رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الثامن والثلاثون بقلم شريهان سماحة
قبل ذلك بشهرين
حين شعر بأهتزاز الطائرة وهبوطها فى الهاويه جاهدا لفتح كابينة القيادة والتى على ما يبدو أبت أن تفتح .. ليلتفت سريعا لواجهة الطائرة فيشاهد أندماجها مع اﻷرض بات قريبا جدا ليعطى كل قوته وعزيمته لفتحتها لتفتح أخير قبل سقوطها بدقيقتين فقط ! .. ليهب قافز فى الماء على بعد متوسط نوعا ما لينصدم جسده مع سطح الماء ليعلو ثانيا نتيجة رد فعل اﻷنصدام الشديد الذى نتجه عنه حالة أغماء وكسور بعض اﻷضلاع فى منطقة الصدر لتسقط بعدها الطائرة بأنفجار يدوى عاليا ....
ونتيجة ﻹرتفاع المدة والجذر فى هذا الشهر من فصل الشتاء دفعته اﻷمواج دفعا باﻹتجاه العكسى ليقترب من الجهه اﻷخرى لشواطئ مدينة طابا إلا وهى مدينة أم الرشراش الفلسطنيه أو مدينة أيلات اﻹسرائيلية !!
ليستكين جسده بهدوء تام على اطراف الشاطئ لمدة نصف ساعه على أثر حضور دوريه أسرائيلية سريعا لمعرفة ماسبب اﻹنفجار الهائل الذى هز المكان منذ فترة ما ليغادروا بعدها عائدين لمركز مراقبة الحدود الجنوبية بعد تأكدهم بأن اﻹنفجار على الحدود المصريه نتيجة ﻹرتفاع دخان كثيف فى السماء ورؤية شئ ما محترق فى حدودهم وطائرة على مايبدو عسكريه تحلق فوقها ....
أستدارت السياره لتعود وعند أستدارتها لمح أحد الجنود اﻹسرائيلين شئ ما كاكتله سوداء على بعد 20 متر يدفعها الموج الهائج كل حين على أطراف الشاطئ ليأمر صديقه بالتوجه نحوها فورا لمعرفه ماهو هواية هذا الشئ لعل شئ يهدد حدودهم .. وبالفعل عند اﻹقتراب أتضح شئ فشئ أنه جسد بشرى ﻹنسان فأسراع بتوقف محرك السيارة لمعرفه لمن تلك الجثه .. والذى أتضحت عند أقترابهم أنها لرتبه عاليه فى الجيش المصرى نتيجة رؤيتهم للزى العسكرى الممزق ويحمل شعار الجيش لجمهورية مصر العربية ...
فهما أحداهما مرددا بأندهاش :
- أيه إللى جاب ده هنا .. يبقى أكيد متعلق باﻹنفجار اللى سمعناه على حدودهم من فتره ... مد أيدك ياشالعوم نرميه فى البحر تانى وملناش دعوه بيه
ليسرع شالعوم بالرد وهو يوقفه قبل رفعه:
- أستنى بس يا دانيال .. مش هنتصرف من دماغنا هنتصل على الوحده تتصل على السلطات وهى تقرر
وبالفعل تم اﻷتصال عن طريق اللا سلكى بوحدة المراقبه والتى أوصلته لرتبه عاليه فى الجيش الإسرائيلى والتى أمرت بأحضاره فورا على وجه السرعه ولكن أخبره جنود الحدود بأنه يبدو فاقد للوعى ومصاب نوعا ما .. لترسل الجهات فورا أحدى طائرتها الهيلكوبتر لنقله لمشفاها العسكرى فى تكتم تام مصاحب لهم ...
---------------------
هبط من سيارته بتألم فها أول خطواته يضعها داخل هذا البيت من دونه .. من دون صديقه .. من دون أخيه .. من دون روحه .. من دون رفيقه وكاتم أسراره ..من دون تؤامه ....
لتفر دمعه من عينه يمحها بأحدى أصابعه وهو يتذكر أنه كاد يجن جنونه فى سيناء وباﻹخص فى مدينة طابا بعد فشل محاولة العثور عليه فى رحلته التى قاما بها حينما أخذ تصريح مفوض من أحد رؤساءه بأنه يمكنه البحث ثانيا لعله يعثر على شئ لم توفق قوات البحث فى العثور عليه .. وذلك يعد أمر خاص ﻹن الرائد حمزه من أفضل الصقور فى السلاح ويجب تقديم ما فوسعهم بأتجاهه لعل يتم ايجاده فى أحدى رحلات بحثهم المستمرة ... لتهبط الرحله وبها خمس أفراد أقل رتبه منه وهو على رأسهم لينتشروا فى مكان الحادث ثم فى اﻹماكن السكنيه المحيطه بها على أمل رؤياه مصاب وتم أيسعافه من قبل السكان ولكن دون جدوى ....
زفر بقوة وهو يفكر بأى وجه سيرى به والده فكان يأمل بهذه الرحله كثيرا على أمل ايجاده والرجوع به وأسعادهم ولكن هو عاد خائب اليدين ليرى نفسه مذنب ومقصر فى حق صديقه وفى حقهم أيضا ..
