رواية فراشة في جزيرة الذهب الفصل الواحد والثلاثون 31 والاخير بقلم سوما العربي



رواية فراشة في جزيرة الذهب الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم سوما العربي 


 #فراشة_في_جزيرة_الذهب_الحلقة_الأخيرة


كانت ترتسم على شفتيها إبتسامة خفيفة شاردة وهي تقف في شرفة منزلها بالحي القديم ونسمات الليل الخفيفة تداعب شعراتها المنسدله على جانب خدها الناعم.


احدى كتفي منامتها منسدل عن كتفها يضهر ذراعها الأبيض وحمالات منامتها الحمراء تظهر منها أضفت عليها وهج وسحر خاص.


تتذكر اليومين المنصرمين وكيف انقضوا معه....تنهدت بهيام وهي تسترجع هيئته المنزليه في مناماته الرجوليه الفخمه انه رائع رائع ..و وسيم .


عاملها بمنتهى اللطف منتهى الرقه منتهى الجمال...سامحه الله لقد ذكرها انها أنثى...أنثى جميلة جداً وهي التي كانت تحاول النسيان.


صدرت عنها تنهيده حارة أخرى...عيناها تفطر قلوب رغماً عنها فهو جميل والله جميل.


والتفت منتبه على صوت والدتها التي انضمت لها تضع بجوارها كوب الشاي باللبن و وقفت تقول:

-ااااه...الهوى حلو النهاردة والقمر طالع ومافيش دوشه في الشارع زي كل ليلة...شوفي كل دي علامات يابت يا وفاء.


سألتها وفاء وهي مازالت على حالة الهيام :

-علامات لإيه 

-عشان أكلمك في الموضوع اللي عايزه أكلمك فيه

-موضوع ايه؟! أوعي تكون خناقه جديده 

-لا ده عريس ...جديد 


خرجت من عالما الوردي وانتبهت قليلاً تسأل:

-لمين 

-ليا ...قال يخش دنيا على إيدي!! هيكون لمين يابت ليكي أكيد 

-ليا؟!

-اه...بس عريس ايه...مايترفضش...متعلم ومتنور وعنده محلين إكسسوار موبايلات وبيفتح التالت كمان وسألت عنه طلع بسم الله ما شاء الله سمعته هو وابوه وأمه زي الفل وبيقولوا على العيله دي ان كل عيلتهم بيهنوا نسوانهم...ااااه أحمدك يارب ...أهي هي دي الجوازه الي كنت بحلم لك بيها.


بهت وجه وفاء تسأل:

-يعني أنتي موافقه؟!

-اه طبعاً بذمتك ده عريس يترفض؟! ده غير انه شاب حليوه عارفاكي إنفه ومش بيعجبك العجب...بس بردك شوفيه ولو عجبك يبقى على خيرة الله قولتي ايه؟!

-طب....وشغلي؟

-شغل ايه أنتي اول ما تقفشي مرتب الشهر تخلعي ...الولا ده ممكن ذاكرته ترجع وساعتها مش هيحلنا.

إنحاشت أنفاس وفاء وقد ذكرتها والدتها بالنهاية الطبيعية ...سامحها الله هي من سرحت بتفكيرها وعليها العودة للواقع الأن.


نظرت والدتها وقالت:

-يابت مالك مبلمة كده؟ ألست ام العريس مستنيه الرد...ييجوا أخر الأسبوع تشوفوا بعض؟


تنهدت وفاء وقد نبهها عقلها هذا هو الصحيح عليها العوده من أحلامها فهزت رأسها موافقه ليتهلل وجه الأم بينما شردت وفاء تفكر ان غدا هو آخر لقاء لهما وبعدها ستنتهي قصتها الجميله ذات الطرف الواحد للأبد


________سوما العربي_______


في صباح يوم جديد


وقفت تغلق له أزرار قميصه تخفي ضحكتها على وجهه المتذمر لينظر لها بغيظ مردداً:

-بتضحكي على جوزك؟! مش عيب؟

-ماهو جوزي الي صاحي مبوز زي البيبيهات

-بيبيهات؟! المعلم زيدان بقا بيبيهات؟!! 

-طب فك التكشيرة دي بقا... 

