رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل السادس والثلاثون بقلم شريهان سماحة
دلفت داخل سيارتها ودموع الفرحه لم تجف بعد .. لتتذكر يداه فوق يدها فوق المقود وهو يقوم بتوجيهها وكيفية السير بالسيارة على طريقهم وأنفاسه العطره تلفح وجنتها المتورده من قربه الشديد .. لتفتكر وهى مبتسمه حالمه قربه منها أيضا أثناء انحرفها ليفزع مسيطرا على الوضع يبث أمانه وتشجيعه لها محتضنها بين ذراعاه .. لتعود لواقعها فى حيرة بات تقتلها وسيطرت عليها بعد أن فاقت من ذلك اللقاء المشئوم معه ومن حزن فراقه إلا وهى .. هو أى من هؤلاء؟! هل هو حبيبها بأبتسامته ومواقفه الحميمه بينهم ! أم ذلك المتعصب والمتهجم متهم العفيفات فى طاهرتهن !....
فاقت من حيرتها مردده بقوة وهى تمحى دموعها سريعا بكفى يداها لا يهم هو من منهم ! المهم أنه حبيبها وسيظل كذلك الى اﻹبد مهما كان ... فاقت تستجمع قواها فاﻹن بات لها سبب بعد فرائض الله للحياة نعم بات لها سبب جميل ورائع منه لتعيش بسعادة فى الحياة ....
أسرعت تشغل سيارتها لتتحرك بها الى بيتها وأبتسامه تنير وجهها بسعاده بعد ان غادرته مايقارب الشهرين لتزف تلك الفرحه اﻹلهيه لتلك المريضة فى الفراش لعلها تسعد ويزيح حزنها بعض الشئ ! ....
------------------
منذ ذلك الحادث المؤلم وهو أبتعد عنها نهائيا مجرد بعض المكالمات البسيطة للغاية ....
لتبتسم بتهكم لتذكر نفسها بأنها من تبدأ بها كلها .. ليأتيها صوته هادئ حزينا يصحبه البرود الشديد الذى يكاد يعصف بها ...
نعم تعلم انه حزين .. نعم تعلم أنه متألم حد الوجع فهذا صديق عمره وشقيقه الروحى .. ولكن هى تريد أن تقتحم عالمه .. تقتحم سعادته وضحكاته .. تقتحم حزنه وبكائه .. تقتحم أوجاعه .. تريد له أن يبوح لها بما يشعر به يشركها معه وليس أن يتجنبها هكذا ....
صمت صاحب تفكيرها بأندهاش عندما خطر على بالها هذا السؤال
هل يخجل من أن تراه بتلك الحاله !!!
ااااه ... أطلقتها بكل ماتحمله فى صدرها من تألم لتتذكر نفيه عنها لمدة شهر كامل فى شقته وهاتفه مغلق طول تلك الفترة وهى تدور كالمجنون بين شقيقتها المنهاره وبين كيفية اﻷطمئنان عليه وليس لديها أى حق أن تزوره فى منزله ولايمكن أن تطلب من عمها الموجوع هذا ...
لتبقى هكذا شهرا كامل وهى حتما باتت تجن لياتى لها فى نهاية هذه المدة صوت رساله تفيدا بفتح هاتفة أخير لتسرع باﻹتصال عليه بلهفه وشوق مردده عند فتح المكالمة :
- السلام عليكم .. أزيك يايوسف
ليأتيها صوت بارد بعد صمت داما لعدة ثوانى:
- عليكم السلام .. الحمدلله على كل حال
- أيه يايوسف ليه قلقتنى عليك بالشكل ده
- أسف .. بس كنت محتاج أقعد لوحدى شويه
- طب ممكن أشوفك
- مش هينفع
- ليه
- ﻹنى مسافر وحدتى دلوقتى ...
