رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الثالث بقلم شريهان سماحة
هبطت صفيه الدرج مناديه بصوت عالى نسبيا يحمل الهمه والنشاط :
- يانعمة .. أنتى يابت يانعمة
أتت مهروله لتلبيه نداء سيدتها قائله :
- نعم ياستى الحاجه ..أومرينى
- عملتى غدا أيه النهارده ؟
- مكرونه وفراخ بانيه ورز محمر وملوخيه
- طب ألغى كل ده وخزنيه لأى يوم تانى ..وأطبخى كل الأصناف اللى بيحبها حمزة بيه أعملى صنيه فراخ بالبطاطس فى الفرن ، ورقاق باللحمه
- حاضر ياستى الحاجه
وهمت لتذهب ولكن توقفت على نداء سيدتها مره أخرى وهى تقول :
- أستنى أعملى كمان مهلبيه بالمكسرات ولا أقولك أن اللى هاجى أعملها بنفسي هو بيحبها من أيديا
ثم أكملت صفيه حديثها وهى تشير لنعمه فى أتجاه المطبخ :
- يلا قدامى علي المطبخ أعملها لما يأخد حمامه ويصلى .
------------------
داخل بيت حسن اﻵلفى فى دمياط
بعد أنتهاء وجبة الغداء علت صوت ضحكات خارجه من القلب لتعلو وتعلو صادره من غرفه الصالون ...
حاولا حسين أن يهدأ قليلا من نوبه الضحك التى نتجت من حديث خديجة عن أفعال مى الغير متوقعه :
- الله يكسفك يا مى .. يعنى تخلى حد من عمال المصنع يشتريلك معزه علي وش ولاده من السوق .. لا وكمان عوزه تولديها هنا فى البيت بجد بجد مضحكتش الضحك دا كله من زمان ..
فسترسلت خديجة حديثها من بين ضحكاتها قائله :
- أمال كمان ياعمى لو سمعتها وهى بتنادى على ماما اللى بتخاف من خيال الصرصار أنها تحضر لها الميا السخنه وتروح تساعدها فى الولاده كنت عملت أيه .
ضحكوا جميعا كما لم يضحوا من قبل ..فأضافت بثينه وهى تمحى دمعه فاره من عينيها من كثرت الضحك
- دا كان حتى يوم ..ليه بس ياجوجو تفكرينى بيه
قالت مى وهى تحاول أن ترسم على ملامح وجها حزن طفولى من حاله هستريا الضحك التى أصابتهم جميعا :
- ماشى ياستى جوجو مردودلك فى الافراح .. وبعدين أعمل أيه كان لازملي تدريب على ولاده حقيقه علشان أقدر أجيب درجه كويسه فى مادة ' التوليد '
قال حسين ومازال أثار الضحك على وجه وهو يهز رأسه يمين وشمال غير مصدقا الموقف :
- فعلا يا مى أنتى فاكهه العيله
تحولت ملامح وجه مى لترسم أبتسامه كبيرة على شفتيها فقالت وهى تضع كف يداها أعلي رأسها كعلامه على تحيه مبجله منها لعمها:
- شكرا ياذوق .. تشكرا ياجميل
ثم أشارت بأحدى أصابع يداها تجاه عمها وهى تنظر ﻵسرتها قائله :
- شوفتوا الناس العسل واللى بتقدر فعلا مواهبى .. مش أنتم اللى محسسنى أنى بعمل جرائم وأفعال خارجه عن القانون !
قال حسن وهو يحاول أن يرسم ملامح الحزم والجديه على وجه فطالما كانت أفعال مى محببه لقلبه :
- بنت !!
فأخفضت مى رأسها خجلا قائله :
- أسفه يابابا ..
فقال حسين وهو يبتسم لأخيه :
- سيبها ياحسن البنت مغلتطش
فهمت بثينه تقف للتتوجه للمطبخ قائلة :
- هروح أجيب " أم على " نحلى بيها وأحنا قاعدين بنتكلم .
فتحدث حسين سريعا لها وهو يضع كف يداه على بطنه :
-" أم على " أيه دا أنا عاوز سنه قدام أهضم فيها أللى أكلته ..
فأضاف مكملا حديثه :
- بصراحه تسلم أيدك ياأم خديجة أكله سمك طازه من البحر كان نفسي فيها من زمان .. وبعدين كمان لازم أستأذن دلوقتى علشان نلحق نروح أنا وعثمان السواق قبل الليل .
فقال حسن له وعلى وجه ملامح الحزن لفراق توأمه :
- أيه ياحسين دا أنا قلت هتبات عندى النهارده ونكمل قعدتنا مع بعض
فقال حسين بنبره أسف :
- سامحنى ياسنسن مش هقدر أنت عارف الحاجه صفيه وبسنت لوحدهم فى البيت علشان حمزة فى شغله والمعارض كمان متنفعش تتساب كده .. وبعدين ما أنا ياما أتحيلت عليك تجى تنقل معايا القاهره ونكون مع بعض دايما بس أنت اللى بترفض .