-مش عايز انزل الشغل عايز افضل قاعد جنبك كده زي اللزقه

-وآنا والله بس أبوك قال لازم تنزل تسلم الشغل للناس الراجل فرحه قرب وإنت الشغل من غيرك مابيمشيش.

زفر انفاسه يتذمر ثم قال:

-ماشي ماشي...هنزل بسرعة عشان أرجعلك بسرعه.


تحرك ليخرج من الغرفه وهي استعدت لتخرج معه حتى باب الشقه لكن تفاجأت تشهق بصدمه بعدما جذبه له يضمها بيد واحده يقبلها بهجوم عنيف ضاري ويغلق باب غرفة النوم باليد الأخرى.


________سوما العربي________


جلس يهز قدميه بتوتر لم يفلح في إخفائه تحت أنظار أنجا التي جلست تراقبه بصمت تام 


ينظر في ساعته كل دقيقتين تقريباً ومن بعدها يسأل:

-لما تأخروا ؟

فجاوبت بتأني:

-لم يتأخروا مولاي فقط انت المتعجل.

ثم سكتت تراقبه بجانب عينها لثواني ومن بعدها وقفت تقول:

-ستأتي والدة السيدة رنا لنتحدث معها كما نصحنا السفير ولكني ايضاً أنصح مولاي أي ان كانت نتيحة تلك الجلسه فعلى جلالتك العودة للمملكة ..جلالتك ملك ولست مجرد رجل...هنالك أمور لا تسير الا بوجود حضرتكم.


مسد على وجهه بيده يحاول أن يأخذ أنفاسه ربما هدأ ثم قال:

-اعلم ولكن ....أريدها معي أنجا أو...على الأقل ان أخذ وعد بأنها ستلحق بي..أي شيء ولكن ألا يترك الأمر هكذا.


زمت أنجا شفتيها وقد تسرب اليأس داخلها من إفساد تلك الزيجه بسبب تمسك الملك المستميت بها ولا ينعش ذلك الأمل داخلها سوى الرعب الذي رأته بأعين رنا ورفض والدتها الجديد.


لتهز رأسها قائلة:

-يبدو أن الملك بات عاشقاً 


سحب نفس عميق وقد قرر رفع راية الإستسلام:

-نعم أنجا....نعم.

بنفس تلك اللحظه دق الباب بأدب ودلف رجل يستأذن لدخول السيده فوقيه عليهما فسمح الملك لها وعلى غير العادة دلفت بوقيه بلا ظلها المعتاد والمتمثل في تلك السيده صاحبة اللسان السليط والجمل الجامعه التي تصيب الهدف في الصميم....فقد جاءته فوقيه وحدها كي تتحدث عن مصير ابنتها دون تدخل أو تأثير من فوزيه على مجريات الأمور.


وقف لها كل من راموس وأنجا باحترام مرحبين:

-أهلا سيدة فوقيه

-أهلا بيك

-ممكن اعرف ليه الرفض

-يا حلاوة بقيت تتكلم لبلب زينا اهو امال كنت جايب لنا مترجم ليه

ضحك عليها ثم قال:

-عشانكم...أنا بتعلم لهجتكم من كتير عشان رنا وبقيت كويس فيها

هزت رأسها بصمت ليسأل:

-احنا دلوقتي لوحدنا ممكن تلكميني بوضوح 

-عايز الحق...أنا مش موافقه ومش هوافق

-بس سبق وكان في قبول من ناحيتك

-اختي فوزيه الله يسامحها كانت مالية راسي بكلامها بس انا بعد ما شاورت نفسي وكلمت كذا حد لاقيت انه لا مستحيل 


لتتقدم أنجا وهي حقا لا تكاد تصدق ما تسمعه فتسأل:

-سيدة فوقيه..يبدو انك لم تدركي بعد ان هذا الذي ترفضين زواجه من ابنتك لاهو ملك عظيم الشأن!


تنهدت فوقيه وردت:

-الي واقفه فكراه ميزه هو أساس رفضنا يا حبيبي والي يناسبك متيناسبش غيرك صوابعك مش زي بعضها...احنا ناس على باب الله بنقول يا حيط دارينا دارينا يا حيط وانتو ناس أنا مش عايزه أتكلم يعني مثلا من ضمن أنتي اهو وليه القدر بينط من عينها ولا تقربي للعريس ولا من دمه و واقفه محشوره في النص


بهت وجه أنجا وتراجعت للخلف تسأل:

-ماذا؟!!!

