللواء معتز وحمزة لمبنى وزارة الدفاع سريعا بعد أبلاغ السلطات والتى أمرت بأحضاره فورا ليدخل فى أجتماع مغلق لمدة 48 ساعه مع كبار مناصب الجيش والسلطات للتأكد من أنه الرائد حمزة حسين اﻵلفى بالفعل وماهو سبب غايبه وأين كان ومن ساعده على الخروج من محنته وكل ما مر به فى محنته مع بعض الراحه والتغذيه له كل فتره ........
-----------------
لم تلتقى شاهى المتربصه لرؤية خديجة نهائيا بها بعد ذلك اللقاء وبالطبع لن تلجأ اللى بسنت التى بقت لها كرت محروق بعد أن أنكشف أوراقها أمامها .. لتضع بعد ذلك مولود ذكر ولكن بسب كرهها ﻹبيه تركته لأحدى خادمات قصرها لتقوم برعايته فى ظل توالى مصائب زوجها كل حين ليكون لها فى الليل منتهك جسدها وفى النهار عملها الرضى .. تحت أنفلات صبر والدها على أعماله بعد اﻹوقات أو تجاهله له تماما .......
بعد مرور ثلاث سنوات خضعت لحالها وبدأت تتقبل زوجها قليلا بعد أن قامت بعمل الكثير من عمليات التجميل فى وجهه ﻹزاله الجروح والتى توهم من يراه أنه خريج سجون لتبدأ بتعليمه بعدها أداب التعامل واﻹتيكيت وتفريغ مكتب له فى شركة والدها اﻷم والذى يقضى معظم وقته به لﻷكل ومشاهدة التلفاز والتغزل بالعاملات والموظفات بها .. ليبقى فى النهايه الطبع يغلب التطبع والشكل الخارجي .....