------------------------------------------------------------------------------------- -------------------------------------------------------------------------------------

رواية معشوقة الليث الفصل الواحد و الثلاثون31والاخيى بقلم روان ياسين


 رواية معشوقة الليث الفصل الواحد و الثلاثون والاخير بقلم روان ياسين


أصوات و ضجيج حولها لم تستطع تميزه فقط تسمع صوت مشوش و متداخل ، آنت بصوت ضعيف و هي تفتح عينيها ببطئ ، وجدت الرؤية مشوشة فـ أغمضت عينيها و فتحتها مرة أخري ، أبتسمت مريم بـ إتساع عندما وجدتها تفيق لـ تهتف بحماس لـ البقية :

- فاقت يا جماعة !

قطبت جبينها بدهشة و هي تعتدل ببطئ لتباغتها مريم بعناق قوي و هي تردد بحماس :

- اخيرااااا يا رُسل !

تمتمت بدهشة :

- في أية ، و أية اللي حصل ؟ !

لفت نظرها تلك الملابس التي ترتديها بـ اللون الأبيض لترفع حاجبيها بصدمة و هي تبعد مريم عنها ، تفقدت نفسها بصدمة و ما لبثت حتي صرخت بفزع :

- أنا مُت و لا أية ، أية الأبيض اللي أنا لبساه دااا !

= لا يا سووو دا فستان فرحك !

هتفت مرام بـ غمزة و هي تقترب منها ، فتحت فاهها كـ البلهاء و هي تجد شقيقتها تقترب منها و هي ترتدي فستان سوارية محتشم و حجاب بـ اللون الكشمير ، هنا و أدركت أن مريم هي الأخري ترتدي نفس الفستان و بنفس اللون اكن واسع عنها قليلًا ليبرز ذلك الإنتفاخ الطفيف في بطنها..

أنتصبت بـ وقفتها ثم صرخت بحنق :

- فرح أية يا ست كوخه أنتي ، مش أنتي يا بت كنتي هناك مع جوزك ؟ !

أردفت ببساطة :

- و رجعت عشان أحضر فرحك ، أسيب أختي يعني ؟ !

فركت جبينها بإنهاك و هي تقول بنفاذ صبر :

- هتقولي فرحك تاني !

نظرت لها مردده بغيظ :

- يا بنتي انا كنت نازلة رايحة الشغل و فجأة لقيت اللي بيشدني و بعد كدا مش فاكرة اية اللي حصل بـ الظبط ، و دلوقتي ملبسنيّ فستان و تقوليلي فرحك ؟ !

فُتح باب الغرفة لـ تطل ناريمان و هي تقول بأسارير متهلله :

- المأذون جه !

أنطلقتا شقيقاتها في أرجاء الغرفة _ التي خمنت أنها فندقية _ يأتون بـ حاجيتهم و ما هي إلا ثواني و دلف شخص بعمه و جلباب أبيض يعلوه رداء رمادي اللون تبعه ليث الذي فغرت  فاهها من هيئته الجذابة ، فـ كان يرتدي حلة رسمية سوداء اللون و قميص ناصع البياض بأزرار سوداء صغيرة تحتها ، و بيبيون سوداء..

يرجع خصلاته اللامعة للخلف بتسريحة رائعة كما أنه قام بحلاقه ذفنة التي كانت قد نمت قليلًا، طالعها بإبتسامة و نظرات خبيثة لتتيقن حينها أنه هو من كان وراء ما حدث لها ، طالعته بغيظ و حنق كبير ، كادت أن تقذفه بـ أي شئ أمانها لكنه صدمت عندما وجدت عزت يدلف للمكان و هو يمشي بـ وهن مستندًا علي ناريمان و تيعه عمار و إياد و عبدالرحمن اللذين كانوا متأنقين في حلات متشابهات بـ اللون الأزرق القاتم ، طالعها عزت بندم و هو يبتسم بـ وهن لـ تزم شفتيها بتفكير و هي تسرح بعينيها للبعيد ، تنهد بخفة و هي تتقدم منه ، وقفت أمامه و أخذت تتفرس في ملامحه بـ نظرات قوية ، شبح إبتسامة لاحت علي وجهها و هي تقول بخفوت :

- حمدلله علي سلامتك يا .. بابا !