-زي مابقولك كده يا حبيبيتي ماتزعليش مني أنا مابعرفش أزوق الكلام أنتي سألتي وأنا جاوبت.


ثم عادت توجه حديثها للملك تقول:

-أنا عمري ما هيجيلي قلب أجوز بنتي بعيد قوي كده لواحد لا مننا ولا زينا 

-يعني هو مش ممكن المصري كان يعذبها معاه؟

-كل شيء وارد وكل شعب فيه الحلو وفيه الوحش مش هقولك لأ لكن أضعف الإيمان ان بنتي هتبقى جاري بالكتير ساعة زمن واجيبها في بيتي وبينا وبينه بقا محاكم الأسرة لكن انت لو زعلتها ولا جيت عليها ولا ظلمتها هعمل ايه وأنا في بلد وهي في بلاد وبينا وبلاد وبحور...تبقى بنتي في حضني واروح أدور عليها ...لا لا...وبعدين ده انت أسم الله على مقامك ملك يعني لو قتلتها وتاويتها مش هعرف حتى ولا هيوصلني خبر ...أنا كل ما بفكر في الموضوع مخي يودي ويجيب.


-مستحيل أذي رنا أنا بحبها

-ساعة القدر بيعمى البصر من كام شهر واحد جارنا صاحبه شككه في مراته ولفقوا لها تهمه وكانت يا حبة عيني لابساها...جاب شوما ونزل عليها ضرب لما كانت هتموت ويقولك كنت بدافع عن شوفي...الأكاده بقا ان ماحدش غلطة وكله قال تستأهل لولا ان ربك اسمه الحق وظهر برأتها من عنده وطلعت الي مساعده صاحبه بنت خالتها عشان عينها من عيشتها والبت يا نضري فضلت في العنايه المركزه شهرين واهو الجدع ده كان بيبوس التراب اللي مراته بتمشي عليه وقاعد جنبها لحد دلوقتي في المستشفى بين الحياه والموت واحتمال يتحبس ..ده عشان بس أعرفك ان الحب والعشق ماهواش ضمان .


وقفت من مكانها تقول:

-خلاصة القول يابني احنا طرقنا مش واحده شوف لك واحدة أميرة ولا بنت سفير تكون واخدة على عيشتك وسيب بنتي هنا في حالها تشوف نصيبها.


كادت أن تتحرك ليوقفها راموس بلهفه:

-الموضوع يخص رنا هي أكيد ليها رأي تاني

-في الجواز عندنا الصح هو الي بيمشي ده في حالة لو كانت البت عايزه لكن أصلا أنا بنتي شكلها مش عايزه ولا انت ماشوفتش هي كانت مرعوبه منكم ازاي المره الي فاتت..أصلا شكلكم عملتوا لها حاجه مخليها كده دي مش رنا بنتي اللي اعرفها ...خلاصة القول يابني...أرجع بلدك طلبك مش عندنا..سلام عليكم.


ثم غادرت دون أن تلتف ترى ان مافعلته هو عين الصواب ولابد ان يغلق ذلك الموضوع للأبد.


________سوما العربي_________


تأخرت اليوم على راحتها بالنهاية هذا يومها ألأخير بالشركه ستذهب لتلقي الراتب وكان الله بالسر عليم 


لتتتقابل مع رنا التي خرجت من الصيدليه للتو فأبشر وجهها يقول:

-صباح الخير يا رنا ازيك

-الحمدلله بخير أنتي عامله إيه؟ قولتي هتيجي تاني وماجتيش

-اعمل إيه الشغل اليومين اللي فاتوا كان كابس عليا ومعايا حتة بت ساقعه حاطه نقرها من نقري، مركزه معايا بس خلاص النهارده آخر يوم هروح اخد مرتبي ومش رايحه تاني.