رد حسن عليه قائلا :
- ما أنت عارف أن المصنع مينفعش يتساب للعمال ممكن يغشوا فى جودة الخشب .. وأسم معارضنا فى القاهرة يتأثر ويطوله الضرر فى السوق
أومأ حسين براسه دليل على صحه هذا الحديث قائلا :
- فعلا ... خلاص يبقا متغبش عليا وتجيلى فى أقرب وقت لما تفضى علشان أطمن عليك وأهو نكمل قاعدتنا ..
وأضاف وهو يهب واقفا يصافح حسن وبناته :
- يلا أستأذنكم بقا .. وأقولكم السلام عليكم
رد حسن وبناته وزوجته بثينه السلام
فأضافت الفتاتان قائلتين :
نشوفك علي خير أن شاء ياعمو
فقال حسين ردا عليهم وهو يغادر من باب البيت :
- أن شاء الله ياحبايب قلبى
ثم تركهم ليتوجه لسيارته فى الخارج فهما راكبا بها فى المقعد الخلفى للسيارة موجها حديثه للسائق قائلا :
- يلا ياعم عثمان أتوكل على الله علشان نلحق نور ربنا فى الطريق .
-------------
فى فيلا حسين اﻵلفى بالقاهره
خرج حمزة بعد اﻹستحمام على رنين هاتفه وهو يجفف شعر رأسه بمنشفه قطنيه وأخرى حول وسطه السفلي
فنظر فى شاشته التى تضاء بأسم " يوسف " مجيبا عليه قائلا :
- يا أهلا بكازانوفا عصر وزمانك
فرد الطرف اﻵخر قائلا :
- كازانوفا أيه بس ياعم حمزة اللى يسمعك كده يقول أنى مقطع السمكه وديلها وأحنا مش عرفين نلتفت ورانا فى أم الشغلانه اللى أحنا فيها دى ..
ثم أكمل بنبره مرحه مضافا لحديثه :
دا انا حتى محصلتش المستوى العاطفي للفأر اللى فى المعسكر بتاعنا وهو ماشى قدامى بيتغندر ووراه أنثتين وبغيظ فيا .
قهقه حمزة بصوت عالي وهو يستمع لجملة يوسف معلقا عليها قائلا :
- أنثتين أيه الله يكسفك دا على أساس أنك عارفهم من بعض .
- ياعم حمزة مدقش برفه عن نفسى شويه أصل مش لاقى حاجه تسلينى .. وبعدين أضحك ماأنت حاطت فى بطنك بطيخه صيفى إن شاهى مشيت قلوب عذاره مصر كلها مستنى إشاره منك ...
- الله أحنا هنبتدى نفسنا ولا أيه ؛ وبعدين فين زيكو يسليك
- ياعم لا نفسنا ولا حقد بس ملل والاجازه لسه فى أولها وزيكو هنا أهو عامل اللى عليه وزياده
( زيكو كلب حراسه بوليسى على أعلى مستوى من التدريب أمتلكه يوسف من أحدى مزادات الشرطه بعد أن تم اﻷستغناء عنه بسب كبر سنه فأحب يوسف كثيرا ويوسف كذلك )
- خلاص جهز نفسك على بليل كده أعدى عليك نحضر حفله عيد ميلاد شاهي
- عيد ميلاد شاهى !!! هى مش أحتفلت بيه خمس مرات الشهر اللى فات ولا أنا بتهيئلى ولا ليكون عندها الاحتفال كل شهر مش كل سنه زينا !
رد عليه حمزة بغيظ قائلا :
- أنت مالك أنت يارخم و بعدين أنت مش عاوز تغير جو وخلاص .. وبعدين أنا عارف أنها أحتفلت بيه كذا مره بس مبرداش أدقق و أزعلها وخصوصا أنها مبتشفنيش اﻹ كل فين وفين .
فأجب عليه يوسف بنبره اللا مبالاه المرحه قائلا :
- على رأيك المهم نغير جو وخلاص ونطلع بقا للعالم اﻹنثوى الخارجى بدل الوشوش الناشفه اللى بنشفها كل يوم .
- أااقفل يايوسف ... أقفل بدل ما صوتك يوصل للحاجه تحت وتفضحنا .
- ياريت يأخويا دا حتى هتقوم فى لحظتها تدور لينا على عرايس وتسترنا .
- تسترنا !!! يوسف ساعات كتير بشك أنك ظابط معنا .
- الله .. أمال مين بيطلع معاك ياعم طلعاتك الجويه غير العبد لله بس أنا اللى واخد الحياه ببساطه وترفيه..
