رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الثامن والعشرون 28بقلم شريهان سماحة


 رواية معذب قلبى فى اسرائيل الفصل الثامن والعشرون بقلم شريهان سماحة

صعد العروسين بالفعل لغرفتهم والتى تشبه غرف اﻷميرات فذاك المهندس أظهر أبداعه بها حقا !...

تراها ﻹول مرة بحوائطها البيضاء التى يرسم على أحداهم كالوحه فنيه وبحجم مدرج ثلاث عصفورات ذهبيه تفرد جناحيها لتوهم من تراهم كأنهم ملكات فى عالم الطيران وأنك معهم فى هذا العالم ....

بفراش ذهبى يوضع عليه مفروشات بالونين اﻹبيض والكافيه بجواره فى كلا الطرفين منضديتن ذهبتين اللون .. ومقابل للفراش أنتريه بتصميم أيطالى بالون الكافيه .. لستائر بيضاء ببراقع ذهبيه تبهرك .. وفى اعلى السرير أضواء هادئه خفيه تتقلب تلقائى لجميع اﻷلوان بسجادات أوف وايت ببعض النقوش بالونين الكافية والذهبى .. مما توحى لمن يرها بشكل عام بسحر جذاب ...

لتدلف خديجة ببطئ حامله فستانها بأندهاش هل هى غرفه أم لوحه فنيه لتبتسم بألم تحدث نفسها بأنها لو رأت هذه الغرفه بغير ذاك الوقت لحلقت فى السماء من السعاده كما تطير تلك العصافير الخلابه لتنتبه على يداه تحتضن وجهها بهدؤء مردد بخفوت وحنو شديد :

- ألف مبروك .. أقدر أعرف أيه اللى خلاكى تبكى كده

لتزيح يداه بعيدا عن وجهها ببطئ معطياه ظهرها مردد بتجمد :

- مفيش حاجه حسيت أن محتاجه بابا وماما جمبى 

ليستديرها له مره أخرى بيداه قائلا بحب:

- ربنا يرحمهم .. أعتبرينى زيهم أنا بقيت دلوقت ليكى باباكى ومامتك وأخوكى وابن عمك وزوجك و

لتحدث نفسها سريعا طالعه له بأمل ورجاء  " أنطقها ياحمزة .. أنطق وحبيبتك ووعدا عليا سوف أنسى تلك الصور اللعينه نهائيا وساسلم بكلمتك كميثاق .. فقط أنطقها ! فقط أسمعها لى أرجوك ! "

ليأتيها صوته مكملا بنبرة مرحه :

- وكمان مكان مى لو حبيتى ...

لتغمض عيناها فى ألم وخذلان ودموعها تنساب ببطئ  

ليردد سريعا متألما لدموعها بشكل فاجئة كثيرا :

- أرجوكى متعيطش أنا بتألم لما بشوف دموعك ...

ثم رفع يداه ببطئ يمحى بها دموعها من على وجنتيها ليهبط بعدها دون شعور منه على شفتاها لتفتح عيناها قبل لمسته لها بسنتيمتر واحد لتبعده سريعا رافعه كفى يداها على صدره ترجعه للخلف قليلا ليتفاجئ بفعلتها بأندهاش مردد لها بأستغراب :

- فى أيه !

لتفرك يداها بتوتر شديد مردده بخفوت: 

- مش هينفع 

ضم حاجبيه مردد بأستغراب أشد :

- هو أيه إللى مش هينفع !

لتسدير سريعا بعيدا عنه والتوتر يجتاحها أكثر مردده بخفوت أشد :

- مش هينفع لإن شايفة أننا أستعجلنا فى أرتباطنا حتى فى مشاعرنا 

ليجحظ بعينيه على أخر حدودهم وهو يعيد جملتها على مسامعه مره أخرى ليسرع بالوقف أمامها ممسكا نفسه بصعوبه من اﻷنخراط فى التعصب الذى لو طالها لنسف بها كليا من أمامه ليردد وهو مكز على أسنانه بقوة يلوح بكف يده بحركه ثابته أمام وجهها : 

- دلوقتى ! ... دلوقتى ياخديجة حسيتى بالتسرع دلوقتى !

لترجع سريعا للخلف عدة خطوات لا تستبعد خوفها من حالته التى ظهرها للتو مردده سريعا :

- مش أنا بس أنت كمان ...