فرت دمعة من عين عزت لـ تتوتر إبتسامتها و هي تقترب من أكثر مقبلة وجنته اليسري ، حينها عانقها عزت بقوة رغم وهنه بسبب العملية التي أجراها الأسبوع الماضي ، بادلته رُسل العناق بتردد ، سريعًا ما أبتسمت بـ حب عندما أدركت انها كانت تحتاج ذلك العناق بشدة ، ذلك العناق الحنون المؤاز الذي يمنحه الأب لإبنه كانت محرومة منه لما يقارب الـ ثمانية عشر عامًا ، كان الجميع يطالعهم بنظرات دامعة سعيدة لكن كان هناك من ينظر لها بـ فخر ، فـ حبيبته الصغيرة تعلمت المسامحة و قيمتها..!

دقائق و أبتعدا عن بعضهما و هما يمسحان دموعهما ، هتف ليث بمرح حتي يخفف أجواء الحزن المنتشرة :

- يلا يا مولانا أجهز !

برمت فمها و هي ترفع حاجبها بمكر ، رددت بملل و برود و هي تتوغل في الغرفة :

- سوري ، البطاقة مش معايا !

هتف ليث بإبتسامة صفراء :

- معايا أنا !

حينها صاحت بحنق :

- يبقي مش موافقة يا سيدي ، هو مش يا شيخناا لازم الموافقة من الطرفين !

قال المأذون بجدية :

- أجل يا إبنتي !

هتفت حينها و هي تصفق بـ يدها :

- يبقي خلاص يا مولانا أتكل علي الله مفيش كتب كتاب !

كور قبضته بغيظ من تلك البلهاء ثم تقدم منها ، جذبها من يدها لـ مكان منزوي في الغرفة ، غمغمت بحنق :

- في أية ؟ !

لوح بـ شئ ما أخذه من جيب سرواله و هو يقول بغموض :

- عارفة دا أية يا رُسل ؟ !

هزت رأسها بملل بمعني " لا " ليردد بقسوة تشع من عينيه :

- داا ريموت كنترول بيوصل لقنبلة ذرعتها في الأوضة !

أتسعت عيناها بذعر ليكمل بإبتسامة شيطانية :

- و دلوقتي لو ما وافقتيش بهدوء كدا علي جوازنا هدوس علي الزرار الأخضر الحلو دا و هفجر المكان بـ اللي فيه !

أزدردت ريقها بتوتر و هي تطالع الريموت بـ نظرات مهزوزة ، نقلت نظراتها له لتجده يترقب إجابتها ، لتقول بخفوت و هي تُطرق :

- موافقة !

كادت ضحكة مجلجلة أن تفلت منه لكنه تدارك نفسه بصعوبة ، و بـ الفعل تم كل شئ بسرعة لـ تتعالي بعدها الزغاريد في الغرفة ، تلقت التعاني من الموجودين بإبتسامة صغيرة و رد مقتضب بينما الأخر كانت هناك إبتسامة بلهاء واسعة مرسومة علي محياه ، ذهب المأذون ثم أستعد الجميع للهبوط لـ القاعة ، جعلها تتأبط ذراعه رغمًا عنها ، ساروا قليلًا في الرواق ثم هبطوا من علي الدرج لتنصدم حينها رُسل من فخامة الحفل و رُقيه ، هي لم تتخيل بـ حياتها أن يكون عرسها كـ هذا !

أدمعت عيناها بفرحة و قد أتسعت إبتسامتها شيئًا فـ شئ ، لثم ليث كف يدها بعمق و هو يقول بحب :

- مبروك يا حبي !

أبتسمت له إبتسامة صغيرة ليواصلوا تقدمهم في القاعة وسط تصفيق الموجودين في الحفل بحماس ، مرت بضع دقائق لتصدح حينها أغنية هادئة في الأجواء ، أمسك بـ كف يدها ساحبًا إياها لـ ساحة الرقص ، أحاط خصرها بيد و بـ اليد الأخري أحتضن كفها الصغير و أخذ يتحرك معها علي أنغام الموسيقي بهدوء ، تحاشت هي النظر إليه و هما يتراقصان ليقول ليث بنبرة حانية :

- رُسل بُصيلي !

أخذت نفس عميق ثم نظرت له ليقول بـ نبرة حزن مصطنع :

- أنتي زعلانة يا رُسل ؟ !

