رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الخامس والثلاثون بقلم شريهان سماحة
ذهول وصدمه أنتابا من فى الجو ومن فى البر على صوت تفجير رهيب يدوى على بعد مسافه قريبه منهم .. شعروا بخيبة أمل بعد أستيعابهم بأنه صوت طائرة تنفجر ولكن الوطن أبقى من الفرد ..
أستجمعوا عزيمتهم ثانيا فى لمح البصر وأستمروا فى القتال حتى أستسلم رجال الخلية المقاتلين فى حيز القتال ليأتيهم صوت أنفجار أخف يوالى الانفجار الرهيب ..
أحدى الطائرتان خلف طائرة الرائد حمزة أطلقت على سيارة الحمايه صاروخ أبادها تماما لتكمل طريقها خلف السيارة الاولى وبالفعل تم توقفها بعد رؤية الطائرة أمامها موجه بأتجاهها جميع اﻷسلحة الفتاكه التى تحتوى عليها الطائرة ...
بينما أسرعت الطائرة اﻷخرى خلف الجبال لتشاهد تحطم الطائرة تماما ويبقى هيكل مشتعل .....
-----------------
نجحت المهمة وتم تسليمهم لعناصر الشرطة تحت حماية بعض من مقاتلى الجيش الثانى الميدانى .. أما باقى المقاتلين قاما بأبادة جميع حقول السموم نهائيا بحرقها فى ظل وجود دعم جوى وافد للبحث عن الرائد حمزة وطائرته ومعرفة ماألت اليه الامور ...
عاد من فى الجو ومن فى الارض إلا طائرة الرائد حمزة هى التى عادت حطام بدونه فبعد البحث الذى داما لثلاث أيام متتاليه دون كل أو مل .. أكتشف تقرير الخبراء المنتدب بأمر من وزارة الدفاع اﻷتى ...
" سقطت طائرة الرائد حمزة حسين اﻷلفي بعد أصابت هيكل الطائرة من الخلف بقذيفة أرض جو مما أدى الى سقوطها بزاوية ميل منفرجة 180 درجة مما عبرت أخر جبل فى مدينه طابا على حدود جمهورية مصر العربية مع الحدود الفلسطنيه المحتله وأركز هنا أنها حدود فلسطنيه محتله وليست كما يطلقوا البعض عليها الحدود اﻵسرائلية .. "أرضنا شرفنا ".. والمسماه بمدينة أم الرشراش الفلسطنيه أو مدينة أيلات اﻷسرائلية والتى تبعد عن الواقعه ب 6 كيلو متر فقط لتنفجر عقب سقوطها مباشرا .. ولكن نتيجة تحليل الحمض النووى تفيد بعدم وجود أى شخص بها ليرجح أحتمالات عديدة بأحتراقه أرضا ومزال على قيد الحياة ليسحب جسده بأتجاة الخليج والذى يبعد متران فقط عن مكان التفجير ليطفئ نفسه وجسده والذى يمتﻷ باﻹسماك المتوحشة مما هجما عليه أو سقوطه من الطائرة قبل اﻹنفجار فى الخليج وهذه الروايه ايضا ستؤدى لنفس النتيجه السابقه ليقفل التحقيق على ذالك .....
--------------------
تم نقل الخبر لحسين من أحد القادة العسكريين بألم ومواساه عبر سماعة الهاتف ليسقط أرض صامت كأنه حش ظهره وقطع أنفاسه .. كأنه بات وحيدا بعد أخيه ليتبعه أبنه ..لتهرول صفيه منصدمة وفزعه بأتجاه زوجها ... والقلق يعتليها وأنيس حياتها يسقط هكذا أمامها ! تحاول جاهده فهم ما به وصدح صوتها يعلو عاليا باﻹستغاثة بأى أحد .. لترى سماعة الهاتف ملقاه بجانبه لتسرع فى ألتقاطها لترى ما فى الأمر .. والذى أتضح على وجهها أثر سماع صوت الطرف اﻹخر المنصت لصوت صراخها العالى بترديد المواساة واحتمال أن يكون على قيد الحياة فقط ننتظر واﻹيام ستوضح ذلك .. لتسقط السماعه من يداها فى وسط تجمد جسدها وملامحها بدون أدنى تعبير يلحقهم .... ثم قبضت على ملابس زوجها من منطقة الصدر وهى تدفس رأسها فى صدره تبكى بمراره جياشة لم تعهدها من قبل ..