-هي الشركة دي ماحدش بيعمر فيها ليه،حتى حوريه شكلها كده مش هتكمل

-تبقى غلطانه بصراحة، لازم ترجع، حد يلاقي شغلاته نضيفه في مكان نضيف ومرتب كويس ويقول لأ...كلميها تاني...صحيح يا رنا أنتي من ساعة ما رجعتي من برا مارجعتيش شغلك ليه


تاهت رنا في تفكيرها تتذكر ما جرى معها وكيف تحولت لشخصية تهرب من المواجهة لتنتبه على صوت وفاء:

-البت الرحمه الي مركزه معايا حوريه قالت لي انك ممكن تجيبي لي قرارها بس انا خلاص مابقتش تشغلني أنا سيباهالها مخضره ياكش تولع بيها

-إسمها ايه؟ منه؟

-هي اللهي يجحمها مطرح ماهي قاعدة 


سحبت نفس عميق وكادت أن تتحدث لوفاء من جديد لولا أن لفت انتباهها خروج رشا من منزلها ومرورها من جوراهم فنادت :

-رشا...رشا


انتبهت لهم رشا مقتربه بتوتر تقول:

-رنا...ازيك

-ازيك يا أنتي يا رشا...غريبه يعني مافكرتيش تيجي تسألي عليا ..جت من وفاء وماجتش منك

-اااه..ماعلش كنت مشغوله الفترة دي قوي 

-لا كان الله في العون..كنتي رايحه فين كده

-أبداً...رايحه لعمي الورشه أصل مرات عمي عايزاه...سلام أنا بقا.


غادرت سريعاً تحت نظرات رنا الثاقبة و وفاء تنظر لأثرها بحاجب مرفوع ثم همست:

-هي مرات عمها عدمت التليفونات ولا ايه؟

-أنا عارفه!!

-البت دي مش سالكه و وراها حاجه مش سالكه زيها ... ابقي نبهي حوريه 

-أنا رايحه لها دلوقتي 


فكرت وفاء لثواني بتردد ثم قالت:

-هاجي اقعد معاكم شويه هي كده كده خربانه.


ثم تحركت معها لمنزل حوريه وهناك انفتح الحديث عن العمل 

فقالت وفاء:

-بلاش تسيبي شغلك يا حوريه..خساره والله دي فرصه أي حد يتمناها.


نظرت لها حوريه بأعين لامعه تبتسم بمكر ثم قالت:

-سيبك أنتي...مالك محلوة كده...حب جديد ده ولا إيه

-هاااه...بطلي هزار حب ايه وبتاع ايه...منين يا حسرها ده انا من البيت للشغل و من الشغل للبيت

-ما يمكن حد في الشغل... لا يكون المدير الوسيم 


أرتبكت وفاء وهمست بتوتر:

-ايه الي بتقوليه ده

-أيوه من ساعة ما تعب وهو كل شويه ينده لك زي ما تكوني أمه كل ما تبقي واقفه معايا ولا أجيلك ألاقيه باعت لك

أسبلت وفاء عيناها ثم قالت:

-بلاش أحلام يا حوريه الله يباركلك احنا فين والناس دي فين

نظرت حوريه ناحية رنا ثم قالت:

-الأحلام بقت حاجة عاديه جنب الي بقا بيحصل دلوقتي..دي رنا متقدم لها ملك لأ و ايه هي وخالتي الي مش موافقين.


قفزت وفاء من مطرحها كالضفدع تهبط بجوار رنا تتشبث بها تسأل:

-ايه؟!! الي سمعته ده بجد؟

هزت رنا رأسها بالإيجاب لتسأل وفاء:

-وأنتي فعلاً رافضه

-اه

-جاك أووا..حد يرفص النعمه ده حتى ربنا يحاسبك 

-أنتي ماتعرفيش حاجه 

-اعرف ايه مين دي الي ترفض تبقى ملكة


أغمضت رنا عيناها تتنهد بتعب ثم بدأت تحكي لهم عن مخاوفها ولما رفضت 


بينما في السفارة جلس السفير أمام راموس يقول:

-لا عليك جلالة الملك بأذن الله ستحل القصه

-كيف وقد حاولت التحدث مع والدتها لكنها رفضت رفض تام.


ضحك السفير بخفه ثم قال:

-فتحية رزق


جهد الملك جبهته مستغرباً يسأل:

-ماذا؟!!