أعتلت الصدمه ملامحها وانهمرت دموعه بصمت لتردد بخفوت :
- بس أنت لسه أجازتك مخلصتش
- عارف .. بس حابب أروح هناك
- ليه يايوسف كده .. انت عارف أنى بتألم من معاملتك دى
صمت تام ولم تسمع منه شئ بل شكت أنه يبكى اﻷن .. نعم يبكى ها قد أتاها بعض التنهيدات الباكيه لتردد بحزن وتنهيده مصطحبه له بحرقه :
- روح يايوسف ... روح يمكن تهدى وترتاح لما تدور على أى دليل يفيدك ....
لتقفل اﻹتصال سريعا وتنفجرا فى البكاء على حال شقيقتها وحال حبيبها وهى معذبه بينهم .......
------------------
جلست بجانبها على الفراش تدثرها جيدا بالغطاء بعد أن اعطتها الدوء فى موعده المحدد مردده بهدؤء تفتعل حديث لكى تشغلها عن حزنها ودموعها المنسابه ليل نهار
- سيف بيسلم عليكى ياأمى .. وبيتصل مخصوص علشان يكلمك بس انا بتهرب منه كل مرة ومبخلهوش يكلمك علشان صحتك ومش هتقدرى تكلميه
ردت عليه صفيه وقد نال الحزن من معالم وجهها لتصبح بوجه ضعيف متجعد شاحب لا لون به :
- ليه يابنتى كده وهو ذنبه أيه أبقى خلينى أكلمه المرة الجايه
- أن شاء الله ...
ثم أسترسلت بأستفسار بات يحيرها بشدة :
- ماما انا مستغربه حاجه شغلانى .. ليه شاهى مجتش لينا .. أكيد يعنى عرفت الخبر دا مفروض أول وحده تكون هنا علشان كانت بتح....
بترت جملتها بتألم لتفهم والدتها مقصدها لتردد بأستغراب :
- أنت أيه فكرك بيها !
ثم أجفلت عيناها لكى تهذبها باﻹ تدمع ثم بدأت بفتحهم مره أخر بعد أن أنصاعت لها تلك العيون بألم داخلى :
- وبعدين هى مبتحبهوش ﻹن لو كانت كده مكنتش تعمل علاقه مع حد تانى
أندهشت بسنت مما سمعت فهمت تستفسر أكثر فسردت لها ما رأه والدها وتمنعهم عن التقدم لها وكذلك أخيها لتفزع من على الفراش تشهق رافعه كفى يداها على فمها تهز رأسها بالنفى ولا تصدق .. أذا هى بالفعل ساعدتها ﻹذيتهم أذيه تبلغ حد السماء وخاصة بعد أعتراف أخيها فى مكالمته الاخيرة معها ..
ليحتل وجهها معالم الحزن سريعا وهى تتذكر كلمه أخيها أن مافعلته طعنهم طعنه لا تتداوى ... ليتسع أيستعبها بأن شاهى علمت أن حمزة تسرب من بين يداها وذهب لغيرها لتكيد لهم مكيده ما .. وهى الخيط لتنفيذ تلك المكيده فاقت من شرودها علي طرقات الباب لتدلف زوجة أخيها بعدها بوجه مشع وأبتسامه هادئه وسعاده خفيه على غير العاده بتاتا ..تابعت تقدمها لتحتضن والدتها بحب بل أنفلتت منها عددة ضحكات هل ... هل هى بالفعل خديجة أم تحلم !!!
لتستفيق من شرودها عليها تجلس بجانب والدتها على الفراش وهى تردد مبتسمه لها :
- ماما ... مش نفسك تشوفى حته من حمزة !
صفيه بأعين مستفسرة بألم ومتشوقه بلهفه لكل شئ يذكر أسمه به :
- نفسى طبعا .. بس أيه دى !!
سحبت خديجة شقهيقا عميق لتزفره ببطئ لكى تتهيئ ما ستردده على مسامعها لتردد وإبتسامتها تتسع على شفتاها :
- أبن حمزة فى باطنى ياماما !!
