رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الرابع والثلاثون بقلم شريهان سماحة
عاد الغائبين أخير ليعود البيت كما كان سابقا ولكن بقلوب موجوعه وبنفس مجروحه .. عاد بضحكه مزيفه وبابتسامة مجامله عاد بوجع الله اعلم وحده ان كان سيمحى ام لا .. مفوضين الامر له وله وحده الرحمن الرحيم وهو على كل شئ قدير..
اجتمع الجميع على مائدة الطعام بعد ذهاب يوسف ﻹحضارهم من المطار ليشيدوا بالطعام وبتحضيرة على المائدة الجذابة والمغريه للنفس المشتهيه وللبطون الجائعة .. ولكن ليست خديجة من هؤلاء هى نعم تجيد التمثيل لتضحك لتبتسم والذى أكتشفته مؤخرا ولكن عند الطعام وأبتلاعه لاتجيده نهائيا ..
ليأتيها صوت صفيه مردده بأستغراب :
- أيه ياخديجة ياحبيبتى مبتأكليش ليه ؟! دا أنا حتى ملاحظه وشك اصفر وضعفانه
لترسم أبتسامه على شفتيها مردده بأرتباك :
- أبدا ياماما أنا باكل أهو بس يمكن مليش نفس قوى علشان لقط كذا سندوتش وانا بطبخ و....
ليقطع حديثها صوت هاتف البيت يتتالى رناته ليلتفت الجميع رافعين رؤسهم لمكانه البعيد نسبيا عن مكان تواجدهم فترى خديجة بأنها حجة جيده للهروب من الطعام دون أن يلاحظ الجميع عدم رغبتها فيه ..فأسرعت تردد أثناء وقوفها من مقعدها قبل أن يسبقها أحد :
- أنا هشوف مين .. كملوا أكلكوا
ليرجع الجميع ﻹكمال طعامهم غير مبالين لمن هذا الاتصال ..
ذهبت بأتجاهه لتقطع صوته رافعه سماعته ليأتيها صوته مرددا بهدؤء :
- نعمة .. الحاج والحاجه وصلوا بالسلامه
ليتجمد جسدها وترتجف يداها الحامله لسماعة الهاتف والصمت يلازمها وهى تردد داخلها بأنه هو .. هو معذبها !
أستغرب عدم أجابة الطرف الاخر ولكن لما ! فنعمة تحدثه على الفور .. قطع أستغرابه عندما خطر على باله بأنها قد تكون ليست نعمة .. أذا هى .. هى خديجة !
قلبه حدثه بذالك بل تأكد لأن لو كانت مى لتحدثت فورا ايضا ولو كانت شقيقته لتحدثت تعتذرا له عند سماع صوته مباشرا وبالطبع ليس والديه ولا يوسف أذا هى !
عند هذه الخاطره سعد قلبه بل رقص لتمام شفائها على خير . يكفيه أن يكونا على خط واحد يسمع أنفاسها العاتبه بصمت ليردد بنبرة جياشة هادئه تحمل كل معانى الحب :
- خديجة !
ليأتيه الصمت ثانيا من صاحبتها التى تفكر بقفل الهاتف فورا ليأتيها صوته سريعا بعد أن تأكد شكوكه مردد بأسف :
- أنا عارف لو قولت كل كلمات الأسف إللى فى العالم ميكفيش .. أسف سامحينى .. الرساله جاتلى وطيرت جنونى ومبقتش عارف أنا بعمل أيه
ليأتيه صوتها يشهق باكيا فجن جنونه مردد بألم :
- أرجوكى متبكيش ... بكائك من ألمى !
لتجيبه بتهكم وألم محاولة أخراج صوتها من صمته أخيرا :
- يبقا هتفضل متألم كتير !!!!
ثم أبعدت السماعه عن أذنيها ليأتيه صوتها بثبات بعيد نسبيا تدعوا والديه بأن المكالمه لهم لتغادر صاعده لغرفتها تشكى حزنها قبل أن يلاحظ أحد وجهها الباكى والمتألم ...
أكمل المكالمه بعد أن أطمئن على والديه لا يعلم كيف فهى فصلته بكلمتها تلك .. فدموعها رغم تعافيها لاتجف نهائيا ..
أغمض عينيه بألم تاركا الهاتف بأهمال على فراشه رافعا يده يرجع بها خصلات شعره للخلف بقوة نادما بكل معنى الكلمه .. يرغب بعودة الايام قليلا للخلف أو بمعنى أصح فى ذلك الموقف فقط ليراجع نفسه الاف المرات قبل أن يتسبب بجرحها لو بكلمه ...
لينتبه لصوت طرقات سريعه بتهذيب على باب غرفته تعيده من تفكيره للواقع .. فهما سريعا بفتحه ليشاهد أمامه مجندا يخبره بضرورة تواجده بغرفة اللواء معتز على وجه السرعة ليهز رأسه بالموافقه ويغادر المجند تاركه يستعد لتلبية النداء بجسد وعقل رجل جيش .. أمن البلاد تحت يده مثله مثل أى رجل جيش أخر تاركا همومه وأحزانه ورائه فى تلك الغرفة التى شهدت ما مر به كليا .....