-قصة جلالتك قد حدثت في الخمسينات...حينما جاء ملك غانا(كوامي نكروما) لمصر بعدما أستقل ببلده وأصبح اول رئيس لها وقد رأى فتاة مصريه جميلة تعمل في احد المصارف الحكومية فوقع بغرامها على الفور وتقدم لطلب يدها لكن قوبل طلبه بالرفض من والدتها لنفس الأسباب تقريباً لكن العشق كان قد أستفحل بقلب الرئيس نكروما لذلك جاء لصديقه الزعيم عبد الناصر وطلب منه التدخل بصورة مباشرة مع والدة حبيبته ليتم الأمر وقد كان فتزوج الرئيس نكروما من حبيبته المصريه فتحية رزق وكانت هي السيده الأولى لغانا لفترة طويلة.


لمعت عينا راموس وسأل بأمل تجدد داخله:

-هل تقصد...


قاطعه السفير مقراً بحسم:

-نعم جلالتك.


ابتسم راموس وسحب نفس عميق وقد تجددت الفرحه بداخله من جديد .


_________سوما العربي_______

جلس بتوتر خلف مكتبه يهز قدميه بإنزعاج...الصداع يسيطر على دماغه بل يزداد وحالته النفسية سيئة جدا نظر في ساعه يده الفخمة يطالع الساعه التي تعدت الثانية عشر ظهراً وهي للأن لم تأتي.


رفع سماعة هاتفه يطلب البوفيه ليرد أحد العمال فسأل:

-وفاء جت؟

-لسه يا فندم


زفر بغضب واغلق الهاتف بحده ...لما تأخرت..لما تأخرت...أاااه عاليه صدرت عنه والألم يعصف برأسه ويزداد في اللحظة التي فتحت فيها منه الباب بغوغائيه وتقدمت تسأل:

-ايه الطلب الي الأتش أر مقدمه ده

-انهي طلب

-نقل الزفته بتاعت البوفيه للحسابات...ده ازاي و بأنهي حق...جرى ايه يا عاصم شكلك خرفت مش كفايه البت الي جبتها شغلتها هنا من غير مؤهلات وهتجيب واحده بتاعت شاي وقهوة تلعب في الحسابات...هي كل واحده هتنام معاها هتجيبها تكافئها بشغلانه هنا ولا ايييه 


أطبق جفناه بألم شديد وغضب ثم وقف يقول بهدوء مريب:

-كل واحدة أنام معاها؟؟؟؟ 


نظر لها بصمت ثم قال:

-أنتي متحوله للتحقيق 

-ههه نعم؟!!! ده ليه ان شاء الله 

-تعدي على مديرك والموظفين


كتفت ذراعيها حول صدرها ثم قالت مستهزئه:

-بجد والله ...بلاش تجيب لنفسك الكلام وخلي كل حاجه متداريه بدل ما التحقيق يتقلب عليك.

-امشي اطلعي برا.


كان الألم قد تمكن منه ..حولها التحقيق فقط لأنه غير قادر على التحدث معها بنديه فلجأ لإخراسها ...


وما ان خرجت حتى أتصل مجددا يسأل عن وفاء فتكرر الجواب لذا هاتفها لكن كان الهاتف مغلق.


________سوما العربي_______


بمنزل حوريه كانت تقف بالمطبخ تعد الغداء تستمع لمخاوف رنا التي ألقتها على مسامعهن ثم سؤال وفاء المستنكر:

-ها خلصتي؟

-اه

-هي دي كل مشاكلك ...المسافه والنظام هناك؟! أنتي هاطله يابت؟!

-احترمي نفسك وبعدين ماهو الكلام سهل لو كنتي مكاني كنتي ...

قاطعتها وفاء تردد بقوه:

-كنت مسكت في الفرصه الي مابتجيش في العمر غير مرة واحدة بأيدي وسناني...ياحبيبتي الجواز ده قسمه ونصيب والي قبلينا قاله انه زي البطيخه ما يمكن تتجوزي واحد في البيت الي جنبنا بس يمرر عيشتك وكمان يمنعك عن اهلك ويمكن ساعتها تبقي مخلفه فماتعرفيش تتطلقي منه..بس ساعتها هتبقي متجوزه واحد عادي مش ملك...يعني هتبقي ملكه وإنتي بقا وشطارتك.