أسرع كل من خديجة ومى وبسنت على أثر صوت صفيه المفزع ليشاهدوا مالم يخطر على بالهم طوال حياتهم .. حسين ملقى على اﻹرض وصفيه بجانبه محتضناه وصوت شهقتها يعلو وكلمتان ثابتتان على شفتها :
- حمزة مش مات .. هاتلى حمزة ياحسين
ليستجمع نفسه وعزيمته سريعا فأن أنهار فخلفه زوجته وفتيات من سيرعاهم وما سيكون مصيرهم مستعينن بالله فى نيته..
نظف حنجرته بألم قاتل ومراره تجتاحه ليردد بعدها فى هدوء يحاول أخراجها من أجل تلك اﻵم التى انجبت وربت وتعبت :
- هو دخل الكلية الحربية ليه مش علشان بلده .. أهو هو ضحى بنفسه برده علشان بلده وده شئ يشرفنى ويشرفك وأمشى أرفع راسى وأفخر بيه العمر كله
ليسمع على أثر أنتهاء جملته صرخات تدوى غير مصدقه ماتسمعه لتعبر كل من بسنت ومى عما أعتلى صدرهم من حزن لما سمعا لتبدأ شهقاتهم الباكيه فى اﻷرتفاع لتصدح مع صوت بكاء صفيه ...
أما الواقفة بجانبهم بدون تعبير .. الواقفه كتمثال الطينى المنحوت المصوبه أعينها فى أعين عمها لترغمه رغما على النفى بل واﻷعتراف بأنه بصحة جيدة وسيأتى لهم سليما معافا بل سيأتى لها ولها فقط !
لتعترف له بأنها تسامحه .. بل ستعترف بأنها تحبه بل تعشقه منذ نعومة أظافرها.
فقط يأتى وهى ستعوضه تلك اﻹيام المحزنه بأحتضانه بين طيات قلبها ولا تفلته من بينها أبدا ..
فقط يأتى .. ليعتذر وهى ستتقبل سريعا ..لا ليس يعتذر هى بات تريده اﻷن بدون أعتذار ..
فقط يأتى !
لترتخى أعينه متفلته وهاربه بأسى يغلفها اﻷلم من عيناها .. عيناها التى أبت أن تدمع بعد أن باتت مقتنعه تماما بأن كلهم كاذبون حتى عمها وعيونه الهاربة تلك .. كلهم كاذبووون !!!
-----------------
دخلت خديجة فى حالة صدمه عصبيه تقضى أيامها على الفراش صامته بأعين جاحظة تنظر لنقطه ما فى الفراغ لا تشعر بالعالم من حولها مع قلة نومها .. فى وسط رعاية شقيقتها التى لاتصدق حتى اﻷن
أبتعد حسين كثيرا عن معارضه واعماله وبات يقضى أغلب وقته بغرفة مكتبه يقرأ ماتيسر من كتاب الله مع شد مؤازرة صفيه المريضه فى الفراش وأبنته الحزينه والنادمه صاحبة الضمير الذى يكاد يقتلها بين حين واﻷخر ....
أنعزل يوسف تماما عن الجميع فى شقته وأغلق هاتفه وبات غريبا منعزل عن العالم أسره حتى تلك الشقيه التى تفرح قلبه بأفعالها بات يريد اﻹبتعاد عنها وخاصة فى حالته تلك كى لا ترى أنهياره التام ..
--------------
ثلاثة أيام أخرى ليصدح صوت خديجة وبكائها فى البيت كله ..ليركض حسين وبسنت لها مع هطول دموع صفيه فى فراشها وهى تسمع صوتها ..ركضا سريعا للتأكد من أفاقتها من تلك الصدمه ليقفا صامتين تنساب دموعهم بمحاذاة باب غرفتها وهى تشهق باكيه بحاله هستيرية مردده لشقيقتها التى تقف أمامه محاولة تهدايتها :
- قوليله يامى سامحته .. قوليله هى مش زعلانه منك .. بس يجى وأشوفه كويس قدام عيني ..قوليله خليه يجى علشان خاطرى يامى .. قوليله خديجة محتاجك .. ولسه مفرحتش وانت جمبها .... قوليله خديجة لسه مشبعتش منك .. بس قوليله لو بتحبينى يااااا
قو..لي...له ...م..ى ...............
راحت خديجة فى سبات عميق على أثر مهدى بسيط أعطته مى وبسنت لها والذى وصى به الطبيب فى الحالة النادره فقط و عدم السيطرة التامه عليها ...........