--------------
فى ظل إتصالاته المتكرره مثل الذبابه التى تزن ولا تترك هدفها إلا بالموت أو بتحقيق هدفها رضخت شاهى لمحاولاته المتتاليه ﻹخبار والدها عنه واﻷنتقال للعيش معها وبالفعل أخبرته بأنها تزوجت بمن ترغب به دون أعلامه .. بحجة رفضه المحتوم له ولفقره لو كان تقدم لها فى السابق .. ليتفاجئ والدها بما سرددته وكاد يفتك بمن أمامه فما هذا الذى أعجبها فيه بعد تجميع رجاله تحريات عنه وهو بدون مال أو نسب أو جمال أو حتى أسلوب لبق فى التحدث .. ليخضع فى نهاية الامر لما أرادته وتما أنتقال زنقر لقصر رجل الاعمال الشهير يونس علم !
لتفرح سهى وهشام أذا فى تنفيذ مخططاتهم .. نعم هى لم توافق عليه بالساهل هكذا .. حتى بعد أن وصلت لبيتها جمعت عدد لا بأس به من رجال والدها بدون علمه للبحث بل قلب مصر كلها على ماتسمى سهى الشريف وهشام الجارحى واللذان كما قالت سهى من قبل سوف تنشق الارض وتبلعهم .. حتى الشقه أعطتهم عنوانها ليتضح أنها تم تأجيرها لمدة أسبوع فقط مدفوع مقدما ﻹشخاص مجهولين ...
أذا خيوطهم أنقطعت نهائيا ولا سبل أمامها سوا أقناع والدها وأحضار ذلك الكريه لبيتها ....
----------------
بخطوات ثابته وقويه وقف أمام قائده مؤديا تحيته العسكريه بعد أن تفاجئ بوجود أثنان من زملائه بنفس رتبته جالسين أمام مكتبه ...
ليأمره جالسا معهم ثم تنحنح من بين تعابير وجهه الصارمه مردد بجدية رجل أمن :
- طبعا مستغربين أنا جامعكم أنتم الثلاثه ليه فى أجتماع سرى مهم ...
ليسترسل حديثة فى وسط أعينهم السائلة بصمت مرددا بجدية أكثر ليدل على خطورة ما سيسرده على مسامعهم :
- فى عمليه مهمه جدا فى مدينة طابا المصريه على الحدود الشرقية بالتعاون مع الجيش التانى الميدانى للقبض على مخطط أجرامى خطير بيهدد أمن البلاد وصحة شبابها .. المخطط ده هو زراعة ما يقارب 5000 فدان على الحدود من المواد المخدرة والمسممه لعقول شبابنا .. طبعا تم أكتشاف الكميه المهوله دى عن طريق طيارتنا المراقبه بالصدفه الباحته ﻹنها منطقه خطيره بين جبال .. أنا أخترتكم أنتم التلاته بالذات ﻹداء المهمة دى بعد أن طلب منى ترشيح أفضل صقور الجو عندى بعد طبعا ما تم أختيار أفضل مقاتلى الجيش التانى الميدانى لتوغل أرضا بعد حمايتهم وتغطيتهم من جانبكم ودى مهمتكم مع تضيق الحياز علي التنظيم بالجو كويس جدا تجنبا لفرار أى مجرم منهم .....
تحذيرى الوحيد ليكم هو شددة الحذر والأحتياط على قد ماتقدرو وحماية بعضكم ببعض مع المقاتلين إللى فى الأرض ﻹن بعد بحثنا السرى أكتشفنا أنه تنظيم كبير على مستوى عالى بيدعمه جهات خارجيه قويه لتدمير شبابنا وبالطبع مستبعدش أنهم يستخدموا عند التلاحم هجوم ضددكم على أعلى مستوى من الاسلحة والذخائر الحيه!
فيريت الحذر حفاظا على أروحكم
أوما الجميع فى صمت تام ليكمل اللواء معتز حديثة ثانيا بنفس حالته :
- العمليه سرية تماما بينا أحنا اﻷربعه وقيادات الجيش العليا ومقاتلى الجيش الثانى وهتم بكره صباحا أن شاء الله بعد تدريب قاصى اليوم من جانبكم ...
ثم أمرهم بالمغادرة لبدء التدريب على كيفية اﻹلتحام والمعاونه جميعا فيما بينهم ...
-------------
فى المساء بعد أنتهاء تدريبهم الشاق توجه ثلاثتهم للنوم مستعدين ﻹتمام المهمه بالغد ...