صمت أعتلا كل من صفيه وأبنتها ثم تلاه صدمه ليتلاه دموع غزيره من كلتهما ولكن صفيه أجهشت بكثرة وهى تسحب خديجه لحضنها تبث لها سعادتها التى بثتها عليها اﻷن ولا كانت تتوقعها لتبعد خديجة سريعا وتهب تلك المريضه والمنتهى قواه من شهرين تركض سريعا للخارج بقوة خمسين حصان وهى تردد من بين سعادتها ودموعها :
- يا حسين .. حمزة ممتش ياحسين .. حمزة حس بأمه ياحسين
ليفتح باب مكتبه سريعا الذى بات يقنعهم بأنه يعمل به ولكن هو أتخذه مخبأ سريا ليبث حزنه وفقدانه وألمه وأوجعه ودموعه له دون أن يراه احد ويضعف .. نعم فهو بات أمامهم الجدار الذى لا يهتز .. البيت الذى لا يصدع ..
ليخرج منه بأستعجاب وأندهاش وهو يردد هل هذا صوت زوجته أم يحلم .. هل هى تلك اﻷتيه عليه بضحكه تأكل وجهها لينصدم وهو يسمع كلامها المتتالى ليردد بأمل أن يكون خبر وفاته كاذب وقد عاد اﻷن :
- أنتى .. أنتى بتقولى أيه ؟! حمزة ؟!
أرتمت فى أحضانه تبتلع ريقها وتسحب هواء لصدرها لينعش فيبدوا أن الفراش أبتلع قواها نهائيا خلال تلك الفترة لتردد بعدها :
- شوفت ربنا وكرمه .. أبنك محبش يمشى من غير مايسبلى ذكره منه
أستغرب حسين حديثها ليردد بأستفسار أكثر مبتلعا ريقه :
- ااانا مش فاهم حاجه أهدى كده وفهمينى ...
لتردد بأبتسامه يفتقدها وجهها :
- خديجة ياحاج .. خديجة شايله أبن حمزة
حينها فقط لم يقدر أن يكون البيت الذى لا يصدع أو الجدار الذى لا يهتز .. ولا الشخص القوى الذى يثبت عزيمتهم ... حينها بكى !!
حينها ذرفت دموعه كما لم تذرف من قبل .. كما تذرف عيون أبن الثامنه حينما يستوعب أنه ولد يتيما بدون أم !!!
ليركع ساجد فى مكانه حامد الله على نعمه .. لتنهمر زوجته فى البكاء أكثر وهى تراها بهذا الشكل الغير معهود منه بتاتا وﻹول مرة فى حياتها منذ أن تزوجته لتمد يداها بضعف ﻹستقبال يده تستدعيه للوقوف من جلسته بعد سجود الشكر لرب العالمين لترتمى فى أحضانه تكمل بكاء فرحتهما ........
--------------
حين رأت ما رأته اﻷن وتلك المريضة تركض هكذا حمدت الله أنه أرسل لها تلك النعمه لتكون سبب فى سعادتها بعد أن كاد الحزن ينخرها نخرا ....
لتلمح فى شرودها تلك الواقفه التى تبكى فى صمت وعيونها مثبته عليها .. لتهب واقفه دون أصدار أى رد فعل .. فقط لا مبالاه .. لتتركها وتخرج من الغرفه ليلفت نظرها من أعلى الدرج دموع عمها وسجوده واحتضانه لزوجته أمام مكتبه الذى بات مؤخر صومعته ... لتذرف دموعها وهى لا تصدق أن الله أعاد لتلك العائلة السعادة لتتجمع فرحتهما ثانيا بعد أن كادت تهوى فى بئر مظلم لا نهايته له ............
-----------------
دلفت غرفتها تبتسم ثم تضحك ثم تمحى دموعها لتنظر للغرفه بشكل مختلف منذ شهران ...
لتفك حجابها ببطئ لينفرد شعرها مثل المياة الجاريه حين يفتح صنبورها وعيناها تتأمل كل شئ بها .. بشئ من السعاده هل ﻹنها سعيدة .. يجوز حين نفرح نرى نفس تلك اﻷشياء بشكل مختلف .. بلون مختلف .. بطعم مختلف ...