= ما هو مينفعش سلق البيض دا الصراحة ، مش المفروض كنت قعدت تتخايل شوية عليا و تجري ورايا ؟ !

ضحك من قلبه علي كلماتها ثم قالت بعدما هدأ قليلًا و هو يشد وجنتها كـ الأطفال :

- عشان أنتي عندية و لازم تاخدي الحاجة خبط لزق عشان ترضي بيها يا نمرودة !

زمت شفتيها و هي تقول بحنق :

- و بعدين تعالي هنا أية حماية القنبلة دي ؟ !

رفع كتفيه و هو يصطنع البراءة قائلًا :

- بصراحة دا كان ريموت عربية عبدالرحمن فـ قولت أشتغلك بيه في حالة أنك عندتي !

فتحت فاهها بصدمة ، فـ هو نجح فـي خداعها و هي كـ البلهاء صدقت بسبب تعابير وجهه الجدية و نظراته القاسية ، حقًا ممثل بارع يستحق الأوسكار !

تلوي فمه بإبتسامة متسلية من مظهرها لتنتهي حينها الأغنية ، تركها و ذهب لـ يتناول مكبر الصوت من منظم الحفل ، قال بنبرة هادئة و هو ينظر ناحية المدعوين :

- أنا دلوقت قدامكوا كلكوا يا جماعة بعترف أني بحب رُسل لأ مش بحبها بس أنا بعشقها كمان ، أينعم عذبتها معايا كتير مش شوية بس أنا بوعدك أني هبقي عايش بعد كدا عشان أسعدك بس و أعوضك عن أي حاجة شوفتيها وحشة سواء مني أو من غيري ، يا ريت تسامحيني عن اللي فات ، ممكن ؟ !

فرت دمعة من عنيها و هي تقول بخفوت :

- ممكن !

أبتسم إبتسامته الخلابة التي تبين غمازاتيه و هو يقترب منها ، أمسك بـ رأسها بين كفيه ثم قبل جبينها بعمق و هو يهمس :

- بحبك !

= و أنا كمان بحبك..

أبتسم ليث بإتساع ثم قام بـ حملها و الدوران بها وسط صرخاتها الضاحكة ، ليتعالي عندها التصفيق في جميع الأرجاء فرحين بـ ذلك الثنائي الرائع ، أدمعت عينا كلًا من ناريمان و عزت ، فـ الأولي أخيرًا رأت أن إبنها الحبيب إستعاد نفسه و أخذ يخطو علي درب السعادة مع تلك الفتاة المشاغبة خفيفة الظل ، بينما الأخر كان سعيد بـ أن إبنته بعد صبر علي ما عاشته في حياتها وجدت من تحبه و يحبها ، وجدت من يطلب رضاها السامي و من يريد أن يعيش حياته المليئة بـ الحب و المودة معها..

حاوط رامي مريم مدمعه الأعين من الخلف ، قبل عنقها و هو يقول بمرح :

- بطلي نكد يا بقا شيخة ، أنتي كدا هتخليني أضطر أبص برا !

ألتفتت له قائلة بـ حدة و هي تشير له بإصبعها :

- أبقي جرب كدا يا رامي عشان أدبحك و أقطعك حتت حتت !

أنفجر ضاحكًا علي تعبيراتها ليضمها بعد ذلك قائلًا بـ عشق دفين :

- و أنا أقدر برضو دا أنتي اللي في القلب يا مريومة !

لكزته بـ كوعها قائلة بتعجرف :

- أيوة كدا أتعدل !

أبتسم رامي بخفة و هو يزيد من ضمها له فـ هي حبيبته و سـ تظل حبيبته و لن يأخذ أحد مكانها !

بينما علي الجهه الأخري ، كانت مرام واقفة و هي ضامة كفيها لبعضهما تشاهد شقيقتها و زوجها بـ سعادة و حماس كبير ، لكزها إياد في كتفها قائلًا بحنق :

- أفرحي ياختي أفرحي و سيباني أنا قريب و هخلل جنبك !

قالت بضحك و هي تلتفت له :

- طب أنا أعمل أية يعني ؟ !

= ما هو أنا مش هستحمل أكتر من كدا أنا شبابي بيضيع ياختي ، الشهر الجاي هنعمل فرحنا و أبقي أسمع كلمة أعتراض من سيادتك !