-شطارتي ايه بس أنتي ماشوفتيش العقربه اللي إسمها أنجا دي مش بطيقني وهو ملك وعنده حرملك وجواري وخطط ومؤامرات 

- روحي وفتحي عينك ..ولازم تتعاملي بالمثل اللي بيقولك لا تبقى طري تتشكل ولا ناشف تتكسر

-يعني ايه؟

-يعني خليكي لونه ماتقفيلهاش على الواحدة فتعرف انك ند ليها لازم ولابد تكسره عشان هي تستمر ولا تبقي طوع وسهله فتتاكلي وتبقي هلهولة ومركونه...لأ...الست لازم تكون شخصيه عشان يبقى لها طعم وعازه إيشحال بقا لو كانت ملكة! المهم تضربي وتلاقي لحد ما تعملي لنفسك ارضيه صلبه تقفي عليها ويبقى ليكي شعبيه ساعتها لا أنجا ولا مليون واحد أو واحده هيقدروا يقفوا قدامك.


سرحت رنا تفكر في حديث وفاء لكن عادت تقول:

-بس...لا لا...أنا بخاف..بخاف منهم.


زمت وفاء شفتيها تفكر ثواني ثم قالت:

-أنا بيتهيألي انك محتاجة تشوفي حد متخصص تتكلمي معاه يدلك ازاي تحلي نفسيتك دي بس الموضوع هيطول فانتي تكسبي وقت يعني بلغيهم انك موافقه وكده كده جواز ملك فهياخد وقت و ورق وتحضيرات.


شردت رنا من جديد تفكر هل هي بالأساس تريده أم لا بينما هتفت وفاء:

-مش هتحكي لنا بقا عرفتيه ازاي وبعدين السفريه بتاعت الشركه ايه حصل فيها ...هو صحيح الموضوع اتكتم عليه جامد بس احياناً كده كام حد بينكشوا فيه لكن من ورا منه الكل خايف منها.


-خليهم يفضلوا خايفين عشان تركب وتدلدل ونزلهم طول ماهم ساكتين أنا خلاص الشغل في الشركه دي مابقاش لازمني

-اه طبعاً ما الي علي علي...قولي بقااا ايه الي حصل معاكي.


صمتت رنا لثواني ثم بدأت تقص على مسامعهما قصتها العجيبه.


_________سوما العربي_________


خرجت من البيت على استعجال متجهه ناحية الورشه فتنبيه وفاء لها بأن تدير بالها على زوجها بالتأكيد خلفه خطب ما فوفاء نبيهه وحسيسه حتى لو لم تفصح عن سبب حديثها.


لذا تعجلت في الذهاب وما إن وصلت حتى التقطت سبب كلام وفاء 


فقد كانت رشا تقف لجوار زيدان بجانب ماكينة تقطيع الخشب تحدثه وهو منهمك في العمل يتجنب الرد المستمر عليها بعدما طلب منها للمرة العشرون ان تعود للبيت محاولاً تذكيرها ان هذا المكان لعمل الرجال فقط ولا يصح ان تقف ابنة عمه هكذا أمام العمال لكنها لم تنصاع لكلامه و وقفت تحاول فتح أي سبيل للحديث معه.


لتدخل حوريه وقد علمت ان كل سبل الذوق لن تجدي نفعاً معها رشا أصبحت كالسيف ان لم تقطعه قطعك... لن تجلس تشاهدها تتسرسب لحياة زوجها وهي تقف تشاهد وتتحسس الكلمات خوفاً على مشاعرها وعلى صداقتهم التي القتها رشا تحت قدميها ولم تعتبر.


فتهادت في خطواتها تتقدم من زوجها ثم تضمه لها قائلة:

-مساء الورد يا زيزو...خلصت يا حبيبي 

-خلصت اه


نظر لها بتوتر فصوتها الناعم المتدلل لن يخفي نظرات عيونها القاتله ليكمل:

-وكنت طالع دلوقتي 

-مانا لاقيتك اتأخرت جيت لك يا حبيبي ...ايه ده ررششا... ماعلش ماخدتش بالي منك...بتعملي ايه هنا وسط العمال يا حبيبتي؟


نظرت لها رشا بضيق ثم قالت:

-جيت اسلم على ابن عمي ايه في مانع؟

-ليه يا حبيبتي مش مكفيكي سلام السلالم الي بتستنيه عليها في الطالعه والنازله ؟! عيب بنت زيك تيجي تقف في ورشه كده قدام الرجاله

-شوف مين اللي بيتكلم ...طب مانتي واقفه اهو

-أنتي هتقارني نفسك بيا؟


شبكت ذراعها في ذراع زيدان بتملك واضح ثم أضافت متغنجة:

-أنا أبقى مرات المعلم يا حبيبتي.