ليطيح بيده فى الهواء دليل على السخريه من حديثها ليردد بعدها بضيق :

- ياريت تتكلمى بلسانك أنتى ومتتكلميش بلسان غيرك بلاش حجج فارغه 

ليسرع بأتجاة غرفة تغير الملابس صاعقا الباب خلفه بعنف شديد يكاد يقلع من مكانه من شدة الصعقه لتنتفض من مكانها بخوف وتوتر أشد مما كان يعتليها مبتلعه ريقها بتوجس وهى تجلس على طرف الفراش تبكى فى صمت على ماألت أليه اﻷمور بينهم ....

ليخرج بعد فترة قصيرة نوعا ما يرتدى تشيرت أبيض على بنطال بيتى أسود  ويجفف شعر رأسه بمنشفه قطنيه بعد أن أخذ حماما دافئا يهدئ به أعصابه بدلا من أنفلاتها عليها وهو غير مرحب بتلك الفكرة نهائيا فمزال يشعر بعد حديثها الغبى هذا أن ألمها من ألمه وهو لا يستطيع ألمها !

نطق أخير بسخرية وألم وهو يراها جالسه على طرفى الفراش وأثر الدموع على وجهها : 

- أيه مش هتقومى تغيرى الفستان اللى أتسرعتى فى لبسه !

لتنظر له فى ألم أشد تريد النطق بأنك وتلك الصور اللعينه السبب فيما وصلنا إليه.. بل أنت الذى غير واثق من قرارك .. بل انت الذى لم تحبنى قط كما أحببتك لتنخفض عينيها مره أخرى فى صمت وبألم وقيلة حيله تأبا التنازل عن كبريائها المتبقى لديها أمامه...

ليأتيهم صوت طرقات منخفضة على باب الغرفة ليسرع حمزة بفتحه فى غضب وضيق ليتفاجئ بشقيقته أمامه والتى فزعت من تهجمه الواضح على هيئته خاصا عندما أتاها صوته مرددا بعنف أشد :

- عوزه أيه ؟!

أرتبكت سريعا فلأول مره شقيقها يحدثها كهذا لولا حاجتها له لفرت سريعا تبكى بعتاب من أسلوبه ولكن مضطره أن تستمر فى الحديث معه مانعه بشدة دموعها من الأنسياب لتردد أخير بألم وتوتر: 

- أبدا ماما قالتلى أجيب طقم خروج من عندك لسيف علشان يعنى هدوم....

قطع حديثها مرددا بأقتضاب :

- خلاص فهمت 

ليوارب الباب قليلا ويذهب يجلب لها ماتريده لتلمح هى من خلال الجزء البسيط المفتوح بخديجة تبكى فى صمت ومازالت بفستانها المبلل ولم تغيره بعد ليقطع نظراتها حضور حمزة السريع أمامها حاملا طلبها فأخذته منه لتهم بشكره ولكن صوت أقفال الباب فى وجهها سبقها .. لتذهب سريعا تحاول بصعوبه بالغه عدم البكاء حتى لا يشعر سيف المنتظر لها ! 

ليلتفت بعد قفل باب الغرفة على صوت باب غرفة الملابس والحمام يقفل .. ليرى مكانها خاليا ليطلق بعدها زفره قويه تعبر عن غضبه المتأجج بداخله ...

بعد فترة طويله نوعا فتح باب الغرفة لتخرج فى هدؤء وتوتر ترجع خصلات شعرها الناعمه لخلف أذنها وهى ترتدى منامة شتويه نوعا ما عليها طابع لرسوم كرتونية شهيرة ليحرك عيناه تلقائيا من شاشة التلفاز الشارد فى ضوئها لموضعها يتطلع لها فى صمت ولما ترتديه ليحدث نفسه بسخرية وهو يضع جهاز التحكم بعد أن قفل جهازه وقاما بالوقوف " أخرتها توم وجيرى ! هى ليلة منقوق فى أمها من أولها  " 

ليتقدم فى أتجاه الفراش ليلتفت على حركة من خلفه فرأها تحضر غطاء اخر وتستعد للنوم على أريكه الأنترية ليذهب لها سريعا جاذب راسغها بغضب مردد من بين أسنانه بضيق :

- أنتى هتنامى فين 

لتردد بتوتر وخفوت وهى تنظر بأتجاه اﻷريكه :

- هنا ...