ضحكت بخفة و هي تقول :

- معنديش إعتراض سيادتك !

                         ***

- قال السنجلة چنتلة قال ، كل واحد ساحب المزة بتاعته و أنا قاعد هنا زي البت البايرة ، عجبك حالي دا يا عبدالرحمن ؟ !

هتف عمار بـ تلك الكلمات بـ تحسر لـ يرد عبدالرحمن بـ براءة :

- طب هتلك مزة يا عمار عشان تمشي معاها !

ضرب كفيه بتحسر مردفًا :

- منين يا حسرة دا الفرح كله كبار مفيش أندر إيدج خااالص !

ربت عبدالرحمن علي كتفه قائلًا بتعاطف :

- معلش يا عمار ، أنت هتكبر و يبقي ليك المزة بتاعتك متخافش !

ردد بتمني :

- يا ريت ياخويا يا ريت !

                     ***

///بـعـد مـرور عـام

///فـي إحـدي الـمـشـافـي

- عااااااااااااا يا حقييييير يا وضيييييع يا إبن الجزمااااااة ، أنا كان مالي و مال الجواز أنا كنت قاعدة ملكة زماني ، أعاااااااا منك لله يا طنط ناريمان أنتي اللي زقتيني عليه ااااااه !

صرخت رُسل المستلقية علي السرير النقال بـ ملابس المشفي الزرقاء بغضب و ألم ، تمتم ليث بقلق و هو يملس علي رأسها المغطاه بـ كيس طبي :

- أستحملي يا حبيبتي شوية كله هيبقي تمام !

صرخت بـ حنق و هي تغرز أظافرها في لحم يده :

- تعالي أنت مكاني و هنشوف هتستحمل و لا لأ ، ااااااه منك لله أنا أول ما أطلع من اللي أنا فيه دا هتطلقني أنت فاهم ؟ !

تعالت صرخاتها المتألمة بعدها ، ركلت الطبيب في بطنه قائلة بـ شراسة :

- ما تتصرف يا عم أنت هو أنت سمكري و لا دكتور بـ الظبط اااااااااه ؟ !

حاول ليث كبح تلك الضحكة التي قاربت أن تخرج منه ، فـ حتي و هي علي وشك الولادة و الذي يعتبر ثاني أكبر ألم في العالم ، لم تتخلي عن لسانها الطويل ، تشدق بـ روية :

- خلاص يا رُسل معلش أتحملي شوية ، عشان تشوفي ولادك !

وصلوا حينها لـ غرفة العمليات لتقول الممرضة لليث بـ صرامة :

- لو سمحت يا فندم مينفعش تدخل !

أجاب بجمود و هو يزيحها من أمامه :

- أبعدي كدا أحسنلك !

= حضرتك مينفعش كدا ، أحنا هنا في مستشفي محترم !

- ما هو لو مسبتنيش أدخلها دلوقت مش هيبقي محترم خالص و أنا أضمنلك الموضوع دا لأنها هتقلب خرابة !

قاطع تراشقهما اللفظي دخول كبير الأطباء في المشفي و هو يقول بهدوء :

- في أية ؟ !

ردد ليث بـ حنق :

- مراتي بتتوجع جوا و البتاعة دي أيًا يكن هي مين مش راضية تدخلني عشان أهديها !

زفر كبير الأطباء بتروي عندما وصلته صرخات رُسل من داخل غرفة العمليات ثم قال بأمر و هو يشير للممرضة :

- خدي الأستاذ لـ غرفة التعقيم !

أومأت له و قد بدي علي وجهها علامات السخط ليبتسم حينها ليث بظفر...

أرتدي ملابس المشفي المعقمة و كيس الشعر و القفازات الطبية و من ثم دلف لـ غرفة العمليات لـ يجدها بـ حالة صعبة للغاية ، هرع نحوها ممسكًا يدها ، قال بحنان و هو يملس علي رأسها :

- ششششش ، كفاية عياط ، أنتي قوية يا رُسل و هتتحملي عشان تشوفي ولادك ، أسمعي بس كلام الدكتور و هتبقي كويسة !