- هههههه ماهو دا اللى محيرنى أنك وقت الجد غير كده خالص ... بقولك أيه الحاجه مستنيانى أقعد معاها تحت فهقفل معاك دلوقتى وعلى معادنا بليل أوك
- أوك ياحمزة وسلملى على ماما الحاجه كتير
- يوصل أن شاء الله ياسوفه .. سلام
------------------
داخل مطبخ فيلا حسين اﻵلفى
- أمممممم أيه الروايح الجامده دى ياست ماما هو أحنا عندنا ضيوف وأنا معرفش
- ههههه أحلى من الضيوف يا حبيبه ماما حمدلله علي سلامتك خلصتى كليه متأخر ليه
فى هذا الوقت هبط حمزة للأسفل فقام بالتوجه لمصدر الصوت الصادر من غرفه أعداد الطعام الى أن وقف خلف بسنت وهو يشاور لوالدته بي إلا تتكلم ولا تفعل شئ يسير الشكوك حتى لا تستنج بسنت أن أحد يقف خلفها وهو يحاول جاهدا أن لا يصدر صوت لضحكاته
- أبدا لسه الجدول منتظمش علشان فى بدايه السنه وأتفجأنا أن فى محاضره متأخر
- ربنا يوفقك ياحبيبتى ويجعل تقدير سنه تانيه زى أولي
- أمين ... ماما هو أنتى بتعملى مهلبيه بالمكسرات
ردت صفيه بشئ من المكر وهى تجاهد إلا تبتسم :
- أها ..
قالت بسنت فى حيره :
- بس أنتى مبتعملهاش إلا لما يكون حمزة هن...
ثم قطعت حديثها فجأه بعد أن أسنتجت شئ
فقالت وهى لاتصدق وقد أرتسم فرحه كبيره على ملامحها نتيجه لأستنتاجها وتأمل أن يكون صحيح :
- مااااما هو حمزة هنا
تفجأت بمن يحتضنها من الخلف بشدة قائلا :
- سامع بنت جميله بتقول أسمي
عندما سمعت صوته المألوف لها إلتفت وهى ترتمي فى أحضانه وتصيح بأعلى صوتها من شده سعادتها لرؤيته أمامها :
- زومه..... أنت هنا بجد
- وااحشتينى
قالها حمزة وهو يتلقها فى أحضانه ويدور بها في شكل دائرى فهى ليست أخته فى شهاده الميلاد فقط بل هى أبنته أيضا بشهادة حنين القلب
فى حين ذلك ضحكت صفيه من قلبها على لقاء أبنائها داعيه الله بقلبها أن يحفظ كل منهم للأخر وأن يحفظ اﻷثنين لها
----------------
داخل سياره حسين اﻵلفي علي الطريق الصحراوى
- أيه ياعثمان لسه كتير ؟
- لا ياحاج ولا كتير ولا حاجه كل الحكايه ربع ساعه ونشوف العمران
- على خيرت الله ربنا يعطيك الصحه ياعثمان ..
فصمت قليلا ثم تحدث مره أخرى حين تذكر شئ فى خاطره فقال :
- اﻵ بنتك عامله أيه بعد ماأتجوزت أعذرنى أتلهيت ونسيت أطمن عليها منك
- تسلم ياحاج .. بنتى من يوم ماأتزوجت وهى مبتبطلش دعا ليك ياحاج على جهازها أللى أخدناه منك هديه ورفعت رأسنا قدام عريسها وأهله
ثم أكمل داعيا :
- ربنا يبارك فى عمرك وتفرح بحمزة بيه وبسنت هانم على خير
- تعيش وتفرح بخلفها ياعثمان وبعدين دا أقل واجب ليك .. أنا وأنت عشره عمر من أيام ماكنا قعدين فى دمياط
ثم أنتبه حسين لشيئ على الطريق فتابع حديثه قائلا :
- دى مش عربيه ركنه ياعثمان ولا ايه
- بينها كده ياحاج
- طب هدى قدامها أو جنبها يمكن محتاجه مساعده ولا حاجه
- ياحاج الدنيا مبقتش أمان وأخاف أهدى يكون حراميه عاملين كمين علشان تسرق العربيات اللى بتعدى
- حراميه أيه بس ياعثمان اللى هتبقا فى عز النهار كده ..
ثم أضاف قائلا وهو يشاور بأحدى يديه لعثمان لكى يقف :
- أركن .. أركن كان الله فى عون العبد مادام العبد فى عون أخيه وخصوصا أننا فى حته مقطوعه .
فى ذلك الحين كان عثمان أقترب من السياره المتوقفه على يسار الطريق الى أن وقف بمحاذاتها
ولكن تفجأ حسين وعثمان مما شاهدا فيها
فنطق كلا منهما بغضب مهللا
- لاحول ولا قوه الابالله العلى العظيم
- أستر على وليتنا يارب