ابتسم زيدان باتساع....لأول مره يحب التملك وان يتحكم فيه أحدهم.


نظرت لهما رشا بغيظ فيما أكملت حوريه:

-يالا يا حبيبتي روحي وماتعمليش بقا كده تاني عشان عيب أنتي بنت عايزين نجوزك وبما انك بتحبي مراتٍ عمك وعمك قوي كده وبقيتي بتخدميهم برموش عينيهم فأيه رأيك نجوزك محمود اه..ايه رأيك؟


جحزت عينا رشا وهي تراها تلتف محدثه زيدان قائله:

-دي حتى رشا يا حبيبي كانت دايما تقول ان محمود ده هايل وعاجبها اكتر حد في ولاد عمها مش كده يا رشا فاكره كلامك على محمود وزيدان ...يالا اهو بقا خالي دلوقتي وممكن تتخطبوا وأنتو الاتنين تصلحوا حال بعض.


ضحك زيدان ساخراً وفطن مقاصد حوريه التي لم تنطقها...هو لم ينسى ابداً كم مره تقدم والديه لخطبة رشا وهي دوماً كانت ترفض ليعلم ان حدثه صحيح والسر كله في حوريه وبغيرة الفتيات منها.


ليلف ذراعه حول ظهر حوريه ويقول بتملك:

-يالا يا حبيتي عشان عايز اطلع بيتنا أريح شوية 

-يالا يا حبيبي.

ليغادر كل منهما دون ان يعيرا رشا أي إهتمام وقد فطنا اللعبة وهي كذلك فطنت كشفهما لها لذا إنسحبت على بيتها تجر أذيال الخيبة والغيظ خلفها.


_________سوما العربي________


دلفت للشركة بلا مبالاة أو أهتمام للتأخير هذا أخر يوم لها ستأخذ الراتب وتطير.


ذهبت في طريقها للحسابات تنظر من بعيد على مكتب عاصم لتتنهد بحزن دفين لكنها قررت المضي قدماً وإتمام مهمتها فآنى لها به ...لن ينظر لها...معركتها خاسرة محسومة النتيجه قبل الدخول في حرب حتى لذا فضلت الخروج بكرامة يكفيها ما جرى.


بينما في مكتب عاصم جلس يهز قدميه ويديه بتوتر ورفع سماعة الهاتف يتواصل مع البوفيه يسأل من جديد:

-وفاء لسه ماجتش

-جت يا فندم ومشيت 

-ازاي ده

-ماعرفش هي جت سلمت علينا وبتقول ده آخر يوم ليها هنا وراحت تستلم مرتبها.


أخر يوم!!!!!! نزلت الكلمه عليه لجمته فأغلق الهاتف بوجه العامل و وقف عن مكتبه يغادر مسرعاً لعند الحسابات يبحث عنها.


كان يسير في طرقات الشركه بسرعه وتجهم لفت انتباه واستغراب الموظفين وصدموا وهم يرونه يخرج خلف وفاء يناديها:

-وفاء...وفاء أستني.


لكنها كانت كمن يهرب من قلبه فتسارعت خطواتها لا ترغب في المواجهة تخشى على قلبها ان يظهر الإعجاب في عيناها ويقابله هو بالسخريه هو بالتأكيد قادم خلفها يحاسبها على التأخير وتركها العمل دون إذن منه...ستبلغه في الهاتف ولتفر منه حالياً...تباً لها لقد وقعت في الممنوع.


كادت ان تقترب من الطريق العام توقف سيارة أجرة لتصدم به قد وصل لعندها بسبب طول ساقيه فقطع المسافه وجذبها لعنده يهزها بغضب يسأل:

-هو أنا مش بنادي عليكي ايه الطريقه دي ومش بتردي عليا ليه ويعني ايه هتسيبي الشغل ؟!!!!