ليجذبها سريعا خلفه إلى أن وقف بجوار الفراش مشير بيده عليه وهو يردد بضيق أشد :

- ده مكان نومى ونومك .. متخصمين فرحنين زعلانين متصلحين هنا وهنا بس مكانا أحنا اﻷتنين فهمتى ولا أعيد كلامى تانى ..

لتهز رأسها فى صمت وخوف تحاول تجنب غضبه الذى تراه فى شخصيته ﻷول مره ولا كانت ستصدق أحد أن حكى لها عنه..

أتجهت فعلا لطرف الفراش اﻷخر تدفس نفسها على حدوده الضئيله حتى شعرت بحركته عليه من خلفها فى وسطه..

هدؤء وثبات دام لدقائق إلى أن شعرت بزفره قويه تخرج من صدره ليعتدل جالسا من بعدها يقلع شئ ما ويرميه بأهمال فوق الغطاء عند أرجلهم ليرجع فى وضع نومه مره أخرى ولكن فى هذه المرة واضعا يده بين جسدها والفراش يجذبها ويجبرها على اﻷلتفاف له لتنصاع لقوة يداه لا أراديا لتشهق بعدها بشهقت خوف وهى ترى صدره العارى الجذاب اللعين أمامها يظهره ضوء الحديقة المتسلل لغرفتهم ليردد بعدها فى هدؤء لا يعكس نار قربها فى صدره واضعا جبهته على جبهتها :

- متخفيش أنا متعود أنام كده حتى فى البرد ... وكمان علشان تعرفى مكانك كويس وانتى فرحانه أو زعلانه ...

لتهدأ من خوفها وأرتباكها الذى أعتلها مرة أخرى فورا أستدارتها له لتشعر بعدها براحه وأطمئنان لتبدأ جفونها بالثقل طالبا الرحمه والنوم فما مرت به من أرهاق فى اﻷيام القليله الماضيه يجعله يحتاج للنوم أسبوعا كاملا بدون أزعاج ...

بعد فترة وجيزه شعر بثبوت أنفاسها وثقل رأسها على كتفه ليشدد من أحتضانها أكثر طابعا قبله مطوله على جبينها ثم أخرى على خدها ثم دفس وجهه فى شعرها الحريرى محدثا نفسه بغيظ  " نامى يامتحجرة القلب .. نامى بعد أن أشعلتى فى صدرى فتيل قربك "


----------------

فى صباح اليوم التالى 

قام حمزة بصداع يملأ رأسه قد يرجع لقلة نومه .. وكيف ينام وهى بجانبه ! كيف يضيع عليه لحظه دون أن يتأمل كل شئ فيها .. شعرها الإسود الحريرى الشهى لأنفه برائحته الذكيه تلك ، ولا جفونها المنسدله على عيونها الزيتونيه .. أه والف أه من تلك العيون التى جذبته فور رويتها فى أول لقاء لهم ، ووجنتها حين يتجمع الدماء بها تشعره بشئ غريب يجتاحه ليحتضنها فورا ويخبئها عن العالم أجمع ، أما شفاها المكتزه بحمره لذيذه فهى حكايه أخرى تقنعه عند رؤيتها فى كل ثانيه أن يلتهمها دون أستأذن ...

أطلق زفره شديده رافعا يده يرجع بها بعض الخصلات المنسدله على وجهه للخلف بقوه تعينه على الصبر ثم تطلع لها وهى تغط فى نوم عميق .. أقترب منها بهدؤء طابعا قبله فوق شعرها ليبتعد فى ضيق وهذا الصداع اللعين زاد من ضيقه أكثر أقنع نفسه بضرورة تناول كوب من القهوة سريعة التحضير حتى يشعر بالراحه ..


قام وأخذ حماما دافئ وغير ملابسه ليراها مازالت نائمه فيبدوا أنها مرهقه حقا فى اﻷيام الماضية .. فقرر النزول من دونها ... 

شاهد عند الدرج شقيقته التى أزاحت وجهها فى الجهة اﻷخرى عند رؤيته فأبتسم وهو يقبل عليها واضعا ذراعه على أكتافها مردد بمشاكسه إلى حد ما بسبب وجع رأسه :

- شكل الجميل زعلان 

ردت عليه ببرود ومازالت لا تنظر له :

- وهزعل ليه .. ولا أنت حاسس أنك مزعلنى 

ضحك وهو يدير برأسها فى أتجاة وجهه مردد بكلمات مختصرة :

- سامحينى .. أسف !