-----------------
مر شهر على هذه اﻹحداث
* رجع يوسف فيها لعمله من أجل البحث عن أى معلومه ستساعدة للوصول له حيا أو ميتا
* عاد حسين لمعارضة يشغل بها نفسه ومافى القلب سيظل به
* أرادت خديجة أخير مغادرة الفراش بعد كل تلك المدة تحاول جاهدة أن تستمد قواها المسلوبه مؤخر ولكن كيف فى حالة فقدان الشهيه الملازم لها والمحاليل والفيتامينات المرافقه لها فى الفراش .. ولكن يجب عليها أن تقوى فالمشفى أرسل لها أنذار ينذرها بأستنفاذ جميع أجازتها ويجب الحضور أقصاه ايام .. أذا فالتجرب الان السير الذى فقدته أرجلها إلا للوضوء لتعود بمساعدة شقيقتها للفراش ثانيا لتتم صلاتها جالسه .. بدأت بخطوات كطفل أبن العام وهو يبدأ أولى خطواته بحذر شديد .. وسؤالا يتردد كثيرا فى تفكيرها هل هى بات لتلك الدرجة مسلوبة اﻷراده .. لتبتسم بتهكم على جانب ثغرها وهى تجيب على سؤالها بحقيقة واحده أكتشفتها مؤخرا خلال فترة فقدانها له أنها كانت تعيش من أجل وجوده !..
كانت تلك الطفله التى تلهو وتلعب وهى مطمائنه أنه فوقها بطابق واحد ليزيد نشاطها ويفرح قلبها ..
تلك الشابة التى تعشقة وهو على بعد مدينه او مدينتان منها حتى وأن لم تراه يكفى وجوده فى مكانه أمنا معافا سعيد حتى لو كانت سعادته بدونها لتعافر وتنجح وتتفوق على أمل وجوده فى الحياة ولقاءه يوما ما .. ويكفيها ويسعدها أنه فى الحياة !!
اﻷن هو ليس فى تلك الحياة أذا لمن ستستعيد رغبتها ... أوقنت أنها ليست رغبه أو عزيمه لها من أجل العيش بل ستقوى من أجل شقيقته الوحيده والمتألمه لحالتها .. ستقوى من أجل زوجة عمها المريضة فى الفراش .. ستقوى من أجل عمها المعافر من السقوط .. ستقوى من أجل عملها.. ستقوى من أجل الجميع .. ستقوى لتصير جسد بلا روح !
---------------
فى أحد أيام وجودها فى عملها تذكرت ميعاد شئ مهما نسيته تماما فى تلك الفترة الفائتة شئ لا يمكن نسيانه ولكن تذكرته اﻷن ... أسرعت تغير مسار طريقها باأعين أمله .. وقلب متلهف .. ونفس تشتقاق .. وحلم تدعوا الله فى تحقيقه ..
لتخرج لها أخير فى وسط نظراتها المترقبه والمتلهفه بشدة .. ولسان يرتجف ولكن ليس لديه القوة الكافية ليسأل .. لتدلف عليها فى سكون وفى أيديها ورقتان تخرجهم من مظروف ما لتجلس أخيرا بجانبها مرددة بهدؤء :
- خديجة نتيجة العينه طلعت !
لتهز رأسها فى توتر ناظرة فى كف يداها تنتظر أمران لا ثالث لهم .. أم أن تسعد لﻹبد أو يزيذ ألمها فوق تألمها لﻷبد ..
أذا أنا أنتظر يارفيقتى فهل...
- خديجة النتيجة طلعت إيجابيه
تلك الجمله جعلتها تقطع تفكيرها ويتجمد جسدها وتجحظ عيناها لدقيقة كاملة وهى تعيدها ألاف مؤلفة من المرات فى أذنها وعقلها .. لتفوق على كف يداها يربرب بحنو على أيديها لتعيدها للواقع بل للحياة لتردد :
- خديجة فوقى .. أنتى مبتحلميش التقرير فى أيدى وانا إللى سحبت منك الدم وأنا اللى حللته .. وأنتى لو مش واثقه فيا مكنتيش جتيلى هنا المعمل
كل كلمه تدخل أذنها كنوته موسيقية تلحن على وتر قلبها لتنفجر باكيه أخير وهى تلتفت بوجهها السعيد مردده بذهول لها :
- يعنى أنا بقيت شايله حته منه !