قاما من أرقه جالسا لا يستطيع النوم وكلماتها القليله فى عقله تطيح به فى جميع الاتجاهات ليغادره النوم نهائيا فتأفف فى ضيق يلتقط هاتفه يراود نفسه ليحدثها ويطمئن عليها ولكن يتراجع سريعا عن الضغط على ذر الاتصال ليقتنع فى نهاية الأمر بأرسال رساله كلماتها قصيرة ولكن تعبر كثيرا عن مايشعر به تجاهها ليعترف أخيرا لها .. نعم أرادها وتمنى أن لا تكون كتابيه أو عن طريق الهاتف .. أردها أن يرددها من بين شفتاه أمامها مباشرا ليرى تأثيرها على تلك العيون الزيتونيه التى أكتشف أنه يعشقها بلا حد يفصله ولكن يبدوا أن اللقاء سيطول بسب شناعة جرمه .. فليكتفى أذا بتلك الرسالة أملا بأن تكفى حتى يأتى يوم الصفح المنتظر ...
" حبيبتى فلتغفري لي "
ثم قاما وتوضئ وصلى ركعتين ليريح الله صدره ويوفقه فى نومه حتى يصبح فى الغد نشيطا على أتم أستعداد ﻹتمام المهمه ...
-------------------
كأن أرقه وقلة نومه كانت فى محلها .. كأنه كان يشعر بها ودموعها تنساب على خديها وحيده فى فراشهم ...
فمنذ مكالمته وهى حبيسة غرفته أنيسها البكاء .. البكاء الذى قضى على قوة جسدها ليتركها فى نهاية الامر بضعف تام وهبوط يصاحبها ﻹقل مجهود تقوم به ليقطع صوت شهقاتها المكتومه صوت رسالة وارده على هاتفها رفعت عينها فقط من أسفل الغطاء لتلمح أضاءته لتنخفض بأعينها عنه بألم ...
فباتت منذ حادثة الصور التى قتلت فرحتها حين ذاك لتجلب بعدها جميع مواقفها المتعبه كأنها بداية اﻷلم بالنسبة لها لتسير ذكرى ماضيه مؤلمة نتجت عنها عدم وجود أى رغبه لديها فى فتح رسائل وارده على هاتفها بعد اﻷن !!!
لتستكين ثانيا فى الفراش رغبتا فى النوم فيكفيها تألم وبكاء اليوم ......
---------------
صباح يوم العمليه
أجتمع مقاتلى الجيش الثانى مع صقور الجو فى سريه تامه لبدء اتمام المهمه ...
طار سرب طائرات من نوع إل-59 سوبر ألباتروس: طائرة تشيكوسلوفاكية الصنع، معدة لمكافحة التمرد وللهجوم الخفيف بعد أن درست المكان جيدا على الرسم التوضيحى لتتقدم ويتبعها أرضا عربات المهمات العسكريه الحامله للمقاتلين الجيش الثانى فى سريه تامه إلى أن وصلت للمكان المحدد تتدارى خلف الجبال لأنتظار ساعة الصفر ..
وبالفعل فى تمام 5:30 فجرا تم التحرك فى وسط أنتشار مهول من جنود ومقاتلى الجيش الميدانى تحت غطاء من 10 طائرات جوا يقودهم صقور الجو الثلاثة ليبدا التلاحم فورا مع أفراد التنظيم المترقب لشن هجوم فى أى لحظه أذا تم اﻹعتداء عليهم ...
أصوات رصاص كثيفة ..وصراخ يصدح بالتوجيه بالضرب هنا أو هناك .. وصوت طائرات ترصد فى الجو مع مكبرات صوت باﻹستسلام دون خسائر بشريه .. كان هذا وصف المشهد فى وسط عمليات كر وفر من الجانب اﻷخر ليقابلها مقاتلى الارض بالتغلب عليها .. بينما نجحت مركبه دفع رباعى حامله ﻹحد عناصر تنظيم الخلية الرئيسين من الهروب خارج حيز القتال بسرعه فائقه عند بدء التلاحم والتى تمت حماية خروجها من سيارة دفع أخرى ليتفاجئ حمزة بفرارها ليستدير سريعا فى زواية منفرجة ويتبعه طائرتان للحاق به وتغطيته وللقبض على تلك السيارة الفاره وتضيق الحياز عليها ومعرفة خط سيرها حتى يتم تبليغ مقاتلى اﻷرض والقبض عليهم ..
ولكن مالم يكن بالحسبان أن السيارة الاخرى الحاميه كانت تحمل قذافة صواريخ أرض جو وبالفعل أسرعت بأخراجها وتصويبها نحو أول طائرة تلحق برئيسهم !
ليراها الطائرتان المغطيتان لطائرة الرائد حمزة فيسرعان بتوجيه قذيفة خارجة من طائراتهم بأتجاهها ولكن فات اﻷوان وضرب بالفعل مؤخرة الطائرة ....
شعر بضربة قويه هزت جسده بعنف بل جسم الطائرة بعنف أشد لتتابعها أمور أسوء منها أختلال عجلة القيادة وأضطراب لشاشات الردار أمامه والهبوط السريع بزاوية ميل 180 درجة للإسفل لتعبر الطائرة الجبال الفاصله للحدود المصريه مع الحدود الفلسطنيه المحتلة من قبل إسرائيل ويفصلهم خليج العقبه ليسمع بعدها مباشرا صوت إنفجار يدوى خلف الجبال ........