ثم أسترسل بعد أن أطلق تنهيده مطوله : 

- كنت مضايق ومعرفش كلمتك كده أزاى 

نظرت له فى حنان وشفقه عندما أدركت وضع زواجه فحدثت نفسها بعتاب " ياغبيه أنتى عرفه باللى بيمر بيه وجايه أنتى تزودى عليه همومه علشان أتنرفز عليكى شويه بدل متقفى جنبه وتحاولى تسعديه " أبتسمت سريعا له مردده وهى تحتضن صدره بكلتا يداها :

- متتأسفش هو فى حد بيزعل من حبيبه برده 

ليقهقه من بعدها مرددا بخبث :

- الحمدلله أن سيف مش هنا وسمعك كنت زماتى رايح فى خبر كان دلوقتى !

لتعلو صوت ضحكاتهم معا هابطين لﻹسفل عندما لمحى كلا منهما حضور الجميع على المائدة لتناول وجبة اﻷفطار

فرددت والدته بأستغراب شديد :

- أنت نازل ليه ياحمزة !

ضحك مقهقا يدارى به ما يضيقه حتى لايشعروا بما يمرون به ويطمئن بالهم :

- أيه ياقلب حمزة حد يقابل عريس بالشكل ده ! 

هدأت قليلا حين رأت ضحكاته مردده بأبتسامه حانيه :  

- أهو أنت قولتها ياقلب صفيه عريس .. يعنى مفيش نزل قبل أسبوع على اﻷقل أبتسم وهو يجلس بجوار شقيقتها بعد أن قام يوسف بأحتضانه ومباركته مردد بنبره مرحه :

- دا أنتى شكلك بتحبينى قوى ياماما .. مش عوزه تشوفى أبنك أسبوع بحاله وهو فى نفس البيت 

لتبتسم بخبث لزوجها المبتسم على حديثهم قائلة :

- أصلا أحنا إللى هنسيبكم أسبوعين بحالهم

لينصدم الجميع رفعا كلا منهما رأسه من طبقه .. يريدون توضيح لجملتها تلك ليهم حسين بالحديث أخير قائلا :

- أنا حجزت لينا تذكرتين للعمرة والسفر هيكون بكره بليل 

لتردد بسنت بحزن :

- يعنى أنتم كمان هتسبونى 

ليستفسر منها والدها مردد بأستغراب :

- ليه هو مين كمان هيسافر 

- سيف كمان ميعاد تذكرته بكره بليل 

- ليه مش لسه ليه أربع أيام كمان !

- ما زميله هناك فجأءه بأنه ﻷزم يحضر بدرى شويه علشان يرتب أمور السكن وكده ..

- ربنا يوفقه .. 

تنحنح يوسف مردد بأحراج : 

- ألف مبروك ياعمى وعمرة مقبوله ليك وليكى كمان ياماما صفيه .. أحم .. أنا هرجع بقا شقتى ﻷن أنا فكيت الجبس وبقيت كويس وهتابع بالعلاج الطبيعى هتكون أحسن 

فأراد حسين أن يعترض فسترسل حديثة سريعا موضحه غرضه :

- معلش ياعمى حضرتك هتسافر وكمان حمزة هيسافر كمان أيام فمش هينفع أفضل موجود هنا .. هبقى أطمن على البنات فى غيابكم وأنا فى شقتى 

ليسمع صوت ترك شوكه فى أحدى اﻷطباق ليتضح أنه صادر من طبق مى المتألمه نوعا ما ..

فيوافق كلا من حسين وحمزة مضطرين أخضاعا لرغبته

فيردد حمزة بعدها بأبتسامه مباركا لوالديه داعيا الله أن يتقبلها منهم 

فسألته صفيه بأستفسار عن زوجته ليجيبها بأنها مرهقة وتحتاج للنوم ليقوم بعدها حسين بالنهوض لمعارضه بينما تبعانه مى وبسنت لجامعتهم لمتابعة ما فاتهم فى اﻷيام الماضية بينما أكتفا حمزة بكوب قهوة وحبه دواء لازالة الصداع للعوده للنوم سريعا بجوار متحجرة القلب ليضحك بصخريه مع نفسه فبعد أن كان يسميها " زيتونية العيون " باتت عنده اﻷن بمسمى " متحجرة القلب " !

الفصل التاسع والعشرون من هنا

تعليقات



×