 حاولت الهرب من النظر لعيناه وقالت بتوتر:

-ماعلش كنت مستعجله قوي وماكنتش سامعه حضرتك 


حاول سحب نفسه ليهدأ ويهدأ من توترها الواضح ثم همس بحنو :

-ممكن افهم مالك وعايزة تسيبي الشغل ليه؟

-مانا مش هفضل طول عمري شغاله في بوفيه حقي أشتغل بشهادتي أنا بس الي كنت مضطره لكن الحمدلله الظروف خلصت 

-طبعاً حقك وأنا عشان كده طلعت امر انك تسيبي البوفيه وتتنقلي الحسابات 


بللت شفتيها متوترة...حرامُ عليه ...لما يحدثها بكل حنو وإحتواء يجلعها طامعه فيما لن يحدث ابداً.


لتقول بغصه حكمت قلبها:

-مش هينفع أصل أنا خطيبي مش عايزني أشتغل

-نعم!!!!!!!! أنتي اتخطبتي؟؟؟؟

إحتداد عيناه وتحول صوته الحنون لأخر غليظ أربكها فقالت:

-لسه...في عريس كويس متقدم لي

-وأنتي وافقتي؟

-لسه

-لسه؟! والله؟ امال رافض تشتغلي ازاي؟ أنتي بتكذبي


دب الرعب في أوصالها فهي بكل التفاصيل كاذبه

-ايوه بكذب .... بكذب في كل حاجه كل حاجه بعملها كذب سيبني امشي مالكش دعوه بيا.


كانت تتحدث بهيستيريه وجسدها ينتفض ليخفق قلبه من أجلها ويحاول تهدئتها:

-خلاص براحه اهدي..تعالي نتكلم 

-مش عايزه أتكلم مالكش دعوة بيا سيبني في حالي انت موقفني ليه أصلا أنا مش شغاله عندك

-اهدي يا وفاء أنا ماكنش اقصد أهدي

-أنا هاديه وعايزه امشي

-أستني يا وفاء...أنتي ليه ماقولتليش ان متقدم لك عريس 

-وهقولك ليه؟

-وافقتي عليه؟

-اه...عنئذنك

كادت ان تتحرك ليوقفها :

-استني عندك أنا بكلمك


وقفت تنظر له ليقول:

-ماقولتيش ليه ان متقدم لك عريس

-هقولك ليه؟

-يعني مش واضح إني مهتم بيكي؟

-!!!!!!!!!!

كان ردها مذهول متعجب تماما ولم يخطر على بالها سوى ضرب والدتها لرأسه بالفازة الخزفية وسقوطه مدرج في الدماء ثم فقدانه الذاكره بسببهما.


لتفر من أمامه هاربه تستقل اول سياره أجرة تمر من أمامها فأسرع هو الأخر خلفها يشغل سيارته ويقودها خلف السيارة التي تقلها لا يعلم لما هربت هل هو خوف ام رفض أم ماذا؟


ظل يسير خلفها يفكر بجنون ليدق هاتفها باتصال ملح من والدته أعقبه إتصال أخر فحاوب تعجل :

-ايوه يا ماما في أيه

-عاصم...أنا عرفت كل حاجة منه زميلتك ساعدتني أوصل لكاميرا مخفية انت خرجت من الشركه مع البنت اللي شغاله في البوفيه ...البنت دي هي الي عملت فيك كده هي وأمها.


ليتوقف بسيارته بوسط الطريق وقد أكتنفته الصدمه .


__________سوما العربي__________


أنهى اتصاله بالسفير حالا والذي اخبره ان السيدة فوقيه الآن في مقابله خاصه بقصر الرئاسه .


فجلس على أمل ان توافق ليتبقى أمر حبيبته المرعوبه يسأل هل سينجح في إستمالتها ام لا.


وبينما هو كذلك إذ بهاتفه يصدح رنينه معلن عن اتصال منها ليرقص قلبه بفرح وخوف في آن ...لكنه قرر الرد يقول:

-ألو


فتفاجأ بطلبها تقول:

-ممكن أقابلك؟!


الخاتمة من هنا

تعليقات



×