أومأت له و هي تعض علي شفتيها بـ ألم و تفعل كما أمرها الطبيب ، بعد مرور عدة دقائق صدح صوت بكاء طفل في الغرفة لـ تتهلل أسارير ليث بفرح و هو يري أسده الصغير يخرج للنور ، تبعه صوت بكاء طفل آخر لينبئ عن وجوده في تلك الغرفة ، نظر ليث لـ رُسل التي ظهرت علي ملامحها الأعياء بـ سعادة ثم مال عليها مقبلًا جبينها المتعرق ، تمتم بأعين دامعة :

- ولادنا خلاص طلعوا للدنيا يا رُسل !

لم تكن قادرة علي الرد وقتها و إنما أكتفت بـ إبتسامة تعبة رسمتها بـ صعوبة..

                      ***

///بـعد مرور عـدة سـاعـات

هرولت مرام في الرواق تبحث عن رقم غرفة شقيقتها بتلهف غير عابئة ببطنها المتكور أمامها ، سبت ليث بـ سرها فـ هو لم يخبر أحدًا بأنها تلد صغيريها إلا بعدما أنتهت العملية بسويعات قليلة ، وجدت أخيرًا الغرفة المنشوظة لـ تفتحها بـ لهفة ، لتجد رُسل تنام بـ تعب علي السرير و ليث بجانبها علي شبه جالس علي المقعد ، أبتسمت بـ خفة عندما وجدته ينام ممسكًا بـ كف شقيقتها ، لم ترد أن تفيقه لكن دخول مريم العاصف و هي تحمل صغيرتها لانا جعله ينتفض فزعًا ، هتفت مريم بلهفه :

- رُسل كويسة ، و الولاد كويسين ؟ !

مسح ليث علي وجهه بـ تعب و هو يومأ ببطئ لتغتح حينها رُسل أعينها و هي تأن بتعب ، أنتفض كـ الملسوع فور أن أفاقت لـ يقترب منها قائلًا بلهفه :

- في حاجة بتوجعك يا حبيبتي ؟ !

ردت بتعب :

- هاتلي ولادي يا ليث !

هز رأسه بسرعة ثم هرول للخارج لـ تضحك كلا من مريم و مرام علي ذلك الليث الذي كان في يوم من الأيام رزين عاقل..!

دقائق و دلف ليث و خلفه ممرضة يدفعان سريرين للأطفال ، إبتسمت رُسل بـ حب و هي تحاول الإعتدال قليلًا رغم ألمها لتسارع مريم بقولها :

- لا لا خليكي كدا متتعدليش !

حمل ليث الصغيرين بـ رفق ثم ناولهما لها لتحمل كل واحد علي ذراع ، تطلعت لهم بسعادة جلية و تتفرس في ملامحهما الصغيرة ، هنا و تنبه عقلها لـ تسأل مرام بـ لهفه :

- هو عبدالرحمن فين ، أحنا سيبناه بليل أكيد لما صحي أتفزع !

ردت مرام بإبتسامة صغيرة :

- يا بنتي أنتي خايفة لية ما أنا و إياد و كلنا كنا في البيت !

هتفت مريم بحماس و هي تهدهد صغيرتها :

- بسم الله مشاء الله الولدين زي القمر ، هاا هتسموهم أية بقاا ؟ !

نظرت رُسل لـ ليث و هي تبتسم لـ يتكلما بـ نفس الوقت قائلين :

- ريان و زيد !

ليضحك الجميع في نفس الوقت متمنين أن يكون لـ ذلك الثنائي الجديد سعادة أبدية...

                        ***

///بـعـد مـرور ثـلـاث سـنـوات

///بـ مـنـزل عـائـلـة الـجنـدي بـ الـقـاهـرة

- رُســـــل !

صرخ ليث بغضب و هو يتفقد محتويات دولابه لـ تأتي رُسل قائلة ببرود و هي تقضم قطعة من التفاحة :

- نعم ؟ !

أخذ نفس عميق حتي يهدأ من نفسه قليلًا ثم قال من بين أسنانه :

- فين القميص الاسود بتاعي  ؟ !

ضحكت بخفة و هي تقول بمرح :

- سلامة الشوف يا عنيا ما أنا لابساه أهه !

تدلي فكه بصدمة من ذلك الكائن الغريب الذي يمشي في المنزل و يعيش حتي يرتدي ثيابه !

قبض علي ياقة القميص من الخلف و هو يقول بحنق :

- أنتي يا بت مصتأصداني ، كل هدومي كدا بـ تلبسيها لغاية ما بقيت أحس أني متجوز واحد صاحبي !