لتستقر عيناها على شئ ما فأتجهت بأتجاهه مبتسمه كما كانت تبتسم قبل ثوانى ولكن طعمها من الداخل أبتسامة أشتياق وشوق لتلطقته جالسه بهدؤء على أطراف الفراش وهى تستعد بفتحه لتشاهد تلك الصوره وهو بزيه العسكريه يقف بجانب جسده شامخا بجاذبيه واضعا يداه فى جيبه رافعا رأسه فى مرمى بصره وهى تلتصق به بزيها المحتشم ذو اللمسه الساحريه .. تشب على أطراف أصابع قدامها تحيط بيداها عنقه بتملك تنظر له بهيام وترجى بأن يعيرها أى أهتمام أو نظره أعجاب أو عشق .. كأنها تجبر اﻷمير الوسيم أن يتطلع ﻹبنت فقير البلاد ...
لتبتسم بتهكم وسعاده مشيده بذلك المصور البارع الذى أصر يومها عليه أن يرتدى زيه العسكريه فى أحدى اللقطات فى جلس اﻹلبوم الزفاف .....
رفعت رأسها على بعض الطرقات ودخول صاحبتها بوجه باكى متألم لتتقدم وتجلس ببطئ عند أقدامها وهى مازالت جليسة الفراش لتسحب ذالك اﻹلبوم من يداها ببطئ لتنظر لتلك الصورة بتألم يأكلها ويقتل روحها فطالما كان صاحبها يسعدها وطالما كان أبيها الثانى طالما كان .. وطالما كان .. كان كل شئ لها لتأتى هى بغبائها وأضاعت فرحته بل ظلمته مع حبيبته !!!
لتنحنى برأسها توضع قبله عميقه على وجه بأشتياق يجتاحها لفراقه من حياتها ... لتهم بقفله ببطئ بعدها لترفع عينها الدامعه فى عيون تلك الناظره لها فى صمت وتألم لما ألت أليه اﻷمور فيما بينهم لتردد مع أنهيار دموعها بكثرة ولكن تلك الدموع تختلف عن سابقتها كدموع ندم تنخر صاحبها :
- تعرفى حتى وأنا جرحاه ومألماه فى أقرب حد ليه خايف عليا وقالى متحكيش ليها !!!
لتسرسل فى شهقات متباعده :
- بس أنا هحكى مش هسمع كلامه المره دى بس هحكى علشان تسامحى أختك الصغيرة على ذنب عملته وهى متعرفش أيه غير أنه جرحكم قوى .. هحكى وده السبب الرئيسى فى أن أقوى علشان احكى ..
هحكى علشان أبنه أو بنته اللى هيكون روحى فيهم ميكبروش ويتغذو من بطن دمها شايل كرهى !! ...
ثم أجهشت بشهقات مرتفعه ومتتاليه مردده من بينها :
- مش عوزاه يكرهنى ياخديجه ﻹن هو هيكون حيااتى وعمرى وتعويضى من ربنا عن باباه ..
خديجة أنا مكنتش أعرف أنها كانت عوزه تأذيكم و إللى معرفش أيه ده لغيت دلوقتى بس أنا كانت نيتى وخصوصا لما بقيت أشوف حمزة حزين من لحظة جوازكم علشان كده أنا توجهتلها ﻹنى كنت فكرها الطريقه الوحيدة علشان أسعده توجهتلها وأقنعتنى بأن ...........................
وبدأت تسرد لها علاقة حمزه بها ثم تركها بعدما رأئها والدها واعتقادها عن زواجهم ولقاء المول ثم المكالمه الهاتفيه ثم بكاء حمزة عند مغادرته ...
فى ظل عيون تتحرك مقلتيها بتألم وصدمه وعدم تصديق لتغمض عيناها بحزن شديد على ما مر بهما هما اﻷثنين فاﻹن باتت تحمل له العذر .. بل كل العذر !!!