حتى تلك الشقيه التى أنفطر قلبه لعدم رؤياها كل تلك هذه المدة .. لا يستطيع أن يرفع عينه بها لكى لا ترى ألمه وفشله لهذا نوي اﻹبتعاد .. اﻹبتعاد فقط حتى يأمر الله بغير ذلك .....
---------------
- تعالى يانعمة فى حاجة
- يوسف بيه بره وقالى أديك خبر
- طب دخليه فورا
دخل ببطئ شديد منخفض الرأس على أثر سماع حسين ينهى مكالمه ما أمرا الطرف اﻷخر بضرورة الحضور فورا على عنوان بيته .. ليهب واقفا متجه أليه فاتحا ذراعه له محتضنه بشدة كأنه يرى فيه عبقه .. أنفاسه .. روحه .. كأنه يحتضنن حمزاه !
ليجهش يوسف فى البكاء داخل أحضانه على أثر شعوره به وما يفتقده ...
ليردد بحزن وبخفوت شديد :
- سامحنى أنا مذنب ومقصر فى حقه
ليشدد حسين عليه داخل أحضانه رافعا يده سريعا يمحى دمعه هاربه أخير من عيناه بعض صراع طال مع صاحبها ليردد بعدها فى سكون ورضا تام :
- أنت مش مذنب ولا مقصر ولا كنت معاهم وأتخليت عنه .. هو نصيبه كده وأحنا حمدين ربنا وشكرينه ...
ليتركه حسين ليبتعد يوسف فى هدؤء مردد بحيرة :
- خير ياعمى ليه خلتنى أجى على وجه السرعه كده ؟!
مسح حسين على أحدى ذراعه قائلا بتجاهل :
- أدخل أستريح بس اﻷول من المشوار وانا جايلك على طول .....
وبالفعل جلس يوسف داخل المكتب ينتظره والحيره تأكله فيما يريد ...
خرج حسين أمرا نعمه بأعطاء خبر لزوجته ولخديجة وبسنت للحضور لغرفة مكتبه فورا .. ليهم صاعدا لغرفة مى التى أمرت الطارق بالدخول فورا بعد عدة طرقات ليدلف حسين مرددا وهو مبتسم الوجه قليلا وببعض الكلمات التى تخرج من قلبه الحزين ﻹسعدها خاصة فى ذلك الوقت :
- عروستنا الحلوه بتعمل أيه ؟!
لترفع مى رأسها من كتابها التى باتت تقنع نفسها أنها تستوعبه ولا تفكر بذلك القاسى الذى يستولى على تفكيرها كليا مردده وعلى وجهها علامات الأستعجاب لجملة عمها :
- عمو أتفضل ..
- لا أنتى إللى هتقومى
ثم أسترسل حديثه وهو يتجه بجهة خزينة ملابسها مردد بأستفسار :
- فين ملابس الخروج بتاعتك
علامات الدهشة رسمت على ملامحها فورا لتردد سريعا :
- فى دى ياعمو .. بس ليه !
تجاهل حسين كلامها وهو ينتقى فستان ما ثم أخرجه ليردد سريعا أمرا أيها :
- يلا ألبسى ده بسرعه وظبطى وشك الكئيب ده وتعالى ورايا على المكتب فورا
ليتركها تتخبط فى أفكارها بدهشة وأستغراب من أفعاله سأله نفسها هل هذا عمها .. هل أبتسم وضحك اﻷن .. هل أخرج فستان وردى من قمشة الستان المزخرف من على الصدر والأكمام لتردديه فى مثل هذه الظروف .. ولكن لماذا ؟!
لم تجد نفسها إلا أنها تنصاع لما أمرها به وارتداء حجاب ليليق بذلك الفستان لتهبط والحيرة وتفكيرها بات يأكلها أكلا ...
بعض الطرقات ودخلت لتتفأجى بوجود زوجة عمها وأبنتها وشقيقتها يستقبلنها بأبتسامه هادئة ولكن أبتسامة خديجة لها مفهوم أخر هل هى أبتسامة فرحه أو سعادة أجتاحتها نسبيا لترفع عيناها قليلا فى أحد أركان الغرفه لترى ذلك الطول المميز بالجسد المتناسق واضعا يداه داخل جيبه ناظرا بحزن لما خارج النافذة ...
لتشهق ببطئ رافعه يداها على فمها وهو يتتضح هوايته أمامها .. باتت لاتصدق نفسها ولا تصدق واقعها .. هل هنا القاسى .. حقا هل جاء من سجنه أخير.. هل بات يتذكرها اﻷن .. لتتذكر شكواها لعمها .. أذا عمها هو من أحضره رغما عنه فهاهو يقف معطيها ظهره لا يبالى بها ولا بحضورها لتستفيق من شرودها على صوت نعمة مردده :
- المأذون جه بره ياحسين بيه
ليأمرها حسين بدخوله فورا على أثر ذهولها المفاجئ لتتجه شقيقتها بأتجاهها سعيده مبتسمه تتلقاها فى أحضانها لتتبعها بسنت وزوجة عمها لترفع عيناها بأتجاهه مره أخرى لتراه يمحى دمعه ما من على وجهه سريعا ليبدوا ويتضح لها بأن الجميع يعلم دونها ....