أزاحت يده و هي تقول بشكل مضحك :

- و لية يا أبو الأسود متقولش أني بحب أحتفظ بعبقك فـ عشان كدا بلبس هدومك ؟ !

ضحك بسخرية و هو يردف :

- لا مش كدا يا مدام ، قولي بقا أنك مليتي و تخنتي و مبقتيش عود فرنساوي زي زمان و الهدوم داقت عليكي فـ عشان كدا بتلبسي هدومي !

رفعت حاجبيها بصدمة ثم قالت و هي تشير لـ نفسها :

- أنا تخنت !

أومأ له ببطئ لـ تصيح فيه قائلة بحنق :

- ماشي يا ليث ما تبقاش تزعل بقا من اللي هيحصل !

ثم تركته و خرجت كـ الإعصار لينفجر بعدها ضاحكًا علي تلك المجنونة التي تصدق أي شئ يُقال..

                    ****

بـ المساء تزينت حديقة المنزل الواسعة بـ الأنوار و الزينة علي أكمل وجه ، تأنق جميع من في البيت كما أن المدعوين من رجال الأعمال و الأقارب أخذوا يتوافدون علي المنزل بـ إبتسامة دبلوماسية ، فـ في السنوات الأربع الأخيرة قرر ليث أن ينشئ صرح إلكتروني كبير في مصر حتي يكون بـ مثابة فرع لـ شركة العائلة في مصر و هكذا إستطاعوا الإستقرار في موطنهم الأصلي..

هرول إياد حيث مرام قائلًا بتعجل و هو يناولها صغيره ليث صاحب العام و النصف و الذي سماه علي إسم شقيقه الكبير بسبب حبه له :

- خدي يا مرام ، عيط مني فجأة معرفش لية ؟ !

أخذت طفلها الصغير ذا الأعين الخضراء الواسعة كـ أبيه و أخذته تهدهده إلي أن هدأ بل و أطلق ضحكاته البريئة أيضًا ، قال إياد بسخرية :

- أضحك يا إبن أمك أضحك ، ما هو أنا ليا العياط بس إنما مرام تفتح بوقك علي وسعه !

لكزته في ذراعه قائلة بغيظ :

- مش كفاية واخد ملامحك كلها و مش واخد مني حاجة !

وضع إياد كفيه في جيب بنطال الأسود قائلًا بغره :

- هه ، بكره البنات تجري ورا و يبقوا حواليه زي الرز عشان هو شبهي بس !

قبلت وجنة ليث المكتنزة و قالت :

- لأ إبني حبيبي هيكون مؤدب و عسول مش سافل و قليل الأدب زي ما كنت !

عض علي شفتيه بغيظ مكورًا قبضته لتهرول هي من أمامه قائلة بشكل مضحك :

- تارا ، تعالي هنا متلعبيش هناك !

هز رأسه و هو يضحك بخفوت علي السندريلا خاصته التي وهبته السعادة..

                    ***

= يا بني بس أنت و هو ، كان يوم أسود يوم لما فكرت أربي دقن !

صاح عمار بحنق ليضحك كلًا من زيد و ريان بمرح ، قال ريان و هو يتحسس ذقنه :

- حلوة أوي آمار !

ليسارع توأمه بـ الإعتراض قائلًا :

- لا وحشة ، إقطعها آمار !

ردد عمار بـ بلاهه :

- أقطع دقني ، أنت هتجنني يا إبن المجنونة ؟ !

ضحكا كلًا من عزت و ناريمان لتقول :

- هاتهم يا عمار ، أنت لاسع لوحدك مش محتاج حد يزود اللي عندك !

أعطاها ريان الذي هتف بمرح :

- آناااااا

قالت ناريمان بحب و هي تقبل كل إنش بوجهه :

- حبيب قلب آنااا !

جاء عبدالرحمن في تلك اللحظة ليقول بلهفه :

- هي لانا جت يا آنا ؟ !

أومأت ناريمان بـ النفي قائلة بـ لطف :

- لسة يا حبيبي !

هز رأسه بتفهم لـ يتلتفت لـ عمار هاتفًا :

- صحيح بابا عايزك يا عمار !

ضرب عمار علي وجهه متمتمًا بتحسر :

- أنا أية اللي خلاني أدخل حاسبات ، من ساعتها و هو ماسك قاصيدي إبن ناريمان !

