رواية أخباءت حبه الفصل الثاني بقلم محمد ابو النجا
كانت مفاجأه غير متوقعه
عندما ذهبت لوضع الورقه
كعادتى أسفل باب ورشه محمود
كما أفعل كل يوم ...
ولكن هذه المره وجدت
باب الورشه قد احترق ...
الورشه كلها احترقت ..
مشهد مخيف ..
أرتجف له جسدى كله ..
يبدو أن هناك حريق مهول
قد شب في الورشه..
وأكل منها الكثير ...
حينها خفق قلبي بقوه..
وكاد أن يمزق ضلوع صدري ...
ولم ادر ماذا أفعل ...؟
لقد اشتعل قلبي خوفا عليه...
ماذا حدث...!
هل هو بخير...؟
هل اصابه مكروه ...؟
بدأت أعصابي تنهار ...
وتتوتر بشده...
ولم أستطع الذهاب للعمل...
وأحسست بإعياء شديد ...
وقىء...
وعدت الى البيت...
وأنا في غايه الألم ...
والحزن والهم...
أفكر ...
ولكن بلا فائدة ..
وبعد ساعتين من العذاب
وحدى بين جدران حجرتى .
خرجت من البيت مرة اخرى ...
نحو ورشة محمود ...
امتلاء الناس بالشارع فى ذلك
الوقت ...
شعرت بأن لدي رغبه لسؤالهم
جميعًا عنه...
ماذا أصابه أو حدث له ...؟
ليس بيدي أى حيله..
كان الخجل والخوف والحذر
يسيطرون عليِ ..
ولكنِ لن أعود الى البيت...
قبل أن أعرف ماذا حدث له ..
حتى اقتربت من محل
صغير للبقاله وسألت صاحبه ..
كان رجل رفيع يرتدى جلباب..
تجاوز العقد السابع من عمره...
ونظاره سميكه فوق عيناه
خضراء اللون...
سألته بهدوء عما أصاب الورشه..
نظر بحزن وقال بصوت مهموم :
لقد شب حريق كبير بالأمس ..
واشتعلت النيران بالورشه...
خفق قلبي وسقط بين قدميه...
وأنا أشعر بأن حلقي قد جف...
فجأة ..
ولا أستطيع التنفس فسألته
وأنا أحاول السيطره على
أعصابى و مشاعري :
هل أصيب أحد في تلك
الحادثه...؟
أومأ الرجل برأسه وقال :
نعم .. يا ابنتي...
لقد احترق صاحب الورشه ..
شعرت حينها بأن هناك صرخه
تكاد تخرج من صدري...
صرخه تسمع كل من في الحي..
فسألته وأنا أحاول السيطره
على نفسي ومشاعري..
دون أن ادري نطقت اسمه :
محمود...!
اتسعت أعين الرجل فى تعجب
وقال : هل تعرفينه..!
ارتبكت بشدة ..
وقلت نعم ... أعرفه..
صديق اخى...
لا أعلم لماذا كذبت...!
وكيف ..؟
لكن لم أجد أى إجابه للرجل..
الذى قال إنه شابً طيب...
كان الله في عونه...
قلت له في حزن وهم
شديد : ماذا أصابه ..؟
قال الرجل بصوت خافت :
لقد أحترق ...
أحترق بين جدران الورشه وهو
يحاول إخماد الحريق ...
وللأسف اصابته خطيره ...
حينها شعرت بأن الدنيا
قد أظلمت...
وشعرت بإعياء وبأني ..
سأفقد الوعى ..
وإن قدماى لا تستطيع أن
تحملني...
ماذا أفعل ...؟
والى أين أذهب ...؟
هل أذهب لرؤيته..؟
كيف أفعل ذلك ..؟
هل أعود الى بيتي...؟
لا ...لن استطيع دون الإطمئنان
عليه...
لقد توترت بشدة إلى أقصى
حد ممكن ...
حتى أن الرجل العجوز
لاحظ ذلك ...
وقال برفق :
هل انت بخير يا ابنتي...؟
قلت له بهدوء وبصوت متحجر
: نعم..
ثم سالته بصوت من حلق جاف
: وأين هو الآن ..؟
قال الرجل بنفس نبرة
الصوت الحزينه : أنه في
مستشفى القريبه من هنا
على ناصيه الطريق...
بعدها ألتفت وتركته دون
أن أنبس بطرف كلمه
وأخذت أسير وأنا أشعر
أن كل ما حولي قد صبغ
باللون الاسود....
الشوارع ..
والمنازل...
والبشر ...وكل شيء...
لم أعد أرى شىء...
لقد انطفاءت الأنوار...
حين سماع خبر إصابة محمود
بالحرق...
كان عقلي يفكر في شيء
واحد هو زيارته...
ولكن كيف أفعلها ..؟
وكيف اذهب الى المستشفى
فجأة هكذا..؟
ربما يكون هناك حشد
من الناس في المكان..
ربما أحد منهم يعرفني..
ثم قبضت على يديها وقالت
بكل تحدى : لا يهم...
سأذهب...
فكل ما يشغل عقلي هو
الاطمئنان عليه...
سأذهب لزيارته للمستشفى
وإن كانت حياتي هى المقابل ... تحركت بخطوات مسرعه ...
لا يشغل عقلي شيء واحد ...
هو الإطمئنان على محمود ...
حبيبي الذى لا يعرف
حبيبته ...
سأطمئن عليه مهما كلفني
الامر ....
ومهما حدث...
حتى وصلت الى هناك...
وسألت عن محمود صاحب الورشه
التى أحترقت بالقرب من هنا..
وعرفت حجرته...
وتحركت بهدوء وتوتر صوبها ...
وبلا أي إيراده تساقطت دموعي... تساقطت بشده فوق خدي ...
وشفتى...
وصعدت الى الطابق الذي
فيه محمود...
وبدأت خطواتي ثقيله...
خائفه ...
حتى وصلت الى هناك ...
ونظرت الى باب الحجره ...
وكانت تلك هى المفاجأه الكبرى...
صدمة حياتي كلها ...
كانت المفاجأه التي غير
مصيرى كله...
فقد كان ما اراه رهيب...
رهيب بمعنى الكلمه....