أجبره حسين فور نزوله وأستعدادها فى وسط أعتراضاته الكثيفه والرافضه لتنفيذه فى هذا الوقت وسط أحزانهم إلا أنه أنصاع أخير لما قرره حسين بل وليس هذا فقط فيجب عليه أخذها لشقته لتصير أمام الله وأمامهم زوجته !
--------------
فى جنوب بلاد فلسطين المحتله المسماه بأسرائيل .. فى أحدى المتشفيات العسكريه فى مدينه أم الرشراش أو أيلات
فاق أخير مرددا بتألم شديد وبخفوت أشد :
- خديجة !
لتسرع الممرضه المسئوله عنه إليه مقربه رأسها بجسدها منه مردده بهدؤء :
- أنت فوقت .. سامعنى دلوقت
ليأتيها رده ثانيا بخفوت أشد يكاد يسمعها:
- خديجة
لتسرع مهروله بأخبار طبيبه والذى لب النداء فورا ومن خلفه أحد قادة الجيش اﻷسرائيلى المتربص ﻹفاقته بشدة ليردد بعد أن تم فحصه وأزالة اﻹجهزه من عليه من قبل الطبيب :
- ها أيه اﻷخبار يا دكتور شمعون ؟!
- كويس جدا بالنسبه لﻹول بدال فاق ده أمل لينا ..
- طب أحتمال يكون فاقد الذاكره
- مفتكرش ﻷنه بيردد كلمه معينه ثابته وده يدل أنها مأثره فيه وبالتالى متذكر الموقف إللى متعلق فيها
- طمنتى ﻹن لو كان فاقدها مكنش هيلزمنا وبالتالى بلاش علاجه ونتخلص منه فورا ..
ثم أكمل مغادرا :
- قدامه قد أيه ويفوق ؟!
ليتبعه الطبيب مردد :
على بكره الصبح .. أحنا علاجنا قصور اﻹضلاع وألتأمت بس يتحسن أستيعابه وتستلموه
- كويس جدا .. مش هوصيك أنت والممرضه مسئولين أمام وزير الدفاع عنه ومحدش يعرف أنه فى الجزء ده من المستشفى
- أطمن أنتم فضيتم القسم كله ورجالكم وقفه بره وأحنا مبنروحش بيتنا بسب أوامركم فمين إللى هيعرف
- من باب التنبيه والحيطه والحرص مش أكتر
ليغادر على أثر تجهيزه لنقله لغرفة أخرى غير غرفة اﻹفاقه ........
------------------
تم كتب الكتاب وصارت زوجته أمام الله وأمامهم لتودع الجميع فى وسط دموعها ودموع شقيقتها التى تمنت لها حياة سعيدة لتبتسم بتهكم وهى تتطلع لمعالم وجه الصامته والحزينه منذ ركوبهما السياره إلى وصولهم اﻷن لشقته لتتأملها فى بطئ شديد أثناء دخوله لحقائبها التى أعددتها شقيقتها وبسنت فور كتب كتابهم لتفيق على صوته هادئ منخفض وهو يرفع أحدى أصابعه ويشاور بها :
- فى أوضتين هنا دى ودى أحطهم فى أى أوضه تحبيها
لتنصدم ملامحها ونفسها وحبها وعشمها وقلبها الذى بات حزين بسب أفعاله لتردد بدهشه وألم لنفسها لماذا يحملها ذنب لم تفعله .. لماذا هو قاسى عليها لتلك الدرجه لتستفيق سريعا بعزيمه قويه مردده لنفسها بأنها لم تستلم لحزنه فكما أتخذت خطوه وحدثت عمها عليها تحمل نتيجة أفعالها اللذيذه .. نعم لذيذه فهو معها أخيرا ويقفل عليهم باب واحد بعد أن لم تراه عيناها لمده شهرين كاملين لتستفيق على صوته مره أخرى مرددا بأرتباك وهو يتحرك من أمامها :
- اﻷوضه دى بتهيئلى هتريح...
ليقطع جملته على أثر تشبثها بذراعه رافعه عيناها فى عينيه بنظره هادئه لم يعهدها من قبل .. ليصمت عددة ثوانى على تلك الهيئة لتسقط عيناه سريعا مزيحا وجهه بعيدا عن وجهها مرددا بتألم :
- سامحينى مش هقدر أفرح وانا مفتقده!
لتتحرك سريعا أمام وجهه تتلقى جسده المتيبس بشده فى أحضانها وهى تردد :
- وانا مش ملزماك بحاجه غير أنك تشاركنى حزنك وألمك .. يكفينى أنك معايا وقدام عنيا وأنا هطلب من الله الصبر ........