أنزل زيد ثم أتجه حيث ليث الذي يقف مع أحد رجال الأعمال ، كاد زيد أن يجلس علي ساق جده لكن أتت تلك الساحرة الشريرة من وجهه نظره ، إبنه عنه تارا ، لتجلس علي ساق جدها ، أدلت له لسانها بإستفزاز ، ليستشيط الصغير غيظًا ، هتف زيد بحنق :

- دا جدو بتاعي ، مش بتاعك أنتي ، قومي !

نظرت لـ عزت نظرة الحمل الوديع و هي تقول :

- أقوم ؟ !

أبتسم عزت بحنان و هو يرفع زيد ليجلسه علي الساق الأخري ، قال برزانه :

- أنتوا الأتنين هتقعدوا عشان أنتوا أحفادي الحلوين !

تمتم زيد بسخط :

- تارا مش حلوة يا جدو !

= رخم !

قالتها تارا بحنق ، ليرد زيد بتشفي :

- أنتي !

" اللي هو بمعني أهو أنتي يعني😂"

آتي رامي بـ تلك اللحظة و معه مريم و إبنته الوحيدة لانا ، سلم عليه كلًا من ناريمان و عزت بحبور و ما هي إلا دقائق و جاءته مكالمة هاتفية فـ خرج من المكان حتي يستطيع الرد بعيدًا عن الضجيج ، أنطلقت لانا تبحث عن صديقها عبدالرحمن بينما مريم فـ جلست بجانب والدها ، سألت بتعجب :

- أمال فين رُسل مش باينة !

= موجودة !

صاحت رُسل بـ ثقة ليلتفتوا إليه ، طالعوها بتعجب من رأسها لأخمص قدميها ، فـ كانت تبدو فاتنة بـ حق بـ فستانها الزيتوني الفاتح من قماش الستان ، بـ ذيل من التل ، يصل لـ كاحلها و ترتدي حجاب زيتوني بـ لون أغمق عليه ، فـ هي منذ ما يقارب الثلاث سنوات و النصف ترتديه ، تنتعل حذاء أسود بـ كعب مرتفع و تضع بعض اللمسات الهادئة من المكياچ ، هتفت مريم بإبتسامة واسعة :

- أية الجمال دا يا سووو ؟ !

أجابت بغرور مصطنع :

- دا أقل حاجة عندي !

وقفت معهم لـ دقائق ثم نهض الحميع حتي يقوموا بإطفاء الشمع ، تجمعت العائلة حول الطاولة الكبيرة كل منهم حامل لـ أولاده ، وقفت رُسل بجانب زوجها ليميل عليها هامسًا برقة :

- مكنتش أعرف أن حبيبة قلبي جميلة أوي كدا !

دهست قدمه بكعبها قائلة بغيظ :

- أنا بوريك أنا أية بـ الظبط عشان تبقي تقولي تخنتي تاني ، أنا الحمدلله لسة محتفظة بجمالي و جسمي الدور و الباقي علي العجوز اللي جنبي !

ردد بدهشة :

- أنا عجوز ؟ !

تشدقت بشكل مضحك :

- متحاولش تغير الحقيقة يا ليث أرضي بالأمر الواقع !

زم شفتيه بغيظ و ألتهي بعدها في الغناء مع الجميع لـ عبدالرحمن أغنية عيد الميلاد الشهيرة ، بعدما أنتهوا قام عبدالرحمن بإطفاء الشموع ، هتف أحدهم :

- ممكن نضم علي بعض يا جماعة عشان نتصور ؟ !

ضم ليث كتف رُسل له و بـ المثل فعل رامي مع مريم بينما إياد كان رافعًا تارا بين أحضانه و مرام كذلك مع ليث الصغير ، عمار يقف بجانب والدته و بجانبهم عزت لتُلتقط حينها صورة و الجميع مبتسم بسعادة .. ما عدا أثنين كانوا يدلون لسانهم لبعض و ما هما إلا زيد و تارا..!

انتهت احداث الرواية نتمنى ان تكون نالت اعجابكم وبأنتظار اراؤكم فى التعليقات وشكر 

لزيارة عالم روايات سكير هوم 

لمتابعة روايات سكيرهوم زوروا قناتنا على التليجرام من هنا

تعليقات